إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الصداع









أنواع الصداع وأسبابه

أنواع الصداع وأسبابه

1. صداع التوتر (Tension Headache)

وهو أكثر أنواع الصداع شيوعاً ويشكو منه أغلب الناس في فترة ما من فترات حياتهم، ويكون الألم فيه، غالباً، كحزام حول الرأس وفي فروة الرأس، ويزداد الألم بلمسها أو الضغط عليها، وقد يشمل عضلات الرقبة، وأحياناً يحس به المريض في القفا، وقد يمتد إلى الجبهة وجانبي الرأس. ويوصف بأنه وجع غامض، أو يشبه الضغط على الرأس، وهو متكرر وتختلف شدته، من وقت لآخر، وقد يظل من ساعات إلى أيام وتزداد الحالة سوءاً عند نهاية اليوم، ويقل أو يضيع بالنوم أو الاسترخاء، ولذا، فإن شدته تكون أقلّ ما يمكن في الصباح، بعد الاستيقاظ من النوم. هذا الصداع قد يرتبط بشدائد معينة في حياة الشخص، وليس له علامات منذرة، ونادراً ما يصاحبه قيء أو غثيان.

كيف يحدث صداع التوتر؟

من المعروف أن الانفعال يسبب توتراً (شداً) في العضلات مع طول انقباضها، وبعد فترة من الانقباض، يقل الدم الواصل إلى العضلات بسبب ضيق الأوعية الدموية، الأمر الذي ينشأ عنه نقص الدم (Ischaemia) فيحدث الألم في العضلات نتيجة لتراكم مخلفات الأيض (التمثيل الغذائي)، خاصة حمـض اللبنيك (Lactic Acid)، الذي يؤثر على النهايات العصبية، فيحدث الألم، الأمر الذي يزيد من انقباض العضلات، وهذا، بدوره، يسبب مزيداً من الألم، فيزداد التوتر لزيادة الألم، وهكذا، يدخل المريض في دائرة مفرغة.

وهناك عوامل نفسية ينشأ عنها صداع التوتر هذا، أهمها، القلق النفسي المـزمن (Chronic Anxiety)، والاكتئاب (Depression)، لذا، فإن من أهم الأعراض التي تصاحب صداع التوتر، سرعة الاستثارة (Irritability)، إذ لا يحتمل المريض أدنى المثيرات، أي أنه يصبح عصبياً، تسهل استثارته وانفعاله، والأرق (Insomnia) إذ يعانى من صعوبة بدء النوم (Initial Insomnia)، أو تقطع نومه (Intermittent Insomnia)، ونوبات البكاء، وهؤلاء المرضى، عادة ما يكون لديهم مشاعر عداء مكبوته، وأفكار جنسية غير مقبولة.

علاج صداع التوتر

الاعتبار الأول في علاج صداع التوتر، يعطى لتخفيف الألم، وإراحة المريض منه، وذلك بإعطاء عقاقير مضادة للقلق (Antidepressants)، ومرخية للعضلات (Muscle Relaxants)، مثل الديازبيام (Diazepam)، أو الكلورديازيبوكسيد (Chlordiazepoxide)، أو المبروباميت (Meprobamate)، وهي تعطى تحسناً إذا أعطيت بجرعات مناسبة. ويمكن وصف علاج فيزيائي في شكل تدفئة وتدليك للعضلة القفوية الأمامية (Occipito-Frontalis Muscle)، لتخفيف الصداع، وقتياً. ولكن لا يمكن الاستمرار على تعاطي هذه العقاقير، لأنها تؤدي إلى الإدمان، ولذا، فإنه في الوقت نفسه، يلزم بدء العلاج النفسي، الذي يكتشف حياة المريض، وظروفه الاجتماعية والأسرية، وظروف عمله، وكيفية استجابة المريض لضغوط الحياة وشدائدها، وسماته الشخصية، وأهدافه على المدى البعيد، حتى نحدد المشكلة النفسية التي يعانيها، بصفة خاصة، ولا يهم إن كان الطبيب النفسي يتبع علاجاً نفسياً إرشادياً أو تدعيمياً أو تحليلياً أو استكشافياً، ولكن المهم هو أن يعمل على حل صراع المريض ويحدث بعض التغيير في شخصيته، بما يجعل المريض غير معرض لحدوث صداع التوتر مرة أخرى. هذا إضافة إلى تخليصه من الاعتماد على العقاقير المهدئة، ومضادات القلق، أو العقاقير المسكنة للألم (Analgesics).

2. الشقيقة (الصداع النصفي ـ  Migraine)

وهو ألم في إحدى جانبي الرأس، ولذا، أطلق عليه لفظ الصداع النصفي، ويتسم بنوباته المعاودة (المتكررة)، والتي قد يصاحبها اضطرابات بصرية، في صورة هلاوس بصرية، أو اضطرابات بالجهاز الهضمي، في صورة قيء أو غثيان، وتختلف النوبات، من حيث شدتها ومدتها ومعدل تكرارها، وقد يسبقها طور منذر، إذ تضطرب فيه الرؤية، وتدمع العين، وبين النوبات يكون مريض الشقيقة سليماً تماماً.

ويُعَدّ الصداع النصفي اضطراباً شائعاً بين الناس، إذ تصل نسبة انتشاره، حسب اختلاف الدراسات، 5 ـ 29%، بين الناس، بصفة عامة، وهو أكثر انتشاراً بين الإناث عنه بين الذكور بنسبة (2 : 1). وتشير الدراسات إلى أن التاريخ العائلي لمرضى الصداع النصفي موجب في نسبة 70% منهم، أي أن الوراثة تلعب في حدوثه دوراً كبيراً.

وللصداع النصفي أنواع، قسمت حسب مواصفات النوبة الإكلينيكية وما يصاحبها من أعراض، أهمها:

أ. الصداع النصفي التقليدي (Classical Migraine)

وهو نوبات من الألم في أحد جانبي الرأس، يصاحبه قيء وغثيان، ويسبقه اضطراب رؤية في صورة خيالات، وتعرض المريض للضوء الشديد، يزيد من حدة الصداع، كما أن النوم يقلل الألم، لدرجة قد تصل إلى انتهاء النوبة.

ب. الصداع النصفي الشائع (Common Migraine)

وفيه يغيب الطور المنذر، وسماته مشابهة للنوع السابق، ولكن يصعب تحديده، وقد يختلط وصفه بصداع التوتر، وهو أكثر أنواع الصداع النصفي شيوعاً بين الناس.

ج. الصداع العنقودي (Cluster Headache)

وفيه يفاجأ المريض بآلام شديدة في أحد نصفي الرأس، ويصاحبها إدماع العين (Tearing) وانسداد فتحة الأنف، على الناحية نفسها، ويستمر عدة دقائق أو ساعات، وقد تتكرر النوبة أكثر من مرة في اليوم نفسه.

د. الصداع النصفي المصاحب بشلل عضلات العين  (Ophthalmoplegic Migraine)

وهي نوبات من الصداع النصفي، يصاحبها شلل العضلات المحركة لمقلة العين (External Ocular Muscles) التي يغذيها العصب القحفي الثالث، وهذا الشلل يزول باختفاء النوبة، وهذا النوع أكثر حدوثاً للأطفال.

هـ . الصداع النصفي المصحوب بشلل نصفي (Hemiplegic Migraine)

وهو نوبات من الصداع النصفي، يصاحبها شلل نصفي عابر، سرعان ما يختفي باختفاء النوبة.

أسباب الصداع النصفي

تشير الدراسات إلى عدم معرفة سبب بعينه أو حتى مجموعة أسباب محددة، ولكنها العوامل المهيئة السابقة النفسية والوراثية، التي تجعل شخصاً ما عرضة للنوبات دون غيره، إضافة إلى العوامل المرسبة التي ذكرناها.

ولكن هناك نظريات كثيرة تفسر حدوث الصداع النصفي (حدوث النوبة)، تركزت على دراســة ما يحدث لمرضى الصداع النصفي قبل النوبة وبعدها، من التغيرات الهرمونية أو الأملاح (مثل الصوديوم)، أو نتيجة عمليات الأيض لبعض المواد الغذائية (الأحماض الدهنية)، أو نسبة السيروتونين (Serotonin) في الدم (أحد الناقلات العصبية في المخ)، وعلاقتها بتجميع الصفائح الدموية (Blood Platelets) أو محاولة قفل مستقبلات البيتا الأدرينالية (Beta adrenergic receptors) لمنع تمدد الأوعية الدموية أمام مادة الأدرينالين، وذلك باستخدام مادة البروبرانولول .(Propranolol).

ويشخص الصداع النصفي على أساس التاريخ الذاتي الذي يعطيه المريض، إذ يصف مقدمات النوبة، من أعراض عصبية أو بصرية أو اضطرابات وجدان، كما يصف النوبة، كذلك، وصفاً ذاتياً. وقد يذكر عاملاً مرسباً لنوبة الصداع مثل الجوع (الصيام)، إذ يقل السكر في الدم، أو تناول خمور (كحوليات)، أو تناول أطعمة معينة (مثل الشيكولاتة وبعض أنواع الجبن) أو تغير مفاجئ في الضغط الجوي، أو يرسب بتغير معدل هرمون الاستروجين في الدم، كما يحدث للسيدات قبل الحيض، كما تترسب نوبات الصداع النصفي بالانفعالات النفسية، من قلق وتوتر واكتئاب وإحباط، أو حدوث ضغوط حياتية، أو العمل المضني الذي يسبب إجهاداً، نفسياً وجسدياً.

ولكن، إذا كان أي من هذه العوامل قد يرسب نوبة الصداع النصفي، فما الذي يجعل شخصاً دون غيره مهيأ لحدوث النوبات؟

لقد كشفت الدراسات أن أكثر من نوع من الشخصية مهيأ لحدوث الصداع النصفي، ولكن الشخصيات الوسواسية هم أكثر ميلاً لذلك، لأنهم يكبحون ويكبتون الغضب بوساطة آليات الضبط، وهذا يسبب انضغاطاً للجهاز العصبي المستقل (Automatic nervous system)، والشيء نفسه يحدث من الصراعات الموقفية أو الداخلية النفسية. كما أظهرت الدراسات، أن مرضى الصداع النصفي أذكياء، ويحاولون أن يوصفوا بالكمال، ويظهرون طاقة غير عادية في تعاملهم مع مصاعب الحياة اليومية، ولكن تكيفهم للمواقف العظمى في رحلة حياتهم (مثل البلوغ والانفصال عن الأسرة وتغيير العمل والزواج وإنجاب الأطفال والترقي لمواقع أكثر أهمية) غير كفء، إذ يجدون دفاعاتهم لا تعمل كما ينبغي، وينضغط جهازهم العصبي المستقل، الذي يتحكم في جدران الأوعية الدموية من طريق شقة السمبتاوي (Sympathetic N.S).

كيف يحدث الألم في حالات الصداع النصفي؟

يحدث الألم نتيجة لتوسع (تمدد) الشرايين في فروة الرأس، من دون أن يقابل ذلك تمدد في الشعيرات الدموية التابعة لهذه الشرايين، فيزداد ضغط الدم داخل هذه الشرايين، ومن ثم الضغط على جدرانها لتراكم الدم فيها، فيحدث الألم من جدران هذه الشرايين.

أما الأعراض البصرية التي تسبق نوبة الصداع النصفي، من هلاوس أو خيالات أو عدم وضوح رؤية أو ظهور بقع سوداء في المجال البصري، فترجع إلى نقص تدفق الدم إلى داخل المخ الذي نشأ من تضيق الأوعية الدموية الداخلة إلى الدماغ.

علاج الصداع النصفي

يمكن أن نقسم العلاج في الصداع النصفي إلى:

أ. علاج ألم نوبة الصداع النصفي.

ب. علاج وقائي من النوبات .

أ. علاج ألم نوبة الصداع النصفي:

وذلـك بإعطاء المسكنات (Analgesics)، مثل الأسبـرين أو الباراسيتامـول (Paracetamol)، ولكن هناك مشكلة نقص الامتصاص من الأمعاء التي غالباً ما تصاحب النوبة، ويمكن التغلب على ذلـك بإعـطاء عقـار الميتـاكلوبراميد (Metaclopramide)، الذي يضاد القيء والغثيان في الوقت نفسه. كما تستخدم، كـذلك، مركبـات الإرجـوت (Ergot)، التـي تعمل عـلى تضيـق الشرايين (Vasoconstrictors).ومن أشهر مركباته الكافرجوت (Cafergot) والميجرانيل (Migranil)، ولكن يجب إعطاؤها قبل النوبة بوقت كافٍ، ويحظر استعمالها في حالات القصور الدموي التاجي أو المخي أو الطرفي.

ب. العلاج الوقائي للصداع النصفي

نظراً إلى أن بعض نوبات الصداع النصفي قد لا تستجيب للعقاقير، كما أن القابلية لإدمان المسكنات عالية، بسبب طبيعة المرض المتكررة، لذلك، كان العلاج الوقائي مهماً في صورة:

(1) علاج نفسي: ويهدف إلى تدعيم المريض وتعليمه تدريبات استرخائية يستخدمها في مواجهة المواقف الباعثة على القلق، وقد يستخدم في ذلك أجهزة التغذية المرتجعة الحيوية لرسم العضلات (Biofeedback, Electromyograph) ، إضافة إلى تدريبه على كيفية التعبير عن مشاعر الحب والعدوان في أشكال ملائمة ومقبولة اجتماعياً. أو يتدرج العلاج النفسي عمقاً لإحداث تغيير في شخصية المريض، وتخليصه من آليات الشعور بالذنب التي ارتدت إلى هؤلاء المرضى نتيجة لنزعاتهم العدوانية.

(2) استخدام العقاقير المضادة للاكتئاب (Antidepressants) أو المضادة للقلق (Anxiolytics)، لأن الألـم قـد يكون عرضاً للاكتئاب، أو يكون الاكتئاب مصاحباً له (Co - morbidity)، وفي كلتا الحالتين يلزم إعطاء مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (Tricyclic Antidopressants). وقد يلزم إعطاء مضادات القلق إذا كان الصداع مركباً أي مصحوباً بانقباض العضلات، وذلك كما سبق في صداع التوتر.

(3) العلاج بالتفكير (أو التأمل) التجاوزي: (Transcedental meditation) ويهدف إلى تفريغ الذهن والاسترخاء، وله تمرينات خاصة، وهو يفيد في الوقاية من نوبات الصداع.

(4) اليوجا: وتتم من طريق تدريبات خاصة، تساعد على التحكم في الجسم والعقل في محاولة للوصول إلى الاسترخاء.

(5) الرياضة البدنية : (Muscular Execises) لإخراج الطاقة، وتخليص الإنسان من التوتر العضلي، وإنسان العصر الحديث أصبح في حاجة إليها، لقلة استعمال عضلاته، إذ يركب السيارة والمصعد ويسخر الآلة ويوفر طاقته الجسمانية ويتوتر ذهنياً وعضلياً.

(6) إعطاء مضادات الصرع (Antiepileptics) مثل الإيبانيوتين (Epanutin) أو التيجريتول (Tegretol) ، وذلك لاكتشاف علاقة بين مرض الصداع النصفي، ومرض الصرع في بعض الحالات، تتمثل في وجود تغيرات بــؤرية (focal dysfunctions) فـي تخطيط الدماغ الكهربائي (Electroencephalogram).

وهناك مجموعات أخرى من العقاقير تستخدم للوقاية من نوبات الصداع مثل مضادات الهستامين (Antihistaminics) أو مضـادات تجلـط الـدم (Anti-platelet aggregation) أو مخفضـات ضغـط الدم (Antihypertensive).

3. صداع ما بعد حادثة  :( Post-Traumatic Headache)

قد يشبه، في صورته، صداع الشقيقة (الصداع النصفي)، أو صداع التوتر، وينشأ بعد إصابة للرأس يُصاحبه أعراض، مثل سرعة الاستثارة، وصعوبة التركيز، وصعوبة التوافق في العمل، ويعتقد أنه نفسي المنشأ، ولكن قد يصاحبه تلف في بعض الوصلات العصبية، يحتاج إلى أسابيع لشفائه. وقد يتبع الصدمة (الحادثة) فقد الوعي (Loss of consciousness) ، أو نسيان يعقب الحادث لفترة. وعلاج هذا النوع من الصداع مثل علاج صداع التوتر.

4. صداع التهاب الشريان الصدغي (Temporal arteritis)

يحدث هذا النوع لكبار السن، وهو عبارة عن ألم شديد في صورة نقح (Throbbing)، ويشمل الأوعية الدموية السطحية، عادة الصدغية، وقد يشمل أوعية أخرى، داخل أو خارج الجمجمة، وبلمس الشريان الصدغي، نلاحظ سمك جدرانه، كما أن لمسه ينتج عنه ألم (Tenderness)، كما أن نبض الشريان يصبح غير محسوس، وقلة الدم الواصل إلى عضلات المضغ يسبب ألماً فيها عند مضغ الطعام، وقد يصاحبه ازدواج الرؤية، وفقد الوزن، والخمول، وآلام العضلات.

وسبب هذا الصداع، هو إلتهاب الشريان الصدغي، إذ تفرزه خلايا عملاقة، ويضيق فراغ الشريان، فيزداد سمك جداره، ويقل اندفاع الدم فيه. ويعالج هذا النوع من الصداع بمركبات الكورتيزون مثل عقار البردنيسولون (Prednisolone) ، وعند التحسن، يوقف العقار، تدريجياً.

5. الصداع الناشئ من ارتفاع الضغط داخل الجمجمة (Increased Intracranial Tension)

يتميز بأنه صداع عام في الرأس، يزداد بالكحة أو الحزق، ويكثر حدوثه في الصباح الباكر عند الاستيقاظ من النوم، وقد يوقظ المريـض مـن النـوم، ومسـاره متـزايد (Progressive) ويصاحبه أعراض القيء في المراحل المتأخرة، وزغللة أو اهتزاز الرؤية، أو فقد البصر العابر، مع تغير مفاجئ في الوضع، واختلال مستوى الوعي.

ومرجع هذا الصداع إلى أن الجمجمة عبارة عن صندوق محدود الحجم غير قابل للتمدد، إلاّ في حالات الأطفال الرضع (في السنة الأولى من حياتهم)، ومحتويات الجمجمة، هي الدماغ والدم وأوعيته والسائل المخي الشوكي (Cerebrospinal fluid)، وأي زيادة في حجم أي من هذه المحتويات، ينتج عنه زيادة الضغـط داخـل الجمجمة. (Increased Intracranial Tension).

وطبقاً لهذه المحتويات، يمكن أن تقسم أسباب زيادة الضغط داخل الجمجمة إلى ما يلي:

أ. أسباب تعود إلى السائل المخي الشوكي:

يُفرز السائل المخي الشوكي بمعدل 500 مليلتر في اليوم من الضفائـر المشيميـة (Choroid plexuses) ببطينـات الدمـاغ الجانبيـة (lateral ventricle) والبطين الثالث (Third Ventricle)، ويمر من البطين الرابع إلى فراغ تحت الغشاء العنكبوتي (Subarachnoid Space)، من طـريق ثقوب مـاجندي (Magendi)، ولوشكا (Luschka) ، ويُمتص هذا السائل بوساطة الخمائل العنكبوتية (arachnoid villi). ويدخل الجهـاز الـوريدي. وإذا حدث انسـداد في مسـار السائـل المخي الشوكـي، فـإن استسـقـاء الدمـاغ يحـدث (Hydrocephalus) ويصاحب ذلك زيادة الضغط داخل الجمجمة. وفي حالات الالتهاب السحائي، يزداد تكون السائل، المخي الشوكي، ويقلّ امتصاصه، فتزداد كمية السائل، ويزداد الضغط داخل الجمجمة. والتصوير الإشعاعي للجمجمة، في هذه الحالة، يكشف عن شكل الفضة المطروقة Silver beaten appearance   للجمجمة، من الداخل، وتعمق السرج التركي (Sella Tursica).

والعلاج يكون بإزالة سبب الانسداد، جراحياً، مثل استئصال الورم الذي نتج عنه الانسداد، وفي الحالات التي لا يمكن علاجها جراحياً، تعطى مركبات الكورتيزون مع مدرات البول وإجراء بزل قطني (Lumber puncture) لتخفيف الضغط داخل الجمجمة.

ب. نزيف داخل الجمجمة (Intracranial Haemorrhage)

وينشأ عنه صداع مباغت، شديد الألم، يزيد في منطقة القفا وقمع الرأس، ويشبه ضربة شديدة على مؤخرة الرأس، وقد يفقد المريض وعيه، ويصاحبه قيء وأعراض بؤرية تتوقف على حجم النزف ومكانه.

وأكثر أنواع النـزف التلقـائي حدوثـاً، هـو نـزف تحـت العنكبـوتية (Subarachnoid Haemorrhage) ، ويشخص النزف داخل الجمجمة بالتصوير المقطعي للمخ بالكومبوتر (C.A.T.)، إذ يمكن التعرف على مكانه وحجمه. ومـن أهم أسبابه تمدد  وعـائي فـي بعض الشــرايين (Aneurysm) ، داخل الجمجمة، أو إصابات الرأس والتهاب الدمـاغ الحـاد (Acute encephalitis)، أو ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم.

وعلاجه، طبياً، بالراحة التامة، البدنية والنفسية، لمدة شهر على الأقل، وإعطاء مسكنات قوية من مشتقات الأفيون، وإعطاء أدوية لتخفيف الضغط داخل الجمجمة مثل مركبات الكورتيزون ومدرات البول. أما العلاج الجراحي، ففي الحالات التي يمكن فيها ربط الشريان الموصل للأنيوريزم، ويكون بعد أسبوع من حدوث النزف.

ج. الأورام داخل الجمجمة (Intracranial tumours) :

وينشأ عنها أعراض زيادة الضغط داخل الجمجمة، ومن أهمها الصداع العام في الرأس، الذي تزداد شدته بالسعال، وفي الصباح، عند الاستيقاظ من النوم، وقد يوقظ المريض، وتزداد شدته بمرور الأيام، ويصاحبه القيء، وضعف الإبصار المتزايد.

وقد تنشأ الأورام من أي من التراكيب داخل الجمجمة، سواء كانت خلايا المخ بأنواعها المختلفة، أو من الأغشية المبطنة للمخ (الأم الحنونة Pia mater - ، الأم العنكبوتية - Arachnoid mater  أو الأم الجافية - Dura mater)، أو من الأوعية الدموية، أو من الأعصاب القحفية Cranial nerves أو من الغدة النخامية، أو من تجمع صديدي (خراج الدماغ Brain abscess) مثل الخراج الذي قد يحدث كمضاعفات للالتهابات الميكروبية للأذن الوسطى، أو عدوى طفيلية.

ويصاحب هذه الأورام، إضافة إلى علامات زيادة الضغط داخل الجمجمة، علامات بؤرية أخرى تعتمد على مكان الورم وامتداده. فمثلاً إذا أصاب التلف الناتج عن الورم القشرة الحركية (Motor cortex) فإن وظيفة الحركة تختفي، ويحدث الشلل بدرجة إصابة القشرة الحركية. وإذا أصاب التلف مركز الكلام، يعجز الشخص عن النطق، وهكذا. كما تتأثر الوظائف العقلية، كذلك، طبقاً للتلف الذي يحدث لتراكيب الدماغ المختلفة، فمثلاً، إذا أصيب الفص الجبهي (Frontal lobe) اختل الانتباه والتفكير، وإذا أصيب الفص الصدغي، (Temporal lobe) اختلت وظيفة الذاكرة.

وأخذ التاريخ المرضي المفصل والفحص العصبـي والعـلامات البـؤرية (Focal signs) الموجودة، تشير إلى مكان الورم وامتداده، ويتأكد ذلك بواسطة التصوير المقطعي للمخ بالكومبيوتر (C.A.T.).

العــلاج:

بالاستئصال الجراحي في الحالات المناسبة لذلك، أو بالعـلاج الإشعـاعي (Radiotherapy) للأورام التي لا يسهل استئصالها، إضافة إلى العقاقير المضادة لانقسام الخلية، والعقاقير المخفضة للضغط داخل الجمجمة.

6. حالات الضلالية والتحولية والتوهمية المصاحبة بالصداع

Delusional, Conversion and Hypochondriacal States with Headache

وهو أحد أنواع الصداع المعروفة والواردة في تصنيف معهد الأمراض العصبية القومي الأمريكي للصداع (1962)، إذ إن الصداع قد يستخدم كقناع يتخفى به المريض لفترات طويلة، على الرغم من أنه مريض عقلي، ولكنه يظهر في ضلالات أحادية العرض (Mono-symptomatic delusion) في صورة الصداع، أو ضلالات جسدية، وهذا يحدث كثيراً فـي مـرض الفصـام العقلـي (Schizophrenia) وفي مرضى الاضطراب الوجداني (Mood Disorders).

وفي حالات اضطراب التحول (Conversion Disorder)، الذي يتحول فيها الصراع النفسي إلى عرض جسماني، هو الصداع (ليس فيه انقباض العضلات مثل الصداع التوتري)، وهو ليس صداع عضوي، أي أنه لا توجد لدى المريض أي تغيرات فسيولوجية، إطلاقاً، ولكن هي شكوى المريض التي تعبر عن معاناته النفسية.

ومثله حالات التوهم المرضي (Hypochondriasis)، الذي ينشغل فيها المريض بالصداع. كذلك، حالات الألم جسدي الشكل (Somatoform pain disorder)، إذ يأخذ الألم شكل الصداع.

7. الأسباب غير العصبية والنفسية للصداع

وهذه المجموعة من الأسباب يمكن أن نقسمها إلى:

أ. أسباب موضعية (Local Causes).

ب. أسباب عامة (Systemic Causes).

أ. الأسباب الموضعية:

هي أسباب للصداع ترتبط بأماكن معينة في الرأس، هي الأنف والجيوب الأنفية والعين والأسنان والأذن والرقبة.

(1) التهاب الجيوب الأنفية (Scnuses)

وهو منتشر جداً، كما أكدت الدراسات المسحية، ولكنه لا يسبب الصداع، بصورة واضحة، إلاّ في الحالات الحادّة، إذ يكون الصداع في الجبهة والعينين والوجه، وتزداد شدته في الصباح، وبعد الاستيقاظ من النوم، وتزداد شدة الصداع بتحريك الرأس أو تغيير الوضع، وخاصة الانحناء إلى الأمام، حين يشعر المريض أن رأسه ستنفجر من شدة الألم، وتخف وطأته بشرب السوائل الدافئة، ومع مرور الوقت بعد الاستيقاظ. وسببه هو زيادة أو نقص الضغط داخل أي من الجيوب الأنفية (Nasal Scnuses)، مما يحدث شداً أو ضغطاً على النهايات العصبية بها وينشأ عنه الألم (الصداع)، ولذا فإن تغير الضغط داخل الجيوب الأنفية، يخفف (أو يغير) من حدة الصداع.

ويشخص بأخذ التاريخ المرضي الذي يشير إلى الإصابة بنزلة برد منذ فترة قصيرة، وتوجد المواصفات السابقة للصداع، وفحص الجيوب الأنفية يؤكد ذلك كما تؤكد، الأشعة (Plain X-Ray) بملاحظة إفراز في فراغات الجيوب الأنفية. والعـلاج، بإعطـاء مـزيلات الاحتقـان (Decongestants) مع المسكنات أو البزل.

(2) الصداع الناشئ من العين: وأهم أسباب الصداع العيني هي الغلوق (المياه الزرقاء) (Glaucoma)، إذ يزداد الضغط داخل العين، فيحدث تقعر القرص البصري (Optic Disc) ويضيق مجال الرؤية، ويقل إحساس القرنية، مع الصداع. وعلاج الصداع، هنا، هو علاج الغلوق المسبب له.

وقد يكون الصداع بسبب إجهاد العين، لعيوب في عدسة العين (Errors of refraction) وعلاجه بتصحيح الرؤية، بوساطة عدسات إضافية، إما في صورة منظار للعين، أو كما هو مستحدث من علاج ذلك بزرع عدسة أو بأشعة الليزر.

(3) الصداع المرتبط بألم الأسنان واللثة: ينشأ في حالات التهاب اللثة أو عصب الأسنان أو خراج اللثة أو أورامهـا، أو التهـاب مفصل الفـك (Temporomandibular joint) أو اختلال تموضعه (Dislocation).

(4) الصداع المرتبط بالأذن (Otitis): في حالات إلتهاب الأذن الخارجية والوسطى وغيرها من الحالات التي يمكن أن تسبب الصداع، وتحتاج إلى متخصص لفحصها ووصف العلاج.

(5) الصداع الناشئ عن ألم العصب التوائمي الثلاثي (Trigeminal nerve): ويحدث في نوبات متكررة تستمر كل منها عدة ثوان، وكثيراً ما يختلط تشخيصه مـع ألم الأسنـان، ويعـالج بعقـار التيجـريتول (Tegretol) مع المسكنات، أو بحقن الكحول حول العصب نفسه، أو قطع الجذر الحسي، جراحياً، إذا لم تجدي الطرق السابقة.

(6) الصداع الناشئ عن ألم الرقبة والتهاب الفقرات العنقية (Cervical spondylosis): إذ تتكون زوائد عظمية أو تضيق المسافة بين الفقرات لتآكل الغضاريف، فيحدث ضغط على الأعصاب الشوكية الخارجة من الحبل الشوكي (Spinal cord)، وينشأ عنه ألم الرقبة الذي قد يحس كألم في الرأس كذلك. ويشخص من أخذ التاريخ المرضي وفحص الرقبة ضمن الفحص العصبي، والفحص الإشعاعي للفقرات، إذ يكشف عن ضيق المسافة بين الفقرات وجود الزوائد العظمية. والعلاج، بالمسكنات، مع العلاج الطبيعي ومضادات الالتهاب من مركبات الكورتيزون، أو العلاج الجراحي في بعض الحالات.

ب. الأسباب العامة للصداع

(1) الصداع المصاحب للحمى (Fever): إذ تسبب الحمى تمدد الأوعية الدموية داخل الجمجمة، كما يحدث في حالات الأنفلونزا والتهاب اللوزتين والملاريا. والعلاج هو علاج الحمى بخفضها بكمادات الثلج وخافضات الحرارة مع علاج سبب الحمى الأصلي.

(2) صداع ارتفاع ضغط الدم (Blood hypertension): وخاصة ارتفاع ضغط الدم الخبيث، الذي يسبب صداعاً شديداً، وقد يكون القلق المصاحب هو سبب الصداع، ويكون صداع توتر (Tension Headache). والعلاج بمخفضات الضغط (Antihypertensives)، وأحياناً يلزم إعطاء بعض المهدئات، وإذا كان ارتفاع ضغط الدم ثانوي، لسبب آخر، كورم بالغدة الكظرية (Supra-renal glnd)، وجب علاج السبب الأصلي.

8. صـداع الأطفـال

كل الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الصداع لدى البالغين، يمكن أن تسبب صداعاً لدى الأطفال، عدا الغلوق (المياه الزرقاء)، والتهاب الشريان الصدغي، وتآكل غضاريف العنق، لأن هذه الحالات تحدث في البالغين فقط.

ولكن أكثر الأسباب إحداثاً لصداع الأطفال، هي ارتفاع درجة الحرارة، والتهاب الجيوب الأنفية، والالتهاب السحائي (Meningitis) وخراج المخ (Brain abces) وكذلك قلق الانفصال (Separation anxiety)، إذ يكـون الصـداع عرضـا له. ونؤكـد أن الصداع لدى الأطفال، غالباً، ما يشير إلى سبب عضوي خاصة كلما كان الطفل صغيراً، كما أن الأورام داخل الجمجمة ليست سبباً شائعاً لصداع الأطفال لأنها ليست شائعة في الطفولة. وإذا عانى الطفل صداعاً ولم يعرف له سبباً، من خلال التاريخ المرضي والفحص الجسمي والعصبي، فيجب عمل أشعة على الجمجمة وتصوير مقطعي للمخ بالكومبيوتر.