إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / إعلان دمشق









المبحث الأول

المبحث الثاني

أحداث إعلان دمشق خلال عامي 1993، 1994

أولاً: أحداث إعلان دمشق خلال عام 1993

1. إحياء "إعلان دمشق"

    حفل عام 1993 بمحاولات جادة لإحياء"إعلان دمشق"، منها اجتماع وزراء مالية واقتصاد دول"إعلان دمشق"، في الدوحة بتاريخ 18 مايو 1993، وهو خطوة لوضع حدٍ لكل ما ثار من شكوك وجدل حول تنفيذ ما جاء به الإعلان، والتي انصب أكثرها على تنفيذ الشق الاقتصادي منه، وتعزيز التعاون مع دول عربية أخري. وتقدمت الأمانة العامة لدول المجلس الخليجي الست في الاجتماع، بمشروع بروتوكول تنفيذي"لإعلان دمشق"، حول الأمن المتبادل، والتعاون بين الدول العربية، يتضمن في الفصل الثاني منه ثلاث مواد تتعلق بالتعاون الاقتصادي. وعرضت مصر وسورية تصورهما حول بعض نصوص المشروع، وتم تحديد الموارد المالية اللازمة لتنفيذ الجانب الاقتصادي للإعلان في برنامج مجلس التعاون لدول الخليج بنحو 6.5 مليار دولار، في شكل حصص تلتزم بها الدول الأعضاء في المجلس، وتحددت مدة البرنامج بعشر سنوات، وانتهى الاجتماع بـ 6 توصيات:

أ. تحرير التبادل التجاري بين الدول العربية استناداً إلي اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية التي وافق عليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية بقراره رقم 848 في 27 ديسمبر 1981.

ب. رفع كفاءة أداء المؤسسات الاقتصادية العربية استناداً إلي قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي في دورته الاستثنائية التي عقدت في عُمان في شهر يوليه عام 1988 بشأن تطوير مؤسسات العمل الاقتصادي العربي.

ج. تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية في الدول العربية تطبيقاً للفقرة(ج) من الأهداف الاقتصادية الواردة في"إعلان دمشق".

د.  توفير وتعزيز سبل الاتصال بين فعاليات القطاع الخاص في الدول العربية مع الترحيب بانعقاد مؤتمر رجال الأعمال والمستثمرين العرب في دمشق في الفترة من 17 ـ 20 مايو 1993.

هـ. تشجيع القطاع الخاص على إقامة المشروعات المشتركة في الدول العربية.

و. تأمين سبل الاتصال بالمؤسسات التمويلية والإنمائية الإقليمية والدولية لدعم برامج ومشاريع التنمية العربية بما في ذلك ما يقوم بتمويله برنامج مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدعم جهود التنمية الاقتصادية في الدول العربية (أُنظر ملحق نص محضر اجتماع وزراء مالية واقتصاد دول "إعلان دمشق"، الدوحة، 18 مايو 1993م).

2. حل خليجي وسط لعقدة التعاون العسكري

    واجه الجانب العسكري من مبادئ"إعلان دمشق" معارضة إيرانية علنية وسرية، كما واجه تحفظات من بعض دول مجلس التعاون نفسها، التي عقدت اتفاقات عسكرية ذات أبعاد أمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض دول أوروبا الغربية، وتري هذه الدول أن المتغيرات والحقائق الجديدة التي حدثت في منطقة الخليج، فضلاً عن الشرق الأوسط كله، تجاوزت الجانب العسكري في مبادئ"إعلان دمشق"، وأزالت الحاجة إلي تنفيذها، وطرح وزراء خارجية دول مجلس التعاون الست صيغة تم الاتفاق عليها بينهم، وهي إطلاق الحرية لكل دولة خليجية على حدة لتتخذ الموقف، الذي تراه مناسباً في ما يتعلق بمبدأ التعاون العسكري الذي نص عليه الإعلان، على أن يجري الاتفاق، في شأن وضع هذا المبدأ موضع التنفيذ، بصورة ثنائية بين الدول المعنية وكل من مصر وسورية على حدة، أمَّا بخصوص مبادرة العرفان تجاه مصر وسورية لوقوفهما مع دول الخليج ضد الغزو العراقي الغاشم للكويت، وتأمينهما تغطية سياسية عربية للحملة العسكرية الدولية، فإن الجوانب الاقتصادية والمالية من الإعلان هي الوسيلة الفضلى للتعبير عنها، وهذه الجوانب تنفذ على قدم وساق، من دون أي مشكلة تذكر.

3. اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق" بأبو ظبي في 12 ـ 13 يونيه 1993

    يُعَدّ هذا الاجتماع، هو الاجتماع السابع لوزراء خارجية دول"إعلان دمشق". وقد عُقد بأبو ظبي في 12 يونيه 1993، وافتتح الاجتماع السيد "راشد عبدالله" وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة بكلمة أكد فيها أهمية هذا الاجتماع، وطالب بترجمة دعوة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات، إلي التسامح ووأد الخلاف، بين الأشقاء العرب، في تضامن عربي حقيقي يقوم على أسس سليمة في مواجهة التحديات، التي تواجه الأمة العربية.

أ. أبو ظبي . . ."لجنة لوضع آلية تنفيذ مبادئ إعلان دمشق".

    أعطي وزراء خارجية دول "إعلان دمشق" في ختام اجتماعات أبو ظبي تأكيدات جديدة بأن"الإعلان" كائن حي يتمتع بكامل قوته، ولابد من وضع آلية لتفعيل خطواته"، واتفقوا على تشكيل لجنة من الدول الأعضاء لوضع " بروتوكول " لتنفيذ مبادئ الإعلان، وإعطاء خصوصية محددة للعلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي الست وكل من مصر وسورية، في إطار العمل العربي الجماعي، وأن مهمة اللجنة (الخبراء) وضع هيكل البروتوكول في إطار تنظيمي، لأنه سيحدد شكل العلاقة السياسية والاقتصادية بين الدول الثماني، وإنشاء جهاز فني للتنظيم والإشراف والمتابعة.

    وفضل وزراء الخارجية ترك موضوع العلاقات العربية ـ العربية للدول الأعضاء لمعالجتها في إطار ثنائي إلي حين بلورة التوجه العربي، لتحقيق التضامن العربي على أسس جديدة، تكون مبادئ"إعلان دمشق" هيكله الأساسي، ومن هذا المنظور، ارتأى وزراء الخارجية الثمانية تأجيل بحث موضوع انضمام لبنان إلي عضوية"الإعلان"، على أن تجري الدول الأعضاء مشاورات خلال الأشهر الستة التي تفصل اجتماع أبو ظبي عن اجتماع دمشق.

ب. البيان الختامي لاجتماع أبو ظبي

    صدر البيان الختامي لاجتماع أبو ظبي في 13 يونيه 1993، وتم فيه التأكيد على المواقف السابقة لدول الإعلان، إزاء القضايا الإقليمية والعربية والدولية الراهنة، وغطى الجوانب المختلفة للعلاقات مع إيران، وأكد على أهمية قيام علاقة متكافئة بين الجانبين تضمن السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وحق الإمارات التاريخي والقانوني في جزرها الثلاث، طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، واستئناف الحوار بين دولة الإمارات وإيران لحل المشاكل المعلقة بالوسائل السليمة. نص البيان لاجتماع أبو ظبي (أُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول إعلان دمشق، أبو ظبي، يومي 22 و23 ذي الحجة 1413هـ، الموافقيُن 12 و13 يوليه 1993م).

ثانياً أحداث إعلان دمشق خلال عام 1994

    شهد عام 1994م ثلاثة اجتماعات لوزراء خارجية دول إعلان دمشق في دمشق، الكويت، القاهرة، للتنسيق والتعاون لتنفيذ بنود إعلان دمشق، وتنشيط دوره، ومواجهة أوضاع وأزمات عربية في مقدمتها الحرب في اليمن، الحشود العراقية على الحدود الكويتية، النزاع بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإيران على الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، بالإضافة إلى بحث تطورات الوضع في الصومال وأفغانستان، والأوضاع المأساوية في جمهورية البوسنة والهرسك.

1. اجتماع وزراء خارجية "إعلان دمشق" بسورية في 9 ـ 10 يناير 1994

    اجتمع وزراء دول الإعلان في العاصمة السورية دمشق، لتقويم مسيرة الإعلان، والصعوبات التي اعترضتها، ودراسة الخطوات العملية الكفيلة بتفعيل مبادئ الإعلان، وتنفيذ بنوده تعزيزاً للتعاون بين دوله في مختلف المجالات، وبحث الأوضاع الإقليمية والدولية، وخصوصاً تطورات عملية السلام في ضوء لقاء القمة، بين الرئيس السوري حافظ الأسد والأمريكي بل كلينتون في جنيف.

    وصدر البيان الختامي لاجتماعات العاصمة السورية، وفيه تم الترحيب بخطوات التعاون الاقتصادي بين الدول الثماني، والتضامن الكامل مع سورية، ومساندة جهود السلام، وتأييد موقف الإمارات من قضية الجزر، ودعم الكويت، والاتفاق على تنفيذ ما جاء بـ"إعلان دمشق"، وتنشيط دوره في المرحلة القادمة، وأعربوا عن ارتياحهم لما تم تنفيذه من توصيات اجتماع أبو ظبي، على صعيد بروتوكولات التعاون الاقتصادي. وجدد وزراء خارجية الإعلان، مطالبة النظام العراقي باحترام شروط وقف إطلاق النار، وتنفيذ كافة بنود قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، واحترام سيادة واستقلال دولة الكويت وحدودها الدولية، وتابع الوزراء باهتمام بالغ دعوة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلي إجراء حوار مباشر بينهما فيما يتعلق بمشكلة الجزر الثلاث، ودعوا إيران للاستجابة للدعوة الهادفة لحل هذا الخلاف بالطرق السلمية، تمشياً مع القوانين والأعراف الدولية، ومبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل بين الدول، وعبر الوزراء عن قلقهم البالغ لتطورات الوضع في أفغانستان، وناشدوا كافة القيادات تغليب المصلحة الوطنية، حفاظاً على مصالح الشعب الأفغاني، وطالبوا مجلس الأمن بعدم رفع العقوبات عن الصرب، حتى يحترم قرارات الشرعية الدولية، ورفع حظر السلاح عن جمهورية البوسنة والهرسك.النص الكامل لبيان اجتماعات العاصمة السورية دمشق (أُنظر ملحق نص البيان الختامي الصادر عن اجتماع وزارء خارجية دول "إعلان دمشق"، يومي 27 و28 رجب 1414 هـ، الموافقيُن 9 و10 يناير 1994م).

2. اجتماع وزراء خارجية دول الإعلان في الكويت (يوليه 1994م)

    عقد وزراء خارجية دول إعلان دمشق اجتماعهم التاسع في الكويت يومي 5 و6 يوليه 1994م في إطار أوضاع وأزمات عربية في مقدمتها الحرب الدائرة في اليمن، ومشكلة جزر الإمارات الثلاث التي استولت عليها إيران، والأوضاع الأمنية في منطقة الخليج.

    وبدأت الاجتماعات برئاسة الشيخ صباح الجابر الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير خارجية الكويت، وناقشت الوضع الاقتصادي العربي، وإمكانية توفير مبلغ 10 مليارات دولار من دول الخليج، للاستعانة بها في إقامة مشروعات اقتصادية وتنموية في مصر وسورية، والأوضاع الأمنية في منطقة الخليج.

3. دول "الإعلان" ترحب بقرار محكمة العدل في الخلاف البحريني ـ القطري

    اختتم وزراء خارجية دول"إعلان دمشق" دورتهم التاسعة في الكويت يوم 6 يوليه 1994، بإصدار بيان سياسي شامل حول موقف الدول الثماني تجاه مجمل الأوضاع العربية والدولية، ورحبوا بصدور قرار محكمة العدل الدولية في أول يوليه 1994 حول الخلاف بين قطر والبحرين، وعبروا عن ارتياحهم لترحيب البلدين بالقرار الصادر عن المحكمة، مؤكدين حل الخلافات بالطرق السلمية وعلى أساس القانون الدولي. النص الكامل للبيان (أُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، الكويت، يومي 5 و6 يوليه 1994م) و(ملحق نص بيان اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، في شأن الوضع في اليمن، الكويت، 6 يوليه 1994).

4. تحذير باتخاذ خطوات جادة لوقف إطلاق النار باليمن

    وجه وزراء خارجية دول"إعلان دمشق"، في ختام اجتماعاتهم بالكويت تحذيراً من استمرار القتال في اليمن، لأن اتساع نطاق العمليات العسكرية مؤشر لتدخلات خارجية، ويشكل مخاطر على مصالح الدول العربية عموماً، ودول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً، وأكدوا أن استمرار القتال سيفرض على دولهم اتخاذ خطوات جادة لوقف إطلاق النار، كما سيفرض على دولهم اتخاذ الخطوات التي يرونها مناسبة للتعامل مع الحقائق المستجدة إسقاطاً لحجة استمرار الحرب أياً كانت المبررات، وحفاظاً على المصالح اليمنية والعربية. ودعا وزراء خارجية دول"الإعلان" إلي التنفيذ الفوري لقرار مجلس الأمن الخاص بالمشكلة اليمنية، وكذلك الاتفاق الموقع بين طرفي الأزمة في موسكو، والتي تقضي جميعها بوقف العمليات العسكرية، وسحب القوات بعيداً عن المدن والتجمعات السكانية، والسماح للمراقبين بممارسة مهامهم واللجوء إلي الحوار السلمي، وقرروا إرسال مساعدات إنسانية عاجلة للسكان في عدن، وناشدوا المجتمع الدولي المشاركة في إرسال المساعدات المطلوبة، نظراً لما تعانيه المدينة من نقص حاد في مواد المعيشة والعلاج والمياه بما يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة.

5. مبادرة الرئيس العراقي صدام حسين (14 يوليه 1994)

    لم يطرأ أي تغير على الموقف العراقي، حتى منتصف يوليه عام 1994، عندما طرح الرئيس العراقي مبادرته في 14 يوليه 1994، بمناسبة الذكرى الـ 26 لتسلم السلطة في العراق، حول العلاقات مع الكويت وعرض على البلدان العربية المعادية لبغداد، ولا سيما منها بلدان الخليج، الأمن والسلام إذا غيرت مواقفها. كما أعلن في العاشر من نوفمبر 1994 اعترافه باستقلال الكويت وسيادتها وحدودها، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 833، للعام 1961. وطالب صدام حسين في رسالتين، أرسلهما إلى الرئيس مبارك والملك الحسن الثاني، بوساطة عربية لحل خلافاته مع دول الخليج مؤكداً استعداده للتجاوب، مع كل قرارات مجلس الأمن.

          وعلى الرغم من تأكيد الأمين العام، الدكتور عصمت عبدالمجيد، ضرورة استكمال هذه الخطوة العراقية المهمة بخطوات أخرى، وضرورة تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، إلا أنه اقترح تشكيل لجنة ثلاثية من وزراء الخارجية العرب للاتصال بالبلدان الأعضاء، والوقوف على آرائها حول سبل تحقيق المصالحة العربية، في الظروف الراهنة.

    وقد لقيت هذه الخطوة العراقية تقديراً في البيان الختامي الصادر عن القمة الخليجية الـ15، (قمة المنامة في ديسمبر 1994) الذي أشار إلى أن دول المجلس ترى في الاعتراف العراقي بسيادة الكويت خطوة في الاتجاه الصحيح، نحو تنفيذ العراق لكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بغزو الكويت، لا سيما ما يتعلق بمشكلة الأسرى والمحتجزين الكويتيين ومن رعايا دول أخرى وبإعادة الممتلكات والتعويضات. وهو الموقف نفسه الذي أكده البيان الختامي الصادر عن القمة الثلاثية في الإسكندرية، في أواخر ديسمبر 1994، كما أكدته البيانات الصادرة عن الاجتماعات المختلفة، في إطار مجلس التعاون الخليجي وإعلان دمشق طوال عام 1995.

    وكانت العلاقات العراقية مع كل من عمان وقطر والبحرين والإمارات قد شهدت انفراجاً في أوائل عام 1994. كما شهدت العلاقات المصرية ـ العراقية انفراجا محدوداً في النصف الثاني من عام 1994.

6. أحداث ما قبل اجتماع القاهرة في 19 أكتوبر 1994

    عقد مجلس الأمن اجتماعاً يوم الاثنين الموافق 17 أكتوبر 1994، للاستماع إلي تقرير عن نتائج المباحثات التي أجراها أندريه كوزيريف، وزير خارجية روسيا، في منطقة الخليج. وكان المجلس قد أصدر قراراً بانسحاب القوات العراقية فوراً من منطقة الحدود مع الكويت، وتكثيف المساعي الدبلوماسية لاحتواء التوتر الذي سببته هذه القوات في منطقة الخليج.

أ. عقد البرلمان العراقي لجلسة طارئة

    عقد المجلس الوطني العراقي(البرلمان) جلسة طارئة ليوم 17 أكتوبر 1994 لمناقشة ما جاء به قرار مجلس الأمن من ضرورة أن يعلن العراق اعترافه رسمياً بالحدود الكويتية، من خلال إجراءات دستورية كاملة، وأنهي أعمال جلسته، من دون الإفصاح عما إذا كان قد ناقش مسألة الاعتراف بالكويت داخل حدودها، التي حددها مجلس الأمن، ولكنه اكتفي بمناقشة الموقف على الساحتين العربية والدولية.

ب. بين دول مجلس التعاون الخليجي وحلفائها

    تم إجراء اتصالات مكثفة، بين دول مجلس التعاون الخليجي وحلفائها، بخصوص الاعتراف العراقي بالحدود الكويتية، والشروط المطلوبة لإضفاء القانونية والشرعية على الاعتراف، واتفقوا على أربعة شروط لقبول الاعتراف العراقي، وهي:

(1) أن تكون وثيقة الاعتراف الرسمي بالكويت وحدها طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم 833.

(2) أن تصدر وثيقة الاعتراف من صدام حسين، وبتوقيعه، شخصياً.

(3) أن يصدق عليها مجلس قيادة الثورة، والمجلس الوطني العراقي (البرلمان).

(4) أن يتم نشرها بالجريدة الرسمية العراقية.

ج. اجتماع وزيري خارجية أمريكا وروسيا

    اجتمع كريستوفر وكوزيريف، في 17 أكتوبر 1994، لبحث الأزمة في الخليج (الحشود العراقية بالقرب من الحدود الكويتية)، وتسوية الخلافات بين واشنطن وموسكو، حول الإجراءات التي ستتخذ في المستقبل في المنطقة، وأعلن الوزير الروسي، بعد الاجتماع، أنه اتفق مع كريستوفر على عدة نقاط، من بينها الاتفاق على منع العدوان، والالتزام العراقي بكل قرارات مجلس الأمن، وفي مقدمتها الاعتراف بالكويت، وضمان أمن دول المنطقة وحدودها، وأكد كوزيريف أنه يتعين على مجلس الأمن الاستعداد لرفع الحظر على البترول العراقي في غضون ستة أشهر، إذا ما تعاونت حكومة بغداد مع مفتشي الأمم المتحدة الذين يراقبون تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية، وكذلك بحث مسألة أشكال الحظر الأخرى المفروضة على العراق.

د. إعلان الموقف الفرنسي من المعالجة الأمريكية للأزمة

    استمراراً للخلافات بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، حول معالجة الأزمة في الخليج، أعلنت فرنسا، على لسان وزير خارجيتها ـ في ذلك الوقت، ألان جوبيه:"إن الأمم المتحدة، وليس الولايات المتحدة، هي المنوطة لتقرير استخدام القوة العسكرية ضد العراق، إذا لم تلتزم حكومة بغداد بقرار مجلس الأمن الداعي لانسحاب القوات العراقية من المنطقة القريبة من الكويت بجنوب العراق".

هـ. الموقف الأمريكي من الحشود العراقية على الحدود الكويتية

    أعلنت الحكومة الأمريكية على لسان مادلين أولبرايت، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، في ذلك الوقت، "إن القوات الأمريكية ستبقي حتى ينتهي التهديد العراقي"، وأعطت الرئيس العراقي صدام حسين، مهلة يومين لإنهاء انسحابه، من منطقة الحدود مع الكويت، وكان لا يزال هناك لواءان عراقيان قرب الناصرية على مسافة 144 كم من الكويت.

7. اجتماع القاهرة في 18 ـ 19 أكتوبر 1994

    دعت القاهرة إلي اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول"إعلان دمشق"، استجابة للأحداث التي استجدت على الساحة العربية(الحشود العراقية على الحدود الكويتية)، وكان لها تأثيرها المباشر على الأمن العربي، والتي تمثل انتهاكاً لقواعد الشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن الصادرة خلال الأزمة، وتمثل، كذلك، انتهاكاً لمبدأ وحدة الأرض والسلامة الإقليمية للكويت.

    وفي ختام الاجتماعات أكد وزراء الخارجية رفضهم للعدوان أو التهديد به، في التعامل بين الدول، وتأييدهم الكامل لاستقلال الكويت، ووقوفهم الحازم إلي جانبها، وتضامنهم التام في الحفاظ على أمنها وسلامتها، وسيادتها، ودعمهم للإجراءات التي تتخذها في هذا الشأن، وطالبوا العراق بالاعتراف الكامل وغير المشروط بسيادة الكويت وحدودها اعترافاً موثقاً، وفقاً للقنوات الدستورية، ومقترناً بالضمانات الدولية، الواردة في المقررات الدولية. النص الكامل لبيان اجتماعات القاهرة (أُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، القاهرة، يومي 18 و19 أكتوبر 1994).

أ. قمة الإسكندرية وجهود المصالحة وتنشيط الإعلان

    انعقدت القمة العربية المصغرة في الإسكندرية، يومي 28 و29 ديسمبر 1994، وضمت كلاً من الملك فهد بن عبدالعزيز والرئيسين حافظ الأسد وحسني مبارك. خرجت القمة باتفاق وتنسيق حول عدد من القضايا الرئيسية من بينها: دعم الموقف السوري في عملية السلام، وتبنى أسلوب موحد للتعامل مع إسرائيل سياسياً واقتصادياً وتفعيل وتنشيط"إعلان دمشق" وتطوير الجامعة العربية، وإيجاد رؤية مشتركة للتعامل مع القضايا العربية، وفي مقدمتها قضية المصالحة على أسس تراعي المصالح العربية وناقشت القمة تحديداً قضية لوكيربي، وقضية أسلحة الدمار الإسرائيلية، وقضية القدس والأوضاع في الأراضي المحتلة.

    وتُعَدّ قمة الإسكندرية محطة مهمة في التفاعلات العربية ـ العربية من زاويتين الأولى، أنها بحثت آليات وضع أسس لتحقيق المصالحة العربية ولو في حدها الأدنى، وقد عُدَّ هذا الأساس الذي استندت إليه جهود تحقيق المصالحة خلال عام 1995. والثانية أنها تناولت التنسيق المصري ـ السعودي ـ السوري لإدخال"إعلان دمشق" إلى مرحلة التطبيق. وتشير التطورات التي حدثت عام 1995، في هذا الصدد، إلى أن القمة كانت قوة دفع للإعلان، كما سيتضح ذلك بالإضافة إلى تأكيد وتعزيز الدور الذي تضطلع به جامعة الدول العربية ومؤسساتها لتبقى المنظمة العربية الأم، التي تصب فيها كل روافد العمل العربي المشترك، توافقاً مع الأغراض التي تضمنها ميثاق الجامعة.

    وحدد البيان الختامي الصادر عن القمة متطلبات تعزيز التضامن والعمل العربي المشترك وهي: تعزيز جهود الدول العربية المعنية لحل مشاكلها الثنائية بالوسائل السلمية وإصلاح الخلل الناجم عن غزو العراق للكويت، وما يقتضيه ذلك من تأكيد الدول العربية احترامها الشرعية العربية والدولية، والتزامها التزاماً جاداً ومخلصاً بميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، وضرورة أن يستكمل العراق الخطوة التي اتخذها باعترافه باستقلال الكويت وحدودها، وذلك بالالتزام الكامل بجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة حتى يتسنى رفع المعاناة عن الشعب العراقي، وتوفير المناخ الملائم لتعزيز الأمن والاستقرار في العالم العربي.

ب. انفراج العلاقات العربية بين دول إعلان دمشق ودول الضد

    كان الانفتاح الكويتي على المغرب العربي عاملاً مهماً في طي صفحة الخلاف مع كل من تونس والجزائر وموريتانيا، حيث قام الشيخ صباح الأحمد الصباح، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي، بزيارة الدول الثلاث إلى جانب المغرب في أواخر شهر أبريل عام 1994، أشار خلالها إلى أن الكويت لا تعتبر هذه الدول من"دول الضد"، على الصعيد الرسمي، باعتبار أن المواقف المؤيدة للعراق صدرت عن الأحزاب والمنظمات الشعبية في هذه البلدان.

    اتخذ وزير الداخلية الكويتي الشيخ على سالم الصباح قراراً في منتصف مايو 1994، يسمح لمواطني الدول الثلاث بدخول الكويت، والحصول على أذون عمل، انسجاماً مع الانفراج في العلاقات الثنائية مع حكومات هذه الدول، خلال جولة وزير الخارجية.

    وعلى الرغم من اللقاء الذي جرى، بين وزيري خارجية الكويت والسودان، في القاهرة، على هامش أعمال الدورة 101 لمجلس الجامعة العربية في أواخر مارس 1994، وهو الأول من نوعه منذ أزمة الخليج، فإن العلاقات بين البلدين لم تُستأنف حتى نهاية عام 1995. بل إن الجولة الخليجية التي قام بها وزير الخارجية السوداني، في منتصف يوليه 1995، لم تمتد لتشمل الكويت، في حين أنه زار بقية دول مجلس التعاون الأخرى.

    وعلى الرغم من هذه الجولة، لم تشهد العلاقات السودانية ـ الخليجية تحسناً كبيراً. ولكنها شهدت دفعة قوية بتوقيع مذكرة للتفاهم السياسي بين السودان وسلطنة عمان، في منتصف يونيه 1995، وتتضمن هذه المذكرة قيام إطار منتظم للتشاور السياسي بين البلدين، في قضايا السياسة العربية والدولية. وعلى الرغم من أن هذا التطور لم يؤد إلى تحسن سريع في العلاقات مع بقية دول المجلس، إلا أن جولة وزير الخارجية السوداني تشير إلى تصميم السودان على إجراء حوار منتظم مع دول الخليج.

    دخلت العلاقات اليمنية ـ الخليجية مرحلة جديدة، في أعقاب الحرب الأهلية في اليمن، في منتصف عام 1994. وكان تطبيع العلاقات بين الرياض وصنعاء الذي عبر عنه البيان المشترك في العاصمتين في مطلع عام 1995، مقدمة لانفتاح اليمن على بقية دول المجلس، باستثناء الكويت. ويشير البيان المشترك إلى اتفاق الجانبين على احتواء التوتر في منطقة الحدود، وعدم اللجوء إلى استخدام القوة لحل المشكلات الحدودية.

    كانت العلاقات اليمنية ـ السعودية قد تدهورت، خلال الحرب الأهلية اليمنية، بعد أن اتهم بيان صدر عن مجلس الوزراء السعودي في 8 يوليه 1994، في أعقاب سقوط عدن في أيدي القوات الحكومية اليمنية، حكومة صنعاء، بعدم الالتزام بقراري مجلس الأمن 931 و942، اللذين يقضيان بوقف فوري لإطلاق النار والرجوع، من دون شروط مسبقة، للحوار لحل الأزمة اليمنية. ورد الرئيس اليمني على عبدالله صالح، على هذا الاتهام بتوجيه رسالة إلى الملك فهد بن عبدالعزيز، أكد فيها حرص اليمن على فتح صفحة جديدة من العلاقات مع المملكة العربية السعودية على أساس حسن الجوار وحل المشكلات الحدودية من خلال الحوار والتفاوض.

    واستمر التدهور في العلاقات، رغم ذلك. ففي أواخر أكتوبر 1994، اتهمت أجهزة الأمن اليمنية المملكة العربية السعودية بدعم شبكة سرية في اليمن ترمي إلى القيام بأعمال تخريبية. إلا أن وكالة الأنباء السعودية وصفت هذه الأنباء بأنها دسائس ترمي إلى توتير العلاقات بين البلدين.

    وقد سمح هذا الحرص المتبادل، على تجنب المواجهة، باحتواء التوتر الذي شهدته منطقة الحدود بسرعة، والتحرك من أجل الانتقال بالعلاقات إلى مرحلة جديدة مهدت لها الزيارة، التي قام بها إلى المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالله الأحمر، رئيس مجلس النواب اليمني ورئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، في أواخر يناير عام 1995. وأُعلن خلال هذه الزيارة عن تشكيل فريق عمل مشترك لتسوية النزاع الحدودي بالطرق السلمية.

    تحسنت العلاقات اليمنية ـ الخليجية بعد انتهاء الحرب الأهلية اليمنية بسرعة. وكانت عُمان هي أول دولة يزورها الرئيس اليمني بعد الحرب، حيث التقى في 12 سبتمبر 1994، السلطان قابوس بن سعيد في مدينة صلالة العٌمانية، وبحث معه سبل تحسين العلاقات، بين صنعاء ودول الخليج، ومسألة لجوء على سالم البيض إلى عُمان، وإعادة الأسلحة التي نقلها (الانفصاليون) من جنوب اليمن إلى عُمان بعد هزيمتهم في 7 يوليه 1994. واستجابت مسقط لطلب اليمن وأعادت إليها جميع الأسلحة والمعدات العسكرية. ودخلت العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة بعد ترسيم الحدود بينهما، تنفيذاً للاتفاقية الحدودية الموقعة في أكتوبر 1992، وذلك في أوائل يونيه 1995.

    وقام الرئيس اليمني بزيارة قطر في إطار جولة شملت كلاً من سورية والأردن ومصر في شهر يوليه 1995، بحث خلالها ضرورة إزالة رواسب حرب الخليج وإعادة العلاقات العربية ـ العربية إلى طبيعتها، ونفى الرئيس اليمني وجود محور يمني ـ عراقي ـ سوداني، وأكد ضرورة العمل على تحقيق المصالحة العربية.

    وعلى الرغم من تحسن علاقات اليمن بدول الخليج، ظلت العلاقات مع الكويت مقطوعة. وقد أعرب المسؤولون اليمنيون عن حرصهم على تطبيع العلاقات مع الكويت وإعادة فتح السفارة اليمنية في الكويت. فمن ناحية أشار الشيخ عبدالله الأحمر إلى أن اليمن تعمل جاهدة من أجل إنهاء القطيعة مع الكويت وتحرص على إعادة العلاقات والاتصالات، مؤكداً بأنه تبنى تشكيل لجنة لمناصرة الكويت أثناء الحرب، واستضافة الوفد الشعبي الكويتي الذي زار صنعاء، وأوضح أنه طلب أن يزور الكويت على رأس وفد برلماني. ومن ناحية أخرى أكد رئيس الوزراء اليمني استعداد حكومته لإعادة العلاقات كاملة مع الكويت معتبراً أن الخلافات التي نتجت عن سوء تفسير المواقف، التي سادت خلال حرب الخليج، لا تصلح مبرراً لاستمرار القطيعة مع الأشقاء في الوقت الحاضر.

    ورحب مسؤولون كويتيون بهذه التصريحات إلا أنهم تمهلوا في الإقدام على هذه الخطوة، في انتظار مبادرة يمنية في شكل اعتذار عن حرب الخليج، وهو مطلب رأت صنعاء أنها ليست مضطرة إليه، الأمر الذي أدى إلى تلاشي البوادر الإيجابية لتطبيع العلاقات في أواخر عام 1995.

    كما أصرت الكويت على عدم المبادرة بالانفتاح على منظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم لم يشهد عاما 1995، و1996 أي انفراج في العلاقات الكويتية ـ الفلسطينية.

    مع أواخر عام 1995 بدا أن الحكومة الكويتية سوف تمضي قدماً في إعادة علاقاتها أو تحسينها مع الأردن لعزل العراق، الأمر الذي يتقبله الشارع الكويتي ويتفهمه. وأعربت الحكومة الكويتية عن استعدادها لتزويد الأردن بالنفط، شرط أن تتقدم عّمان بطلب ذلك.

    وفي المقابل شهدت العلاقات السعودية بكل من منظمة التحرير الفلسطينية والأردن انفراجاً كبيراً. وأعلنت المملكة العربية السعودية عن استعدادها للمساهمة بـ100 مليون دولار، في إعادة أعمار مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، في الضفة وغزة في منتصف سبتمبر 1995.

    كما شهدت العلاقات القطرية الفلسطينية انفراجاً في النصف الثاني من عام 1995، عندما قررت الدوحة، في أوائل يوليه 1995 استئناف المساعدات المالية للمنظمة، التي توقفت منذ حرب الخليج، وقررت فتح مكتب تمثيل لها في منطقة الحكم الذاتي الفلسطيني. ثم قام ياسر عرفات بزيارتها والاجتماع مع الأمير، في إطار جولة زار خلالها الإمارات في أواخر ديسمبر 1995، وشدد على ضرورة طي صفحة حرب الخليج وتجاوز ما يعكر صفو العلاقات الخليجية ـ الفلسطينية.