إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الضمان الاجتماعي









الارتباط بالجماعة Sociability

الضمان الاجتماعي Social Security

تبلور هذا المفهوم مع ظهور دولة الرفّاة Welfare State. وترجع أصول "دولة الرفاة" إلى التقرير الذي وضعه بيفريدج عام 1942، ومع أن بيفريدج نفسه كان يكره استخدام هذا المصطلح ويفضل عنه "دولة الخدمة الاجتماعية". وانطلاقاً من دولة الرفاة أو الرفاهية، صدرت مجموعة من القرارات التشريعية ومنها الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية، التي تستهدف تقديم الرعاية للفقراء، ومعالجة المشكلات الناجمة عن تطبيق التكنولوجيا وأساليب الإنتاج، ونمو المناطق العشوائية الحضرية؛ هذه المشكلات التي لا يمكن معالجتها إلا بتوافر خدمات اجتماعية تقدمها الدولة. ويُستخدم مصطلح "الضمان الاجتماعي" للدلالة على مجموعة متنوعة من أنساق دعم الدخل، مثل: معاش التقاعد، والمرض، وتعويض الإصابة، والأمومة، وتعويض العجز، وتعويض البطالة، وتعويض الطفل، وتعويض نقص دخل الأسرة. وهناك من يذهب إلى أن الضمان الاجتماعي ليس –ببساطة- مصطلح شامل جامع للأنساق الخاصة بدعم الدخل فقط، وإنما هو محاولة أوسع مجالاً لحماية المجتمع بأسره، من المخاطر الاجتماعية كافة.

اتجه الضمان في البداية نحو منح الفقراء والمحتاجين معونات عينية (الغذاء والكساء)، ثم أخذ بعد ذلك صوراً متنوعة، منها ما يتصل بتقديم المساعدات المالية، التي تتضمنها قوانين الضمان الاجتماعي، لمن تُثبت دراسة حالتهم أنهم على خط الفقر أو دونه، والعجزة والأرامل والأيتام، وغيرهم ممن لا عائل لهم. وكذلك اتجه إلى إقامة بعض المشروعات الخدمية كتقديم العلاج الطبي وصرف الدواء، أو إعطاء منح دراسية للطلاب من الأسر الفقيرة، أو إيواء أطفال الأسر المفككة في أسر بديلة.

كذلك فإن الضمان أو الأمن الاجتماعي هو النظام الذي تضعه الدولة لحماية الأفراد وأسرهم، عند تعرضهم لمواجهة كوارث الحياة، بما يؤمّن لهم العيش والراحة في مستوى كريم ولائق.

وعلى أية حال، تُشير كلمة "ضمان" إلى معنيَين؛ الضمان بمعناه الضيق، وهو الضمان ضد الحرمان والفقر الشديد بتقديم حد أدنى من المساعدة؛ والمعنى الآخر هو الضمان بالمعنى المطلق، وهو ضمان مستوى معين من الحياة، أي ضمان حد أدنى من الدخل الخاص، الذي يرى الفرد أنه يستحقه. ووفقاً لذلك، فإن الضمان الاجتماعي تعبير شامل يُقصد به التكافل الاجتماعي بين الأفراد، بتقديم المساعدات والمزايا التي تُقدم للعاملين وأسرهم في حالات الشيخوخة والعجز والوفاة الطبيعية، وحالة إصابة العمل، وحالات المرض، والأمومة، والتعطل عن العمل.

أهداف الضمان الاجتماعي وفلسفته

في إطار مفهوم الضمان الاجتماعي بأنه نظام لحماية الأفراد وعائلاتهم، يهدف الضمان الاجتماعي إلى دعم الدخل المادي للفرد بما يتلاءم مع حاجاته وظروفه. فقد أصبح مفهوم الضمان الاجتماعي أكثر وضوحاً وتحديداً، وتبلورت فلسفته، في تحقيق الأهداف التالية:

1.  تقديم الرعاية الاجتماعية الشاملة للمواطنين كافة، من خلال تحقيق مستوى ثابت من الدخل يفي بمطالب الحياة الأساسية وسد حاجة الفقراء، للعيش في مستوى إنساني لائق.

2.  محاولة القضاء على الفاقة والعوز والحرمان، وتوفير الأمن الاقتصادي لجميع الأفراد في كافة الفئات الاجتماعية المحتاجة وليس لفئة معينة منهم.

3.  تحقيق تكامل خدمات الضمان الاجتماعي بأهدافه الإنشائية والوقائية، وتوافقها مع احتياجات وعادات وثقافة الأفراد، الذين تخدمهم قوانين الضمان أو الأمن الاجتماعي.

4.  ربط فلسفة الضمان الاجتماعي بسياسة التشغيل وإيجاد فرص عمل مناسبة، من خلال إنشاء مراكز التدريب والتأهيل الاجتماعي، مثل تدريب المرأة على القيام بأعمال التفصيل والخياطة والأشغال اليدوية والآلية، والاقتصاد المنزلي، والثقافة الصحية والحضارية.

5.  تحقيق التكافل الاجتماعي بين فئات المجتمع كافة، وتقديم مساعدات الضمان الاجتماعي بوصفه حقاً مشروعاً يقره المجتمع لكل الفئات المحتاجة من أبناء المجتمع، وليس فقط منحة أو هبة من ذوي البر والإحسان.

وقد دعا الدين الإسلامي إلى الضمان الاجتماعي وأمرنا بوجوب تطبيقه، لنكون بذلك قد سبقنا أنظمة الضمان الاجتماعي الذي تطبقه حالياً أكثر من (150) دولة. وقد سجل الدين الإسلامي، عبر التاريخ، الطريق المبين في مضمار الضمان الاجتماعي، حيث عرّفه ووضع قواعده وأسسه وحدد الفئات المستفيدة منه وكيفية تمويله وإدارته حين لم يكن مصطلح الضمان معروفاً آنذاك. وكانت أداة الإسلام ووسيلته في القضاء على الفقر والحاجة هي الزكاة، وما فرضه الله سبحانه وتعالى في أموال الأغنياء وتخصيصه للفقراء؛ فسادت نظم الرعاية والتكافل. وقد وسّع الإسلام نطاق الفئات المستفيدة من نظام الزكاة؛ فكل محتاج يُعطى من بيت المال. ولم يكتف الإسلام بمقادير الزكاة لتمويل هذا النظام، وإنما أضاف إليها الصدقات، وأموال الغنائم. وجُعلت القاعدة أنه إذا لم تكفِ أموال الزكاة لسد حاجة الفقراء، فُرض في أموال الأغنياء ما يكفي لسد تلك الحاجة، بل لجأ المسلمون، أيضاً، إلى نظام الوقف الخيري والوقف الذري (وهو حبس الأصل وتسييل الثمرة). وهذا الوقف لم يقتصر الصرف من عائده على أبواب الخير، وإنما كان يتجه إلى بناء المستشفيات، والملاجئ، ودور العجزة والأيتام والمقعدين، وبناء المساجد. إن هذه التطورات تدل على اهتمام الفكر الإسلامي بدعم التكافل الاجتماعي وتنظيمه، بما يتلاءم مع الزمن.