إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / جامعة الدول العربية




محمود رياض
محمد عبد الخالق حسونة
أحمد عصمت عبد المجيد
الشاذلي القليبي
علم الجامعة
عمرو موسى
عبد الرحمن عزام





المبحث الثاني

المبحث الرابع

العضوية في جامعة الدول العربية

    تنص المادة الأولى من ميثاق الجامعة العربية على أن "تتألف جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة الموقعة على هذا الميثاق. ولكل دولة عربية مستقلة الحق في أن تنضم إلى الجامعة، فإذا رغبت في الانضمام قدمت طلباً بذلك يودع لدى الأمانة العامة الدائمة، ويعرض على المجلس في أول اجتماع يعقد بعد تقديم الطلب".

    من خلال هذا النص، يتضح أن للعضوية أحكاماً، منها ما يتعلق باكتساب العضوية، ومنها ما يتعلق بانتهاء العضوية.

أولاً: اكتساب العضوية 

    تنقسم العضوية في جامعة الدولة العربية كما هي في منظمة الأمم المتحدة إلى عضوية أصلية وعضوية بالانضمام.

1. العضوية الأصلية: وهي التي تثبت للدول العربية المستقلة، التي وقعت على ميثاق الجامعة عند نشوئها، وصادقت عليه. وهي مصر، والعراق، وسورية، ولبنان، والأردن، والسعودية، واليمن.

2. العضوية بالانضمام: أي اكتساب العضوية عن طريق الانضمام إلى ميثاق الجامعة، بعد نشأتها. وهو ما أشارت إليه المادة الأولى، فنصّت: "ولكل دولة عربية مستقلة الحق في أن تنضم إلى الجامعة إذا ما توافرت الشروط التالية:

أ. أن تكون دولة عربية، وتقرير عروبة الدولة يقدرها مجلس الجامعة. وقد أثار قبول الصومال عام 1974، وجبيوتي فيما بعد جدلاً بين أعضاء الجامعة، خاصة أن اللغة الرسمية لهاتين الدولتين لم تكن اللغة العربية. وقد استند مجلس الجامعة، عند قبول الدولتين، إلى أصل الشعبين وانتمائها القومي.

ب. أن تكون دولة مستقلة. فالوحدات السياسية، غير الدول، لا تكتسب صفة العضوية، كما أن الدولة، التي لم تحصل على استقلالها بعد، لا تُقبل عضواً بالجامعة على أساس أن كافة المنظمات الدولية لا تقبل في عضويتها إلاّ الدول كاملة السيادة. فالدولة غير المستقلة لا تستطيع تنفيذ الالتزامات المترتبة على الانضمام[1].

        كما أن صفة المراقب التي تمنحها منظمة الأمم المتحدة للدول والحكومات التي في المنفى، لم نجد لها نصاً خاصاً في الميثاق، باستثناء ما ورد في المادة الرابعة، من جواز دعوة ممثلين للبلاد العربية غير الأعضاء لحضور اجتماعات لجان الجامعة.   

        ووفقاً للمفهوم القانوني "للدولة"، التي يجب أن يتوفر فيها مقومات الدولة الثلاثة، وهي الشعب، والإقليم، والسيادة، فإن جامعة الدول العربية توسعت في مفهوم السيادة والاستقلال، واكتفت بتمتع الدول بالحكم الذاتي، وأن يعترف بوجودها عدد كبير من الدول. وعلى هذا الأساس، قُبلت سوريه، ولبنان، وشرق الأردن. كما قُبلت الحكومة المؤقتة للجزائر بقرار من مجلس الجامعة في شهر يوليه 1959، استناداً إلى الملحق الخاص بالتعاون مع البلاد العربية غير الأعضاء.

        أمّا بالنسبة إلى دولة فلسطين فإنها مُنحت وضعاً خاصاً ومتميزاً، أقرّ لها ملحقاً خاصاً . وقد ورد فيه بأنه: "نظراً لظروف فلسطين الخاصة، وإلى أن يتمتع هذا القطر بممارسة استقلاله فعلاً، يتولى مجلس الجامعة أمر اختيار مندوب عربي من فلسطين للاشتراك في أعماله".

        وهكذا حدد هذا الملحق، ومناقشات أعضاء مجلس الجامعة فيما بعد، وضع فلسطين، وكيفية تمثيلها في مجلس الجامعة. فالمجلس يختار مندوباً عن عرب فلسطين، وليس عن فلسطين، لحضور جلساته. ولهذا المندوب حق الاشتراك في أعمال المجلس ومناقشاته، من دون أن يكون له حق التصويت، إلاّ في المسائل، التي تتعلق بقضية فلسطين.

        وبعد نكبة فلسطين، ونشأة الدولة الصهيونية على جزء كبير من الأراضي الفلسطينية في مايو 1948، لم يتغير كثيراً وضع فلسطين في الجامعة العربية، إلاّ بقرار مجلس الجامعة، في عام 1952 (أُنظر القرار الرقم ق 473/د ع16/ ج 5-23/9/1952)، باعتبار المندوب الفلسطيني مندوباً عن "فلسطين" وليس مندوباً عن "عرب فلسطين"، كما كان الأمر قبل ذلك.

        وقد ظل الأمر على هذا النحو حتى شُكِّلت منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1963، واعترف بها الملوك والرؤساء العرب، في أول مؤتمر عربي على مستوى القمة، عقد في القاهرة، في يناير 1964، إذ اتفق الملوك والرؤساء في هذا المؤتمر على أن يكون رئيس منظمة التحرير الفلسطينية هو ممثل فلسطين في جامعة الدول العربية. وجاء عدوان إسرائيل في يونيه 1967، وهو العدوان الذي تمكنت إسرائيل خلاله من الاستيلاء على بقية فلسطين وعلى سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية، ليشكل منعطفاً جديداً في تاريخ القضية الفلسطينية، إذ ساعد على تفجير الحركة الوطنية الفلسطينية، وبلورة الشخصية المستقلة للشعب الفلسطيني. وفي أعقاب الانتصار العربي، في أكتوبر 1973، قرر الملوك والرؤساء العرب أثناء اجتماعهم في مؤتمر قمة الرباط عام 1974، الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ليس فقط في الجامعة العربية، وإنما في الأمم المتحدة كذلك وعلى الصعيد الدولي. وكانت هذه خطوة أخرى حسمت خلافاً قديماً ومزمناً في الساحة العربية حول من يمثل فلسطين وشعبها، ولكن ذلك لم ينعكس على الوضع القانوني للمنظمة داخل جامعة الدول العربية، إذ ظلت تُعامل على أساس أحكام الملحق الخاص. وأخيراً قرر مجلس الجامعة ( أُنظر القرار الرقم ق 3462، د.ع 66/ج 2- 9/9/1976)، الذي انعقد بالقاهرة على شكل مؤتمر لوزراء الخارجية العرب، في سبتمبر 1976، بناء على اقتراح جمهورية مصر العربية، قبول منظمة التحرير الفلسطينية عضواً كامل العضوية في جامعة الدول العربية، لها ما لكل الأعضاء من حقوق وعليها ما عليهم من واجبات. وبذلك أصبح من حق المنظمة أن تعيِّن ممثل فلسطين في مجلس الجامعة، وأصبح من حقه أن يشترك في التصويت، على كل القضايا التي يناقشها المجلس.  

ج. أن يوافق مجلس الجامعة على الانضمام. فقد حددت المادة الأولى من الميثاق الإجراءات الواجب إتباعها لاكتساب العضوية، التي تتمثل في تقديم طلب كتابي تعبر فيه الدولة عن رغبتها في الانضمام، وتتعهد فيه بقبول جميع الالتزامات التي يرتبها الميثاق على أعضاء الجامعة، ثم يعرض أمين الجامعة الطلب على المجلس للحصول على موافقته.

        وأمام عدم نصّ المادة الأولى من الميثاق على بيان الأغلبية الواجب توافرها للموافقة على طلب الانضمام، جرى التعامل إلى أوائل الستينات على اشتراط إجماع الدول الأعضاء في المجلس. وعندما قدمت الكويت عام 1961، طلب العضوية للجامعة عارضه مندوب العراق، التي كانت تعتبر الكويت جزءاً منها، وانسحب مندوب العراق، احتجاجاً، من مداولات المجلس. وقُبلت الكويت، في غياب مندوب العراق، استناداً إلى أن العبرة في الإجماع بأصوات الدول الحاضرة، ولا عبرة لأصوات الدول الغائبة، كما اعتبر بعد ذلك أن موافقة الأكثرية بالمجلس كافي لقبول دولة عضواً بالجامعة، استناداً إلى المادة السابعة من الميثاق، التي تقرر بأن ما يقرره المجلس بالإجماع يكون ملزماً لمن يقبله.

        وقد كان وراء هذا التخريج، تحفظ السعودية على قبول عضوية اليمن الديمقراطي (سابقاً) عام 1967، وتحفظ السعودية واليمن الديمقراطي على عضوية سلطنة عُمان عام 1971، وتحفظ السعودية واليمن الديمقراطي والعراق على عضوية اتحاد الإمارات العربية عام 1971.

        وقد تم حتى الآن قبول ست عشرة دولة بطريق الانضمام[2]، بالإضافة إلى الدول السبع المؤسسة للجامعة وهي: مصر، والعراق، والمملكة العربية السعودية، وسورية، ولبنان، واليمن الشمالي، والأردن.      

ثانياً: فقد العضوية

    تنظم المادتان 18، 19 من الميثاق أحكام فقد العضوية من الجامعة. وتنص المادة 18، على أنه: "إذا رأت إحدى دول الجامعة أن تنسحب منها، أبلغت المجلس عزمها على الانسحاب قبل تنفيذه بسنة، ولمجلس الجامعة أن يعتبر أية دولة لا تقوم بواجبات هذا الميثاق، منفصلة عن الجامعة، وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول عدا الدولة المشار إليها".كما تنص المادة 19، على أنه: "يجوز بموافقة ثلثي دول الجامعة تعديل هذا الميثاق، وعلى الخصوص لجعل الروابط بينها أمتن وأوثق، ولإنشاء محكمة عدل عربية، ولتنظيم صلات الجامعة بالهيئات الدولية، التي قد تنشأ في المستقبل، لكفالة الأمن والسلام. ولا يُبت في التعديل إلاّ في دور الانعقاد الثاني للدور الذي يُقدم فيه الطلب. وللدولة، التي لا تقبل التعديل أن تنسحب عند تنفيذه دون التقيد بأحكام المادة السابقة".

ويتبين من دراسة نصوص هاتين المادتين أن هناك ثلاث حالات لفقد العضوية في الجامعة العربية وهي:

1. الانسحاب الإداري العادي:

    لكل دولة عضو بالجامعة الحق في الانسحاب من عضويتها، بشرط إبلاغ مجلس الجامعة بذلك قبل سنة من تنفيذه، على أن تتحمل الدولة كافة الالتزامات المترتبة عليها إلى تاريخ الانسحاب. ولم يشترط الميثاق أن يكون قرار الانسحاب قراراً مسبباً، بل أباح للدولة المنسحبة تنفيذ قرارها بعد مرور شرط السنة المنصوص عليها، من دون انتظار أو اعتبار لرأي مجلس الجامعة.

    والغرض من إعطاء فترة انتظار، للبدء في تنفيذ الرغبة في الانسحاب، إعطاء فرصة لمجلس الجامعة، لمعرفة أسباب الانسحاب، ومحاولة إقناع الدولة بالعدول عنه.

2. الانسحاب بسبب تعديل الميثاق:

    ومقتضى هذه الحالة، طبقاً للمادة 19 من الميثاق، أنه إذا تراءى لدول الجامعة أن تعدّل الميثاق، ورأت إحدى الدول الأعضاء أن هذا التعديل لا يتفق مع مصالحها، جاز لهذه الدولة أن تنسحب من عضوية الجامعة، عند تنفيذ هذا التعديل ومن دون التقيد بشرط السنة، كما هو في الحالة السابقة.

3. الفصل من الجامعة:

    وقد أباح الميثاق لمجلس الجامعة، أن يقرر بإجماع أعضائه، عدا العضو المقرر فصله، فصل أي عضو إذا ثبت أن ذلك العضو لا يقوم بتنفيذ الالتزامات التي يفرضها الميثاق. ويترتب على فقد العضوية، حرمان الدولة من الحقوق، وتحللها من الالتزامات، التي قررها الميثاق، على أنه بإمكان الدولة إعادة عضويتها في الجامعة، بتقديم طلب إلى مجلس الجامعة.

4. زوال الشخصية القانونية للدولة:

    وهذه الحالة لم يتم النص عليها في الميثاق، ولكنها حالة متعارف عليها في الفقه القانوني الدولي، فإذا فقدت إحدى الدول الأعضاء في الجامعة شخصيتها القانونية الدولية لأي سبب من الأسباب وليكن مثلاً الاندماج في دولة أخرى تفقد هذه الدولة بالتالي عضويتها في الجامعة، وفي المنظمات الدولية لانتفاء صفة الدولة في ذلك العضو. وهذا ما حدث عندما قامت الوحدة بين مصر، وسورية، وكونتا دولة جديدة هي الجمهورية العربية المتحدة، في فبراير عام 1958، وكذلك عند اتحاد اليمن الجنوبي واليمن الشمالي، في دولة واحدة في شهر مايو 1990، وكونتا الجمهورية العربية اليمنية، فإن هاتين الدولتين الجديدتين حلتا محل الدول السابقة. وترتب على فقدان العضوية تحلل الدولة من التزاماتها وحرمانها من ممارسة الحقوق المترتبة على العضوية .

    أمّا فقدان الدولة لسيادتها بالإكراه، كما حدث نتيجة لاجتياح العراق لدولة الكويت، عام 1990، فإنه لم يؤثر على استمرار عضوية الكويت في الجامعة، ومن ثم، فإنها تتحمل الالتزامات، وتمارس الحقوق، التي رتبها الميثاق.



[1]  من هذه الالتزامات دفع الدولة نصيبها في ميزانية الجامعة، وفقاً للنِّسب المقررة في دورة مجلس الجامعة، السبعين، في 12ـ 14/9/1978، القرار الرقم 3759، على النحو التالي: الأردن 1%، الإمارات العربية 6.5%، البحرين 2%، تونس 1.5%، الجزائر 8%، جيبوتي 1%، السعودية 14%، السودان 1.5%، سورية 1.5%، الصومال 1%، العراق 10%، عُمان 2%، فلسطين 1% معفاة، قطَر 4.5%، الكويت 14%، لبنان 2%، ليبيا 12%، مصر 8.5 %، المغرب 5 %، موريتانيا 1%، اليمن الشمالية 1%، اليمن الجنوبي 1%.

 [2] انضمت ليبيا في 28 مارس 1953، والسودان في 19 يناير 1956، والمملكة المغربية في أول أكتوبر 1958، وتونس في أول أكتوبر 1958، والكويت في 20 يوليه 1961، والجزائر في 16أغسطس1962، واليمن الجنوبي في 12 ديسمبر1967، والبحرين وقطَر في 11 سبتمبر1971، وسلطنة عُمان في 29سبتمبر 1971، ودولة الإمارات العربية المتحدة في 6 ديسمبر1971، وموريتانيا في 26نوفمبر 1973، بقرار من مؤتمر القمة العربي في الجزائر، وجمهورية الصومال الديموقراطية في 14 فبراير 1974، ومنظمة التحرير الفلسطينية في 9 سبتمبر1976، جمهورية جيبوتي في 4 سبتمبر 1977، وأخيراً جمهورية جزر القمر الإسلامية الاتحادية في 20 نوفمبر1993.