إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الطفولة









النمو في الطفولة

النمو في الطفولة

         يبدأ نمو الطفل في رحم أمه، منذ أن كان بويضة مخصبة، حتى أصبح جنيناً، اكتمل نمو أجهزته، وتم حمله، فيولد طفلاً يبكي ويتحرك وينام ويتغذى. وما النمو؟ وإذا كان قد بدأ داخل الرحم، فما آليته؟ ومتى يتوقف؟

         النمو هو سلسلة من التغيرات، التي تحدث بطريقة مرتبة، ومتوقعة، كنتيجة للنضج والخبرة. وهو ليس إضافات أو تحسينات فقط؛ وإنما عملية معقدة من تكامل عديد من التركيبات والوظائف. ويأخذ النمو طريقه بعمليتَين متزامنتَين، ومتناقضتَين، في آن معاً، هما البناء والهدم، بدءاً من لحظة الحمل إلى لحظة الوفاة. ولكن، في السنوات الأولى، يكون البناء هو الغالب، على الرغم من حدوث الهدم معه، من البداية. وبعد الوصول إلى قمة النضج، ينعكس الحال، فتصبح الغلبة للهدم، على الرغم من استمرار النمو معه، ويتبعه الهرم والضمور والضعف. ويصور القرآن الكريم، ذلك في قوله ـ تعالى ـ: )اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً( (الروم: 54 ). وقوله ـ تعالى ـ كذلك: )هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ( (غافر: 67).

وعملية النمو عملية معقدة، يصعب فهْمها. وثمة نظريتان مختلفتان، تفسرانها:

الأولى: الاستمرارية (النظرة المتصلة): وتصف النمو على أنه تراكم خطي متصل، ناشئ عن النمو البطيء، من زيادة عدد الخلايا، والخبرات المكتسبة.

الثانية: المرحلية: ويقوم افتراضها الأساسي على تقسيم النمو إلى مراحل، أو مستويات. وتتميز كل مرحلة، أو مستوى، بتركيب داخلي معين.

         ولا بدّ من التمييز بين النمو في الحجم، الذي هو الزيادة في عدد الخلايا وحجمها، وتجميع الخبرات من كل المصادر، خارجية وداخلية؛ وبين النضج، الذي هو تغيّر في الوظيفة، ناتج من التفاعل بين النمو والخبرة. وعلى هذا، يكون النضج أقرب إلى المرحلية، بينما النمو في الحجم، أقرب إلى الاستمرارية. ومن ذلك، يمكننا الجمع بين النظريتَين، بقولنا إن النمو، يبدأ بتغير في الحجم (تغير كمي) يتحول، عند درجة ما، إلى تغير نوعي؛ أو أن التراكم المستمر في نمو الحجم، يتحول، بعد فترة، إلى تغير في الوظيفة، والانتقال إلى مرحلة أخرى من النمو.

         ولذلك، ليس النمو طفرات غير متوقعة، وإنما يتبع طريقاً محدداً، ومتوقعاً. وعلى الرغم من اختلاف كل طفل عن الآخر، في بعض سمات النمو الخاصة، إلا أن النمو، يمر بمراحل، ويميز كل مرحلة سمات عامة، يمر بها جميع الأطفال، تحدد خط السواء من عدمه، وتُعَدّ توقعات، على الطفل أن ينجزها في وقتها الملائم (أي في سن ملائمة). ومن اتفق مع هذه التوقعات، كان في حدود السواء. ومن شذ عنها، خرج إلى دائرة الشواذ، أو المتخلفين والمرضى. وهذه التوقعات، قد تختلف، في بعض المجتمعات، باختلاف الظروف المعيشية والحضارية. وهي تشمل إنجازات النمو، على المستوى الجسدي، أي علامات النمو الجسدي؛ وإنجازات النمو، على المستوى، النفسي والاجتماعي.