إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / التنشئة الاجتماعية









مقدمة

مقدمة

إذا سافرت إلى بلد غير عربي، فإنك ستواجه بأساليب، تخالف أساليبك في التعامل؛ مثل طرائق: التحية والاستقبال والوداع والتغذية والتفكير والتعبير عن الانفعال.

وقد أجريت دراسات متعددة، في هذا الصدد، منها دراسة مقارنة، أجريت على عدة قبائل بدائية، منها الأرابيش والموندوجمور. يشترك رجال القبيلة الأولى ونساؤها في أن سلوكهم أقرب إلى الأنوثة، إذ يميل الجنسان إلى المسالمة لا العدوان، والتعاون لا التنافس؛ ومثلهم الأعلى أن يتزوج الرجل اللطيف، المعتدل، المستجيب، المرأة اللطيفة، المستجيبة. أمّا القبيلة الثانية، فيتصف رجالها ونساؤها بالسلوك الذكري، إذ يتميزون بالعدوانية، وأن مثلهم الأعلى أن يتزوج الرجل العدواني المرأة العنيفة، العدوانية؛ بل إن الملاطفة بين الجنسَين، التي تسبق الزواج، يسودها العنف والعدوان، من كلا الجانبَين على حدٍ سواء.

تُرى ما أسباب ذَنيْك الاختلاف والتباين؟ تكمن الإجابة في أن عملية التنشئة الاجتماعية Socialization، أو التطبيع الاجتماعي، هي عملية تعلّم وتعليم وتربية، قوامها التفاعل الاجتماعي، وتهدف إلى إكساب المرء (طفلاً فمراهقاً فراشداً فشيخاً) سلوكاً ومعايير واتجاهات ملائمة لأدوار اجتماعية معينة، تمكنه من مسايرة جماعته وموافقتها، وتكسبه الطابع الاجتماعي، وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية.

ويظهر أثر التنشئة الاجتماعية داخل المجتمع الواحد؛ فخصال أبناء البدو وتصرفاتهم، تخالف نظيراتها في أبناء الحضر؛ وتختلف، كذلك، بين أبناء المناطق الصناعية ونظرائهم في المناطق الزراعية. ولقد أجريت دراسة على توأمَين متماثلَين (أيْ أنهما نتاج بويضة أنثوية واحدة، ملقحة؛ ولكنها انقسمت لتكون توأمَين متماثلَين، لهما خصائص وراثية واحدة)، وربِّي أحدهما في أسْرة فقيرة، والآخر في أخرى متوسطة. عند إعادة دراستهما في فترة المراهقة، وجد بينهما تشابه كبير في الخصائص الجسمية، طولاً ووزناً (وذلك راجع إلى أثر الوراثة)؛ ولكن، اختلفا من حيث تكوين الشخصية والصفات الاجتماعية (وذلك راجع إلى أثر التنشئة الاجتماعية). فمن نشأ في المنزل الفقير، كان أكثر عدوانية، وأقلّ ضبطاً لتعبيراته، وأكثر استقلالاً وتلقائية، ويغلب على تعبيره العامية، وأقلّ طموحاً ورغبة في العلم. أمّا الآخر، فكان شديد الاهتمام بتعليمه، والكفاح من أجل التحصيل المرتفع، والطموح إلى عمل مرموق، وأكثر ضبطاً لدوافعه الجنسية، وأكثر قدرة على تأجيل إرضائها.