إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / التنشئة الاجتماعية









2

2. أساسيات التنشئة الاجتماعية

      ثمة مقومات لا بدّ منها لعمليات تنشئة اجتماعية على النحو المرغوب فيه. أولها، التفاعل الاجتماعي بين المرء والمحيطين به، والمحرك الأول لهذا التفاعل هو حاجات الإنسان. فالوليد البشري يكون عاجزاً عن إشباع حاجته إلى الطعام والراحة والنوم؛ فهو مضطر إلى التفاعل مع الآخر لإشباعها. وكلمّا حقق الإنسان درجة أعلى من النمو، تعددت حاجاته وتشعبت، فازداد اضطراراً إلى التفاعل الاجتماعي. فإذا كانت حاجات الوليد الأساسية حاجات فسيولوجية فإنها ستتحول، كلّما كبر، إلى حاجات اجتماعية، تتمثل في التواد والتعاطف، ثم اللعب والتعلم، ثم الزواج وتكوين الأسرة، ثم ممارسة دور سياسي في المجتمع. إن الإنسان، بصفته كائناً اجتماعياً، لا بد من حكم تفاعله مع الآخرين درجة واضحة من الاتساق، الذي لا يتأتّى إلا بالتزام عدد من المحكات المسيرة للسلوك.

أمّا المقوم الثاني، فهو الدافعية؛ إذ إن حاجات المرء المستثارة، تولّد لديه توتراً، يسعى إلى التخلص منه؛ فيعمد إلى بعض الأداءات، التي تبلغه هدفاً معيناً، يخفض توتره. والسلوك الذي يحقق ارتياحاً، يميل الشخص إلى تكراره، بينما يرغب في تجنّب السلوك، الذي يؤدي إلى إيلامه وإيذائه؛ ويتحقق الارتياح، إذا أشبع حاجاته، التي تحركه وتوجهه.

ويمثل الإرشاد والتوجيه المقوم الثالث للتنشئة. فتوجيه الصغار إلى أساليب التعامل الاجتماعي السليم، وتوجيه المراهقين والراشدين إلى كيفية تحقيق التفاعل العام الناجح، يسهم في عملية التنشئة الاجتماعية. ومصداق ذلك أطفال الشوارع، الذين فقدوا الإرشاد والتوجيه؛ ما تترتب عليه آثار أخلاقية واجتماعية سيئة. ومما يدعم أهمية التوجيه والإرشاد، أن الشخص يولد، وهو خلو من الهاديات، التي تحدد كيفية تعامله مع الأشخاص والأشياء والمواقف؛ ومن ثًم، تكون التنشئة هي الوسيلة، التي تزوده بتلك الهاديات.

تُعَدّ مطاوعة السلوك ومرونته هما الأساس الرابع للتنشئة؛ إذ إن السلوك قابل للتشكيل والتعديل، حتى يتكيف مع المواقف وما يمر به الإنسان من خبرات. وتقترن مرونة السلوك بقدرة الجهاز العصبي على التعديل، الذي يجعل من الممكن تعلّم الخبرات الجديدة وتسجيلها؛ استناداً إلى تَيْنِك المرونة والمطاوعة. إلا أن المرء يولد بعدد من الإمكانات: البدنية والعقلية، لا ترى النور، ولا تمارس بالفعل، إلا من خلال المرور بخبرات معينة من طريق التنشئة.