إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / المجتمع









أنماط المجتمعات: Types of Societies

أنماط المجتمعات: Types of Societies

          منذ أن عُرِف علم الاجتماع فثمة جهود مبذولة، من أجل الوصول إلى تصنيف دقيق لأنماط المجتمعات. وربما كانت الثنائيات هي المحاولة المنظمة في هذا المجال؛ فمثلاً يمكن التمييز بين المجتمع البسيط والمجتمع المعقد. ففي المجتمع الأول تسيطر الجماعة على الفرد وترسم له موقفاً ثابتاً لا يتغير أبداً، بينما في المجتمع الثاني يعبر الفرد عن نفسه ويتمتع باستقلال يمكنه من إجراء حسابات عقلية، والدخول في علاقات تعاقدية مع الأفراد الآخرين.

          إن كل محاولات العلماء من أجل تنميط المجتمعات، أغفلت عدم وجود مجتمع يتصف بالتقليدية المطلقة. تماماً كعدم وجود مجتمع يتصف بالحضرية الكاملة؛ ولكن هناك مجتمعات تغلب عليها الصفة الدينية وأخرى الصفة المدنية. وهذه الأنماط من المجتمعات ما هي إلاّ تصنيفات تفيد في التحليل.

          وثمة أمثلة أخرى لأنماط المجتمعات، منها:

1. المجتمع المحلي Local Community:

      يتسم المجتمع المحلي بأن سلوك أفراده تنظمه إلى حد كبير العادات والتقاليد، ومن ثم، ففيه مكان ضئيل نسبي للاختيار الشخصي والقرار الفردي، إذ تحكمه مجموعة من القواعد والتنظيمات والمظاهر العديدة للحياة اليومية، تلك القواعد التي تحدد متى وأين ينبغي أن ينام الفرد؟، وأين يتناول طعامه؟، وأين يتعبد؟، وأين يتسامر؟، ومتى يمارس الجنس ممارسة شرعية؟، ومتى ولماذا يظل المرء عفيفاً؟. وما دامت السنن تمارس قهراً على السلوك فلا حاجة إلى القانون الوضعي الحكومي، فالقانون جزء من التقاليد ولكن التقاليد ليست مقننة ولا تستند على حكم العقل، ولا تملى على الأفراد بصورة تنم عن السلطة ولا تُشرع، لكنها تنبع من التجارب المتراكمة للمجتمع، وهي تُدمج في العادات المعروفة والمقبولة لدى الناس.

      والمجتمع المحلي مجتمع تقليدي، يحدث فيه التغير ببطء شديد، وينقل كل جيل إلى الجيل التالي أغلب الأساليب والمعايير والقوانين الاجتماعية، التي تحكم السلوك وتحدد الأدوار، التي يلعبها كل شخص داخل هذا المجتمع. كما ترتبط العناصر المختلفة في المجتمع المحلي التقليدي ارتباطاً قوياً، وتتكيف في مواجهة أي قدر من الصراع أو الانشقاق.

      وتتميز المجتمعات المحلية ببساطة مظاهر تقسيم العمل، والتباين المحدود في الأدوار. فدور الشخص البالغ في هذه المجتمعات هو، تقريباً، الدور نفسه، الذي يلعبه أي شخص من الرجال؛ ولكن ثمة اختلافات يسيرة بين المتزوجين والأرامل، والذين لم يتزوجوا بعد. والأدوار الاجتماعية المحلية وحدة كلية أو وحدة شاملة، وليست أدواراً متشعبة.

كما أن العلاقات الاجتماعية في هذا المجتمع علاقات شاملة وشخصية، كلها مودة وأُلفة. وهي علاقات تقوم على أهمية حقيقية فعلية، وليست أدوراً أدائية نفعية.

وتقتصر العضوية في المجتمعات المحلية الكبيرة على العضوية الجمعية في العائلة، والجماعات القرابية الكبيرة والصغيرة. وتقوم على أساس السن والجنس والمركز الزواجي في هذه المجتمعات.

كما يتصف المجتمع المحلي بأنه مجتمع صغير منعزل، يتميز بالأُمية والتجانس (التشابه) ويغلب عليه شعور قوي بتماسك الجماعة. وأقرب مثال ملموس للمجتمع المحلي هو: القبيلة في الصحراء، أو المجتمع الزراعي المنعزل.

2. المجتمع الحضري الحديث:

      هو مجتمع يقوم على الروابط القانونية وتضعف فيه قوة التقاليد. ويسود هذا المجتمع عدد قليل من المعتقدات والقيم ومستويات السلوك المقبولة قبولاً عاماً. أي يتضاءل فيه تأثير العرف والتقاليد، ويظهر فيه أثر القانون الرسمي في تنظيم السلوك وضبط التفاعل الاجتماعي. وتتميز هذه المجتمعات بالتغير السريع، وتفتقد الحياة الجمعية وحدتها، ويختفي التماسك، ويتباعد مكان العمل عن مكان الترويح، وتتزايد مظاهر تقسيم العمل، وتتعدد الأدوار الاجتماعية وتتكاثر. كما تتسم العلاقات الاجتماعية في هذه المجتمعات بأنها سطحية ووقتية؛ فالأفراد يرتبطون سوياً لتحقيق أغراض محددة، كما توجه المصالح الخاصة عملية التفاعل الاجتماعي في المواقف المختلفة. يتضح ذلك في العلاقة بين البائع والمشتري في السوق، فلا مجال للمجاملات، وكل شيء يحدده السعر وجودة السلعة. ومثل هذه العلاقات النفعية تتضاءل أمامها قيمة العواطف والخواطر الشخصية، وكلها علاقات تهدف إلى تحقيق غايات ومصالح خاصة.