إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات متنوعة / الموسوعة المصغرة للحيوان









الجمل The Camel

الجمل  The Camel

التعريف

        الجمل حيوان ضخم وقوي يعيش في الصحراء. ويمكنه السفر إلى مسافات بعيدة عبر الصحاري الحارة الجافة المحرقة، مكتفياً بالقليل من الماء والطعام. وتسير الجمال فوق الرمال الناعمة بيسر وخفة، لذلك سمي الجمل سفينة الصحراء. إضافة إلى أنها تستطيع نقل الأثقال والأمتعة من مكان إلى آخر حيث تنعدم الطرق، ويصعب الترحال. وتساعد الجمال الإنسان، الذي يعيش في الصحراء في كثير من أوجه الحياة المختلفة.

        ويحتفظ الجمل بطعامه في سنامه، الذي يحمله على ظهره، إذ يُخزّن فيه كميات من الدهون يحصل منها على الطاقة اللازمة متى تعذر وجود الطعام.

الجمل في اللغة

        والجمل هو الذكر من الإِبل، وتُسمى أنثاه الناقة، وصغيرة الحوار، والجمع جمال وأجمال وجمائل وجمالات، وكنيته أبو أيوب وأبو صفوان.  

التصنيف البيولوجي

        يعتبر الجمل من شعبة الحبليات ـ شعيبة الفقاريات ـ طائفة الثدييات ـ رتبة وجنس الجمال. وهناك نوعان من الجمال، هما: الجمل العربي ذو السنام الواحـد Arabian Camel, Camelus dromedarius (انظر صورة الجمل ذو السنام الواحد)، والجمل البكتيري ذو السنامين  Camelus bactrianus Bactrian Camel (انظر صورة الجمل ذو السنامين)، وهما أكبر عائلة الجمال، التي تشمل حيوان اللاما "لاما جلاما Lama glama"  (انظر صورة حيوان اللاما جلاما) وحيوان الألباكا "Lama pacos " اللذان تم استئناسهما منذ عدة قرون، وحيوان الغوْناق "لاما جواناكو  Lama guanicoe" (انظر صورة حيوان اللاما جواناكو) وحيوان الفيكونـا أو الفونـاق "Lama vicugna" (انظر صورة حيوان اللاما فيكونا) اللذان ما زالا يعيشان حياة برية.

نبذة تاريخية

        يؤكد بعض الباحثين أن الجمال نشأت في أمريكا الشمالية، وأن بعض حيوانات هذه الفصيلة كانت تعيش في تلك البلاد قبل 40 مليون سنة. وفى أواخر العصر البلستوسيني، وحلول العصر الجليدي، هاجر الجمل عبر ألاسكا إلى آسيا، ليكون على مر العصور النوعين الرئيسين المعروفين اليوم. ومن غرب آسيا انتقل الجمل وحيد السنام، عبر شبه الجزيرة العربية إلى شمال أفريقيا. وفى ذلك الوقت نفسه من الماضي السحيق، تحركت بعض الجماعات الصغيرة من فصائل الجمال جنوباً من أمريكا الشمالية إلى أمريكا الجنوبية، لتُكوّن مع الوقت الفصائل الأربعة السابق الإشارة إليها. وعلى العكس من ذلك يُرجّح آخرون أن الجمال نشأت في منغوليا وتركستان، حيث تعيش الملايين منها في أنحاء كثيرة من آسيا حتى الآن.

        وتشير الأدلة العلمية إلى استئناس الجمل في جنوب شبه الجزيرة العربية، قبل حوالي أربعة آلاف سنة. وهناك من البراهين ما يؤكد أن الجمال استخدمت في غزو فلسطين قبل 3100 سنة. ويبدو أن استئناس الجمل كان مرتبطاً بالحاجة إليه في التجارة، خاصة نقل التوابل والملح، مما يُرجّح أنها استأنست قبل 5000 أو 5500 سنة. ومن المعتقد أن الجمال العربية لم تكن أليفة قبل ذلك، بل كانت حيوانات برية في شبة الجزيرة العربية. وبعد استئناسها انتقلت الجمال من جنوب شبه الجزيرة العربية، إلى القرن الأفريقي والصومال وبلاد الشمال الأفريقي وأسبانيا وكذلك غرب آسيا والهند.

        ويعتقد أن الجمل لم يكن معروفاً في مصر حتى الغزو الآشوري أو الفارسي، في القرنين السابع والسادس الميلاديين (2700 ـ 2600 ق 0 م) حيث دخل إلى مصر وشمال أفريقيا عن طريق جنوب غرب آسيا. وخلافاً لذلك يرى آخرون أن الجمال عاشت قبل استئناسها على الحدود المصرية في عصر ما قبل التاريخ، ثم اختفت لتدخل مرة أخرى بعد استئناسها. ومما يؤكد ذلك العثور على حبل مصنوع من وبر الجمل منذ 4700 سنة.

        نُقل أول جمل عربي إلى أستراليا عام 1840م، وتلي ذلك جلبُ أعداد كبيرة منها إلى تلك البلاد لاستخدامها في الاستكشافات، وأعمال المحطات في الأراضي الجرداء. وما زال هناك عدد يربو على 25 ألف جمل تعيش حياة برية في مناطق استراليا الصحراوية. ويبدو أن الجمال ازدهرت حيثما ذهبت، بينما انقرضت وانعدم وجودها من أمريكا الشمالية موطنها الأصلي.

أعداد الجمال في العالم

        بينما ينتشر الجمل العربي ذو السنام الواحد حالياً، في شبه الجزيرة العربية وبعض بلاد أفريقيا واستراليا، يظل الجمل ذو السنامين أقل استئناساً من الجمل العربي، ويقطن الصحارى الصخرية في آسيا الوسطى، مثل صحراء جولي في منغوليا. وتؤكد إحصاءات هيئة الأغذية والزراعة التابعة  لمنظمة الأمم المتحدة وجود حوالي 12 مليون جمل عربي في أفريقيا، منها 70% في السودان والصومال وأثيوبيا وتشاد وكينيا. والباقي موزع على عدة بلدان مثل الجزائر ومصر و ليبيا وتونس والمغرب وجيبوتي ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا والسنغال فولتا العليا.  أمّا في آسيا فيوجد نحو 3 ملايين جمل، منها 40% في الهند و 28% في باكستان إضافة إلى أعداد أخرى غير قليلة في أفغانستان والعراق والمملكة العربية السعودية واليمن وأعداد أقل كثيراً في البحرين وإيران وفلسطين والأردن والكويت ولبنان وعَمّان وقطر وسوريا وتركيا والإمارات العربية المتحدة.

سلالات الإبل في الوطن العربي

        تختلف سلالات الإبل في الوطن العربي في أحجامها وألوانها. ومن أشهرها:

1. السوداني

تتميز هذه السلالة بضخامة الحجم، وقوة العضلات وبروزها من عمق القفص الصدري، مع سمك عظام القوائم، ويغلب عليها اللون الأشقر. وتصل سرعة هذه الجمال 4 كيلومترات في الساعة، وتحمل ما بين 150 ـ 200  كيلوجراماً. ويستعمل هذا النوع في الأغراض العسكرية والأمنية لقدرته على السير في الطرق الوعرة. وتوجد أعدادٍ كبيرة منه في مناطق غرب السودان.

2. البشاري

تتميز بخفة الوزن، ونحافة القوائم، ووفرة النشاط والسرعة. وهي من إبل الركوب، وتصل سرعتها إلى 10 كيلومترات في الساعة، وهي ذات لون بنى. وتنتشر هذه الإبل في شمال شرق السودان ناحية البحر الأحمر، ولدى قبائل البشارية.

3. الصومالي

وهي متوسطة الحجم، وتتميز بلون وبرها الفاتح مع لون أسود على السنام والظهر. ويستخدم هذا النوع في الركوب كما يُربى للحمه ولبنه.

4. العربي النجدي

تنتشر هذه السلالة ذات اللون البني الداكن في شمال الجزيرة العربية، وتتميز بتكيفها مع الظروف المناخية القاسية وقدرتها على العمل الشاق. وهي تستخدم في نقل الأحمال كما تُربى للحمها وألبانها.

5. العُماني

تنتشر هذه السلالة في عَمّان جنوب شرق الجزيرة العربية. وهي ذات لون أبيض أو عسلي فاتح، وتتميز بالسرعة الفائقة التي قد تصل إلى 35 كيلومتراً في الساعة. وهي من أشهر إبل سباقات الهجن في منطقة الخليج العربي، ويطلق على هذه الإبل "المغاتير".

استخدامات الإبل

        في كثير من بلدان آسيا وأفريقيا يعتمد الناس على الإبل في قضاء معظم احتياجاتهم اليومية.  ففي الأراضي التي تقع على حافة الصحاري، يُستخدم الجمل في جر المحاريث لإعداد الأراضي الزراعية وتجهيزها. كما يُستفاد منه أيضاً في السواقي لري الحقول وحمل الغلال إلى الأسواق. أمّا في أعماق الصحاري فان الإبل تعتبر الوسيلة الوحيدة لنقل الأطعمة والملابس والأغطية. وفى المقابل فإن الإبل في حاجة إلى الإنسان لمدها بالماء من الآبار، حتى تعيش خلال فترة الصيف قائظ الحرارة.

        ويمكن للإبل أن تحمل أثقالاً قد تصل إلى 150 كيلوجراماً لمدة ثماني ساعات متواصلة. وقد تئن وتتأوه تحت وطأة هذا الثقل، ولكنها تواصل السير.

        وتُعد الإبل مصدراً هاماً من مصادر الغذاء لسكان الصحاري، فيأكلون لحومها ويذيبون شحومها التي يأخذونها من سنامها ويستعملونها في الطهي. كما يشربون لبنها، ويصنعون منه الجبن. ويستخدمون جلودها في صناعة الملابس، وينسجون وبرها الناعم لصناعة أغطية صوفية ناعمة، ومن جلود الإبل القوية المتينة تصنع الأحذية والحقائب والسروج. ومن الناس من ينحت عظام الإبل الجافة كما يفعلون بالعاج، ويصنعون منها بعض أنواع الحلي والأواني. كما يستفاد من روثها الجاف وقوداً.

        وتظهر الإبل بحجم أكبر من حجمها الحقيقي بسبب وبرها السميك ذي اللون البني، المتدرج من اللون الأبيض تقريباً إلى اللون الأسود. ووبر الجمل العربي أقصر كثيراً من وبر الجمل ذي السنامين، الذي قد يصل طوله إلى نحو 25 سم عند رأسه وعنقه وسنامه. لذا يفضل الوبر الطويل للجمل ذو السنامين على غيره في نسج الملابس الصوفية. ومن المعروف أن الإبل تفقد وبرها في فصل الربيع لتستبدل به وبراً سميكاً جديداً في فصل الخريف المقبل.

طبائع الإبل

        تتمتع الإبل بشكل عام بطباع هادئة، وهي ذات ذكاء محدود. كما تتميز بالصبر والجلد وتحمل المشاق عند التعرض للعوامل المناخية القاسية. والإناث أهدأ طبعاً من الذكور. وعموماً فطباع الإبل تعتمد أساساً على طرق تربيتها والخبرة في معاملتها. لذا فإن الإبل تستجيب للمعاملة الطيبة من قبل القائمين على رعايتها، كما أن التبكير في تدريب الإبل صغيرة السن (يسمى العِساف) يروضها ويلطف من طباعها. أمّا الذكور بصفة خاصة، فتنتابها فترات من شراسة الطباع والهياج الشديد خاصة خلال موسم التزاوج.

        ومع أن الإبل تميل عموماً إلى الهدوء وحسن المعاملة، لكن يُفضل عدم اقتراب الأغراب منها إلاّ بحذر، حتى تألف وجودهم ورائحتهم وأشكالهم، وسرعان ما تصبح سهلة القيادة. والإبل تختزن الغضب إذا أُسيئت معاملتها، وقد تنتقم ممن أساء إليها انتقاماً قد يودي بحياته.

بعض الصفات التشريحية

        يبلغ وزن الجمل البالغ من 250 ـ 690 كيلوجراماً، وطول جسمه من 2.5 ـ 3 متر، ومتوسط عمر الجمل 55 عاماً.

        وللجمل عينان واسعتان على جانبي الرأس، تكللها أجفان سميكة يظلل كل منها زوج من الرموش الكثيفة المختلفة الأطوال. وهي تعمل عند ضمها كشبكة تحمى العين من الرمال والأتربة، وتخفضّ من حدة ضوء الشمس المبهر أثناء مروره عبر هذه الشبكة إلى العين، خلال سير الجمل في الصحراء.

        وليس للإبل قرون، ولكن توجد عند نهاية أعلى الرأس أذنان قصيرتان مستديرتان، يغطيهما شعر يصل إلى داخلهما ليساعدها على وقاية أذنيها من رمال الصحراء. وهي تتمتع بحاسة سمع قوية ولها فم كبير به 34 سناً قوية حادة. وعضلة ضامة عند فتحتي الأنف الخارجيتين تمكنها من إغلاقهما لمنع دخول الرمال والأتربة، وحماية الجهاز التنفسي. وتمتع الجمل بمرونة الشفتين، وبوجود شق في الشفة العليا يساعدها على التقاط الأعشاب البرية الجافة بسهولة. أمّا الشفة السفلى فمتدلية. وتحتوي اللثة العليا، وكذلك الغشاء الداخلي المبطن للتجويف الفمي، على زوائد قرنية طويلة للوقاية من تأثير أشواك النباتات الصحراوية. ويتميز سقف التجويف الفمي للإبل بالطول، وينتهي بلهاة بارزة لها القدرة على الانتفاخ مثل البالون وتعتبر من علامات الذكورة لدى البعير وتسمى "الهدّارة".

        ويتكون العمود الفقري للإبل من سبع فقرات عنقية، شأنه شأن الحصان والأبقار والأغنام والخنزير وغيرها من الثدييات. كما أن به 12 فقرة صدرية، 7 قطنية، 4 عجزية، 9 ـ 14 فقرة ذيليه.

        وفى صدور الإبل ومفاصل سيقانها، بقع صلبة عارية من الوبر، وهي توجد حتى في الجمال حديثة الولادة حيث تكتسي بجلد سميك قوى عند بلوغ الصغير الشهر الخامس من العمر.

        وللإبل قوائم طويلة قوية، تنتهي كل منها بإصبعين. وكل إصبع مزود بظلف، وتصل بين الإصبعين أخفاف عريضة تمتد عندما تطأ الأرض، وتتسع دائرتها. وتساعد الأخفاف الإبل في السير على الرمال، دون أن تغوص فيها، كما تُمكِّن الأخفاف الإبل من السير على الصخور بكل سهولة ويسر. وعندما يسير الجمل أو يعدو لا تكاد أخفافه تحدث صوتاً.

        ويتكون سنامها في معظمه من الشحم، إضافة إلى بعض الأنسجة الليفية. وقد يصل وزن السنام إلى 35 كيلوجراماً. ويزود السنام الإبل بالطاقة اللازمة للحياة والحركة إذا تعثر الحصول على الطعام. وفى فترات الجوع ونقص الطعام، ينقص حجم السنام وقد يتدلى على أحد جانبيه. ولكن بعد توفر الطعام يشتد هذا السنام وينتصب مرة أخرى على ظهور الإبل.

        ويتميز الجمل البكتيري عن الجمل العربي بوجود سنامين على ظهره، وجسمٍ مغطى بوبر كثيف أطول من وبر الجمل العربي، وأكثر سواداً منه. كما أن قوائمه أقصر وجسمه أكبر، وهو مهيأ لتحمل البرد الشديد. ومن الثابت علمياً أن جنين كلا النوعين يكون له سنامان صغيران، يبقيان ويكبران في الجمل البكتيري بينما يلتحمان أثناء نمو وتطور الجنين في الجمل العربي، ليكونا معاً سناماً واحداً.

        ومن الناحية التشريحية فلإبل مريء طويل، مقارنة بالحيوانات الأخرى، نظراً لطول رقابها. فقد يصل طول الرقبة، وهي مبطنة إلى مترين بغدد إفرازية لتسهيل انزلاق الأعشاب الجافة والأشواك التي تعتمد الإبل عليها كثيرا في غذائها.

        ويتميز الإبل بأن معدتها تتركب من ثلاث أجزاء فقط، هي: الكرش Rumen، والشبكية Reticulum، والجزء الثالث تندمج فيه الورقية (القلنسوة) Omasum، والمنفحة (أم التلافي) Abomasum، ولا يمكن تمييزهما من الخارج. وهي بذلك تختلف عن باقي المجترات التي تتركب معدتها من أربعة أجزاء. ويتميز الكرش باحتوائه على الحويصلات الغدية، التي يعتقد أنها تُخزن  كمية كبيرة من الماء لتمد بها الإبل عند تعرضها للعطش الشديد. ويصل طول الأمعاء الدقيقة إلى حوالي 40 متراً، أمّا الأمعاء الغليظة فطولها حوالي 20 متراً.

        ويتميز كبد الجمل بأنه على هيئة فصوص تحتوى على العديد من الحواجز الليفية، وأن ليس به حوصلة مرارية. أمّا الطحال فلا يلتحم بالحجاب الحاجز من الناحية اليسرى، مثل الحيوانات الأخرى وإنما يلتحم بالكرش. ومن العجيب أيضاً أن الجمل هو الحيوان الوحيد الذي تتميز كريات دمه الحمراء بأنها بيضاوية الشكل، وليست مستديرة مثل باقي الحيوانات.

بعض الخصائص الوظيفية (الفسيولوجية) للإبل

        تكيفت الإبل جيداً مع الأجواء الصحراوية الحارة والباردة، وذلك بقدرتها على البقاء مدة طويلة، قد تصل إلى سبعة عشر يوماً، دون ماء أو غذاء. وقد تمتد قدرة تحملها لهذه الظروف القاسية فترة ثلاثين يوماً، وسبب ذلك أن معدتها يمكنها أن تستوعب ما يقرب من 125 لتراً من الماء وكروشها مزودة بأكياس أو حويصلات ذات صمامات تمتلئ بالماء، وتفتح هذه الصمامات عند الحاجة.

        وقد خص الله هذه الحيوانات بنظام فريد من نوعه لتنظيم درجة حرارة الجسم، فهي تستطيع الاحتفاظ بالحرارة في أجسامها ولا يتخلص منها إلا في الساعات الباردة من الليل، مما يقلل استهلاكها للطاقة.

        وتتميز كُلية الإبل بالقدرة على إفراز بول ذى درجة من الملوحة عالية، توفيراً وحفظاً للماء داخل الجسم. وكذلك قدرة القولون على امتصاص أكبر قدر من الماء مما ينتج عنه دمناً جافاً نسبياً بالنسبة للحيوانات الأخرى. كما أنها تستطيع أن تقلل كمية خروج بخار الماء من الأغشية المخاطية للأنف، فتقلل من فقد الماء وتحافظ عليه داخل الجسم.

        وتختلف الإبل عن كثير من الحيوانات الأخرى، في أن تلك الحيوانات تعرق عندما ترتفع حرارة الجو، فيتبخر العـرق ويجعل جلدها بارداً، بينما الإبل تكاد لا تعرق بسبب عدم أو ندرة وجود غدد عَرَقية لديها. ولذلك فان درجة حرارة أجسامها ترتفع إلى ما يقرب من 6 درجات مئوية أثناء النهار، ثم تبرد ليلاً. وفى الأيام شديدة الحرارة تعمل الإبل على تخفيف حرارة جسمها بقدر الإمكان بالخلود إلى الراحة، بدلاً من الرعي. وقد ترقد في مكان ظليل، أو تواجه أشعة الشمس بوجوهها حتى لا يتعرض سوى جزء يسير من أجسامها لحرارة الشمس وأشعتها. ولتعوض الإبل النقص في الغدد العرقية، زودها الله بغدتين في أعلى مؤخرة الرأس عند اتصالها بالرقبة، وتُعرف هذه الغدد ـ التي تحورت لتقوم بعمل الغدد العرقية ـ باسم غدد مؤخرة الرأس Poll Glands، وتحتل مساحة تقرب من 6 × 4 سم، وتظهر المنطقة التي بها هذه الغدد بلون مخالف عن لون الجلد. وهي أنشط في الذكور عنها في الإناث، وهي لا تفرز العرق إلاّ في فترات الحرارة الشديدة، ومع ازدياد الهياج الجنسي في موسم التزاوج.

        كما أن عدم اكتمال وجود قناة دمعية أنفية لدى الإبل، يمنع تأثر بصرها عند تعرضها لحرارة الشمس الحارقة، لأن انسياب دموعها المستمر يساعد على ترطيب العين ويعمل على عدم جفافها.

        ويؤكد بعض العلماء أن القوة الفائقة لتحمل الإبل وصبرها غير المحدود عند تعرضها للظروف المناخية القاسية، إنما تعود إلى إفراز الجسم الصنوبري Pineal Gland، في مخ الإبل لمادة الإندورفين المخدرة Endorphin، بكميات كبيرة بالغة النقاء وما يصاحب ذلك من تأثير مهدئ.

        ويمكن للجمل أن يسير مسافة 50 كم يومياً دون إجهاد، بسرعة 5 كيلو مترات في الساعة.  كما أن له القدرة على العدو بسرعة 15 كم/ ساعة، وعلى أن يحمل أثقالاً تزن 200 ـ 300 رطلاٍ لمسافة طويلة دون إجهاد. والإبل عادة تحب السير، خاصة في الطقس الحار، ولكن يمكنها أن تعدو بسرعة متوسطة، ترتفع فيها الرجلان اللتان على جانب واحد وتمسان الأرض في وقت واحد مما يحدث تأرجحاً وحركة تدفع بالراكب إلى الأمام تارة والى الخلف تارة أخرى. وقد ينشأ عن هذه الحركة دوار كدوار البحر الذي يحدث لراكبي المراكب أو السفن.

أسماء الجمل

        ولمكانة الإبل الفريدة عند العرب، خصصوا لها العديد من المسميات، "فالجمل" للذكر الذي أكتمل نموه، و"الناقة" الأنثى التي أكتمل نموها وبلغت متوسط العمر، أما ولد الناقة من أول رضاعه إلى أن يفطم أو يفصل فيقال له "حُوار"، فإذا فصل عن أمه فهو "فصيل"؛ وتطلق "القعود" على الذكر فيما بين سنتين وست سنوات من العمر، وبعدها يقال له جمل. وتقابل القعود الذكر، "القلوص" من الإناث. ويقال للجمل "بعيراً" إذا استكمل السنة الثامنة وطعن في التاسعة وظهر نابه، فهو حينئذ "بازل" سواء كان ذكراً أم أنثى، وسمى البازل من البذل وهو الشق، وذلك أن نابه إذا طلع يقال له "بازل" لشقه اللحم عن منبته شقا. أما "العود" و"الفاطر" فهما اسمان للبعير الكبير السّن الذي كاد يهرم؛ كما أطلقوا أسماء على مراحل ما بعد الهرم، منها "الثلب" و"الهريش" و"الماج" و"الأدرم" و"الكزم" وغيرها كثير.

أسنان الإبل

        تبدأ الأسنان اللبنية في الظهور عقب الولادة، وأول ما يُشق منها ثنايا الفك السفلي في فترة ما بعد الولادة وحتى عُمر أسبوعين. ثم يظهر الرباعيان في الفترة من أسبوعين حتى أربعة أسابيع. وخلال الفترة السابقة تبدأ في الظهور على التوالي ضروس المقدمة الثلاثة العليا، وكذلك ضرسا المقدمة للفك السفلي. ثم يبدأ قارحا الفك السفلي في الظهور في الفترة من شهر ونصف حتى شهرين. بعد ذلك تظهر أنياب الفك العلوي والسفلي، وكذلك قواطع الفك العلوي في الفترة من شهرين حتى أربعة أشهر. وتكتمل الأسنان اللبنية في عمر ستة أشهر، ويصل عددها، على الفكين العلوي والسفلي، 22، توزيعهما كالآتي: في الفك العلوي قاطعان ونابان وستة ضروس، وفى الفك السفلي ستة قواطع ونابان وأربعة ضروس.

        وتبدأ الأسنان الدائمة في الفترة من عمر سنة حتى خمسة عشر شهراً، بظهور الضرس الأول الدائم من ضروس المؤخرة في الفكين العلوي والسفلي. ويليه الضرس الثاني من عمر سنتين ونصف، حتى ثلاث سنوات.

        وتتبدل الثنايا للفك السفلي إلى أسنان دائمة، من عمر أربعة سنوات ونصف حتى خمس سنوات. ثم يبدأ الضرس الثالث من ضروس المؤخرة الدائمين في الفكين العلوي والسفلي في الظهور. كما يتبدل ضرسا المقدمة الثاني والثالث في الفك العلوي، والثاني في الفك السفلي، من عمر خمس سنوات حتى خمس سنوات ونصف.

        يبدأ الرباعيان للفك السفلي في التبديل اعتباراً من عمر خمس سنوات ونصف حتى ست سنوات. كما يتبدل النابان والقارحان للفكين العلوي والسفلي من عمر ست سنوات ونصف حتى سبع سنوات، وكذلك الضرس الأول من ضروس المقدمة للفكين العلوي والسفلي، من عمر سبع سنوات حتى سبع سنوات ونصف. لتكتمل بذلك المجموعة الدائمة للأسنان عند عمر سبع سنوات ونصف حيث يكون عددها على الفكين العلوي والسفلي 34 منها قاطعان ونابان وأثنى عشر ضرساً في الفك العلوي وستة قواطع ونابان وعشرة ضروس في الفك السفلي.

التناسل في الإبل

        يصل الذكر إلى مرحلة النضج عند عمر ثلاثة أعوام، ولكن قدرته التناسلية لا تكتمل إلاّ عند بلوغه ستة أعوام من العمر، حيث يمكنه أن يضرب خمسين ناقة في الموسم. ويظل الذكر قادراً على التناسل بكفاءة حتى يبلغ من العمر عشرين عاماً.

        تنضج الأنثى عند عمر ثلاث سنوات ولكن  يُفضل عدم ضِربها قبل أربع سنوات من العمر، حتى يكتمل نموها جسمانياً.

        ويكتسب الجمل خلال موسم التزاوج سلوكاً غاية في الشراسة والعدوانية، ويميل إلى الاعتداء والعنف ولا يمكن قيادته بالسهولة المعتادة ويقرض على أسنانه ويتجشأ وتميل رقبته للخلف وتخرج الرغاوي من فمه. وقد يصاب الجمل بالإسهال ويمتنع عن الطعام ويفقد كثيراً من وزنه. ومن العلامات المهمة في هذه الفترة وجود إفرازات كثيرة بنية اللون لها رائحة نتنة مميزة تسيل على جانبي الوجه، وتنتجها غدد خاصة Poll Glands، أعلى الرأس. وكثيراً ما يحك الجمل رأسه فيما يحيط به من أشياء، تاركاً عليها بصمته المميزة لتجذب إليه الإناث طلباً للتزاوج. وعندما تشتد به الرغبة يُخرج الجمل من جانب فمه ما يشبه كرة لحمية حمراء منتفخة بالهواء في حجم رأس الرجل تقريباً تُسمى الهدارة، ويقول العامة إن الجمل "ضارب القلة Gulla أو Dulaa".

        وتلد الناقة حواراً واحداً بعد فترة حمل تراوح بين 370 إلى 440 يوماً. ومن علامات الولادة في الناقة ظهور تورم في حيائها وضرعها قبل 5 ـ 10 أيام من الولادة. ومع اقتراب موعد الولادة (قبل 5 ساعات) يلاحظ حدوث اضطراب وعدم استقرار مع الامتناع عن الطعام وتكرار الرقود والنهوض لتتخذ الناقة في النهاية وضع الولادة. وعادة تتم الولادة بسرعة إذا ما كان وضع الجنين طبيعياً. وتنهض الناقة سريعاً عقب الولادة حيث يُقطع الحبل السُري المتصل بالمولود تلقائياً.

        ويكون جسم الحوار مغطى بوبر كثيف، ويستطيع الحوار أن يجرى بعد سويعات من ولادته. وترضع الناقة حوارها لمدة 15 شهراً (انظر صورة حوار يرضع من أمه)، وقد يعيش الحوار في كنف أمه العديد من السنوات ما لم يتم فصله عنها. ويبدأ تعليم الحوار الاستجابة للأوامر في عمر سنة تقريباً، حيث يُعَوّد على بعض الأعمال الخفيفة.

        ويمكن للجمال العربية وحيدة السنام التزاوج مع الجمال البكتيري ذات السنامين دون اعتبارات علم التصنيف. وتاريخياً يرجع تهجين هذين النوعين إلى حوالي 2200 سنة ق. م. ومعظم الدراسات العلمية الحديثة على هذا النوع من التهجين، بدأت في جنوب روسيا وتركيا وشمال إيران وأفغانستان.

رعاية الإبل

        تبدأ رعاية الإبل في مرحلة مبكرة بتعليم الصغار عدم الخوف، والاستجابة للمعاملة الطيبة. وعقب الفطام يبدأ تدريب الإبل، ويُسمى "العِساف". ويفضل استعمال حبل الرأس عند عمر سنتين، من أجل تعويدها على طاعة الأوامر، خاصة الرقود والنهوض. ثم يلي ذلك التدريب على الركوب عند عمر 3 سنوات. ويراعى في هذه الحالة تثبيت الأقدام بعقل الأرجل الأمامية بالحبال، لمنع النهوض الفجائي.

سُقيا الإبل

        لا تحتاج الإبل لشرب الماء بصفة مستمرة كباقي الحيوانات. فيكفي عرضها على مياه الشرب مرة كل ثلاثة أيام في فصل الصيف حيث تشتد الحرارة، إضافة إلى أكل العلائق الجافة، فتشرب بمتوسط من 40 إلى 50 لتراً من الماء. أمّا في فصل الشتاء، حيث البرسيم والعلائق الخضراء، فيكفي عرضها على مياه الشرب بمتوسط 20 ـ 35 لتراً من الماء. ويُراعى أن تكون أحواض السقي الخاصة بالإبل نظيفة، خالية من الريم أو الطحالب الخضراء، حتى لا تسبب اضطراب بالجهاز الهضمي للحيوانات. ويستحب أن يترك للإبل الوقت الكافي أثناء عرضها على مياه الشرب حتى تأخذ كفايتها من الماء (من 15 إلى 30 دقيقة). ومن المستحسن عرض الجمال على مياه الشرب قبل القيام إلى أي مهمة، وسقيها مرتين خلال 48 ساعة قبل القيام بالمأمورية. ويفضل عدم السماح للإبل بالشرب من مياه الأنهار أو البحيرات أو البرك حتى لا تتعرض للأمراض. كما يفضل السماح للجمال المريضة بالشرب يومياً في أماكن العزل ومن أحواض خاصة بها، ولا يجوز أن تشرب من أحواض السقي الخاصة بالجمال السليمة.

        ومع مراعاة السماح للجمال بالسقي مرة واحدة، وتناول كميات كبيرة عقب العطش الشديد لفترة طويلة، فإنه يلزم عدم عرض الجمال على مياه الشرب بعد تناول العلائق مباشرة، بل يفضل مرور فترة من الوقت تصل إلى 3 ـ 5 ساعات من تناول العلائق، حتى يتجنب إصابة الجمال باضطرابات الجهاز الهضمي من تلبك معوي ونفاخ. ويفضل سقي الإبل في فترة الظهيرة.

تغذية الإبل

        تُكيف الإبل نفسها على تناول مختلف أنواع الغذاء، فهي تستطيع أن تتغذى على ما يقرب من 160 نوعاً من الأعشاب والحشائش، التي تنبت وتنمو برياً في الصحراء. والإبل لا تنتقي فقط الطعام الذي تأكله بل تنتقي أيضاً أجزاء معينة من النبات. ويمكن للإبل أن ترعى على مسافات قد تصل إلى 70 كيلومتراً، وتعيش على النباتات الصحراوية مثل الثمام، الثيموم، العوسج، السدر، العبل، السمر، الصخبر، والرمث والتي تعطي لبنها نكهة خاصة. كما أنها تستطيع تمييز النباتات الضارة، مثل نبات الهرم الذي يسبب الإسهال الشديد.

        ولا بدّ للقعود أن يتغذى على لبن الأم، للاستفادة من لبن السرسوب بما يحتويه من عناصر ضرورية، ذات قيمة غذائية مرتفعة، وأجسام مضادة تحميه من الأمراض. وتميل الإبل ـ عامة ـ إلى الرعي قبل الشروق أو عند الغروب، ولا تميل إلى الرعي في الجو الحار. كما تميل إلى تناول الغذاء المخلوط بالملح، ويفضل إضافة هذا العنصر المهم إلى غذائها بمعدل 45 ـ 60 جراماً يومياً في غذاء الإبل التي تعمل عملاً شاقاً لأن إضافة الملح يقيها من الإصابة بمرض (تنكرز الجلد الوبائي).

        ويُفضل عدم وضع العلائق الجافة للجمال، مثل الذرة الرفيعة أو الحبوب، بصفة خاصة إلاّ بعد غسلها بماء نظيف وتعرضها للشمس حتى تجف تماماً. ويراعى تنظيف المداود التي توضع بها العلائق من الأتربة والشوائب والأجسام الغريبة، وكذلك غربلة التبن جيداً قبل تقديمه للحيوان. كما يُستحسن أن تكون أوقات تقديم العلائق منتظمة وثابتة، خاصة في الأماكن المسوّرة كالثكنات العسكرية والاسطبلات. ومع التغذية السليمة قد يصل وزن الجمل إلى 500 كيلوجراماٍ.

        ويلاحظ أن المعدة المركبة للجمل، لها القدرة على هضم كميات كبيرة من الحبوب نتيجة لقوة الجدران المبطنة للمعدة، وقوة انقباضها أثناء خلط الغذاء بالعصارات لإتمام عملية الهضم.

        وتتميز الإبل بوجود شفتين ذات مرونة كبيرة، ولسان دائم الحركة، ووجود شق بالشفة العليا يساعده على التقاط الحشائش والأعشاب الجافة، التي تنمو في الصحراء بطريقة عشوائية، دون إصابته بجروح.

وتحدد العلائق كالآتي:

البرسيم

الملح

الدريس

التبن

الذرة الرفيعة

 

ـــ

25 كجم

50  جرام

50  جرام

5,2 كجم

5,2 كجم

5,2 كجم

4 كجم

5,2 كجم

فصل  الصيف

فصل  الشتاء

        ويراعى زيادة العلائق بمعدل  كيلو جرام واحد  للإناث العشار والاهتمام بتغذيتها (الذرة الرفيعة).

كي الإبل

        تجرى عملية الكي إمّا للعلاج من إصابة مرضية، وإمّا بغرض التمييز (الوشم)، وُيعرف بالكي العربي.

        ويجري الكي للعلاج بتسخين قطعة من الحديد على موقد لدرجة الاحمرار، ثم إلصاقها بالجزء المصاب من الحيوان، بغرض إحداث نوع من الالتهاب وقتل الميكروبات والجراثيم، التي قد توجد في مكان الإصابة. ثم التأثير على التهابات الأعصاب المنتشرة في هذه المنطقة عن طريق ما يقال في اللغة البدوية "قتل العصب"، لتخفيف الآلام الناتجة في هذه المنطقة. وهناك أنواع وأشكال مختلفة من الكي موزعة على بعض المناطق في الجسم، كالرأس، والرقبة، والقوائم الأمامية، والأفخاذ. والكي عند الحنجرة (الذرر) يدل على أن هذه الناقة أو الجمل كان مصاباً بمرض الجفار، أي السل. وكما يُستعمل الكي لعلاج اللهد، وهو ورم والتهاب في منطقة الكتف وجانبي السنام، نتيجة لاحتكاك السرج بالجلد. كما يكون أسفل الركبة في حالات الخلع والكسر، وكذلك يكون أعلى منطقة الخلخال (الرمانة) لعلاج حالات التواء المفصل أو تمزق الأربطة. والكي بجوار القرص (الوسادة القرنية للصدر) يدل على إصابة سابقة بمرض الصدر.

        أمّا الكي العربي فيجري لاستحداث علامات ثابتة مميزة، ويكون عادة في مناطق الرأس أو الرقبة أو الصدر أو الفخذ. ويتم إحداث هذه العلامات للتعرف على الحيوان في حالة فقده.

الإبل في الأمثال العربية

        ضرب العرب المثل بالإبل في مختلف المواقف، فمن ما يردده العرب حين لا يعنيهم الأمر "هذا أمر لا ناقة لي فيه ولا جمل". كما انتشر مثل عربي على لسان العامة في كثير من الأقطار العربية عن اعوجاج عنق الجمل فيقولون إن الجمل لا يرى اعوجاج رقبته. ويقصد به أن الإنسان لا يعرف عيوب نفسه. ويقول المصريون "لو رأى الجمل سنامه لحاول أن يتخلص منها على الفور" أي أن الإنسان لو رأى عيوب نفسه لمات منها خجلاً. كما يُضرب المثلُ بالجمل في الحقد، فيقال "أحْقَد من جَمَل"، والهداية فيقال "أَهْدَى من جَمَل".

        حَرِّك لها حوارَها تَحِنُّ.

        الحوار، ولد الناقة قبل أن يُفصَل عن أمّه. ورُويَ في قصة هذا المثل أن عمرو بن العاص قال لمعاوية حين أراد استنصار أهل الشام: اخرج لهم قميص عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، الذي قُتِل فيه، ففعل، فأقبل إليه أهل الشام يبكون، فعندها قال عمرو: "حرك لها حُوارَها تَحِنَُ".

        يُضرب في تذكير الرجل ببعض أشجانه ليهتاج.

الإبل في القرآن والسنة

           ]َمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ[  (الأنعام: 144).

           ]أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ[ (الغاشية: 17).

        ذُكرت الإبل في القرآن الكريم في عدد من الآيات. ففي معرض الحديث عن قدرته، ولأن دواب العرب كانت غالباً من الإبل، يقول الله سبحانه وتعالى: ]أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ[ (الغاشية: 17) آمراً عباده بالتأمل في مخلوقاته الدالة على قدرته العظيمة. ويقول سبحانه وتعالى: ]وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ (الأعراف: 73) والمقصود هنا ناقة صالح عليه السلام وكان قوم ثمود قد سألوا صالحاً أن يأتيهم بآية واقترحوا عليه بأن تخرج لهم من صخرة صماء، عينوها بأنفسهم يقال لها الكاتبة، ناقة عشراء تمخض فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم الله إلى سؤالهم  ليؤمنن به وليتبعنه فلما أعطوه عهودهم قام صالح إلى صلاته داعيا الله عز وجل  فتحركت الصخرة ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء يتحرك جنينها بين جنبيها، فعند ذلك آمن رئيسهم جندع بن عمرو ومن معه وأراد ابن عمه شهاب بن خليفة وكان من أشراف ثمود أن يسلم، فنهاه باقي الأشراف فأطاعهم، فقال في ذلك رجل من مؤمني ثمود يقال له مهوش بن عثمة بن الدميل:

إلى دين النبي دعوا شهابا

وكانت عصبة من آل عمرو

فهم بأن يجيب فلو أجابـا

عزيز ثمــود كلهم جميعا

وما عدلوا بصاحبهم ذؤابـا

لأصبـح صالح فينا عزيزا

تولوا بعـد رشدهم  ذيابـا

ولكن الغواة من آل حجـر

        ويذكر الله تعالى ما جعل لخلقه في الأنعام من المنافع  بقوله عز وجل ]وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ[ (المؤمنون: 22).  حيث قرنها بالفلك، التي هي السفائن، لأنها سفن البر.

وقال تعالى: ]وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيم[ (النحل: 7).

ويقول الله سبحانه وتعالى أيضاً: ]أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ[ (يس: 71-73).

        وفى الصحيحين، عن أبى موسى الأشعري ـ رضى الله عنه ـ أن النبي ـ r قال: "تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا" (صحيح مسلم).

        وفيهما، عن ابن عمر رضى الله عنهما، أن النبي ـ r قال: "مَثَلُ الْقُرْآنِ مَثَلُ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ تَعَاهَدَهَا صَاحِبُهَا بِعُقُلِهَا أَمْسَكَهَا عَلَيْهِ وَإِنْ أَطْلَقَ عُقُلَهَا ذَهَبَتْ" (صحيح البخاري).