إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / التفكير









النمو المعرفي في مرحلة الرضاعة

النمو المعرفي في مرحلة الرضاعة

      سمَّى العالم (بياجيه)[1] هذه المرحلة بالحسية الحركية، إذ يكون الفهْم والتعامل مع البيئة، من خلال المنعكسات الموروثة، المبنية على الإدراك الحسي للعالم من حوله، وهي عمليات بدائية للذكاء. ويقسمها (بياجيه) إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى

      يستخدم فيها حديثُ الولادة المنعكسات، مثل البكاء والمصّ والبلع، وحركة الجسد الغليظة. وتضيف الخبرات الحس حركية الجديدة، من خلال عمليتَي المماثلة والمواءمة (Assimilation & Accommodation) رصيداً، يؤدى إلى تكيّف أكثر، وتراكيب سلوكية أكثر تعقيدا. ويقصد بالمماثلة تكرار استخدام السلوك في مواقف أخرى بالطريقة عينها، ومع أشياء أخرى. أما المواءمة، فهي توفيق، وظيفته طبقاً للأبعاد المحددة للموضوع، الذي يحاول أن يتمثله.

المرحلة الثانية

      وهي من عمر شهر إلى أربعة أشهر، يتأثر الرضيع فيها بتراكم الخبرة، وتتغير المنعكسات الفطرية.  وأهم ما يميزها التفاعلات الدائرية (Circular Reaction) .وهي إعادة الفعل الحركي، وصولاً إلى استجابة معيّنة يحدثها، مثل: اكتشاف الطفل، مصادفة، أن إحداث ضوضاء من فمه، يعطي شعوراً بلذة،  فإنه يكرر الفعل من أجْل اللذة. وتقسم هذه الأفعال الدائرية إلى:

* أفعال دائرية أولية (شهر ـ 4 أشهر): وهي تتمركز حول جسد الطفل، مع عدم الاهتمام بما هو خارجه.

* أفعال دائرية ثانوية (4 ـ 8 أشهر): فيها يحرك الطفل الأشياء أو يخبطها، مع الاهتمام بما تحدثه من منظر أو صوت. ويتأمل الأشياء التي تعطى له، وهذا التعرف التأملي، هو بداية عملية التعلم والاستكشاف للبيئة. ولكنه عندما تغطى الأشياء لا يبحث عنها، لأنه لم يصل بعد إلى مفهوم ثبات الأشياء.

* أفعال دائرية ثلاثية (12 ـ 18 شهراً): ويميزها نمو ثبات الأشياء،  فعندما يغطى شيء فإنه يظل يبحث عنه. ولكن عند إخفاء الشيء تحت غطاء، ثم نقله إلى تحت غطاء آخر، فإنه يتوقف عند الأول. فالأفعال الدائرية الثلاثية، تعتمد على الإدراك البصري، وليس الطفل قادرا على استنتاج أن الشيء مخبأ في مكان ما.

المرحلة الثالثة

      (وهي من عمر ثمانية عشر شهراً إلى أربعة وعشرين شهراً). وفيها يصبح الطفل قادراً على أن يبحث عن شيء مخبأ، حتى لو لم يبصره، فهو يستنتج أن الشيء، يجب أن يكون مخبأ في مكان ما، إذ استقر لديه ثبات الشيء، من دون رؤيته، وأصبح لديه ذاكرة، تمكنه أن يتخيل الشيء في ذهنه، عندما يغيب عنه. وهناك نوعان من الذاكرة في الطفولة:

      إحداهما، ذاكرة التعرف (Recognition Memory)، ويحتاج الطفل فيها إلى مثيرات خارجية، أو مفاتيح إدراكية، لتعرف الخبرات السابقة، أو الموضوعات (مثل الابتسامة الاجتماعية للأم عند سن أربعة أشهر).

      وثانيتهما، ذاكرة تثار منفصلة (Evocative Memory)، من خلالها، يصبح الطفل قادراً على بعث ذكرى الموضوع، أو أي خبرة، من دون مثير خارجي. ويرى (بياجيه) أن نمو عمليات التفكير، باستخدام الرموز والخيالات، ونمو اللغة، يبدأ مع نمو ثبات الموضوع والذاكرة.

 



[1]  هو جان بياجيه   Jean Piaget وهو عالم نفسي، ولد بسويسرا وعين سنة 1940 مديراً لمعمل علم النفس في جنيف كما عُين منذ 1955 أستاذا لعلم النفس للطفل بجامعة السوربون، وشغل عدة مناصب تربوية دولية،منها مساعدا لمدير العام المنظمة اليونسكو واشتهر بدراساته في مجال تفكير الطفل، ويرى أنّ التعليم يلعب دوراً هاماً في تطوير الأبنية الفكرية وفي مجال الإدراك. وهو يختلف عن مدارس نفسية أخرى، حيث يرى أن الإدراك، خاصة إدراك الأشكال، يتأثر نتيجة حركات عشوائية عضلية وبصرية يتم تصحيحها بالتدريج. فالطفل الصغير لا ينسب حجماً أو شكلاً دائماً للأشياء التي حوله، كما أن نشاطه المنطقي الذي يبرزه في سلوكه والذي يتضمن الأشياء، ونسبتها إلى بعضها البعض، ينتج عن نشاطه من خلال المحاولة والخطأ.