إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / الاتحاد الأفريقي









المبحث الثاني

التحول من منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي، وإنشاء البرلمان الأفريقي

 

أولاً: التحول من منظمة الوحدة الأفريقية (الجماعة الاقتصادية الأفريقية)، إلى الاتحاد الأفريقي

    مع نهاية قمة منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، ينبغي الاعتراف بأن المنظمة قد أدت الغرض منها، وكان لزاماً فتح الطريق أمام تنظيم هيكلي، يتميز بالشمولية والمرونة، ويضم آليات قارية، تكون أكثر استجابة للتعامل مع تحديات القرن الحادي والعشرين؛ وتوفر إطاراً شاملاً لعرض رؤية فاعلة، للنهضة الأفريقية.

    تكمن الفرصة الكبرى، أمام النهضة الأفريقية، بصفة عامة في أن الاتحاد الأفريقي، سيبني على النجاح، الذي حققته منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، التي أضحت، منذ نشأتها، نقطة ارتكاز اقتصادية وسياسية، في أفريقيا.فقد كانت مؤسسة أفريقية فريدة، أنشأتها الدول الأفريقية، اختياراً، لا إجباراً، لتكون وسيلة، تخدم المصالح الأفريقية الشاملة. وقد جسدت المنظمة طموحات الشعوب الأفريقية، وقرارات زعماء القارة الجماعية.

    ومن الواضح، أن منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، كانت أداة إيجابية، ليس لتعزيز الوحدة والتعاون الأفريقييْن فحسب، بل لتحديد الأولويات المستجدة في القارة.كما كانت نقطة اهتمام طبيعية، للسياسات الخارجية لدولها الأعضاء ومتابعتها؛ وكذلك، لسياسات الدول غير الأفريقية.

    إضافة إلى ذلك، كانت منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، منبراً، أمكن من خلاله، تبنِّي مواقف أفريقية جماعية وموحدة، تجاه القضايا، التي تؤثر في الشعوب الأفريقية.فقد كانت المنظمة ساحة، لوضع سياسات أفريقية مشتركة، قد يتفق الأعضاء أو يختلفون في شأنها.كما كانت مظلة، تُحل، في ظلها، التوترات، التي تشوب العلاقات، بين دول القارة.إضافة إلى ذلك، أبرزت منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، ربما بشكل أكثر جلاءً من أي منطقة أخرى من العالم، المشكلات، التي خلَّفتها قضايا الاستعمار، والعنصرية، ونقص التنمية، والديون.ومن أمثلة توحد المنظمة التماسك، الذي تعاملت به مع قضية لوكيربي.

    والى حد كبير، نجحت منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، في تلبية الحاجة النفسية، إلى التعاضد بين دولها الأعضاء.ومع أن "الشخصية الأفريقية"، ربما لم توجد بعد، إلا أن "الأفرقة"، أضحت أمراً معترفاً به، على المستوى العام.وهنا، ربما يكمن أهم إسهامات المنظمة.فضلاً عن ذلك، أُدرك دور المنظمة كسلطة معنوية، حتى في الأوقات، التي لم تُعر فيها انتباهاً، ولم تلق احتراماً.وأصبح بقاء منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، قضية عاطفية، بالنسبة إلى عدد كبير من الأفارقة؛ وذلك يرجع، إلى حدٍّ كبير، إلى قيمتها الرمزية، بصفتها تجسيداً، وحقيقة ملموسة، للشخصية الأفريقية الجماعية، على الساحة العالمية.

    وفضلاً عن منجزاتها العامة، كانت منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، وسيلة نجحت جنوب أفريقيا، من خلال عضويتها فيها، في التفاوض في شأن الميثاق، الخاص بحظر استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد وتخزينها ونقلها؛ وتدميرها.وهو الميثاق، الذي وقعته 38 دولة أفريقية.

     وبعد مبادرة جنوب أفريقيا، ونجاح ميثاق الألغام الأرضية، قررت منظمة الوحدة الأفريقية، صياغة سياسة شاملة، في شأن التجارة غير المشروعة في الأسلحة الخفيفة.وتمكنت جنوب أفريقيا من الحصول على قرار في هذا الشأن، تبنته قمة الجزائر، عام 1999.

1. الاعتراف الرسمي بدخول القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي حيز التنفيذ

    لم يحسم التاريخ الفعلي لقيام الاتحاد الأفريقي؛ إذ أن هناك أربعة احتمالات، لا بد أن تؤخذ في الحسبان:

أ. تاريخ القمة الاستثنائية الرابعة، في سرت؛ أي 9 سبتمبر 1999، حين اتخذ قرار قيام الاتحاد الأفريقي.

ب. تاريخ تبني الميثاق، في قمة لومي أي 11 يوليه 2000.

ج.  تاريخ عقد الجلسة الاستثنائية الخامسة لمجلس رؤساء الدول والحكومات، في سرت، الذي أعلن قيام الاتحاد أي 2 مارس 2001.

د. تاريخ دخول القانون التأسيسي حيز التنفيذ، في قمة لوساكا أي 26 مايو 2001.

    وفي هذا الصدد، توجد سابقتان: الأولى، تبني ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، لتاريخ 25 مايو 1963؛ وهو اليوم، الذي يُحتفل فيه بميلاد منظمة الوحدة الأفريقية؛ على الرغم من أن الميثاق، لم يدخل حيز التنفيذ، إلا في 13 سبتمبر عام 1963.والثانية، هي تاريخ إنشاء منظمة الأمم المتحدة، الذي يعود إلى 24 أكتوبر 1945؛ وهو اليوم، الذي دخل فيه ميثاق المنظمة حيز التنفيذ، وليس 26 يونيه 1945، اليوم، الذي تُبني فيه الميثاق.

    وقد أُوصي، لأغراض قانونية، أن يكون تاريخ دخول القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي حيز التنفيذ (أي 26 مايو 2001)، هو التاريخ الفعلي لتأسيس الاتحاد الأفريقي.

2. العلاقة الوظيفية، بين الاتحاد الأفريقي وأجهزة منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، القائمة

        تنص المادة 5 (1) من القانون التأسيسي، على أن أجهزة الاتحاد الأفريقي، هي:

أ. مجلس الاتحاد.

ب. المجلس التنفيذي.

ج. البرلمان الأفريقي.

د. محكمة العدل الأفريقية.

هـ. اللجنة التنفيذية.

و. لجنة المندوبين الدائمين.

ز. اللجان الفنية المتخصصة.

ح. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والفني.

ط. المؤسسات المالية.

    وقد جرى تناول التحول من منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، إلى الاتحاد الأفريقي، في الإطار، الذي حددته المادة 33 (من 1 إلى 4)، من القانون التأسيسي، التي تنص على أن:

1. هذا القانون، يتعين أن يحل محل ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية.ومع ذلك، يجب أن يبقى الميثاق ساري المفعول، خلال فترة انتقالية، مدتها سنة واحدة، أو الفترة، التي يحددها المجلس، بعد دخول القانون حيز التنفيذ؛ لتمكين منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، من اتخاذ التدابير اللازمة، المتعلقة بنقل ملكية أصولها ومسؤولياتها، إلى الاتحاد.

2. يكون لنصوص هذا القانون السيادة.وتلغى أي نصوص، تناقض أو لا تطابق نصوص المعاهدة، التي تقضي بإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية.

3. عند دخول هذا القانون حيز التنفيذ، يجب اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتنفيذ نصوصه، وضمان إقامة الأجهزة، المنصوص عليها فيه، وفقاً لأي توجيهات أو قرارات، قد تتبناها أطراف القانون، في هذا الشأن، خلال الفترة الانتقالية المنصوص عليها.

4. إلى حين تشكيل اللجنة التنفيذية، ينبغي أن تكون الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية، أمانة انتقالية للاتحاد.

    وبالنظر في أجهزة الاتحاد الأفريقي، يتبين تحديد وظائف المجلس، والمجلس التنفيذي، واللجان الفنية المتخصصة، في القانون التأسيسي.بينما ينبغي تحديد وظائف الأجهزة الأخرى، في بروتوكولات القانون.

    ينص القانون التأسيسي على فترة انتقالية محددة، تضمن سلاسة وتدرج الانتقال من منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، إلى الاتحاد الأفريقي.وعملية تحويل منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي، واضحة ومفصلة في القانون التأسيسي.غير أن الموقف الخاص بتحويل الجماعة الاقتصادية الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي، غير واضحة بشكلٍ قاطع.والرأي البديل، هو أن يحل الاتحاد الأفريقي محل منظمة الوحدة الأفريقية فقط، بينما تستمر الجماعة الاقتصادية الأفريقية في شكلها الحالي، بشرط أن "يأخذ القانون أسبقية على، ويلغي، أي نصوص لا تتطابق، أو تتناقض مع المعاهدة، التي تقضي بإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية".

    إنّ أساس هذه الرؤى المتعارضة، يمكن ربطه مباشرة، بأن منظمة الوحدة الأفريقية، تعمل، منذ دخول معاهدة أبوجا، التي تقضي بإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية حيز التنفيذ، على أساس مستندَيْن قانونيَيْن.ولهذا السبب فقط، وجه مجلس رؤساء الدول والحكومات اللجنة المعنية بمراجعة الميثاق، أن تراجع ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، بغية تطابقه مع معاهدة اللجنة الاقتصادية الأفريقية.

     والواضح من القانون التأسيسي، أن الاتحاد الأفريقي، سيخرج من رحم منظمة الوحدة الأفريقية واللجنة الاقتصادية الأفريقية كليهما، مؤسسةً واحدة، على أساس الدفع القانوني (القائم على أساس المادتين 3(1)، و5(1) (ج، د، ز، ح) من القانون التأسيسي)؛ وكذلك، على أساس المقصد منه؛ إذ هو الحالة النهائية المرجوة.

أ. فيما يتعلق بالمادة 5(1) (ج، د، ز، ح)، فقد جاءت أجهزة الاتحاد الحالية: البرلمان الأفريقي؛ ومنظمة العدل؛ واللجان الفنية المتخصصة؛ والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛ والمؤسسات المالية، في معاهدة أبوجا، بصفتها للجماعة الأفريقية الاقتصادية.

ب. تحدد المادة 3(1)، أن الاتحاد سيضطلع بمهام الجماعة الاقتصادية الأفريقية الأساسية، في تنسيق السياسات مع الجماعات الإقليمية، القائمة والمستقبلية، لتحقيق مقاصد الاتحاد، تدريجاً.

3. الفترة الانتقالية

    على الرغم من أن المادة 33 (1) من القانون التأسيسي، تشير إلى أن زمن الفترة الانتقالي، هو عام واحد، إلا أنه يمكن تبني نهج، مماثل لنهج مراجعة عمليات مؤسسات جماعة تنمية جنوب أفريقيا SADC، التي تبنت خطة تنفيذ مرحلية، لعملية إعادة الهيكلة. فلا بد أن تحقق خطة التنفيذ إطاراً زمنياً، تُتخذ خلاله إجراءات متنوعة، حسب الأسبقية، نحو التحول من منظمة الوحدة الأفريقية، إلى الاتحاد الأفريقي.ويُوصى، في هذا الصدد، بالتمييز بين العمليات الثلاث، التي ينبغي إتباعها، أثناء الفترة الانتقالية، وهي:

أ. تأسيس الاتحاد الأفريقي.

ب. تفكيك منظمة الوحدة الأفريقية.

ج. نقل ملكية أصول منظمة الوحدة الأفريقية والتزاماتها، إلى الاتحاد الأفريقي.

ثانياً: إنشاء البرلمان الأفريقي

    ينبغي ملاحظة، أن البرلمان الأفريقي، كان قد أُنشئ بصفته جهازاً من أجهزة الجماعة الاقتصادية الأفريقية. ولهذا الغرض، كان لا بد من تعديل عنوان البروتوكول، التابع لمعاهدة إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية، المتعلق بالبرلمان الأفريقي، ليصبح: "البروتوكول التابع للقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، المتعلق بالبرلمان الأفريقي". إضافة إلى ذلك، كان من الضروري إدخال تغييرات فنية ملائمة، على النص القانوني للبروتوكول، ليناسب البرلمان الأفريقي، بصفته جهازاً من أجهزة الاتحاد الأفريقي.

    وقد نصت المادة الخامسة من القانون التأسيسي على إنشاء برلمان عموم أفريقيا ضمن الاتحاد. كما نصت المادة السابعة عشرة على أنه لضمان مشاركة كاملة للشعوب الأفريقية في تنمية وتكامل القارة اقتصادياً، يتم إنشاء برلمان عموم أفريقيا.

    وفي أعقاب صدور مقررات قمة لومي، بالموافقة على القانون التأسيسي للاتحاد في يوليه 2000، تقرر عقد مؤتمر للبرلمانيين الأفارقة في بريتوريا بجنوب أفريقيا، في نوفمبر من العام نفسه، لمناقشة طريقة تكوين البرلمان وكيفية انتخاب وتعيين أعضائه ومهامه وسلطاته.

1. طبيعة البرلمان وأهدافه

    كان التأكيد على أن هذا البرلمان يمثل كافة الشعوب الأفريقية، وسوف يمنح سلطة تشريعية كاملة ويُنتخب أعضاؤه من طريق الاقتراع العام المباشر.

    أما أهدافه، فإنه يسعى إلى تحقيق الغايات الآتية:

أ. العمل على تيسير التنفيذ الناجح لسياسات وأهداف الاتحاد الأفريقي.

ب. تعزيز مبادئ وحقوق الإنسان والديموقراطية في أفريقيا.

ج. تشجيع الحكم الصالح والشفافية والمساءلة في الدول الأعضاء.

د. ترويج الأهداف والسياسيات التي ترمي إلى تكامل القارة في إطار الاتحاد الأفريقي.

هـ. تعزيز السلام والأمن والاستقرار.

و. تسهيل التعاون والتنمية في القارة.

ز. توطيد التضامن القاري وخلق الشعور بالمصير المشترك.

ح. تنسيق التعاون بين المجموعات الاقتصادية الإقليمية وبرلماناتها.

2. مراجعة هيكل "معاهدة أبوجا"، ومسارها ومضمونها

     يقر القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، الحاجة إلى تسريع عملية تنفيذ معاهدة أبوجا؛ لتعزيز التنمية الاجتماعية ـ الاقتصادية، في أفريقيا؛ ولمواجهة التحديات، التي تفرضها العولمة، بفاعلية أكبر. وعلى الرغم من انقسام الآراء إلى قسمين، في شأن الجماعة الاقتصادية الأفريقية؛ إلاّ أن ملابسات كل منهما متماثلة؛ إذ يرى كل منهما ضرورة مراجعة هياكل معاهدة أبوجا، ومسارها ومضمونها.

    وهذا أمرٌ له أهميته، من وجهة النظر القانونية؛ إذ أنه سوف يضمن وجود أساس قانوني سليم للاتحاد الأفريقي؛ واحترام مبدأ سيادة القانون؛ والتقدم من الأنشطة التنظيمية، التي تهيمن عليها أزمات الأمن والاستقرار، إلى الاهتمام والتركيز في الأنشطة التنموية. إضافة إلى ذلك، جرى التفاوض على معاهدة الجماعة الاقتصادية الأفريقية، قبل أن تصبح جنوب أفريقيا عضواً في منظمة الوحدة الأفريقية؛ وهو ما كان يعني أن جنوب أفريقيا، لم تكن لديها الفرصة لإدخال أي معطيات، في عملية التكامل الاقتصادي القارية المهمة.

    ومن وجهة النظر الهيكلية، لا بد من التركيز في أن إدخال الأجهزة الرئيسية، التي وردت في معاهدة أبوجا، من قبل بصفتها أجهزة للجماعة الاقتصادية الأفريقية، في الاتحاد الأفريقي، يُعد فرصة مهمة؛ ذلك أن البروتوكول القاضي بإنشاء هذه الأجهزة، ينبغي أن يخضع لمراجعة هيكلية وعملية؛ فضلاً عن مراجعة المضمون، لضمان مشروعيته وارتباطه وفاعليته، داخل الاتحاد الأفريقي. وفيما يتعلق بعميلة التحول، يجب أن يؤخذ في الحسبان، أن الموضوع المحوري للقمة الاستثنائية، التي عُقدت في سرت، عام 1999، جرى التركيز فيه، على التزام تسريع العملية، التي وضعتها معاهدة أبوجا، باختصار فترات التنفيذ.

    وفي ضوء ما سبق، يتبين أهمية تطوير فهم واضح، وتحديد أوجه العلاقة المهمة، بين الاتحاد الأفريقي والجماعة الاقتصادية الأفريقية؛ بغية التعجيل بعملية التكامل، على أساس البرامج التشغيلية، المنصوص عليها في معاهدة أبوجا. وهذا يفرض مراجعة شاملة لمعاهدة أبوجا، التي ينبغي أن تضم، كذلك، إطاراً هيكلياً.

3. العلاقة بين الاتحاد الأفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية

    ينبغي مناقشة الدور الحيوي، الذي تؤديه الجماعات الاقتصادية الإقليمية، أثناء مراحل إقامة الجماعة الاقتصادية الأفريقية؛ إذ من الواضح، من معاهدة أبوجا، أن فكرة الجماعة الاقتصادية، وانطلاقها الفعلي، وتأسيسها التدرجي، ترتبط، ارتباطاً وثيقاً بالتعاون، على المستوى الإقليمي. فالجماعات الاقتصادية الإقليمية، هي اللبنات الأساسية للجماعة الاقتصادية الأفريقية.

    أُبرم البروتوكول الخاص بالعلاقات، بين الجماعة الاقتصادية الأفريقية والجماعات الاقتصادية الإقليمية، ووُقع، في فبراير 1998. ويُعد هذا البروتوكول أداة وإطاراً للتعاون الوثيق، وتحقيق التنسيق، بين المناهج؛ إضافة إلى تحقيق التكامل بين الجماعات الاقتصادية الإقليمية، من ناحية (أفقياً)، والجماعة الاقتصادية الأفريقية والجماعات الاقتصادية الإقليمية، من ناحية أخرى (رأسياً). ولهذا البروتوكول ميزة تعزيز وضع الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية، التي هي، في الوقت نفسه، الأمانة العامة للجماعة الاقتصادية الأفريقية، وتعزيز دورها، في كل الشؤون المتعلقة بتنفيذ معاهدة أبوجا.

     غير أن من مقاصد الاتحاد الأفريقي، تحقيق التنسيق، بين سياسات الجماعات الاقتصادية الإقليمية، القائمة والمستقبلية؛ لتحقيق مقاصد الاتحاد، تدريجاً (المادة 3(1)).

أ. وفي هذا الخصوص، ينبغي تعديل البروتوكول، الخاص بالعلاقات بين الجماعة الاقتصادية الأفريقية، والجماعات الاقتصادية الإقليمية؛ مع الأخذ في الحسبان مراجعة معاهدة أبوجا، حسب توصيات الفقرة 7؛ أو استبدال بروتوكولٍ جديد به، خاص بالعلاقات بين الاتحاد الأفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية.

ب. وينبغي أن يأخذ البرتوكول، المعدل أو الجديد، في الحسبان، التطورات الجارية داخل كلِّ من منظمة الوحدة الأفريقية والجماعات الاقتصادية الإقليمية، منذ تبني معاهدة أبوجا خاصة: أنشطة الجماعات الاقتصادية الإقليمية، ومشاركتها في منع الصراعات وإدارتها وحلها؛ وإعادة التأهيل بعد الصراعات، وإعادة التوطين والإعمار؛ وإدارة الكوارث والإغاثة.

4. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي

    هو هيئة استشارية مكونة من مختلف المجموعات المهنية للدول الأعضاء في الاتحاد، وتقع مسؤولية تحديد مهامه وسلطاته وتنظيمه وتشكيله على عاتق المؤتمر.

إن مراجعة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهيكله، وتقدمه، وسياساته، واللجان الفنية المتخصصة، أمر لازم. ذلك أن هذا المجلس، الذي سيحل محل اللجنة الاقتصادية والاجتماعية ECOSOC الحالية، التابعة للجماعة الاقتصادية الأفريقية، فرصة كبيرة؛ إذ كان لوظائف اللجنة الاقتصادية والاجتماعية ECOSOC، بوصفها جهازاً لصنع السياسة الفنية الرئيسية للجماعة، دور محوري، في تنفيذ مقاصد الجماعة الاقتصادية. وكان الهدف من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية، أن تصبح أهم جهاز متخصص، لجميع الأنشطة، التي تتعلق، بشكل مباشر أو غير مباشر، بإقامة الجماعة الاقتصادية الأفريقية المرجوّة. ومن ثمَّ، كان من المفترض أن تكون مسؤولة عن إعداد سياسات التعاون، في المجال الاجتماعي ـ الاقتصادي، ووضع مناهجه، واستراتيجياته؛ وتنسيق أنشطته، وقضاياه، وتقييمها وتحقيق الاتساق بينها.

    إضافة إلى ذلك، فمن المفترض أن تفحص اللجنة الاقتصادية والاجتماعية ECOSOC، جميع تقارير اللجان الفنية المتخصصة؛ وأن ترصد ما أُحرز من تقدم، في إقامة الجماعة الاقتصادية الأفريقية، في ضوء المراحل الست، التي حددتها المعاهدة، ثم في ظل إعلان سرت. وأخيراً، فإن هذه الهيئة مسؤولة عن الإشراف على الاستعدادات للمفاوضات الدولية، التي تُجرى في هذه المجالات، لتقييم نتائجها، ورفع تقرير سنوي إلى قمة منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، من خلال مجلس الوزراء.

    كما اقتُرح، أعلاه، ينبغي على كل لجنة، من اللجان الفنية المتخصصة، أن تخضع لمراجعة هيكلية: مراجعة في العمل والمضمون، لضمان مشروعيتها وعلاقتها وفاعليتها، داخل الاتحاد الأفريقي، وهذه اللجان الفنية، هي:

أ. لجنة الاقتصاد الريفي والشؤون الزراعية.

ب. لجنة الشؤون النقدية والمالية.

ج. لجنة التجارة والجمارك وشؤون الهجرة.

د. لجنة الصناعة والعلوم والتقنية والطاقة والموارد الطبيعية والبيئة.

هـ. لجنة النقل والاتصالات والسياحة.

و. لجنة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية.

ز. لجنة التعليم والثقافة والموارد البشرية.

5. العلاقة بين الاتحاد الأفريقي والأجهزة، التي لم تذكر في القانون التأسيسي

    من المقترح، أن لا يكون هناك وعد بأن تصبح جميع الأجهزة، التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، تلقائياً ـ جزءاً لا يتجزأ من الاتحاد الأفريقي. وينبغي تأكيد نقل أصول منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، التي تخدم في تعزيز مقاصد سياسات القارة فقط.

والأجهزة الرئيسية، التي ينبغي الاعتراف بها، هي:

أ. اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب.

ب. الأداة المركزية لآلية منع الصراعات وإدارتها وحلها.

ج. مؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في أفريقيا CSSDCA.

6. اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب

    رداً على الاستفسار التمهيدي، عن الحالة، التي ستتمتع بها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، في ظل الاتحاد الأفريقي، أجابت الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية، بالآتي:

    "اللجنة الأفريقية، تأسست بموجب الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. وأن هذا الميثاق، لم يلغه القانون التأسيسي، ولم ينص على تعديله، بأي شكل من الأشكال. وفي الواقع، أولى القانون قضايا حقوق الإنسان، والحكم، والديموقراطية، التي يساندها، مزيداً من الاهتمام. ولهذا السبب، تبقى اللجنة الأفريقية جهازاً من أجهزة منظمة الوحدة الأفريقية، والمنظمة الوريثة لها، أي الاتحاد الأفريقي، بالنظر إلى المادة 33 من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي".

    ولكن هذا، لا يعدو كونه تأكيداً لوجهة نظر الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية؛ لأنه يتضمن مقصد القانون التأسيسي. ففي الوقت، الذي يقر فيه القانون بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، في بيان مقاصده، لا توجد إشارة صريحة، أو اعتراف واضح باللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، بصفتها جهازا من أجهزة الاتحاد. وبما أن الميثاق لم يُقر، بصفته جهازاً من أجهزة منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، على وجه التحديد، فينبغي إقراره بقرار، يتبناه أول اجتماع لمجلس الاتحاد.

أ. آلية منع الصراعات وإدارتها وحلها

    لم ينص ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، ولا القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، على آلية منع الصراعات وإدارتها وحلها. والأساس القانوني لهذه الآلية، المكتب (الجهاز المركزي)، هو إعلان القاهرة 1999. وبينما يعد الجهاز المركزي آلية مهمة ومفيدة، تعمل على ثلاثة مستويات: مستوى رؤساء الدول والحكومات، ومستوى الوزراء، ومستوى السفراء؛ إلا أن فاعليته تحتاج إلى تعزيز.

    اعتمدت الجلسة العادية الرابعة، لمجلس رؤساء الدول والحكومات، التي عقدت في واجادوجو، توصية، بتعديل قواعد الإجراءات، بموجب الفقرة 20 من إعلان القاهرة، يُخوِّل الاجتماع على مستوى السفراء بها، للجهاز المركزي، أداء وظائف صنع القرارات اليومية. كما قررت القمة التحفظ من عقد اجتماعات الجهاز المركزي، على المستويات الأخرى، إلا في الحالات الطارئة جداً، أو عندما تقتضي أهمية غير عادية اتخاذ قرارٍ أو قرارات. وتنص الفقرة المعدلة على الآتي:

    "تؤول المسؤولية عن وظائف صنع القرارات اليومية المستمرة للآلية، إلى اجتماع الجهاز المركزي. ويجب التحفظ من اجتماعات الجهاز المركزي، على المستويات الأخرى، إلا في الحالات الطارئة جداً، أو عندما تقتضي أهمية غير عادية اتخاذ قرار أو قرارات".

     وعلى الرغم من عدم كماله، من حيث التفويض والهيكل والقدرة البشرية واللوجستية، إلا أن الجهاز المركزي، تطور، ليصبح وحدة من أهم سواعد الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية. ثم جاء قرار قمة لوساكا، في يوليه 2001، ليقرر دمج الآلية وجعلها أحد أجهزة الاتحاد الأفريقي. وقد ورد في قرار القمة النص الآتي: "وإذ يعتبر المؤتمر أن الأهداف والمبادئ التي انطوى عليها إعلان القاهرة المنشئ لآلية منع وإدارة وتسوية النزاعات وفق منظمة الوحدة الأفريقية، جزءاً لا يتجزأ من الأهداف والمبادئ المعلنة للاتحاد الأفريقي".

    وفي الفقرة الثانية قرر مؤتمر القمة ما يلي:

(1) دمج الجهاز المركزي لآلية منع وإدارة وتسوية النزاعات الأفريقية، لتكون أحد أجهزة الاتحاد، طبقاً للمادة 5 (2) من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي.

(2) يطلب من الأمين العام مراجعة الهياكل والإجراءات وطرق العمل للجهاز المركزي، بما في ذلك إمكان تغيير الاسم.

    وهكذا تم تدارك عدم ذكر الآلية في القانون التأسيسي، وهو ما يحيي الأمل في تطويرها وملاءمتها ظروف العمل.

ب. مؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في أفريقيا CSSDCA.

    ينبغي على الاتحاد الأفريقي الاعتراف بمؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في أفريقيا CSSDCA، بصفته وحدة لا تتجزأ من منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية. وينبغي أن يجعل اندماج المؤتمر في هيكل الاتحاد الأفريقي، محوراً أساسياً، لتطوير المناهج داخل الاتحاد.

    وينبغي الأخذ في الحسبان، أن قمة منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، التي عُقدت في لومي، عام 2000، تبنت تقرير الاجتماع الوزاري لمؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في أفريقيا CSSDCA، الذي عُقد في أبوجا، في 8 و9 مايو 2000. وفي إعلانها، أقرت القمة، أن عمليات مؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في أفريقيا CSSDCA، تخلق تعاوناً دؤوباً، بين مختلفة الأنشطة، التي تؤديها، حالياً، منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، التي ينبغي أن تساعد على توحيد عمل المنظمة، في مجالات السلام والأمن والاستقرار والتنمية والتعاون. وفي هذا الصدد، ينبغي أن يقدم المؤتمر منتدى لتطوير السياسات، لتوضيح القيم المشتركة داخل أجهزة السياسات الأساسية، في منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، وتعزيزها.

    ولاستيعاب مؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في أفريقيا CSSDCA، داخل إطار منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية؛ ولضمان استمرار تقدمه، جرى الاتفاق على إنشاء المؤتمر الدائم لمؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في أفريقيا CSSDC، ليجتمع كل سنتين، أثناء القمة. وسوف تتضمن اجتماعات الوزراء المفوضين، وكبار المسؤولين، اجتماعات مراجعة، بين جلسات المؤتمر الدائم. وقد طُلب من الأمين العام إعداد ترتيبات إدارية داخلية، لتعيين وحدة، داخل الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، لتنسيق أعمال مؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في أفريقيا CSSDCA. كما اتُفق على عقد مناقشات تفصيلية، للعديد من العناصر الرئيسية لمؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون في، أفريقيا CSSDCA .

    ولتفعيل مؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في أفريقيا CSSDCA، ستكون المرحلة الأولى من دورة اجتماعات المؤتمر، على مستوى الخبراء. ثم يعقبها اجتماع، على مستوى الوزراء، لمراجعة العناصر الأساسية كلها. ثم يتبع ذلك قمة دائمة، نصف سنوية، تعقد بالتزامن مع قمة 2000، المقرر عقدها في جنوب أفريقيا.

الفرص المتعلقة بأعمال المؤتمر، مثل: تعزيز صلاحيات رئيس المجلس ورئيس اللجنة، في الاتحاد الأفريقي.

    لأسباب عديدة، وضعت منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، إجراءات خاصة بها، وهو ما يعد سابقة جديدة، فيما يتعلق بمثل هذه الإجراءات المهمة، لتنشئ بها ثقافة وتقليداً محددَيْن. وفي ظروف معينة، ربما لا يطبق ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية التطبيق الملائم. فعلى الرغم من أن الأعضاء، يمكنهم، مثلاً، التصويت، لاختيار رئيس جديد للمنظمة، حسب مواد الميثاق، إلا أن الرئيس الجديد، لا يخضع للتصويت في القمة؛ بل يُقبل بناءً على رغبة البلد المضيف، أو بوصفه اختياراً إقليمياً. وكانت النتيجة، أن أصبح في استطاعة أي رئيس دولة أفريقية، أن يكون زعيماً قارياً؛ لرغبته في ذلك فقط ؛ على الرغم من أنه ربما لا يكون الأفضل، لشغل هذه الوظيفة.

     ولا يتضمن هذا الميثاق أي تحديد فعلي لدور الرئيس، وترك تحديد الدور مفتوحاً لكل رئيس، ليعمل وفقاً لرغباته الخاصة، وتحديده الخاص لدور الرئيس. وتنص المادة السادسة من القانون التأسيسي، على تقلد رئيس إحدى الدول أو الحكومات، منصب رئيس المجلس، لمدة سنة واحدة، على أن يُنتخب، بعد مشاورات بين الدول الأعضاء. وتنص المادة على فرصة اختيار رئيس الاتحاد، على أساس الجدارة وحسن القيادة.

    وعلى الرغم من "عدم وجود اعتراف" سابق، تقريباً، بمنصب رئيس منظمة الوحدة الأفريقية، إلا أن الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، نجح، أثناء مدة رئاسته، من 1998 إلى 1999، في ترسيخ منصب رئيس منظمة الوحدة الأفريقية، بصفته منصباً رائداً لدى الدوائر العالمية. وتوجد الفرصة أمام جيل جديد من القادة، في أفريقيا، ليقبل ويواصل نهج بوتفليقة، بصفته رئيساً للاتحاد الأفريقي. فضلاً عن ذلك، يمكن ترسيخ معنى الاستمرار المتعلق بهذا النهج؛ إذ ستكون دول جنوب القارة الأفريقية أعضاء في "ترويكا" الاتحاد الأفريقي/ منظمة الوحدة الأفريقية، خلال السنوات الست المقبلة؛ بل سيرأسونها لمدة أربع سنوات. والمطلب الأساسي لاستمرار نهج "بوتفليقة"، هو المبدأ، الذي رسخته السابقة الأولى. فسيحدد رئيس الاتحاد، بالتشاور مع عضوي "الترويكا" الأخريين، جدول أعمال المنظمة، أثناء مدة رئاسته. وقد يتطلب ذلك تطوير موضوعات محددة وتبنيها، أثناء انعقاد القمم، لتجاوز جداول الأعمال التقليدية والفنية، التي تكون مجرد ردود أفعال.

     وكما كان الحال في الماضي، ستظل إمكانية أن يأخذ أحد رؤساء الدول، الذين يتمتعون بقوة الشخصية، زمام المبادرة، ويحدد عنصراً محدداً، لتقدم القارة؛ كما حدث في قمة سرت، في سبتمبر 1999، حين أُرغمت بقية دول القارة، على تبني موقف وسط. ولمواجه هذا التهديد، سوف يستمر الاتحاد الأفريقي في توفير فرص كبيرة للرؤساء: مبيكي وأوباسانجو وبوتفليقة، وغيرهم من الزعماء الأفارقة ذوي العقليات المماثلة، الذين يتمتعون بالرؤى العقلية والواقعية، لأخذ المبادرة، وقيادة أفريقيا، في الألفية الجديدة.

    وكذلك، هناك حاجة إلى تحديد صلاحية الأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية، الذي يجري تحويله، حالياً، إلى رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي. ومن العوامل الإيجابية، أنه لا جدال في مصداقية الأمين العام؛ فهذا وضع راسخ معترف به، في أنحاء القارة. ولكن نتيجة لسابقة بوتفليقة، يمكن الأمين العام الحالي، العمل على نحو مستقل، تقريباً؛ وأن يحدد، كذلك، جدول أعمال المنظمة.

    إضافة إلى ذلك، فإن الصلاحيات المخولة للأمين العام، قد تملي سير الأعمال القارية، وتحدد وأولوياتها. فإذا كانت شخصية هذا الأمين "تهيمن" على شخصية رئيس الاتحاد، فإنه قد يكون في موضع، يجعله يملي جدول الأعمال على رئيس الاتحاد. وفي تحويل مكتب الأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية إلى رئيس اللجنة، التابعة للاتحاد الأفريقي، تلوح فرصة لتوجيه رئيس اللجنة وتركيز سلطاته، نحو تنفيذ القرارات.

    وفي منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، كان مبدأ اتخاذ القرار، بالإجماع، من العوامل المعوقة للتقدم؛ إذ كان ينبغي، دوماً، تخفيف القرارات، لتلبية كافة الأهداف والآراء؛ وهو ما كان يمثل، في بعض الأحيان، ضرراً شديداً بالقرار وفاعليته. وتنص المادة السابعة من القانون التأسيسي، أن على المجلس أن يتخذ القرار، بالإجماع، أو بأغلبية ثلثي الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلى كلٍّ، فإن الأمور الإجرائية، بما فيها مسالة تحديد هل القضية إجرائية أم لا، أمر تقرره أغلبية ضئيلة. ومن المقترح، أن ينظر في نصوص هذه المادة، خاصة عند الحاجة إلى قوة دفع لقرارات الاتحاد الأفريقي الإستراتيجية.

     ومن مصادر التعويق الأخرى، عند الحاجة إلى تطوير مواقف خاصة أو محددة، في شأن التحديات المشتركة، كان التزام الدول الأعضاء، كاسحاً، تقريباً، بمبدأ السيادة، وعدم التدخل في شؤون الآخرين؛ ومعارضتهم بحث قضايا، قد تمثل حساسية سياسية لإحدى الدول الأعضاء. وبسبب هيمنة بعض الدول الأعضاء على منظمة الوحدة الأفريقية، لم تظهر قضايا ذات حساسية، على جداول أعمالها قط، مثل قضيتي نيجيريا والسودان. وإلى هذا الحد، تميزت منظمة الوحدة الأفريقية بتعاملها البطيء، مع مواقف الأزمات الأفريقية، التي تبنت في جميع مواقفها، تقريباً، مواقف تعبر عن رد الفعل، ولم تأخذ بزمام المبادرة، لتحويل مسار الأزمات المحتملة. وينبغي الأخذ في الحسبان أنها تحتاج إلى الإجماع، لوضع قضية تخص دولة من الدول الأعضاء، على جدول أعمالها. وقد أدى ذلك، في مرات كثيرة، إلى سد المنافذ وعدم النقد، في مواقف، كانت تستدعي النقد أو التعليق. إضافة إلى ذلك، حدث التهرب من الواقع، في مرات أخرى، للمحافظة على التضامن.

    وهناك نقص في قدرة الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية، على متابعة تنفيذ المبادرات والقرارات، وإنجاز ما يناط بها من مهام. وقد أسهم هذا النقص، وما ينجم عنه من عدم فاعلية وعدم كفاءة، في الدعوات المُطالِبة بمراجعة ميثاق الوحدة الأفريقية، وإصلاح المنظمة وترشيدها، ما أدى، في النهاية، إلى قرار إنشاء الاتحاد الأفريقي.

    ويعد القرار، الذي اتُخذ في قمة الجزائر، عام 1999، في شأن التغيرات غير الدستورية في الحكومات، خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، في هذا الصدد. وتبنّت قمة لومي إطاراً لاستجابة منظمة الوحدة الأفريقية لتلك التغيرات غير الدستورية في الحكومات، اشتمل على العناصر الآتية:

(1) مجموعة من القيم والمبادئ المشتركة للحكم الديموقراطي.

(2) تعريف ما يعد تغييراً غير دستوري.

(3) التدابير والإجراءات، التي تتخذها منظمة الوحدة الأفريقية، رداً على حدوث تغير غير دستوري، في إحدى الحكومات.

(4) آلية للتنفيذ.

كذلك، وافقت قمة لومي على التعريفات الآتية للحالات، التي يمكن عدّها "حالات تغييرات غير دستورية في الحكم:

(1) الانقلاب العسكري على حكومة منتخبة ديموقراطياً.

(2) تدخل المرتزقة لاستبدال حكومة منتخبة ديموقراطياً.

(3) تبديل حكومة منتخبة ديموقراطياً، من قبل مجموعات منشقة مسلحة، أو من قِبل حركات متمردة.

(4) رفض حكومة قائمة التخلي عن السلطة، للحزب الفائز في انتخابات حرة، نزيهة، قانونية.

    إن نقص القدرة، وعدم وجود آلية للتنفيذ، يتسببان بتراجع المنظمة عن تبني خيار "المساعي الحميدة" لرؤساء الدول، مثل: رؤساء الدول العشرة، الذين تعاملوا مع الزعيم العسكري لساحل العاج، عقب منعه من حضور القمة، ونجاته من محاولة اغتيال.

    وكان الهم الأساسي للأمانة، يتمثل في الاعتماد الشديد عليها في استثارة قضايا، وتقديم موضوعات، من دون وجود تأكيد كافٍ لتنفيذ القرارات. إضافة إلى ذلك، كان هناك قلق من أن تصاعد قوة الأمانة سياسياً، وعملها، غالباً، كدولة عضو، تتخذ القرارات حسبما يحلو لها. ففي بعض المواقف، كان من بين أعضاء الأمانة العامة، مَنْ يعمل على تعزيز مصالح دولته، التي ينتمي إليها، على حساب المصالح الكلية للمنظمة.

7. موقف المعاهدات المبرمة، تحت رعاية منظمة الوحدة الأفريقية

    إضافة إلى المستندات التأسيسية المهمة، بالنسبة إلى منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، والاتحاد الأفريقي، مثل: ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، ومعاهدة أبوجا، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وبروتوكول إنشاء البرلمان الأفريقي، توجد 22 معاهدة، أبرمتها الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية، تحت رعاية المنظمة؛ منها 14 معاهدة، دخلت حيِّز التنفيذ.

     ومن الناحية القانونية، ينبغي استمرار العمل بهذه المعاهدات كلها، على الرغم من تحول منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي. ولكن، ثمة معاهدات كثيرة، من هذه المعاهدات، تحيل إلى منظمة الوحدة الأفريقية. ومعظم هذه الإحالات ذات طبيعة فنية؛ غير أن بعضها له طبيعة سياسية. وعلى الرغم من تعديل نصوص هذه المعاهدات، حتى تتلاءم مع وجود الاتحاد الأفريقي؛ إلا أن هذا لا يعد أمراً ملحاً، في الوقت الحاضر، لسببين:

أ. لأن الدول الأعضاء، المشاركة في معاهدات منظمة الوحدة الأفريقية، ربما لا تكون عضويتها في الاتحاد الأفريقي، قد اكتملت بعد؛ ومن ثم ينبغي منحها وقتاً، للتصديق على القانون التأسيسي، قبل بدء مراجعة تلك المعاهدات، تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.

ب. لن تتأثر هذه المعاهدات، على المدى القصير، تأثراً عكسياً، عند التحول إلى الاتحاد الأفريقي؛ على الرغم من وجوب الانتهاء من التفاصيل الفنية، اللازمة لاستيعاب هذه المعاهدات، داخل إطار الاتحاد الأفريقي، في أسرع وقت ممكن.

    إضافة إلى ذلك، يقع كثير من هذه المعاهدات، في نطاق اختصاصات اللجان المتخصصة، المشار إليها في القانون التأسيسي. ومن ثمَّ، قد ترغب هذه اللجان، في مراجعة هذه المعاهدات، أو تعديلها، حتى تقع داخل إطار الاتحاد الأفريقي، وتتمشى مع متطلبات القرن الحادي والعشرين.

    إن الانتقال إلى الاتحاد الأفريقي، يُعد فرصة مثالية، أمام الدول الأعضاء والاتحاد، لمراجعة هذه المعاهدات، خاصة، من حيث استمرار صلاحيتها؛ وقابليتها للتطبيق في ظل الاتحاد الأفريقي؛ ومدى ارتباطها بمتطلبات القرن الحادي والعشرين. ويتعلق ذلك، على وجه الخصوص، بجنوب أفريقيا، التي أشار كثيرٌ من مساهميها إلى أنهم لا يتوقعون التصديق على بعض من هذه المعاهدات؛ لأنها: إما عفاها الزمن، أو أُقرت قبل أن تصبح جنوب أفريقيا عضواً في منظمة الوحدة الأفريقية. ولهذا، فليس أمامها فرصة للمساهمة في عملية إعدادها. ومن ثمَّ، لم تصدق جنوب أفريقيا، إلا على سبع معاهدات فقط (باستثناء القانون التأسيسي).