إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات متنوعة / تراجم لأشهر الأطباء العرب خلال عصور النهضة الإسلامية









هو أبو موسى جابر بن حيان الأذدل ولد فى مدينه حران فى شمال العراق

أولاً: تعليم الطب في العصر الإسلامي

كان الطب عند العرب قبل الإسلام حصرا على بعض العائلات، يتوارثون صناعته جيلاً بعد جيل، ويتعلمونه بالتقليد والقياس؛ فلا كتاب ولا كتابة ولا مدرسه لهذه المهنة، وذلك بسبب الأمية في ذلك الوقت. وكان تعلمه على نحو ما يحدث عادة في تعلم الحرف اليدوية البسيطة. ويقول ابن خلدون إن هذه الطريقة كانت سراً مغلقاً على بعض العائلات.

وعندما دخل المسلمون إلى مصر، كانت مدرسة الإسكندرية تعلم الطب على الأسلوب اليوناني القديم من حيث قراءة النصوص والتعليق عليها بالمساءلة. وصارت هذه الدراسة نقطة البداية في تحرك الطب العلمي في اتجاه الأقطار الإسلامية.

وكانت مدرسة الإسكندرية حتى الحكم الأموي ما تزال تعمل بتدريس الفلسفة والطب، وكان من أشهر أطبائها آنذاك "عبدالملك بن أبجر الكتاني" وهو من نصارى الكوفة، أسلم على يد صديقه ومريضه الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز حيث كان بصحبة أبية الوالي على مصر، فلما أستخلف عمر على المسلمين أستدعى ابن أبجر إلى أنطاكية ليمارس الطب فيها ويعلمه للناشئة.

 على هذا يمكن أن تُعد مدرسة أنطاكية، التي أسسها "ابن أبجر"، أول معهد لتعليم الطب في العصور الإسلامية.

مارس ابن أبحر تعليم الطب على الأسلوب نفسه التي تعلم به الطب وعلمه لتلاميذه في مدرسة الإسكندرية، وكان ذلك الأسلوب، على ما يفهم من عناوين كتب يحيى النحوي، بقراءة نصوص مجاميع "جالينوس" الستة عشر وتفسيرها والتعليق عليها بما لدى المعلم من أراء وخبره في الصنعة.

وفي الدولة العباسية، وفي عهد هارون الرشيد أنشأ (بيت الحكمة) الذي لعب دوراً مقدراً في نشر العلوم الطبية. وبعد ذلك أنشأت المستشفيات التي كانت تعرف باسم "البيمارستانات"، وكانت مركز لتعليم الطب وتسمى باسم الطبيب الذي يعلم بها، مثل مدرسة ابن ماسويه ومدرسة حنين بن إسحاق في بيت الحكمة، والمدرسة الدَُّخْوارية في دمشق للشيخ مهذب الدين الدَُّخْوار. وقد نقل إلينا ابن أبي أصبعية صورة أكثر وضوحاً لهذه المدرسة في قوله: شرع مهذب الدين عبدالرحيم بن علي الدَُّخْوار (628 هـ ) في تدريس صناعة الطب، واجتمع إليه خلق كثير من أعيان الأطباء يأتون اليه ويقعدون بين يديه ثم تجرى مباحث طبية ويقرأ التلاميذ ولا يزال معهم في الدرس ونظر في الكتب مقدار ثلاث ساعات ثم يركب إلى داره ويلاحظ أن التلميذ يقرأ في الكتاب أثناء الدرس، أما المعلم فيحمل بين يديه نسخه من ذلك الكتاب أصلية خاليه من الأخطاء الإملائية أو العلمية ويشرح للطالب ما يراه صعب عليه من فهم الأعراض والعلامات المرضية وبحث روابطها التشريحية والفسيولوجية بالعضو المريض.

ويلفت النظر أن الدروس لم تكن قاصرة فقط على التلاميذ وحدهم، بل يرتادها أيضاً الأطباء الممارسون، ليستزيدوا من خبرة الشيخ الذي يدير الحلقة.

وقد ركز الأطباء المسلمون في أول تعلمهم، على معرفة ثلاثة أمور في التطبيق: الأول (تشخيص المرض) والثاني (التنبؤ بمستقبل هذا المرض) والثالث (معالجته).

وكانت هذه الأمور الثلاثة هي كل ما تتطلبه مصلحة المريض لاكتساب العافية، وعليها تبنى شهرة الطبيب المعالج.

وربما كان أسلوب التعليم السريري الذي أدخله الرازي في الطب الإسلامي، مثالاً صادقاً لما كان عليه أسلوب التعليم الطبي في المدارس الإسلامية. فقد بلغ التعليم السريري ذروته في التطبيق في أيام المماليك المصريين، حتى صار قريبا من أسلوب التدريس السريري في الوقت الحاضر.

أما عن الكتب الدراسية في تعليم الطب، فكانت من مؤلفات الأطباء العرب وهي متوافرة. كما كثر عدد الطلبة الوافدين إلى مدارس الطب. وكان أكثر الطلاب يتعلمون الطب في سن مبكرة تقل عن العشرين، كما في حالة العالم الكبير ابن سينا.

أما عن أجور تعليم الطب، فكان أبناء الأطباء يتعلمون بالمجان حسب قسم أبقراط، وأما الآخرون فيدفعون أجوراً مناسبة. وعن عدد سنين تعلم الطب، ذكر "ابن رضوان المصري" أن دراسة الطب تستغرق ثلاث سنوات، تطول باختلاف مزاج المعلمين وطول نفسهم في التعليم، ورغبة التلميذ في المزيد من التعلم".

أما عن الامتحانات في الطب لممارسته، فلابد من الحصول على ترخيص بذلك، وكذلك كان على الأطباء الممارسين اجتياز امتحان لمواصلة مزاولة المهنة.

وأول من كتب عن امتحان الأطباء من العرب هو "يوحنا بن ماسويه"، وعنوان كتابه (محنة الطبيب)، وكذلك كتاب الرازي (محنة الأطباء).

قال الرازي: ينبغي أن يكون الطبيب نظيفاً في بدنه ووجهه وشعره وسائر أعضائه، وتكون ثيابه نظيفة ويكون حسن النطق طليقاً، ولا يكون عبوساً ولا عجولاً ولا متهوراً ولا شرهاً للمال، ويكون له بيان ثقة في خلقته وزينته، رحيماً بالمرضى.

أما عن امتحان ممارس المهنة، فقد استحدث لأول مره للصيادلة في أيام الخليفة المأمون، وللأطباء أيام المقتدر، والذي يجري الامتحان رئيس الأطباء.

ويذكر القنطي في حوارات سنة 319هـ مريضاً توفى في بغداد بسبب خطأ أحد الأطباء في علاجه، فأمر الخليفة المقتدر إبراهيم بن أحمد بن أبي أصبعه أن يمنع جميع الأطباء عن ممارسة المهنة إلا بعد أن يجتازوا امتحاناً بواسطة رئيس الأطباء سنان بن ثابت.

وخلاصة ذلك أن ممارسة الطب ودراسته في العصر الإسلامي كانت تجري بأسلوب علمي سليم، أساسه الأول جودة التعليم للأطباء في التشخيص والعلاج لضمان صحة المريض، وهذا هو الأسلوب المتبع حاليا في جميع كليات الطب في العالم.