إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / حلف بغداد (الحلف المركزي CENTO)









ملحق رقم (10)

ملحق

محاضر جلسات مؤتمر رؤساء الحكومات العربية

خلال الفترة من 22 يناير حتى 8 فبراير 1955

محضر الجلسة الأولى

    افتتح الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الحكومة المصرية، المؤتمر، في دار وزارة الخارجية المصرية، في موعده المقرر، بحضور وفود الحكومات العربية وهذه أسماؤهم:

عن المملكة الأردنية الهاشمية

    توفيق أبو الهدى، رئيس الوزراء، ووليد صلاح، وزير الخارجية؛ وعوني عبدالهادي، السفير في القاهرة.

عن الجمهورية السورية

    فارس الخوري، رئيس الوزراء؛ وفيضي الأتاسي، وزير الخارجية؛ والدكتور نجيب الأرمنازي، السفير في القاهرة.

عن المملكة العربية السعودية

    الأمير فيصل، رئيس الوزراء؛ والسيد جواد زكري، القائم بأعمال السفارة في القاهرة.

عن الجمهورية اللبنانية

    ألفريد نقاش، وزير الخارجية؛ وسامي الصلح، رئيس الوزراء؛ والدكتور فؤاد عمون، مدير عام وزارة الخارجية؛ ونديم دمشقية، القائم بأعمال السفارة.

عن جمهورية مصر

    السيد الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الوزراء؛ والدكتور محمود فوزي، وزير الخارجية؛ والأميرالاي أ. ح محمود رياض محمد، مدير الإدارة العربية؛ وقائد الجناح؛ علي صبري، مدير مكتب رئيس الوزراء.

    أعلن السيد الرئيس افتتاح الجلسة، بكلمة، رحب فيها بالمجتمعين، وأبدى أسفه لمرض دولة السيد نوري السعيد، وتمنى له الشفاء العاجل. ثم ذكر أن هذا الاجتماع، كانت تترقبه جميع الشعوب العربية، ويرجو من الله، أن يحقق أماني العرب، ويوفق المجتمعين للوصول لما فيه خير البلاد العربية.

فيصل: أشكر سيادة الرئيس على المساعي، التي يقوم بها، لجمع شمل الأمة العربية. ونرجو من الله، أن يحقق جميع أمانينا. وإني أعتقد أنني أعبّر عن رأي جميع إخواني الحاضرين.

الرئيس: أقترح أن يكون جدول الأعمال كالآتي:

1. مناقشة عامة.

2. بحث خطوط السياسة العربية؛ وسيشمل ذلك السياسة الخارجية، معاهدة الدفاع المشترك، أوضاع الجامعة العربية، وغيرها من الأمور، التي ترونها.

3. بحث موضوع الدعوة، التي وجهتها العراق وتركيا للدول العربية، للانضمام للميثاق، المزمع عقده بينهما. وبما أن مصر، هي التي دعت إلى عقد هذا الاجتماع، فأودّ أن أوضح، أن مصر، لم تقصد بدعوتها هذه، أن تؤاخذ العراق؛ وإنما هذا الاجتماع هو النتيجة المرتقبة لاجتماع وزراء الخارجية؛ وإن ما حدث في بغداد، أخيراً، دعانا إلى طلب سرعة عقد اجتماع رؤساء الحكومات.

ألفريد نقاش: تلقينا رسالة، تفيد بأن السيد فاضل الجمالي موجود في بيروت، وأنه مستعد لحضور الاجتماع، وهو في انتظار ردّ من المجتمعين، ليحضر.

الرئيس: إننا نحرص على المصلحة العربية، وإنني أرى أنه إذا شاءت الحكومة العراقية تفويض السيد فاضل الجمالي، فإننا نرحب بحضوره.

فيصل: موافق.

فارس الخوري: أشار سيادة الرئيس، بأننا سنبحث في ما تم في بغداد، أخيراً، وكذا موضوع الضمان الجماعي. وإنني أعتقد، أن البحث في هذه المواضيع، يستلزم وجود من يمثل العراق معنا؛ حيث إننا نودّ أن نسمع وجهة نظرهم. وأقترح أن يرسل المؤتمر برقية إلى العراق، لدعوة السيد فاضل الجمالي للحضور.

فيصل: أؤيد فارس بك، من ناحية الشكل. ولكن، بما أن مصر، هي التي وجهت الدعوة، فيجب أن يأتي الرد من العراق إلى مصر. كما يجب أن تبين الحكومة العراقية صفة فاضل الجمالي؛ وهل ينوب عن رئيس الوزراء أم سيحضر للإدلاء بوجهة نظر العراق فقط، دون أن تكون له صفة المسؤولية؟

أبو الهدى: تكون له الصفة الرسمية، إذا فوضته حكومته.

الرئيس: بما أن السيد نوري السعيد مريض؛ لذا، فإننا نرحب، أن يحضر من يمثل العراق، على أن يكون مفوضاً، رسمياً، من حكومته. إلاّ أنه حتى هذه اللحظة، لم نتلقَّ من العراق سوى محاولات لتأجيل هذا الاجتماع إلى أجل غير مسمى.

فيصل: فهِمنا أن العراق، طلبت التأجيل فقط إلى أجل محدد.

الرئيس: كلا. إذ إن العراق طلبت التأجيل إلى أجل غير مسمى، وقد رفضنا ذلك. وأعتقد أننا متفقون على الترحيب بحضور فاضل الجمالي، في حالة تفويضه، رسمياً، من الحكومة العراقية.

الخوري: أعاد اقتراح إرسال الدعوة إلى نوري السعيد، باسم المؤتمر.

فيصل: أعترض على ذلك، لأن الدعوة سبق أن أرسلت، فعلاً، إلى العراق؛ ويمكن للسيد نوري السعيد، أن يفوض السيد فاضل الجمالي، للحضور.

الرئيس: وصلتنا برقية من بيروت، تفيد بأن كميل شمعون، اقترح على نوري السعيد، تفويض الجمالي.

فيضي الأتاسي: يمكن الإبراق لنوري السعيد، بأن يفوض أي شخص من العراق.

فيصل: الموضوع لم يكن واضحاً في البداية، وأرى أنه لا يوجد اقتراح من العراق بحضور الجمالي.

الرئيس: إنني أرسلت، اليوم، برقية إلى نوري السعيد، متمنياً له الشفاء، وأدعوه إلى الحضور. وبما أن رئيس الجمهورية اللبنانية، قد أرسل أيضاً برقية إليه، مقترحاً تفويض السيد الجمالي؛ لذا، فإننا نتوقع أن يرسل ردّاً بأنه سيحضر، أو بأنه لا يستطيع الحضور، ولن ينيب أحداً؛ أو بأنه سيفوض فاضل الجمالي، أو غيره، للحضور.

أبوالهدى: أرى أن ننتظر رد العراق على البرقيات، التي أرسلت.

سامي الصلح: هل يمكن تأجيل الجلسة، إلى أن يصلنا ردّ من نوري السعيد؟

الرئيس: لدينا كثير من المسائل الهامة، التي يمكننا بحثها؛ ولا أرى ضرورة لتأجيل الاجتماع. وأودّ أن أحيطكم علماً بأن رئيس الحكومة الليبية، طلب حضور هذا الاجتماع. وعندما أجبناه بأن هذا الاجتماع مقصور على الدول الموقعة على معاهدة الدفاع المشترك، ردّ، اليوم، بأن الموضوع يهم كافة الدول العربية في الجامعة. وبناء عليه، فإنني أرسلت إليه دعوة بالحضور.

فيصل: أرجو أن يحضر أيضاً من يمثل اليمن.

أبوالهدى: إنني فهمت أن اليمن، حاولت إرسال نائب لرئيس الوزراء، فرفض طلبها. وبما أننا قبِلنا أن يحضر نائب عن رئيس وزراء العراق، فإنني أقترح أن يسمح لليمن بإرسال نائب عن رئيس حكومتها.

الرئيس: أوافق على أن يحضر نائب لرئيس وزراء اليمن.

(موافقة من الجميع).

الرئيس: هل يوجد أي اقتراح حول جدول الأعمال؟

فيصل: أعتقد أن جدول الأعمال، الذي اقترحتموه، شامل لكافة المسائل الهامة.

الخوري: أودّ أن أعرف لما يسفر عنه اجتماع رؤساء أركان الحرب.

الرئيس: للأسف، لم يسفر هذا الاجتماع عن شيء هام. وأعتقد أنه طالما أننا لم نصل إلى اتفاق حقيقي، وكامل، حول ميثاق الضمان الجماعي؛ وطالما أن هذه المعاهدة ما زالت حبراً على ورق ـ فإنه لا ينتظر أن يحقق اجتماع رؤساء أركان الحرب، أي فائدة عملية.

فيصل: أرجو ألاّ يأسف الرئيس على صراحته.

الرئيس: إنني لا آسف على الصراحة، بل الحالة، التي وصلنا إليها؛ فإن الشعوب العربية، فقدت الثقة بنا، بعد حرب فلسطين؛ وأنه من الضروري، أن نعمل على إعادة هذه الثقة.

فيصل: سألني بعض الصحفيين: ما هي الموانع، التي تحول دون تنفيذ معاهدة الدفاع المشترك؟ وإنني أودّ توجيه هذا السؤال إلى الإخوان.

الرئيس: إن ما يمنع تنفيذ هذا الميثاق، هو، كما أوضحت، أن الثقة غير موجودة. ولتنفيذ هذا الميثاق، يجب علينا استعادة هذه الثقة. وأضرب مثلاً: فلو فرض أن إسرائيل قامت بالاعتداء على مصر، فماذا يفيدني هذا الميثاق؟ هل يمكنني أن أثق بأن جميع البلاد العربية، ستهب لنجدتي، وتحارب معي بكل قواتها، كما لو كان هذا الهجوم موجهاً ضدها؟

                   ولذا، يجب أن نواجه كل هذه الأمور، بصراحة؛ وإن المجاملة، وإظهار الشعور الطيب نحو بعضنا، في اجتماعات، لا يكفي، ولا يفيد.

فيصل: هل هناك ما يمنع من إعادة الثقة؟

الرئيس: إن مصر مؤمنة بأن سياستها الخارجية، يجب أن تبنى على التعاون الكامل مع البلاد العربية، وعلى مبادئ وأُسُس الجامعة العربية، وعلى معاهدة الدفاع المشترك. وإننا نعتقد، أن هذه هي الطريقة الوحيدة، لعدم حدوث فُرقة في البلاد العربية.

الخوري: إن مسألة الثقة، يجب إيجادها. أولاً، حتى يمكن تطبيق معاهدة الدفاع المشترك. وهذه الثقة ستأتي، عندما تعلم الشعوب العربية، أن بلادها، لديها القوة الكافية لصد عدوان إسرائيل.

                   وإنني لا أشك بأن الثقة موجودة، فعلاً، بين سورية ومصر؛ إذ إن أي دولة، لم تقصر في التعاون مع شقيقاتها؛ وأن العسكريين، يذكرون بأن استعداداتنا، لم تتم لصد هجوم إسرائيل.

                   ولذا، فإني أعيد القول بأن الثقة ستوجد، إذا علمت الشعوب العربية، أن قواتها المسلحة كافية لمواجهة العدوان الإسرائيلي.

الرئيس: إن البلاد العربية، تلقت درساً قاسياً من حرب فلسطين. وفقدت ثقتها بحكوماتها، عندما فشلت سبع دول عربية في حربها مع إسرائيل. وإن الشعور الطيب، والمحبة الموجودة بينها، لا تكفي للقيام بدرء أي عدوان. وإنني مؤمن بأن جيوشنا، مجتمعة، تفوق القوات الإسرائيلية. وإنه من واجبنا أن نرسم الخطط، لتقوية بلادنا، وأن نعمل على إحياء معاهدة الدفاع، حتى تشعر إسرائيل بأننا جادون، وأننا سنهب كلنا لنجدة أي بلد عربي، يُعتدى عليه.

فيصل: أوافق على أن العواطف المتبادلة بيننا، لا تكفي. وأكرر سؤالي، مرة أخرى، عن الموانع لتنفيذ معاهدة الدفاع المشترك، واتخاذ القرارات الكفيلة بتنفيذها؟

الرئيس: إننا، من جانبنا، قد رسمنا سياستنا على أساس تنفيذ هذه المعاهدة. فإذا حدث هجوم من إسرائيل على سورية، مثلاً، فإن مصر ستقوم لنجدة شقيقتها سورية. وبذا، يجب أن تشعر سورية بالاطمئنان، لأن جيشها لن يكون وحده في الميدان، وأن الجيش المصري، سيكون بجانبه، بل والجيوش العربية كلها، ستهب، فوراً، لنجدة سورية.

محضر الجلسة الثانية

    وفي الساعة السادسة، من مساء يوم الأحد، الموافق 23 منه، عقد رؤساء الحكومات العربية اجتماعهم الثاني، بوزارة الخارجية، برئاسة السيد الرئيس جمال عبد الناصر.

    وافتتح الرئيس الجلسة. وجرى تلخيص لما تم أمس. ثم أمر بتلاوة رد نوري السعيد على البرقية، التي أرسلها له، أمس.

    تلا الأميرالاي محمود رياض نص البرقية، الواردة من بغداد. وكذلك البرقية الواردة لسامي الصلح.

فيصل: إنني أفهم من هذه الردود، أن نوري السعيد، لم يوافق على تفويض الجمالي لحضور الاجتماع.

ألفريد نقاش: لقد حدث اتصال بين كميل شمعون ونوري السعيد، ولم تعرف نتيجته بعد.

فيصل: هل ننتظر إلى ما شاء الله! إننا نرغب، من قلوبنا، أن يحضر نوري السعيد. وأعتقد أنه من واجبنا بحث الأمور، التي أتينا من أجلها.

الخوري: قد يكون من المفيد معرفة موعد حضور نوري السعيد، بالضبط. وقد سبق وتكلمنا، أمس، بأننا نستطيع بحث المواضيع العامة، في جدول الأعمال، عدا موضوع الاتفاق العراقي ـ التركي، الذي يؤجل إلى حين حضوره؛ إلاّ أنني لا أستطيع البقاء هنا أكثر من أسبوع.

أبو الهدى: لا تسمح الظروف، في الأردن، بأن أظل في القاهرة أكثر من يوم الجمعة القادم.

الخورى: هل يمكن تأجيل الاجتماع، ثم نحضر مرة أخرى، بعد أسبوع، مثلاً؟

الرئيس: هذا أمر غير ميسور. وإن رد الفعل، في البلاد العربية، سيكون سيئاً؛ إذ إن بلادنا كلها، ترتقب هذا الاجتماع.

فيصل: إننا حضرنا، بناء على دعوة سيادتكم، للنظر في موضوع محدد. وأعتقد أنكم انتهزتم فرصة وجودنا، للنظر في مواضيع أخرى، تهم البلاد العربية.

الرئيس: إن مصر، قد رسمت سياستها العربية، على أساس العروبة والقومية العربية. وإن بلادنا، قد قاست كثيراً من الاستعمار؛ وما زال البعض، يجاهد في التخلص من المستعمر. ونأمل أن توفق جميع البلاد العربية في التحرر، حتى يمكن للأمة العربية إعادة بناء مجدها. وقد شرحت هذا الرأي، بشيء من التفصيل، عند اجتماعي  بوزراء خارجية البلاد العربية. فذكرت لهم، أن مصر، تعتبر نفسها مرتبطة مع بقية البلاد العربية برباط وثيق جداً؛ وأن خروج أي بلد عربي عن إجماع شعوبنا، يؤذى باقي البلاد العربية. وقد دعاني حرصي على المصلحة العربية، إلى دعوة رؤساء الحكومات، لمواجهة الموقف الجديد، الذي نشأ عن الإنفاق العراقي ـ التركي، المزمع عقده. وإنني أعتقد، أن لهذا الاجتماع أهمية كبرى. وأرجو أن يوفقنا الله إلى ما فيه خير المجموعة العربية، وأن نستطيع الوصول إلى قرارات، تجعل الشعوب العربية، تشعر بأننا نعمل لمصالحها.

فيصل: إننا نقدر شعوركم الطيب، وجهودكم العظيمة، التي تبذلونها في سبيل العروبة. ونسأل الله، أن نكون عند حسن ظنك، وحسن ظن الأمة العربية. وإنني أقترح، أن نبدأ، فوراً، في النظر في جدول الأعمال، المعروض علينا؛ طالما أن البعض لا يستطيع البقاء في القاهرة أكثر من أسبوع؛ وأن العالم العربي، يتجه بأبصاره نحونا، ويترقب منا قرارات حاسمة.

                   والموضوع الذي يهم شعوبنا، حالياً، هو موضوع الحلف التركي ـ العراقي. فهل نفض الاجتماع، دون أخذ قرار حول هذا الموضوع؟

                   وإنني أعتقد، أن هذا الحلف، ما هو إلاّ بداية، وليس بنهاية؛ وسبب هدم كيان البلاد العربية. فهل نحن على استعداد لاتِّباع هذا السبيل الخطر؟

الخورى: طبيعي، لسنا على استعداد. ولكننا لا نرى أمامنا دعوة للانضمام إلى هذا الحلف.

الرئيس: قد لا تكون هناك دعوة رسمية، وجهت إلينا جميعاً؛ ولكن، هناك بعض الدول، وجهت إليها الدعوة، فعلاً؛ ومصر إحدى هذه الدول. كما أن البيان المشترك، الصادر في أنقرة، والآخر الصادر من بغداد، بهما دعوة صريحة للانضمام إلى الحلف التركي ـ العراقي.

فيصل: هل نحن مستعدون لقبول هذه الدعوة؟

سامي الصلح: من جهتنا، لم نقبَل الانفراد برأي، ونفضل انتظار مجيء نوري، للإدلاء بما لديه من معلومات.

فيصل: إن بحثنا، يدور حول المبدأ. وهل سنقبَل الدخول في مثل هذه الأحلاف، أم لا؟ إن المملكة السعودية، لا تقبَل هذه الدعوة.

الخوري: لو قدمت هذه الدعوة لسورية، فإنني سأرفضها. ولكن، يجب أن يكون مفهوماً، أننا لا نستطيع إلزام غيرنا بذلك.

نقاش: لا يمكننا البت نهائياً في هذا الموضوع، إلاّ بعد أن تتوافر لدينا كل المعلومات الضرورية. وأوجه النظر إلى أن انفراد العراق بالحصول على أسلحة، ستجعلها قوة كبيرة في هذه المنطقة. وقد تضطر العراق إلى الانسحاب من الجامعة، مما قد يؤثر تأثيراً سيئاً على أوضاعنا. ولذا، أرجو تأجيل هذا البحث، إلى أن تتوافر لدينا جميع المعلومات الضرورية.

فيصل: لكن هذا الموضوع مختلف؛ فإن المسألة هي موضوع الدعوة، وهل نقبَلها أم نرفضها؟

نقاش: ولكن نتيجة الإجابة على هذا السؤال، ستنتهي إلى البت في قضية العراق، ومن الضروري معرفة رأي العراق.

فيصل: هل أفهم، أنه من المحتمل أن يوافق لبنان على الدعوة؟

سامي الصلح: هناك أشياء مهمة كثيرة، يجب الاطلاع عليها ومعرفتها.

الخوري: طلب معرفة مدى التعاون، الذي ورد في مقررات وزراء الخارجية. وأشار، مرة أخرى، إلى لفظ الحلف الوارد في مقررات وزراء الخارجية، وحاول تفسيره.

الرئيس: أرى توضيح معنى هذه الكلمة، حتى لا يكون هناك لبس في أذهاننا؛ فإنني فهمت من هذه الكلمة أنها اتفاق عسكري، كما تشتمل على التزامات عسكرية.

الخوري: معنى الحلف، باللغة العربية، قد يحمل معنى تعاون غير عسكري. وأشار إلى حلف الفضول، الخاص بقريش.

فوزي: لا أشك، لحظة، أن جميع الحاضرين يعلمون تماماً ما هو معنى الأحلاف، عندما وافقنا على مقررات وزراء الخارجية.

الأتاسى: لا شك أنه كان حاضراً في أذهاننا، أن معنى كلمة حلف، تشابه حلف الأطلسي، وغيره من الأحلاف الغربية.

الخوري: أودّ أن أسأل سؤالاً. فلو فرض وعرض علينا، في المستقبل، حلف مفيد للغاية، ويعود بالنفع على البلاد العربية، فهل نرفضه؟ فمثلاً، لو وقعت لبنان حلفا مع تركيا، ينص على اشتراك الأتراك في الدفاع عن لبنان، ضد هجوم إسرائيل، فهذا يكون نافعاً للبنان، حسب رأيي، ولا يمكننا أن نقول للبنان، لا تعقدي هذا الحلف؛ وإنني أستطيع أن ألزم نفسي، ولكن لا يمكنني إلزام غيري.

فيصل: البحث، الآن، حول الدعوة، التي وجهت إلى البلاد العربية؛ فنرجو الإجابة على هذا السؤال.

الرئيس: أمر بتلاوة البيان المشترك، الذي يوضح أن الدعوة، وجهت، فعلاً، عن طريق هذا البيان.

الأميرالاي محمود رياض: تلا البيان المشترك، الذي صدر في أنقرة، والآخر الذي صدر في بغداد.

الصلح: إننا نحاول تقريب وجهات النظر. ويكون من الصعب علينا، أن نطلب من العراق الخروج من الجامعة.

نقاش: إن تركيا، ترغب في العمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، الخاصة بفلسطين؛ وتعزيز السياسة العربية.

فيصل: مقابل أي شيء، يفعلون ذلك؟

الصلح: لا شيء.

فيصل: إذا لم يكن هناك مقابل، فإننا موافقون.

نقاش: الأتراك يذكرون أنهم يرغبون في العمل للمصلحة العربية، والدفاع عن بلادنا، ضد إسرائيل؛ وأن العراق، عندما ذكرت الاعتداء الخارجي، تمسكت تركيا بأن يوضع نص عن العدوان الداخلي أيضاً من إسرائيل.

الرئيس: إن إسرائيل خلقتها السياسة الأمريكية ـ الإنجليزية؛ كما أن إسرائيل، لن تقوم بعدوان على بلد عربي، ما لم تشجعها أمريكا وإنجلترا. فكيف نوفق بين سياسة الغرب هذه وبين السياسة التركية الجديدة؛ وتركيا حليفة للغرب! إني أرى أن هناك تناقضاً. وهذه الفكرة ليست من قبيل العروض الجدية.

الصلح: يريد الأتراك الاتصال بمصر، للتفاهم معها حول السياسة في الشرق الأوسط. كما أن مندريس، ذكر أن سياسة تركيا تغيرت بتغير الحكومة؛ وأن حزبه، يرى ضرورة التفاهم مع العرب.

الرئيس: سبق واتصل بنا رئيس الحكومة التركية، وعرض أن يحضر إلى القاهرة، في سبتمبر الماضي. فأجبته بأن الوقت غير مناسب؛ كما أفهمته أن سياسة مصر الخارجية، تقضي بعدم الارتباط بأي حلف؛ وأنها ترتكز على ميثاق الجامعة العربية، ومعاهدة الدفاع المشترك العربي، الضمان الجماعي.

فيصل: منذ متى، ومندريس في الحكم؟

نقاش: منذ أربع سنوات ونصف.

فيصل: تساءل، ولماذا لم تظهر هذه السياسة، منذ أربع سنوات؟

الرئيس: أعتقد أن هذه هي سياسة الغرب؛ وليست سياسة تركيا. فعندما فشل الغرب، في عام 1951، في مقترحاته الرباعية، أرسل تركيا، لتقوم بمحاولة أخرى، في 1955. والغرب، بذلك، يعمل على تشتيت قوى البلاد العربية؛ إذ لا يسرهم بقاؤنا كتلة واحدة. وتركيا، بهذه الطريقة، ستحصل على السيطرة على البلاد العربية، خاصة وأن البلاد المحيطة بها، بلاد صغيرة، بالنسبة إليها.

                   أمّا مصر، فلن تتأثر على الإطلاق؛ إذ إنها أقوى بكثير من البلاد المحيطة بها. وإذا وصل الأمر إلى حد انفراط عقد البلاد العربية، فإن هذه البلاد، ستصبح ذيولاً للأتراك، وللغرب، وستضطر مصر، حينئذ، أن توجه اهتمامها وعنايتها إلى البلاد المحيطة بها، في إفريقيا فقط؛ وهذا أمر لا نودّه ولا نرغبه. ولذا، حرصت على دعوة رؤساء الحكومات العربية، لنحدد سياستنا الخارجية، سوياً. وقد فاوضت الإنجليز، مدة طويلة، رافضاً أي عرض خاص بالدخول في حلف. وكان من الممكن أن أوقع اتفاق الجلاء، في أيام قليلة، لو وافقت على الحلف، الذي يعرضونه. ولكنني رفضت كل عروضهم، ونجحت في توقيع الاتفاق بيننا وبينهم، دون الإشارة إلى أي حلف كان. إن البلاد العربية، يجب أن تحافظ على كيانها، وألاّ يجذب أنظارها العروض البراقة، مثل مساعدة تركيا ضد إسرائيل. وإذا لم ننجح في المحافظة على قوميتنا وكياننا، فلن نستطيع تحقيق آمالنا وأهدافنا. وإن الشعوب العربية، التي ظلت تحت سيطرة أجنبية مئات من السنين، ترغب، الآن، في التحرر، وعدم الوقوع، مرة أخرى، تحت أي سيطرة أجنبية. وأن محافظتنا على كياننا وقوميتنا وسيادتنا، لا تعني معاداة الغرب، أو تركيا، بل إننا نودّ التعاون معهم، على أساس الند للند.

    ورفعت الجلسة، وتقرر أن يستأنف الاجتماع يوم الاثنين، 24 منه، الساعة العاشرة صباحاً. وافتتحت في الوقت المعين.