إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / اتحاد المغرب العربي









مقدمة

مقدمة

    في 19 فبراير 1989، وقَّع ملوك ورؤساء الدول المغاربية (المغرب، وتونس، والجزائر، وليبيا، وموريتانيا) ثلاث وثائق تتضمن إعلان قيام اتحاد المغرب العربي، ومعاهدة إنشائه، وقرار المصادقة على أعمال لجانه. ورحبت الجماهير، في أنحاء الوطن العربي، بهذا الاتحاد، وذلك لما يلي:

    أدت بلاد المغرب العربي للإسلام خدمات جليلة، فقد حمل سكان هذه البلاد شعلة الدين الجديد والحضارة العربية إلى قلب أفريقيا بل وإلى أوروبا. وظل المغرب العربي الظهير الذي يساند المد العربي الذي وصل إلى الأندلس ووقف عند حدود جبال البرانس ـ لكنه استطاع أن يستقر في الأندلس لعدة قرون إلى أن كانت تصفية الوجود العربي بهذه البلاد في نهاية القرن الخامس عشر(سقوط غرناطة 1492)، ولا شك في أن خروج العرب من هذا الفردوس يرتبط بالأوضاع، التي آل إليها المغرب العربي الذي كان يساند هذا الوجود، بقدر ارتباطه بأوضاع العرب في شبه جزيرة إيبريا نفسها، وانقسامهم إلى طوائف متناحرة.

    هذا على أن تاريخ المغرب، منذ أن بسط العرب وجودهم في هذه البلاد، وأصبحت جزءاً من الأمة العربية. ارتبط بالتاريخ العربي كله وأثر فيه وتأثر به.

    وظهرت في المغرب دول قوية كدولة الأغالبة ودولة الأدارسة، والدولة العبيدية الفاطمية، ودولة المرابطين، ودولة الموحدين. وأتاحت فترات الازدهار الفرصة لقيام مدن وحاضرات عظيمة كالقيروان، التي بناها عقبة بن نافع في القرن السابع الميلادي، وفاس التي بناها الأدارسة في القرن التاسع الميلادي، ومراكش التي أسسها المرابطون في القرن الحادي عشر؛ إضافة إلى المساجد ودور العلم والمكتبات، وغيرها من المآثر العلمية والحضارية، التي لا يزال الكثير منها إلى اليوم يدل على ما كانت تنعم به هذه البلاد من حضارة وتقدم.

    وأدى تفتيت هذه البلاد وانقسامها، وتنازع السلطة بين أقاليمها، إلى ضعفها وعدم قدرتها منذ بداية القرن الخامس عشر الميلادي على مواجهة حملات استعمارية عاتية ومتلاحقة الواحدة تلو الأخرى، ووصل الأمر إلى أن أصبحت هذه البلاد ميداناً رهيباً للصراع الاستعماري بين الدول المختلفة، حتى أن بعض السلطات الحاكمة والشعوب في المغرب العربي رأت أن تلقي بأنفسها في أحضان الحكم العثماني مفضلة الخضوع لدولة إسلامية كبرى على أن تقع في براثن الدول الأوروبية، التي أخذت تنشب أظفارها في هذه البلاد. واستمر الصراع الاستعماري في منطقة المغرب العربي، طوال القرون الخمسة التالية وحتى القرن العشرين.

    وكلما أوغلنا في التاريخ ثبت أن المغرب كان موحداً فترة طويلة من الزمن، وكان يجاهد للإبقاء على وحدته، قبل أي تجمع إقليمي على امتداد القارات الخمس. ولا ريب أن أمام المغاربة فرصة ثمينة لإقامة الوحدة، بسبب عوامل وحدة اللغة والدين والتوافق العرقي والجغرافي.

    وقد استطاعت هذه العناصر الكامنة في بنية الوحدة المغربية أن تصمد أمام كل المحاولات الاستعمارية العاتية، سواء التركية أو الفرنسية، التي كانت تستهدف طمسها واقتلاعها من جذورها ومع ذلك، فإن الأمور لم تكن تمر دوماً بسلام، إذ أن توالى الأحداث وتفاعلها والمواقف الاستعمارية المتعنتة، غالباً ما شكلت عائقاً أمام القادة الوطنيين، فدفعت ببعضهم إلى المنافي في أصقاع بعيدة جداً عن بلادهم. وعلى الرغم من كل هذا، فإن سعى المغاربة الحثيث لتحقيق استقلالهم، ما كان ليحول يوماً دون تطلعهم لإقامة بناء متكامل على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

    ففي عام 1926، عقد في باريس مؤتمر باسم نجمة شمالي أفريقيا، وتبعه مؤتمر المغرب العربي الذي عقد في القاهرة في عام 1947، والذي تمخضت عنه لجنة تحرير المغرب العربي، وهي لجنة أسسها المناضل عبدالكريم الخطابي، الذي حدد أهداف هذه اللجنة في البيان الذي أصدره بمناسبة تأسيسها في السادس من يناير 1947، في جمع شمل كافة القوى والأحزاب الوطنية المناضلة في سبيل استقلال المغرب وتونس والجزائر وإرساء وحدة وطنية مغربية تنادي بالإسلام والعروبة والاستقلال التام، وترفض أية مساومة مع المستعمر الأجنبي.

    تتناول هذه الدراسة نظرية الاتحاد وتجارب الوحدة العربية ومحاولات الوحدة بين دول المغرب العربي، والخصائص العامة لدول الاتحاد. ثم تأسيس الاتحاد المغاربي ودورات القمة التي عقدها وأضواء حول أداء الاتحاد والمشاكل التي واجهته.