إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / البطالة









الارتباط بالجماعة Sociability

البطالة

Unemployment

 

تحديد مفهوم البطالة تحديداً شاملاً ودقيقاً أمر ليس سهلاً، فعلى الرغم من سهولة إدراك الناس للعاطلين عن العمل، إلا أن محاولة التحديد العلمي والعملي لهذا المفهوم تواجه صعوبات جمة. فكما يقول أنتوني جيدنز: إن البطالة تعني أن الفرد يقع خارج نطاق قوة العمل، ويعني العمل هنا العمل مدفوع الأجر Paid work، كما يعني المهنة أيضاً. ومن صعوبات التحديد الدقيق للبطالة أن بعض الناس الذين يُسجلون عاطلين ربما يعملون في أنماط عديدة من الأنشطة، مثل الخدم والسائقين. كما أن عدداً من الناس يعملون بأجر لبعض الوقت، أو يعملون في وظائف على فترات متقطعة. وأخيراً، هل يدخل المتقاعد عن العمل في نطاق البطالة.

يرى عدد من الاقتصاديين أن مفهوم البطالة ينبغي أن يتضمن معياريين اثنين، هما:

1. العمالة المُحبطة: التي تتمثل في أولئك الذين يرغبون في العمل؛ ولكنهم فشلوا في العثور عليه، فكفوا عن البحث عنه.

2. العمالة التي تعمل إجبارياً لبعض الوقت: وهم مَن لا يستطيعون إيجاد عملاً كل الوقت، حتى لو أرادوا ذلك.

وبناءً على ذلك، فإن البطالة تعني هؤلاء الذين يرغبون في العمل ولا يجدونه حالياً، وتشمل كل الأشخاص الذين تجاوزوا سناً معينة.

وللبطالة ثلاثة شروط أساسية، هي:

1. عدم وجود عمل: أي لا توجد وظيفة مدفوعة الأجر، أو لا يوجد عمل في الأعمال الحرة.

2. البحث عن العمل: بمعنى اتخاذ إجراءات للحصول على وظيفة مدفوعة الأجر، مثل التسجيل بالمكاتب الخاصة والعامة للتشغيل، ومتابعة الإعلانات في الصحف والمجلات، أو إجراء مقابلات من أجل العمل أو الوظيفة.

3. الرغبة في قبول الوظيفة مدفوعة الأجر، أو العمل الحر.

وعلى هذا عُرِّفت البطالة في إطار القواميس المتخصصة بشكل عام بوصفها "الحالة التي يبحث فيها الفرد بدرجة كافية عن العمل المدفوع الأجر، ولكنه لا يجده؛ لأن عدد الأفراد يفوق عدد الوظائف الشاغرة أو المعلن عنها".

ويقترب من هذا التعريف، تعريف موسوعة علم الاجتماع للبطالة بأنها "حالة عدم قدرة الشخص على أن يبيع قوة عمله في سوق العمل، على الرغم من رغبته في ذلك".

تُعرف البطالة في إطار التراث الاقتصادي والاجتماعي المعاصر بمعنيين، هما:

المعنى الأول: عام وموسع، وينظر إلى البطالة بوصفها الحالة التي يكون الفرد فيها بلا عمل؛ بمعنى أن الفرد لم يمارس أي عمل لأية فترة من الزمن، ولم يكن متغيباً بصورة مؤقتة عن العمل.

أما المعنى الضيق،  فيشترط استعداد الفرد للعمل حالياً، ويبحث عنه؛ ولكنه لا يجد العمل المناسب له.

يُلاحظ أن هذين التعريفين تنقصهما الدقة؛ لأن الفرد لا يُعد عاطلاً إلا بعد أن يصل إلى عمر معين، ويصبح قادراً على العمل. إضافة إلى ذلك فإن بعض الأفراد يعملون لبعض الوقت بغير إرادتهم، ويرغبون في العمل طوال الوقت، ومثل هؤلاء لا يدخلون ضمن العاملين لو كانوا يعملون ساعة واحدة في الأسبوع. ومن ثم لا تصلح هذه التعريفات الفضفاضة لتحديد مفهوم البطالة.

على هذا وضعت منظمة العمل الدولية (ILO) معياراً مهماً لتحديد مفهوم "المتعطل"، بأنه "الشخص الذي لا يعمل أكثر من ساعة واحدة أثناء اليوم الواحد، وخلال وقت التعداد، ولكنه قادر على العمل ويبحث بنشاط وجدية عن العمل". وبناءً على ذلك حُدد مفهوم البطالة بمعنى عدم توافر العمل لشخص راغب فيه وقادر على أداء مهنة تتفق مع استعداده، ويرجع ذلك إلى حالة سوق العمل. ولذلك تُقاس البطالة بنسبة العمال المتعطلين بالقياس إلى مجموع الأيدي العاملة. ويشمل المتعطلون جميع الأشخاص فوق سن معينة (تزيد عادة عن خمسة عشر عاماً)، منهم مَن لا يعملون بالأجر أو لا يعملون لحسابهم الخاص، والذين لديهم الاستعداد للعمل بأجر أو لحسابهم الخاص، واتخذوا خطوات محددة بحثاً عن العمل.

لعل هذا التعريف ـ على الرغم من شيوع استخدامه ـ يكاد يجمع غالبية الشروط الموضوعية، التي تتحقق في ظلها حالة البطالة، إلا أنه لم يوضح مدى قبول المتعطل لمستوى الأجر السائد، ولا يوضح فشله في الحصول على العمل.

وبناءً على ذلك يمكن الأخذ بتعريف منظمة العمل الدولية للبطالة، بأنها: "الحالة التي يكون فيها الفرد قادراً على العمل، وراغباً فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى".

أشكال البطالة وأنماطها

تتفق معظم الدراسات الاقتصادية والاجتماعية التي تناولت ظاهرة البطالة، أن أنماط البطالة وأشكالها ليست ثابتة أو نهائية، وإنما هي متغيرة ومتجددة باستمرار، طبقاً لجوانب اهتمام الباحثين، وبناءً على معيار التصنيف المتبع في دراسة ظاهرة البطالة، وكذلك وفقاً لمدة البطالة التي تعانيها الفئات المتعطلة.

ويمكن تقسيم أشكال البطالة إلى الأنواع الآتية:

1. النمط الأول: تقسيم البطالة حسب نمط التشغيل، إلى ثلاثة أنماط هي:

أ. البطالة السافرة Open unemployment

ويُقصد بـ"البطالة السافرة"، حالة التعطل الظاهر التي يعاني منها جزء من قوة العمل المتاحة، أي وجود عدد من الأفراد القادرين على العمل والراغبين فيه والباحثين عنه عند مستوى الأجر السائد دون جدوى، ولهذا فهم في حالة تعطل كامل لا يمارسون أي عمل لفترة قد تطول أو تقصر حسب ظروف الاقتصاد القومي، مثل بطالة الخريجين.

ب. البطالة الجزئية أو نقص التشغيل Underemployment

وتعني الحالة التي يمارس فيها الشخص عملاً، ولكن لوقت أقل من وقت العمل المعتاد أو المرغوب. ومن ثم فهي تتضمن في معناها الواسع وجود جماعة من الناس يعملون لساعات عمل أو أيام أقل مما هو مرغوب، ويعملون من خلال عقود تختلف عمّا هو مرغوب، ويعملون في أماكن غير مناسبة للتشغيل، كما يكون إنتاجهم، عادة، أقل من الأعمال الأخرى.

ج. البطالة المقنعة أو المستترة Disguised unemployment

وهي تلك الحالة التي يتكدس فيها عدد كبير من العمال على نحو يفوق الحاجة الفعلية للعمل، ومن ثم يكون إنتاجهم أو كسبهم أو استغلال مهاراتهم وقدراتهم على نحو متدنٍ. وهذه البطالة تُعد أخبث الأنواع خاصة في الدول النامية، لأنها الوجه الآخر لتدني الإنتاج في العمل المبذول.

2. النمط الثاني: تقسيم البطالة حسب طبيعة النشاط الاقتصادي السائد إلى ثلاثة أنماط، هي:

أ. البطالة الاحتكاكية (الفنية) Frictional Unemployment

وهي الحالة التي تحدث عندما يتعطل بعض الأشخاص، مع ما قد يكون من طلب على العمال لم يتم إشباعه بعد؛ لأن هؤلاء العمال المتعطلين غير مؤهلين لسد حاجة هذا الطلب. وينشأ –عادة- هذا النوع من البطالة بسبب إحلال الآلات محل العمال في بعض الصناعات، أو لصعوبة تدريبهم على الأعمال التي لم يسبق لهم التدريب عليها، والتي يتزايد الطلب عليها في سوق العمل.

ب. البطالة الدورية Cyclical Unemployment

وهي التي تنشأ نتيجة للدورات التجارية المعروفة جيداً في النشاط الاقتصادي المتكامل؛ فعندما يحدث انخفاض عابر في الطلب على البضائع، يُرغم أصحاب المصانع على تخفيض عدد العمال أو تخفيض ساعات عملهم.

ج. البطالة الهيكلية (البنائية) Structural Unemployment

ويُقصد بها ذلك النوع من التعطل الذي يصيب جانباً من قوة العمل، بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد القومي، وتؤدي إلى وجود حالة من عدم التوافق بين فرص التوظف المتاحة ومؤهلات وخبرات العمال المتعطلين الراغبين في العمل والباحثين عنه. وتحدث البطالة الهيكلية بسبب تغير في هيكل الطلب على السلع والمنتجات، أو إلى تغير في الفن التقني المستخدم، أو إلى تغيرات في سوق العمل نفسه.

3. النمط الثالث: تقسيم البطالة حسب طبيعتها الخاصة إلى:

أ. البطالة الموسمية Seasonal Unemployment

وهي البطالة التي تحدث أساساً في القطاع الزراعي بسبب موسمية الإنتاج الزراعي. فقد أصبحت الزراعة مهنة لبعض الوقت، خاصة وأن صغر حجم الحيازة الزراعية بفعل تفتت الحيازة أدى إلى الحد من العمالة الزراعية. وقد تحدث في بعض الصناعات في الريف بسبب التغيرات الموسمية في النشاط الاقتصادي نتيجة للظروف أو للتغيرات، التي تطرأ على أنماط الاستهلاك.

ب. البطالة الاختيارية Voluntary Unemployment

وهي الحالة التي يتعطل فيها الفرد بمحض إرادته واختياره، حينما يقدم استقالته عن العمل ، إما لعزوفه عنه أو تفضيله لوقت الفراغ، وإما لأنه يبحث عن عمل أفضل يوفر له أجراً أعلى، وظروف عمل أحسن، أو للانسحاب من سوق العمل بإرادته، كجماعات التكفير والهجرة التي ترفض العمل في الحكومة.

ج. البطالة الإجبارية أو القسرية Involuntary Unemployment

ويُقصد بها الحالة التي يتعطل فيها العامل بشكل قسري، أي من غير إرادته أو اختياره، وتحدث من طريق تسريح العمال بشكل قصري مع أن العامل راغب في العمل (مثل ظاهرة المعاش المبكر الإجباري) وقادر عليه وقابل لمستوى الأجر السائد. وقد تحدث البطالة الإجبارية عندما لا يجد الداخلون الجدد لسوق العمل فرصاً للتوظف، على الرغم من بحثهم الجدي عنه، وقدرتهم عليه، وقبولهم لمستوى الأجر السائد.

وهذا النوع من البطالة يسود بشكل واضح في مراحل الكساد الدوري في الدول الصناعية، أو في حالة خصخصة الشركات والمنشآت العامة في الاقتصاد القومي.

إن عرض أشكال البطالة ليس هدفاً نهائياً أو غاية في حد ذاته، بل تتوقف جدواه على ما يقدمه من وصف موضوعي واقعي لأشكال البطالة القائمة حتى يسهم ذلك في تشخيص دقيق لها، ومن ثم تحليل أعمق وأشمل لكل عناصرها وأبعادها، الأمر الذي يساعد في وضع تصور علمي لمواجهة الآثار المترتبة عليها والتخفيف من حدتها.