إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / النمو الاجتماعي









2

2. واقع النمو: الاقتصادي والاجتماعي، في الدول: النامية والمتقدمة

      يقترن مفهوم النمو، عادة، بالنمو الاقتصادي، الذي يشير إلى ارتفاع نصيب المرء من الدخل القومي، خلال الدورة الاقتصادية للموارد المتاحة. والنمو، إذاً، حسب هذا التعريف، هو نمو كمّي في حجم الإنتاج الكلي، والذي يشير إلى مجموع السلع والخدمات، التي أمكن الحصول عليها، خلال فترة زمنية محددة. وقد أدى هذا إلى أن ينال مفهوم النمو، بمحتواه الاقتصادي، نجاحاً كبيراً لدى علماء الاقتصاد، في السنوات الماضية. وفي هذا الإطار، أمكن تحديد خصائص النمو الاقتصادي، بأنه متدرج أيْ لا يحدث طفرة؛ وإنما على مراحل بطيئة.

      كما يعتمد النمو الاقتصادي على الجهود الداخلية لأنشطة الأشخاص والجماعات في المجتمع، ما يؤدي إلى زيادات متباينة في المخرجات، التي تقترن مادياً بالمصادر المتاحة في الأنظمة: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

      وقد نجم عن تبني موضوع النمو: الاقتصادي والاجتماعي، على المستويَين: النظري والعملي، ظهور اتجاهات، ترى أن التنمية هي تحقيق النمو: الاقتصادي والاجتماعي. فلقد كان النمو الاقتصادي، هو الهدف الأسمى لبرامج التنمية. وبعد أن ساد هذا الاعتقاد، فترة ليست قليلة، تبيّن للدارسين والباحثين والمخططين وحتى لرجال السياسة خطأه، ولا سيما بعد فشل النماذج التنموية، التي تعتمد على تحقيقه بمفرده؛ لأنه لا يستطيع أن يحل مشكلات العالم النامي، اليوم. في حين أن الدول النامية في حاجة إلى دفعة قوية، وسريعة، في كافة بناءاتها: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حتى تلحق بركب الدول المتقدمة.

      وإذا كانت حركة النمو الاقتصادي، قد ظهرت في المجتمعات الرأسمالية الغربية، وحققت نهضة صناعية وارتقاء حضارياً للإنسان في الغرب، فان هذا الوضع لا يعدو كونه أمراً غريباً؛ لأن هذه الدول الرأسمالية قد عاشت، في الماضي والحاضر، ظروفاً، مجتمعية ودولية، تخالف ما تعانيه الدول النامية، اليوم. فإذا كانت قد حققت قدراً ملموساً، ونموذجاً رائعاً في النمو الاقتصادي، أفضى إلى تقدُّم واسع في كلّ مناحي الحياة؛ فإنها، اليوم، لا تتعجل المزيد من التقدم، ما دامت تسير وفق سياسة اقتصادية، تعتمد على آليات النمو السليمة. ولكن المشكلة تتعلق بالعالم النامي، الذي يحاول أن يختصر الزمن، حتى يلحق بركب التقدم، وبخاصة أن الدول النامية، بدأت تعاني انخفاضاً في معدلات النمو الاقتصادي، وتواجه مشكلات عجز الموازنة، وانخفاض حاد في مستويات المعيشة؛ وذلك عندما انحصرت عمليات التنشيط الاقتصادي، في تلك الدول، في الاهتمام بجوانب التنمية، الاقتصادية والمادية، من دون مراعاة للجوانب، البشرية والتنظيمية والثقافية الأخرى.

      بناء على ذلك، ظهرت اتجاهات جديدة، تحاول فهْم العوامل الأخرى، التي تعوق منطلقات النمو الاقتصادي. ونجم عن ذلك جدل واسع النطاق في مفهوم التنمية الحقيقي؛ إذ إن الزيادة في حجم الدخل القومي، وارتفاع نصيب المرء منه، فقدا كونهما الهدف الأسمى للتنمية. كما أن الأرقام ومعدلات النمو، تكون، أحياناً، مضللة وخادعة؛ واستطراداً فهي ليست المعبرة عن الصورة الحقيقة للتنمية؛ حتى إن الاقتصاديين أصبحوا يقدمون تعريفات للتنمية، تتجاوز تعبيرات نمو الدخل أو الناتج القومي. لذا، اتجهت التحليلات التنموية الجديدة إلى الاهتمام بالعوامل غير الاقتصادية، كالقِيم الثقافية، والموارد البشرية، والأبعاد الاجتماعية للتنمية. وفي هذا السياق، حدد هوبهاوس أربعة معايير للنمو الاجتماعي، هي: الزيادة في كلٍّ من المدى، والكفاءة، والتبادل، والحرية.

كما تتميز فكرة النمو الاجتماعي بسمتَين مهمتَين، هما:

إحداهما أنها لا تعتمد على أيّ نظرية عامة من النمو الاجتماعي؛ وإنما تشير إلى نوع معين من التغير الملحوظ في الوقت الراهن. والأخرى تشير إلى التغيرات الاقتصادية، التي يمكِن تعرُّفها وقياسها بشيء من الدقة والإحكام.