إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / حركة عدم الانحياز





الهيكل التنظيمي




المبحث الرابع

المبحث الرابع

تقويم مسيرة حركة عدم الانحياز حتى مؤتمر القمة السابع

    كان انتهاء الحرب العالمية الثانية والتطورات التي تلتها من ضعف القوى الاستعمارية، وظهور الاشتراكية كنظام عالمي، وريادة الولايات المتحدة الأمريكية للدول الإمبريالية في العالم، وسعيها في احتواء المد الاشتراكي ودحر الثورات التحررية، وارتكازها في ذلك على إمكانياتها الاقتصادية والعسكرية، ولكي تتمكن من تحقيق أهدافها عملت على تكوين أحلاف عسكرية، فبدأت بتشكيل حلف شمال الأطلسي عام 1949م، وتبع ذلك حلف شرق آسيا وحلف بغداد والذي أُطلق عليه فيما بعد الحلف المركزي، كما تَشَكَّل حلف يضم كل من أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية، وواجهت دول أوروبا الشرقية الاشتراكية الموقف بتكوين حلف وارسو الذي كان بمثابة رد فعل لإقامة حلف شمال الأطلسي.

    ووجدت الدول حديثة الاستقلال في أفريقيا وآسيا نفسها في موقف صعب، حيث رفضت الارتباط بأي من الكتل والأحلاف العسكرية، ولذلك زادت الضغوط الخارجية لربطها في الأحلاف العسكرية التي أُنشئت، إلا أن الدول حديثة الاستقلال كان رفضها للانضمام لهذه الأحلاف هو السمة الرئيسية لتوجهاتها، وزادت خلال هذه المرحلة حركات التحرر الوطني حيث استقلت الهند وباكستان وبورما وسيلان ودول الهند الصينية، وانتصرت القوى المعادية للفاشية في كوريا، ونجحت الثورة الصينية عام 1949م، كما شهدت أفريقيا في نفس الحقبة اندلاع حركات التحرر الوطني فكان نجاح ثورة مصر عام 1952م، وحصول غانا على استقلالها بقيادة نكروما دعماً لحركات التحرر الأفريقية، وفي إطار هذا المناخ عُقد مؤتمر العلاقات الآسيوية في نيودلهي عام 1947م، وتلاه عقد المؤتمر الثاني في منتصف العام، وكان الهدف من المؤتمران هو تأييد حركات التحرر الوطني، ومناهضة الإمبريالية والاستعمار بكافة صورة.

    وبدأ تشكيل المجموعة الآسيوية الأفريقية عندما انعقد مؤتمر نيودلهي عام 1949م، بدعوة من نهرو وحضره تسع عشرة دولة، ولقد أكد المؤتمر على ضرورة تنسيق نشاط الدول الآسيوية والأفريقية لمواجهة الاستعمار، وإنشاء هيئة اتصال دائمة بين الدول، وبدأت الدول الآسيوية ـ الأفريقية تظهر على الساحة الدولية، خاصة بعد عقدها لمؤتمرها عام 1950م في الأمم المتحدة، وكانت المجموعة الآسيوية ـ الأفريقية تتشكل في ذاك الوقت من مصر والمملكة العربية السعودية والعراق ولبنان وسورية وباكستان وإيران وتركيا وتايلاند وأفغانستان وبورما والفليبين والهند، ثم انضمت إليها إثيوبيا وليبريا، وفي أبريل عام 1954م، عُقد مؤتمر كولومبو الذي دعت إليه سيلان، وفي ديسمبر عام 1954م، عُقد مؤتمر بوجور في بورما، وخلال هذا المؤتمر وُجهت الدعوة لعقد مؤتمر باندونج بإندونيسيا. (أُنظر جدول مؤتمرات قمة دول عدم الانحياز منذ باندونج 1955 حتى نهاية القرن العشرين).

أولاً: مؤتمر باندونج 18 ـ 24 أبريل 1955م:

    كانت الخطوة الأساسية والرئيسية في ظهور الفلسفة السياسية للعالم الثالث هي انعقاد مؤتمر باندونج خلال الفترة من 18 ـ 24 أبريل 1955م، والذي دعت إليه الدول الآسيوية الخمس التي نادت بالحياد الإيجابي، وهي الهند وإندونيسيا وباكستان وسيلان وبورما، ويعتبر هذا المؤتمر في الأساس مؤتمر آسيوي ـ أفريقي وليس مؤتمراً لدول عدم الانحياز، حيث إن الأغلبية من الدول التسع والعشرون التي حضرت هذا المؤتمر دولاً منحازة ومرتبطة أساساً بالمعسكر الغربي، ولم يكن من هذه الدول إلا ست فقط كانت ملتزمة بسياسة عدم الانحياز وهي الهند وإندونيسيا وبورما وأفغانستان ومصر وسورية، ولقد أنهى المؤتمر مباحثاته بإعلان مقررات باندونج، هي تعتبر نقطة تحول تاريخية في بلورة فكرة الحياد الإيجابي والتحول بتجمع الدول الآسيوية ـ الأفريقية من تعبير جغرافي إلى تعبير سياسي له قوته وثقله الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقد تمثلت مقررات باندونج في الآتي:

1. احترام حقوق الإنسان الأساسية ومبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة.

2. احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها.

3. الاعتراف بالمساواة بين جميع الأجناس وبين جميع الأمم كبيرها وصغيرها.

4. الامتناع عن أي تدخل في الشؤون الداخلية لبلد آخر.

5. احترام حق كل أمة في الدفاع عن نفسها انفرادياً أو جماعياً وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.

6. الامتناع عن استخدام التنظيمات الدفاعية الجماعية لخدمة المصالح الذاتية لأية دولة من الدول الكبرى، وامتناع أي دولة عن الضغط على غيرها من الدول.

7. تجنب الأعمال أو التهديدات العدوانية أو استخدام العنف ضد السلامة الإقليمية والسيادة السياسية لأي دولة من الدول.

8. تسوية جميع المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، كالتفاوض أو التوفيق أو التحكيم أو التسوية القضائية أو أية وسيلة سلمية أخرى تختارها الأطراف المعنية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.

9. تنمية المصالح المشتركة والتعاون المتبادل.

10.احترام العدالة والالتزامات الدولية.

ثانياً: مؤتمر بريوني 1956م:

    تأييداً لسياسة عدم الانحياز عُقد مؤتمر ثلاثي في بريوني في يوغسلافيا في يوليه عام 1956م، بحضور كل من جوزيف بروز تيتو وجواهر لال نهرو وجمال عبدالناصر، وتستند أهمية هذا المؤتمر إلى عدة عوامل تمثلت في الآتي:

1. إن عدم الانحياز لم يعد يشمل فقط المعيار الجغرافي المقتصر على العالم الأفرو ـ آسيوي، بل أصبح يشمل دولاً أوروبية وهي يوغسلافيا.

2. إن سياسة عدم الانحياز لم تعد تضم الدول حديثة الاستقلال عن الاستعمار الغربي، ولكن أصبحت تضم الدول التي استطاعت الابتعاد عن دائرة السيطرة السوفيتية.

3. كان اشتراك يوغسلافيا في المؤتمر تأكيداً على أن سياسة عدم الانحياز يمكن أن تأخذ بها أي دولة مهما كان نظامها السياسي والاقتصادي والإيديولوجي.

    وقد أكدت قرارات بريوني على مبادئ مؤتمر باندونج، كما طالبت بحظر السلاح وحظر التجارب النووية ومنح المزيد من المعونات الاقتصادية للدول النامية، وقبول الصين في الأمم المتحدة وتوحيد شطري ألمانيا، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بعودة الشعب الفلسطيني، كما استنكرت قرارات المؤتمر الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

ثالثاً: مؤتمر القمة الأول التأسيسي لحركة عدم الانحياز في بلجراد:

    عقد مؤتمر تحضيري في القاهرة خلال الفترة من 5 - 12 يونيه 1961م تمهيداً لمؤتمر بلجراد، لتحديد مفهوم عدم الانحياز وبلورة مبادئه، ووُجهت الدعوة لمؤتمر بلجراد بوساطة الجمهورية العربية المتحدة ويوغسلافيا وإندونيسيا، على أن يعقد في بلجراد خلال الفترة من 1 - 6 سبتمبر 1961م، وحضره خمس وعشرون دولة، وتركزت مقررات المؤتمر التأسيسي في الآتي:

1. إن الشعوب لها الحق في تقرير مصيرها بنفسها.

2. حق كل دولة في الاستقلال وحرية التصرف بمواردها.

3. إدانة أعمال القمع العسكرية التي تتعرض لها الشعوب التي ما تزال تطالب بحريتها واستقلالها. واستنكار الأعمال العدوانية الإسرائيلية، كما طالب المؤتمر استكمال الاستقلال الجزائري.

4. استنكر المؤتمر التمييز العنصري بكل أشكاله.

5. أكد المؤتمر على ضرورة التحرك الإيجابي، والعمل على نزع السلاح ومنع التجارب النووية، وكلف المؤتمر كل من الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو ورئيس جمهورية مالي موديبو كيتا Modibo Keita بالاتصال بالرئيس الأمريكي جون كيندي John Fitzgerald Kennedy ومناشدته الاجتماع برئيس وزراء الاتحاد السوفيتي، إلا أن نيكيتا خروتشوف Nikita Khrushchev أرسل خطاب إلى المؤتمر يؤكد فيه على استمرار الاتحاد السوفيتي في إجراء التجارب النووية.

        لقد كان توقيت انعقاد مؤتمر بلجراد مناسباً جداً، حيث كان العالم يقف على حافة الهاوية، نظراً لأن خطر الحرب كان حقيقة واقعة، كما أن الدول الكبرى لم تتمكن خلال هذه الفترة من مجابهة المحن الكبرى، ولذلك يعتبر مؤتمر بلجراد انتصاراً تاريخياً كبيراً لسياسة عدم الانحياز، ودليلاً صادقاً على قوة هذه الدعوة على الساحة الدولية ومدى انتشارها وجدوى مبادئها السلمية الهادفة.

رابعاً: مؤتمر القمة الثاني لحركة عدم الانحياز في القاهرة:

    عقد المؤتمر في 5 أكتوبر 1964م بحضور سبعة وأربعون دولة، وتضمن الإعلان النهائي للمؤتمر الذي أطلق عليه برنامج السلام والتعاون الدولي، واتفق أعضاء حركة عدم الانحياز على الآتي:

1. العمل المشترك لتحرير الدول غير المستقلة والقضاء على الاستعمار، واستنكار عدم تنفيذ إعلان الأمم المتحدة الخاص بمنح البلدان والشعوب المستعمرة استقلالها.

2. تأييد كفاح شعب فلسطين للتحرر من الاستعمار والعنصرية، وشجب سياسة الإمبريالية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، ويقرر وفقاً لميثاق الأمم المتحدة تأييد استعادة حقوق الشعب العربي في فلسطين كاملة غير منقوصة، وحقه الطبيعي في تقرير مصيره، ونضاله من أجل التحرر من الاستعمار.ض

3. اعتبار التمييز العنصري انتهاكاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومبدأ المساواة بين الشعوب، وندد في هذا الإطار بحكومة جنوب أفريقيا العنصرية.

4. إن حق الاستقلال التام هو حق طبيعي يجب الاعتراف به فوراً ودون شروط، وتطبيق مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، والامتناع عن أي تهديد باستعمال القوة، ويشير إلى وجوب حل جميع المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، وبالتزام الدول للتعاون من أجل دفع عجلة التنمية الاقتصادية في الدول النامية والعالم أجمع.

5. إن مشكلة الأمم المقسمة سبب أساسي للتوتر الدولي، ولذلك يعلن المؤتمر تعاطفه مع هذه الشعوب إشارة إلى مشكلة تقسيم ألمانيا، كما يعلن المؤتمر قلقه بشأن المسألة القبرصية، كما طالب المؤتمر رفع الحصار الاقتصادي الأمريكي المفروض على كوبا.

6. طالب المؤتمر بحل المنازعات الدولية بالطرق السلمية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة دون التهديد باستعمال القوة أو باستخدامها، وقد أشار المؤتمر إلى احترام السلام والاستقرار في شبه جزيرة الهند الصينية.

7. حتمية نزع السلاح، واستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية، وتحريم جميع التجارب النووية، ومنع انتشار الأسلحة النووية وإلغائها، وإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، وطلب المؤتمر من الدول الكبرى أن تتخذ خطوات عاجلة نحو تحقيق نزع السلاح تحت رقابة دولية فعالة ودقيقة، ويناشد المؤتمر جميع الدول أن تنضم إلى معاهدة موسكو للحظر الجزئي لتجارب الأسلحة النووية.

8. أكد المؤتمر على أن وجود الأحلاف العسكرية قد زادت من حدة التوتر الدولي وتصاعد الحرب الباردة، كما اعتبر أن استمرار وجود القواعد العسكرية الأجنبية في أراضي بعض الدول يمثل انتهاكاً لسيادة الدول وتهديداً للحرية والسلام العالمي، وأوصى المؤتمر بإزالة القواعد الأجنبية من قبرص، وندد بعزم الدول الاستعمارية على إنشاء قواعد في المحيط الهندي بهدف الضغط على الدول الناشئة في أفريقيا وآسيا.

9. رأى المؤتمر أن تقوم الأمم المتحدة بوظائفها بشكل فعال، وأن تراعي في أعمالها المبادئ الأساسية للتعايش السلمي وطالب بانضمام الصين الشعبية إليها.

10. أهمية وضع برنامج للعمل من شأنه أن يعالج مشاكل الدول النامية، ويتحقق في إطاره تعاون أفضل بين الدول الصناعية والدول النامية، ويطالب بالتعجيل بإنشاء وكالة متخصصة للتنمية الصناعية.

11. طالب المؤتمر بتعزيز مجالات التعاون الثقافي والعلمي والتربوي بين دوله والدول المتقدمة، ويدعو الدول الصناعية الكبرى لتزويد الدول النامية بمزايا التقدم العلمي والتكنولوجي لتحقيق التنمية الاقتصادية.

خامساً: مؤتمر القمة الثالث لحركة عدم الانحياز في لوساكا:

    عقد مؤتمر القمة الثالث لدول عدم الانحياز في الفترة من 8 - 10 سبتمبر 1970م، بعد انقطاع استمر حوالي ستة سنوات، وحضره أربعة وخمسون دولة، وقد تركزت أعمال المؤتمر حول عدة قضايا منها:

1. تدعيم التضامن بين الدول الأعضاء.

2. اتخاذ موقف موحد في معالجة القضايا الدولية وخاصة داخل الأمم المتحدة.

3. التأكيد على الدور الذي يجب أن تقوم به دول عدم الانحياز مستقبلاً، حتى تظل بعيدة عن تأثير الكتلتين الشرقية والغربية.

4. معالجة قضايا الاستعمار والتمييز العنصري والشرق الأوسط.

5. تدعيم إمكانيات الاكتفاء الاقتصادي والتنمية في المجتمع.

وتمثلت قرارات المؤتمر في الآتي:

1. طالب المؤتمر بضرورة إسراع الأطراف المعنية في الشرق الأوسط بتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 242 الصادر في 22 نوفمبر 1967م.

2. إدانة الاعتداء الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.

3. دعوة الانسحاب الفوري للقوات الأمريكية من أراضي فيتنام، وكذلك الحل السلمي لمشكلات لاوس وكمبوديا بما يضمن للدولتين الاستقلال والوحدة الوطنية.

4. أهمية تصفية الاستعمار، ومناشدة الدول الكبرى أن تمتنع عن مساعدة النظم الاستعمارية والقهر العنصري في العالم.

5. إعلان المساندة الكاملة والتضامن بكافة الوسائل مع الشعوب المضطهدة في جنوب أفريقيا.

6. يدعو المؤتمر الدول الكبرى إلى عدم مساعدة البرتغال في استمرارها لقمع الشعوب الأفريقية التي تستعمرها وتسيطر عليها.

7. المطالبة بإنهاء نظام الانتداب غير المشروع الذي تمارسه حكومة جنوب أفريقيا على إقليم ناميبيا.

8. المساندة المعنوية والمادية لحركات التحرر الوطني في زيمبابوي من الحكم الأبيض العنصري.

سادساً: مؤتمر القمة الرابع لحركة عدم الانحياز بالجزائر:

    عقد المؤتمر في الفترة من 5 - 9 سبتمبر 1973، وحضره ممثلو ست وسبعون دولة وأربع عشرة حركة تحررية وثلاث دول أوروبية، وصدر في نهاية المؤتمر بيانان أحدهما سياسي والآخر اقتصادي وتضمن البيان السياسي الآتي:

1. ضرورة قيام دول حركة عدم الانحياز بعمل أكثر حزماً في سياسته التوفيقية.

2. أدان المؤتمر سياسة إسرائيل التوسعية العدوانية وضم الأراضي التي تحتلها بالقوة، وممارسة القمع ضد سكان المناطق المحتلة.

3. طالب المؤتمر بانسحاب إسرائيل الفوري غير المشروط من جميع الأراضي المحتلة، وتعهد بمساعدة مصر وسورية والأردن على تحرير أراضيهم بكل الوسائل.

4. طالب المؤتمر من جميع الدول وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية إيقاف دعمها السياسي والاقتصادي والعسكري لإسرائيل، الذي يمكنها من مواصلة سياستها العدوانية والتوسعية.

5. اعتبر المؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد لشعب فلسطين، ومُنحت صفة عضو مراقب في حركة عدم الانحياز.

6. التأكيد على إقامة مناطق سلام وتعاون دولي في مختلف أنحاء العالم، وعلى أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

7. شجع المؤتمر الجهود التي تبذلها الشعوب العربية في الخليج العربي، الهادفة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز استقلالها، ومواجهة التدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية.

    وتضمن البيان الاقتصادي عدة توصيات كان أهمها مراقبة نشاطات الشركات متعددة الجنسيات، والعمل على تشكيل منظمات تهدف إلى الدفاع عن مصالح الدول المنتجة للمواد الأولية، والتصرف بكامل سيادتها على مواردها الطبيعية.

سابعاً: مؤتمر القمة الخامس لحركة عدم الانحياز في كولومبو:

    عقد المؤتمر في الفترة من 16 - 19 أغسطس 1976م، باشتراك وفود سبعة وثمانون دولة، وخمسة عشر دولة بصفة مراقب، إضافة إلى ست دول لها صفة الضيوف وتضمنت قرارات المؤتمر الآتي:

1. إنشاء مصرف للعالم الثالث.

2. الدعوة إلى تجديد فعالية ونشاط حركة عدم الانحياز، ليكون قادراً على مواجهة الإمبريالية والاستعمار بأشكاله المختلفة الجديد والقديم.

3. دعوة المؤتمر إلى توقيع عقوبات رادعة على إسرائيل إذا لم تلتزم بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، مع احتمال طردها من الأمم المتحدة إذا دعت الحاجة.

4. تجديد الدعوة على اعتبار المحيط الهندي منطقة سلام، لاستبعاد التنافس الدولي من الكتلة الشرقية والغربية عليه، مع أهمية إعلان حرية الملاحة غير العسكرية فيه.

5. مساعدة الدول على إعادة البناء والتعمير.

    وخلال هذا المؤتمر جرى دراسة وتقييم الوضع الاقتصادي الدولي ومشاكل التنمية، وموضوع إقامة نظام اقتصادي دولي جديد، كما حُددت الوسائل الكفيلة بدعم التضامن والتعاون والتنسيق بين دول حركة عدم الانحياز في كافة الميادين سواء كانت ثقافية أو إعلامية أو علمية، وكذلك دُرس دور وآليات حركة عدم الانحياز في مجال العلاقات الدولية، ودعم منظمة الأمم المتحدة في تنفيذ مهامها، كما جرى تنظيم وتأسيس مكتب التنسيق الخاص بحركة عدم الانحياز وتحديد دوره ومهامه ومسؤولياته.

ثامناً: مؤتمر القمة السادس لحركة عدم الانحياز في هافانا:

    عقد المؤتمر في الفترة من 3 - 9 سبتمبر 1979م، وبحضور مائة دولة كاملة العضوية في المنظمة، وخلال هذا المؤتمر بدأ يتضح العديد من المشاكل ومنها مشكلة جنوب أفريقيا، وجزر فوكلاند والصحراء الغربية، وقد عكست نتائج المؤتمر طبيعة الموقف السائد في ذاك الوقت، حيث اقتربت الحركة من مشاكل أمريكا اللاتينية، ونددت بالسياسة الأمريكية، كما صدر إعلان هافانا عن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها، كما رفضت الحركة محاولات كوبا لتأكيد العلاقة بين حركة عدم الانحياز وبين الكتلة الشرقية، كذلك كان هناك نقد واضح وصريح لاتفاقية كامب ديفيد، والدعوة لتعليق عضوية مصر باعتبارها قد خرجت عن مقررات حركة عدم الانحياز، إلا أنه لم يمكن التوصل إلى قرار بهذا الشأن ولم يكن هناك توافق في الآراء، ومن ثم اعتبرت المشكلة الخاصة بالطعن في عضوية مصر مرفوضة مع استمرار دول عدم الانحياز على رفضها لاتفاقية كامب ديفيد.

    كما أكد المؤتمر في نهايته على وحدة الأراضي اللبنانية، وأدان بشدة العدوان والغزو الإسرائيلي المستمر على جنوب لبنان، كما أدان المحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى تكريس احتلال إسرائيل لبعض المناطق اللبنانية بوساطة عملائها، وطالب كافة الدول مساعدة ومساندة الشعب اللبناني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، كما شدد المؤتمر على أن البحث عن السلام العالمي مرتبط ارتباطاً كاملاً بالنضال ضد الإمبريالية والاستعمار والتمييز العنصري بما في ذلك الصهيونية، كما ناقش المؤتمر قضية كمبوديا، وأُخذت الموافقة على إبقاء مقعدها شاغراً حتى عام 1982م، كما لم يتخذ قرار بشأن قضية الصحراء الغربية.

تاسعاً: مؤتمر القمة السابع لحركة عدم الانحياز في نيودلهي:

    كان انعقاد القمة السابعة في ظل متغيرات دولية متلاحقة خلال الفترة ما بين عام 1982م ومارس 1983م، والتي خلالها أثقلت العالم بمزيد من القضايا والمشاكل، ووسط عودة توترات الحرب الباردة بين القوتين العظميين، حيث تشابكت أزمة الشرق الأوسط مع تعقيدات القضية اللبنانية والانعكاسات الدولية التي أفرزها الغزو السوفيتي لأفغانستان، والتي تداخلت كذلك مع الحرب العراقية الإيرانية، كذلك استمرار الصراع في إطار المحيط الهندي والقرن الأفريقي، كما كان تجدد حدة الصراع في السلفادور والقرار الأمريكي بالتصدي لسياسية الاتحاد السوفيتي في امتداده إلى أمريكا الوسطى وأمريكا اللاتينية، والتي تداخلت في قضية نشر الولايات المتحدة الأمريكية لصواريخها النووية المتوسطة في دول حلف شمال الأطلسي رداً على نشر الاتحاد السوفيتي لصواريخه تجاه دول أوروبا الغربية، والتي كانت من عوامل نقل الصواريخ إلى دائرة المحيط الهادي خاصة بعد التهديد السوفيتي النووي لليابان في 20 يناير عام 1983 إذا قبلت تواجد أمريكي عسكري بها، أو إذا اتخذت إجراءات دفاعية أكثر مما هي عليه[1]، كما كان للحرب الإعلامية بين القطبين دورها في الإعلان عن عودة سباق التسلح بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، كذلك بدأت معالم الأزمات الاقتصادية العالمية في الظهور، بسبب تصاعد أزمة الديون الدولية وزيادة التضخم والركود في العديد من الدول الصناعية الكبرى، في إطار هذا التوتر تقرر نقل مكان انعقاد القمة السابعة لدول عدم الانحياز من بغداد عام 1982 ليكون في نيودلهي عام 1983م.

    عُقد مؤتمر القمة السابعة في ظل المتغيرات الدولية المتشابكة، وحضرها حوالي سبعون ملكاً ورئيس دولة ورئيس حكومة يوم 7 مارس 1983، وبذلك يكون قد وصل عدد أعضاء الحركة إلى مائة وواحد عضو، منهم سبعة وأربعون دولة أفريقية، وثلاثة عشر دولة من أمريكا اللاتينية، وسبعة وعشرون دولة آسيوية، كذلك ثلاثة دول أوروبية، وكان مقرراً أن تختتم القمة السابعة أعمالها يوم 11 مارس، إلا أن تعذر الوصول إلى توافق الرأي حول مكان انعقاد القمة الثامنة، وكذلك الخلاف حول الحرب العراقية ـ الإيرانية، قد أدى إلى تأخير أعمال المؤتمر حتى يوم 12 مارس، حيث أُعلن البيان الختامي للمؤتمر والذي شمل على الآتي:

1. إن السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن يقوم إلا على أساس انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة، وإعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في العودة إلى أراضيه وفي تقرير المصير دون تدخل أجنبي، وكذلك حقه في إقامة دولته المستقلة. كما أكد المؤتمر على أن القدس هي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولابد من انسحاب إسرائيل الكامل منها وإعادتها إلى السيادة العربية، كما أكد على أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة بأنها غير شرعية، وتشكل عقبة أمام تحقيق السلام، ولذا يجب إزالتها فوراً ومنع إقامة مستوطنات جديدة.

2. أدان المؤتمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، والجرائم التي ترتكبها إسرائيل من قتل وتدمير إحدى دول عدم الانحياز، كما ندد برفض إسرائيل الامتثال لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مرتفعات الجولان السورية المحتلة، كما أدان المؤتمر سياسة الولايات المتحدة الأمريكية التي تساعد إسرائيل على استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية، كما تساعد إسرائيل داخل الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن باستعمالها لحق الفيتو.

3. أكد المؤتمر على التزام دول عدم الانحياز بزيادة المساعدات لدول المواجهة العربية ولمنظمة التحرير الفلسطينية، وطالبوا الدول الأوروبية بالدعم السياسي والدبلوماسي للشعب الفلسطيني والدول العربية في جهودها لاستعادة جميع الأراضي والحقوق العربية والفلسطينية.

4. أدان المؤتمر العدوان الإسرائيلي على المنشآت النووية العراقية باعتبار أن ذلك عملاً من أعمال الإرهاب الدولي، وأعرب عن التضامن مع العراق وجميع الدول النامية في ممارسة حقوقها المشروعة، وحيازة وتطوير التكنولوجيا النووية اللازمة للأغراض السلمية والبرامج الإنمائية.

5. أعرب المؤتمر عن قلقة من التصعيد المتواصل للوجود العسكري للدول الكبرى في منطقة المحيط الهندي، وطالب باستئناف المفاوضات الثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي لتخفيض وجودهما العسكري وجعل المحيط الهندي منطقة سلام.

6. أعرب المؤتمر عن تأييده للجهود التي بذلتها منظمة الوحدة الأفريقية من أجل حل نزاع الصحراء الغربية وفقاً لقرار مؤتمر القمة الأفريقي الثامن عشر الذي عقد في نيروبي الفترة من 24 - 27 يونيه 1981م.

7. أكد المؤتمر على حق شعب ناميبيا في الاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولة مستقلة، كذلك أعلن تأييده لكفاح شعب جنوب أفريقيا من أجل تقرير المصير، وكفاحه ضد القهر والاستغلال والسيطرة العنصرية.

8. أكد المؤتمر على حق شعب كمبوديا في تقرير مصيره، وأعرب عن أمله في التوصل من خلال المفاوضات إلى تهيئة مناسبة لحق تقرير المصير، كما أيد الجهود المخلصة التي يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التسوية السياسية في أفغانستان، أما بالنسبة لكوريا فقد أعرب المؤتمر عن أمله في أن يعزز انسحاب جميع القوات الأجنبية من المنطقة تحقيق رغبة الشعب الكوري في إعادة وحدته بالطرق السلمية.

9. طالب المؤتمر إشراك حركة عدم الانحياز في مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي، وأثار وجود ارتباط وثيق بين المسائل الأمنية في أوروبا ومنطقة البحر المتوسط، كما أعرب عن قلقه من تصاعد التوتر في أوروبا ودعا إلى مفاوضات فورية تهدف إلى الخفض الملموس في التسليح.

10. أكد المؤتمر على دعمه المستمر لنضال دول أمريكا اللاتينية من أجل استقلالها، كذلك أعلن دعمه ضد الإمبريالية والاستعمار في جميع صوره الهادفة إلى السيطرة والهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما طالب بوقف جميع أشكال العدوان والتهديد ضد كوريا وانتهاك مجالها الجوي ومياهها الإقليمية، وأعلن دعمه لمطالب كوبا الخاصة باستعادة قاعدة جوانتانامو البحرية من الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك أكد البيان على دعمه لشعب بورتريكو في تقرير المصير والاستقلال، كما أكد على تأييده لسيادة الأرجنتين على جزر فوكلاند.

11. في المجال الاقتصادي أكد المؤتمر على أهمية إعادة جدولة الديون الأجنبية للعالم الثالث، والتي بلغت في ذاك الوقت حوالي 540 مليار دولار، وطالب بإعادة إصلاح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على ألا يسيطر عليهما الغرب. كما طالب المؤتمر بإنهاء القيود التجارية، وإلى المعاملة التفضيلية لصادرات دول العالم الثالث، واقترح المؤتمر إنشاء عدة مؤسسات تهدف إلى دعم التعاون الاقتصادي بين الدول النامية.



[1] جاء التهديد السوفيتي لليابان بعد تصريح رئيس الوزراء الياباني ناكاسوني لدى زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في يناير 1983، حيث أكد على أهمية توفير دفاع قوي ضد القاذفات السوفيتية.