إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / القدرات العقلية









الارتباط بالجماعة Sociability

القدرات العقلية

زود الله الإنسان بقدرات عقلية متعددة، اختلف العلماء في تصنيفها وتحديد العلاقات بينها. ويشير ذلك إلى أهمية هذه القدرات في حياة الفرد الحالية والمستقبلية، فضلاً عن حياته المهنية والتعليمية والاجتماعية.

وللقدرات أهميتها في عملية التوجيه التربوي. ويُقصد بالتوجيه التربوي اختيار الفرد لنوع الدراسة المناسبة لقدراته وإعداده للالتحاق بها، ثم النجاح فيها، ما يساعده على تحقيق ذاته. فالقدرة الميكانيكية المرتفعة تؤهل صاحبها لدراسة الهندسة الميكانيكية بتفوق، والقدرة اللغوية العالية تؤهل صاحبها لدراسة اللغويات بتميز، والقدرة المميزة على فهم المسائل الرياضية المتميزة تؤهل صاحبها لدراسة الرياضيات والهندسة بنجاح.

وللقدرات فائدتها في مجال التوجيه المهني. ويُقصد بالتوجيه المهني عملية فنية منظمة تهدف إلى مساعدة الفرد على اختيار المهنة المناسبة له، وإعداده للالتحاق بها والنجاح فيها. كما تهدف إلى مساعدة الفرد على تنمية وتحقيق صورة متكاملة لذاته تتلاءم مع إمكانياته، وعلى أن ينمي ويتقبل الدور الذي يقوم به في عالم العمل. فالقدرة الفنية العالية تؤهل صاحبها للالتحاق والنجاح في المهن الفنية، كالفنون التشكيلية والعمارة؛ والقدرة الإدارية المرتفعة تؤدي إلى النجاح في ممارسة المهن ذات الطابع الإداري، مثل رئاسة العمال؛ والقدرة الاجتماعية المتميزة تؤهل صاحبها للتفوق في ممارسة الأعمال السياسية، والتدريس، والخدمة الاجتماعية، وخدمات الإرشاد النفسي.

وللقدرات النوعية، ومنها القدرات الابتكارية، دورها المهم في الاكتشاف والاختراع؛ إذ تتضمن الحساسية للمشكلات ووضع حلول جديدة وأصيلة لحلها. فبالقدرة الابتكارية توصل العلماء إلى تطوير الكتابة اليدوية إلى الكتابة بالآلة الكاتبة، ثم بالحاسب الآلي؛ وبالقدرة الابتكارية توصلوا إلى علاج العديد من الأمراض، بدءاًً من العلاج بالأعشاب إلى العلاج بالعقاقير والأدوية، إلى العلاج بالأشعة، إلى العلاج الجيني.

وتُعَد قدرات التفكير الناقد ذات فائدة كبيرة في التعرف على دقة الاستنتاجات وصحتها، والتمييز بين الحقيقة والخيال، وبين المعلومات المرتبطة وغير المرتبطة بالموضوع، والمقارنة بين وجهات النظر المتعارضة، ومناقشة القضايا وتقويم الحجج.

وتلعب قدرات الذكاء الاجتماعي دوراً مهماً في توافق الفرد الاجتماعي؛ لأنها تساعده على تحليل المشكلات المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية واختيار أفضل الحلول لها، وكذلك في الوقوف على حالة المتكلم النفسية، وعلى تذكر الأسماء والوجوه، وعلى ملاحظة السلوك الإنساني والاستفادة من الخبرات المستمدة من تلك الملاحظة في فهم السلوك الإنساني، وعلى إدراك وتذوق النكات، التي تؤدي إلى المرح والمداعبة.

وإذا كانت القدرات العقلية تسهم في التفوق والإبداع والابتكار، فإن انخفاضها بشكل ملحوظ يؤدي إلى تخلف أداء الفرد وتدهوره في قطاع معين دون غيره. ويدل على ذلك أنه عند رسم مخطط نفسي (بروفيل) لقدرات شخص ما، نلاحظ ارتفاع بعض القدرات، ووقوع البعض منها في النطاق المتوسط، وانخفاض بعضها الآخر. وهذا الانخفاض من شأنه أن يفسر تعثر الفرد في ممارسة الأنشطة الدالة على تلك القدرة.

أولاً: تعريف القدرة العقلية

اختلف علماء النفس في تعريفهم للقدرة العقلية؛ فمنهم من عدّها الإمكانية أو القوة الفعلية على الأداء، ومنهم من عدّها نشاط معين، أو مجموعة من الأداءات أو الاستجابات.

ويمثل النوع الأول تعريف محمود عبدالقادر، الذي يرى أنها الإمكانية الحالية للفرد على الأداء، الذي وصل إليه من طريق التدريب أو من دونه، ومن ثَم، فإنها تمثل إمكانية الفرد حالياً فيما يمكنه القيام به من أعمال، في حالة توافر الظروف الخارجية اللازمة.

ويرى عطية محمود أنها القوة الفعلية على الأداء، التي يصل إليها الإنسان من طريق التدريب أو دونه. أي أنها هي قوة الإنسان الحالية للقيام بعمل ما، إذا توافرت الظروف الخارجية المناسبة.

ويعرّف محمد عبدالسلام أحمد القدرة بأنها المستوى الراهن من الوظيفة، سواء كان متأثراً بالتدريب أم لم يكن متأثراً به.

ويمثل النوع الثاني من التعريفات إشارة محمد عبدالسلام أحمد إلى أن القدرة تتكون من مجموعة من الاستجابات، ترتبط ارتباطاً كبيراً فيما بينها. وكذلك ما أشار إليه عطية محمود من أن مصطلح القدرة يُطلق على مجموعة من الأداءات، التي ترتبط فيما بينها ارتباطاً عالياً، سواء كانت هذه الأداءات في ميدان الدراسة أو العمل. وقد أشار فؤاد البهي السيد إلى القدرة بأنها تصنيف لنشاط العقل وتجميع له في طوائف، بحيث ترتبط كل مكوناته الطائفية ارتباطاً عالياً يبرز هذا التجمع.

إن وجود هاتين الفئتين (كنماذج) لتعريف القدرة العقلية يرجع إلى عوامل متعددة، منها:

1.  أن القدرة تكوين فرضي، نفترض وجوده لإعطاء معنى لمظاهر وأداءات متعددة. "فالغضب" تكوين فرضي لا نراه بل نرى مظاهره، مثل تغير ملامح الوجه واندفاع الدم وعلو الصوت وحدته... إلخ. كذلك "القدرة" تكوين فرضي نستشفه أو نستنتجه من أساليب الأداء، التي يمكن ملاحظتها مباشرة. فَمِن تفوق الشخص في علاج المشكلات الميكانيكية وزيادة معلوماته الميكانيكية، نستنتج وجود قدرة ميكانيكية عالية. ومِن ارتفاع الحصيلة اللفظية للفرد وقدرته وطلاقته في التعبير، نستنتج وجود قدرة لفظية عالية.

2.  تعدد مظاهر تلك القدرات، فمنها مظاهر خاصة بالأداء الميكانيكي، ومظاهر خاصة بالأداء اللغوي، ومظاهر خاصة بالأداء الرياضي أو العدد، ومظاهر خاصة بالإبداع والابتكار، ومظاهر خاصة بالنقد والتحليل، ومظاهر خاصة بالحساسية الجمالية والحكم الجمالي والتفصيل الجمالي والتذوق الجمالي، وغيرها.

3.  وجود الفروق داخل الفرد الواحد في الأداءات المختلفة، إذ لا تكون جميع أداءات الفرد على المستوى نفسه؛ فبعضها قد يرتفع، وبعضها قد يكون متوسطاً ، وبعضها قد يكون منخفضاً. ويذكر تراث علم النفس حالات تُسمى "الحكماء المعتوهين"، مثل الموسيقي الصيني البارع الذي كان ذكاؤه منخفضاً، وطفل عمره 11 عاماً كانت ذاكرته للكلمات ومهارته العددية غير عادية، بينما انخفضت نسبة ذكائه.

4.  اختلاف النظرة في علاقة القدرات العقلية بالذكاء؛ فمِن العلماء من رأى أن الذكاء عامل عام يدخل بنسب متفاوتة في القدرات العقلية المختلفة، ومنهم من رأى أن القدرات العقلية الأولية بمثابة قوالب الطوب، التي تنتظم مع بعضها لتكوين الذكاء (أو العامل العام)؛ بل يرى علماء النفس المعرفيين أن تفسير السلوك الذكي يكون بالتعرف على "العمليات" الأولية الخالية من المحتوى. أو بعبارة أخرى، يسعون إلى معرفة أي نوع من أنواع "آلات" معالجة المعلومات هي التي تؤدي للظاهرة التي نعرّفها بالتفكير. فالفرد لا يؤدي بشكل سيئ في الرياضيات، مثلاً، لأنه حصل على درجة منخفضة في اختبار "للقدرة الرياضية"، بل إن الأداء على الاختبار في حد ذاته مقياس لعمليات التفكير المسؤول عن الأداء. ومن ثَم، يظل فهم القدرات ناقصاً ما لم يتناول هذه العمليات المسؤولة عن الأداء.

5.  اختلاف النظرة إلى طبيعة القدرات العقلية ذاتها: هل هي قدرات أولية لا تنقسم إلى قدرات أبسط منها، أم تقبل الانقسام؟. رأى أناس أن القدرات الأولية تمثل اللبنات الأولى للعقل البشري، كما تمثل عناصر المادة الوحدات الرئيسية للكون المادي الذي نحيا في إطاره. وتعتمد فكرة القدرات الأولية (الطائفية) في جوهرها على تصنيف النشاط العقلي المعرفي إلى أنواع منفصلة، غير مرتبطة أو متداخلة. وبذلك تصبح العلاقة بين أي قدرتين من هذه القدرات تساوي صفر، ويتلاشى بذلك التداخل بينهما. وهكذا يختفي مفهوم الذكاء ليحل محله مفهوم جديد يؤكد المواهب العقلية المتعددة، ولا يؤكد المحصلة العامة لهذه المواهب.

إلا أن وجهة النظر الأخرى ترى أن القدرات الطائفية الأولية يمكن أن تنقسم إلى قدرات أبسط منها؛ فانقسمت القدرة الميكانيكية إلى قدرتين بسيطتين، وانقسمت القدرة العددية الأولية إلى ثلاث قدرات طائفية بسيطة.

6.  اختلاف النظرة إلى العلاقة بين القدرات المختلفة. فمن النماذج من حدد العلاقة بين القدرات المختلفة في شكل هرمي، يعتمد على وضع فئات للقدرات وعلى التعرف على الفئات الفرعية داخل تلك الفئات. ويترتب على ذلك أن يصبح أسلوب التصنيف كالشجرة المعكوسة، جذرها إلى أعلى وأغصانها إلى أسفل.

أما النوع الآخر من النماذج، فهي نماذج المصفوفة التي تعتمد على تداخل فئات التصنيف. وفي هذا النموذج تُصنف العناصر في صورة سطور وأعمدة، وتدل كل خانة يلتقي عندها سطر مع عمود على قدرة معينة لها خصائصها وأبعادها.

7.  تراكم قدر كبير من المعلومات عن بنية العقل البشري ومكوناته، وذلك بسبب تقدم أساليب ووسائل الدراسة والتحليل، وقابليتها للاستخدام في دراسة العمليات المعقدة وفي بناء النظريات. هذا بالإضافة إلى تراكم البحوث عن القدرة العقلية في المجالات التطبيقية كالتربية والصناعة والإدارة والجيش.

8.  تداخل مفهوم القدرة العقلية مع مفاهيم أخرى مختلفة، كالاستعداد والكفاية والمقدرة والموهبة. فالاستعداد هو إمكانية الوصول إلى درجة من الكفاية من طريق التدريب المقصود أو غير المقصود، أي أنه قوة كامنة لدى الفرد تتضح بالتدريب فتصبح قدرة. والكفاية هي القدرة على القيام بالأعمال التي تتطلبها مهنة من المهن، أو هي القدرة على ممارسة الأعمال، التي تتطلبها وظيفة من الوظائف، مثل الكفاية في تصليح الأجهزة الدقيقة. والمقدرة أقصى قدرة للإنسان يستطيع أن يصل إليها مع أفضل تدريب ممكن. والموهبة أقصى درجات الاستعداد أو القدرة.

وأخيراً، فإن القدرة هي مجموعة من أساليب الأداء، التي ترتبط فيما بينها ارتباطاً عالياً، بما يميّزها عن غيرها من أساليب الأداء الأخرى، أي تلك التي ترتبط مع غيرها ارتباطاً ضعيفاً.

ثانياً: نماذج من القدرة العقلية

1.  القدرة الميكانيكية

تُعَد القدرة الميكانيكية من أهم القدرات العملية، التي تتصل اتصالاً مباشراً بالصناعة. وتدور هذه القدرة حول التعامل مع الآلات وكيفية أدائها وفكها وتركيبها، وإدراك العلاقات بين أجزائها، والعمل على إصلاحها وصيانتها.

وقد أوضحت البحوث التي أُجريت في مجال التوجيه التربوي والمهني، أن للقدرات الميكانيكية دوراً مهماً في اختيار من يصلحون للأعمال الهندسية، التي تحتاج إلى فهم عمل الآلات المختلفة. وأن لهذه القدرة صلة كبيرة بالقدرة على التصور البصري، والقدرة على الإدراك السريع، وقدرات التوافق الحركي والمهارات اليدوية. وعلى هذا تكون القدرة الميكانيكية بمعناها الضيق قدرة عقلية، وبمعناها الواسع قدرة عقلية وحركية.

وقد توصل العلماء إلى أن هناك قدرة ميكانيكية مركزية عامة، أسموها "القدرة الميكانيكية العامة". وإلى جانب هذه القدرة العامة قدرات متخصصة، أو عوامل نوعية، منها:

أ. عامل التصور البصري

وهو القدرة على إدارة الأشكال المسطحة والمجسمة وتقليبها في الذهن وتصور ما ستؤول إليه بعد دورانها، أو تصور حركات الآلات والأجسام وأوضاعها المختلفة أثناء هذه الحركة، وكيف تتطور هذه الأوضاع.

ب. عامل العلاقات المكانية

يبدو في القدرة على تقدير المسافات والأبعاد بدقة ـ الطول والعرض والارتفاع والعمق والسُمك أو المساحة أو الحجم ـ وكذلك في ملاحظة ما بين الأشكال من تشابه واختلاف، والمقارنة بين أشكال الأشياء وأوضاعها وحجومها. كما يبدو في القدرة على تكوين شكل من أجزائه المبعثرة.

ج. عامل المعلومات الميكانيكية

وتبدو في رصيد الفرد المعرفي من معلومات ومعارف مرتبطة بالفك والتركيب، وأسماء المُعدات والآلات. ومما يُذكر في هذا الصدد أن ذا القدرة الميكانيكية العالية يكون في، العادة، أميل إلى التقاط المعلومات الميكانيكية أكثر من غيره، وبسرعة أكبر.

2.   القدرة اللغوية

للقدرة اللغوية أهميتها الخاصة لكون اللغة هي الإنجاز الثقافي للإنسان. وهي مسؤولة عن استفادته من التربية والتعليم، لاتصالها بالتحصيل الدراسي في جميع العلوم. ويُعد تدهور القدرة اللغوية مسؤولاً عن معاناة الطلاب من بعض الصّعوبات اللغوية.

وتلعب القدرة اللغوية دورها في معظم صور التفكير الإنساني، كالتفكير العلمي والابتكاري والناقد. فكل نوع من أنواع التفكير يحتاج إلى اللغة، لفهم الألفاظ وإدراك العلاقات والمعاني، واستعادة أو تذكر المواد السابقة المرتبطة، بأي موضوع يخضع للدراسة.

وإضافة إلى ما سبق، فإن دراسة القدرة اللغوية لدى الأفراد وفهم الفروق الفردية بينهم في مكونات تلك القدرة، يساعد في علاج مشكلات النطق والحديث والتعبير.

أما عن تعريف القدرة اللغوية، فقد تعددت التعريفات؛ ولكنها تشترك في تحديدها لخصائص هذه القدرة اللغوية، ومنها أنها:

·   قدرة مكتسبة لأنها تعتمد على استخدام اللغة والألفاظ، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بثروة الفرد اللفظية، ولا يتم ذلك إلا من خلال وجود الفرد داخل الأسرة أو جماعة، التي تلقنه المفردات اللغوية وكيفية استخدامها في الأداء اللفظي. إلا أن هذا لا يعني عدم وجود "استعداد" لغوي كامن لدى الفرد، يظهر نتيجة معايشته لجماعته. وأن هذا الاستعداد يمكن قياسه بالاختبارات النفسية الموضوعية.

·   تتميز بالقدرة على فهم معاني الكلمات، والجمل التامة أو فهم الفقرات، سواء أكان فهماً سطحياً أم فهماً عميقاً.

·   تظهر في الأداء اللفظي التحريري والشفوي للفرد، ومعرفته بمفردات الكلمات ومترادفاتها وأضدادها.

كما تظهر في إدراك العلاقات بين الألفاظ؛ وإنتاج أكبر عدد من الكلمات أو الجمل.

وقد تعددت الدراسات حول مكونات القدرة اللغوية، إلاّ أن إحدى الدراسات المصرية توصلت إلى أن القدرة اللغوية قدرة مركبة، يمكن تحليلها إلى:

أ. الفهم اللفظي: القدرة على فهم الألفاظ والعبارات، ويظهر هذا واضحاً في الاختبارات التي تقيس معاني الكلمات، والتماثل اللفظي، والأضداد، والأمثال، والتكميل.

ب. طلاقة الكلمات: القدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الكلمات تحت ظروف بنائية معينة، وتظهر واضحة في اختبارات الأضداد والمقارنات اللفظية.

ج. الطلاقة الارتباطية: القدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الكلمات لتحقيق مطالب معينة من حيث المعنى، وتظهر واضحة في اختبارات المعاني اللغوية والأضداد والتكميل والتشبيهات.

د. إدراك العلاقات اللفظية: القدرة على فهم العلاقات بين الألفاظ والعبارات اللغوية، وتظهر واضحة في اختبارات المفردات والأمثال.

هـ. الاستدلال اللفظي: القدرة على استخلاص النتائج من مقدمات معطاة في صورة لفظية، وتظهر واضحة في اختبارات تكميل القصة والاستدلال.

و. الذاكرة اللفظية: القدرة على تذكر أشياء أو وحدات من مادة مرتبطة، وتظهر واضحة في اختبارات تَعَرّف الكلمات.

ز. القواعد والتهجئ: القدرة على اكتشاف الأخطاء الهجائية واللغوية وتصحيحها، وتظهر واضحة في اختبارات الهجاء.

تعقيب

1. يتضح من العرض السابق أن كل قدرة تترجم عن نفسها في مجموعة معينة من الأداءات التي تميزها. وأن هذه الأداءات يكون الارتباط بينها عالياً، بينما يكون ارتباطها بالأداءات الدالة على قدرة أخرى منخفضاً. وهذا لا يعني أن القيام بعمل معين يستلزم قدرة واحدة فقط دون غيرها، بل قد يحتاج إلى عدد من القدرات بدرجات متفاوتة. فالتعامل مع الحاسب –مثلاً- يحتاج إلى تضافر أربع مجموعات من القدرات منها:

أ. قدرات لازمة لتحليل النظم (كالذكاء العام، والقدرة على تحليل المواقف المركبة، والقدرة على إدراك العلاقات المنطقية بين العناصر... إلخ).

ب. قدرات لازمة للبرمجة، وهي القدرات نفسها السابق الإشارة إليها، ويُضاف إليها القدرة على التعامل مع التفاصيل بدقة.

ج. القدرة المكانية والقدرة الرياضية (معاني الكلمات، الاستدلال، القدرة العددية، الرسم التخطيطي).

د. القدرة الكتابية التي تتضمن السرعة والدقة في الأداء.

2. كان العرض السابق للقدرات العقلية يستخدم المنحى السيكومتري، القائم على قياسات القدرات باستخدام الاختبارات النفسية؛ إلا أن ثمة منحى جديداً يُعرف بالمنحى المعرفي، وهو يختلف عن المنحى السيكومتري في:

أ. يهتم المنحى المعرفي "بعملية" المعرفة أكثر من اهتمامه "بالنواتج" النهائية للأداء. ومن ثَم، فإن الفروق الفردية في القدرات يجب أن تكون جزءاً من منظور "عملياتي".

ب. يقوم المنحى المعرفي على دراسة عمليات الاستجابة في الأداء على الاختبارات السيكومترية، لا على نتائج الأداء على الاختبارات.

ج. يهتم المنحى المعرفي بالإستراتيجيات المعرفية المستخدمة في الأداء على اختبارات القدرات العقلية المختلفة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى:

·   اكتشاف كيفية أداء المهام المعرفية المعقدة، وكيفية تجميع الإجراءات البسيطة في تتابع من الأنشطة الأكثر تعقيداً.

·   عزل الإستراتيجيات المعرفية المستخدمة عن الجوانب غير الإستراتيجية في معالجة المعلومات.

·   تصميم وسائل إرشادية تؤدي إلى وصول الأداء المعرفي إلى أقصى إمكانياته.

 وعلى ذلك تُشكل الإستراتيجيات المعرفية مصدراً أساسياً للفروق الكيفية والكمية، في الأداء بين الأفراد (المنحنى السيكومتري يوضح الفروق الكمية فقط)؛ بل أنها تمثل محدداً مركزياً لأداء المهام ولفهم بعض الظواهر التربوية والسيكولوجية المختلفة، مثل الفروق عبر الثقافية، والفروق بين المجموعات المتطرفة في القدرات المختلفة، وفي حل بعض مشكلات التعليم.