إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / مواجهة مشكلة المخدرات، بين الواقع والمستقبل




نبات الأفيون (الخشخاش)
نبات الكوكا
نبات القنب (الحشيش)
بعض أنواع المخدرات التخليقية

أنواع المخدرات
مرتكزات الحد من انتشار المخدرات




المبحث الثالث: طرق التهريب وأساليبه

المبحث الثالث: طرق التهريب وأساليبه

     تتنوع الأساليب المستخدمة في نقل المخدرات، وتهريبها، تنوعاً متبايناً حسب: الإمكانيات المتاحة للمهربين، وعاداتهم وتقاليدهم المحلية، ونوع المخدر المهرب وحجمه. وبقدر حجم المعلومات المتوافرة من هذه العناصر الثلاثة يمكن لأجهزة المكافحة الوطنية، تحديد الأسلوب المستخدم في التهريب، ومن ثم إمكانية التكهن بالمستقبل، والاستعداد له، للتصدي لطرق التهريب، وإحباط خطط المهربين.

         ويلجأ المهربون إلى كل السبل والوسائل الكفيلة بالتحايل على أجهزة الرقابة والمكافحة. وليست هناك قاعدة ثابتة، أو أسلوب محدد يحكم تصرفاتهم في نقل المخدرات إلى أيدي المستهلكين، فكل يوم تكشف أجهزة المكافحة شكلاً جديداً من حيل المهربين، وكلما اكتشفت طريقة أو حيلة، تحولوا إلى حيلة جديدة وهكذا. ويلعب نوع المخدر وحجمه دوراً كبيراً في اختيار وسيلة نقله: ففي بعض الأحيان، يكون في حوزة شخص واحد، وأحياناً تنقل في بطون الإبل، أو على ظهورها، عبر الصحراء، وهناك السيارات والطائرات والسفن... الخ.. ويمكن القول أن تجار المخدرات ومهربيها في استطاعتهم اللجوء إلى شتى الطرق لتوصيل المخدرات إلى المستهلكين، لأن الأرباح التي يحققونها أرباح خيالية تستحق منهم المغامرة.

أولاً: أهم مناطق إنتاج المواد المخدرة في العالم

وفقاً للتقسيم الذي أخذت به منظمة الصحة العالمية، تتحدد مناطق إنتاج المخدرات والمؤثرات العقلية، في العالم، طبقاً لما يلي:

1. الحشيش

ما زال أكثر المخدرات انتشاراً في العالم، وقد تصاعد حجم المضبوطات منه على المستوى العالمي، وأهم مناطق إنتاجه هي: لبنان، وباكستان، والهند، والمغرب، وأفغانستان، وكولومبيا، جامايكا.

ويُنقل الحشيش، بكميات كبيرة، نظراً للحيز الكبير الذي يشغله، ووسائل نقله المفضلة هي الحاويات، التي تُشحن براً، وبحراً، وجواً. أمّا الحشيش السائل، فيتم تهريبه بصحبة الناقلين، الذين يندسون وسط الأفواج السياحية، والمسافرين.

2. الأفيون

أكثر مناطق إنتاجه هي منطقة الهلال الذهبي (أفغانستان، وإيران، وباكستان)، ومنطقة المثلث الذهبي (بورما، ولاوس، وتايلاند) إضافة إلى الهند، ولبنان، والمكسيك.

3. الهيروين

وأهم مناطق إنتاجه هي مناطق إنتاج الأفيون نفسها، إضافة إلى بعض الدول، التي لا تنتج الأفيون، ولكن يوجد بها معامل لتحويله إلى هيروين، مثل سورية، وهونج كونج، والمكسيك، والأخيرة ينتج بها ما يسمى بهيروين (القطران الأسود) وهو شديد الفاعلية، ويزداد الإقبال عليه بسبب درجة نقائه العالية، وسعره المنخفض.

وتعد أفغانستان من أكبر منتجي الهيروين، وينقل منها، عبر باكستان، وإيران، كما أصبحت الهند معبراً أساسياً للهيروين. كما تعد أفريقيا معبراً إلى أوروبا، وتشير المعلومات الحديثة إلى أن الأفيون الخام يهرب إلى أفريقيا حيث يتم تحويله إلى هيروين في معامل سرية.

4. الكوكايين

وأهم مناطق إنتاج ورق الكوكا هي منطقة جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية، وخاصة دول بوليفيا وبيرو، وكولومبيا، والاكوادور، والبرازيل.

وتتولى عصابات كبيرة وقوية تهريب الكوكايين، من دول أمريكا اللاتينية إلى كل أنحاء العالم، وتنقل كميات هائلة منه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بمختلف وسائل النقل البري، والبحري والجوي. وتُنقل إلى أوروبا وأجزاء العالم الأخرى من خلال الأفراد.  

والمعبران الرئيسيان لتهريب الكوكايين، إلى جنوب أوروبا، هما أسبانيا، والبرتغال، كما تُعد بلجيكا وهولندا، بموانيهما الكبيرة، المركزين اللذين نقلت، عبرهما معظم كميات الكوكايين، إلى وسط أوروبا.

5. الأمفيتامينات

من أشهر عقاقير هذه المجموعة الماكستون فورت، والديكسامفيتامين، والريتالين، وأهم مناطق إنتاجها في أوروبا وأمريكا الشمالية.

ويُصنع أحد عقاقير هذه المجموعة في هامبورج، بألمانيا، ويساء استعمالها بشكل كبير، في المنطقة الواقعة شرق البحر الأبيض المتوسط وعلى نطاق أوسع، في بعض دول الخليج العربي. ويتم تهريب هذه المادة إلى لبنان، وتركيا، ثم تنقل، عبر بادية الشام، إلى شبه الجزيرة العربية، ويستخدم المهربون كافة وسائل النقل في تهريبها: كالسيارات، والدراجات البخارية، والإبل، وأنواع الدواب الأخرى.

6. الباربيوترات

أشهر عقاقير هذه المجموعة الأموباريتال، والسيكونال، وأهم مناطق إنتاجها أوروبا، وأمريكا الشمالية، والهند، وقد ضبطت السلطات، في الولايات المتحدة الأمريكية، ما يزيد عن (500) مختبر سري، لتصنيع الباربيوترات، عام 1986، كما ساهم وضع هذه العقاقير تحت الرقابة الدولة، طبقاً لاتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971، في الحد من تسربها، من النطاق المشروع، إلى النطاق غير المشروع.

7. المهلوسات

تقع مناطق إنتاجها في أوروبا، وخاصة هولندا، والنرويج، وبلجيكا، كما تُنتج في أمريكا الشمالية، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك، المكسيك وكندا. ويتم تهريبها مع الأفراد.

ثانياً: طرق التهريب والحيل المستحدثة لعصابات المخدرات

         مهما تعددت حيل المهربين وأساليبهم في إخفاء المواد المخدرة إلاّ أنها لا تخرج عن السبل الآتية:

1. التهريب الفردي

يتم من خلال الركاب، في السفن، والطائرات، وبشحنات صغيرة من المواد المخدرة، على أجسامهم، أو في أماكن حساسة منها، أو في مخابئ سرية بحقائبهم، وأمتعتهم، وملابسهم. فمن الممكن أن يكون المخدر بين طيات شعر الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، أو ملتصقاً بجسده، أو بين فخديه، أو حول الساقين، أو في أماكن حساسة من الجسم، أو داخل الأمعاء، أو بين طيات الملابس، مثل بطانات السترات، ودعائم الأكتاف، أو في نعل، أو كعب الحذاء، كما ضبطت كمية من المخدرات في لعب الأطفال، أو بين طيات ملابس طفل رضيع، تحمله امرأة.

ومن الوسائل الدارجة، أو التقليدية، تهريب المخدرات في مخابئ سرية، بحقائب الركاب، أو داخل أمتعتهم، وما يحملون من مأكولات، وعلب الحلوى، وعصى وشماسي، وآلات تصوير، وتسجيل، أو أنبوبة أحمر شفاه، أو قداحه سجائر، وبالأطراف الصناعية والساعات والأقلام.. الخ.

وفي غالب الأحيان يسافر المهرب إلى حيث يحمل المخدر جواً أو بحراً، إلى إحدى الدول المعروف عنها عدم إنتاج المواد المخدرة (ترانزيت) للتمويه، ثم يعود إلى الدولة، المراد إدخال شحنة المخدرات إليها، حتى يكون بعيداً عن موطن الشبهات.

مثال: (قضية ضبطت في إحدى الدول العربية) لجأ أحد المهربين إلى حيله مبتكرة لتهريب المخدرات، فكان يسافر إلى باكستان، لشراء كمية من الأفيون يضعها في مخابئ سرية بحقائب أمتعته، ثم يسافر إلى ألمانيا، أو النمسا، ومعه جهاز (فيديو)، وعند وصوله إلى مطار الدولة، المطلوب إدخال المخدر إليها، يدخل بحقائبه إلى صالة الجمرك معلناً وجود ما يستحق دفع رسوم جمركية (فيديو)، فينشغل رجال الجمارك عنه بفحص جهاز الفيديو، وإنهاء إجراءاته الجمركية، من دون تفتيش باقي أمتعته، تفتيشاً دقيقاً، إلى أن لاحظ أحد رجال الجمارك كثرة تنقلاته، فاشتبه في إحدى سفرياته وفتشه بدقة، فعثر معه على كمية من المخدر.

قضية

تمكنت أجهزة المكافحة، في إحدى الدول العربية، من ضبط عصابة دولية تستخدم دبلوماسياً سابقاً، ودبلوماسياً عاملاً، في تهريب الأفيون، من باكستان، إلى هذه الدولة، حيث كان يسافر أحد أفراد العصابة إلى كراتشي لإعداد الشحنة، وإرسالها، داخل حقيبتين (سمسونايت)، من كراتشي إلى أثينا، بينما يسافر كل من الدبلوماسي السابق، والدبلوماسي العامل، إلى أثينا. ويعود الدبلوماسي العامل أولاً إلى مطار هذه الدولة، ويحرر محضراً في المطار عن فقد حقائبه، وفي اليوم التالي يصل الدبلوماسي السابق من أثينا، ومعه حقائب المخدرات، إلاّ أنه لا يتقدم لاستلامها من على سير الحقائب، مما يضطر شركة الطيران إلى إيداعها في مخزن الأمانات، ويتسلم الدبلوماسي العامل أرقام الحقائب المحملة بالمخدرات من الدبلوماسي السابق، ويذهب، بعد ذلك، إلى شركة الطيران، ليسأل عن حقائبه، التي فُقدت في اليوم السابق فيكتشف موظف الشركة وصولها، ويسلمها إليه، ليخرج بها من الدائرة الجمركية، وفي انتظاره أفراد العصابة. إلى أن تم القبض عليهم بفضل يقظة رجال المكافحة.

2. التهريب بالطريق البري

بدأت هذه الأساليب بنقل المخدرات، على ظهور الدواب، والإبل، أو بوضع اسطوانات المخدرات داخل بطون الإبل، ثم تطورت، بتطور وسائل النقل المختلفة، إلى استخدام السيارات، وشاحنات النقل الكبيرة، والثلاجات، عبر الحدود المختلفة. وأصبحت السيارة، اليوم وسيلة نقل تقليدية، يستخدمها المهربون، بعد إعداد مخابئ سرية فيها، يصعب اكتشافها، في السقف، والأرفف، والأبواب، والمصابيح الأمامية والخلفية، ومصفاة الهواء، والزيت، والإطارات الأصلية والاحتياطية، وأغطية البدلات، ومجمع الآلات، أمام السائق، وأغراض الزينة، وحاوية السجائر المستعملة، والبطارية، ولوحة الرخص، وجهاز التكييف وأنابيبه، وحاجز الشمس، وأسفل السجاجيد، وضمن المقاعد، وسماعات الراديو، والكاربورتير، والمحرك، وداخل ماسورة الكردان، والمسجل، وعجلة القيادة، ومستودع الوقود.

ويلاحظ أن بعض المخابئ تعمل بجهاز إلكتروني، ومن ثم يجب فحص كل دائرة كهربائية إضافية في السيارة، بدقة وعناية، ويفضل أن يتم التفتيش في وجود مهندس، أو ميكانيكي، ليساعد في البحث عن مثل هذه المخابئ.

ومن النماذج الشائعة، في التهريب، عبر المنطقة العربية الآن، استخدام المهربين للبرادات الكبيرة التي تستعمل في نقل الخضراوات والفواكه، في نقل شحنات من الحشيش اللبناني إلى مصر، عبر سورية والأردن، من ميناء العقبة إلى ميناء السويس، أو عبر المملكة العربية السعودية، من ميناء جده إلى السويس، وقد تُستعمل الطريقة نفسها في نقل كميات المخدرات، من مصر إلى المملكة العربية السعودية، وهناك شاحنات تتحرك من لبنان مخبأ بها كميات من المخدرات إلى سورية وتركيا ثم بلغاريا ويوغوسلافيا، ثم إلى باقي الدول الأوروبية المستهلكة.

قضية

ضُبط سوريان، تمكنا من جلب كمية كبيرة، من الهيروين، لمحاولة ترويجها في مدينة الإسماعيلية.

وتتلخص أحداث هذه القصة في تمكن رجال المكافحة من ضبط أب 58 سنة، وابنه31 سنة سوريين، جلبا كمية كبيرة من مخدر الهيروين (1.089ك.ج) من لبنان، ويقومان لترويجها لدى بعض تجار المواد المخدرة، في محافظة الإسماعيلية. وقد اعترف الابن بأنه اشترى المخدر من لبنان، ونقله إلى سورية، حيث أخفاه داخل علبتي لانشون سورية الصنع، وكذا طفاية حريق، خاصة بالسيارة بعد إعادة غلقهما بطريقة لا تدعو للاشتباه، وقد دخل بهما عبر ميناء القاهرة الجوي، بناءاً على اتفاق سابق مع والده للإعداد لترويجها داخل مصر.

وبجلسة 2 أغسطس 1997، حكمت محكمة جنايات الإسماعيلية على المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة، وغرامة مائة ألف جنيه، لكل منهما.

قضية ضبط شحنة مجهولة الهوية من الهيروين بقاع سحري بإحدى الحقائب

أثناء مرور أحد مفتشي فرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، في ميناء القاهرة الجوي، في صالة الوصول، لتفقد حالة الأمن بها، لاحظ وجود حقيبة يد متروكة بجوار موقع تجمع الحقائب منذ فترة طويلة ولم يتقدم أحد لاستلامها. وبعد تأمينها تماماً، اشترك مفتشو الفرع مع السلطات الجمركية في فتح الحقيبة، فعثر على ثلاثة أكياس من البلاستيك الشفاف، مخفاة داخل قاع سحري في الحقيبة، وتحوى كل منها كمية من مخدر الهيروين، وزنت جميعها (550) جراماً. وتبين أن الحقيبة منزوعة البيانات، وتخلى عنها صاحبها عند شعوره بدقة وصرامة الإجراءات، وتحرر عن الواقعة المحضر (13/97) ضبط جمركي.

3. التهريب بطريق الجو

تنقل المخدرات باستخدام الطائرات الخاصة، وإنزالها بالمظلات، في مكان بعيد، بمجرد اجتيازها للحدود. وتحتاج هذه الطريقة إلى إمكانيات مادية كبيرة للمهربين، وقد تُنقل الشحنة، مباشرة، من مكان الإنتاج، إلى مكان الاستهلاك، أو تُنقل من مكان الإنتاج، على ظهر إحدى السفن، ثم يُعاد نقلها بإحدى الطائرات المروحية، من ظهر السفينة، في عرض البحر، لاجتياز الحدود بها، وإنزالها، في مكان معين، متفق عليه.

وقد يكون التهريب باستخدام طائرات الركاب، أو طائرات نقل البضائع، من خلال حقائب الركاب، أو داخل البضائع، ويتم شحنها جواً من مناطق الإنتاج، إلى مناطق الاستهلاك، بأسماء أشخاص ليس لهم نشاط مسجل في أجهزة المكافحة، أو باسم بعض الهيئات، التي تتمتع بتيسيرات جمركية، أو باسم بعض السفارات، أو الدبلوماسيين، ممن لهم حصانة دبلوماسية.

وقد لجأت إحدى عصابات التهريب إلى تزوير مستندات التخليص الجمركي، على أحد الطرود، بوصفها مسموحات لإحدى السفارات الأجنبية، حيث واستخدمت مزوراً بارعاً في تقليد أختام هذه السفارة، وتوقيعات المسؤولين فيها، وأختام وزارات الخارجية في الدول، التي تم الضبط بها، وتمكنوا من استلام الطرد الذي يحوي المواد المخدرة إلاّ أن أجهزة المكافحة كانت ترصد كل تحركاتهم، وأمكن ضبطهم، بعد وصول الطرد إلى مخبأ أفراد العصابة، وضبط أفرادها.

كما يلجأ المهربون إلى إخفاء المخدرات في أماكن سرية بجسم طائرات الركاب، ثم يتولى عمال النظافة وتموين الطائرات مهمة إخراجها، وتهريبها، خارج الدائرة الجمركية عندما تسنح الفرصة لذلك.

4. التهريب بطريق البحر

وهي أكثر طرق التهريب أمناً، وتستخدم لنقل شحنات المخدرات الضخمة، من الأقاليم، التي تربطها خطوط ملاحية، وقد يكون التهريب باستخدام مراكب نقل البضائع، عن طريق إخفاء المخدرات، داخل طرود مشحونة، من دولة إلى دولة، بأسماء أشخاص لا يرقى الشك إليهم، أو بعض الهيئات، التي تتمتع بحصانات خاصة. أو باستخدام بعض الحيل للهروب من التفتيش الجمركي، عند التخليص على هذه البضائع، مثلما يحدث عند شحن طردين متماثلين، في الشكل، والحجم، والوزن: أحدهما يتم تفتيشه، وإنهاء إجراءاته الجمركية، والثاني هو الذي يتم تهريبه، ويكون بداخله شحنة المخدرات، ثم تعاد إجراءات استخراج الطرد الأول، مرة ثانية.

كما يمكن إخفاء المواد المخدرة، في أماكن سرية، داخل وسائل المواصلات المختلفة، التي يتم شحنها من دولة الإنتاج إلى دولة الاستهلاك، أو داخل الآلات الصناعية، أو وسائل الصناعة المختلفة، مثل الورق، والجلد، والبويات، والصاج، والخشب، والمواد الكيمائية، والملتهبة. أو يتم التهريب بواسطة أفراد طاقم السفينة، على أجسامهم، أو في أماكن سرية، ضمن آلات السفينة. والظاهرة الجديدة هي استخدام سفن أعالي البحار، في تهريب كثير من المخدرات، من مناطق الإنتاج، إلى مناطق الاستهلاك. وتستخدم العصابات المنظمة السفن الخاصة، في نقل الشحنات الكبيرة، من المخدرات، من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك، وغالباً ما تُستخدم في هذه العملية ثلاث وسائل بحرية: الأولى تقوم بنقل الشحنة من شاطئ دولة الإنتاج، إلى مكان معين، في البحر، توجد فيه السفينة الثانية، التي تتولى النقل في أعالي البحار، وموقع واسم هذه السفينة الثانية، لا يعلمه سوى شخص واحد، يطلق عليه (المندوبيرافق الشحنة من الشاطئ إلى السفينة الثانية، التي يوجد عليها مندوب ثان، يرافق الشحنة إلى موقع سفينة ثالثة، بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الاستهلاك، وتقوم الأخيرة بنقل الشحنة، أو تهريبها، خلسة عبر ساحل، أو حدود دولة الاستهلاك.

وفي غالبية عمليات النقل البحرية يتم النقل بسرية مطلقة، ويتم تغليف المخدرات جيداً، بأكياس من البلاستيك، أو النايلون، وتوضع داخل إطارات من الكاوتشوك، حتى لا ينفذ إليها الماء، أثناء عمليات النقل، أو التفريغ، أو التصبير، إذا ما أجبرت الظروف أفراد العصابة، أو طاقم المركب على تنفيذ ذلك.

ويُقصد (بالتصبير): عملية تخزين المخدرات في مياه البحر، إذا ما اضطرت الظروف الجوية، أو الرقابة الأمنية، أفراد العصابة، في مناطق الإنزال، إلى التخلص من الشحنة بحفظها في الماء حتى تحين الفرصة المناسبة لإدخالها إلى البلاد.

وتكون المخدرات في بادئ الأمر معبأة في أكياس من البلاستيك داخل إطارات الكاوتشوك، أو في صفائح محكمة الغلق، ومربوطة في بعض الأحجار، أو الأجسام الثقيلة، بحبل واحد، حتى إذا ما أُلقيت في الماء واستقرت في القاع. بقى طرف الحبل مربوط فيه قطعة من الخشب، أو الفلين طافية على سطح الماء، كعلامة يستدل منها المهربون على مكان الشحنة. ويتم انتشال المخدرات، بعد ذلك، بعملية يطلق عليها اسم (البشللة)، حيث يستخدم فيها حبل طويل تثبت فيه أعداد كبيرة من السنانير الكبيرة، والأحجار، لتغوص إلى القاع، ويمسك بطرفي الحبل فريقان يجلس كل منهما في قارب صغير، ثم يقومان بمسح منطقة التصبير إلى أن يلتقطا أطراف الحبل المربوط به شحنة المخدرات، فيتم انتشالها، ونقلها إلى الشاطئ.

هذا ويفضل المهربون استخدام الطريق البحري لنقل الكميات الضخمة من المخدرات، نظراً لأن احتمالات الضبط فيها أقل من الطريقين البري والجوي.

ويضاف إلى كل ما سبق بعض الاتجاهات المستحدثة في مجال تهريب المخدرات، ما يلي:

أ. اتجاه كبار منتجي المخدرات، ومهربيها، إلى طلب إعداد سفن، مصممة خصيصاً لنقل الشاحنات الضخمة من المخدرات. أو طائرات خاصة لاستخدامها في التهريب، بعيداً عن أعين الرقابة، من خلال الشواطئ الطويلة قليلة السكان، أو الجزر المائية غير المأهولة.

ب. استخدام الطائرات العمودية في عمليات تهريب المخدرات. وفي دراسة لإدارة المخدرات الأمريكية، قُدر أن حالات الإلقاء من الطائرات التي تمت في البحر كانت حوالي (60 ـ 65%).

ج. إخفاء المخدرات داخل الحاويات الضخمة، التي تحملها السفن البخارية، بعد تغطيتها ببضائع مشروعة. وقد ضبطت قوات حرس السواحل الأمريكية وحدتين بحريتين، عام 1985، بجوار شاطئ (كارولينا الشمالية) بهما (73) طناً من الحشيش.

د. اتجاه تهريب عصابات المخدرات إلى أراض جديدة، تتخذ كمعابر، أو ممرات جديدة، للتهريب، أو استخدام طرق تهريب جديدة أكثر تعقيداً، أو أشد التواءً وأكثر أمناً، ومن ثم فإنه من الصعب على أية حكومة أن تتوقع أن تكون أراضيها بمنأى عن محاولات المهربين. إضافة إلى أنه، في ظل الزيادة المطردة في إنتاج المخدرات، وتهريبها، لم يعد للتمييز بين البلدان المنتجة، والبلدان المستهلكة، أي معنى، كما فقدت عبارة بلدان (العبور) معناها الأصلي إذ أخذت هي الأخرى تتحول بسرعة إلى بلدان مستهلكة، وربما تصبح بلداناً موردة كذلك.

      أمّا فيما يتعلق باستخدام التقنيات الحديثة، وثورة الاتصالات، ومدى الإفادة منها، في مجالات مكافحة المخدرات. فيظهر من خلال نقطتين محددتين، وهما:

1. الأقمار الصناعية

أفرزت تكنولوجيا القرن العشرين أنماطاً متطورة من العقول الإلكترونية، والأقمار الصناعية، التي كشفت سقف العالم تماماً، الأمر الذي تضاءلت أمامه جهود الجاسوسية، حيث أمكن لكل دولة، ولا سيما الدول المتقدمة، أن تكون على معرفة تامة بكل ما يحدث فوق أراضي الغير، من الأعداء والأصدقاء. ولعل هذا التقدم العلمي يدعوا إلى التفكير في إمكانية استخدام هذه الإمكانيات العلمية العملاقة، في الكشف عن الزراعات غير المشروعة، ومعامل ومختبرات المخدرات التخليقية.

2. الاستشعار من البعد

وإذا كانت فكرة استخدام الأقمار الصناعية والعقول الإلكترونية حلماً يراود أذهان رجال المقاومة حتى الآن، فإن وسائل الاستشعار عن بعد، هي أحد التطبيقات التكنولوجية، الحديثة التي أمكن تطبيقها بالفعل في الكشف عن تقدير إنتاجية المحاصيل الزراعية، وحصر مساحاتها، ومسح المناطق الزراعية... الخ. بل أنها قد استخدمت، بالفعل، في مجال الكشف عن النباتات الممنوع زراعتها قانوناً.

والاستشعار عن البعد هو تكنولوجيا حديثة تعتمد على استخدام طرق ووسائل متعددة للحصول على معلومات دقيقة عن أهداف معينة، من مسافة بعيدة، دون الاقتراب أو التلامس مع هذه الأهداف. وتعتمد هذه الوسيلة، إمّا على التصوير بكاميرات جوية متعددة العدسات، أو تسجيل الانبعاث الحراري للنباتات، نتيجة إشعاعاتها الذاتية للأشعة تحت الحمراء الحرارية طويلة الموجات، باستخدام جهاز إلكتروني خاص بالمسح الحراري.

وهكذا يمكن أن تفيد هذه الوسيلة، إذا ما تُوسع في استخدامها، في تحديد مناطق زراعة النباتات المخدرة، ومتابعة ذلك بصفة دورية، وإبلاغ المسؤولين عن مكافحتها بأماكنها، حتى يتم محاصرتها، وإبادتها، ومنع زراعتها، وهي وسيلة توفر الأمان لقوات المكافحة، لأنها تتم عن بعد، وبعيداً عن مرمى نيران المجرمين، أو شعورهم بها، مما يحقق إمكانيات أعلى في الكشف عن هذه الزراعات المحرمة، ويوفر عنصر المفاجأة عند مهاجمتها.