إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / مجتمع المعرفة









مجتمع المعرفة

مجتمع المعرفة

Knowledge Society

مجتمع المعرفة هو مفهوم صاغه روبرت لان R. Lane، ليُشير به إلى المجتمع المدني الذي يزداد فيه الاعتماد على المعرفة وأدوات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، والتطوير في مجال البحث العلمي، وتنمية وتوجيه أجزاء ضخمة من موارد المجتمع، نحو الاستثمار في مجال المعلوماتية، وهو مجتمع يقوم على نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النشاط المجتمعي، وهو المرحلة التالية لما يُسمى بمجتمع المعلومات.

وقد أدت النقلة الخاصة بمعرفة عصر المعلومات، إلى تغيرات جذرية في الدورة الكاملة لاكتساب المعرفة، والتي تشمل المهام الرئيسية التالية:

1. النفاذ إلى مصادر المعرفة.

2. استيعاب المعرفة وتبادلها.

3. توظيف المعرفة واستثمارها.

4. توليد المعرفة الجديدة وإعادة إنتاجها.

5. إهلاك المعرفة المتقادمة، وإحلال المعرفة الجديدة بدلاً منها.

ازدادت أهمية ثقافة المعرفة في ظل الثورة التقنية الكبيرة، التي تشهدها المجتمعات البشرية في الوقت الراهن. وتأسيساً على ذلك فإن مجتمع المعرفة يتوافق مع عصر المعلومات، الذي نعيشه اليوم، ونجد فيه أن المعلومات سلعة يتم تبادلها، في العادة، وإنتاجها أو تعبئتها بأشكال يُتفق عليها. ومن ثم يمكن الاستفادة منها تحت ظروف معينة في التعليم والإعلام، أو توافر مصدر مفيد وثري، لاتخاذ قرارات مهمة في مجالات معينة.

وتتسم المعلومات في مجتمع المعرفة بمجموعة من الخصائص، التي تمنحها أهميتها القصوى على مستوى المجتمع المعاصر، الذي لا غنى عن المعلومات في تسييره بكافة المجالات. ولعل أهم تلك الخصائص التي يمكن الإشارة إليها ما يلي:

1. السيولة: فالمعلومات ذات قدرة هائلة على التشكل؛ فيمكن تشكيلها في صورة قوائم أو أشكال بيانية أو رسوم متحركة.

2. قابلية نقلها عبر مسارات محددة، أو بثها على المشاع لمن يرغب في استقبالها.

3. قابلية الاندماج العالية للعناصر المعلوماتية، فيمكن بسهولة ضم عدة قوائم في قائمة، أو تكوين نص جديد من فقرات سابقة.

4. تتميز المعلومات بالوفرة، ولذا يسعى منتجوها إلى وضع قيود على انسيابها لخلق نوع من (الندرة المصطنعة)، حتى تصبح المعلومات سلعة تخضع لقوانين العرض والطلب، ولذا ظهر للمعلومات أغنياؤها وفقراؤها وسماسرتها.

5. لا تتأثر موارد المعلومات بالاستهلاك، بل تنمو، عادة، مع زيادة استهلاكها.

6. سهولة النسخ للمعلومات.

7. إمكانية استنتاج معلومات صحيحة من معلومات غير صحيحة، من خلال تتبع مسارات عدم الاتساق والتعويض عن نقص المعلومات غير المكتملة، وتخليصها من التشوش.

وهكذا يتضح من خصائص المعلومات في مجتمع المعرفة، أنها المحرك الرئيسي للحياة الاجتماعية المعاصرة التي تسيرها مجموعة من آليات العولمة، وتكاد تتحكم في شتى مساراتها. كما أن المعرفة ذات قوة دفع ذاتي لتوليد معرفة جديدة، سواء بدافع الحاجة لحل إشكاليات عجزت المعرفة القائمة عن حلها، أو حتى بغير هذا الدافع. فما أكثر ما ظهرت معارف جديدة، لم تتضح قيمتها في حينها، وظهرت الحاجة إلى تطبيقها فيما بعد. وستظل المعرفة تتعطش إلى مزيد من المعرفة، وسنظل دوماً في حاجة إلى ذلك، لحل مشكلاتنا الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والبيئية. من هنا جاءت أهمية المعرفة للأسباب التالية:

·       المعرفة غير العلمية، وفض الخلاف بين الدين والنظريات العلمية.

·       المعرفة مدخل لتأصيل الخطاب التنموي، وتوسيع آفاق الرؤى لعملية الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وذلك من منظور إقامة مجتمع المعرفة.

·       المعرفة وسيلة إلى تسريع حركة التنمية حتى يمكن من خلالها استحداث بدائل مبتكرة لتعويض التخلف.

·       المعرفة أداة لتطويق عدم الشفافية وهتك أسرار التضليل الإعلامي.

·      المعرفة وسيلة لترشيد التوجيه الفكري، الذي ينادي ببناء صروح معرفية خاصة بمجتمعاتنا والاتجاه نحو الاستفادة من المعارف، التي وصلت إليها الحضارة الإنسانية.

إن مجتمع المعرفة مفهوم يتجاوب مع ما حدث للمعرفة من توسع وانتشار في كل مكان. وعلى الرغم من أن هذا المفهوم كان مستخدماً منذ سبعينيات القرن العشرين، إلا أنه حظى بشعبية ورواج، وينتشر استعماله في وقتنا هذا في مجال السياسة الاجتماعية والسياسية. وقد أدى النمو المتسارع والمستدام لوسائل الإعلام، وتوافر التعليم والإقبال عليه، بجانب نمو تكنولوجيات الاتصالات وشبكة المعلومات العنكبوتية. كل ذلك دفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأن هذا الانفجار المعلوماتي، الناشئ يميز حقبة زمنية جديدة؛ فمجتمع المعرفة هو مجتمع تكون فيه المعلومات هي السمة المحددة.

وفي مجتمع المعرفة تلعب المعرفة دوراً حاسماً ومتعاظماً في تشكيل بناها المجتمعية، وأدائها في مجالات الاقتصاد والمجتمع المدني والسياسي. وفي حياة أفراد هذا المجتمع يزداد المدخل المعرفي، ويتعاظم في الحياة اليومية، بشكل عام، وفي مجال العمل، بشكل خاص. ويزداد عدد العاملين في منظومة المعرفة ونصيبهم في قوة العمل، وترتفع نسبة وقت العمل المخصصة للنشاطات المعتمدة على كثافة المعرفة. وعلى ذلك، فإن مجتمع المعرفة يُزاد الاعتماد فيه على المعرفة وأدوات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، ويترافق مع ذلك تطوير في مجال البحث العلمي، وتنمية وتوجيه أجزاء مقدرة من موارد المجتمع، نحو الاستثمار في مجال المعلوماتية، أو تكنولوجيا الاتصال والمعلومات.

وبمفهوم الاقتصاد، فإن مجتمع المعرفة يعني تأسيس إنتاج المعرفة، عوضاً عن هيمنة نمط الإنتاج الريعي، الذي تشتق القيمة الاقتصادية فيه أساساً من استنضاب المواد الخام، القائم الآن في أغلب البلدان العربية النفطية، أو اشتقاقها من غيرها، نتيجة للاعتماد على المعونات وتحويلات المغتربين في الدول النفطية أو غيرها. وعلى وجه الخصوص تتعدد في مجتمع المعرفة المؤسسات المجتمعية، التي تنتمي إلى منظومة المعرفة نشراً وإنتاجاً، وتتناغم ضمن مجتمعات المعرفة سياقاً مجتمعياً مواتياً لنشاط منظومة المعرفة، يتأسس فيها ما يمكن أن يسمى "بثقافة المعرفة"؛ شاملة قيمة الحفز على اكتساب المعرفة وتوظيفها، وسُبلاً فعالة لإثابة نشر المعرفة وإنتاجها.

أبعاد مجتمع المعرفة

يتسم مجتمع المعلومات بأبعاد مختلفة، تُشكل في مجملها العوامل الرئيسية المؤثرة في كافة الأنشطة داخل المجتمعات الإنسانية، والتي يمكن الإشارة إليها فيما يلي:

1. البُعد الاقتصادي

تعد المعلومة في مجتمع المعرفة السلعة أو الخدمة الرئيسية والمصدر الأساسي للقيمة المضافة، وخلق فرص العمل، وترشيد الاقتصاد. وهذا يعني أن المجتمع الذي ينتج المعلومة ويستخدمها في مختلف شرايين اقتصاده ونشاطاته، هو المجتمع الذي يستطيع أن ينافس ويفرض نفسه.

2. البُعد التكنولوجي

يعني مجتمع المعرفة انتشار وسيادة تكنولوجيا المعلومات وتطبيقها، في مختلف مجالات الحياة، في المصنع والحقل والمدرسة والمكتب والمنزل... إلخ. وهذا يعني ضرورة الاهتمام بالوسائط الإعلامية والمعلوماتية وتكييفها وتطويعها، حسب الظروف الموضوعية لكل مجتمع فيما يتعلق بالبرمجيات. كما يعني البُعد التكنولوجي لثورة المعلومات توافر البنية اللازمة من وسائل اتصال وتكنولوجيا الاتصالات، وجعلها في متناول الجميع.

3. البُعد الاجتماعي

يعني مجتمع المعرفة سيادة درجة معينة من الثقافة المعلوماتية في المجتمع، وزيادة مستوى الوعي بتكنولوجيا المعلومات، وأهمية المعلومة ودورها في الحياة اليومية للإنسان. والمجتمع هنا مطالب بإيجاد الوسائط والمعلومات الضرورية، من حيث الكم والكيف ومعدل التجدد وسرعة التطوير للفرد.

4. البُعد الثقافي

يعني مجتمع المعرفة إعطاء أهمية مقدرة للمعلومة والمعرفة، والاهتمام بالقدرات الإبداعية للأفراد، وتحقيق حرية التفكير والإبداع والعدالة، في توزيع العلم والمعرفة والخدمات بين الطبقات المختلفة في المجتمع. كما يعني نشر الوعي والثقافة في الحياة اليومية للفرد والمؤسسة والمجتمع ككل.

5. البُعد السياسي

يعني مجتمع المعرفة إشراك الجماهير في اتخاذ القرارات، بطريقة رشيدة، وعقلانية مبنية على استعمال المعلومة. وهذا بطبيعة الحال لا يحدث إلا بتحقيق حرية تداول المعلومات وتوافر مناخ سياسي مبني على الديموقراطية والعدالة والمساواة، وإشراك الجماهير في عملية اتخاذ القرارات، والمشاركة السياسية الفعالة.