إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات متنوعة / الموسوعة المصغرة للحيوان









cat

43. القط التركي Turkish Van

      قط جميل يتميز بشعر متوسط الطول، لونه أبيض ما عدا الذيل والرأس، وهو مغرم بالسباحة. وقد أُدخل القط التركي إلى أوروبا لأول مرة مع الحملات الصليبية العائدة من الشرق الأوسط، واشتُهر بعدة أسماء وفقاً للأماكن التي قدم منها، مثل: الأبيض حلقي الذيل، والروسي طويل الشعر، والقط التركي. وهذا القط سلالة مختلفة عن القط المعروف بالأنجورا التركي.

      ومن صفاته أنه قط كبير الحجم، نشط ذكي لماح؛ له فراء يشبه الكشمير في ملمسه وتركيبه وهو غير قابل للبلل، مما يعطيه القدرة على السباحة دون خوف من الغرق، يجعله يستحق لقب "القط السباح"Swimming Cat .

      ويبلغ القط النضج خلال 3 ـ 5 سنوات، وهو صديق مخلص للإنسان إذا احسن رعايته وتغذيته، وهو لا يحتاج إلى مجهود في نظافته لأنه دائم التأنق.

44. قط الأنجورا التركي Turkish Angora  (انظر صورة قط أنقرة التركي)

      نشأ هذا القط في تركيا ويتميز بشعر متوسط الطول SemiـLong Haired Cat، وجسم طويل رشيق، وفراء حريري. ولونه الغالب هو الأبيض إلاّ أن لديه مجموعة من الألوان، أو مزيج منها.

      وهو قط نحيف نشيط، حجمه صغير أو متوسط، وشعره طويل نسبياً دون وجود طبقة أخرى من الشعر القصير، كما في القط الفارسي، مما يجعل تنظيفه والعناية به أمراً ميسوراً. وجسمه متوازن رشيق، مغطى بفراء حريري يتماوج مع حركة الجسم القوى النشيط، والرأس صغير إلى متوسط الحجم، يتناسق مع طول الجسم والأطراف؛ وقد يكون الرأس متوسط الطول إلى وتدي الشكل، وله خطم مزود بوسادة  من الشعر الحساس، ويندمج بخطوط ناعمة مع الوجنات والأنف. أمّا الأُذنان فكبيرتان، متقاربتان، منتصبتان وذات قاعدة عريضة مدببة من أعلى، وتنتهي بخصلة من الشعر. والعينان واسعتان بيضاويتان، تتجهان من أعلى لأسفل باتجاه الأنف؛ وقد يكون لونهما أخضراً، أو ذهبياً، أو ذهبي مخضر، أو نحاسياً أو أزرقاً. ولا يرتبط لون العينين بلون الفراء. أمّا الأنف فمتوسط الطول، والرقبة طويلة، رشيقة، ونحيفة، والذقن قوية ومستديرة.

      وجسم الأنجورا رشيق متوسط الحجم، ذو أرجل طويلة نسبياً، وتكون الخلفية أطول من الأمامية؛ والمخالب صغيرة مستديرة. كما أن الذيل طويل ينتهي بطرف مدبب. وهو قط هادئ الطبع وصديق رائع سريع الحركة شديد الذكاء، ويقبل التدريب.

45. القط الشرقي طويل الشعر Oriental  Longhair

      هذا القط هو النسخة متوسطة طول الشعر، من القط الشرقي قصير الشعر. ويتميز بالجسم الأسطواني والنشاط؛ وهو إمّا  بلون واحد أو مخطط. ويعرف مجازاً في إنجلترا بالقط "الأنجورا" لنعومته.

      ومن الناحية التاريخية فقد كانت القطط السيامي، في موطنها الأصلي تشتمل على عدة ألوان منها البني والأسود والمفضض والأبيض، أو قطط مزدوجة اللون. ولكن في عام 1920، رفض نادى القطط السيامي في إنجلترا الاعتراف بهذه الألوان في دخول المسابقات، وسمح فقط باللون السيامي المعروف مما أدى إلى انقراض أغلبها. وما تبقى من قطط ملونة أطلق عليها "القطط الشرقية قصيرة الشعر " Oriental  Shorthair" ثم أصبحت هذه القطط تعرف بالهافانا Havanas، أو بالشرقيين Orientals، أو الغرباء Foreigns. ولكن المربين الإنجليز ميزوا أنواع الهافانا، التي منشأها إنجلترا وأعطوها اسم "الشرقي الكستنائي قصير الشعر  Chestnut Oriental Shorthairs "، لتمييزها عن باقي الأنواع التي أعطيت اسم "الشرقي Oriental"، وهذه الأنواع شديدة الذكاء والنشاط والفضول، كما أنها شديدة الولاء لأصحابها، حيث تصحبهم إلى كل مكان، قافزة على أكتافهم أو جالسة على حجورهم. وهي ترغب مبادلتها الاهتمام والحب والمداعبة، وإمدادها بمختلف اللعب ذات الأشكال والألوان المتعددة.

      وهذا القط أملس ناعم، ذو جسم أسطواني وأرجل مستديرة قوية، وذيل طويل. الرأس وتدية، تعلوها أذنان واضحتان، أمّا العينان فشكلهما بيضاوي يميل إلى الداخل، والأنف مستقيم. ولون العينين إمّا أزرق في الأنواع البيضاء، أو أخضر في الأنواع المخططة. وقد تكون العيون صفراء، وهو لون غير مرغوب.

46. القط الصومالي  Somali (انظر صورة القط الصومالي)

      شبيه بالقط الحبشي أو الأثيوبي، ويعتبر من نسلهما، وهو متوسط الحجم له شعر طويل، ووجه جميل، وذيل منفوش، وفراء كثيف ناعم سميك يشبه فراء القطط البرية. ويطلق عليه أحياناً "القط الثعلب Fox Cat ".

      وهو قط رشيق ذو عضلات مرنة، كما أنه ذكيٌ متأهب دائماً ومحب للاستطلاع. إن أصدق وصف لهذا القط هو أنه: "متوسط الحجم، متوسط طول الشعر، متوسط النوع"، وشعره منقط بلون داكن، مما يعطى انطباعاً بأن الفراء يتلألأ عند حركته، ويوجد على الجبهة خطوط طولية على هيئة حرف M. والعيون ذات اللون الذهبي أو الأخضر، محاطة بهالة داكنة ويزن الذكر من 10 أرطال إلى 12 رطلاً، والأنثى من 6 إلى 10 أرطال. والقط الصومالي هادئ الطبع، مطيع، ويعتبر رفيقاً جيداً للإنسان، ويسهل تعليمه.

47. القط السيامي التقليدي Traditional  Siamese  (انظر صورة القط السيامي)

      يُسمـى هذا القط أيضاً السيامي الكلاسيكي Classic Siamese، أو السيامي ذو الرأس التفاحي Apple Head Siamese، حيث له رأس مستدير وجسم أشد استدارة من القط السيامي المعاصر. وهو قط عاطفي شديد التعلق بصاحبه. وألوانه الأزرق، والبني، والأسود والأرجواني الفاتح (لون زهور الليلاك).

      ويعتبر هذا النوع من السلالات الطبيعية، التي نشأت دون تدخل الإنسان. وهناك جدل واسع عن أصل هذه السلالة، خاصة فيما يتعلق بعقدة الذيل والعيون المائلة، حيث يُعتقد أنها كانت تحرس المعابد البوذية، وتعتبر مقدسة لا يحتفظ بها إلاّ الكهنة والملوك. وظهرت القطط السيامي في الغرب حوالي عام 1800م، إلاّ أنها لم تلق الترحيب الكافي، ووصفت أنها قطط غير طبيعية وتعتبر  بمثابة كابوس. ثم سرعان ما انتشرت وأصبحت محبوبة لدى كثير من الناس. وكانت المجموعة الأولى منها ذات عيون مائلة وذيول معقودة، وهما عيبان من العيوب التي اختفت تقريباً بفضل الهندسة الوراثية والتهجينات.

      وتعتبر الجينة المسؤولة عن اللون المميز للقط السيامي، جينة متنحية. لذلك عند تهجن جراء أصلية يجب أن يكون الأبوان أصيلين. وتكون الجراء السيامي بيضاء تماماً عند الولادة، ولكن الجينة المسؤولة عن لون الوجه والكفوف حساسة للحرارة، أي لا تؤتى تأثيرها في المناطق الساخنة، لذلك يبدأ ظهور اللون في الأجزاء الأكثر برودة من الجسم، وهى الكفوف والوجه والذيل. وفي الأجواء الحارة لا يظهر اللون قبل مضى سنة من ولادة الجرو، وكلما ازداد عمر القط كان اللون البني أكثر عمقاً. وعلى نفس القياس تكون الألوان الأخرى مرتبطة بجينات تعمل على تكوين اللون المطلوب.

      والقط السيامي التقليدي من أقدم سلالات القطط المستأنسة. وقد احتفظ بمظهره وشكله ولونه دون تغيير، منذ أن استورد من سيام. وهو قط عضلي التكوين، نشط، ذكي، ذو رأس مستدير، وعيون زرقاء براقة لامعة، مما يُعطى تبايناً واضحاً بين لون العينين ولون الجسم، وهى خاصية مميزة لهذا القط. وتُسعده صحبة الإنسان، ويرافقه في فراشه، ويلعب بالدمى، فهو مسلٍ لا يبعث الملل في نفس صاحبه.

      والقط السيامي سهل التأقلم، يعيش في أي مكان، يهمه هو صحبة الإنسان.

ثانياً: القطط الوحشية أو البرية (انظر صورة القط البري)

      لا تزال تجوب الصحارى والغابات، في جميع أنحاء العالم، أنواع مختلفة الأحجام والألوان من القطط البرية شديدة الشراسة، وهي حيوانات ذات معيشة ليلية تقتات على الحيوانات الصغيرة، مثل الفئران والسناجب والطيور، وهي سريعة الحركة شديدة المناورة لا يسمع وقع خطواتها حتى لا تفقد عنصر مفاجأة  الفريسة وهى تبتعد عن المدن وتخشى الإنسان.

      وقد أمكن حصر 36 نوعاً مختلفاً منها: الأسد، النمر، الفهد ، الببر، الكوجار، اليغور، وعدد من القطط الأوروبية والأفريقية، وفيما يلي وصف لأهم هذه الأنواع.

1. اللينكس Lynx lynx) Lynx) (انظر صورة قط اللينكس)

      ينتشر هذا النوع من القطط في شرق أوروبا وآسيا، ويعيش في الغابات. وهو ينشط ليلاً ويصطاد الحيوانات الصغيرة، مثل الأرانب والفئران والسناجب وبعض الطيور لغذائه.

      وهو يشبه القط المنزلي الكبير، ولونه أصفر داكن، ذو نقط سوداء والبطن بيضاء، والآذان تنتهي بخصلة من الشعر الأسود، بينما الذيل قصير وينتهي بقمة سوداء. الأقدام قوية، وفراؤها كثيف ويُغطي أخمص الأقدام، والمخالب قوية تبرز عند الحاجة إليها ثم تنسحب داخل جراب خاص. وطول الرأس والجسم حوالي 80  ـ 130 سم، والذيل 11 ـ 24 سم، والوزن 8 ـ 45 كجم، واللينكس ليس عداءاً جيداً ولكنه متسلق ماهر للأشجار وهو حيوان يعيش منفرداً إلاّ في موسم التزاوج.

2. قط بوب  Lynx rufus) Bobcat ) (انظر صورة قط بوب)

      ينتشر هذا القط في غرب كندا والولايات المتحدة الأمريكية وجزء من شمال المكسيك. وهو يعيش في الغابات منفرداً، محدداً طرقه الخاصة ووكره برائحة يفرزها من غدد خاصة. وهو حيوان جوال يرحل خارج منطقة حماه، ونادراً ما يهاجر إلى أماكن أخرى. وتحدث مفارقته لمنطقته بسبب الظروف غير المواتية مثل تقلبات الجو الحادة أو نقص الغذاء. ويتغذى قط بوب على الأرانب البرية والسناجب والطيور. وهو قط ذو فراء ناعم بنى اللون، مزود ببعض العلامات السوداء التي تختلف باختلاف الأفراد، والبطن بيضاء عليها علامات سوداء، والذيل ذو قمة بيضاء وطوله 13 ـ 18 سم، وطول الرأس والجسم حوالي 100 سم، ووزنه 16 كيلوجراماً. ويتناسل هذا القط كل سنتين مرة واحدة، في أواخر الشتاء.

3. الكاراكال Lynx caracal) Caracal ) (انظر صورة قط الكاراكال)

      ينتشر هذا القط في أفريقيا، والبلاد العربية، والشرقين الأوسط والأقصى، حتى باكستان ويعيش في مناطق الحشائش في أفريقيا، والصحارى في آسيا. وهو حيوان ليلي المعيشة والنشاط، ليتجنب حرارة الشمس نهاراً. وعلى الرغم من حجمه الكبير نسبياً، إلاّ أنه ليس عداءاً جيداً، ولكنه يقفز بكفاءة منقطعة النظير. لون الجسم بنى مُحْمر من أعلى، وأبيض من جهة البطن. ويشبه قط اللينكس في أن له خصلة من الشعر في نهاية الأذنين. والقوائم قوية ومتناسقة مع حجمه، الذي يبلغ طوله 66 ـ 76 سم، بينما طول الذيل 20 ـ 30 سم، والوزن 15 ـ 18 كيلوجراماً. وهو يتغذى على الحيوانات الصغيرة والأيائل الوليدة وبعض الطيور. وعلى الرغم من انه يحب العيش منفرداً، إلاّ انه يعيش في أزواج في موسم التزاوج، وفترة الحمل 70 يوماً.

4. قط بللاس  Pallas Cat (انظر صورة قط بلاس)

      ينتشر هذا القط البري في آسيا والصين ويعيش على ارتفاعات تبلغ 13000 قدم في المناطق العشبية. وهو يتغذى على الكائنات الصغيرة. وهو قط ذو لون أصفر باهت، وشعر طويل على البطن، والأذنان صغيرتان مستديرتان مائلتان للخلف قليلاً. وتوجد بعض النقط السوداء على الذيل، وعلى أعلى الرأس والوجه. والذيل مزين بأربع حلقات سوداء. ونظراً لقصر الأرجل، فان القط يبدو سميناً عكس أفراد العائلة القطية، ويبلغ طول الرأس والجسم 50 ـ 65 سم، وطول الذيل 30  سم، والوزن، 5, 2 إلى 5, 3 كيلوجراماً.

5. القط البري الأوروبي (انظر صورة القط البري الأوروبي)

      ينتشر هذا القط في كل أوروبا، خاصة منطقة البلقان. وينتشر شرقاً حتى غرب آسيا حيث يرى نادراً، ويعيش في الغابات والمناطق المهجورة. ويعيش هذا القط منفرداً إلاّ في موسم التزاوج، وهو يفترس الحيوانات الصغيرة والطيور ولذا فهو يغير على المزارع الخاصة. ويعتقد انه أحد أسلاف القط المنزلي. لذا فانه يشبهه، ولكنه أكبر حجماً وأقصر أرجلاً وألوانه متعددة وتتدرج من الرمادي إلى الأصفر الرمادي المزين بخطوط سوداء على الجسم والذيل. ويبلغ طوله من الرأس إلى نهاية الجسم 5, 36 ـ 75 سم، وطول الذيل  21 ـ 37 سم، والوزن من 6 ـ 13 كجم.

6. القط الأرقط (Felis serval) Serval

      ينتشر هذا القط في جنوب الصحراء الأفريقية، كما يوجد في بعض مناطق شمال أفريقيا. ولا يعيش في الغابات ولكنه يعيش في السافانا ومناطق الأراضي الرطبة، على حواف المستنقعات وشواطئ البحيرات.

      يتميز هذا القط بأرجله الطويلة، ورأسه الصغير الحجم بالنسبة لجسمه. والأذنان كبيرتان بيضاويتان منتصبتان على الرأس. ويختلف لون الفراء وتوزيع النقط والخطوط عليه باختلاف منطقة المعيشة. ففي المناطق الشرقية من موطنه، تشمل الخطوط الأكتاف والظهر، كما تنتشر كثير من البقع الداكنة على الجسم. أمّا في باقي مناطق المعيشية فالخطوط والبقع تختلف اختلافاً بيناً. كما أن الذيل مخطط بدوائر سوداء. طول الجسم والرأس 70 ـ 95 سم، والذيل 36 ـ 45 سم، ويزن هذا القط حوالي 18 كيلوجراماً (40 رطلاً).

      والقط الأرقط صياد ليلي ماهر للجرذان والفئران والزواحف والبرمائيات، كما انه متسلق ماهر للأشجار، يَغِيرُ على أعشاش الطيور فيفترسها. وهو يعيش منفرداً ما عدا في موسم التزاوج حيث تُعْطى الأنثى صغيرين إلى أربعة صغار، بعد فترة حمل 75 يوماً. وهو لا يخاف الإنسان، وقد يتعود المعيشة قرب المزارع ويقتات على ما يخطفه منها من دواجن أو حيوانات صغيرة، مما أدى إلى مطاردته والى نقص أعداده.

7. الأسلوت (Felis pardalis) Ocelot

      ينتشر هذا القط في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية وداخل أمريكا الجنوبية، ويعيش في الغابات والمناطق ذات الغطاء النباتي الكثيف. يتميز هذا القط بأن لونه يراوح بين الأصفر، الذي في لون الصدأ، والبرتقالي للأفراد التي تعيش في الغابات. أمّا الأفراد التي تعيش في المناطق الجافة، فلونها رمادي، وكلها بلا استثناء مكسوة بدوائر تشبه جسم النمر اليغـور (الجاجوار). كما توجد خطوط طولية على الوجه والقوائم الأمامية. وهو قط ماهر في التسلق، يصطاد فرائسه من الطيور والسناجب، ولكنه أيضاً صياد أرضي ماهر، يفترس صغار الأيائل والقوارض والزواحف، بما فيها الثعابين وكذلك القرود. وقد يغير على المزارع ليفترس صغار الحيوانات، مثل الأغنام والعجول.

8. القط النمر (البنغالى) (Felis bengalensis) Leopard Cat  (انظر صورة القط النمر)

      ينتشر هذا القط في شرق آسيا، بما في ذلك سومطرة وجاوا وبورما والفلبين. ويعيش في الغابات ومناطق الأشجار التي قد تصل ارتفاعاتها إلى عشرة آلاف قدم.

      يعيش القط النمر في أزواج في منطقة حمى محددة، حيث يعمل الزوجان على مساعدة بعضهما عند الصيد، الذي غالباً ما يتم ليلاً بينما يختبئ كلاهما نهاراً للراحة. فترة الحمل 70 يوماً، تلد الأنثى بعدها من جروين إلى أربعة. ومما هو جدير بالذكر أن اللون الرائع لفراء هذا القط أدى إلى اصطياده بأعداد كبيرة هددت بانقراضه.

      ولون هذا القط أصفر في لون الصدأ، وقد يكون أحياناً بنياً على الظهر، بينما تكون المنطقة الواقعة أسفل الجسم وداخل القوائم بيضاء، وتوجد من 4 ـ 5 خطوط سوداء على الرأس تتجه من أعلى إلى أسفل، ويوجد مثلها على الظهر، ولكنها غير منتظمة. كما يوجد خطان مميزان، أحدهما أسود أعلى العينين والآخر أبيض أسفلها. وهناك العديد من السلالات لهذا القط تختلف في أحجامها حسب المنطقة الجغرافية التي تعيش فيها، وأصغرها تلك التي تعيش في جاوا حيث يبلغ طول الرأس والجسم 54 سم؛ بينما أكبرها التي تعيش في شمال الصين ويبلغ طولها 60 سم، وطول الذيل حوالي 23 سم، والوزن حوالي 2.5 كجم.

      ويعيش هذا القط منفرداً، ويصطاد غالباً قبل الشروق وقبل الغروب، وهو متسلق رشيق للأشجار، ويسير بخفة على أعلى الأغصان. كما أنه سباح ماهر، لذا فهو يعيش بجوار الأنهار والبحيرات. ويغير على الثدييات الصغيرة مثل الأرانب البرية والسناجب والقوارض والطيور. وفترة الحمل 65 ـ 70 يوماً وعدد المواليد ثلاثة أو أربعة جراء.

بعض الخصائص الوظيفية والسلوكية للقطط

1. حاسة السمع

      تتمتع القطط بحاسة سمع قوية، مثلها في ذلك مثل الصياد الماهر. فأثناء طوافها خلسة بحثاً عن فريسة يمكنها أن تسمع الموجات الصوتية عالية التردد (أو ما تعرف بالموجات الفوق صوتية) والتي لا يمكن للأذن البشرية أن تلتقطها. والقطط تفعل أكثر من مجرد التعرف على الصوت، فهي تستطيع أيضاً أن تُحدد مصدر هذا الصوت بكل دقة. فللقطة اثنتا عشرة عضلة في كل أذن، يمكنها أن توجه الأذن بدقة متناهية نحو مصدر الصوت مما يساعدها على أن تركز حواسها على وجبة شهية أو على مصدر خطر. ويستطيع القط أن يميز بين مصدرين للصوت، يبعدان عن بعضهما مسافة خمس درجات فقط (أي ما يوازي عرض أربع أصابع تقريباً).

      وتكون القطط حساسة أيضاً للذبذبات، التي تحسها خلال وسائد أقدامها، حتى ليُقال إنها تسمع بأقدامها. ومع أهمية حاسة السمع للقطط، فإنها لا تستطيع الصيد بكفاءة عالية في الظلام الدامس، لأن حاستي البصر واللمس هامتان لديها لنجاح عملية الصيد.

      ومع تقدم العمر تقل حدة السمع لدى القط كثيراً، لان الأجزاء الحساسة من الأذن الداخلية تصبح أقل حركة واستجابة للموجات الصوتية. كما تبدأ الألياف العصبية الموصّلة من الأذن الداخلية للمخ في التحلل، ويصيبها الضعف التدريجي والوهن مما ينشأ عنه الإصابة بدرجات مختلفة من الصمم.

      ومن الظواهر الغريبة في عالم القطط، أن القطط البيضاء تكون صماء إذا كانت عيونها زرقاء، ويعزي العلماء هذه الظاهرة، إلى عيب وراثي يؤدي فيه العامل الوراثي (الجينة) المسؤول عن لون الشعر الأبيض العيون الأزرق، إلى خلل في تركيب الأذن الداخلية يمنع من انتقال الذبذبات الصوتية. وإذا كان القط الأبيض ذا عين واحدة زرقاء، تكون حاسة سمعه عنده منعدمة في ناحية العين الزرقاء، بينما يكون السمع سليماً في الناحية الأخرى.

2. حاسة البصر

      للقط في مقدمة رأسه عينان عميقتان تحدقان للأمام، مما ينَتْجُ عنه تداخل في مجال الرؤية لكل عين يؤدي إلى صورة ثلاثية الأبعاد. ولذلك فان مجال الرؤية لدى القط أقل من مجالها لدى كثيرٍ من الحيوانات، مثل الأرنب والحصان والبقرة، التي تقع أعينها على جانبي الرأس مما يزيد من مجال الرؤية لديها. ومع هذا فان الرؤية ثلاثية الأبعاد تساعد القطط في الحكم على المسافات بدقة أكثر، عند القفز أو التسلق أو الانقضاض على الفريسة.

      وخلفية عين القط مبطنة بغشاء يُشْبه المرآة، يعرف باسم Tapetum lucidum، وهو يعكس الضوء، الذي لم تمتصه شبكية العين حيث تتكون الصورة. ويؤدى هذا إلى تكون صورة ثانوية، مما يزيد من حساسية العين في العتمة. فالقط يمكنه أن يرى جيداً في ضوء أقل ست مرات، من الضوء الذي يمكن للإنسان أن يرى فيه بالقدر نفسه من الوضوح.

      إن المرأة العاكسة في عين القط، هي ما أعطاه صفة الألوهية عند قدماء المصريين. فقد اعتقد الفراعنة أن أعين القط تعكس ضوء الشمس خلال الليل، لذلك مثلوا إِله الشمس "رع" على هيئة القط، حتى يتمكن "رع" من التصدي لقوى الظلام.

      ومع أن عين القط تكون أكثر حساسية من عين الإنسان في الضوء المعتم، إلاّ أنها تفتقر إلى وضوح وحدة الرؤية. فالصورة التي تكوّنها العين البشرية أوضح بمعدل عشر مرات عن تلك التي تكوّنها عين القط. ومن المعتقد أن حاسة البصر لدى الإنسان تطورت لتصبح من أهم حواسه، لأن أجدادنا الأوائل احتاجوا إلى بؤرة رؤية واضحة ودقيقة لتصنيع معداتهم اليومية، واختيار الثمار الناضجة، وتجنب الأعشاب والنباتات السامة. كما أن البصر الحاد كان ضرورياً لنجاح عمليات الصيد والدفاع عن النفس.

      وفي الواقع تحتاج القطط أن تبصر جيداً في الظلام، حتى تتمكن من رؤية فرائسها التي تكون عادة من صغار الثدييات أو القوارض التي تنشط أثناء الليل.

      وتعتبر حاسة البصر بالنسبة للقطط أقل أهمية منها للإنسان. ويبدو أن القط لا يعتمد على حاسة بعينها كما يفعل الإنسان، بل وإِن حاسة البصر عنده تتكامل مع الحواس الأخرى كالسمع والشم.

وتؤكد الأبحاث العلمية أن القطط تستطيع التفريق بين اللونين الأزرق والأخضر، ولكن بطريقة غير محددة المعالم وعلى وجه يشبه صورة التلفاز قبل ضبطها. وعلى العموم فإن الصور التي تراها القطط أفضل من تلك التي تراها الكلاب، ولكنها أقل جودة مما يراه الإنسان.

3. التوازن

      تتمتع القطط بإحساس توازن ملحوظ ومميز، يمكنها من أداء أعمال تبدو فذة خارقة لنواميس الطبيعة. ويبدو أن حاسة البصر تساعد القطط  في الاتزان عند السقوط، ولكن ليس بالقدر الكبير مثل الأذن الداخلية لها. فمن المعروف أن الألياف العصبية تربط ما بين الأذن وجزء من المخ يسمى المخيخ Cerebellum، يتم فيه تحليل المعلومات الواردة إليه من الأذن. ويُعد رد الفعل الذي يؤدى إلى اعتدال الجسم وحمايته من الأذى عند السقوط، شئ هام في حياة القطط لأنها أصلاً من متسلقي الأشجار. فعند السقوط يلف القط جسده بمهارة فائقة، ويمد أرجله الأربعة ليمتص الصدمة، مما يقلل من احتمالات تهشم عموده الفقري وما يتبعه من تمزق الحبل الشوكي، أو من تشوه الفك والأرجل، وكذلك من إصابة الأعضاء الداخلية. وعند السقوط تصل سرعة القط مداها بعد حوالي عشرين متراً. وقد روي أن بعض القطط بقيت على قيد الحياة بعد سقوطها من ارتفاعات شاهقة. وعلى العموم فإن فرصة بقاء القط حياً تزيد، كلما كان السقوط على أرض رخوة.

      وتمتاز القطط بحاسة شم فائقة، مقارنة بحاسة الشم الضئيلة نسبياً لدى الإنسان. وتستطيع القطط أن تفرق بين الأشخاص برائحة كل منهم، إلى حد أنه يمكنها التعرف على صاحب الرائحة حتى بعد مغادرته المكان.

4. حاسة الشم

      وتبدأ القطط في استخدام حاسة الشم بعد الولادة مباشرة. فوجود المواد الكيماوية الجاذبة أو ما تعرف بالفرمونات Pheromones، تجذب الجراء الوليدة إلى أثداء أمهاتها للرضاعة.

      وتلعب حاسة الشم دوراً مهماً أيضاً في تناول الطعام. فمن الملاحظ أن القطط تشم الطعام جيداً قبل البدء في تناوله، مما قد يفسر ـ إلى حد ما ـ عدم أو قلة تعرض القطط للتسمم. فهي لا تهرول نحو الطعام، ولا تزدرده مثلما تفعل بعض أنواع الكلاب. والقطط نادراً ما تأكل الجيف أو اللحم المتعفن. فرائحة الطعام الملوث أو الفاسد تجعله غير مقبولٍ عند معظم القطط. أمّا إذا تأثرت حاسة الشم عند القطط، كما يحدث عند إصابتها بمرض الأنفلونزا، مثلاً، فتكون النتيجة فاجعة، لأن احتقان الممرات الهوائية في الأنف، تؤدى إلى تعطل حاسة الشم. فيمتنع القط المصاب عن تناول معظم أنواع الطعام، كما تتأثر سلبياً عاداته الأخرى، مثل عادة الإخراج. لذلك ينصح الأطباء البيطريون بإتباع الوسائل الملائمة لتنظيف الأنف، كضرورة أساسية لاستعادة حاسة الشم لدى القطط المريضة.

5. حاسة الذوق

      يحتوى لسان القط على براعم الذوق، موزعة على حافتيه الأمامية والجانبية وقاعدته. وتختلف القطط عن الإنسان في قلة إحساسها بالأطعمة حلوة المذاق، وتكون حاسة الذوق في أوجها لدى القطط صغيرة السن. وعلى سبيل المثال فان القطة التي عمرها يوم واحدُ، يمكنها أن تفرق بين السائل المملح وغير المملح؛ وتقل حاسة الذوق تدريجيا بتقدم العمر.

      وللقطط عضو حسي خاص يعرف بعضو جاكوبسنز Jacobsens Organ، يضيف بعداً ثالثاً لحاستي الشم والذوق. ويوجد هذا العضو في سقف الحلق، في المنطقة التي تقع خلف القواطع، وله قناة تفتح في الفم. وعندما يضغط القط على هذه القناة بلسانه، تندفع المواد الكيمياوية ذات الرائحة الخاصة إلى عضو جاكوبسنز. ويلاحظ أنه عند استثارة هذا العضو يمد القط رقبته للأمام ويفتح فمه ويرفع شفته العليا دلالة على النشوة والابتهاج، خلافاً لمِا يظنه بعض الناس من أنها علامة على الاشمئزاز والامتعاض. وكثيراً ما يُرى هذا السلوك في الذكور استجابة لروائح الإناث في أوقات التزاوج.

      ومن العجيب أن نبات النعناع البري  Nepeta cataria، ـ أو ما يُعرف بنعناع القط لحب القطط الشديد له ـ تصدر عنه رائحة، تسلك نحوها القطط سلوكاً غريباً. فتبدأ بشم النبات، ثم لعقه ومضغ أوراقه، ثم تحملق في الفضاء. وقد يهز القط رأسه أو يحكه في هذا النبات، أو يتدحرج على الأرض في ابتهاج ونشوة عظيمتين. ويستمر هذا السلوك نحو خمس أو عشر دقائق، ولا يمكن أن يتكرر خلال ساعة أو أكثر. ويرى العلماء أن أوراق النعناع البري أو "نعناع القط" تحتوي على مادة زيتية تصيب القطط بالهلوسة، وتسمى هذه المادة نيبيتالاكتون Nepetalactone، ولها تأثير قريب من تأثير المارجوانا فعندما تلعق القطة هذا السائل الزيتي، وتضغط  بلسانها في القناة الموصلة لعضو جاكوبسنز، تبدأ في التصرفات الهستيرية، مثل الحملقة في الفضاء والتدحرج. وتشير الدراسات إلى أن نحو ثلثي القطط تستجيب لهذا النعناع البري، لا يفرق بينهما عمر أو جنس.

6. حاسة اللمس

      تتميز وسائد أقدام القطط وأنوفها بحساسيتها للمس. وأنف القط حساس للغاية للحرارة، فعندما يشم القط طعامه فإنه يفحص درجة حرارته في الوقت نفسه، ويتراجع بسرعة إذا ما كان الطعام ساخناً جداً. والقط يلمس فريسته بأقدامه ليعرف إن كانت حية أو ميته، معتمداً على حرارة جسدها. ويمكن للقطط أيضاً أن تدرك الذبذبات المنبعثة من خطوات الأقدام، قبل أن يدركها الإنسان. وهذا فيما يبدو هو السبب في أن  كثيراً من القطط، تكره ولا تقبل أن يلمس أحد أقدامها.

      ويتميز شارب القط بحساسيته الفائقة لبعض المنبهات الطفيفة، مثل تيارات الهواء. لذا يعتمد القط على شاربيه في الضوء المعتم، حيث يمكنه أن يحدد وجود الأشياء بمقدار عكسها لتيارات الهواء. كما يؤدي شاربا القط دوراً مهماً في حماية العينين، فعندما تُلمس الشوارب تطرف العين غريزياً.

      وتحب معظم القطط أن يُربت عليها. وقد لوحظ أن هذا يؤدى إلى إبطاء سرعة ضربات القلب، واسترخاء الجسد، وزيادة سرعة الهضم.

      وجلد القط أقل إحساساً بالحرارة من جلد الإنسان، ويمكن للقط أن يجلس على سطح فرن ساخن يصعب على الإنسان مجرد لمسه. وقد تجلس القطط قرب سخان كهربي دون إبداء أي شعور بعدم الراحة.

7. الاتصال مع العالم

      تمتلك القطط عدداً من الغدد الخاصة Scent Glands، التي تفرز سائلاً ذا رائحة مميزة، لا يشمها الإنسان. وتقع هذه الغدد على جانبي الجبهة، الذقن، والشفاه، وعلى طول الذيل. فعندما يحك القط رأسه بلطف بجسد شخص ما ويمرر ذيله بين أرجله، فانه في الواقع يغطيه برائحته، أي أنه يضع عليه بصمته.

8. لغة الجسد Body Language

      تستخدم القطط لغة الجسد وتعبيرات الوجه كوسائل اتصال. ويمكن للعين الفاحصة أن تفرق بين تعبيرات السعادة، والخوف، والقلق، والتحفز، والمرض، والجوع، والشكوى، والارتباك والذهول وغيرها. علاوة على ذلك فللقطط قاموس لا بأس به من الأصوات، وقد تمكن العلماء من التعرف على ستة عشر صوتاً مميزاً. ويعتقدون في وجود عدد آخر من الأصوات، لا يمكن للأذن البشرية أن تحددها أو تلتقطها. ومن الأصوات التي لا يمكن للأذن أن تخطئها مواء الإناث العالي النبرة طلباً للتزاوج. وكذلك فأن القطة الأم تموء وتصرخ وتسقسق وتدندن لجرائها، كما لو كانت تغني لهم بصوت رقيق خفيض سرعان ما يستجيبون له.

9. الخرخرة

      يمكن للجراء أن تبدأ في الخرخرة وإصدار صوت خفيض يدل على السرور، عندما تبلغ أسبوعاً من العمر. وتُسمع هذه الأصوات أثناء الرضاعة، وقد لا تتوقف عن ذلك إلاّ عند البلع. وقد تستمر القطط البالغة في الخرخرة بصوت رتيب، ربما لعدة ساعات متصلة. ومن الناحية العلمية فإن الخرخرة تنتج عند اهتزاز متواتر للأحبال الصوتية في حنجرة القط عند مدخل القصبة الهوائية، حيث يسري تيار كهربي خلال عصب معين لينبه الأحبال الصوتية، التي تنقبض على الفور، ولفترة وجيزة، تنبسط بعدها. ويتكرر بعد ذلك سريان التيار الكهربي عشرين أو ثلاثين مرة في الثانية الواحدة، وما يستتبع ذلك من فتح وغلق الأحبال الصوتية وتغير ضغط الهواء داخل  الحنجرة، منتجاً ذلك الصوت الرتيب.

10. النوم

      وتقضى القطط أكثر من ثلثي عمرها نائمة، ولكنه نوم يختلف عن نوم الإنسان، الذي قد ينام  ثماني ساعات متصلة. فالقطة تقضي أكثر من نصف النهار في حالة من النوم الخفيف، Catnapping. بينما تكون معظم حواسها متيقظة، وعضلاتها شبه متوترة. ويظل القط على هذه الحالة لمدة من 10 إلى 30  دقيقة، إضافة إلى أنه يحتاج من 3 إلى 4 ساعات من النوم العميق يومياً. ومن المحتمل انه تراوده الأحلام خلال هذه الفترة، كما تُرجح ذلك حركات العين السريعة، التي تشبه ما يحدث للإنسان خلال أحلامه. والنوم الخفيف عادة تكتسبها القطط مع تقدم العمر.

11. موروثات الأجداد

      ومع أن القطط قد استؤنست في وادي النيل منذ ما يقرب من 5 آلاف سنة، إلاّ أنها ما زالت  تحتفظ ببعض ما ورثته عن أجدادها من سلوك، يبدو بعضه على الأقل، عدوانياً وإن كان طبيعياً بالنسبة لها. فمن صفات  القطط الأساسية أنها تدافع عن منطقة إقامتها، وتحمى صغارها وطعامها إذا ما شعرت بالخطر.

      ويرى بعض الناس أن للقطط شخصيتين متناقضتين تماماً، فقد يكون القط هادئاً تماماً، وفي أقل من لحظة ينقلب شيطاناً مريداً يخمش ويهسهس ويطلق أصواتاً شبيهه بفحيح الأفعى. ويبدو أن هذا السلوك مرتبط بالتربيت على منطقة أسفل البطن أو الصدر، ويستدعي إلى ذاكرته بعض ما كان من أمر حياته البرية عندما كان يستلقي على ظهره، ورقبته وأسفل بطنه متجهان إلى أعلى، مُظهراً الخضوع والإذعان للقط الأقوى المهيمن. ويؤدى هذا إلى إنعاش رد الفعل المسمى Fight and Flight، أي الهجوم والهروب.

      وللقطط سلوك غامض هو حبها الموروث للعق أو مضغ الصوف، ويبدو أن القطط  تحب طعم مادة اللانولين ورائحتها التي تماثل رائحة حلمات ألام المرضع.

12. التناسل

      لا تسبب القطط أي مضايقات للأسر، إلاّ في فترة التزاوج في الخريف والربيع من كل عام. فتموء القطط مواءً عالياً طلباً للرفيق، وتتجمع القطط المنزلية مع القطط الضالة في شبه مظاهرات ذات مواء عالٍ مُتصل.

      وفترة الحمل عند الأنثى من 63 إلى 69  يوماً، ويمكن تشخيص الحمل بعدة وسائل، منها جس البطن باليد، والأشعة السينية، والموجات الفوق صوتية، وفحص الدم.

      وتظل الأم ترضع جراءها وترعاهم ثم تفطمهم بعد حوالي شهر. وهى تلد من 4 ـ 6 جراء في الولدة الواحدة.

      وتولد القطط صماء ولكن سرعان ما تنمو لديها حاسة السمع. ولأهمية هذه الحاسة فإن القطط تكون دائماً على أهبة الاستعداد، حتى لو كانت نائمة، فتنتبه لأقل صوت غير مألوف.

      كما تولد الجراء عمياء، وتبقى أعينها مغلقة لمدة سبعة إلى عشرة أيام بعد الولادة. وتكون أعين كل الجراء زرقاء في البداية وتتغير تدريجياً لتصل أقصى درجات التكوين في حوالي 3 شهور من العمر. ويبدو أن الجراء لا ترى جيداً حتى بلوغها ستة أسابيع من العمر.

القطط في الأساطير الشعبية

      ومن الخرافات والأساطير التي نسجت حول القطط، أن لها تسعة أرواح، ويقول المصريون القدماء سبعة أرواح. وتقول خرافة أخرى أن كل قطة سوداء تحمل شعرة واحدة بيضاء، فمن أزالها دون أن يخدش مكانها جلبت له الثراء والسعادة في الحب. وتقول خرافة ثالثة أن القط الأسود يجلب التعاسة وسوء الحظ. ومن العجيب أن تسود هذه الأسطورة كل بلاد العالم تقريباً إلاّ بريطانيا التي يعتقد سكانها أن القط الأسود يأتي بالحظ السعيد.

      وهناك اعتقاد خاطئ في بعض البلاد العربية مؤداه أن القط الأسود "عفريت من الجن" وأن من يؤذيه يحدث له مس من الجن. لذا يتجنب الناس القط الأسود، ولا يمسه أحد بسوء.

القط والإنسان

      للقطط قدرة فائقة على الملاحظة ومعرفة سلوك الإنسان المصاحب. وقد قسم الدارسون والمحللون السلوك غير المألوف لهذه الحيوانات، إلى أربعة  أقسام:

1.   التنبؤ بخطر قادم: ويرجع ذلك إلى حساسية أقدامها إلى الذبذبات، مما يمكنها من الإحساس بالاهتزازات الطفيفة جداً والتي لا يحسها الإنسان، مثل الهزات الأرضية والزلازل، وانهيار المباني. كما تستطيع القطط شم رائحة المطر، أو الرائحة الطفيفة المنبعثة من الحرائق عند بداية اشتعالها، قبل أن يتمكن الإنسان من ذلك.

2.   التنبؤ بعودة غير متوقعة لصاحبها: عن طريق الاستماع إلى الذبذبات الطفيفة المنبعثة من خطوات أقدامه أو صوت سيارته. وقد سجلت حالات  لقطط تقفز فرحاً وبهجة لتحية أصحابها، قبل حضورهم بخمس دقائق.

3.   الرجوع إلى المنزل: يُرجح أن للقط إحساس كبير بالوقت وبالمجال المغناطيسي للأرض. وهذان الإحساسان يتوحدان لينتج عنهما ما يعرف بالساعة البيولوجية. فالقطط يمكنها دائماً أن تحدد موقعها وفقاً لاتجاه الشمس في وقت محدد من اليوم، ويمكنها أن تحدد بدقة في أي اتجاه يقع مسكنها.

4.   العودة للصاحب: يمكن للقط أن يحدد مكان صاحبه في مكان لم يزره القط أو يره من قبل. وهناك أمثلة عديدة وحالات مسجلة بدقة لبعض القطط، التي رحل أصحابها إلى أمكنة تبعد كثيراً عن مساكنها القديمة، ومع هذا تمكنت هذه القطط من اقتفاء أثر أصحابها. وقد تمكن أحد القطط من العودة لصاحبه بعد سنتين من البحث. ويعزى بعض الباحثين هذه القدرات الخارقة إلى ما يعرف بالحاسة السادسة.

القط والفأر ـ عداوة أبدية

      إن سبب العداء الأبدي بين القطط والفئران مجهولة من الناحية العلمية، أمّا من الناحية الأسطورية فيحكي محمد بن أياس في كتاب "بدائع الزهور في وقائع الدهور" أن الفئران التي كانت على سفينة نوح، ظلت تتناسل إلى أن زاد عددها وبدأت تنخر في خشب السفينة. فأمر نوح عليه السلام القطط أن تتولى أمر الفئران، ولا تترك غير زوجين اثنين. فقامت القطط بعملها خير قيام، وظلت العداوة بينهما مستمرة حتى الآن.

العناية بالقطط الأليفة

      تحتاج القطط، خلافاً لكل الحيوانات المنزلية الأخرى إلى عناية خاصة وتدليل وحنان، ويكون ذلك كالآتي:

الراحة: تحتاج القطط إلى فراش خاص للراحة، ولتبتعد فترة عن الإنسان. ويجب أن يكون الفراش بعيداً عن تيارات الهواء، ويسهُل التحرك فيه.

النظافة: يفضل أن يكون للقط أوانيه الخاصة به للأكل والشرب، ويفضل عدم استعمال مطهرات قوية لأنها قد تكون سامة للقطط، خاصة الديتول ومركبات الفنيك.

التمشيط: يمشط القط يومياً، خاصة الأنواع طويلة الشعر، وذلك لمنع تلبد الشعر. إضافة إلى التمشيط فان القطط تظل تلعق نفسها للنظافة. وعند الحاجة فانه يمكن مسح العينين بقطعة من القطن المبلل بالماء دون أي إضافات.

التمرين: القطط حيوانات كسولة بطبعها، لذا لابد من تشجيعها على  الحركة والجري بقذف بعض اللعب التي تحبها، فتجري وراءها وتكتسب نشاطاً وحيوية.

الغذاء: يقدم الغذاء للقط في المكان والزمان يومياً. ويجب أن يترك القط ليتناول غذاءه في هدوء وفي حدود ساعة كاملة. كما يجب تجنب إضافة التوابل، وكذلك التغيير المفاجئ في نوعية الغذاء. ومن الضروري تقديم بعض العظام، مثل عظام الدجاج لأن القطط تحب العظام، ولكنها تتجنب العظام ذات الحواف الحادة.

غذاء القطط

      تتبع القطط رتبة آكلات اللحوم، ولكن المستأنس منها أصبح متنوع الغذاء. ويفضل تقديم الغذاء مرتين يومياً. والكمية المقررة يومياً تراوح من  150 إلى 250 جراماً، تزداد للقطط الحوامل.

أنواع المأكولات

      أصبح الأكل المُعَلّب من الأطعمة المعتادة لتغذية القطط. وتفننت الشركات في جعله متوازناً محتوياً على كل العناصر الغذائية اللازمة. وأضافت إلى مكوناته مواد تجذب القطط  وتفتح شهيتها. وغالباً ما يكون هذا الغذاء ليناً وعصيرياً وسهل الهضم. ويفضل إتباع تعليمات الشركة المدونة على العلبة في الكمية التي تقدم وكيفية تقديمها.

      والنوع الآخر من الغذاء لين القوام يحتوى على بعض الخضراوات بدلاً من اللحم، ويمكن تركه لفترة في وعاء التغذية دون أن يجف أو يفقد قوامه.

      أمّا الغذاء الجاف فهو أرخص أنواع الغذاء، ويحتاج القط عند تناوله إلى ماء وفير أو لبن ليروي عطشه، ويرطب الغذاء بمعدته. وإذا قُدم للقط غذاء طازجاً، مثل اللحم المفروم النيئ، أو مكعبات الكبد والقلب والكلى، فتقدم مطبوخة أو نيئة. أمّا عند تقديم السمك فيجب طبخه أو سلقه. كما يمكن تقديم البيض المسلوق أو المقلي، وكذلك أجزاء من الدجاج أو الأرانب. وفي كل الأحوال لا بدّ من تنويع الغذاء حتى يتعود القط على ما هو متاح من غذاء.

      ويفضل أن يظل الماء في متناول القط طوال اليوم في وعاء نظيف، مع تغييره مرتين يومياً.

القط في القرآن و السنة

      لم يرد ذكر القط في القرآن الكريم. ولكن رسول الله ـ r  أمر بالرفق بهذا الحيوان. "عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ r صَلَّى صَلاةَ الْكُسُوفِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لا أَطْعَمَتْهَا وَلا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ قَالَ نَافِعٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ خَشِيشِ أَوْ خَشَاشِ الأَرْضِ" (رواه البخاري، الحديث الرقم 703).

      والقط طاهر لما جاء في حديث كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَتْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ "أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ فَسَكَبْتُ لَهُ وَضُوءاً قَالَتْ فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ فَأَصْغَى لَهَا الإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ كَبْشَةُ فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا بِنْتَ أَخِي فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوْ الطَّوَّافَاتِ وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَكَانَتْ عِنْدَ أَبِي قَتَادَةَ وَالصَّحِيحُ ابْنُ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ لَمْ يَرَوْا بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ بَأْسًا وَهَذَا أَحَسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ جَوَّدَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ أَحَدٌ أَتَمَّ مِنْ مَالِكٍ" (سنن الترمذي، الحديث الرقم 85).

القط في الأمثال العربية

      يُضرب المثل في معاني كثيرة مختلفة قد يُعارض بعضها بعضاً، مثل: والعقوق، والبِرّ، والضراعة، والثَّقْف (سرعة الأخذ)، والزّهْو (الاختيال).

      يقال: "أعقّ من هرّة"، و"أبرّ من هِرّة"، و"أضْرَع من سِنَّور"، و"أَثْقَف من سِنَّور"، و"أَزْهَى من قِطَ".

الأمثال المألوفة في العالم هي:

·    الفضول قتل الهر.

·    إن غاب القط، فالعب يا فأر.

·    قاتل كالقطط والكلاب.

القط في القصص العربية

الأرنب والصفرد (الصفرد : طائر أكبر من العصفور) والسّنور الصوّام

      قال الغرابُ: كان لي جارٌ مِن الصفارِدة، في أصلِ شجرةِ قريبةِ مِن وَكْري، وكان يُكثِرُ مُواصَلتي، ثم فقَدْتُه، فلم أعلمْ أين غاب، وطالَت غيبتُه عنّي. فجاءتْ أرنبٌ إلى مكانِ الصِّفْرد، فسكَنَتْه، فكرهْتُ أَنْ أخاصِمَ الأرنبَ، فلبثَتْ فيه زماناً. ثم إِنَّ الصِّفْردَ عاد بعد زمان، فأتى منزلَه، فوجدَ فيه الأرنبَ.

      فقال لها: هذا المكانُ لي، فانتقِلي عنه. قالت الأرنبُ: المسكَنُ لي، وتحت يدِي، وأنت مُدَّعِ له. فإِنْ كان ذلك حُقٌّ فاسْتَعْدِ (استَعْد: استعِنْ) بإثباته عليّ.

      قال الصِّفْرد: القاضي منا قريب، فهلمّي بنا إليه.

      قال الأرنبُ: ومن القاضي؟

      قال الصِّفْرد: إنّ بساحل البحر سنّوْراً مُتعبّداً، يصومُ النهارَ، ويقومُ الليلَ كلَّه، ولا يُؤْذي دابّة، ولا يُهرِق (يُهرق: يُريق) دماً، عَيشُه من الحشيش وممّا يَقذِفُه إليه البحرُ. فإنْ أحببتِ تحاكمْنا إليه، ورضينا به.

      قَالتِ الأرنبُ: ما أرْضاني به إذا كما وصفْتَ! فانطلقا إليه، فتبعْتُهما لأنْظرَ إلى حكومة الصوّامِ القَوَّام.

      ثم إنّهما ذهبا إليه، فلمّا بَصُر السنّورُ بالأرنب والصّفْرد مُقبليْن نحوَه، انتصَب قائماً يُصلّي، وأظهر الخشوعَ والتنسُّكَ. فعَجِبا لِمَا رأيا مِن حالِه، ودنَوَا منه هائبيْن له، وسلَّما عليه، وسألاه أَنْ يقضيَ بينهما. فأمرَهما أَنْ يقُصَّا عليه القِصّة، ففعَلا.

      فقال لهما: قد بلغَني الكِبَر، وثَقُلَت أذناي، فادنُوا مني، فأسمِعاني ما تقولان. فدنَوا منه، وأعادا عليه القِصَّة وسألاه الحُكْم.

      فقال قد فهمْتُ ما قلتما، وأنا مُبتدِئكًما بالنصيحة قبلَ الحكومة بينكما، فأنا آمرُكما بتقوى الله، وأَلاَّ تطلُبا إَلاَّ الحقَّ، فإِنَّ طالبَ الحقِّ هو الذي يُفلِح، وإِن قُضِيَ عليه، وطالبَ الباطِل مخصومٌ، وإن قُضِيَ له. وليس لِصاحبِ الدنيا مِن دنياهُ شيءٌ، لا مالٌ ولا صديقٌ سوى العمل الصالح يُقدَمُه، فَذُو العقل حقيقٌ أُنْ يكون سعيُهُ في طلبِ ما يبقى ويعود نفعُه عليه غداً، وأُنْ يَمْقُتَ بسعيه فيما سوى ذلك من أمور الدنيا، فإنّ منزلة العاقل بمنزلة المدر (المدَر: الطِّين الجاف)، ومنزلة الناس عنده فيما يحبّ لهم من الخير، ويكره من الشّرّ بمنزلة نفسه.

      ثم إن السنّور لم يزلْ يقصّ عليهما من جنس هذا وأشباهه، حتى أِنسا إليه، وأقْبلا عليه، ودنوا منه، ثمّ وثَب عليهما، فقتلهما.

الجُرَذ والسنَّور

      زعموا أنَّ شجرةّ عظيمة كان في أصلها جُحْر سنّور يقال له: رومي. وكان قريباً من جحر جُرَذ يقال له: فريدون. وكان الصيادون كثيراً ما يتداولون ذلك المكان (أي: يتناوبون الإقامة فيه)، يصيدُون فيه الوحْشَ والطيرَ، فنزَل ذاتَ يوم صيادٌ، فنصَبَ حِبالتَهُ قريباً من موضِعِ رُومي، فلم يلَبثْ أُنْ وقَعَ فيها.

      فخرَجَ الجُرَذُ يَدِبّ، ويطلُبُ ما يأكل، وهو حَذِرٌ من رومي، فبينما هو يسعى إذ بصُر به في الشّرَكِ، فسُرَّ واستبْشَر. ثم التفتَ فرأى خلْفَه ابنَ عِرْس، يريدُ أخذَه، وفي الشجرةِ بوماً، يريدُ اختطافَه، فتحيَّر في أمره، وخافَ إِنْ رجَعَ وراءَه أخذَه ابنُ عِرس، وإنْ ذهبَ يميناً أو شِمالاً اختطفه البومُ، وإنْ تقدَّم أمامَه افترسَه السنّورُ.

      ثم إنَّ الجرذ دنَا مِنَ السنّورِ فقال له: كيفَ حالٌك؟

      قال له السنّورُ: كما تُحبَّ، في ضَنْكّ (الضنك: الضيق) وضِيقٍ.

      قال: وأنا اليوم شريكُك في البلاء، ولست أرجو لنفسي خلاصاً إلاّ بالذي أرجو لك فيه الخلاص، وكلامي هذا ليس فيه كذب ولا خديعة. وابن عرس ها هو كامن لي، والبوم يرصدني (يرصدني: يراقبني)، وكلاهما لي ولك عدو، فإن جعلت لي الأمان قطعت حبائلك، وخلصتك من هذه الورطة. فإذا كان ذلك تخلص كل واحد منا بسبب صاحبه، كالسفينة والركاب في البحر، فبالسفينة ينجون، وبهم تنجو السفينة.

      فلمّا سمع السنّور كلام الجُرَذِ، وعرف أنه صادق، قال له: إن قولك هذه لشبيه بالحق، وأنا أيضاً راغب فيما أرجو لك ولنفسي به الخلاص. ثم إنك إن فعلت ذلك فسأشكرك ما بقيت. قال الجُرّذُ: فإني سأدنو منك، فأقطع الحبائل كلها إلاّ حبلاً واحداً أبقيه لأستوثق لنفسي منك. ثم اخذ في قرض حبائله. ثم إن البوم وابن عرس لما رأيا دنو الجُرَذِ من السنّورِ أيسا منه، وانصرفا.

      ثم إن الجرَذّ أبطأ على رومي في قطع الحبائل، فقال له: ما لي لا أراك مجداً في قطع حبائلي؟ فإن كنت قد ظفرت بحاجتك، فتغيرت عما كنت عليه، وتوانيت (توانيت: قصَّرت) في حاجتي، فما ذلك من فعل الصالحين، فإن الكريم لا يتوانى في حق صاحبه. وقد كان لك في سابق مودتي من الفائدة والنفع ما قد رأيت. وأنت حقيق أن تكافئني بذلك، ولا تذكر العداوة التي بيني وبينك، فالذي حدث بيني وبينك من الصلح حقيق أن ينسيك ذلك، مع ما في الوفاء من الفضل والأجر، وما في الغدر من سوء العاقبة، فإن الكريم لا يكون إلاّ شكوراً غير حقود، تنسيه الخلة الواحدة من الإحسان الخلال الكثيرة من الإساءة. وقد يقال: إنّ أعجل العقوبة الغدر. ومن إذا تضرع (تضرّع: تذلّل) إليه، وسئل العفو، فلم يرحم، ولم يعف، فقد غدر.

      قال الجُرَذُ: إن الصديق صديقان: طائع ومضطر. وكلاهما يلتمسان المنفعة، ويحترسان من المضرة. فأما الطائع فيسترسل إليه، ويؤمن في جميع الأحوال. وأما المضطر ففي بعض الأحوال يسترسل إليه، وفي بعضها يتحذر منه. ولا يزال العاقل يرتهن (يرتهن: يأخذ رهناً) منه بعض حاجاته، لبعض ما يتقي ويخاف. وليس عاقبة التواصل من المتواصل إلاّ لطلب عاجل النفع وبلوغ مأموله. وأنا واف لك بما جعلت لك، واحترس منك مع ذلك، من حيث أخافك، تخوف أن يصيبني منك ما ألجأني خوفه إلى مصالحتك، وألجأك إلى قبول ذلك مني، فإن لكل عمل حيناً (الحين: الوقت) فما لم يكن منه في حينه، فلا حسن لعاقبته، وأنا قاطع حبائلك كلها، غير اني تارك عقدة واحدة أرتهنك بها، ولا أقطعها إلاّ في الساعة التي أعلم أنك فيها عني مشغول، وذلك عند معاينتي الصياد.

      ثم إن الجُرَذَ أخذ في قطع حبائل السنّور. فبينما هو كذلك إذ وافى الصياد، فقال له السنور: الآن جاء الجد في قطع حبائلي. فأجهد الجرذُ نفسه في القرض، حتى إذا فرغ وثب السنور إلى الشجرة على دهش من الصياد، ودخل الجرذُ بعض الأحجار، وجاء الصياد فأخذ حبائله مقطعة، ثم انصرف خائباً.

      ثم إنّ الجُرَذَ خرج بعد ذلك، وكره أن يدنو من السنور، فناداه السنور: أيها الصديق الناصح، ذو البلاء الحسن (أي: العمل الجيد) عندي، ما منعك من الدنو إلي، لأُجازيك بأحسن ما أسديت إلي؟ هلم إلي، ولا تقطع إخائي، فإنه من اتخذ صديقاً، وقطع إخاءه، وأضاع صداقته، حُرم ثمرة إخائه، وأَيس من نفعه الإخوان والأصدقاء، وإِنّ يدك عندي لا تُنسى، وأنت حقيق أن تلتمس مكافأة ذلك مني ومن إخواني وأصدقائي. ولا تخافن مني شيئاً. واعلم أن ما قبلي (قبلي: عندي) لك مبذول، ثم حلف واجتهد على صِدْقِه فيما قال.

      فناداه الجُرَذُ: رب صداقة باطنها عداوة كامنة. وهي أشد من العداوة الظاهرة ومن لم يحترس منها، وقع موقع الرجل الذي يركب ناب الفيل الهائج، ثم يغلبه النعاس، فيستيقظ تحت فراسن (الفراسن: جمع الفرسن، وهو للجمل كالحافر للفرس) الفيل، فيدوسه ويقتله. وإنما سُمّي الصديق صديقاً، لما يرجى من نفعه، وسمي العدو عدواً، لما يُخاف من ضرره. والعاقل إذا رجا نفع العدو أظهر له الصداقة، وإذا خاف ضر الصديق أظهر له العداوة، ألاّ ترى تتبع البهائم أمهاتها رجاء ألبانها، فإذا انقطع ذلك انصرفت عنها. وربما قطع الصديق عن صديقه بعض ما كان يصله، فلم يخف شره لأن أصل أمره لم يكن عداوة فأما من كان أصل أمره عداوة جوهرية، ثم أحدث صداقة لحاجة حملته على ذلك، فإنه إذا زالت الحاجة التي حملته على ذلك، زالت صداقته، فتحولت عداوة، وصار إلى أصل أمره، كالماء الذي يُسخّن بالنار، فإذا رفع عنها عاد بارداً، وليس من أعدائي عدو أضر لي منك. وقد اضطرّني وإياك حاجة إلى ما أحدثنا من المصالحة. وقد ذهب الأمر الذي احتجت إلى واحتجت إليك فيه، وأخاف أن يكون مع ذهابه عود العداوة، ولا خير للضعيف في قرب العدو القوي، ولا للذليل في قرب العدو العزيز، ولا أعلم لك قبلي حاجة، إلاّ أن تكون تريد أكلي، ولا أعلم لي قبلك حاجة، وليس عندي بك ثقة، فإني قد علمت أن الضعيف المحترس من العدو القوي أقرب إلى السلامة من القوي بالضعيف واسترسل إليه. والعاقل يصالح عدوه إذا اضطر إليه، ويصانعه (يصانعه: يُداريه)، ويظهر له وده ويريه من نفسه الاسترسال إليه لم يجد من ذلك بُدّاً (أي لم يجد مهرباً)، ثم يُعجّل الانصراف عنه حين يجد إلى ذلك سبيلاً.