إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / الاتحاد الأفريقي









المبحث الثالث

المبحث الثالث

فاعليات الاتحاد الأفريقي

يمكن، ابتداءً، الإشارة إلى أن عملية صنع السياسات واتخاذ القرارات، في التنظيم القاري الأفريقي، مجسداً في الاتحاد الأفريقي، هي على درجة كبيرة من الأهمية والخصوصية؛ إذ إن مدى الكفاءة في الاضطلاع بها رهن بفاعلية هذا الاتحاد؛ ومن ثَم، يساعد ذلك مساعدة كبيرة على بلوغ الأهداف والمصالح، التي يتوخاها الاتحاد ودوله الأعضاء. ولا تكاد تختلف أجهزته في صنع القرارات واتخاذها، وفقاً لما نص عليه القانون التأسيسي، ولاسيما الجهازَين الأولَين من الأجهزة المشار إليها في المادة الخامسة، أيْ المؤتمر والمجلس التنفيذي. وقد نُصَّ على الإجماع في اتخاذ هذَين الجهازَين قراراتهما. بيد أن هذا الأمر، قد اعترضه عائقان:

الأول: مناقضته الدوافع الأساسية إلى إنشاء الاتحاد الأفريقي، وجعْله بديلاً من منظمة الوحدة الأفريقية، يتيح مساحة أكبر لتعدد الآراء، وتوسيع قاعدة المشاركة.

الثاني: شرط الإجماع، في ظل التطورات الراهنة، يكاد يكون ردة عن الإنجازات، التي تحققت على طريق التطور الديموقراطي.

ولذلك، فقد كان حرياً بواضعي القانون التأسيسي للاتحاد، أن يُؤْثِروا اللجوء إلى قاعدة الثلثَين على الإجماع؛ لضمان فاعلية الاتحاد وديموقراطيته. ولا يقلل من هذا الرأي كون واضعي القانون التأسيسي، قد قرروا الأخذ بقاعدة الثلثَين، في حالة تعذر الأخذ بقاعدة الإجماع، من دون ذكر الحالات، التي يحدث فيها ذلك؛ إضافة إلى تكرارهم كذلك إمكان الأخذ بقاعدة الأغلبية قليلة، في المسائل الإجرائية.

أولاً: قمة الاتحاد الأفريقي العادية الأولى (يوليه 2002)

في دورة انعقادها بلوساكا، عاصمة زامبيا، في يوليه 2001، ودع القادة الأفارقة منظمة الوحدة الأفريقية في قِمتها الثامنة والثلاثين، الأخيرة، وأشادوا بأنشطتها وأعمالها البارزة وبخاصة في مجالات التحرير، وإزالة آثار الاستعمار، ودعم الاستقلال والسيادة والسلامة الإقليمية للدول الأعضاء، وتعزيز أواصر التعاون والوحدة بين تلك الدول؛ داعين إلى أن تستهدف الانطلاقة الجديدة، من خلال الاتحاد الأفريقي الوليد، لتحرير القارة من النزاعات والتخلف وسوء الإدارة. وسرعان ما رحّب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بولادة المنظمة الجديدة،. وعبّرا عن توقهما إلى التعاون معها. وأشاد الاتحاد الأوروبي بإرادة مواجهة التحدي، وبناء السلام والاستقرار. وحَيَّت واشنطن جهود المشاركين في تعزيز التنسيق والتعاون فيما بينهم. وأعلنت أنها أقامت علاقات عمل ممتازة مع منظمة الوحدة الأفريقية. وأملت أن تتمكن، مع انطلاق الاتحاد الأفريقي، من متابعة تعاونها مع شعوب أفريقيا، في مجالات حقوق الإنسان، ومكافحة الفقر، والصحة، وحل الخلافات، ونشر الديموقراطية.

وفي ظل الاتحاد الأفريقي، المنظمة الأفريقية القارية الجديدة، شهدت مدينة دربان، بجمهورية جنوب أفريقيا، في 9 يوليه 2002، عقد أول اجتماع للاتحاد الوليد، الذي استُبْدِل بمنظمة الوحدة الأفريقية، ليصبح أداة اندماج داخل القارة، بحضور 50 رئيس دولة وحكومة. وترأس الاجتماع ثابو مبيكي، رئيس الجمهورية الآنفة، بصفته أول رئيس للاتحاد، في أولى قِممه، وباكورة دوراته. وفي مؤتمر القمة هذا، نوقش استكمال أجهزة الاتحاد، والتنفيذ الفعلي للقرارات ذات الصلة بالقضايا والمشكلات والصراعات الأفريقية.

اضطلع ثابو مبيكي بمهام رئاسة الاتحاد الأفريقي، طيلة سنة كاملة. وقد ذكر، لدى إعلان الاتحاد خلفاً للمنظمة، أنه قد "حان الوقت لأن تحتل أفريقيا مكانها الصحيح في الشؤون العالمية؛ وينتهي إغفالها". واعتمد القادة الأفارقة، في الجلسة الأولى لمؤتمر ديربان، النصوص التأسيسية لأربعة أجهزة أساسية في الاتحاد الأفريقي؛ معلنين انطلاق الاتحاد عملياً. وقد استُوْحِي معظم أجهزة الاتحاد من منظمة الأمم المتحدة، أو كانت امتداداً لبعض الأجهزة الموروثة من منظمة الوحدة الأفريقية، أو استُلْهِمَت جزئياً، من الاتحاد الأوروبي، مثل: مؤتمر الاتحاد (رؤساء الدول والحكومات)، المفوضية ( السكرتارية)، المجلس التنفيذي (الوزراء)، ولجنة المندوبين الدائمين (السفراء). ويسعى الاتحاد إلى تكوين 17 هيئة، في مرحلة مقبلة، منها: برلمان عموم أفريقيا، ومحكمة العدل الأفريقية، والبنك المركزي الأفريقي، ومجلس الأمن والسلم لإدارة الأزمات في القارة الأفريقية.

وقد اختتم القادة الأفارقة أولى قِمم الاتحاد الأفريقي باطمئنانهم إلى نتائج اجتماعاتهم، التي وصفوها بأنها الحدث الأهم في تاريخ القارة المعاصر. وقرروا إنشاء مجلس أمن أفريقي، وقوة تدخّل سريع؛ لفض النزاعات الدموية. كما اختصوا بعدد من القرارات مؤسسات الاتحاد الجديد، واهتمامه بتضميد جراح القارة، التي تمزقها الحروب والفقر؛ مع الحرص على تجنيبه الوقوع فريسة للصراعات الداخلية، والاضطرابات المالية، التي كبلت منظمة الوحدة الأفريقية. ولم يَتَسَنَّ لمؤتمر دربان تناول العديد من القضايا والمشكلات ومنها: الإيدز، الذي يجتاح القارة؛ والمجاعة في العديد من دولها، وبخاصة في الجنوب؛ والتوترات السياسية، كما هو الحال في زيمبابوي.

ثانياً: أنشطة الاتحاد الأفريقي (2003)

1. قِمة الاتحاد الأفريقي الاستثنائية الأولى (فبراير 2003)

عقد الاتحاد الإفريقي مؤتمره الاستثنائي الأول في المقر الرئيسي للاتحاد، في عاصمة إثيوبيا، أديس أبابا، في 3 فبراير 2003. وحضره 34 من رؤساء الدول والحكومات الأفريقية واستأثرت باهتمام المؤتمِرِين مسائل إدارية، مثل سلطات رئيس الاتحاد، ودور المرأة فيه؛ بيد أنهم ناقشوا كذلك الصراعات في القارة الأفريقية، ولاسيما تلك الدائرة في ساحل العاج وبوروندي وجمهورية أفريقيا الوسطى. وقد ساندت القِمة مبادرة السلام الفرنسية، من أجل ساحل العاج؛ إضافة إلى تأييدها جهود الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في حل أزمات تلك الدول. وأشار عمارة عيسي، الرئيس المؤقت لمفوضية الاتحاد الأفريقي، في ذلك الحين، إلى أن بياناً، سيصدر عن القِمة، سيشدد على أن مجلس الأمن الدولي، هو الذي يتعين عليه أن يتخذ قرار شن أيّ حرب على العراق.

وحث رئيس جنوب أفريقيا ثابو مبيكي، رئيس الاتحاد الأفريقي في عامه الأول، الدول الأعضاء على التصديق على بروتوكول تأسيس مجلس الأمن والسلم الأفريقي. وأشار إلى أنه يمكن هذا المجلس منح الاتحاد القدرة على التدخل في الصراعات الداخلية في القارة. وأكد أنه يجب على الدول الأعضاء الإسراع في تكوين المجلس الآنف، انطلاقاً من قبولها إياه، واقتناعها سيساعد على الاستجابة استجابة أكثر فاعلية لتحويل القارة الأفريقية إلى قارة، يعمها السلام والأمن.

لقد بدأت القِمة أعمالها بتعديل ميثاق الاتحاد الأفريقي، الذي أجيز في 9 سبتمبر 1999. والتعديلات المقترحة، والتي تقدمت بمعظمها الجماهيرية الليبية، كان المجلس التنفيذي، المكون من وزراء الخارجية، قد بحثها في اجتماع سابق على القِمة. والتعديلات أغلبها أجرائي أو شكلي، غير أن ثلاثة منها، أحيلت إلى القِمة، حيث لم يستغرق بحثها والفراغ منها وقتاً طويلاً. كما خيب العقيد الليبي، معمر القذافي، ظن الذين راهنوا على مواجهته لمناهضي مقترحاته. فمسألة تفريغ رئيس الاتحاد تماماً (رئيس دولة)، استبعدت، مع تحقيق هدفها، من خلال آلية متابعة، ثم تحديد كيفيتها، وتقييد التجديد للرئيس بفترة واحدة؛ على الرغم من أن العقيد القذافي، كان يريدها مطلقة. أمّا إلغاء مجلس المندوبين الدائمين (السفراء)، الذي طرحته الجماهيرية، فإنه يتطلب إلغاء المادتَين 5 و9 من الميثاق، ووفق إجراءات معينة؛ ولذا، أبقى عليه، مع تقليص صلاحياته. والتعديل الثالث، المتعلق بإنشاء قوة دائمة لحفظ السلام، أو "الجيش الأفريقي" ـ كما تريده الجماهيرية ـ فقد أحيل الأمر برمته إلى لجنة خبراء، من العسكريين (رؤساء الأركان)، مع الأخذ في الحسبان تقريرهم السابق، في شأن قوات حفظ السلام الأفريقية، والذي أجازته القِمة الأفريقية، عام 1998.

ورأى بعض المراقبين، أن أعمال قِمة الاتحاد الأفريقي الاستثنائية الأولى، اتسمت بنهج عملي، إذ استغرقت يوماً واحداً. واستهجن بعضهم انشغال الاتحاد الأفريقي بشكليات وإجراءات وتعديلات، وانصرافه عمّا ترغب فيه الشعوب الأفريقية، من تغيير محسوس في أساليب منظمة الوحدة الأفريقية القديمة، واهتمام الاتحاد الأفريقي بقضايا جذرية، وأساسية، مثل: حقوق الإنسان، والديموقراطية، والتنمية. لا، بل حذر أحد قدماء الدبلوماسيين قائلاً: أخاف أن تنتقل سلبيات منظمة الوحدة الأفريقية وأمراضها إلى جسم الاتحاد الأفريقي، قبل أن ينمو عوده، ويكتمل بناؤه !

لقد فوضت القِمة اختتامها إلى رئيس الاتحاد لهذه الدورة، رئيس جنوب أفريقيا، ثابو أمبيكي، الذي عقد مؤتمراً صحفياً، تلا فيه البيان الختامي، الذي تضمن الموقف الأفريقي حيال العراق، وشدد على الشرعية الدولية، وضرورة الحفاظ على وحدة ذلك البلد وسلامة أراضيه. ويمكن القول إن القِمة الأفريقية الاستثنائية، قد استعرضت بؤر النزاع في القارة، في الكونغو الديموقراطي، والصومال، وبوروندي، وساحل العاج، وجزر القمر. وكان ذلك في إطار دورة طارئة للجهاز المركزي لفض النزاعات، في المستوى الوزاري، وبحضور الرؤساء الأفارقة؛ وهي بادرة جديدة في نوعها!

لا يمكن الاستهانة بما تمخضت به أول قِمة استثنائية للاتحاد الأفريقي. فهي كانت عملية، واختفت منها مظاهر إهدار الزمن؛ واتسمت بالتركيز في القضايا الماثلة؛ فكيف يمكن النظر في حقوق الإنسان، ومسار التنمية، وتقوية المؤسسات الديموقراطية، ما لم تتوقف الحروب والصراعات! والمفاجأة الوحيدة، في قِمة الاتحاد الأفريقي الأولى، كانت إرجاء العقيد معمر القذافي لمواجهته زملاءه، القادة الأفارقة، حتى نهاية الجلسة. فقد نبّه على أن مسار برشلونة، كان سيقتطع أرضاً أفريقية عزيزة، ويضمها إلى أوروبا، لو لم تبادر أفريقيا إلى الدفاع عن تلك الأراضي. ثم انتقل إلى مؤتمر مصالحة ساحل العاج، الذي انعقد في باريس، برعاية فرنسا، وقال: كم هو مخجل، أن يدير الرئيس الفرنسي، على احترامنا له، اجتماعاً لرؤساء أفارقة! وأنكر القذافي على أفريقيا، أن ترهن مصيرها للأجنبي، وتُخضع شعوبها لإرادته.

2. قِمة الاتحاد الأفريقي العادية الثانية (يوليه 2003)

بدأ زعماء الاتحاد الأفريقي، في 10 يوليه 2003، قِمتهم السنوية العادية الثانية، في مدينة مابوتو، عاصمة موزامبيق؛ لبحث عدة قضايا مهمة، منها: انتشار الإيدز في القارة، ومعالجة صراعاتها، وخاصة في ليبيريا؛ وزيادة التكامل الاقتصادي بين دولها. وقد أشار رئيس موزامبيق، جواكيم شيسانو، رئيس القِمة إلى أن المهمة الأولى للزعماء الأفريقيين، تتمثل في تغيير صورة القارة، والعمل معاً لتحسين الطريقة، التي تمكِّن دولها من تعامل بعضها مع بعض بصداقة. وشدد على ضرورة البحث عن السبل والوسائل، التي تقضي على أسباب النزاعات والانقلابات.

لم يحضر القِمة الرئيس الليبيري، تشارلز تايلور، الذي تتهمه محكمة تابعة للأمم المتحدة بارتكاب جرائم حرب في سيراليون السابقة، والمعروض عليه اللجوء إلى نيجيريا لوضع حدّ للحرب الأهلية في بلاده؛ بيد أن الزعماء الأفارقة، سيبحثون خطط جماعة دول غرب أفريقيا، لإرسال قوة حفظ سلام إلى منروفيا، عاصمة ليبيريا.

وأدهش بعض الزعماء المشاركين في القمة، أنها لم تبحث الوضع في زيمبابوي. وعُزِيَ ذلك إلى الانهماك في الصراع الحقيقي، وأزمة اللاجئين، التي لم تقتصر على ليبيريا فقط؛ وإنما طاولت الكونغو الديموقراطية كذلك. ويُعَدّ تفشي الإيدز في القارة الأفريقية من الأسباب التي تعوق نموها الاقتصادي.

وأمّا الفساد في القارة الأفريقية، فهو يُنْزِف، كلّ عام، 150 مليار دولار. وتكابده أشد الدول الأفريقية فقراً. وقد اقترح الاتحاد الأفريقي جملة من الحلول للمشكلة، من بينها أن يكشف المسؤولون عن ممتلكاتهم، قبل أن يتسلموا مناصبهم؛ وأن تتمتع السلطات بالقدرة القانونية على الكشف عن حساباتهم المصرفية؛ وأن تصادر ممتلكات من يثبت تورط منهم في الفساد. ويعكس ذلك الوعي المتزايد، في القارة الأفريقية، للأضرار الناجمة عن الفساد، ومحاولة القادة الأفارقة وضع قوانين، تتسم بالشفافية والمسؤولية؛ من أجل جذب استثمارات أجنبية إلى بلادهم.

3. قرارات قِمة الاتحاد الأفريقي وإعلاناتها (مابوتو 2003)

اتخذ مؤتمر القِمة 23 قراراً، وأصدر 5 إعلانات. ويمكن الإشارة إلي بعضها، كالتالي:

أ. قرار حول الوضع في مدغشقر: وشدد المؤتمر على إقرار ما كان اتخذه من توصية، خلال القِمة الاستثنائية، المنعقدة بأديس أبابا، في 3 فبراير 2003، والمتعلقة بالاعتراف بمارك رافائيلّو رئيساً شرعياً لمدغشقر. وأوجب أن يشغل ذلك البلد مقعده في أجهزة صناعة القرار، داخل الاتحاد الأفريقي. وحث حكومة مدغشقر على الاستمرار في سياستها، الرامية إلى المصالحة الوطنية.

ب. القرار الخاص بميزانية الاتحاد الأفريقي: صدّق المؤتمر على ميزانية الاتحاد، خلال الفترة من يناير حتى أغسطس 2003، والبالغة 22.6 مليون دولار أمريكي؛ وميزانيته لباقي العام، والبالغة 13 مليون دولار أمريكي؛ إضافة إلى التصديق على ميزانيته، طيلة عام 2004، والبالغة 43 مليون دولار أمريكي.

ج. القرار الخاص بخطة العمل للمبادرة البيئية، المتعلقة بمبادرة النيباد: والقرار يعيد التذكير بالقرارات ذات الصلة، ومنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ديسمبر 2000؛ واعتماد مؤتمر لوساكا، بزامبيا، في يوليه 2001، المشاركة الجديدة لتنمية أفريقيا (نيباد) برنامجاً للاتحاد الأفريقي. والقرارات ذات الصلة بالنيباد، ومنها جماعة الدول الثماني الصناعية الكبرى (G8) والشركاء الآخرين. وكذلك خطة العمل، المعْتَمَدَة في القِمة العالمية للتنمية المستدامة، المنعقدة في جوهنسبرج، في الفترة من 24 أغسطس إلى 4 ديسمبر 2002، وخصوصاً فصلها الثامن، المتعلق بالتنمية المستدامة في أفريقيا. وإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، المتخذ في 16 سبتمبر 2002، والمتعلق بالمشاركة الآنفة. ومع الأخذ في الحسبان نتائج مؤتمر دور القطاع الخاص في تمويل تلك المشاركة، المنعقد في داكار، في أبريل 2003؛ والمؤتمر الوزاري الأفريقي، المنعقد في مابوتو، في 9 - 10 يونيه 2003؛ وقرارات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، المنعقد في 4 - 12 يوليه 2003، فإن المؤتمر يقر خطة عمل المبادرة البيئية للمشاركة الجديدة لتنمية أفريقيا.

د. قرار حول السياسة الأفريقية: الأمنية والدفاعية: لقد أثنى المؤتمر على جهود الرئيس السابق للاتحاد، ثابو مبيكي، في وضع قرار قِمة ديربان، بخصوص انتهاج سياسة: أمنية ودفاعية، أفريقية مشتركة، موضع التنفيذ الفعلي؛ وكذلك الإعداد للوثيقة، المسماة من أجل سياسة: أمنية ودفاعية، أفريقية مشتركة، والتي راجعها المجلس التنفيذي، المنعقد بجمهورية جنوب أفريقيا، في الفترة من 21 إلى 24 مايو 2003؛ إضافة إلى ثنائه على ما أبداه رؤساء الدول والحكومات، من تعليقات في هذا الخصوص. وطالب المؤتمر مشورة جميع المتخصصين، بمن فيهم الوزراء المعنيون للدفاع والأمن، والمتخصصون القانونيون؛ من أجل الصياغة النهائية للسياسة: الأمنية والدفاعية، الأفريقية المشتركة، في الوقت المحدد، قبل انعقاد الدورة التالية للقِمة، أو في قِمة غير عادية، إذا دعت الضرورة إلى ذلك.

هـ. قرار حول اتخاذ الإجراءات العملية، المتعلقة ببروتوكول إنشاء مجلس الأمن والسلم الأفريقي: أشار القرار إلى الحاجة الملحّة إلى تفعيل البروتوكول، المتعلق، بإنشاء مجلس الأمن والسلم الأفريقي، للاتحاد الأفريقي؛ وأهمية التأسيس لهذا الجهاز الرئيسي، المسؤول عن منع الصراعات، وإدارة الواقع منها وتسويته. وامتدح المؤتمر الدول الأعضاء، التي صدقت على البروتوكول، وهي: جنوب أفريقيا، والجزائر، وإثيوبيا، وغينيا الاستوائية، ومالي، وموزامبيق، وليبيا، وليسوتو، وموريشيوس، وسيراليون، وجامبيا، وغانا، والسودان، ورواندا. ورحّب بإعلان دول أخرى اعتزامها التصديق على البروتوكول، وإيداع الاتحاد تصديقاتها. وحث الدول، التي لم تصدِّق عليه، على الإسراع في اتخاذ إجراءات التصديق.

وأوصى المؤتمر المفوضية باتخاذ التدابير الملائمة لتيسير الإجراءات العملية، لوضع البروتوكول موضع التنفيذ الفعلي، وخصوصاً ما يتعلق منه بالإعداد لقواعد وإجراءات مجلس الأمن والسلم الأفريقي. وكذلك الإجراءات العملية، المتعلقة بتأسيس قوة احتياطية أفريقية، ولجنة أركان عسكرية؛ مع الأخذ في الحسبان وثيقة إطار العمل من أجلهما، المعْتَمَدَة في الدورة الثالثة لرؤساء أركان الدفاع، المنعقدة في أديس أبابا، بإثيوبيا، في 15 و16 مايو 2003.

وطالب المؤتمر المفوضية بالدعوة إلى اجتماع لخبراء القارة، لدراسة القواعد والإجراءات لمجلس الأمن والسلم في أفريقيا، ورفع التوصيات إلى المجلس التنفيذي، في دورته، في مارس 2004. كما دعا المؤتمر المفوضية لاتخاذ المبادرات الملائمة حول القضايا المختلفة، واتخاذ ما تراه ضرورياً، من خطوات لإعداد مذكرة تفاهم، في شأن العلاقات بين الاتحاد الأفريقي، وآلية منع الصراعات الإقليمية وإدارة الواقع منها وتسويته؛ والتأسيس لنظام إنذار مبكر، تحت إشراف البروتوكول، وبموجب المادة 9 من ميثاق الاتحاد الأفريقي، والمتعلقة بالبروتوكول ذي الصلة بالتأسيس لمجلس الأمن والسلم في أفريقيا، ودخوله حيز التنفيذ الفعلي؛ وذلك قبل انعقاد الجلسة التالية لمؤتمر القِمة.

 وفوض المؤتمر إلى المجلس التنفيذي للاتحاد اتخاذ ما يراه ملائماً من وسائل من أجل اتخاذ الإجراءات العملية، المتعلقة بالبروتوكول، بما فيها انتخاب أعضاء مجلس الأمن والسلم في أفريقيا، وقواعد وإجراءات ونُظُم عمل هذا الجهاز.

و. قرار حول برلمان عموم أفريقيا: أشاد هذا القرار بنتائج اجتماعات البرلمانات الأفريقية، التي عقدت بمدينة كيب تاون، بجمهورية جنوب أفريقيا، في 30 يونيه والأول من يوليه 2003. وحث المؤتمر لجنة التسيير المختصة على متابعة قرار القِمة ديربان، بجنوب أفريقيا، في يوليه 2002، والسعي إلى الإسراع عملية التصديق على البروتوكول، من جانب الدول الأعضاء. وشدد المؤتمر على ضرورة التعجيل بدخول البروتوكول حيز التنفيذ، والتأسيس الفعلي لبرلمان عموم أفريقيا؛ نظراً إلى ما لهذا الجهاز، من أهمية قصوى، لضمان مشاركة فاعلة، وكاملة للشعوب الأفريقية في تنمية القارة وتكاملها.

ونوّه القرار بالدول الأعضاء، التي بادرت إلى التصديق، وأودعت الاتحاد وثائق التصديق على البروتوكول. وحث تلك الدول التي لم تبادر إلى ذلك بعد إلى الإسراع في عملية التوقيع والتصديق، قبْل 31 ديسمبر 2003؛ وذلك من أجل أن تكون هناك إمكانية لدخول البروتوكول حيز التنفيذ، وأن يعقد البرلمان اجتماعه قبْل 31 يناير 2004.

وطالب المؤتمر المفوضية بمتابعة الجهود، المبذولة للإسراع في الحصول على العدد اللازم من تصديقات البروتوكول؛ لأنه لن يصبح واقعاً إلا بعد ثلاثين يوماً من إيداع الاتحاد تلك التصديقات.

أمّا الإعلانات، الصادرة عن مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي، المنعقدة في مابوتو، بموزامبيق، فقد أصدرت القِمة خمسة إعلانات، تتعلق بالمؤتمر الوزاري الخامس حول منظمة التجارة العالمية؛ وإعلان يتعلق بالمفاوضات حول اتفاقية المشاركة الاقتصادية؛ وإعلان مابوتو حول أمراض نقص المناعة المكتسبة / الإيدز، والسل الرئوي، والملاريا، في أفريقيا؛ وإعلان حول الزراعة، والأمن الغذائي، في أفريقيا؛ وآخر حول تنفيذ مبادرة المشاركة الجديدة للتنمية في أفريقيا (نيباد).

ثالثاً: نشاط الاتحاد الأفريقي ( 2004 و2005)

شهدت مسيرة الاتحاد الأفريقي، منذ تأسيسه، العديد من التطورات، التي تدل على حيويته وقدْرته على مواءمة الظروف والمستجدات: العالمية والإقليمية. ومن تلك التطورات ما يلي:

1. انعقاد قِمة سرت الاستثنائية، في 27 فبراير 2004، والتي نوقشت فيها قضايا أفريقية عدة، كالنزاعات الداخلية، مثل: السودان، والكونغو الديموقراطية. كما استغرقت القضايا، المتعلقة بالتنمية الاقتصادية، وضرورة استكمال بناء المؤسسات ذات الصلة، جلّ اهتمام الدبلوماسية الأفريقية الجماعية، خلال الدورة العادية الرابعة لمؤتمر الاتحاد الأفريقي، التي عقدت في العاصمة النيجيرية، أبوجا، في 30 و31 يناير 2005. وهي القضايا نفسها، التي كانت قد انهمكت فيها الدورة غير العادية الثانية لمؤتمر الاتحاد، والتي انعقدت في سرت، في 27 و28 فبراير 2004، وصدر في أعقابها ما سمي: "إعلان سرت"، حول تحديات تنفيذ التنمية المتكاملة والمستدامة للزراعة والمياه، في أفريقيا.

2. إنجاز العديد من الخطوات المهمة، في إطار الدورة العادية الرابعة لمؤتمر الاتحاد الأفريقي، التي انعقدت في أبوجا، في اليومَين الأخيرَين من يناير 2005. فقد حظيت القضايا: الأمنية والاقتصادية باهتمام رؤساء الدول والحكومات الأفريقية البالغ؛ وذلك اتساقاً مع ما اتُّفِق عليه في قِمة سرت الاستثنائية، التي انعقدت في 27 فبراير 2004.

رابعاً: أنشطة الاتحاد الأفريقي (2006)

1. المؤتمر الوزاري التحضيري لقِمة الخرطوم (2006)

سيطرت قضيتا رئاسة الاتحاد الأفريقي واقتراحات إصلاح الأمم المتحدة على أعمال الاجتماع الوزاري، تمهيداً لِقِمة الاتحاد، في الخرطوم. وقد أعلن وزير الإعلام السوداني، الزهاوي إبراهيم مالك، ثقة بلاده بالحصول على دعم كافٍ لرئاسة الاتحاد. وأكد دعم 12 دولة، من شرقي أفريقيا وشماليها، كي تصبح الدولة هي الرئيس التالي. ولم تتقدم سوى الخرطوم، حتى الآن، بطلب تولي الرئاسة. وأعلنت مصر فقط، حتى الآن، بوضوح دعمها للسودان. وتُعَدّ جمهورية الكونغو الديموقراطية بديلاً مرجحاً، في ضوء تفاقم الانقسامات بين دول الاتحاد، في شأن منح الرئاسة الدورية للسودان، الذي تتعرض حكومته لانتقادات، بسبب أزمة دارفور. وذكرت مصادر دبلوماسية، أن دولاً أفريقية، تسعى إلى إقناع الحكومة السودانية بالتراجع عن طلب الرئاسة. ولكن وزير الخارجية السوداني، لام أكول، أكد حشد بلاده الأصوات الكافية؛ ورأى أنه لا داعي للتراجع.

ويتوقع، في حالة عدم التوصل إلى تسوية، التمديد ستة أشهر لرئيس نيجيريا، أولوسيجون أوباسانجو. ولا يفرض نظام الاتحاد الأفريقي، أن تعود رئاسة الاتحاد للدولة، التي تستضيف مثل هذه القِمة، كما كانت عليه الحال، أيام منظمة الوحدة الأفريقية. ورأى نحو 40 منظمة غير حكومية، أنه ينبغي ألا تكافأ دولة، تُعَدّ طرفاً "في كارثة إنسانية" بدارفور. وتخشى المواقف الرسمية، أن تؤثر الرئاسة السودانية في طبيعة وصدقية مهمة الاتحاد، الذي ينشر قواته في دارفور، ويرعى محادثات السلام بين الحكومة السودانية والمتمردين. وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الأزمة، مؤكدة أنه ستكون هناك تناقضات، ولاسيما بين مهمة القوات الأفريقية، بغرب السودان، وتعاملها مع رئاسة الاتحاد. أمّا جماعتا التمرد الرئيسيتان، في دارفور، فقد هددتا بمقاطعة محادثات أبوجا للسلام، إذا أصبح السودان رئيساً للاتحاد. وقال بعض المسؤولين، إنه يمكن اختيار رئاسة الاتحاد بالانتخاب، الذي سيكون الأول في تاريخ المنظمة.

2. قِمة الخرطوم يناير (2006)

لقد واجهت قِمة الاتحاد الأفريقي، المنعقدة بالعاصمة السودانية، أزمة، تمثلت في عدم إمكانية التوصل إلى اتفاق في شأن رئيس جديد للاتحاد، في دورته المقررة لعام 2007؛ وذلك بسبب تمسك السودان بأحقيته في هذا المنصب. وكانت القِمة، التي غاب عنها عدد من رؤساء الدول، قررت تشكيل لجنة رئاسية خماسية، لدراسة الأمر؛ على أن يرجأ بَتُّهُ إلى جلسة القِمة، في يومها الثاني. لكن وزير الإعلام السوداني، الزهاوي إبراهيم مالك، أوضح أن بلاده لم تتراجع عن ترشحها لرئاسة الاتحاد؛ ولكنها مستعدة لدارسة آليات ونُظُم اختيار رئيسه الجديد. وكانت قد راجت أنباء، تفيد بأن السودان أعرب عن استعداده للتخلي عن ترشحه لرئاسة الاتحاد الأفريقي؛ لتجنّب حدوث انقسام في صفوف دوله، يمكن أن يفشل المحادثات، الخاصة بأزمة إقليم دارفور. كما كان السودان قد عرَّض بتخليه عن رئاسة الاتحاد, أمام احتجاج دول أفريقية عدة، على رأسها تشاد؛ بسبب النزاع في دارفور.

لم تُثَرْ رئاسة الاتحاد الأفريقي، أعمال القِمة، إذ اجتنبها قادة الدول الأفريقية أو ممثلوها، في كلماتهم الافتتاحية؛ مفضلين التركيز في أزمة دارفور، والوضع في ساحل العاج.؛ حتى إن الرئيس السوداني، عمر البشير، لم يقُل كلمة واحدة عن ترشحه لرئاسة الاتحاد الأفريقي، في كلمته الافتتاحية. وجرى الحديث، في أروقة القِمة، ببديلين محتملَين، في حالة استبعاد ترشح البشير، وهما: اختيار رئيس الكونغو، برازافيل دوني ساسو نجيسو، أو التمديد للرئيس النيجيري، أولوسيجون أوباسانجو، على رأس الاتحاد.

أ. اجتماع لجنة خبراء الاتحاد الأفريقي، المعنية بترشيد التجمعات الاقتصادية لمنطقتي جنوبي القارة وشرقيها، بلوساكا، في الفترة من 8 إلى 10 مارس 2006.

ب. الاجتماع المشترك للخبراء القانونيين والممثلين الدائمين للدول، أعضاء الاتحاد الأفريقي، في أديس أبابا، في الفترة من 15 إلى 19 مارس 2006.

ج. اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي، في 21 و22 مارس 2006، لبحث الوضع في جزر القمر، والاتفاق بين السودان وتشاد.

د. اجتماع الخبراء الحكوميين، وكذا الاجتماع الوزاري، الذي تنظمه مفوضية الاتحاد الأفريقي، بمقرها؛ للنظر في مشروع الميثاق الأفريقي للديموقراطية والانتخابات والحكم الرشيد، خلال الفترة من 3 إلى 7 أبريل 2006.

هـ. عقد الاجتماع التحضيري لورشة العمل، الخاصة بالسيطرة والاتصالات والتحكم، في إطار تفعيل القوة الأفريقية، خلال الفترة من 4 إلى 12 أبريل 2006، بالقاهرة.

و. انعقاد الدورة الرابعة للجنة العمل والشؤون الاجتماعية للاتحاد الأفريقي، في الفترة من 22 إلى 27 أبريل 2006، في مصر.

ز. انعقاد الاجتماع الأول لخبراء ووزراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأفارقة، خلال الفترة من 11 إلى 20 أبريل 2006، بالقاهرة. وكان قد حضر وفد مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى مصر، للتنسيق، وذلك خلال الفترة من 11 إلى 14 مارس 2006.

3. الجهود المصرية، من خلال الاتحاد الأفريقي (2006)

استضافت مصر نحو 140 اجتماعاً وزارياً أفريقياً، ثلاثة عشر منها خلال الستة أشهر الأولى من عام 2006، مثل: المؤتمر الوزاري الأفريقي للمياه؛ ومؤتمر وزراء الصناعة الأفارقة، بالتعاون مع منظمة اليونيدو؛ واجتماع الأمم المتحدة للخبراء: الدوليين والإقليميين، حول الاستخدام غير المشروع للثروات الطبيعية في أفريقيا؛ والاجتماع الأول لوزراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأفارقة؛ واجتماع الخبراء حول المبادرة المصرية لإنشاء قناة فضائية أفريقية.

خامساً: أنشطة الاتحاد الأفريقي (2007)

1. قِمة الاتحاد الأفريقي (يناير 2007)

شهدت العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، في الفترة من 29 إلى 30 يناير 2007، أعمال القِمة الثامنة العادية لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، التي عقدت، هذه المرة، تحت شعارَي "العلم والتكنولوجيا والبحث العلمي من أجل التنمية"، و"التغيرات المناخية في إفريقيا". وقد تضمن جدول أعمالها العديد من القضايا، بدءاً بالقضايا الرياضية (جُعِل عام 2007 عاماً دولياً لكرة القدم الأفريقية، بمناسبة مرور 50 عاماً على إنشاء الاتحاد الأفريقي لكرة القدم)؛ ومرورا ًبقضايا البيئة والمناخ؛ فضلاً عن التقدم التكنولوجي (شعار القِمة)؛ ووصولاً إلى قضايا السياسة والأمن، اللذَين يُعَدَّان أساس تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة؛ وكذلك قضايا، تتعلق بالهياكل المؤسسية للاتحاد، مثل: اختيار رئيس جديد للاتحاد، اختيار أعضاء مجلس الحكماء.

لقد عقدت هذه القِمة في مناخ من صراعات دولها، مثل الصراع في دارفور والصومال، وساحل العاج وغينيا. ولعل ذلك ما دفع المؤتمرين إلى التركيز في القضايا: الأمنية والسياسية، دون تلك المتعلقة بالتعليم والبيئة (المحورَين الأساسيَّين للِقِمة). وقد يكون ذلك أمراً منطقياً، إذ أي تنمية اقتصادية منشودة، لن تتحقق إلا في ظل استقرار: سياسي وأمني.

اعترت حاضر الاتحاد الأفريقي ومستقبله تأثيرات سلبية، نجمت عن قضية رئاسة السودان لِقِمته، طيلة عام (2007 - 2008). وهو الأمر الذي أرجئ، منذ قِمة الخرطوم (يناير 2006)؛ إثر اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية عليه، في حينها، بسبب أزمة دارفور، ووجود قوات في هذا الإقليم، تابعة للاتحاد الأفريقي؛ إذ لا يعقَل – من وجهة نظر الخرطوم، وكذلك بعض قوى التمرد - أن يكون السودان خصماً وحكماً، في آن واحد؛ وهو ما دفع الدول الأفريقية إلى أن تستبدل به الكونغو برازافيل بدلاً من السودان، واعدة إياه برئاسة الدورة المقبلة، وفق مبدأ التناوب بين دول الأقاليم الخمسة في القارة.

ما إن خفت الصوت الأمريكي العلني بعض الشيء، حتى عَلَت الأصوات الضاغطة، من خلال جهات عدة، أبرزها:

أ. الدول الأفريقية، حليفة واشنطن، والتي أخذت تروج إمكانية تولي تنزانيا، أو رواندا، رئاسة هذه الدورة؛ ومعروف أن قرار انتخاب الرئيس، يتخَذ بالإجماع.

ب. تشاد التي هددت، على لسان وزير خارجيتها، قبْل القِمة، بأنها ستعلق مشاركتها في الاتحاد، في حالة رئاسة السودان؛ وذلك بسبب الاتهامات المتبادلة بين الجانبَين بدعم المعارضة في كل منهما.

ج. الجماعات المتمردة في إقليم دارفور، التي هددت بشن هجمات على القوات الأفريقية، الموجودة في الإقليم، في حالة رئاسة السودان للاتحاد؛ لأن تلك القوات، لن تكون محايدة؛ وإنما ستنحاز إلى الحكومة السودانية، التي يفترض أن تشرِف عليها، بصفتها رئيسة الاتحاد.

د. جماعات حقوق الإنسان الدولية، وخاصة منظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش.

بيد أن قضية دارفور، ليست السبب الوحيد لرفض تولي السودان الرئاسة؛ إذ إن لبعض الدول: الأفريقية والدولية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، أسباباً أخرى، لعل أبرزها هو الرغبة في عدم إحداث تقارب عربي ـ إفريقي. فالسودان كان يرأس، آنئذٍ، الجامعة العربية؛ ومن ثَم، فإن الجمع بين الرئاستَين: العربية والأفريقية، ولو شهرَين فقط، يقلق أولئك الساعين إلى استمرار حالة التباعد العربي ـ الإفريقي، والتي سادت القِمة الأولى، والأخيرة، التي عقدت بين الجانبَين، في القاهرة، عام 1977. وسرعان ما تخلى السودان عن تحفَّظه من محاولة إبعاده عن الرئاسة. ووافق على أن تتولاها غانا. وعلّل خطوته هذه بأنها محاولة لتجنّب شق الصف الإفريقي.

ولقد صدر عن القِمة العديد من القرارات، منها:

أ. اختيار غانا، بالإجماع، رئيساً لهذه الدورة. وتأكيد أن رئاسة الاتحاد، ستؤول، العام المقبل، إلى دول شرقي أفريقيا، في إطار قاعدة التناوب؛ وإن لم تُعَيَّن السودان بالاسم.

ب. مطالبة الدول الأفريقية بالتصديق على بروتوكول كيوتو، في شأن التغيرات المناخية (الصادر في 16 فبراير 2005).

ج. الموافقة على توصيات المجلس التنفيذي بإنشاء صندوق للتعليم في أفريقيا، وحث الدول الأعضاء على المساهمة التطوعية فيه، ومناشدة المنظمات كافة: الدولية والأفريقية، ومنظمات المجتمع المدني، دعم خطة العمل المتعلقة بالتعليم.

د تمديد عمل اللجنة، التي انبثقت من قِمة الاتحاد السابعة، المنعقدة في بانجول، عاصمة جامبيا (يوليه 2006)، في شأن إدماج نيباد في هياكل الاتحاد، إلى القِمة المقبلة (يوليه 2007)؛ وذلك من أجْل تمكين اللجنة من تقديم رُؤَاها النهائية لعملية الإدماج.

هـ تأييد ما تضمنه تقرير مجلس السلم والأمن، في شأن أحوالهما في القارة الأفريقية، وخاصة الصراعَين الأشد خطراً في دارفور والصومال.

(1) الترحيب بموافقة السودان على قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي، في شأن نشر القوات الدولية في دارفور. كما طالبت القِمة كلاًّ من المفوضية، وسكرتارية الأمم المتحدة، والحكومة السودانية، بالإسراع في تنفيذ ما اتُفِق عليه، خلال تلك الاجتماعات؛ مع حث المنظمة الدولية على اتخاذ الإجراءات، اللازمة لتمويل عملية حفظ السلام في الإقليم.

(2) الاهتمام بالصومال، لم يقتصر على تناول الأزمة الصومالية في تقرير مجلس السلم والأمن الأفريقي؛ وإنما اختصتها القمة بالقرار الرقم 142، الذي تضمن:

(أ) المطالبة بالانتشار الفوري لقوات الاتحاد الأفريقي في الصومال (ANISOM)، استناداً إلى قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي، رقم 69. وحث الدول الأعضاء على المشاركة فيها؛ حتى لا تحدث فوضى أمنية، بعد انسحاب القوات الإثيوبية.

(ب) التماس الدعم اللازم: المالي واللوجيستي والتقني، من المجتمع الدولي؛ لنشر هذه القوات.

(ج) مناشدة الدول الأعضاء، وشركاء الاتحاد الأفريقي، دعم المؤسسات الفيدرالية الانتقالية في البلاد (في إشارة إلى الحكومة الانتقالية)؛ من أجْل تشجيعها على إقامة السلطة في البلاد.

(د) الترحيب بمبادرة الحكومة الانتقالية، في شأن الحوار الوطني، الذي يشمل مختلف القيادات: الدينية والسياسية؛ إضافة إلى سائر شرائح المجتمع.

(هـ) حث المجتمع الدولي على تقديم الدعم اللازم لعملية ما بعد الحرب، مع مطالبة الأمم المتحدة بتولي زمام هذا الأمر.

(3) اعتماد ميزانية للاتحاد لعام 2007، تقدَّر بنحو 132.9 مليون دولار.

(4) تعيين خمسة أشخاص، في مجلس الحكماء، لمدة ثلاث سنوات؛ يمثلون الأقاليم الخمسة للقارة، أبرزهم: سالم أحمد سالم، السكرتير العام السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية؛ وميجيل توفوادا، الرئيس الأسبق لساوتومي وبرنسيب؛ والرئيس الجزائري الأسبق، أحمد بن بلاّ.

(5) الموافقة على انتخاب خمس دول لعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، لمدة ثلاث سنوات، تبدأ من مارس 2007، وهي: الجابون (غرب القارة) إثيوبيا (شرق)، الجزائر (شمال)، أنجولا (جنوب)، نيجيريا (غرب).

2. زيارة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي لواشنطن، في 21 يناير 2007، للبحث في إجراءات التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد، وعرض ملفات النزاعات الأفريقية، وخاصة في دارفور. وقد التقى وزيرة الخارجية الأمريكية، والأمين العام للأمم المتحدة، وبحث معه اقتراحات إصلاح المنظمة الدولية، ومجلس الأمن.

3. في 29 يناير 2007، تسلمت مفوضية الاتحاد الأفريقي رسالة، من منظمة هيومن رايس ووتش، موجهة إلى مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الأفريقية، في شأن الأوضاع في السودان وتشاد. وطلبت منهم إيلاء موضوع حماية المدنيين في هذَين البلدَين الأولوية القصوى، في اجتماعهم الثامن.

وسلطت المنظمة انتباه القِمة على ثلاث قضايا مهمة:

أ. الآثار الكارثية لسياسات الحكومة السودانية في دارفور

أشارت المنظمة إلى أن الوضع في دارفور يزداد خطراً، وتتكاثر ضحاياه؛ فتقارير بعثة الاتحاد الأفريقي في دارفور، وبعثة الأمم المتحدة في السودان، تؤكد استمرار مسؤولية الحكومة السودانية عن الغارات المسلحة على المدنيين. كما اتهمت الخرطوم بعرقلة التدخل الدولي في دارفور، ومقاومة أيّ محاولات دولية، ترمي إلى تحسين أوضاع المدنيين، بما في ذلك محاولة نشر قوة تابعة للأمم المتحدة.

ب. الأزمة المتصاعدة في تشاد

نبهت المنظمة على أن للصراع المسلح المتصاعد، في شرقي تشاد، انعكاساته على آلاف المدنيين. كما أنه يثير أهوال منظمة هيومن رايتس ووتش. فلا شك أن لبعض العنف أسبابه التشادية الداخلية، إلا أن هناك روابط بين الصراع التشادي وأزمة دارفور. كما أن الحكومة التشادية تتحمل المسؤولية عن دعمها لحركات التمرد في دارفور.

ج. ترشح السودان لرئاسة الاتحاد الأفريقي

أنكرت المنظمة ترشح السودان لرئاسة الاتحاد الأفريقي؛ لمسؤولية الخرطوم عن التدهور في دارفور، عام 2006؛ وهو ما سيضر بصدقية الاتحاد، في مستوى العالم، بصفته مؤسسة، تسخِّر جهودها لحماية حقوق الإنسان.

4. في أوائل مايو 2007، وافقت لجنة السلام والأمن بالاتحاد الأفريقي على الخطط، التي بعثت بها الأمم المتحدة؛ في شأن إرسال قوة لحفظ السلام بدارفور، قوامها 33 ألفاً من الجنود والشرطة.

5. في منتصف مايو 2007، وافقت لجنة الشؤون السياسية والعلاقات الخارجية، بمجلس النواب التونسي، على بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، في شأن إنشاء محكمة أفريقية لحقوق الإنسان؛ وبروتوكول محكمة العدل للاتحاد الأفريقي؛ وذلك لتعظيم منظومة حقوق الإنسان، في المستوى القاري. كما أكدت تفعيل مَرافق الاتحاد الأفريقي، ودعمه بالموارد: البشرية والمالية؛ حتى يتمكن من أداء مهامه أداءً فعالاً.

6. اجتماع مفوضية الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي، ي 16 يونيه 2007، في أديس أبابا، حيث تفاءل المجلس بنجاح عمليات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام. كما أجرى الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن مشاورات، مع فريق الاتحاد الأفريقي، حول تعزيز العلاقات بين المؤسستَين. كما سَيُتَوَصَّل إلى اتفاقية شاملة، بين مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي.

    كذلك ناقش الجانبان قضية إقليم دارفور، حيث تخطط الأمم المتحدة لتنفيذ عملية مشتركة لحفظ السلام. ويرى الجانبان ضرورة تشجيع تسريع التقدم، في المسار السياسي، بين المتمردين وحكومة السودان؛ وكذا وقف إطلاق النار؛ والإقلاع عن العنف في دارفور.

    واتفق الجانبان على أهمية جهود الاتحاد الأفريقي، في الصومال، وضرورة دعمها وتعزيزها، من جانب الأمم المتحدة، والعمل معاً على دعم المصالحة الوطنية. ويتوقع أن يمدِّد مجلس السلم والأمن الأفريقي مهمة قوات حفظ السلام الأفريقية في البلد المذكور؛ بسبب تواني المنظمة الدولية في توَلِّي ذلك.

7. دعوة الاتحاد الأفريقي لحضور مؤتمر باريس (الاجتماع الوزاري لمجموعة الاتصال الموسعة)، الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي الجديد، ساركوزي، في 25 و26 يونيه 2007؛ لمناقشة قضية دارفور. وقد تغيب عنه الاتحاد؛ لعدم قناعته بنتائجه. كما تغيب عنه السودان. وحضر هذا المؤتمر وزراء خارجية كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وكندا والصين ومصر (نائب وزير الخارجية) والدانمارك وأسبانيا وإيطاليا والنرويج وهولندا والبرتغال وبريطانيا وروسيا والسويد وجنوب أفريقيا. وشاركت فيه منظمات: دولية وإقليمية، كالأمم المتحدة، ممثلة في أمينها العام؛ والجامعة العربية، ممثلة في أمينها العام، والبنك الدولي، والمؤتمر الإسلامي، والاتحاد الأوروبي. وتلخصت النتائج في الآتي:

أ. ضرورة تسريع تطبيق المرحلة الثانية، المتعلقة بدعم الأمم المتحدة للقوات الأفريقية.

ب. تعزيز قوات الاتحاد الأفريقي.

ج. مساهمة فرنسا بمبلغ 10 ملايين يورو في دعم القوات الأفريقية، بإقليم دارفور.

د. تحذير الحكومة السودانية من عدم التعاون، وعدم استجابة مطالب المجتمع الدولي لحل الأزمة.

وقد انتقدت الحكومة السودانية على فرنسا دورها في حل الأزمة. وقللت من أهمية المؤتمر. ورأت أن ما جاء به، لا يؤمن حل الأزمة، بل يعمل على تكريس العقوبات، التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية.

8. انعقاد القِمة التاسعة للاتحاد الأفريقي، الأيام الثلاثة الأولى من يوليه 2007، بأكرا، عاصمة غانا. وشارك فيها رؤساء الدول الأفريقية، وقادة المنظمات الإقليمية الفرعية بالقارة؛ إضافة إلى بان كي مون، السكرتير العام للأمم المتحدة؛ والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، التي ترأس وفدها السيد عمرو موسى، أمينها العام. ناقشت القِمة ما تعانيه القارة؛ وكيفية حل الصراعات والنزاعات المسلحة، وخاصة مشكلة دارفور. وقد طرح العقيد القذافي برنامجه، المتعلق بالولايات المتحدة الأفريقية؛ وخطته التنفيذية، التي أسماها: خريطة الطريق. كما نُوْقِشَت موضوعات التنمية المستدامة بالقارة؛ وكيفية دعم قوات الاتحاد الأفريقي، لتنفيذ مهامها في حفظ السلام؛ فضلاً عن مناقشة معوقات التنمية، وأهمها الأمراض المتوطنة، وبالأخص الإيدز.

أمّا حكومة الاتحاد الأفريقي، فقد تباينت وجهات النظر إليها؛ إذ إن أكثر قادة الاتحاد الأفريقي، لا يشاركون العقيد القذافي الرأي، في ضرورة الإسراع في إقامة الولايات المتحدة الأفريقية وحكومتها الموحدة. ويرون أنه لا بدّ من اتخاذ خطوات تدريجية لتحقيق الوحدة، والتغلب على ما يواجهها من عقبات، ومن أبرزها وجود عدة تجمعات اقتصادية في القارة، وكثرة النزاعات المسلحة، وافتقار كثير من الدول الأفريقية إلى حكومات ديموقراطية منتخبة.       وقد حذر رئيس كينيا من التسرع في اعتماد حكومة موحدة، مطالباً بضرورة التدرج في هذا المنهج.

واعتمدت القِمة تقرير المجلس التنفيذي، الذي تضمن 11 بنداً، منها توسيع صلاحيات أجهزة الاتحاد، وإدماج أجهزة النيباد في الاتحاد الأفريقي. كما وافقت لجنة مبادرة النيباد على تحويلها إلى هيئة فنية، وتنفيذية، تابعة للاتحاد الآنف.

سادساً: تطور العلاقة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي

تكتسب العلاقة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي أهمية كبيرة، تنبثق من اضطلاع المنظمات الدولية الإقليمية بحفظ السلم والأمن في مناطقها الإقليمية، والرعاية والسعي إلى تحقيق أهداف ومصالح دولها الأعضاء. ويزيدها أهمية الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، الذي كفل لتلك المنظمات الاضطلاع بذلك. ويحرص الأمين العام للأمم المتحدة، باستمرار، على المشاركة في مؤتمرات تلك المنظمات. وقد شارك بإلقاء خطبة في مؤتمر القِمة للاتحاد الأفريقي، المنعقد في مابوتو، عاصمة موزامبيق، في يوليه 2003. وجّه من خلاله الشكر إلى الرئيس جواكيم شيسانو، وشعب موزامبيق المضيفَين للقمة؛ إضافة إلى شكر الرئيس ثابو مبيكي؛ لعمله الدؤوب، وقيادته، خلال السنة الأولى من حياة الاتحاد الأفريقي. وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بالاتحاد الأفريقي، لكونه دعوة إلى جميع الأفارقة، لإعادة تحديد مصيرهم؛ وإتاحة حياة أفضل لجميع شعوب القارة؛ وتمكين أفريقيا من الاضطلاع بدورها، وتحمّل مسؤولياتها بكاملها في الشؤون العالمية. وأكد أن ميلاد الاتحاد يجسِّد إقراراً تاريخياً بأن أفريقيا عينها، تتحمل المسؤولية الأولى عن تحديد قدرها ومستقبلها؛ وأن أفضل طريقة للنهوض بتلك المهمة، تتمثل في الوحدة، من أجل تلبية احتياجات الشعوب، وتحقيق التطلعات.

كما أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن موضوع القِمة،وهو العمل على تنفيذ المشاركة الجديدة، من أجل تنمية أفريقيا؛ إنما يدلّ على السعي إلى تحقيق هذه المهمة، بما تقتضيه من جد وتركيز. ويبين العزم على أن يضطلع الاتحاد الأفريقي بدور مركزي في العمل، الرامي إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمشاركة الجديدة، من أجل تنمية أفريقيا، في مجالات السلام والأمن، والديموقراطية، والحكم الرشيد، والحدّ من الفقر، والإدارة الاقتصادية السليمة. ولفت إلى أن بقية العالم مدركة لعزم الأفارقة على أخذ زمام الأمور بأيديهم، لمواجهة تحدياتهم؛ وهو ما يمكن رؤيته جلياً في التزامات البلدان الثمانية، في خطة عملها من أجْل أفريقيا؛ وفي مبادرتَي الرئيس بوش، والاتحاد الأوروبي، من أجْل زيادة الأموال المخصصة لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز في أفريقيا؛ وفي الدعم المتواصل من جانب الأمم المتحدة، من أجْل إقناع البلدان المتقدمة بعمل المزيد، مثل: تقديم المزيد من المساعدة الإنمائية الرسمية؛ وإلغاء التعريفات؛ وإتاحة المزيد من فرص التخفيف من عبء الديون؛ بل تقديم دعم أكبر لمكافحة الإيدز.

وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة، أن البلدان المانحة مدعوة لدعم الإصلاحات الجارية في البلدان النامية، بتقديم المزيد من الموارد، والفرص التجارية. كما أن البلدان: الغنية والفقيرة، مطالبة بجعل الأهداف الإنمائية للألفية في الصدارة، عند صنع القرار، على الصعيدَين: الوطني والعالمي. وتُعَدّ المساءلة المفتاح الرئيسي، بمعنى مساءلة الشعوب لحكوماتها؛ ومساءلة الشركاء من البلدان: المتقدمة والنامية، بعضهم بعضاً. وكلّما كان عزم أفريقيا أقوى على تحقيق التزاماتها بالإصلاح، كان هناك حظ أوفر في نجاح العمل من أجْل بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية. وفي ذلك العمل، سيتمثل الدور الحيوي في المشاركة الجديدة، من أجْل تنمية أفريقيا. ومن هذا المنطلق، فإنه يجب أن تنشأ مشاركة بين أفريقيا وبقية العالم، على أساس رصد أداء كلّ من المانحين والمستفيدين؛ وتماسك السياسات، ومشاطرة المسؤولية عن تحقيق التنمية، والشعور المتبادل بالثقة. وكذلك ينبغي لهذه المشاركة أن تجسد ثقة الشعوب الأفريقية بحكوماتها؛ وهذا الشعور بالمسؤولية الأفريقية، يجب تطبيقه على جميع التحديات، التي تواجه القارة.

كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة، بأن المنظمة العالمية، ستظل تشارك أفريقيا عن كثب في العمل على مواجهة مجمل التحديات، التي تواجهها، سواء في المستوى القُطري، من التعليم إلى شؤون الحكم، ومن تحقيق التنمية الزراعية إلى مكافحة الإيدز؛ وفي مستوى الاتحاد الأفريقي، من خلال دعم تطوير مؤسسات الاتحاد الرئيسية. وسوف تستمر في العمل من أجْل تعزيز بناء السلام في أفريقيا، وبناء القدرات الأفريقية على حل الصراعات. ناهيك بالاستمرار في العمل من أجْل المساعدة على كفالة أن الخطط الجديدة لتحقيق السلام والأمن في أفريقيا، تستفيد من القدرات الأفريقية المعزَّزة، في مجال حفظ السلام؛ وكذلك من المشاركة الناشطة للأمم المتحدة.

في 10 مارس 2006، أجاز مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في اجتماعه السادس والأربعين، التحول من البعثة الأفريقية في السودان إلى عملية الأمم المتحدة، بخصوص الوضع في دارفور؛ وذلك في إطار المشاركة بينه وبين المنظمة الدولية، في ترقية السلم والأمن والاستقرار في أفريقيا.

وكان التعاون دائماً بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. إلا أنه بعد قبول السودان مبدأ وجود قوات دولية، ظهر، في شهر مارس 2007، خلافهما في من سيتولى قيادة تلك القوات المختلطة..

في 16 يونيه 2007، ذكرت مصادر دبلوماسية، بعد اجتماع مفوضية الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة، في مقر الاتحاد، بأديس أبابا، أن مجلس الأمن، تفاءل تفاؤلاً قوياً بعمليات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام. وذكر سفير المملكة المتحدة لدى المجلس، بعد الاجتماع المغلق، أن المحادثات شملت التعاون، وتقاسم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الأهداف. وتطرقت المحادثات إلى الوضع في دارفور. واتفق الجميع على أن السودان، اتخذ خطوة كبيرة، بموافقته على القوة المشتركة. أمّا الوضع في الصومال، فقد اتُّفِق على دعم الأمم المتحدة جهود الاتحاد الأفريقي وتعزيزها، وجعْل المطلب الرئيسي الحالي، هو دفع المصالحة الوطنية إلى الأمام.

في 28 يونيه 2007، أرسلت الأمم المتحدة بعثة دولية، لتقصي حالة الحدود بين السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى، حيث ستنشر قوات دولية. ويُشَاوَر في ذلك الاتحاد الأفريقي والسودان. ويُشَار إلى أهمية دعم الاتحاد الأفريقي، وضرورة تبادل المعلومات بينه وبين الأمم المتحدة.

سابعاً: العلاقة بين الاتحاد الأفريقي والدول العربية

خلال ندوة آفاق التعاون العربي- الأفريقي، التي عُقدت بالخرطوم، في 18 و19 مارس 2006، وشارك فيها الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية؛ إضافة إلى عدد من المنظمات: الإقليمية والدولية، ومراكز البحوث والدراسات المعنية بالتعاون العربي ـ الأفريقي، طُرِحَت عشرون ورقة علمية للتدارس، وتبادل الرؤى. وخلصت الندوة إلى التوصيات التالية:

1. ضرورة إعداد تقييم شامل للتعاون العربي ـ الأفريقي، بدءاً بالمرحلة، التي تلت القِمة العربية الأولى، في مارس 1977، وحتى الآن.

2. اعتماد رؤية جديدة مشتركة للتعاون العربي ـ الأفريقي.

3. إنشاء آلية تنسيق بين برامج الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية.

4. وضع برنامج عمل إستراتيجي، في مجالات التعاون المختلطة.

5. توفير الموارد: المالية والبشرية، لضمان تنفيذ البرنامج الإستراتيجي المشترك.

          اختتمت القِمة العربية، بالخرطوم، في مارس 2006. وأقرت باستعدادها للمساهمة في تمويل قوات الاتحاد الأفريقي، في دارفور، بمبلغ 150 مليون دولار. وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الدعم، الذي اختصت القِمة به تمويل قوات الاتحاد الأفريقي، سيبدأ بعد ستة أشهر.

          صرح وزير الخارجية السعودي، خلال المؤتمر الصحفي، بالرياض، بعد اجتماعه بخافيير سولانا، الممثل الأعلى للسياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي، في 13 مارس 2007، بأن السودان بلد أساسي في الجامعة العربية. واتصالاتها به مستمرة، وبجهد مشترك مع الاتحاد الأفريقي. والمملكة العربية السعودية تؤيد هذا الجهد، وتدعمه لإيجاد حل سريع للوضع في السودان؛ وذلك من الموضوعات المطروحة، ليس في مجلس الجامعة الاعتيادي فقط؛ وإنما في مؤتمر القِمة العربية كذلك.

          في 23 مارس 2007، صرح الرئيس السوداني، بأن الدبلوماسية المصرية، نجحت، بالتعاون مع نيجيريا وجنوب أفريقيا، في تولية الاتحاد الأفريقي للدور الأكبر في المساعي، الرامية إلى تسوية أزمة دارفور. كما استطاعت مصر والجزائر، مع الصين وباكستان، الحيلولة دون توقيع العقوبات على السودان، أو اللجوء إلى التدخل العسكري، في مشروع القرار الرقم 1556، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، في يوليه 2004. وخلال اجتماع المجلس الوزاري للجامعة العربية، تبلور الموقف العربي، الداعم للسودان، الرافض للتدخل الدولي. كما أكدت القِمة العربية، في الجزائر، دعمها الكامل للحوار السياسي في السودان. ونجحت قِمة سرت، التي عُقدت في منتصف أكتوبر 2004، بين رؤساء مصر وليبيا والسودان وتشاد ونيجيريا، في تأكيد أهمية الإطار الإقليمي.

          اضطلعت لجان الإغاثة الإنسانية، باتحاد الأطباء العرب، ونقابة الأطباء المصريين، وبالتنسيق مع جامعة الدول العربية، ووزارة الصحة، وجهاز الأمن القومي المصريَّين، اضطلعت بأعمال الإغاثة: الإنسانية والصحية، وتقديم المساعدات العاجلة. وفي 28 يونيه 2007، ذكر مسؤول لجنة أفريقيا بجامعة الدول العربية، أنها على استعداد للتعاون مع الاتحاد الأفريقي على إرسال بعثة طبية عاجلة إلى جنوب السودان، ودارفور، والصومال. كما أشار إلى أن الجامعة، أنشأت إدارة للغوث الإنساني، مهمتها التنسيق بين المنظمات الإنسانية العربية.

          عُقد المؤتمر البرلماني العربي ـ الأفريقي الحادي والعشرون، في دمشق، في 23 و24 يونيه 2007، بدعوة من مجلس الشعب السوري؛ لتعزيز الروابط متعددة الجوانب، التي تجمع بين الشعوب: العربية والأفريقية؛ وتعميق البُعد البرلماني، في مختلف المجالات. وسيُعقد اجتماع للجنة المتابعة، المنبثقة من المؤتمر البرلماني العربي ـ الأفريقي. وكان من أهم ما نُوْقِش الأوضاع: السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ والتعاون والتضامن، في المجال الأفريقي ـ العربي؛ إضافة إلى مناقشة التنمية البشرية.

          في قِمة الاتحاد الأفريقي التاسعة، بأكرا، في الأيام الثلاثة الأولى من يوليه 2007، صدر إعلان خاص، يؤيد الاقتراح، الذي قدمته مصر، في خصوص تطورات الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية، والذي يقضي بتأييد المبادرة العربية للسلام، الصادرة عن قِمة بيروت، عام 2002؛ وقِمة الرياض، عام 2007. وأكد الاتحاد الأفريقي ضرورة حل القضية الفلسطينية، على أساس قرارات الشرعية الدولية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.