إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / إعلان دمشق









المبحث الثالث

المبحث الثالث

التفاعلات السياسية خلال عامي 1995 و 1996

أولاً: التفاعلات السياسية خلال عام 1995

    شهد عام 1995، جهوداً كبيرة لتعزيز العمل العربي المشترك، وسبل تفعيل إعلان دمشق، تحقيق المصالحة العربية، وتطورات عملية السلام في الشرق الأوسط، والنزاع بين دولة الإمارات وإيران حول الجزر الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، والنزاع بين إريتريا واليمن حول جزيرة حنيش الكبرى على البحر الأحمر، والصراع بين الفصائل المتحاربة في الصومال وأفغانستان، الأوضاع المأساوية في جمهورية البوسنة والهرسك، والنزاع في الشيشان، وأزمة الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، ومطالبة إسرائيل بالانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي، وظاهرة الإرهاب بكافة أشكاله.

    وصلت اجتماعات وزراء الخارجية خلال هذا العام إلى أربعة اجتماعات، أحدها على هامش اجتماعات المجلس الوزاري للجامعة العربية، وانتهت بإقرار وثيقة إطار العمل العربي المشترك التي تضمنت التنسيق بين الدول الثماني في ثلاثة مجالات هي المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية.

1. بروتوكول العمل العربي المشترك

    في الخامس من يناير 1995، نشرت جريدة"الشرق الأوسط" النص الكامل لمشروع "بروتوكول العمل العربي المشترك"، الذي سيكون نواة النظام العربي الجديد، والذي سيلحق، بعد إقراره، بميثاق جامعة الدول العربية، والمشروع لا يزال قيد الدرس بين المسؤولين والخبراء في وزارات خارجية دول"إعلان دمشق"، وسيرفع إلي اجتماع المجلس الوزاري للدول الـ 8 الذي سيعقد في فبراير 1995، لإقراره بصفته النهائية. النص الكامل لمشروع البروتوكول بالصيغة الخليجية والمصرية (أُنظر ملحق النص الكامل لمشروع بروتوكول العمل العربي المشترك بالصيغة الخليجية، والصيغة المصرية).

2. اجتماع القاهرة في 5 ـ 6 فبراير 1995

    ركز وزراء خارجية دول"إعلان دمشق" في اجتماعات القاهرة على تحريك جهود المصالحات العربية، واحتمالات عقد قمة عربية خلال عام 1995، وانضمام لبنان إلى الإعلان، وكذلك، انضمام اليمن بعد تسوية قضاياه العالقة مع المملكة العربية السعودية، والخلافات الحدودية بين الدول العربية، ووجوب حلها بالطرق السلمية فقط، وأهمية تفعيل مبدأ الدفاع الشرعي الجماعي، في حالة وقوع عدوان مسلح، ضد أي دولة عربية في جامعة الدول العربية. وجاء ختام الاجتماعات وسط تفاؤل المشاركين بتحقيق نقلة نوعية في"الإعلان" تجاه تنفيذه ـ للمرة الأولى ـ منذ توقيعه في مارس 1991، وأكد البيان الختامي أهمية قمة الإسكندرية الثلاثية التي عقدت في 29 ديسمبر 1994 بحضور الرئيس محمد حسني مبارك، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، والرئيس حافظ الأسد، بشأن إصلاح الوضع العربي، والحفاظ على الهوية العربية، من خلال تعزيز الدور الذي تنهض به جامعة الدول العربية ومؤسساتها، لتبقي المنظمة العربية الأم التي تصب فيها كل روافد العمل العربي، توافقاً مع الأغراض السامية التي تضمنها ميثاق الجامعة. النص الكامل للبيان الختامي لاجتماعات القاهرة 5 ـ 6 فبراير 1995 (أُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، القاهرة، يومي 5 و6 فبراير 1995).

أ. إيران ترفض البيان الختامي لاجتماعات فبراير 1995

    رفضت إيران ما تضمنه البيان الختامي لاجتماعات وزراء خارجية دول"إعلان دمشق" في القاهرة في 5 ـ 6 فبراير 1995، بشأن جزر الإمارات الثلاث (طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى)، وأعلنت:"إن البيان متحيز للإمارات، لأنه لم يضع في اعتباره"حسن النية" بشأن حل النزاع"، ورفضت إيران إحالة النزاع إلي محكمة العدل الدولية.

ب. مشروع الرئيس مبارك "ميثاق الشرف للأمن والتعاون العربي"

    اقترح الرئيس حسني مبارك، في خطابه أمام الجامعة العربية، في 22 مارس عام 1995، وبمناسبة العيد الخمسين للجامعة العربية، مشروع"ميثاق الشرف للأمن والتعاون العربي" ودعا إلى اعتماد أسس أكثر فاعلية للعمل العربي المشترك. وجاء هذا الاقتراح بعد تعثر جهود المصالحة العربية.

    في 29 مارس تبني وزراء الخارجية العرب الاقتراح المصري، وقرروا تشكيل لجنة لصياغة بنود المشروع وإرسالها إلى الملوك والرؤساء العرب. وضمت اللجنة أربع دول هي: مصر والأردن والبحرين والإمارات، إلى جانب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، إلاّ أن عدد الدول المشاركة في وضع الصياغة النهائية ازداد ليصبح 16 دولة قبيل انعقاد الدورة 104 لمجلس الجامعة العربية، في 20 سبتمبر عام 1995. وعقدت لجنة الصياغة ستة اجتماعات في الفترة من 13 يوليه حتى 6 أغسطس 1995. وتمكنت اللجنة من وضع الاقتراح في صورة نهائية عُرضت على وزراء خارجية العرب، في اجتماع الدورة 104.

    وتضمن الميثاق ثلاثة أجزاء يتعلق الجزء الأول بالمبادئ، التي يجب أن يقوم عليها العمل العربي المشترك، وخصص الجزء الثاني لبيان المنهاج المقترح للتعاون العربي، خلال الفترة القادمة فيما يتناول الجزء الأخير الآليات المقترحة لدعم التعاون العربي وكيفية حسم الخلافات العربية ـ العربية. وعلى الرغم من الصياغة المرنة لمشروع الميثاق فقد برز خلاف كبير بين وزراء الخارجية العرب عند مناقشته، ونتيجة لذلك تقرر تأجيل البت في مشروع الميثاق إلى اجتماع الدورة (105) لمجلس الجامعة المقرر عقدها في مارس 1996.

3. اجتماع وزراء خارجية دول إعلان دمشق في المنامة (يوليه 1995م)

    عقد وزراء خارجية دول إعلان دمشق اجتماعهم الحادي عشر، في المنامة يومي 8 و9 يوليه 1995م، لبحث الآتي:

أ. تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط.

ب. الوضع العربي، وتطورات الوضع في المنطقة الخليجية.

ج. الاتفاق على صيغة عمل لتفعيل التعاون السياسي والاقتصادي المشترك.

    في نهاية اجتماعاتهم، بعد دراسة أوراق العمل الخاصة بتفعيل العمل المشترك، توصل وزراء خارجية دول الإعلان إلى اتفاق بشأن وثيقة عمل لترجمة إعلان دمشق إلى آليات محددة للتنسيق والتعاون السياسي والاقتصادي والأمني بين دولهم، على أن تصبح هذه الصيغة إطاراً للعمل العربي المشترك، ولنظام عربي جديد في ظل الجامعة العربية، وسُميت هذه الوثيقة"وثيقة العمل العربي المشترك". وقد تضمنت مبادئ عامة تؤكد:

أ. احترام مبادئ وأهداف ميثاق جامعة الدول العربية وأهدافها.

ب. الالتزام بمعاهدة الدفاع العربي المشترك.

ج. التعاون الاقتصادي بين الدول العربية على أساس الاحترام المتبادل لسيادة الدول العربية ووحدة أراضيها.

د. التصدي لردع أي عدوان، أياً كان مصدره باتخاذ إجراءات فورية ضده (اُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، المنامة، يومي 8 و9 يوليه 1995م).

    وقد أصدر وزراء خارجية دول الإعلان، في ختام المؤتمر بياناً، عبروا فيه عن إدانتهم للعمل الإجرامي الذي دبره الإرهاب مستهدفاً حياة الرئيس حسنى مبارك والوفد المرافق يوم 26 يونيه 1995م، في أديس أبابا. وتضمن البيان التوصيات التالية (اُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، المنامة، يومي 8 و9 يوليه 1995م):

أ. عرض"وثيقة العمل العربي المشترك" على حكومات دول الإعلان للموافقة عليها، على أن تبلغ الدول مواقفها إلى الرئاسة الحالية وهى دولة البحرين، وعلى أن تجتمع دول الإعلان، قبل الدورة القادمة للمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، في سبتمبر لاستعراض ذلك تمهيداً لإيداع الوثيقة لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

ب. دعوة العراق للالتزام بالقرارات الدولية، والتأكيد على وحدة العراق، ومعارضة أية سياسات أو إجراءات تستهدف سيادة أراضيه وسلامتها.

ج. تأييد حق دولة الإمارات العربية المتحدة في سيادتها على جزرها الثلاث، ودعوة إيران لإنهاء احتلالها للجزر عن طريق المفاوضات المباشرة، وإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق عبر الحوار.

د. التأكيد على أن السلام في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يستند إلى الشرعية الدولية، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن 242 و425، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه السياسية والوطنية وفي مقدمتها حق تقرير المصير. وفي هذا الإطار أكد وزراء الخارجية على الدعم الثابت للمطالب السورية في مفاوضات السلام، والمطالبة بالتقدم على المسار اللبناني ـ الإسرائيلي.

هـ. إدانة التصعيد الصربي لأعماله الإجرامية ضد مسلمي البوسنة والهرسك، والدعوة إلى عقد دورة استثنائية خاصة وعاجلة للجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث الأوضاع في جمهورية البوسنة والهرسك، ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ إجراءات عاجلة أكثر حزماً للتعامل مع قوى العدوان الصربية، والمطالبة برفع حظر تصدير الأسلحة إلى جمهورية البوسنة والهرسك لتمكينها من ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن النفس.

و. دعوة الأطراف المتنازعة في الصومال وأفغانستان تغليب المصلحة العليا لبلادهم، وتحقيق المصالحة الوطنية.

ز. دعوة الأطراف المتنازعة في الشيشان إلى سرعة حل خلافاتها، عن طريق الحوار والتفاوض.

4. اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، في القاهرة 20 سبتمبر 1995

    عقد وزراء خارجية دول إعلان دمشق اجتماعاً، بالقاهرة في 20 سبتمبر 1995، على هامش اجتماع وزراء خارجية جامعة الدول العربية، لمناقشة أخر التطورات الخاصة بدفع عمل الإعلان، وتنشيطه في إطار تعزيز العمل العربي المشترك والتعاون والتضامن بين دول الإعلان.

    وكان وزراء خارجية دول الإعلان قد اتفقوا في ختام اجتماعهم الحادي عشر في المنامة في شهر يوليه 1995 على عقد اجتماع بالقاهرة، قبيل انعقاد الدورة العادية لمجلس الجامعة العربية المشترك لبحث مصادقات حكومات دولهم على"وثيقة العمل العربي المشترك لدول الإعلان" لإدراجها على جدول أعمال اجتماع مجلس الجامعة، لإطلاع جميع الدول العربية على بنودها، واعتبارها ضمن الوثائق العربية، التي تحدد أساليب وآليات العمل العربي المشترك (اُنظر ملحق نص وثيقة إطار العمل العربي المشترك).

    وقد أخفق الاجتماع في إقرار التعديلات المقترحة على وثيقة التعاون، بين دول الإعلان الثمان، واتفق على تأجيل بحثها إلى اجتماع قادم يعقد في العاصمة السورية دمشق في النصف الثاني من ديسمبر 1995م.

5. سورية ترفض انضمام الأردن لعضوية "إعلان دمشق"

    اعترضت سورية على الطلب الأردني بالانضمام إلى عضوية إعلان دمشق، بعد موقفها الأخير من التخلي عن النظام العراقي، والمطالبة العلنية باستمرار العقوبات، وعزله دولياً، وقد حاول الأردن إقناع عدد من دول الخليج برغبته في الانضمام إلى إعلان دمشق بهدف الحصول على جزء من الاستثمارات الخليجية لتحسين أوضاع الاقتصاد الأردني.

6. اجتماع دمشق في 27 ـ 28 ديسمبر 1995

    اجتمع وزراء خارجية دول الإعلان في العاصمة السورية دمشق، لبحث سبل تفعيل دور التجمع، وإمكانية تشكيل أمانة عامة دائمة للمجلس لمتابعة تنفيذ القرارات التي يتخذها وزراء خارجية دول الإعلان، وقد أصدر وزراء خارجية دول الإعلان في ختام أعمال دورتهم التي استمرت يومي 27 و28 ديسمبر 1995، بيانهم الختامي الذي تناول التوصيات التالية:

أ. إقرار وثيقة العمل العربي المشترك.

ب. مطالبة إسرائيل بالانسحاب الكامل من الجولان، وجنوب لبنان، وإخضاع منشآتها النووية لنظام التفتيش الدولي.

ج. دعوة اليمن وإريتريا إلى وقف التصعيد العسكري في البحر الأحمر.

د. الدعم الكامل لسورية في جهودها لتحقيق السلام.

هـ. معارضة سياسات تقسيم العراق وإدانة الإرهاب بكل أشكاله.

و. المطالبة باستئناف المفاوضات العربية ـ الإسرائيلية، وفقاً لمرجعيه مدريد والأرض مقابل السلام.

ز. دعم ومساندة دولة الإمارات في سيادتها على جزرها الثلاث، وتأييد إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية، باعتبارها الجهة المختصة لحل النزاعات بين الدول، وفق القوانين والأعراف الدولية.

ح. دعوة المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم والمساندة إلى شعب البوسنة والهرسك لإعادة بناء ما هدمته الحرب وتحقيق تنميته.

ط. دعوة الأطراف المتنازعة في الصومال إلى التعاون مع كل الجهود، وفى مقدمتها جهود الجامعة العربية، ومنظمة الوحدة الإفريقية، لإحلال السلام وتحقيق المصالحة الوطنية.

ي. دعوة الفصائل الأفغانية المتنازعة إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، وتنفيذ اتفاق مكة المكرمة لإحلال السلام وتحقيق المصالحة الوطنية في أفغانستان.

ك. دعوة الأطراف المتنازعة في الشيشان إلى سرعة حل خلافاتها، عن طريق الحوار والتفاهم للتوصل إلى الحل المنصف.

    نص البيان الختامي الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول الإعلان الثاني عشر المنعقد بالعاصمة السورية دمشق يومي 27و28 ديسمبر 1995م (أُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، دمشق، يومي 27 و28 ديسمبر 1995).

    احتل موضوع أزمة المياه بين سورية وتركيا موقعاً متقدماً في البيان الختامي، حيث وردت فقرتان ـ أولاهما:"أحيط الوزراء علماً بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية المتعلقة بإقامة سدود على مجري نهر الفـرات، دون التشاور بين الدول المتشاطئة الذي تقتضيه قواعد القانون الدولي، والأعراف الدولية، وكذلك تمرير تركيا مياه الصرف الملوثة من الأراضي التركية المروية، في مشروع ري جنوب شرق الأناضول (غاب)، إلي سورية، وما ينجم عنه من أضرار تمس مياه الشرب والري والبيئة.

    والفقرة الثانية تنص على: "انطلاقاً من العلاقات الودية، التي تربط بين دولهم وتركيا، يطالب الوزراء، الحكومة التركية بإيقاف الأعمال التي تلحق الضرر بالحقوق المكتسبة للدول المتشاطئة، خاصة الامتناع عن تمرير المياه الملوثة إلي الأراضي السورية، والعمل على الوصول إلي اتفاق عادل ومقبول، حول قسمة مياه الفرات بين الدول المتشاطئة، عملاً بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، في 20 يناير 1993، بين رئيسي الحكومتين السورية والتركية. وفي البيان الختامي تم التأكيد على "أمن البحر الأحمر"، لأنه مسؤولية عربية إيماناً من دول "الإعلان" بأن أمن منطقة الخليج يعتمد على سلامة مرافقها وقواعدها الخلفية في البحر الأحمر والخليج. نص البيان الختامي لاجتماعات العاصمة السورية. (أُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، دمشق، يومي 27 و28 ديسمبر 1995).

ثانياً: التفاعلات السياسية خلال عام 1996

    شهدت اجتماعات هذا العام إصدار "وثيقة العمل العربي المشترك"، فلأول مرة منذ زمن بعيد تصدر مجموعة الدول العربية وثيقة فيها رؤى لمستقبل العمل العربي المشترك، وهى الوثيقة التي أصدرتها دول إعلان دمشق في اجتماعها الرابع عشر الذي عقد بالقاهرة يومي 28 و29 ديسمبر 1996م، وعرفت باسم وثيقة "إطار العمل العربي المشترك". وهى الوثيقة نفسها التي تم إقراراها في اجتماعات الدورة الثانية عشرة التي عقدت في دمشق في 29 ديسمبر من عام 1995م من دون أي تعديلات.

    والوثيقة أصلاً كانت ورقتي عمل مصرية خليجية لتعزيز التعاون في جميع المجالات بين دول الإعلان الثماني. ثم تحولت إلى وثيقة عربية من خلال مناقشتها وإضافة تعديلات عليها، سواء في اجتماع الدورة الحادية عشرة لدول الإعلان في يوليه من عام 1995م، أم في الاجتماع الوزاري لدول الإعلان على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة في سبتمبر من عام 1995م.

    وقد تضمنت وثيقة العمل العربي المشترك آليات "لإضفاء الفاعلية" على الإعلان، بعد أن كانت الشكوك تثار حول جدواه، مما جعل إصدار الوثيقة "نقطة تحول" في علاقات الدول العربية. فالوثيقة تنظم هذه العلاقات، تمهيداّ لإعادة بناء التضامن العربي على أسس سليمة، وتفتح الباب أمام انضمام دول عربية أخرى إليه.

    وقد شهد عام 1996م اجتماعين لوزراء خارجية دول الإعلان في كل من مسقط، والقاهرة، وكانت عملية السلام في الشرق الأوسط، وظاهرة الإرهاب، في مقدمة الموضوعات التي تناولتها اجتماعات الدورة الثالثة عشرة في مسقط.

وكان على رأس الموضوعات التي ناقشها الاجتماع الرابع عشر، ما يلي:

·   الصياغة النهائية لوثيقة إطار العمل العربي المشترك.

·   تطورات عملية السلام، والعقبات التي تواجهها منذ تولى "الليكود" الحكم في إسرائيل.

·   قضايا إقليمية ودولية.

1. الاجتماع الثالث عشر: مسقط (يوليه 1996م)

    عقد وزراء خارجية دول إعلان دمشق اجتماعهم الثالث عشر في مسقط يومي 13و14 يوليه 1996م، برئاسة معالي يوسف بن علوي بن عبدالله وزير الدولة للشئون الخارجية في سلطنة عُمان. وكانت عملية السلام في الشرق الأوسط في مقدمة الموضوعات التي استحوذت على الجانب الأكبر من مباحثات وزراء الخارجية الثمانية،إضافة إلى موضوع "ظاهرة الإرهاب". وزاد من فاعلية الاجتماع، أنه عقد بعد القمة العربية التي عقدت بالقاهرة في يونيه الماضي، والتي تعتبر أهم حدث عربي خلال عام 1996م.

    ركز وزراء الخارجية، خلال اجتماعهم، على بحث تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط، في ضوء التشدد الإسرائيلي، وأعربوا عن قلقهم الشديد إزاء التصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، خلال زيارته للولايات المتحدة أخيراً، خصوصاً ما يتعلق بإصراره على استمرار احتلال إسرائيل للأراضي العربية، وعلى إبقاء القدس تحت السيادة الإسرائيلية واعتبارها عاصمة لإسرائيل، بدعوى المحافظة على أمن إسرائيل، ومحاولة فرض أمر واقع يقوض الجدوى من المفاوضات.

    كما ركز الوزراء على بحث"ظاهرة الإرهاب" في ضوء الحوادث، التي شهدتها المنطقة مؤخراً، خصوصاً حادث التفجير الذي وقع في مدينة الخبر بالسعودية في 25 يونيه 1996، والحوادث التي وقعت من قبل في البحرين، وسط شكوك خليجية بوجود جماعات إيرانية لها علاقة بالأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها المنطقة، خاصة حادث انفجار الخبر.

    وفى ختام أعمال اجتماعاتهم التي استمرت يومين، صدر البيان الختامي متضمناً النتائج والتوصيات التالية:

أ. دعوة الولايات المتحدة، والدول الكبرى، للضغط على الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتانياهو إلى الالتزام بأسس عملية السلام في المنطقة، ومطالبة الدول الراعية لعملية السلام، بضمان عدم إخلال إسرائيل بالأسس والمبادئ التي قامت عليها عملية السلام والمستندة إلى قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام.

ب. دعم المطالب السورية العادلة لتحقيق السلام، والوقوف إلى جانبها في مواجهة العقبات التي تضعها إسرائيل أمام مسيرة السلام.

ج. التأكيد على ضرورة انضمام إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وإخضاع كل مرافقها النووية للتفتيش الدولي.

د. دعوة العراق إلى الالتزام الكامل بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الكويتيين ورعايا الدول الأخرى، وإعادة الممتلكات، وأكد الوزراء في الوقت ذاته حرصهم على وحدة أراضي العراق.

هـ. التأكيد على سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، وتأييدها ومساندتها في كل الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها لاستعادة سيادتها على هذه الجزر، ودعوة إيران إلى إنهاء احتلالها للجزر، والقبول بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية.

و. الترحيب باتفاق المبادئ بين حكومتي كل من اليمن وإريتريا بإحالة النزاع بينهما حول جزيرة حنيش إلى التحكيم الدولي.

ز. إدانة الإرهاب واستنكار حادث التفجير الإرهابي في مدينة الخبر بالسعودية، والتأكيد على دعم ومساندة المملكة العربية السعودية في مكافحتها للإرهاب، وتأييد الجهود والإجراءات الرامية إلى عقد مؤتمر دولي لمعالجة الجوانب المختلفة لظاهرة الإرهاب العالمية.

ح. دعوة الفصائل الصومالية المتناحرة إلى المصالحة الوطنية الشاملة، وتشكيل سلطة وحدة وطنية تمثل مختلف فئات الشعب الصومالي.

ط. دعوة كافة الفصائل الأفغانية إلى الالتزام بوقف إطلاق النار وتنفيذ اتفاق مكة المكرمة بإحلال السلام وتحقيق المصالحة الوطنية في أفغانستان.

ي. التأكيد على الأهمية البالغة للأمن والاستقرار في منطقة الخليج، باعتبار أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.

    نص البيان الختامي الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول إعلان دمشق المنعقد بالعاصمة العُمانية مسقط يومي 13و 14 يوليه 1996 (أُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، مسقط، 13 و14 يوليه 1996م).

2. اجتماع وزراء خارجية دول الإعلان في القاهرة (ديسمبر 1996)

    عقدت بالقاهرة يومَي 28 و29 ديسمبر 1996م اجتماعات الدورة الرابعة عشرة لوزراء خارجية دول"إعلان دمشق" لمناقشة العديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم الدول الثماني، وفى مقدمتها:

أ. تطورات عملية السلام، خاصة على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

ب. مستقبل عملية السلام على المسار السوري واللبناني، في ظل العقبات التي يواجهها السلام منذ تولى(الليكود) الحكم في إسرائيل.

ج. الوضع العربي العام.

د. الوضع في منطقة الخليج.

هـ. العلاقات العربية ـ الإيرانية.

و. الموقف من العراق خاصة بعد تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 986 الذي يتضمن صيغة النفط مقابل الغذاء.

    وقد ركزت الاجتماعات في البحث عن الصياغة النهائية لوثيقة"إطار العمل العربي المشترك" التي تم إقرارها مبدئياً في اجتماعات الدورة الثانية عشرة في دمشق في 29 ديسمبر من عام 1995م، ونصت على"قيام تنسيق بين الدول الأعضاء في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية"، وقد شكلت لجنة من كبار الخبراء لدراسة الوثيقة للوصول إلى صيغة نهائية لها.

    وقد هيمن الخلاف الحدودي بين قطر والبحرين على جانب من هذه الاجتماعات، وكانت اللجنة الرباعية الخليجية التي شكلت في قمة التعاون الخليجي الأخيرة، والمؤلفة من وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات وسلطنة عمان، قد عقدت اجتماعاً على هامش المؤتمر لبحث الخلاف على أمل إيجاد حل للنزاع الحدودي بين قطر والبحرين.

وقد أصدر وزراء الخارجية، في نهاية اجتماعاتهم، بيانهم الختامي الذي جاء فيه:

أ. التأكيد على دعم التضامن العربي والعمل العربي المشترك وإدانة سياسات إسرائيل الاستيطانية.

ب. دعم الإمارات في جهودها من أجل استعادة جزرها الثلاث التي تحتلها إيران.

ج. التمسك بعلمية السلام واستمرارها، وضرورة الالتزام بالاتفاقات التعاقدية على أسس مدريد ومرجعيتها وقرارات الشرعية الدولية، وتوفير كل الدعم للمفاوض العربي في مسارات التسوية.

د. ضرورة الالتزام بالأسس المرجعية التي قامت عليها عملية السلام في الشرق الأوسط، وخصوصاً قرارات مجلس الأمن 242 و338 و425، ومبدأ الأرض مقابل السلام.

هـ. الدعم الكامل لسورية في مواقفها الثابتة لتحقيق السلام العادل والشامل والقائم على أساس الشرعية الدولية، واستئناف المفاوضات من النقطة التي وصلت إليها.

و. ضرورة التزام العراق الكامل بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بعدوانه على الكويت، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالإفراج عن جميع الأسرى والمحتجزين الكويتيين ورعايا الدول الأخرى.

ز. الترحيب ببدء تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 986 الخاص بالنفط مقابل الغذاء.

ح. الإعراب عن أسفهم لاستمرار احتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث على الرغم من دعوات مجلس جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودول إعلان دمشق لحل النزاع سلمياً، وجدد الوزراء تأييدهم لسيادة دولة الإمارات على جزرها.

ط. التشديد على أهمية تحقيق تطور إيجابي في العلاقات السورية ـ التركية على أساس احترام الحقوق العربية الثابتة في مياه نهري دجلة والفرات لما يمهد لإقامة علاقات تعاون وحسن جوار بين البلدين، ويعزز المصالح العربية التركية المشتركة.

ي. إدانة الإرهاب بكل أشكاله ومصادره ودوافعه.

ك. الدعوة إلى التعاون الوثيق بين دول إعلان دمشق في مواجهة ظاهرة التطرف والعنف باعتبارها تهدد الاستقرار والتنمية.

ل. التأكيد على الوقوف إلى جانب أية دولة من دول الإعلان تتعرض لعمليات إرهابية.

م. التأكيد على أن أمن دولة الإمارات العربية المتحدة جزء لا يتجزأ من أمن دول الخليج العربية، والأمن القومي العربي، والقلق الشديد من نشر إيران لصواريخ أرض ـ أرض في الخليج العربي، بما في ذلك نشرها لصواريخ على الجزر الثلاث المحتلة، مما يعرض دول مجلس التعاون ومنشأتها الحيوية للتهديد المباشر.

ن. الأمل في أن تعيد الحكومة التركية النظر باتفاقاتها العسكرية والأمنية مع إسرائيل بما يمنع المساس بأمن الدول العربية.

س. مطالبة إيران"بالتوقف عن إقامة منشآت إيرانية في الجزر الثلاث بهدف تغيير تركيبتها السكانية وإلغاء كافة الإجراءات وإزالة كافة المنشآت التي سبق تنفيذها من طرف واحد في الجزر الثلاث"، والدعوة إلى"إتباع الوسائل السلمية لحل النزاع القائم وفقاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي بما في ذلك القبول بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية".

        وإلى جانب هذه التوصيات والقرارات، أصدر الاجتماع وثيقة "إطار العمل العربي المشترك"، وهى الوثيقة نفسها التي تم إقرارها في اجتماعات الدورة 12 التي عقدت في دمشق في 29 ديسمبر من عام 1995، من دون أي تعديلات.

        نص البيان الختامي الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول الإعلان الرابع عشر المنعقد بالقاهرة الفترة من 28 ـ 29 ديسمبر 1996م (أُنظر ملحق نص البيان الختامي، الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول "إعلان دمشق"، القاهرة، يومي 28 و29 ديسمبر 1996)

3. إيران ترفض استنكار دول الإعلان.. لنشرها صواريخ في الجزر الثلاث

   رفضت إيران الموقف الذي عبرت عنه دول"إعلان دمشق" في القاهرة بشأن نشر إيران صواريخ أرض/أرض على جزر أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى، التي تعتبرها دولة الإمارات العربية جزءاً منها، وأعلنت إيران أنها ستتخذ جميع الإجراءات التي تري أنها ملائمة لتأمين دفاعها عن نفسهـا، وعن وحدة وسلامة أراضيها بما فيها الجزر الثلاث، وأن الإجراءات الدفاعية يجب أن لا تُفهم على أنها مبادرة عدائية وتوسعية، ووصفت البيان الختامي لاجتماعات القاهرة في 28 ـ 29 ديسمبر 1996 ـ بأنه مؤسف ـ وأنه لا يساعد على التعاون الإقليمي في شيء، بل يهدف إلي إرضاء الولايات المتحدة الأمريكية والنظام الصهيوني، واعتبرته تدخلاً سافراً في شؤون إيران الداخلية، وأعلنت إيران مجدداً استعدادها للحوار مع الإمارات من دون أي شروط مسبقة.

    وكان وزراء خارجية دول"الإعلان" قد أكدوا على أن الإجراء الإيراني يعرض دول مجلس التعاون الخليجي ومنشآتها الحيوية للتهديد المباشر، وطالبوا الحكومة الإيرانية بالامتناع عن كل ما من شأنه تهديد أمن منطقة الخليج واستقرارها، ودعوا الحكومة الإيرانية إلي إنهاء احتلالها للجزر الثلاث، والكف عن ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة، وأكدوا أيضاً سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث.