إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / التطور الاجتماعي









1

1. أشكال التطور ومؤشراته

      يذهب بعض علماء الاجتماع إلى أن أشكال التطور، تقترن بالظواهر الاجتماعية والكونية والعضوية الموجودة. فهناك تطوُّر كوني، ويتضمن تطوَّر العالم، والأجرام السماوية، من النشوء إلى الارتقاء، ثم الفناء والاضمحلال. وهناك تطور عضوي، ويسميه عند بعض العلماء باسم نمو الكائن الحي، الذي يبدأ منذ تكوين الخلية الأولى، ثم الجنينية، فالطفولة، فالصبا، ثم الشباب، ثم الشيخوخة. وهناك تطور عقلي، وما يصاحبه من نمو وارتقاء في التفكير والشعور والإدراك، ثم نضج، واضمحلال وفناء؛ ويعتمد على ذلك قدرات البشر: الذهنية والعقلية.

      كما قدم بعض العلماء وجُوْهاً أخرى للتطور، منها:

أ. التطور الخلاق Creative Evolution

ويعني أن التطور خلق مستمر، وعملية تجديد متواصل، وتغير لا ينقطع حسب التوجيه، الذي تمليه الحياة الدافعة، الكامنة في الإنسان.

ب. التطور الثقافي Cultural Evolution

والمقصود به نمو الثقافة مع الأنماط البسيطة المفككة إلى أخرى معقدة متكاملة، بالتفاعل المستمر بين الإنسان والمجتمع.

      ومعنى ذلك، أن أنماط التطور، تدل على التغير التدريجي، الذي يؤدي إلى تحولات منظمة، ومتلاحقة، تمر بمراحل مختلفة؛ فالنبات يتطور من بذرة، والرجل كان طفلاً. كما أن الجماعات الإنسانية، تخضع للتطور كذلك، فلا يمكن أن تخيُّل مجتمع بشري من دون تطوُّر؛ إلا أنه قد يتضح في مجتمع ما أكثر من غيره، وقد يتجلى في وقت أكثر من غيره؛ فتطوُّر المجتمعات، في العصر الحديث، أكثر سرعة منه في المراحل السابقة.

      وعلى الرغم من أن مفهوم التطور من أكثر المفاهيم استعمالاً وشيوعاً، في الكتابات: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تتناول أوضاع البلدان النامية؛ إلا أن العلماء قد اختلفوا في تحديد مؤشرات هذا المصطلح، فتوزعهم اتجاهان مختلفان، هما:

الاتجاه الأول:   وهو اتجاه كمّي، يعتمد اعتماداً مطلقاً على المقاييس المادية الجامدة، كمستوى الدخل، والإنتاجية، ومعدل التراكم، ومعدل النمو، ومستوى المعيشة والاستهلاك والإنفاق... ويستخدم عدداً غير محدود من المؤشرات المساعدة، منها متوسط إنتاجية الإنسان العامل، أو نصيب المرء من بعض الموارد الأساسية، مثل الحديد والأسمنت والكهرباء، أو من الإنتاج والدخل القوميَّين، أو من نفقات التعليم، أو الصحة أو أسِرَّة المستشفيات.

الاتجاه الثاني:  وهو ينظر نظرة مثالية إلى الوضع الاجتماعي؛ إذ يرفض جميع المقاييس المادية، بل يكاد يعكس مدلولاتها. فيرى أن التطور المادي، يحمل الأخطار؛ لأنه يترفق بالانحطاط الأخلاقي وانهيار القِيم والمبادئ المثالية. وينادي برفض كلّ ما هو مستورد، من فكر أو مادة؛ والترفع عن مفاسد الحضارة المادية الغربية.

      كما يستخدم كِلا الاتجاهَين المتناقضَين عدداً آخر من المؤشرات الاجتماعية للتطور، كتلك الديموجرافية (السكانية)، والثقافية، والأمنية، والسياسية، والصحية، والأخلاقية وغيرها.

      وإن كان كلٌّ من هذَين الاتجاهَين، يحمل بعض الحقيقة؛ إلا أن زمناً طويلاً قد ضاع من عمر البلدان النامية، قبل أن يتبين أصحاب الاتجاه الكمّي، أن المؤشرات الكمية، ليست دليلاً كافياً على مستوى التخلف أو التطور. بل إن الوقائع الجديدة، في بعض بلدان العالم النامي، أكدت أن التطور الكمّي للمؤشرات المادية، قد يصبح من العوائق الشديدة الخطر على طريق التطور الاجتماعي. وتبيّن أصحاب الاتجاه المثالي، أن القِيم والأخلاق والمبادئ المثالية، ولو تحققت بالمستوى الذي يرجونه؛ فإنها لا تقوى، بمفردها، على بناء حضارة.

      إن التطور مفهوم تاريخي، نسبي؛ ففي كلّ مرحلة تاريخية، توجد على سلم الحضارة شعوب أو مناطق متطورة، وأخرى متخلفة.