إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات متنوعة / الموسوعة المصغرة للحيوان









الذئب The Wolf

الذئب The Wolf

تعريف

        الذئاب حيوانات شبيهة بالكلاب، تنتشر في جميع أنحاء العالم؛ ولكل منطقة الأنواع الخاصة بها، التي تأقلمت على مناخها وغذائها وأماكن الاختفاء والتخفي فيها. وتنتمي جميع الذئاب تقريباً إلى نوع يسمى الذئب الرمادي. كما يوجد نوعان رئيسيان من الذئاب الرمادية، هما: ذئب الغابات، وذئب التندرا. ويعيش ذئب الغابات في الغابات القريبة من الدائرة القطبية الشمالية، أمّا ذئب التندرا ـ الذي يسمى أيضاً الذئب القطبي، أو الذئب الأبيض، أو الذئب الفضي ـ فيقطن السهول عديمة الأشجار عند القطب الشمالي، وهو أكثر الذئاب شهرة لأن فراءه يُباع للزينة، كما تتدثر به نساء الطبقة الأرستقراطية.

        ويقول العلامة الشيخ كمال الدين الدميري، في كتابه "حياة الحيوان الكبرى"، أن الذئب يهمز ولا يُهمز، وأصله الهمزة؛ والأنثى ذئبة، وجمع القلة أذؤب، وجمع الكثرة ذئاب وذؤبان، ويسمى الخاطف والسيد والسرحان وذؤالة والعملس والسلق؛ والأنثى سلقة والسمسام. وكنيته أبومذقة وأبوجعدة وأبوجاعد وأبوثمامة وأبو رعلة وأبو سلعامة وأبو العطلس وأبو كاسب وأبو سبلة.

التصنيف البيولوجي

        ينتمي الذئب في المملكة الحيوانية إلى شعبة الحبليات، شعيبة الفقاريات، طائفة الثدييات، مرتبة آكلات اللحوم، العائلة الكلابية، جنس ونوع الذئب.

أنواع الذئاب

1.     الذئب الرمادي   Canis lupus) Gray wolf) (انظر صورة الذئب الرمادي)

يُعد أكبر العائلة الكلبية حجماً، وهو قوي شديد البأس. ويختلف لونه من الأبيض في المناطق القطبية، إلى الأسود في بعض مناطق أمريكا الشمالية. ولكن لونه الغالب في أغلب مناطق العالم هو الرمادي. ويصل طول الرأس والجسم إلى 120 سم، وطول الذيل 30 ـ 45 سم، ويراوح الوزن ما بين 18 إلى 80 كجم. وبيئة هذا النوع من الذئاب هي المنطقة القطبية الشمالية، والأجزاء الشمالية من أمريكا الشمالية، وآسيا. ولا تزال هناك بعض القطعان في المكسيك وأوروبا واسكندنافيا. وهو يعيش في الغابات والمزارع والحقول، ولكنه يبتعد عن الصحارى ويخشى المرتفعات. يتكون القطيع من 5 ـ 15 فرداً، يحكمه زوج سائد يتبعه الآخرون. وهم يصطادون كجماعة فيتربصون بقطعان الحيوانات العشبية الكبيرة، مثل الإلكة والأيائل والخراف الجبلية، ويختارون فريسة كبيرة يطاردونها ويعزلونها عن القطيع ويناورون حولها حتى تفقد اتزانها، ويطبقون عليها معاً، ويكون في ذلك نهايتها.

يحدث التزاوج  في هذا النوع مرة واحدة في السنة، في شهري يناير وفبراير حتى تكون الولادة في شهور الربيع حين يعتدل الجو ويكثر الغذاء. يبلغ طول فترة الحمل 63 يوماً، تلد الأنثى بعدها من 4 إلى 7 جراء. ويكون العرين عادة جحراً في الأرض، أو تجويفاً في مُرتفع، وكثيراً ما يستخدم سنة بعد سنة.

2.     الذئب ذو العرف (أبو عرف) (Chrysocyon prachyurus) Maned wolf

لهذا النوع من الذئاب فراء طويل ناعم، لونه أصفر محمر، وله علامات سوداء مميزة على القوائم، وغالباً على الوجه والذيل أيضاً وقد يكون للذيل طرفٌ أبيض. ويكون الشعر الداكن على الرقبة والكتفين منتصباً، ويشبه العرف ومن هنا سُمي "الذئب ذو العرف" أو "أبوعرف". وطول الرأس والجسم حوالي 110 سم، والذيل 40 سم، والارتفاع عند الكتفين حوالي 75 سم. ويزن حوالي 25 كيلوجراماً.

ينتشر هذا النوع من الذئاب في أمريكا الجنوبية، في المنطقة الواقعة بين شمال شرقي البرازيل وشمال الأرجنتين. ويعيش في الأراضي المعشبة، وسفوح الجبال، والمناطق النائية. وهو يفضل العيش وحيداً ومنعزلاً، أو في أزواج، ولا تتكون منه قطعان، لذلك لا يهاجم الحيوانات الكبيرة. وهو يتغذى على الحيوانات الصغيرة، مثل الأرانب البرية، والجرذان، والطيور. وقد يتغذى على بيض الطيور، وأحياناً النباتات إذا لم يجد ما يأكله. وهو نادراً ما يهاجم حيوانات المزرعة، وإن كان المزارعون يعتقدون أنه يفعل ذلك؛ فيطاردونه. وقد أدت مطاردته إلى القضاء على أعداد كبيرة منه، وهو في طريقه للانقراض.

تبلغ طول فترة الحمل حوالي شهرين، وتلد الأنثى من جرو إلى خمسة جراء، ترعاهم لمدة شهرين أو ثلاثة. وتصل الصغار إلى سن البلوغ بعد إكمال عامها الأول.

3.     الذئب البري    Canis latrans) Coyote)

نوع صغير من الذئاب يشبه الذئب الرمادي، وينتشر في السهول والأماكن المكشوفة الواقعة بين وسط أمريكا وألاسكا. ويطلق عليه البعض "الذئب الأحمر" أو "ذئب البراري"، وإن كان لونه يميل إلى الرمادي. ويختلف لون فرائه وملمسه من مكان لآخر تبعاً للمناخ السائد. فالحيوانات التي تقطن الأماكن الشمالية، يكون فراؤها أكثر سمكاً. وقد توجد علامات سوداء على الأرجل الأمامية، وعلى قاعدة الذيل وطرفه. والأذنان أطول من أذني الذئب الرمادي. ويبلغ طول الرأس والجسم 100 ـ 135 سم، والذيل حوالي 40 سم، والوزن 15 ـ 20 كيلوجراماً تقريباً. وقد رصد علماء الحيوان في أمريكا الشمالية أكثر من 12 سلالة مختلفة من هذا الحيوان.

يعيش عادة منفرداً أو في أزواج؛ ويتغذى على القوارض، كالأرانب وكلاب البراري، والثدييات الصغيرة كالأغنام، وكذلك الدواجن. كما أنه قد يقتات على الجيف. وهو حيوان شديد النشاط يزيد نشاطه في فترات ما قبل الغروب، خاصة في الشتاء.

ويحدث التزاوج فيما بين شهري يناير ومارس، وفترة الحمل 60 ـ 64 يوماً. وتلد الأنثى 6 جراء في المتوسط، تكون عمياء عند الولادة ولا يمكنها الخروج من الجُحر إلاّ بعد أسبوعين أو ثلاثة. وترعى الأم جراءها لمدة 5 ـ 7 أسابيع. ويمكن للصغار الاعتماد على أنفسهم بعد 6 ـ 9 شهور. وتصل إلى سن النضج في العام الثاني من العمر.

ويعتقد أن هذا الذئب مهدد بالانقراض، ويزيد من هذا الاعتقاد النقص الشديد في أعداد كلاب البراري التي تعتبر أحد أهم فرائسه الطبيعية.

4.     الذئب الإثيوبي أو ابن آوى    (Canis simensis) Simian Jackal (انظر صورة ابن آوى)

الذئب الإثيوبي من آكلي اللحوم من فصيلة ابن آوى، ويجمع في شكله بين الثعالب والذئاب، وإن كان أقرب للأولى منه إلى الثانية. وهو أصغر حجماً من الذئب الحقيقي، وجهه مدبب، وأذناه طويلتان، وقوائمه أطول. ولونه بني مائل للاحمرار، وأسفل جسمه أبيض أو يميل إلى البياض. كما توجد حلقتان حمراوتان حول الرقبة. والذيل كث، ذو طرف أسود. يبلغ طول الرأس والجسم مالا يزيد عن 100 سم، والذيل 30 سم، والوزن حوالي 10 كيلوجرام. وهذا الحيوان يعيش أساساً على المرتفعات العشبية في الهضبة الإثيوبية. وهو حيوان سريع العدو تبلغ سرعته حوالي 55 كيلومتراً في الساعة. وهو يتغذى على القوارض والفرائس الصغيرة. ولا يُعرف أي شيء عن خصائصه التناسلية. وقد تناقصت أعداده بشكل ملحوظ، حتى أصبح مهدداً بالانقراض.

5.     ذئب الأرض  Proteles cristatus) Aardwolf)

يطلق اسم (ذئب الأرض) مجازاً على نوع من الحيوانات قريب الشبه بالضبع المخطط Striped Hyena، وإن كانت أقل منه قليلاً في الحجـم. وكان يعتـقد فيما مضى أن هذا الحيوان ينتمي إلى عائـلة الضباع Family Hyaenidae، إلاّ أنه قد نسب إلى عائلة منفصلة Family Protelidae، لاختلاف جذري بين الحيوانين في الأسنان.

يعيش هذا الحيوان في سهول شرق وجنوب أفريقيا، وله جلد ذو لون أصفر إلى بني داكن، وخطوط عمودية متعددة سوداء اللون. كما يعلو ظهره خط من الشعر الأسود المنتصب، يمتد من العنق إلى الذيل فيبدو كالمعرفة، مما يجعل الحيوان يبدو أكبر من حجمه الحقيقي. وتعلو رأس ذئب الأرض أذنان طويلتان مدببتان. وللقوائم الأمامية خمسة أصابع مزودة بمخالب قوية، أمّا القوائم الخلفية فلها أربعة أصابع فقط. ويبلغ طول ذئب الأرض 55 ـ 80 سم، والذيل 20 ـ30 سم، أمّا الوزن فلا يتجاوز 3 ـ 4 كيلوجرام. وله أسنان صغيرة وضعيفة ذات أشكل مخروطٍ.

ويتغذى ذئب الأرض على الحشرات، وخاصة النمل الأبيض واليرقات، التي يجمعها بلسانه العريض اللزج. كما أنه قد يقتات أحياناً على بعض القوارض الصغيرة. وهو حيوان ليلى المعيشة يُفضل العزلة، ولكنه قد يرى في أزواج أو جماعات أسرية صغيرة.

تلد الأنثى من جروين إلى أربعة جراء، في جُحور حفرتها خنازير الأرض، وهي حيوانات من آكلات النمل Orycteropus afer Aardvark. وإذا هوجم ذئب الأرض ارتفعت معرفته على الفور في محاولة منه لإخافة العدو، وأخرج رائحة قوية كريهة من غدده الشرجية.

6.     الذئب التسماني  Thylacinus) Tasmanian Wolf)

يطلق هذا الاسم على حيوان من رتبة الكيسيات Marsupiala، وهو أكبر ما عرفته الأرض من آكلي اللحوم من الكيسيات. ويشترك في هذه الصفة مع العفريت التسماني Tasmanian Devil الذي يشاركه المعيشة أيضاً في غابات تسمانيا في استراليا. وهو حيوان قوي البنية، ممتلئ الجسم يشبه الكلب تماماً. يتميز الذئب التسماني بفكه القوي، وأنيابه المدببة، وضروسه التي لها قدرة كبيرة على تحطيم عظام الفريسة. وهذا الحيوان ينشط ليلاً ويفضل العيش منفرداً أو في أزواج. يتغذى على الجرابيات الأخرى والفئران والطيور.

الصفات الطبيعية والسلوكية للذئب

        تتميز الذئاب بأسنانها الحادة والتي يصل عددها 38 سناً، وأنيابها المدببة وعددها أربعة، وهي مهيأة لتمزيق الفريسة. ويصل طول الأنياب من الجذر إلى القمة 5 سم، كما أن لها فكوكاً قوية يمكنها سحق عظام الفرائس، وأضراس تستطيع بها أن تطحن أقوى العظام فتحيلها إلى مسحوق تستفيد منه الطيور، كمصدر للكالسيوم اللازم لبيضها.

        وللذئاب بصر حاد يمكنها أن ترى ليلاً ونهاراً، ولها سمع جيد وحاسة شم قوية. وقوة الشم عند الذئاب حوالي 1000 مرة مثل قوته عند الإنسان، حتى أنها تستطيع أن تشم رائحة فرائسها مهما حاولت التخفي أو التمويه، وتتبعها بدقة في اكثر الغابات كثافة. ويمكن للذئاب رؤية فريستها والتقاط الروائح المنبعثة منها، على بعد كيلومترين تقـريباً.

        ويستطيع الذئب أن يجرى بسرعة تراوح بين 40 إلى 50 كيلو متراً في الساعة، تزداد عند الهروب أو عند مطاردة الفرائس السريعة، كالأرانب أو الأغنام البرية، والأيائل، والوعول.

        والذئب حيوان ماكر ذكي شديد الحرص، له قدرات جسمية فائقة من حيث القوة والعنف، لا تأخذه الرحمة بفرائسه، ويظل يطاردها دون كلل أو ملل حتى ينهكها التعب، فينقض علي عنقها بأسنانه الحادة لتكون وليمة له ولعائلته.

        وتصطاد الذئاب في أي وقت من النهار أو الليل؛ فعندما يتجمع أفراد القطيع تبدأ عملية الصيد فتحيي الذئاب بعضها بعضاً بالعواء، وقد يتعالى عواؤها كثيراً محذرة الذئاب الأخرى حتى تبقى خارج القطيع. وتتجول الذئاب خلال قنصها حتى تعثر على فريسة، فتسير نحوها بحيث تكون حركتها ضد اتجاه الريح. وبعد ذلك تقترب الذئاب بهدوء وحذر من فريستها، ربما في صف واحد، ثم تنطلق نحوها لتبدأ المطاردة.

        وتتعقب الذئاب عدداً من الحيوانات الأكبر فيها حجماً، فإذا تمكنت من الإمساك بها فإنها تهاجمها من الكفل أو الأجناب، وتحاول جرح الفريسة حتى تنزف وتخور قواها. وبعد ذلك تمسك بها من الحلق أو الخطم. ويمكن للذئاب أن تقتل حيواناً كبيراً في بضع دقائق فقط، لكن عملية الصيد تستغرق عدة ساعات. وقد تتخلى الذئاب عن المطاردة إذا كان الحيوان المُطارد أقوى منها، كما أنها قد تترك المطاردة إذا كان الحيوان مفرطاً في سرعته.

الحياة الاجتماعية

        تحيا الذئاب حياة اجتماعية عائلية، وهي تعيش غالباً في جماعات أسرية تُسمى قطعان. ويتكون كل قطيع من عدة عائلات قد تصل إلى أربع، قوامها الذكر والأنثى وجراؤهم. ومن الغريب أن كل عائلة تعرف مكانها الاجتماعي في القطيع، من حيث عدد الأفراد والقوة والشراسة. فالعائلة الأقوى لها السيادة، تليها الأقل قوة وهكذا. ولكل عائلة دور في خدمة القطيع، بل إِن لكل فرد دوراً لا يتعداه إلا بإذن من رئيس القطيع، وإلاّ نال عقاباً صارماً قد يكلفه حياته.

        ومن العادات الغذائية للذئاب أنها عندما تصطاد في مكان بعيد عن الوكر الخاص بالجماعة، فإن الذكور هي التي تذهب للصيد. وعقب اصطياد الفريسة تلتهم أكبر قدر من الفريسة ثم ترجع  للصغار، فتخرج ما التهمت من طعام من معدتها وقد تم هضمه جزئياً لتطعمهم. وخلال غياب الذكور في رحلة الصيد، ترقب الإناث الصغار وترعاها فإذا ما شعرت الأم بأي خطر يتهدد الصغار، فإنها إمّا أن تُدافع عنهم وإمّا أن تجذب نظر الأعداء بعيداً عن الوكر حتى يزول الخطر.

        ومن الطريف أنه إذا وقع أحد أفراد العائلة في فخ، فإن أفراد القطيع يتعاونون في محاولة فك أسره وتخليصه من الفخ.

        وقد لاحظ العلماء ممن يدرسون سلوك الذئاب، أن وضع الأذنين وزاوية الذنب والفم والجزء المكشوف من الأسنان، لها معانٍ مهمة في حياة ذئاب القطعان. فقائد القطيع، أو الذئب المسيطر، هو الذئب الوحيد الذي له الحق في رفع ذيله فوق مستوى القطيع، وأي ذئب آخر يتجرأ على تحريك ذيله في وضعيه غير صحيحة، يُعامل وكأنه معارضاً للقيادة. وكذلك من حق القائد أن يوجه أذنيه لأعلى وللأمام، وقد يبرز أسنانه. أمّا الذئب التابع فينحني ويتذلل ويضع ذيله بين رجليه، كما يحني أذنيه لأسفل وقد يعوي أيضاً. والذئاب، مثلها مثل عدداً من الحيوانات، تستخدم جسدها لتنقل شعورها إلى رفاقها، ولتعلن عن وضعها في حياة مجتمعها.

        ومن التقاليد المتعارف عليها في عالم الذئاب أن الذكر السائد هو الأقوى، ومن حقه أن يختار أقوى الإناث حتى يكون لهما أقوى ذرية في إطار الانتخاب الطبيعي للقطيع. وبذلك يكون للذكر السائد الطاعة بلا معارضة، وإلاّ نزل العقاب بالمعارض مما قد يكلفه حياته، أو طرده من الجماعة على أقل تقدير. كما أن من هذه التقاليد أن القطيع يصطاد فرائسه بنظام الجماعة، ولكن عند اقتسام الفريسة يأخذ الأقوى نصيبه أولاً ويكون من أجود القطع، ثم الأقل قوة فالأقل. وقد تسمح الجماعة للصغار أن تشارك الكبار طعامهم.

        ومن تقاليد الذئاب أنها لا تطرد كبارها من القطيع، عندما تعجز عن الصيد، خلافاً لأكثر الضواري.

التزاوج

        يبلغ الذئب سن التزاوج في عمر عامين، حيث يكون قد بلغ طوله  110 ـ 150 سم، أو حتى 200 سم، بما فيها طول الذيل، الذي قد يبلغ 35 ـ 50 سم. كما يصل وزنه من 25 إلى 50 كيلوجراماً، وارتفاعه عند الكتفين ما يقرب من 75 سم. وعند البلوغ يكون الذئب قد أكتسب لون الفرو النهائي، الذي يراوح بين الأبيض الناصع البياض، في سهول القطب الشمالي، إلى الأسود الفاحم في الغابات المجاورة للمنطقة القطبية الشمالية. ولكن معظم الذئاب لها فراء رمادي أو فضي اللون.

        ومع الأخذ في الحسبان الاختلافات بين الأنواع والسلالات، فإن الذئاب تتزاوج ، عادة ـ في نهاية الشتاء، لتلد في الربيع، لأن مدة الحمل 63 يوماً في المتوسط. وتلد الأنثى في الحمل الواحد من 4 إلى 7 جراء، ونادراً ما تلد 10 أو 11 جرواً. وهي تلد في مكان آمن يسمى الوجار، ويكون  في كهف أو جزع  شجرة مجوف، أو مكان مهجور، أو تحت الأرض. وتزن جراء الذئب ما يقرب من نصف كيلوجرام عند الولادة، وتكون عمياء صماء عاجزة عن الحركة، وذات شعر خفيف. وتظل الجراء في رعاية الأم تُرضعها وتوزع الغذاء عليها بالتساوي، حتى تنشأ كلها في قوة واحدة. كما تلعق الأم جراءها لتنظيفها، إضافة إلى تنظيف الوكر وتهويته يومياً. وعند  عمر 10 ـ 12 يوماً تفتح الصغار عيونها وتستطيع أن ترى. كما أن شعرها ينمو ويزداد غزارة كلما اقترب موسم الشتاء. يخرج الصغار في حماية الأبوين في محاولات لتعلم الصيد، حيث يراقبهم الأبوان وهم يشتركون في صيد الكائنات الصغيرة، مثل الأرانب البرية، ويُدربونهم على فنون الصيد والكر والفر. ويظل الصغار يرضعون، إضافة إلى ما يأكلون من صيد الوالدين حتى تفطمهم الأم عند عمر 60 ـ  70 يوماً. ويستطيع الجرو أن يعتمد على نفسه في الصيد في سن 6 أشهر أو أقل، حسب فترة التدريب والتمرين، وقوته الجسدية وسرعته في العدو، ومهارته في المناورة.

        والذئاب من الحيوانات ذات الحمى، وهي تذود عن حماها حتى الموت، خاصة في موسم التزاوج، وعند وجود جراء صغيرة تحتاج إلى الدفاع عنها. كما أنها لا تعتدي على حمى الآخرين.

        تولد الصغار كبيرة الرأس والقوائم، صغيرة الجسم؛ ثم تنمو بسرعة فائقة نظراً لدسامة لبن الأم وغزارته إضافة إلى أكل الفرائس مع الآباء، أو أكل ما يلفظه الآباء من معداتهم من غذاء شبه مهضوم. وبعد 3 ـ 4 أسابيع يخرجهم الأبوان من الوكر إلى سطح الأرض، حيث يرافق الصغار أبويهم في نشاطهم اليومي، وتعلم الصيد والتدريب على القتال.

        وتترك جراء الذئاب الوجار بلا عودة عندما تبلغ شهرين من العمر، وتنتقل إلى منطقة مكشوفة تسمى "موقع الالتقاء"، حيث تبقى هناك خلال الصيف. بينما تتولى الذئاب البالغة الصيد، وتحضر الغذاء للصغار. وفي الخريف تبدأ الجراء والذئاب المكتملة النمو في الصيد معا كقطيع.

        ويبلغ الجرو مرحلة النضج في عمر عام ونصف إلى عامين، والأنثى تبلغ قبل الذكر ويبلغ كلاهما النضج الكامل عند إكمال 3 سنوات من العمر. وعند عمر 10 ـ 12 سنة يهرم الذئب، وعند عمر 15 سنة تتآكل أسنانه ويفقد حذره ويصبح من السهل صيده. ولا يزيد عمر الذئب في الطبيعة عن 20 سنة، ومتوسط عمره 16 سنة.

الذئاب والناس

        يُعادي كثير من الناس الذئب لأنه يفتك بحيوانات المزارع. فكثيراً ما يضطر الذئب إلى مهاجمة المزارع للحصول على غذائه. فينقض على الأغنام الصغيرة أو العجول الرضيعة وغيرها من حيوانات المزرعة، ليهرب بإحداها وينجو بوليمة دسمة إذا لم تصله رصاصات أصحاب المزارع. كما يُعادي كثير من الصيادين الذئب لأنه يهاجم ويقتل حيوانات الصيد، مثل الآيل والغزال. وهناك اعتقاد خاطئ بأن الذئب يهاجم الإنسان. مع أن الذئاب تتجنب الناس قدر استطاعتها، ولا تهاجم الإنسان فرداً لفرد ولكن قد تهاجمه مجموعة وعند الجوع الشديد. وعلى العموم فإن ذلك لا يحدث إلاّ نادراً حيث تهرب الذئاب من الناس رغبة في العيش بعيداً عن المشاكسات والأضواء وأصوات الآلات، وكذلك رصاص الآدميين وفخاخهم التي تنهى حياتها، لتفوز بها فراءً ثميناً على أكتاف النساء.

        وفي بعض الدول التي تُحَرّم صيد الذئاب أو قتلها للحفاظ على التوازن البيئي، تعوض الحكومة أصحاب المزارع عما يلتهمه الذئاب من حيوانات المزرعة. فلا يتعرض لها أحد ولا يشعر بوجودها أحد، إلاّ من حدوث نقص في أعداد الحيوانات.

        وقد أتى ذكر الذئب في قصص عالمية كثيرة، أشهرها قصة ذات الرداء الأحمر. كما كثر تشخيصه في أفلام الصور المتحركة للأطفال، في المسلسلات القصصية في مجلات الأطفال، حيث تلاقى قصصه إقبالاً شديداً لمِا للذئب من مكر ودهاء.

        وقد أضافت الحكايات الشعبية إلى سمعة الذئب السيئة كثيراً من الأقوال المأثورة، التي يرى معظمها أن هذا الحيوان يرمز للأذى والشر. فمن ذلك قولهم "ليبقى الذئب خارج الباب" وتعني ليمتنع   الجوع أو الفقر" ويقولون "ذئب في ثوب حمل" لوصف من يسلك مسلك الصديق، ولكنه يضمر الشر لفرط دهائه ومكره.

        وتؤيد قصص الخيال والأساطير الشعبية الفكرة المضللة بأن الذئاب تهاجم الإنسان، وقد أدى هذا الخوف من الذئاب إلى إبادة أعداد كبيرة منها على يد الإنسان حتى أن الأعداد المتبقية منها مهددة بالانقراض.

الذئب في القرآن والسنة

        وقد ورد ذكر الذئب في القرآن الكريم 3 مرات في القرآن الكريم. عندما ألقى إِخوة يوسف أخاهم في غيابة الجب، وعادوا لأبيهم وادعوا ظلماً وكذباً انه قد أكله الذئب، والذئب من دمه براء ]قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِين[ (يوسف: 17).

الذئب في الأمثال العربية

        يُضرب المثل به في الظلم، فيقال: "أَظْلَم من الذئب"، والغّدر فيقال: "أَغْدر من ذئب"، والكسب فيقال: "أَكْسَبُ من ذئب"، والنشاط فيقال: "أَنْشط من ذئب"، واليقظة فيقال " أَيقظ من ذئب"، والحرص فيقال "أََحرص من ذئب".