إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / الاتحاد الأفريقي









المبحث الخامس

المبحث الخامس

تقييم الاتحاد الأفريقي في ضوء التحديات المختلفة

 

أولاً: الإشكاليات

1. خصوصية التكامل: السياسي والاقتصادي، في إطار الاتحاد الأفريقي

لا تكاد أفريقيا تكوِّن اتحاداً سياسياً، ولا اقتصادياً، مؤثراً؛ لافتقادها القياداتَ، والمؤسساتِ، والظروف، والقدرات الملائمة. بيد أن هناك العديد مِن المكاسبِ: السياسيةِ والاقتصادية والاجتماعية، يمكِن أن تكون نتيجة طبيعية لنجاح ذلك التكامل، سواء كان ذلك في صورة المواطَنة الأفريقية المشتركة، والتكتل الاقتصادي المنيع، والديموقراطية القارية الواعدة.

إن التأسيس للاتحاد الأفريقي استثمار للجهود والتجارب الوحدوية الأفريقية، التي اقترنت بترويج أنه هو القاعدة لكيانِ أفريقي سياسيِ مشتركِ؛ إضافة إلى كونه استجابة لرغبة عميقة، في المستويَين: الحكومي والشعبي، في كُلّ أجزاءِ أفريقيا، في التوحيدِ الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسيِ. وقد يكون تزايد المطالب الشعبيِة، مع توافر الإرادة السياسية لتعزيز الوحدةِ، هما العامل الأقوى في مساندةً الاتحاد الأفريقي وضمان نجاحه. ولكن، يبدو أن للزعامات الأفريقية خصوصيتها، في مجال التعامل مع قضية التكامل: السياسي والاقتصادي، في القارة السمراء.

2. فاعلية قيادة الاتحاد الأفريقي

لا بدّ للمؤسسات الأفريقية، ولاسيما الاتحاد الأفريقي، من قيادات مؤثرة، وفعالة، وبخاصة في تلك المرحلة الفارقة، من تطور العمل والتعاون الأفريقي المشترك؛ وإلا فإن الاتحاد، لن يعدو كونه منظمة ذات طابع روتيني، في تشكيلها المؤسسي، وفي أدائها. واستطراداً، فإن اختيار قيادتِه، سيراعي نوعيتها، وقدْرتها على إدارته إدارة فعالة.

3. العُسْرَة

يسهم في إرهاق ميزانية الاتحاد الأفريقي تكاثر الأجهزة المنبثقة منه؛ وهي المشكلة عينها، التي طالما عانتها منظمة الوحدة الأفريقيةِ، حتى انتهت بها إلى الضعف، فالعجز عن الاضطلاع بمهامها القارية على الوجه الأفضل. ويزيد ميزانية الاتحاد نزفاً تزايد مشاكل أفريقيا، والتي غالباً ما حالت الإرادات السياسيةَ دون مُعَالَجَتها.

4. التقليد

أُُسِّس الاتحاد الأفريقي على غرار الاتحاد الأوروبي؛ ولكن، هيهات هيهات أن يماثله! فأوروبا، حققت اتحادها بما أتاحه تقدُّمها وازدهارها الاقتصاديان. وقد واكبت أطوار اندماجها، طوال العقود الماضية، تزايد أدائها الاقتصادي، ولم تستبقه. ناهيك من اقتصادات ناشطة وقوية، لبعض بلدانها، مثل: ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، التي كانت هي قاطرة القارة، ومكّنت من استيعاب الدول الأقل تقدماً، مثل: البرتغال وأسبانيا واليونان. وأَنَّى لأفريقيا مثل تلك البلدان القاطرة! وهي إن وجدت، فتأثيرها محدود أو معنوي أكثر من كونه اقتصادياً؛ كما هو حال جنوب أفريقيا ومصر ونيجيريا. وهكذا، فإن الاتحاد الأفريقي الناشئ، لم يستطع، على بعض إنجازاته، تجاوز المشكلة التقليدية الأفريقية، المتمثلة في أن القارة، لا تمتلك أدوات نموها، التي لا بدّ أن تأتيها من الخارج، علي هيئة مساعدات أو استثمارات، أو الكف عن نهبها وإخضاعها لقوانين التبادل الاقتصادي.

واستنساخ الاتحاد الأفريقي من الاتحاد الأوروبي، سيكون عسيراً؛ إذ إن الاتحاد الأصل، تمخضت به سنوات طويلة من التطور، مهدت للتوحد الاقتصادي؛ ثم أخذت في الاقتراب، تدريجاً، من التوحد السياسي. ومن ثَم، فإن المؤسسات، التي باتت تعمل في إطار الاتحاد، هي وليدة الحاجة المؤسسية والوظيفية إليها؛ فهي، إذاً، مكوناته الأساسية. كما أن الوصول إلى مرحلة تأسيسه وتسييره، هو وليد الوفرة الاقتصادية، التي ينعم بها معظم دوله الأعضاء؛ ما ينعكس على ميزانيته وأدائه.

لقد بدأت أفريقيا بما انتهت إليه أوروبا، مغفلة مراحل التوحد: الاقتصادي والسياسي. فأنشأت الاتحاد الأفريقي. وسارعت في تأسيس العديد، من مؤسساته وأجهزته، ومنها: المفوضية، التي تمارس مهامها، منذ التأسيس للاتحاد؛ ومجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي دخل حيز النفاذ في 26 ديسمبر 2003، وانتَخب أعضاءه الخمسة عشر المجلس التنفيذي، خلال دورته العادية، المنعقدة في أديس أبابا، يومَي 15 و16 مارس 2004؛ وبرلمان عموم أفريقيا، الذي انطلق في 18 مارس 2004، وانتُخِبَ رئيسه ونوابه الأربعة، واختيرت جمهورية جنوب أفريقيا مقراً له؛ ومحكمة العدل، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ولئن بدا ذلك للبعض محموداً، إلا أن الخبرة التاريخية، في مجال التنظيم القاري الأفريقي؛ وكذلك الواقع السياسي الأفريقي المعاصر، في المجال عينه، يشيران إلى صعوبات جمة، تنتظر الاتحاد الأفريقي، ناجمة عن كثرة مؤسساته وأجهزته، والتي سيتأثر عملها وأداؤها كثيراً بهذا الواقع الأفريقي.

5. تغليب الإرادات السياسية على الضرورات الاقتصادية

استبقت القارة الأفريقية اتحادها بمحاولة تأسيس جماعة اقتصادية أفريقية، تتعامل مع القضايا والمشاكل الاقتصادية، التي طالما عانتها القارة؛ على أساس أن حاضرها ومستقبلها، باتا مرهونَين بنجاحها الاقتصادي. ولم يكن تأسيس الاتحاد الأفريقي إلا تجسيداً، وتغليباً، وتجديداً للمعايير السياسية، واستمراراً لتغييب الضرورات الاقتصادية. والدليل على ذلك أن تأسيس الجماعة الآنفة، في ظل منظمة الوحدة الأفريقية، ووفقاً لاتفاقية أبوجا، عام 1991، لم يكن مرتجلاً؛ وإنما حصيلة للعديد من الخطط والإستراتيجيات، التي وضعت في إطار المنظمة المذكورة؛ ومنها: خطة عمل لاجوس من أجل التنمية الاقتصادية لأفريقيا (1980 ـ 2000)؛ وإستراتيجية منروفيا، الخاصة بالتزام رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية باتباع توجيهات وإجراءات الاكتفاء الذاتي، القومي، والجماعي، في مجال التنمية: الاجتماعية والاقتصادية، من أجْل إقامة نظام اقتصادي دولي جديد، في يوليه 1979؛ وتوصيات مجلس وزراء المنظمة، في شأن التنمية الاقتصادية والتعاون الاقتصادي في أفريقيا، عام 1976؛ ووثيقة مجلس وزراء المنظمة، وتقرير أمينها العام، في شأن التنمية والتكامل الاقتصادي في أفريقيا؛ وكذلك الإعلان الأفريقي للتعاون والتنمية والاستقلال الاقتصادي، مايو 1973. واستطراداً، فقد جاء التأسيس للجماعة الاقتصادية الأفريقية مدروساً، ونتيجة لخبرة تراكمية من المحاولة والخطأ، من أجْل التغلب على الانتكاسة الاقتصادية، التي تعانيها دول القارة. ووضعت الأهداف والمؤسسات الملائمة لها نسبياً، ووضع إطار، مرحلياً، وزمنياً، لوضع اتفاقية الجماعة موضع التطبيق الفعلي. وقد قطعت تلك الجماعة شوطاً في ما يتعلق بعملية التنفيذ، وربما لو استمرت قوة الدفع والرعاية والمتابعة الصادقة، لكان خيراً لها.

أمّا الاتحاد الأفريقي، فقد أشارت اتفاقية تأسيسه إلى الأخذ في الحسبان الاتفاقية المؤسسة للجماعة الاقتصادية الأفريقية، والاقتناع بالحاجة إلى التعجيل بعملية تنفيذ تلك الاتفاقية؛ بغية تعزيز التنمية: الاجتماعية والاقتصادية، في أفريقيا؛ والتصدي بصورة أكثر فاعلية للتحديات، التي تفرضها العولمة (الديباجة). وجاء ضمن أهداف الاتحاد تنسيق السياسات وموائمتها، بين الجماعات الاقتصادية الإقليمية: القائمة والمستقبلية؛ من أجْل التحقيق التدريجي لأهداف الاتحاد (البند 12، المادة الثالثة، الأهداف). إلا أن الواقع يشير إلى أن هناك نوعاً من إغفال الجماعة الاقتصادية الأفريقية، والسير في اتجاه مواز لاتجاهها، وهو ما يعبِّر عن الازدواجية في التعامل مع القضية الاقتصادية الأفريقية؛ أو في اتجاه ناسخ للدور، الذي كان يُفْتَرَض أن تضطلع به الجماعة، ليس بكونها آلية للتعامل مع الشأن الاقتصادي الأفريقي فحسب؛ وإنما بصفتها المظلة الاقتصادية والأداة التنسيقية كذلك لعمل وأداء الجماعات الاقتصادية الفرعية، والتي من المفترض أن تنتقل، وتنهض بمسائل التكامل الاقتصادي، في المستوى الجزئي، أيْ في مناطقها الإقليمية، إلى مستوى التكامل الاقتصادي، في المستوى الكلي القاري. وتبعاً لذلك، يكون هناك تدرج في تناول القضايا والمشاكل الاقتصادية والتعامل معها، في أفريقيا. أمّا في الوقت الراهن، فإن هناك قدراً من الضبابية، تسيطر على هذا الأمر برمّته؛ وهو ما يعطي انطباعاً ظاهراً باستمرار تغليب المعايير السياسية، مقابل تغييب الضرورات الاقتصادية.

ثانياً: التحديات التي تواجه الاتحاد الأفريقي

تهدِّد استمرار الاتحاد الأفريقي ونجاحه مشاكل عديدة؛ أبرزها النزاعات الداخلية، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وعدم فاعلية التضامن الأفريقي.

1. تحديات التحول

التحول من منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي، مهما تأخر، لن يستغرق كثيراً من الوقت. ولكن انطلاق مسيرة الاتحاد، قد يستغرق سنوات طوالاً؛. خاصة إذا ما ارتبط ذلك بأمور: اقتصادية ومالية، ولا سيما أن 80% من إجمالي ميزانية منظمة الوحدة الأفريقية، كانت تُخصص للمرتبات والبدلات.

ولا ريب أن مجمل التوصيات، الرامية إلى تفعيل الوحدة الأفريقية، سيظل، في المدى القريب، موضع خلافات كثيرة، وعميقة؛ إضافة إلى المعضلات، التي تواجه القارة؛ وأبرزها الفقر، وعدم الديموقراطية، وعدم مراعاة حقوق الإنسان؛ فضلاً عن الأمراض، وفي مقدمتها الإيدز.

2. التحديات: الاقتصادية والسياسية

أ. التحديات الاقتصادية

(1) إن ما تحتاج إليه القارة الأفريقية، في المقام الأول، هو حل مشاكلها الاقتصادية

تتوافر للقارة الأفريقية ثروات وخيرات زاخرة، تعينها على التكامل الاقتصادي؛ ولكنها غير مستغلة. وأصبحت الدول الأفريقية عاجزة عن التعاون على اقتصاد متين، يدعم العلاقات والروابط الاقتصادية بينها، قبل العلاقات السياسية.

كما أن التبعية الاقتصادية، والتبادل التجاري مع الدول الأوروبية، وخاصة تلك التي كانت تستعمر دول أفريقيا، يفرضان أنفسهما فرضاً حاداً على اقتصاديات الدول الأفريقية. كما أن من المشاكل، التي عانتها منظمة الوحدة الأفريقية، وسيعانيها الاتحاد الأفريقي، المشكلة المالية، الناجمة عن عدم دفع العديد من الدول الأفريقية اشتراكات العضوية. وهذه المشكلة وحدها، تعرقل، بطبيعة الحال، نشاط عمل الاتحاد، لاحقاً. فتوافر السيولة أو نقصها، يشير إلى إمكانية تطور الاتحاد الأفريقي، من جماعة، تضم حكومات منفردة؛ إلى هيئة، تتمتع بسلطة تنفيذية، كالتي يتمتع بها الاتحاد الأوروبي. وكذلك ستؤثر قِلة الموارد المالية في أحد أهداف الاتحاد الجديد، وهو إنشاء البنك المركزي الأفريقي.

تسعى القارة، إذاً، إلى تهيئة الظروف الملائمة، التي تمكِّنها من الإسهام في الاقتصاد العالمي، وتعزيز التنمية، وتكامل الاقتصاديات الأفريقية، والتعجيل بتنمية القارة. ولقد اعتمدت الدول الأفريقية خطة تنمية اقتصادية، هي حصيلة إدماج خطتَين معاً:

الأولى: تُسمى: "أُميجا". قدمتها السنغال.

الثانية: تُسمى: "نهضة أفريقيا خلال الألفية". وقدمتها جنوب أفريقيا.

وقد وُحِّدَت الخطتان في صيغة واحدة، تضمنت فاعلية الاتحاد واستمراره في أداء دوره. وقضت بتقديم معونات مكثفة، لإعادة البناء والتنمية بطريقة، تضمن التخلص من العوائق، التي تُعوق استمرار الاتحاد؛ وتشبه، إلى حدّ ما، خطة مارشال، بعد الحرب العالمية الثانية.

(2) أجهزة الاتحاد الأفريقي والتعجيل بإنشاء مناطق التجارة الحرة

حركة التجارة بين الدول الأفريقية، لا تكاد تذكر. ومن ثَم، فإن إنشاء مناطق التجارة في التكتلات الاقتصادية الإقليمية القائمة، سيكون أثره محدوداً جداً. واستطراداً، فإن أجهزة الاتحاد الأفريقي، المتمثلة في لجنة التجارة، ولجنة الشؤون: النقدية والمالية، لا بدّ أن تتولى التخطيط لإنشاء منطقة التجارة الحرة. فتضع أولى اللجنتَين خططاً زمنية، لاستكمال إنشاء مناطق التجارة الحرة بين الجماعات، من الدول الأعضاء في التكتلات الإقليمية. أمّا الثانية، فتهتم بتحديد الأعباء، التي سوف تتحملها حكومات الدول الأعضاء، والمتمثلة في خفض الموارد السيادية. أمّا صندوق النقد الأفريقي، فهو الجهة، التي تنهض بتعويض تلك الدول.

أضف إلى ذلك أن تحقيق منطقة التجارة الحرة الأفريقية، من شأنه أن يسهم في تكامل الأسواق الأفريقية. كما أن توفير قاعدة من المعلومات عن الطلب الأفريقي، بواسطة أجهزة الاتحاد الأفريقي، من شأنه فتح مجالات التصدير أمام المصدرين الأفارقة. ولهذا، فإن الأمر المطروح أمام أجهزة الاتحاد، هو التعجيل بإنشاء مناطق التجارة الحرة، داخل التكتلات الاقتصادية الإقليمية؛ تمهيداً لإنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية.

ب. التحديات السياسية

(1) إن مدى نجاح الاتحاد الأفريقي رهن بوحدة دوله وتضامنها النوعي وإيجاد توازن في ما بينها. وأهم النقاط، التي يجب السعي إلى تحقيقها، هي القضاء على الأزمات الداخلية، والخلافات، والحروب، التي تسود علاقات دول بالاتحاد، مثل: أنجولا، الصحراء الغربية، سيراليون، بوروندي، السودان... ومما لا شك فيه، أن معالجة هذه الموضوعات، سيثبت مدى فاعلية الاتحاد ومقدرته على الصمود.

(2) تكتنف الريبة السياسة الخارجية للاتحاد الأفريقي، وعلاقات أعضائه بالنظام العالمي، في ظل تذبذبها في اختيار كلّ منها حليفها الإستراتيجي؛ ومحاولات بعضها تسخير سياسات الاتحاد لمصالحها. زدْ على ذلك، أن الدول الاستعمارية السابقة، تحاول المحافظة على علاقات جيدة بالقارة. بينما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية إيجاد موطئ قدم في أفريقيا، على حساب بريطانيا وفرنسا.

(3) تحقيق الديموقراطية والشفافية، هو أهم التحديات السياسية للاتحاد الأفريقي، الذي يسعى إلى تكوين نظام ديموقراطي فعال، يعتمد على مؤسساته، التي أضيفت إلى هيكله التنظيمي، مثل برلمان عموم أفريقيا، ومحكمة العدل الأفريقية؛ وهو ما يستوجب وجود أنظمة أفريقية ديموقراطية، أصلاً، تحترم المبادئ الديموقراطية، وحقوق الإنسان.

ثالثاً: دور الاتحاد، في ضوء التكتلات الاقتصادية الإقليمية الحالية

1. التكتلات الاقتصادية الإقليمية الحالية

أ. الجماعة الاقتصادية الأفريقية

(1) أُسِّسَت الجماعة الاقتصادية الأفريقية، بعد سنوات من بدء عمل منظمة الوحدة الأفريقية؛ وذلك بعد ظهور الحاجة إلى تكامل أفريقي، في مستوى القارة، وإدراك القادة الأفارقة وجود عوامل مختلفة، تعوق التنمية المستدامة.

(2) خلال مؤتمر رؤساء الدول والحكومات، في أبوجا، عاصمة نيجيريا، وُقِّعَت المعاهدة المؤسسة للجماعة، والتي دخلت حيز التنفيذ في مايو 1994.

واتفق الموقعون على استكمال العمل التكاملي، خلال 34 عاماً، وفي غضون ست مراحل. وتستهدف الجماعة:

·   النهوض بالقارة اقتصادياً، وتحقيق التكامل الاقتصادي.

·   التعاون والتنمية، في جميع المجالات.

·   التنسيق بين سياسات التجمعات الاقتصادية المختلفة.

·   إنشاء منطقة تجارة حرة، ثم اتحاد جمركي، ثم سوق أفريقية مشتركة.

ب. تجمُّع تنمية الجنوب الأفريقي (سادك)

سُمِّي التجمع: مؤتمر تنسيق تطوير الجنوب الأفريقي. واستُبْدِل به، في أغسطس 1992، اسم: سادك. ويبلغ عدد الأعضاء 14 دولة. وتستهدف الجماعة:

·   تحقيق التنمية، والنمو الاقتصادي، وتحسين مستوى المعيشة، في الدول الأعضاء.

·   تأكيد التكامل في السياسات والبرامج المحلية.

·   تعظيم الاستفادة من الموارد: الاقتصادية والبشرية.

·   تعزيز وسائل الحماية والدفاع والأمن.

ج. اتحاد المغرب العربي

أُسِّس التجمع في 17 فبراير 1989، بموجب معاهدة مراكش، الموقعة بالمغرب. ويشمل دول المغرب العربي، وموريتانيا. ويستهدف:

·   تحقيق التنمية، في المجالات: الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية، بين الدول الأعضاء.

·   إنشاء مشروعات مشتركة.

·   إقامة تعاون، في مجال التعليم والثقافة، وإنشاء مؤسسات: جامعية وثقافية، متخصصة.

·   صيانة استقلال كلّ الدول الأعضاء، واتخاذ سياسة دفاعية مشتركة.

د. تجمُّع دول الساحل والصحراء

خلال اجتماع، في طرابلس، بليبيا، في الفترة من 4 إلى 6 فبراير 1998، وقعت الدول الست المؤسسة المعاهدة المنشئة. ووصل عدد الدول المشاركة، حالياً، إلى 23 دولة. ويستهدف التجمع:

·   إقامة اتحاد اقتصادي، من خلال خطط تنموية للدول الأعضاء.

·   ضمان تحرك رؤوس الأموال والأشخاص، بين دول التجمع الأعضاء.

·   التنسيق في المجالات: العلمية والتكنولوجية والتعليمية والثقافية.

·   تنظيم التعاون، في مجالات مقاومة التهريب، والهجرة غير المشروعة، وتجارة المخدرات.

هـ. السوق المشتركة لشرقي أفريقيا وجنوبيها (الكوميسا)

وُقعت الاتفاقية المنشئة للسوق، في كمبالا، عاصمة أوغندا، في نوفمبر 1994. ولكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا في ديسمبر من العام نفسه. ويضم التجمع 19 دولة. وقد حقق عدة خطوات مهمة، مثل إنشاء منطقة تجارة حرة، عام 2000؛ ومن المنتظر أن يدخل الاتحاد الجمركي حيز التنفيذ في عام 2008. وتستهدف الكوميسا:

·   التنمية المشتركة للأعضاء، في مجالات النشاط الاقتصادي، وتنمية وتطوير العلوم والتكنولوجيا.

·   بَسْط الأمن والسلام والاستقرار في الدول الأعضاء.

·   تحقيق معدل نمو اقتصادي ثابت، مع الإسهام في تحقيق أهداف الجماعة الاقتصادية الأفريقية.

و. الجماعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا (الإيكواس)

أُسِّسَت في مايو 1975، بموجب معاهدة لاجوس. ويبلغ عدد أعضائها، حالياً، 15 عضواً، بعد انسحاب موريتانيا. وتستهدف الجماعة:

·   زيادة الاستثمارات، وفتح الأسواق، بين الدول الأعضاء.

·   تعزيز وسائل الدفاع المشترك (قوات الإيكوموج).

·   حرية انتقال رؤوس الأموال والأشخاص، بين الدول الأعضاء.

·   المسارعة في التكامل الاقتصادي، وزيادة مستوى التعاون السياسي، بين الأعضاء.

·   تعجيل عملية التنمية والاندماج في الإقليم.

ز. الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (الإيكاس)

أُسِّسَت في أكتوبر 1983. وتضم 11 دولة من دول إقليم وسط أفريقيا. وتُعَدّ من أضعف منظمات القارة وأشدها تعرضاً للصراعات. وتستهدف الجماعة:

·   إنشاء اتحاد جمركي بين الدول الأعضاء.

·   تحرير التجارة بين دولها، وإزالة معوقات التجارة البينية.

ح. الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد)

أُسِّسَت عام 1996. وقد حلت محل الهيئة غير الحكومية للتنمية لمواجهة الجفاف. وتشتمل على 7 دول أعضاء. وتستهدف:

·   تنسيق السياسات، الخاصة بالتجارة والجمارك والنقل والمواصلات والزراعة.

·   تحقيق الأمن الغذائي الإقليمي، ومكافحة الجفاف والكوارث الطبيعية.

·   بَسْط السلام والاستقرار، وتسوية المنازعات.

·   تدعيم التعاون، في مجالات التنمية وتطبيقات العلم والتكنولوجيا.

2. العلاقة بين الاتحاد الأفريقي والتكتلات الاقتصادية الحالية

أ. تتلخص علاقتهما في إسهام الاتحاد في تحويل التجارة المحتملة إلى تجارة فعلية، داخل التكتلات الاقتصادية الإقليمية، في أقاليم القارة الخمسة؛ على الرغم من اختلاف فاعليتها باختلاف ظروف كلّ إقليم.

وقد نص مشروع القانون التأسيسي، المنشئ للاتحاد الأفريقي، على أهداف، لها صلة مباشرة بالمجال الاقتصادي، وهي التي ستعمل على تدعيم ودفع الأنشطة الاقتصادية؛ للنهوض بالقارة وتنميتها، وتحقيق الأهداف والغايات الاقتصادية. ولن يستطيع الاتحاد الأفريقي أن يضطلع بهذه المهمة، إلا بتكامله مع التكتلات الاقتصادية الإقليمية.

ب. من أهم أهداف الاتحاد، المتصلة مباشرة بالتنمية والتكامل الاقتصادي، ما يلي:

·   تعزيز التنمية المستدامة، في المستويات: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكامل الاقتصادات الأفريقية.

·   تنسيق السياسات وموائمتها، بين الجماعات الاقتصادية الإقليمية؛ من أجْل أهداف الاتحاد.

·   التعجيل بتنمية القارة، من طريق تعزيز البحث في المجالات كافة، وخاصة العلم والتكنولوجيا.

ج. إن العلاقة بين الاتحاد الأفريقي والتكتلات الاقتصادية، تتولَّى تنسيقها تلك التكتلات نفسها، ولجان الاتحاد الفنية المتخصصة، التي حددتها المادة الرابعة عشرة من مشروع قانونه التأسيسي؛ وهي:

·   لجنة الاقتصاد الريفي والمسائل الزراعية.

·   لجنة الشؤون: النقدية والمالية.

·   لجنة التجارة والجمارك والهجرة.

·   لجنة النقل والمواصلات والسياحة.

·   لجنة الصناعة والعلم والتكنولوجيا والطاقة، والموارد الطبيعية.

أضف إلى ذلك المصرف المركزي الأفريقي، صندوق النقد الأفريقي، المصرف الأفريقي للاستثمار.

ويؤمل أن تعجِّل تلك العلاقة بتحقيق التكامل الاقتصادي الأفريقي؛ إضافة إلى التعجيل بتحقيق التنمية المتوازنة، المستدامة.

رابعاً: تقييم الدور الاقتصادي للاتحاد الأفريقي، في ضوء التكتلات الحالية

1. إن إحداث تغييرات جوهرية في هيكل الإنتاج، في الدول الأفريقية، ليس مسألة يسيرة؛ واستطراداً، فإن التجارة البينية بين التكتلات، لا تكاد تُذْكَر. وعلى هذا، يُناط بهياكل الاتحاد الأفريقي: الاقتصادية والمالية، أن تسهم إسهاماً كبيراً في تنشيط تلك التجارة البينية؛ لتحقيق التنمية الاقتصادية للقارة. وهو ما لم تظهر نتائجه، حتى الآن.

2. إن مناطق التجارة الحرة، التي تعتزم التكتلات الاقتصادية القائمة إنشاءها، سوف يكون تأثيرها محدوداً؛ لنزارة التجارة البينية بين تلك التكتلات. لذلك، لا بدّ لجهازي الاتحاد الأفريقي، المتمثلَين في لجنة التجارة، ولجنة الشؤون: المالية والنقدية، أن يسارعا إلى التخطيط لإنشاء مناطق التجارة الحرة، والتعجيل بالتبادل التجاري، لتحقيق الأهداف المرجوة. ويُعتقد أن الاتحاد الأفريقي، قد بدأ باتخاذ الخطوات اللازمة، وحقق زيادة، ولو ضعيفة، في معدلات التبادل؛ والأمل أن يَطَّرد ازدياد التبادل التجاري.

3. يناط بالاتحاد الأفريقي، ولجانه المتخصصة، العمل على تكامل وسائل النقل والمواصلات، بين دوله الأعضاء. وطالما افتقرت أفريقيا إلى هذه البنية التحتية، التي تُعَدّ وسيلة أساسية للتبادل التجاري، المؤثر في زيادة القدرات الاقتصادية ومعدل التنمية. وعلى هذا، فإن على الاتحاد الأفريقي أن يدرك، أن إنشاء بنية أساسية، في مجالات النقل والمواصلات والاتصالات، هو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. فتحقيق هذا الهدف، إذاً، هو أكبر التحديات لتنمية أقاليم القارة.

4. لا يمكن تقييم الاتحاد الأفريقي، تقييماً شاملاً، في ظل التكتلات الاقتصادية الإقليمية؛ والمعوقات التنموية للقارة، والتي تتلخص في استمرار الصراعات والحروب الأهلية؛ وعدم وجود ديموقراطيات كاملة في معظم دولها. كما أن عدم الشفافية، والفساد المستشري في كثير من دول القارة، يعملان على إعاقة التنمية فيها؛ ما يعني عدم إمكانية قيام الاتحاد الأفريقي بدوره كاملاً، طبقاً للأهداف الواردة في قانونه التأسيسي.