إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات متنوعة / الموسوعة المصغرة للحيوان









النمر

النمر

تعريف

       النمر اسم يطلق على أنواع خاصة من فصيلة القطط، التي تختلف أحجامها تبعاً لمنشئها وبيئتها. وهي تعيش في غابات آسيا وأفريقيا. والنمر أصغر حجماً من أنواع فصيلته الأخرى، كالأسد، ولكنه يتميز عنه بمقدرته الفائقة على التسلل في خلسة وهدوء، ليختبأ بين فروع شجرة باسقة حتى يفاجأ فريسته من حيث لا تتوقع. وقد يلجأ إلى الحيلة والمكر في سبيل ذلك. وهو صياد ماهر يقضي على فريسته بسرعة هائلة، عقب قفزة مباغتة. وهذه الحيوانات أصبحت الآن مهددة بالانقراض، لذا سنت دول كثيرة القوانين لحمايتها.

التصنيف البيولوجي

       ينتمي النمر إلى شعبة الحبليات المتفرعة إلى شعيبة الفقاريات، المصنفة تحت رتبة آكلات اللحوم. وفصيلته أو عائلته هي القطيه، ونوعه النمر. وللحق فإن هذا الحيوان يعتبر من أجمل أفراد العائلة القطيه، وأكبرها حجماً ومن أكثرها جذباً للانتباه في حدائق الحيوان في مختلف بلاد العالم.

ومما ورد في التراث من أسماء النمر:

       الأَبْرَد ـ الأَرْقَط ـ السَّبَنْتَي ـ الكَثْعَم ـ الضَّرْجَع.

وكذلك مما ورد من كناه ما يلي:

       أبو الأسود ـ أبو جعدة ـ أبو جهل ـ أبو خطاف ـ أبو رقاش ـ أبو عمرو ـ أبو المرسال ـ أبو فارس...(محيط المحيط).

أمّا أنثى النمر، فتسميها قواميس اللغة:

       النَّمِرَة ـ الأَبْرَد ـ الخَيْثَمَة ـ السَّبَنْتَاة ـ العُسْبُرَة ـ الفَزَارَة.

كما تكنيها القواميس أيضاً:

       أُمّ الأَبْرَد ـ أُمّ رِقَاش ـ أُمّ فارس ...

ومن أسماء جراء النمر في التراث:

       الفِزْر ـ الهِرْمَاس ...

أمّا صوته عند الغضب فيسميه العرب:

       الزَّمْخَرَة ـ التَّزَمْخُر ...

بينما صوته وهو نائم أو مسترخٍ

       الهَرِير ـ الغَطِيط ـ الخَرِير ـ الخَرْخَرَة ...

ويُجمع النمر على:

       أُنْمُر ـ نُمُور ـ نُمُورَة ـ نُمُر ـ أَنْمَار ـ نُمْر ـ نِمَار ـ نِمَارَة.

أنواع النمور

       النمر اسم يطلقه العامة على عدة أنواع من القطط البرية، منها الببر Tiger واسمه اللاتيني (Panthera tigris) (انظر صورة الببر) الذي يختلف عن النمر الحقيقي أو النمر الأرقط  (انظر صورة النمر الأرقط) Panthera pardus Leopard في الحجم، والوزن، ولون الجلد. فالببر ذو لون أصفر داكن، مخطط من أعلى إلى أسفل بخطوط سوداء لها  ترتيب خاص، ويحمل الوجه 4 خطوط عرضية، تقل في الطول كلما اتجهت لأسفل، إضافة إلى مجموعة من الخطوط شبه الدائرية أحدها تحت العينين، وله ذيل قوى طويل يساعده على حفظ توازنه عند الجري والوثب، وقد يستعمله للضرب وأثناء السباحة. وينتشر الببر في الهند وسومطره وجزيرة جاوة وأقصى شرق روسيا وجنوب الصين ونادراً ما يُرى في شمال الصين ويعيش في أماكن متفرقة متنوعة لكن أغلب بيئاته هي الغابات. وهو حيوان انعزالي الطبع، يفضل العيش منفرداً. وهو من الحيوانات ذات الحمى، وقد تصل مساحة حماه إلى 400 ميل مربع، يحرسها ويمر على حدودها لحمايتها ويعلمها بنقاط من بوله وإفرازاته. وأغلب هذه الحيوانات تصطاد ليلاً، حيث تختبئ وتنقض على فرائسها التي تتنوع ما بين أيائل، وجاموس، وماعز، ولا تستثنى الحيوانات الصغيرة. والنمر حيوان رشيق، وسبّاح ماهر؛ وفي البرد القارس يستطيع أن يرسب تحت الجلد طبقة من الدهون، سمكها 5 سم لحمايته من البرد.

الببر

       أصغر أنواع الببر هي التي تعيش في جاوة، بينما أكبرها هو الببر السيبيري SiberianTiger الذي يعيش في منشوريا Manchuria، وسيبيريا. ويعتمد طول شعر فراء الببر على مناخ المنطقة، فإن كان الجو بارداً ازداد طول الشعر وسمك الجلد. ويبلغ طول الرأس مع الجسم ما بين   1,4 ـ 2,8 متراً والذيل 60 ـ 90 سم، ويزن حوالي 300 كيلوجراماً.

       ويعتبر الببر من الحيوانات المهددة بالانقراض، على الرغم من ازدياد أعداده في الأعوام الأخيرة إلى عدة آلاف. وقد أنشأت الهند محميات عديدة لحمايته، حيث كانت هذه الحيوانات الجميلة تصطاد لجلدها الثمين الذي يستعمل ديكوراً رائعاً، أو تصطاد لمجرد إشباع هواية الصيد.

       وتبلغ فترة الحمل لدى الببر ثلاثة أشهر ونصف 104 ـ 106 أيام تضع بعدها الأنثى من جروين إلى أربعة جراء، ترضعهم وترعاهم لمدة 5 ـ 6 شهور. ثم تبقى الصغار تحت رعاية الأم ورفقتها لمدة سنة أو أكثر تتعلم خلالها فنون الصيد والدفاع عن النفس. وليس للنمور موسم تزاوج محدد، فالتزاوج يحدث في أي فصل من فصول السنة. ويستطيع النمر البالغ أن يعلو أنثاه ما يربو على المائة مرة أثناء فترة شبقها.

النمر الأرقط Panthera  pardus) Leopard))

       من أنواع النمور التي لا تخطئها العين لرشاقتها ولونها الجميل، ويراوح لون فرائها بين الأصفر والرمادي، وأكثر ألوانه شيوعاً البني الفاتح الضارب إلى الصفرة، ومزيّن ببقع سوداء متجمعة على هيئة دوائر أو ورود. أما آذانها فذات ظهر أسود، علية خط أبيض في الوسط. ويبلغ  طول الرأس والجسم معاً 95 ـ 150 سم، والذيل 60  ـ  95 سم، والوزن 25 ـ 45 كجم. وقد يصل طول الذكر الكامل النمو، من الأنف إلى الذنب  2.8 متراً، كما قد يزن 45 ـ 75 كيلوجراماً.

       وينتشر النمر الأرقط في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى، وكذلك في جنوب آسيا. ويعيش في الأحراش والغابات على ارتفاعات مختلفة. وهو حيوان يفضل العيش منفرداً إلاّ في فترات التزاوج القصيرة. وهو ليلي النشاط، يقضي نهاره مسترخياً بين أغصان الأشجار، منتظراً مرور فرائسه من الأيائل والماعز والخنازير البرية والقرود، وخاصة قرد البابون أو حتى الطيور الأرضية. فإذا كانت الفريسة صغيره قتلها بِعَضِّها في منطقة الزور، أمّا إن كانت كبيرة الحجم فيقتلها بكسر رقبتها وفقراتها العنقية، ثم يجرها لمسافات كبيرة وقد يرفعها فوق الأشجار. وقد عُثر على جثث طرائد تزن ما بين 35 و68 كيلوجراماً فوق أشجار يبلغ ارتفاعها 4 ـ 6 أمتار، حملها نمر أرقط إلى هناك (انظر صورة نمر يلتهم فريسته).

       وتراوح فترة الحمل عند النمر الأرقط بين 90 يوماً ـ 105 أيام، تضع بعدها الأنثى جروين أو ثلاثة، يظلون في كنف الأم لبضعة شهور. ثم يعتمدون على أنفسهم عند بلوغهم عاماً واحداً من العمر. والنمر الأرقط يكيف نفسه جيداً على الحياة في الأماكن القريبة من الإنسان، ويتحين الفرص للهجوم على حيواناته. وهذه النمور نادراً ما تهاجم الإنسان، ولكنها عندما تكتشف أن الإنسان ضحية سهلة لها، تصبح من أشد الحيوانات البرية خطراً عليه.

وبعض أنواع  النمور الرقطاء لونها أسود تماماً، وتعرف بهذه الصفة أي النمر الأسود Black panther، وقد يصعب من شدة سواده رؤية البقع التي على جلده، فيبدو الحيوان وكأنه أسود اللون تماماً. وهذا النوع  شائع في بعض مناطق جنوب آسيا.

       كما توجد أيضاً نمور بيض، ولكنها أشد ندرة من نظيراتها السود.

نمر الثلــوج  Panthera unica) Snow Leopard) (انظر صورة نمر الثلوج)

       يلاحظ من اسم هذا النمر أنّ العلماء صنفوه في نوع آخر (Genus uncia)، غير النوع الذي ينتمي إليه النمر الأرقط. ويُعد نمر الثلوج من أجمل أنواع هذه الفصيلة، ففراؤه طويل كثيف رمادي، فاتح على الظهر مع خط أسود يمتد على طول الظهر. أمّا باقي الجسم فأبيض مزين بدوائر سوداء على الرأس والعنق والأرجل الخلفية؛ مع وريدات على جانبي الجسم والذيل. ويبلغ طول الجسم 100 ـ 130 سم، والذيل 80  ـ 100 سم، ويصل الوزن إلى 70 كيلوجراماً. وينتشر هذا النوع في آسيا الوسطى، من شمال غربي الصين إلى التبت وجبال الهمالايا. ويعيش في أعالي الجبال على ارتفاعات تصل إلى 700 , 19 قدم، ويهبط إلى سفوح هذه الجبال في الشتاء. ويتغذى هذا النمر أساساً على ماعز الجبال والأغنام والأيائل والحيوانات الأخرى. وتراوح فترة حمله بين 98 يوماً ـ 103 أيام، تلد الأنثى بعدها جروين أو ثلاثة. وترضع الأم صغارها بعد ولادتهم لمدة شهرين، تبدأ الصغار بعدها في تناول الغذاء المعتاد. وفي عمر 3 شهور تتبع الجراء أمهاتها، وتبقى معها مدة عاماً كاملاً أو أكثر.

الجاجـــوار  Panthera onca) Jaguar) (انظر صورة اليغور "الجاجوار")

       يتميز نمر الجاجوار بفرائه الأصفر الفاتح، الضارب إلى الحمرة على الظهر، مع وجود علامات دائرية، أو وريدات مميزة لها بقع سوداء في مراكزها، ولون البطن أبيض. وتوجد من هذا النمر ستة أنواع، تختلف فيما بينها اختلافات طفيفة. ورأس الجاجوار كبير نسبياً، ويراوح طول الرأس والجسم 2,1 ـ  8,1م، والذيل 45 ـ 75 سم، وارتفاعه 85 سم، والوزن 90 ـ 114 كيلوجراماً. والأرجل قصيرة ولكنها قوية متينة التكوين. ومتوسط حياة نمر الجاجوار 22 عاماً.

       وينتشر هذا النوع من النمور الآن في غابات باراجواي Paraguay، وبعض مناطق البرازيل وقد انقرض تماماً من الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان ينتشر في الجنوب الغربي منها.

       ويكثر وجود نمر الجاجوار قرب الأنهار والمجاري المائية، فهو يجيد السباحة. وله قدرة الصيد على الأرض أو على الأشجار. وطرائده من مختلف الحيوانات، الكبيرة والصغيرة. وهو يفضل العيش منفرداً إلاّ في موسم التزاوج، الذي يحل في فصل الربيع في المناطق الشمالية، أو في أي وقت من السنة في المناطق الاستوائية. وتراوح فترة الحمل لدى الجاجوار بين 95 يوماً ـ 111 أيام، تضع الأنثى بعدها جروين إلى أربعة جراء، ترعاهم الأم لمدة 3 ـ 4 شهور. وتبقى الصغار مع أمهاتها لمدة طويلة قد تجاوز العامين.

الفـهـد  (Acinnyx  jubatus) Cheetah

       حيوان انسيابي شديد الشبه بالنمر، تبدو رأسه صغيرة مقارنة بجسمه. وله أرجل طويلة وظهر مقعّر، ويتميز بعلامة سوداء على جانبي الوجه. ولون الجسم أصفر تكسوه بقع دائرية سوداء. ويبلغ طول الرأس والجسم 4, 1 ـ 5, 1  متر، والذيل 60 ـ 70 سم، والوزن 55 ـ 60 كيلوجراماً. والأنثى أصغر حجماً من الذكر.

       ينتشر هذا الحيوان في أفريقيا جنوب الصحراء، عدا مناطق الغابات في الجزيرة العربية وإيران ويعيش في السافانا والأماكن العشبية الجافة. ويصطاد الفهد في النهار، مفضلاً الفجر ووقت الغروب. ومن طباعه أنه يعدو خلف فريسته، فإذا اقترب منها اندفع في قفزات قصيرة وسريعة جداً. وقد تصل سرعته نحو 70 ميلاً في الساعة، مما يجعله أسرع الثدييات عدواً. وهو يصطاد الحيوانات المتوسطة، مثل الغزلان والأيائل. والفهد حيوان هادئ غير عدواني، تمكن الإنسان في كثير من الأحيان من ترويضه واستخدامه في الصيد. وهو لا يتحمل التغيرات والتقلبات المناخية، كما أنه لا يحب ارتياد الأماكن التي يكثر وجود الإنسان فيها. وقد نقصت أعداده كثيراً، لدرجة أصبح فيها مهدداً بالانقراض. وتراوح مدة الحمل لدى الأنثى بين 90 ـ 95 يوماً، تلد بعدها من جرو إلى ثمانية جراء، يظلون في رعاية أمهم لمدة 6 أسابيع، ثم يعتمدون على أنفسهم بعد بضعة شهور.  

       وقد وجدت نقوش للفهد على الآثار الفرعونية، كما أن الأثاث الجنائزي للملك توت عنخ آمون مزين بأقدام ورؤوس الفهد، مما يدل على معرفة الفراعنة لهذا الحيوان الرشيق.

بعض الصفات العامة للنمور

       تشترك النمور مع أنواع القطط الأخرى، في مجموعة من الصفات، التي تميزها عن الحيوانات الأخرى من آكلات اللحوم. فخلافاً للكلاب، التي تعتمد على حاسة الشم، فان القطط  البرية تعتمد أساساً على حاستي البصر والسمع، وكذلك على حاسة اللمس. وخلافاً لكثير من آكلات اللحوم، يبدو أن القطط فقدت بعض أسنانها أثناء عملية التطور. ولا عجب في ذلك، فهي لا تحتاج، في الواقع، إلى الضروس الطواحن، لأنها لا تمضغ الطعام ولا حاجة لها بطحنه. فما أن تصل إلى فمها قطعة من اللحم، حتى تبتلعها على الفور. ويعمل فكا القط في اتجاهين فقط: أعلى وأسفل. ولذا فالقطط لا تستطيع التعامل مع عظام الفريسة، التي لابد لها من الحركة الجانبية لمضغ الطعام، كما لدى الإنسان والكلاب. ويتبع النقص في عدد الأسنان، صغر حجم الخطم وتفلطح الوجه. وتشكيل الوجه على هذه الهيئة له أهميته، لأن القط يعتمد كثيراً على عينيه في الحكم على المسافات، ولذا تقع الأعين في مقدمة الرأس وليس على جانبيه. ويعنى ذلك تداخل مجال الرؤية، الذي يعطى القط إحساساً جيداً بالعمق. وتختلف القطط في ذلك عن آكلات العشب مثلاً، التي توجد عيناها على جانبي الرأس، فلا حاجة لها بالبحث عن الطعام، وكل ما يهمها أن ترى مصادر الخطر، التي قد تأتى من آي اتجاه. وكذلك الأرنب يمكنه أن يرى إلى الأمام، والى أعلى، والى الخلف والى اليمين أو اليسار ولكن بعين واحدة. ولا يمكن أن يتخيل الإنسان ـ الذي يماثل وضع عينيه وضع عين القط ـ ما يمكن أن يراه الأرنب. كما لا يمكن أن يتخيل الإنسان ما يراه القط، الذي يُعتقد أنه لا يميز بين الألوان، نتيجة لاختلاف تركيب المخ في النوعين. وعينا القط واسعتان لا تطرفان، ولا يستطيع القط النظر بطرف عينيه، وعليه أن يحرك رأسه في الاتجاه المطلوب. وتستطيع عينا القط أن تركزا الرؤية، بسرعة ووضوح، على أي مسافة من المسافات.

       ومما يميز القط أيضاً لسانه، الذي تغطيه نتوءات تعرف بالحلمات. وتكون هذه الحلمات لدى القطط البرية مرعبة وهائلة، خلافاً للقطط المنزلية، التي تكون حلامات ألسنتها صغيرة ناعمة. وتفيد خشونة لسان الحيوان في تنظيف جسده، كما تفيده أيضاً في تناول الطعام.

       وأرجل القطط البرية متوسطة الطول نوعاً، ولكنها قوية جداً ومزودة بمخالب حادة.

الصيد

       مجموعة النمور من الحيوانات التي تستطيع العدو بسرعة قد تصل إلى 80 كيلومتراً في الساعة أو أكثر. وهي شديدة البأس والقوة، ومقاتلة شرسة، ونادراً ما تبدأ مطاردة فريسة وترجع دون صيدها.

       وعند مطاردة الأيائل، يستطيع النمر أن يغير اتجاهه فجأة، وبزاوية قائمة (تسعين درجة) في ثوان معدودة. وعند الاقتراب من الفريسة فانه يضربها ناشراً مخالبه، فيجرحها جروحاً مؤلمة تؤثر في قدرتها على المناورة، وعندئذ يطبق على رقبتها لينهي المطاردة لصالحة. ويقف النمر واضعاً كلتا قائمتيه الأماميتين على الفريسة، ليشعر بدفئها بواسطة وسائد أقدامه؛ ثم يسحب الفريسة إلى أقرب مسطح مائي ويلعق دمها، ثم يرتوي بالماء، ويرجع ليشم رائحة دماء الفريسة؛ ويلعقها المرة تلو المرة. ويبدأ في تناول وجبته مبتدئاً بالأرداف، ثم الأكتاف، ثم جوف الفريسة، ويأكل منها القلب والرئتين. فإذا ما أحس الشبع، أخفي ما تبقى من فريسته في مكان آمن. وهو غالباً لا يرجع إليها لأنها ستكون غذاء لجوعى آخرين.

النمر في الأمثال العربية

       يضرب المثل بإست النمر (أي دبره) في الحماية والمنَعة، وبجلده في المكاشفة وإبراز صفحة العداوة، كما يُضرب المثل بوثبته في الطول وبُعد المسافة.

       يقال" "أَحْمَى من اُسْتِ النمر" و"وأُعَزَُ من اُسْتِ النمر"، و"أَمْنَع من اُسْتِ النمر"، و"لَبسَ لهم جلدَ النمر"، و"وَثْبَةُ النمر".

في الشعر العربي

       قال الثعالبي (عبدالملك بن محمد) "من مجزوء الرجز"

تَسْمَحُ بالقُوتِ العَسِرْ

كتَبْتُ منْ صَوْمَعَةٍ

يَلْبَسُ لي جِلْدَ النَّمِرْ

والدَّهْرُ منْ جفائِه

ونَجْمُ حالي مُنْكَدِرْ

فماءُ عَيْشِ كَدـِرٌ

       وقال ابن الرومي في هجاء قوم "من البسيط"

يَرْعَوا لَهُ حُرْمَةَ القُربَى ولا الإصَرِ

وبارَزُوا اللهَ في قُرْبَى النبيِّ ولمْ

مِنْهُ بِحَبْلٍ ضعيفٍ واهـنِ المِـرَرِ

بَرُّوا ذليلاً وعقُّوا اللهَ واعْتَصمُوا

مُسْتَأْسِدينَ عليهِمْ جِلْدَةَ النِّمِرِ

سَرَى إليهِ عُداةُ اللهِ فانْصَلَتُوا

       وقال القتّال الكِلابيّ يذكر مصاحبته للنمر "من الطويل"

هـــو الجَوْنُ إلاّ أَنّهُ لا يُعَلَّلُ[1]

ولي صاحِبٌ في الغار هَدَّكَ صاحِباً

صِماتٌ وطرْفٌ كالمعابِلِ أَطْحَلُ[2]

إذا ما التَقَيْنا كـان جُلَّ حدِيثنــا

كِلانا لـَهُ مـنها نصيبٌ ومأْكَلُ[3]

تضمَّنتِ الأَرْوى لــنـا بِطعامِنا

أُمـيـطُ الأَذى عَنْهُ ولا يتأَمَّلُ[4]

فَأَغْلِبُهُ فــي صَنْعَةِ الـزادِ إنِّني

شـرِيعَتُنـا لأيِّنا جـــاءَ أوَّلُ[5]

وكانتْ لنا قَلْتٌ بــأرضِ مضلَّةٍ

مَحَزَّا، وكلٌّ في العـداوَةِ مُجْمِلُ[6]

كِلانـا عَدُوِّ لو يرى فـي عَدُوِّهِ

نمور للبيع

       يشكل الطب الشعبي الآسيوي أكبر تهديد لحياة النمور في البرية، حيث يعتقد كثير من الآسيويين أن أجزاء محددة من جسد النمر يمكن أن تستخدم لشفاء بعض الأمراض. فلأكثر من ألفيّ سنة استخدم الأهالي النمور كمكونات في تركيب المنشطات الجنسية، ولعلاج مجموعة كبيرة من الأمراض، مثل حصوات المرارة وحب الشباب والتشنجات.

 



[1] هدَّك : كفاك. الجون: اسم صديق القتال، وقيل: هو أخوه. وقيل: هو النمر.

[2] الصمات : الصَّمْت، السكوت. المعابل: جمع معبلة، وهي النصل الطويل العريض. الأطحل: لون بين الغبرة والسواد.

[3] الأروى : أنثى الوعل (تيس الجبل).

[4] أي : هو والنمر لا يتساويان في معالجة الزاد، فالشاعر يُبعد الأذى عن النمر، والنمر يأكل الزاد دون اكتراث لأي خطر.

[5] القَلْت : النُّقرة في الجبل يستنقع فيها الماء. المَضلَّة: الأرض التي تُضِلُّ سالكها. الشريعة: المشْرَب، والمعنى: أيّنا جاء أولاً إلى مورد الماء يشرب، فينتظره الآخر.

[6] مجمل : مقتصد. والمعنى: كل واحد منهما يدرك صعوبة الإقدام على الآخر، فلا يجد فيه محزّاّ.