إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / اليقظة









وهي حالة الوعي، التي بها يستطيع الشخص أن يدرك نفسه وما حولها

اليقظة

        وهي حالة الوعي، التي بها يستطيع الشخص أن يدرك نفسه وما حولها. وحالة اليقظة، هذه، تُنظم بواسطة الجهاز المنشط الشبكي (Reticular Activating System) إذ إن زيادة نشاطه تمنع حدوث النوم، بينما نقص نشاطه لا يؤدي، مباشرة، إلى حدوث النوم.

        ولوحظ أن تنبيه أجزاء معينة من قشرة المخ (التلفيف الصدغي العلوي والسطح الحجاجي من الفص الجبهي)  (Orbital Surface of The Frontal Lobe, Superior Temporal Gyrus) يسبب زيادة النشاط الشبكي، وموجات تخطيط الدماغ الكهربي Electroencephalography E E G ، ويوقظ حيوان التجارب من نومه، على الرغم من أن تأثير نفس الإثارة على حيوان متيقظ لا يذكر. كما لوحظ أن إثارة مناطق أخرى من قشرة المخ لا ينتج منه التأثير عينه مهما بلغت شدة المثير. وذلك، يعني أن مسارات معينة تمر من القشرة إلى التكوين الشبكي، ومن طريقها يمكن للأحداث داخل القشرة أن تسبب حالة اليقظة، وقد يكون هو المسئول عن استجابات اليقظة المصاحبة للانفعالات وما إليها من ظواهر نفسية تحدث في غياب المثيرات الخارجية، كالأرق الذي يحدث في حالات القلق، إذ يزداد نشاط الجهاز السمبتاوي المصاحب بزيادة إفراز الأدرينالين والنورأدرينالين المسؤولين عن حالة اليقظة (الأرق). وقد لوحظ أن حقنها يسبب حالة اليقظة، وذلك خلافاً للسيروتونين، الذي له دور في إحداث النوم، وقطع المسارات المخية الخاصة به يؤدي إلى حالة الأرق.

ولذلك خلص بعض الدارسين إلى أن حالة الوعي (اليقظة) يلزم لها شيئان:

  1. وجود حد أدنى من نشاط الجهاز المنشط الشبكي.
  2. تصريف النشاط العصبي للمخ في الاتجاهات السليمة، فمن المعروف أنه أثناء النوبات الصرعية الكبرى (Grand-Mal Fits) يكون نشاط المخ أكثر من الطبيعي عدة مرات، وعلى رغم من ذلك يكون المريض فاقداً الوعي.

        ويتغير الوعي طبقاً للشعور بالتعب، أي إجهاد آليات الاستيقاظ. فحين تتضاءل درجة اليقظة يقل إدراك الفرد للبيئة المحيطة به، والعالم الواقعي من حوله، ويزيد إدراكه، نسبياً، للعالم الداخلي. إذ يدرك الخيالات التي يسقطها على العالم من حوله، أو التي يعايشها كأفكار وصور عقلية داخلية فتتجسد أمامه في حالة تناقص الوعي، وتسمى هلاوس الدخول في النوم (Hypnagogic Hallucination) ، وقد يخلط الشخص بينها وبين الأحلام.

        وتنعكس حالة الفرد الوجدانية على اليقظة، فمثلاً الشخص المسرور الذي يزيد لديه إفراز ونشاط النورأدرينالين والأدرينالين، غالباً ما يجافيه النوم، وحتى لو حاول النوم فإنه لن يستطيع. وكذلك الشخص الذي يشعر بانفعال الغضب تكون يقظته حادة، بسبب زيادة إفراز تلك الهرمونات، ولو حاول النوم فإنه سوف يجافيه كذلك.

وتضطرب حالة اليقظة، في الحالات المرضية، فتحدث الأعراض الآتية:

عادة تتغير اليقظة كماً في حالة النوم، إذ يتناقض وعي الشخص بذاته وما حوله، ولكن عند تنبيهه يعود إلى حالة الوعي الطبيعي. وقد يصبح النوم مرضياً في حالات:

  1. كثرة النوم (Hypersomnia).
  2. أو فرط النوم والنوم الانتيابي (السبخ)[1]

وهناك حالات أخرى من اضطراب الوعي الكمي، هي:

  1. الغيبوبة (السبات)(Coma) وهى حالة فقدان الوعي الشديد، التي لا يمكن إيقاظ الفرد منها مهما كانت شدة المثير. ومن أهم الحالات التي تحدث فيها الغيبوبة النزف تحت الغشاء العنكبوتى (Subarachnoid Haemorrhage) ، نزف تحت الأم الجافية (Subdural Haemorrhage) أو فوقها، ارتجاج المخ (Brain Concussion) ، الصرع (Epilepsy) ، هبوط الدورة الدموية (shock)، الارتفاع الشديد في درجة الحرارة (الحمى) أو الانخفاض الشديد، زيادة السموم الأيضية (Metabolic Intoxication) مثل حالات الفشل الكلوي والكبدي، وزيادة أو نقص السكر في الدم بدرجة شديدة لدى مرضى البول السكري(Diabetes Mellitus)، أو التسمم الكحولي (Alcoholic Intoxication) ، وحالات أورام المخ وخراج الدماغ ونزف الدماغ والتهابه الفيروسي، واحتشاء الدماغ أي احتباس الدم عن جزء منه (Brain Infarction). وهناك الغيبوبة بسبب انفعالي، وهي التي تدخل تحت اضطراب التحول (Conversion Disorder) ، أو ما يسمى بالإغماء الهستيري، إذ يفقد المريض وعيه بتأثير الانفعال.
  2. الغيبوبة الساهرة (السبات السهري): (Coma Vigil)، وهي حالة فقدان الوعي التام، والتي تبقى فيها العينان مفتوحتان، وتحدث في الحالات التي تكون فيها الآفة (نزف أو ورم أو خلافه) في الجزء المركزي لجذع الدماغ، إذ يصيب الخلل الجهاز المنشط الشبكي.
  3. شبه الغيبوبة (الذهول) :(Stuper) وهي حالة من نقص التفاعل للمثيرات، ونقص الوعي بالبيئة المحيطة. ويستخدم اللفظ عينه، في الطب النفسي كمرادف للبكم. وليس بالضرورة أن يكون متضمناً اضطراب الوعي كما يحدث في الفصام الكتاتوني إذ يكون واعياً بكل ما حوله، (مثل المريض الشاب الذي أحضرته والدته وهو في حالة يقظة ولكنه لا ينطـق ولا يجيب على أي من الأسئلة التي وجهت إليه، وشكت أمه أنه على تلك الحال منذ ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشـرب ولا يتكلم، ولا حتى يتحرك من مكانه لدخول دورة المياه إلا بصعوبة شديدة، فعلى الرغم من أنه في حالة يقظة، إلا أنه في ذهول، وعندما أعطى جلستان من النوبات المحدثة كهربائياً تحسن، وأصبح يأكل ويتكلم ويتحرك بسهولة ).
  4. تشوش الوعي أو تغيم الوعي (Confusion - Clouding): إذ يضطرب الوعي بدرجة لا يستطيع المريض إدراك البيئة المحيطة به من زمان ومكان وأشخاص، ويحدث في حالات الهذيان (Delirium) ، فيسبب خلل الانتباه (صعوبة المحافظة على الإنتباه وقلة التركيز والتشتت) وعدم اتساق التفكير وتناثره، ويضطرب الإدراك في صورة خطأ تأويل أو هلاوس مع استجابة انفعالية ترتبط بمحتوى الهلاوس (أو خطأ التأويل)، فمثلاً الشخص المصاب بالهذيان يرى الستارة فى حجرته على أنها كائنات غريبة من عوالم مخيفة، وينتابه الخوف الشديد من جراء ذلك، وقد يخرج من أقرب نافذة على أنها الباب، وذلك لخلل الإدراك المترتب على خلل اليقظة (تغيم الوعي).   
  5. الخدار (Torpor): وهى حالة من تناقص الوعي غير المصحوبة بهلاوس أو خطأ تأويل (illusion) أو ضلالات أو عدم استقرار. ويكون المريض لا مبالي وخامل، وغير قادر لأن يعبر عن نفسه بوضوح.
  6. الغيبة (Trance): وهي حالة تشبه النوم، من نقصٍ للوعي والنشاط.

وهناك تغيرات كيفية (نوعية) في حالة الوعي نذكر منها:

  1. الانشقاق( Dissociation):  وهى حيلة دفاعية يحدث فيها عزل بعض الوظائف العقلية أو السلوكية عن باقي النشاط النفسي الشخصي، كما يحدث في الاضطرابات الانشقاقية مثل النساوة الانشقاقية والشراد الانشقاقي وكذلك المشي أثناء النوم.
  2. التغير بما يشبه الحالم (Dream Like Change of Consciousness): حيث يتناقص مستوى الوعي (وهي خبرة ذاتية)، وتزيد عتبة الإدراك الحسي لكل المثيرات ويكون المريض غير مدرك للزمان والمكان، إلاّ أنه يكون مدركاً للأشخاص وتكون حالة التغير هذه مصحوبة بهلاوس بصرية لحيوانات صغيرة مع خوف، ونادراً ما تصاحب بهلاوس سمعية وشمية وهى غالباً مرتبطة بتلف (آفة) في الفص الصدغي (Temporal Lobe Lesion).
  3. تضيق الوعي (Restriction of Consciousness): وفيها يضيق وعي المريض، إذ يطغي على عقله مواقف قليلة، وأفكار قليلة، فضلاً عن عدم إدراكه للزمان والمكان، وتشمل:

أ. حالة تشبه نوم الفجر  (Twilight State): وهي تضيق الوعي المرضي الطاريء، الذي يمنع استمرار حالة الوعي الطبيعي والسلوك السوي. وتحدث في حـالات الصرع، وحـالات الهستيريا. وفيهـا يحدث تضيق الوعي لأسبـاب ودوافـع لا شعورية وتسمى (كاتاثيميـا) (Catathymia).

ب. حالة الشراد (Fugue) ، وتطلق على حالات التجوال المصحوبة بفقدان ذاكرة إلى حدٍّ ما.

  1. المشي أثناء النوم (Somnambulism): وهي حالة من الانشقاق، يكون فيها النشاط الحركي واعياً في حين يكون النشاط الفكري غير واعي. وتحدث، غالباً، للأطفال. وعندما تحدث للكبار فإنها غالباً ما تكون مرتبطة باضطرابات نفسية أخرى، مثل الشخصية الشبه فصامية أو الفصام.
  1. التنويم (Hypnosis): وهو تغير صناعي في الوعي يتميز بقابلية شديدة للايحاء.
  2. ويترتب على خلل اليقظة، غالباً، اضطراب الاهتداء (إدراك البيئة) (الذي يشمل الوعي بالزمان والمكان والأشخاص) فيحدث:

أ. عدم الوعي بالزمان (Disoriented for Time): إذ لا يعرف الشخص الزمن الذي يعيشه، حالياً، وهو اليوم من الأسبوع والساعة بالتقريب، وتاريخ اليوم والسنة والفصل من السنة.

ب. عدم الوعي بالمكان (Disoriented for Place): إذ لا يعرف المكان الموجود فيه، حالياً، وعنوان البيت وسبب وجوده في هذا المكان في هذا الوقت.

ج. عدم الوعي بالأشخاص(Disoriented for Persons): إذ لا يعرف الوعي بهوية نفسه وهوية الآخرين في بيئته المباشرة، فيما يتعلق بأسمائهم ودور كل منهم في البيئة المشارك له فيها.

 



[1]  النوم الانتيابي (السبخ): وهي نوبات من ارتخاء العضلات المفاجئ. وتبدأ بانفعالات قوية، يمكن أن ينتج منها السقوط في نوم غير طبيعي (من النوم المصحوب بحركة العين السريعة)، في نوبات متكررة، تكون مملوءة بالأحلام، ويفهمها الشخص على أنها هلاوس الدخول في النوم، أو المصاحبة للاستيقاظ. ويصاحب النوم الانتيابي شلل النوم (إذ تنعدم حركة الشخص، أثناء النوم، وعند استيقاظه المفاجئ).