إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / تمكين المرأة









تمكين المرأة

تمكين المرأة

Empowerment of women

بدأ استخدام مصطلح التمكين، من قِبلْ المنظمات النسائية في حقبة السبعينيات من القرن الماضي، لوضع إطار للنضال من أجل تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية للنساء، وذلك بإعادة تشكيل الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، على كافة المستويات. وركز المفهوم، في البداية بصفة خاصة، على أهمية المنظمات المعنية بالمرأة والتحول الذاتي. وقد أكد أحد المتخصصين على هذا المعنى بقوله إن المرأة لا تقتصر على كونها متلقياً سلبياً للمساعدات، التي تحقق لها الراحة والرخاء؛ ولكنها عامل نشط وفاعل في التغيير، ودافع دينامي للتحول الاجتماعي. واتجهت الهيئات المانحة والمنظمات الدولية، استناداً إلى الكتابات التقليدية حول التنمية في التسعينيات، إلى تطوير مفهوم تمكين المرأة بتوسيع نطاق الخيارات المتاحة أمام النساء، ورفع مستوى إنتاجهن، وذلك في ظل انحسار مسؤولية الدولة في مجال اتخاذ القرارات المتعلقة بالاقتصاد الكلي، والدعم الاجتماعي.

وعلى هذا يعني مفهوم "تمكين المرأة"، قدرة النساء على التحكم في مسار حياتهن، بوجه عام، وعلى وعيهن بحقوقهن وممارستها، بوجه خاص. ومن ثم يشير هذا المفهوم إلى قدرة المرأة على العمل الجماعي للوصول، إلى حقوقها من خدمات وموارد.

ينبع هذا المفهوم من فكرة الإمكانية Possibility، أي إمكانية المرأة في الحصول على الخدمات أو المنتجات والسلع والموارد، بحيث يمكن للمرأة في ظل التنمية الشاملة، التحكم في حياتها والمشاركة الفعالة في الأسرة والمجتمع الأوسع.

وعلى ذلك، فالتمكين في معناه العام، هو: إزالة كافة العمليات والاتجاهات السلوكية النمطية في المجتمع والمؤسسات، التي تنمط المرأة والفئات المهمشة في مراتب أدنى. كما أنه عملية مركبة تتطلب تبني سياسات وإجراءات وهياكل قانونية، بهدف التغلب على أشكال عدم المساواة، وضمان الفرص المتكافئة للأفراد، في استخدام موارد المجتمع وفي المشاركة السياسية أيضاً. وليس القصد من التمكين المشاركة في النظم القائمة كما هي عليه؛ بل العمل على تغييرها ليحل محلها نظم إنسانية تسمح بمشاركة الغالبية في الشأن العام وإدارة البلاد، وفي كل مؤسسات صنع القرار ضد هيمنة الأقلية.

ويُستخدم هذا المفهوم، في الغالب، للإشارة إلى تحسين أحوال المرأة، خاصة السياسية والاقتصادية، وضمان مشاركتها بصورة فعالة في شؤون مجتمعها؛ إلا أنه يمكن استخدامه بالمعنى العام للإشارة إلى تمكين أي جماعة محرومة في المجتمع.

من هنا ترى Batliwala أن مفهوم تمكين المرأة يمثل عملية Process، وهدف Target؛ فهو عملية تحدي لعلاقات القوى السائدة والقائمة، التي تهدف إلى زيادة التحكم في الموارد Resources ومصادر القوى. وهو هدف لأن تمكين المرأة يسعى إلى تحدي الأيديوليجيات الأبوية (سيطرة الذكور وتبعية النساء)، والتحول في الأبنية والمؤسسات، التي تكرس وتعزز التمييز النوعي. كما يهدف إلى مساعدة النساء الفقيرات في الحصول والتحكم، في كلٍ من الموارد المادية وغير المادية.

في حين ذهبت أوكسال وبادن Oxaal and Baden إلى أن تمكين المرأة، هو العملية التي تتضمن كيفية إدراك النساء ــ سواء على المستوى الفردي أو الجماعي ــ آلية وكيفية عمل علاقات القوة Power-Relations، التي تحقق لهن الثقة بالنفس والقوة التي تمكنهن من تحدي عدم المساواة النوعية Gender-inequality.

ومن خلال هذا العرض يتضح أن مفهوم تمكين المرأة، يعني تحقيق نوع من المساواة والإنصاف، بين المرأة والرجل، ومساعدتها على تحقيق إمكاناتها كاملة، ومساهمة المرأة بشكل كامل في عمليات تقرير السياسات وصُنع القرار، في جميع أوجه الحياة الاقتصادية والسياسية.

وعلى ذلك، فإن تمكين المرأة لا يتحقق فقط بأن تعمل أو تشارك في النشاط الاقتصادي وحده، وإنما المشاركة في مجمل العلاقات الاجتماعية والإنتاجية، التي من خلالها تسهم اقتصادياً واجتماعياً في رفاهية أسرتها وتقدم مجتمعها، إضافة إلى التقدير والاعتراف المجتمعي بقدرتها على إحداث التغيير في سلوك الآخرين، وفرض خياراتها في المجالات التالية:

1. الأمان الاقتصادي Economic security بأن تكون صاحبة عمل، بمعنى تحقيق رغبتها في إقامة مشروع خاص بها، داخل المنزل او خارجه، واتخاذ القرارات المتعلقة بالنشاط الإنتاجي أو التجاري وإدارته بنفسها، وحصولها على العائد المادي منه، وتحكمها في عملية التمويل بالاقتراض، وتحمل مسؤولية السداد.

2. الإلمام بحقوق المرأة القانونية والسياسية والمدنية.

3. أن تكون لها ملكية خاصة، وتمتلك أصول المشروع، وأن يكون لها حساب خاص بها.

4. الاندماج في أنشطة الجمعيات غير الحكومية والأحزاب السياسية، وفي الانتخابات العامة وجمعيات أصحاب الأعمال، حتى يكون لها صوت مؤثر في السياسات الاقتصادية للدولة، ومؤسسات المجتمع المدني.

ومن ثم تعد أهم ركيزتين في المشروع الاقتصادي هما:

أ. مشاركة المرأة في اتخاذ القرارات الخاصة بالمشروع وتنفيذه، بما يضمن المعاملة المتساوية.

ب. كون المرأة قادرة على تحسين مستواها، من خلال تمتعها بالخدمات والموارد.

وهكذا، إذا تُرجم هذا المشروع العام إلى مشروع اقتصادي أسري، تُصبح محكات التمكين للمرأة داخل الأسرة، هي:

·       القدرة على اتخاذ القرارات الخاصة بالوحدة الإنتاجية، الخاصة بالأسرة.

·       القدرة على المشاركة في العمل فيها، والاستمتاع بعائدها.

·      القدرة على جني ثمار عملها داخل الأسرة، أي الحق في الموارد والخدمات للوصول إلى مستوى أعلى من الرفاه الاقتصادي والمكانة الاجتماعية.

ولمفهوم تمكين المرأة مكونات متعددة، معرفية واقتصادية وسياسية ونفسية. كما يشتمل على أبعاد مادية وبدنية. وكل هذه الجوانب تتداخل وتتفاعل مع بعضها، على النحو التالي:

1. يتطلب البُعد المعرفي أن تفهم المرأة الظروف والأسباب التي أدت إلى تبعيتها على كافة الأصعدة، كما يستلزم صنع الخيارات، التي من شأنها تحدي التقاليد والموروثات الثقافية وتغييرها.

2. يتطلب البُعد السياسي امتلاك المرأة القدرة على التحليل والتنظيم والتعبئة، من أجل التغيير الاجتماعي.

3. يعتمد البُعد السيكولوجي على الإيمان بقدرة المرأة على الاضطلاع، بأعمال على المستوى الشخصي والمجتمعي من شأنها تحسين واقعها الفردي وتطوير المجتمع، الذي تعيش فيه.

4. يركز البُعد الجسمي أو البدني على سيطرة النساء على أجسادهن، وعلى حماية أنفسهن من العنف الجنسي.

في ضوء ذلك يتحدد تمكين المرأة في مناهضة التعصب ضد المرأة، وتمكين حقها ومساواتها بالرجل في إطار حقها في التنمية، أن تشارك فيها وفي اختيارها وتنفيذها، ثم حقها في التمتع بثمار التنمية. وبشكل أكثر تحديداً، فإن حق المرأة في التنمية يرتبط بالحق في العمل، بما في ذلك الحق في أوضاع عمل عادلة وملائمة (الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ) والحقوق النقابية، بما في ذلك الحق في الإضراب، والحق في مستوى المعيشة السكاني، والحق في الضمان الاجتماعي، والحقوق العائلية (العائلة، والأمومة، والطفولة، والحق في الصحة، والحق في التربية والتعليم)، والحقوق الثقافية (الحق في المشاركة في حياة المجتمع الثقافية). وبشكل عام المساواة في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.