إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / حلف بغداد (الحلف المركزي CENTO)









الفصل الأول

المبحث الأول

الأحلاف وسياسات الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية

    اتسع نطاق المصالح الأمريكية، الثقافية والاقتصادية، في الفترة ما بين الحربين العالميتين؛ لكن الأهداف السياسية، بقيت محدودة. وفي بداية الحرب العالمية الثانية، التي اندلعت عام 1939، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، لا تزال ترى، أن بريطانيا هي القوة الرئيسية في الشرق الأوسط.

    لقد قررت واشنطن، قبل أن تنتهي الحرب العالمية الثانية، أن تتنكر لمبدأ "مونرو"؛ لأنها لم تشأ أن تفعل ما فعلته بعد الحرب العالمية الأولى، حين آثرت الابتعاد عن مشاكل أوروبا وقضايا العالم. لقد عبرت المحيط، هذه المرة، بقواتها، لكي تبقى على الجانب الآخر منه، ولأمد غير محدود، ترعى مصالحها، وتضطلع بمسؤوليات، عهدت بها إلى نفسها، بل أصرت على إعلان ميثاق الأطلسي، كشرط لتكثيف مساعدتها على محاربة هتلر؛ وشجعت الشعوب كلها، بما فيها شعوب المستعمرات وأشباه المستعمرات، على المطالبة بالحرية، رامية إلى تشجيع المقاومة ضد الاستعمار القديم، لينفتح الطريق أمامها، إلى نوع جديد من السيطرة.

    طرحت الولايات المتحدة الأمريكية، صراحة، موضوع إعادة توزيع ثروات العالم، وفي مقدمتها نفط الشرق الأوسط، على نحو أكثر توازناً؛ حتى إن الرئيس الأمريكي، روزفلت، كتب خطاباً إلى ونستون تشرشل، يقول فيه: "إنني لا أنظر بعين الحسد إلى امتيازات النفط البريطانية، في الشرق الأوسط. ولكني، لا أخفي عليك، أن الظروف المتغيرة في العالم، أصبحت تفرض على الجميع ميزاناً جديداً، للعدل في توزيع الموارد الطبيعية".

    وفي 21 فبراير 1947، أبلغت بريطانيا الولايات المتحدة الأمريكية، أنها لن تتحمل، بعد الآن، العبء المالي، الناجم عن مساعدة الحكومتَين، اليونانية والتركية؛ وأنها ستتوقف عن الدفع، في 30 مارس عام 1947.

    وفي الوقت نفسه، كانت المفاوضات البريطانية، مع العرب والصهاينة، قد توقفت؛ وأحالت بريطانيا موضوع فلسطين، إلى الأمم المتحدة. وهكذا، حدثت أول أزمة في الشرق الأوسط، كانت الولايات المتحدة الأمريكية طرفاً بارزاً فيها.

    ولم يتأخر الرد الأمريكي على هذا التراجع للقوة البريطانية، في البحر الأبيض المتوسط. ففي مارس 1947، أعلن الرئيس الأمريكي، هاري ترومان، برنامجاً (مبدأ ترومان)، كان له هدف مزدوج: الأول، هو مواجهة التهديد السوفيتي المباشر، لليونان وتركيا، من طريق معونة عسكرية ضخمة، ومعونة اقتصادية كبيرة؛ والثاني، يدعو إلى محاصرة التوسع الشيوعي السوفيتي، في أي مكان في العالم.

    ومع تصاعد دبلوماسية الحرب الباردة، بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح استمرار الوجود الغربي الأمريكي والبريطاني، في قناة السويس ـ عقيدة، لا جدال فيها. وكان لوي هندرسون، مدير إدارة الشرق الأدنى، في الخارجية الأمريكية، عام 1947 ـ حريصاً جداً على اغتنام الفرص، لاستخدام مشكلات البريطانيين في مصلحة الأمريكيين. وكان يعتقد، أنه لا بدّ من معالجة المشكلات، التي يطرحها استمرار الوجود البريطاني في مصر؛ ووجود الصهاينة في فلسطين معالجة، تجعل إقرار الاستقرار السياسي المحلي، أمراً ممكناً. بيد أنه كان يرى، على الرغم من موافقته على أن تواصل بريطانيا الاحتفاظ بقاعدة عمليات إستراتيجية، في شرق البحر الأبيض المتوسط ـ أن قاعدة السويس، تشكل عبئاً، ليس على بريطانيا وحدها بل على الولايات المتحدة الأمريكية، والعالم الغربي، كذلك؛ إذ إنها ستفسد علاقات العالم العربي بالعالم الغربي، لسنوات عديدة مقبلة؛ ما لم يلح، في المستقبل القريب، مؤشر إلى انسحاب القوات البريطانية من مصر انسحاباً غير مشروط، وفي موعد محدد.

    إذاً، كانت الفترة، بين عامَي 1944 و1947، فترة حاسمة، في الإستراتيجية الأمريكية، يمكن تسميتها فترة تسرب أمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط؛ ومشاركة بريطانيا في المسؤولية الدفاعية عنها، ثم الانفراد بتلك المسؤولية، من أجل مواجهة التهديد السوفيتي لدول المنطقة، وتطويق التوسع الشيوعي فيها، وفي العالم أجمع.

    ولتحقيق هذه الإستراتيجية، لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى أسلوبين: الأول، يتركز في تكوين الأحلاف العسكرية، لتطويق الاتحاد السوفيتي؛ والثاني، إقرار مبدأ الرئيس هاري ترومان.

أولاً: الأحلاف العسكرية، وإستراتيجية القطبَين:

    الأحلاف العسكرية قديمة قدم التاريخ؛ فلا فرق جوهري، مثلاً، بين الحلف العسكري، المعقود عام 1294 قبل الميلاد، بين رمسيس الثاني وحاتو سيليسي، ملك الحيثيين؛ وبين الأحلاف العسكرية، المبرمة في العصور الحديثة، كالحلف بين الجنرال ديجول والماريشال ستالين، في 10 ديسمبر 1944، أو الحلف بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، في 7 سبتمبر 1951. ولئن تغيرت الملابسات السياسية، وتطورت فنون الحرب؛ فإن التزامات المتحالفين، في مواجهة العدو، تكاد تكون واحدة.

1. تعريف الحلف:

الحلف العسكري معاهدة، بين دولتَين أو أكثر، من أجل صد عدوان، يقع على طرف واحد أو أكثر من أطرافها؛ وهذا هو الحلف العسكري الدفاعي، الشائع.

أمّا الحلف العسكري الهجومي، الذي يكون، في الأغلب، حلفاً سرياً، فهو تعاهد بين دولتين أو أكثر، للهجوم على دولة معينة.

2. الأحلاف الثنائية والجماعية:

الأحلاف الثنائية، هي ما يعقد بين دولتَين. والأحلاف الجماعية، تعقد بين أكثر من دولتَين. ويلاحظ أن كلاًّ من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، قد انتهج الأسلوبَين في تحالفاته؛ فحيثما استطاع أي منهما، أن يجمع، في منطقة جغرافية معينة، مجموعة من الدول، تؤيده أو تواليه؛ فإنه عمد إلى أسلوب التحالف الجماعي؛ فأبرمت الولايات المتحدة الأمريكية، في أوروبا الغربية، حلف شمال الأطلسي، في 4 أبريل 1949. وأتبعته، في آسيا، بحلف جنوب شرقي آسيا، في 2 سبتمبر 1954. وبادر الاتحاد السوفيتي، كذلك، إلى إبرام حلف وارسو، في أوروبا الشرقية، في 14 مايو 1955. وحيثما لم يتيسر لأي منهما، تكتيل عدد من الدول، في منطقة واحدة، فإنه لجأ إلى أسلوب التحالف الثنائي؛ وذلك لعدة أسباب:

أ. إذا تعذر على أحد القطبَين، أن يضم دولة ما إلى الحلف الجماعي؛ لرفض دول الحلف انضمامها؛ فإنه يعمد، حرصاً على إرضاء تلك الدول، من ناحية؛ وتحقيقاً لحاجته إلى الدولة، التي لم يستطع ضمها إلى الحلف، من ناحية أخرى ـ إلى عقد معاهدة ثنائية معها.

ومصداق ذلك محاولات الدبلوماسية الأمريكية، ضم أسبانيا إلى حلف شمال الأطلسي، ورفض دولِه قبول انضمامها إليه، فاضطرار الولايات المتحدة الأمريكية إلى إبرام معاهدة ثنائية عسكرية بينها وبين أسبانيا، في 26 سبتمبر 1956. وكذلك فعلت، في جنوب شرقي آسيا، حيث أبرمت محالفة ثنائية، مع اليابان، في 8 سبتمبر 1951؛ بينما أبرمت معاهدة جماعية مع دول تلك المنطقة، في 2 سبتمبر 1954، لم تنضم إليها طوكيو؛ لما بينها وبين تلك الدول، التي كانت قد وقعت في دائرة الاحتلال العسكري الياباني، خلال الحرب العالمية الثانية.

ب. قد تلجأ إحدى الدولتَين الكبريين، إلى أسلوب التحالف الثنائي، مع دولة ذات موقف خاص، ناجم عن تمتعها بمركز شبه حيادي؛ وهي ترغب في الاحتفاظ به، مما ينافي انضمامها إلى معاهدة جماعية. فجمهورية فنلندا، مثلاً، على الرغم من وقوعها في دائرة نفوذ الاتحاد السوفيتي، في أوروبا، لم تنضم إلى حلف وارسو الجماعي، وبقيت مرتبطة بموسكو، بموجب محالفة عسكرية ثنائية، أبرمت في 16 أبريل 1948[1]؛ ذلك أنها ذات مركز سياسي خاص، ضمن المجموعة السوفيتية؛ ونظام الحكم فيها، يختلف عنه في الديموقراطيات الشعبية، التي تكوّن حلف وارسو.

    وقد يلجأ أحد القطبين إلى المحالفة الثنائية، مع دولة واقعة في منطقة، تضم دولها معاهدة جماعية؛ تفادياً لتحميل تلك الدول أعباء الدفاع عن هذه الدولة. وهو ما اتبعته الولايات المتحدة الأمريكية، مع كل من كوريا الجنوبية، في الأول من أكتوبر 1953؛ والصين الوطنية، في 2 ديسمبر 1954؛ ولم تحاول ضمّ أي منهما إلى حلف جنوب شرقي آسيا.

ج.     قد تعمد إحدى القوتَين العظمَيين، إلى الأحلاف الثنائية، كمرحلة تمهيدية، لربط جميع الدول المتعاهدة معها، ريثما يتأتى لها ضمّ تلك الدول إلى معاهدة جماعية. وهو ما انتهجته روسيا السوفيتية؛ إذ أبرمت محالفة ثنائية مع تشيكوسلوفاكيا، في 12 ديسمبر 1934؛ وأخرى مع بولونيا، في 21 أبريل 1945؛ وثالثة مع رومانيا، في 4 فبراير 1948؛ ورابعة مع المجر، في 18 منه؛ وخامسة مع بلغاريا، في 18 مارس 1948. ولم يضم حلف جماعي هذه الدول كافة، إلاّ عام 1955، حينما أنشئ حلف وارسو.

د. قد تعقد دولة محالفة ثنائية مع دولة أخرى، على الرغم من اشتراكهما في محالفة جماعية؛ إذا ما ظهر أن بينهما تضامناً، هو أقوى من التضامن، الذي تقضي به أحكام المحالفة الجماعية؛ على غرار ما فعلته مصر، التي تشترك في معاهدة الدفاع المشترك، المبرمة في 13 أبريل 1950، بينها وبين بعض الدول العربية، ومنها سورية والمملكة العربية السعودية؛ إذ إنها لم تتردد في إبرام محالفة ثنائية مع دمشق، في 22 أكتوبر 1955؛ ومع الرياض في 27 منه. وقد عرف حلف شمال الأطلسي، هذا النوع من المعاهدات.

3. الأحلاف الدائمة، والأحلاف المؤقتة:

المحالفة الدائمة، هي التي لا يحدد لها تاريخ، تنتهي به؛ فهي تتسم بالدوام والاستمرار. أمّا المحالفة المؤقتة، فهي التي تحدد لها فترة زمنية معينة، ينص عليها في متنها، سواء طالت هذه المدة أم قصرت؛ فقد تكون مدتها خمسين عاماً، كالمحالفة الفرنسية ـ الإنجليزية، التي أبرمت في 4 مارس 1947؛ أو عشرين عاماً، كالمعاهدات السوفيتية، التي أدت إلى إنشاء الكتلة السوفيتية، في أوروبا. وقد تكون مدتها عشر سنوات، كالمحالفة الأمريكية ـ الأسبانية، المبرمة في 26 سبتمبر 1953؛ أو سبع سنوات، كالمعاهدة الإنجليزية ـ المصرية، التي أبرمت في 18 نوفمبر 1954، في شأن قاعدة قناة السويس، وألغتها الحكومة المصرية، في الأول من يناير 1957، بأثر رجعي، فجعلت الإلغاء ابتداء من تاريخ العدوان على مصر.

4. الأحلاف المتكافئة وغير المتكافئة:

تكون المحالفة متكافئة، إذا أبرمت بين دولتَين، أو دول متقاربة في القوة، السياسية والعسكرية والاقتصادية؛ كالمحالفة المبرمة بين ألمانيا الاتحادية وفرنسا، في يناير 1963؛ لأن الدولتيَن متقاربتان قوةً. أمّا المحالفة المبرمة بين إنجلترا وليبيا، في 22 يوليه 1953؛ أو المحالفة المبرمة بين الاتحاد السوفيتي وفنلندا، في 6 أبريل 1948؛ أو المحالفة المبرمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين الوطنية (فورموزا) في 2 ديسمبر 1954 ـ فتلك كلها محالفات غير متكافئة، للتفاوت الكبير بين قوى المتحالفين.

5. الأحلاف العسكرية في كلا المعسكرين:

سبق الاتحاد السوفيتي الولايات المتحدة الأمريكية، إلى سياسة الأحلاف العسكرية، التي لم تلجأ إليها واشنطن إلا رداً عليه؛ إذ كانت جيوشه تحتل أوروبا الشرقية، وأكثر مناطق شبه جزيرة البلقان، على أثر انتهاء الحرب العالمية الثانية، في أوروبا (9 مايو عام 1945). فاستطاعت، بحكم مركزها هذا، فرض أيديولوجيتها الماركسية، على كل من بولونيا والمجر ورومانيا وبلغاريا، ثم بسط نفوذها السياسي على تشيكوسلوفاكيا (فبراير 1948). أمّا يوغسلافيا وألبانيا، فقد رغبتا في الانضمام إلى الكتلة الشيوعية، مختارتَين.

ومرت سياسة الأحلاف، التي اتّبعها الاتحاد السوفيتي، في أوروبا، بمرحلتَين رئيسيتَين:

أ. المرحلة الأولى

هي مرحلة تكوين المعسكر الشيوعي، في أوروبا، ابتداءً من التحالف مع تشيكوسلوفاكيا، في 12 ديسمبر 1943. وكان المسيطر فيها هو الرئيس ستالين.

ب. المرحلة الثانية:

بدأت بعد وفاة ستالين. ولم تتبلور، إلاّ حين لاح شبح خطر جديد، يهدد الكتلة الشيوعية، في أوروبا؛ تمثَّل في توقيع اتفاقات باريس، في 23 أكتوبر 1954، التي نصت على قبول ألمانيا عضواً في المعسكر الغربي، والتمهيد لانضمامها إلى حلف شمال الأطلسي.

وفي 13 مايو 1955، صُوْدِق على اتفاقات باريس، وفي اليوم التالي مباشرة (14 مايو)، اجتمع في مدينة وارسو ممثلو كلٍّ من ألبانيا وبلغاريا والمجر والجمهورية الألمانية الديموقراطية، وبولونيا، ورومانيا، وتشيكوسلوفاكيا، والاتحاد السوفيتي، ووقعوا محالفة جماعية جديدة، عرفت باسم "حلف وارسو"؛ وصدقت برلمانات تلك الدول على المحالفة.

وإذا كانت سياسة الأحلاف، التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية، إزاء دول أمريكا اللاتينية ـ ذات جذور ممتدة إلى منتصف القرن الماضي؛ فإن سياسة الأحلاف، التي اتبعتها إزاء أوروبا الغربية، كانت حديثة العهد؛ إذ لم تبدأ إلاّ في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وقد تحالفت دول أوروبا الغربية فيما بينها، بموجب اتفاقيتَين عسكريتَين: أولاهما، محالفة دنكرك، بين فرنسا وإنجلترا، في 4 مارس 1947؛ ومدتها خمسون عاماً، وهي موجهة ضد ألمانيا. وأما الاتفاقية الثانية، فهي ميثاق بروكسل، أو ميثاق الاتحاد الغربي، بين كلٍّ من فرنسا، وإنجلترا، وبلجيكا، وهولندا، ولوكسمبورج، في 17 مارس 1948، مدته خمسون عاماً؛ وينصّ على تبادل المساعدة العسكرية، حين تعرض إحدى الدول المتعاقدة لعدوان مسلح.

ولكن، حين اشتدت الحرب الباردة، وازداد الخوف من الزحف الشيوعي إلى أوروبا، رأت الدول الأعضاء في اتفاقية بروكسل، أنها في حاجة إلى الدرع الأمريكي، فاستجابت لها واشنطن؛ فكان حلف شمال الأطلسي، في 4 أبريل 1949.

وهو يضم كلاًّ من: الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وإنجلترا، وفرنسا، وبلجيكا، وهولندا، ولوكسمبورج، والدانمارك، وأيسلندا، وإيطاليا، والنرويج. وانضم إليه، في 18 فبراير 1952، كلٌّ من تركيا واليونان؛ وبذلك، امتدت المنطقة الإقليمية لهذا الحلف إلى الشرق الأوسط. وما لبث سلطانه أن امتد، إثر تكوين حلف بغداد، في 24 فبراير 1955، إلى كلٍّ من إيران والعراق، بحكم عضويتهما في حلف بغداد، فضلاً عن عضوية إنجلترا وتركيا فيه، وهما، بدورهما، من أعضاء حلف شمال الأطلسي.

وفي 19 مايو 1954، عقدت الولايات المتحدة الأمريكية، محالفة ثنائية مع باكستان. وفي 2 سبتمبر من العام نفسه، عقدت محالفة جماعية، ضمت كلاًّ من فرنسا، وإنجلترا وأستراليا، ونيوزيلندا الجديدة، والفيلبيين، وباكستان، وتايلاند. وعرفت هذه المحالفة باسم حلف جنوب شرقي آسيا، أو حلف مانيلا.

وأنشأت الولايات المتحدة الأمريكية، حلفَين آخَرَين: أحدهما، محالفة ثنائية، بينها وبين الصين الوطنية (فورموزا)، في 2 ديسمبر 1954؛ والآخر، محالفة جماعية، بين كل من تركيا، والعراق، وإيران، وباكستان، وإنجلترا (وقد عرفت هذه المعاهدة باسم حلف بغداد)؛ وإن كانت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، لم تشترك في عضوية هذا الحلف. ومرت هذه المحالفة بعدة مراحل، فبدأت بمحالفة ثنائية، بين تركيا والعراق، في 24 فبراير 1955؛ ثم انضمت إليها بريطانيا، في 30 مارس من العام نفسه، فصارت، بذلك، جماعية؛ ثم انضمت إليها باكستان، في الأول من يوليه من العام عينه؛ ثم إيران، في 12 أكتوبر 1955.

ولما انسحب العراق من الحلف، بعد انقلاب عام 1958، تغيّر اسمه إلى "الحلف المركزي"، أو السانتو؛ ونُقل مقر أمانته العامة، من بغداد إلى أنقرة. وترجع أهمية هذا الحلف، في الإستراتيجية الأمريكية، إلى كونه أداة وصل بين حلف شمال الأطلسي وحلف جنوب شرقي آسيا؛ فهو يربط بين الشرقَين: الأوسط والأقصى.

ثانياً: سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، بعد الحرب العالمية الثانية:

    أظهرت الحرب العالمية الثانية دور الولايات المتحدة الأمريكية، في منطقة الشرق الأوسط، فبعد أن كان صانعو السياسة الأمريكية ينظرون إلى المنطقة على أنها دائرة نفوذ بريطاني، فإنهم نشطوا أثناء الحرب، إلى منافسة واضحة لبريطانيا. وتعاونوا معها، في مناطق عديدة، لكنهم عارضوها، في مناطق أخرى. وبعد الحرب، أعادوا ترتيب الأولويات الأمريكية، في منطقة الشرق الأوسط؛ إذ أمسى العنصر الإنساني، التبشيري، غير قادر على النهوض بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية، في هذه المنطقة، وحلت محله المصالح النفطية، والصهاينة الأمريكيون، الذين استأثروا بدور أكبر، في صنع السياسة الأمريكية.

    كان مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية، في الشرق الأوسط، بعد الحرب، رهيناً بعوامل ثلاثة: كثرة القوى المتصارعة فيه، خاصة بعد أن أظهر الاتحاد السوفيتي، بوضوح، نزعات عدوانية، في كلٍّ من تركيا وإيران. واستعداد الصهاينة الأمريكيين لشن حملة، ترمي إلى إنشاء وطن قومي لليهود، في فلسطين. اهتمام المسؤولين في مختلف الكتل، في الحكومة الأمريكية، بالاستعاضة بنفط الشرق الأوسط، لدعم احتياطيهم الداخلي، الذي استنزف خلال الحرب.

    ولئن لم يكن لدى واشنطن، بعد الحرب العالمية الثانية، سياسة محددة، واضحة المعالم، خاصة بالشرق الأوسط؛ فإن الخريطة الجديدة لمراكز القوى فيه (أفول نجم البريطانيين، وبروز الاتحاد السوفيتي ـ وإعادة تعريف الأهداف السياسة الأمريكية في المنطقة) أملت على الرئيس الأمريكي الجديد، هاري ترومان، تطويرا شاملاً للسياسة الأمريكية الخاصة بالشرق الأوسط، في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية.

1. مبدأ ترومان:

في 22 مايو 1947، أعلن الرئيس الأمريكي، هاري ترومان، مبدأه، الذي عُرف باسم "مبدأ ترومان"؛ وكان أقرب إلى بيان سياسي، التزمت فيه واشنطن تحمل مسؤوليات، في الشرق الأوسط، تتجاوز الخطوط العريضة للسياسة الخارجية التقليدية. وحملها على ذلك، سلسلة من الأحداث، في إيران واليونان وتركيا؛ وليس الوصول فقط إلى نفط الشرق الأوسط، وتحقيق النفوذ الاقتصادي فيه؛ إذ استغل الاتحاد السوفيتي تردّي الزعامة البريطانية، في المنطقة، فاندفع إلى تحقيق أهداف، طالما سعى إلى تحقيقها: الهيمنة على إيران، والسيطرة على المناطق البلقانية، للتحكم في المضايق التركية.

أيقن الأمريكيون بأن سياستهم الجديدة هذه، تستدعي دوراً جديداً، في الشرق الأوسط، يتجاوز دائرة النفوذ الثقافي، إلى الوصول إلى نفط الشرق الأوسط، والنفوذ التجاري فيه. وأدركوا خطر السيطرة السوفيتية عليه، وعلى طرق مواصلاته، ولا سيما قناة السويس؛ بل سعوا إلى تأسيس خطوط طيران أمريكية، في أجوائه. وكان عليهم أن يحاذروا أمرين:

أ. تنفير العرب، المتوجسين من بريطانيا، التي كان لا بدّ للولايات المتحدة الأمريكية، من الاتفاق معها، في شأن احتواء النشاط السوفيتي، في المنطقة.

ب. عداء العرب المتزايد لفكرة إنشاء دولة إسرائيل، التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية، تعطف عليها، وترغب في دعمها؛ وتعمل، في الوقت نفسه، على المحافظة على الاستقرار، في المنطقة.

        وواتت الرياح السياسة الأمريكية الجديدة، في 24 فبراير 1947، حين أعلن السفير البريطاني لدى واشنطن، لوزير الخارجية الأمريكي، إتشيسون، أن بريطانيا تعاني ضغطاً اقتصادياً، لا يسمح لها بالاستمرار في دعم الموقف، العسكري والاقتصادي، في كلٍّ من اليونان وتركيا؛ ما يعنى أن على الولايات المتحدة الأمريكية، أن تتسلم القيادة في تلك المنطقة.

        واستوفت تلك السياسة ثالثة أثافيها، بالأزمة الاقتصادية، التي توشك أن تطبق على اليونان؛ وبرغبة الرئيس ترومان في توسيع المساعدات الأمريكية للدول المهددة بالشيوعية، بدءاً بإيران وتركيا، اللتَين بقيتا مشمولتَين ضمن دائرة مبدأ ترومان، على الرغم من تدنّي الضغوط عليهما.

        ومع ظهور دين إتشيسون، بدأت وزارة الخارجية، في 21 فبراير، بوضع خطة سياسية، رداً على الخطابات، التي وجهتها بريطانيا، في تلك الفترة. وحثت تلك الخطة على نقل المساعدات العسكرية لليونان وتركيا، واقترحت أن يتخذ الكونجرس القوانين والتشريعات، في شأن تقديم المساعدات الاقتصادية طويلة الأمد. أمّا وزير الخارجية، فبادر إلى عرض وجهة نظر وزارته، على الرئيس، في 27 فبراير 1947، خلال اجتماع على مستوى عالٍ، في البيت الأبيض؛ حيث اضطلع إتشيسون بمناقشة جادة، لفتت الانتباه إلى التهديد السوفيتي لليونان وتركيا وإيران، مؤكداً أن الاتحاد السوفيتي، ينوي السيطرة على الشرق الأوسط؛ في وقت، أصبحت فيه بريطانيا عاجزة عن تحمّل عبء الدفاع عن تلك المنطقة. وأضاف يقول، إن المعونة الأمريكية لليونان وتركيــا، لن تكفي للتعويض عن القوة العسكرية البريطانية هناك، ولكنها سوف تسهم في حماية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية، الذي ستفقده هناك، إذا نجح السوفيت في السيطرة على الشرق الأوسط، وأوروبا. لقد كانت اقتراحات إتشيسون ناجحة؛ إذ وافق الرئيس وأعضاء الحكومة، بالإجماع، على أن المساعدات العاجلة لليونان وتركيا، هي ضرورية جداً، لتحقيق الأهداف القومية. وأوضح آثر فاند نبيرغ للرئيس، أن رسالته إلى الكونجرس، يجب أن تصاغ بعبارات صريحة؛ لكي تهز أعضاءه، وتشعرهم بحقيقة الموقف.

        وفي الأول من مارس، أبلغ أتشيسون السفير البريطاني، أن الولايات المتحدة الأمريكية، ستشارك في تحقيق وحدة الأراضي اليونانية، ووحدة الأراضي التركية؛ وسوف تتخذ خطوات عاجلة، لتأمين موافقة مجلسَي النواب والشيوخ. وبعد استشارة أعضاء الكونجرس، أعلن الرئيس، في رسالته، التي وجهها إليه، في 12 مارس، ظهور اتجاه جديد في السياسة الخارجية الأمريكية؛ وأن على الولايات المتحدة الأمريكية، أن تدعم الشعوب الحرة، في أي مكان، تلك الشعوب، التي تقاوم القوى الخارجية المعتدية. وتحقيقاً لمتطلبات الأمن القومي الأمريكي طلب الرئيس من الكونجرس مبلغ (400) مليون دولار، من أجل إرسال المعونات الفورية إلى اليونان وتركيا؛ والسماح بإرسال ما يلزم من السلطات، المدنية والعسكرية، للإشراف على استخدام تلك المعونات. وهكذا، تخلي الرئيس الأمريكي عن المبدأ التقليدي: عدم التدخل، الذي دأبت واشنطن على انتهاجه،مما أثار جدلاً كبيراً، في مجلسَي الشيوخ والنواب؛ إذ أعرب العديد منهم عن شكوكهم، إزاء الاندفاع السريع للسياسة الأمريكية الجديدة.

        وافتتحت المناقشات أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، في 24 مارس، واستمرت حتى نهاية الشهر. وكشف أتشيسون، في اليوم الأول، النقاب عن أن الرئيس، قد اتخذ سياسة شاملة في مغزاها، وأنها لا تقتصر على اليونان وتركيا وحدهما. وأوضح أن الحفاظ على مصالح الأمن القومي الأمريكي، هو مما توّخته هذه المحاولة، الرامية إلى احتواء الشيوعية ومنع انتشارها؛ إذ إن سيطرة الاتحاد السوفيتي على اليونان وتركيا، تعني أن بقية دول المنطقة، سوف تتساقط في قبضته؛ فتخسر الولايات المتحدة الأمريكية، استطراداً، الدخول عبر خطوط النقل والمواصلات الإستراتيجية؛ فضلاً عن خسارتها مصادر النفط، التي تشكل أهمية حيوية، بالنسبة إلى أوروبا.

        بعد الحديث الذي دار أمام لجنة العلاقات الخارجية، وبعد أسبوعين من المناقشات، في مجلس الشيوخ، وصلت نسبة الأصوات، المؤيدة لإعلان "مبدأ ترومان"، إلى 67 صوتاً، مقابل 23 صوتاً؛ وجاءت موافقة البيت الأبيض، بعد يومَين. وقع الرئيس ترومان الوثيقة، التي عدّت مشروع قانون، في 22 مايو؛ فكان مبدأ ترومان إيذاناً بالزعامة الأمريكية، في تحمّل المسؤوليات العالمية، في شأن احتواء قوة الشيوعية؛ إضافة إلى تضمّنه عناصر خاصة بالشرق الأوسط.

        أثار إعلان "مبدأ ترومان" مناقشات مهمة، في الأوساط المثقفة الأمريكية. فهناك العديد من المؤرخين، الثوريين والتقليديين، قد نظروا إلى التزام الولايات المتحدة الأمريكية احتواء الشيوعية، على أنه خطوة دفاعية، في مواجهة النظام السوفيتي المعادي، والعازم على السيطرة على المناطق، الأوروبية والآسيوية؛ ما سيؤدي إلى ازدياد الخطر على المصالح القومية. وامتدحوا الخطوات السريعة، التي اتخذتها واشنطن، رداً على التهديد السوفيتي، منوهين بأن السياسة الأمريكية الجديدة، ترمي إلى تحقيق النفوذ الاقتصادي في المنطقة، وإيجاد أسواق جديدة، ومصادر جديدة للنفط؛ فضلاً عن إخراج الولايات المتحدة الأمريكية من عزلتها، التي طالما آثرتها؛ رافضين الادعاء بأن الدفاع الأمريكي عن الشرق الأوسط، كان نتيجة للسياسة البريطانية. وقد افترضوا أن أزمة الشرق الأوسط، كانت في طريقها إلى الحل، عندما ألقى ترومان خطابه؛ وأن إعلان مبدأ ترومان أمام الكونجرس والشعب الأمريكيَّين، يرمي إلى استثارة مشاعرهم، وجعلهم يدركون أن الشيوعية تشكل تهديداً عالمياً.

        أمّا المحللون الواقعيون، فقد أثار مبدأ ترومان قلقهم، وادّعوا بأن الأزمة، التي ظهرت في اليونان وتركيا، كانت محدودة، ولا تستدعي مثل ذلك القرار السياسي، الذي ألزم الولايات المتحدة الأمريكية تعهدات عالمية. وأمعن جورج كبنان، وزير الخارجية الأمريكي، الذي يُعَدّ مسؤولاً، إلى حدّ كبير، عن سياسة احتواء النفوذ الشيوعي، ـ في تقديره الطبيعة السامية لتلك السياسة، فطرح السؤال التالي: "هل كان من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، تقديم المساعدات والمعونات إلى كافة دول العالم، التي قد تشعر بأنها مهددة بالشيوعية؟". بيد أنه اعترف، صراحة، بأن تنفيذ مثل تلك السياسة، ربما لا يكون في مصلحة واشنطن الاقتصادية.

        وكتب المؤرخون اليساريون الكثير، حول الدوافع الكامنة وراء "مبدأ ترومان". وكادوا يجمعون على أن تلك السياسة، لم تكن تستند إلى المصالح القومية الأمريكية؛ وإنما قصدت إلى احتواء الشيوعية. غير أنهم رأوا أن وراءها دوافع اقتصادية، مثل الحاجة إلى أسواق جديدة، والوصول إلى آبار النفط الغنية، في الشرق الأوسط؛ وإذا، بالإمبريالية الاقتصادية الأمريكية، تسعى لكي تحل محل الإمبريالية الاستعمارية البريطانية! وقد حظي هذا التحليل بتأييد كبير؛ إلاّ أنه لا يبيّن إلاّ نصف الصورة فقط. 

        إن المصالح القومية الأمريكية، قد تطلبت، في حقبة ما بعد الحرب، تطوراً سريعاً في المصادر النفطية الشرق أوسطية. وكان تدفق نفط الشرق الأوسط ضرورياً جداً لإنعاش أوروبا، التي تُعَدّ خط الدفاع الأول، في مواجهة محاولات السوفيت السيطرة على المنطقتَين، الأوروبية والآسيوية. كذلك اعتقد كبار صانعي السياسة، ورجال الصناعة، أن النفط الشرق أوسطي، كان ضرورياً لزيادة احتياطي النفط الأمريكي، الذي فقد جزءاً منه، خلال الحرب. وكانت غاية السياسة الأمريكية، في الشرق الوسط، هي فتح الطريق لشركات النفط الأمريكية، إلى حقول النفط في المنطقة.

        وهكذا، تجاوزت المسؤولية الجديدة للدور العالمي الإمبراطوري الجديد، للولايات المتحدة الأمريكية، خطوط حلف شمال الأطلسي، لتمتد إلى شرقي البحر الأبيض المتوسط، تماشياً مع "مبدأ ترومان" الجديد. واستشرت سياسة تطويق الاتحاد السوفيتي وأصدقائه، بحزام عسكري، من الأحلاف؛ فاختارت الولايات المتحدة الأمريكية، جنوب شرقي آسيا، لتنشئ حلفاً عسكرياً جديداً، باسم حلف جنوب شرقي آسيا. وسرعان ما تبيّنت، أن ثمة فجوة، تكتنف هذا الحزام الطويل من الأحلاف، الممتدة عبر أوروبا وآسيا (من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي)؛ وكانت هذه الفجوة هي منطقة الشرق الأوسط، والعالم العربي في قلبه؛ وكان الربط سهلاً، بين المصالح الأمريكية في المنطقة، وسياسة تطويق الاتحاد السوفيتي.

        إذاً، أصبح للولايات المتحدة الأمريكية إستراتيجية عامة، في المنطقة، تستهدف ضمان السيطرة الاقتصادية فيها، من ناحية؛ ومن ناحية أخرى، إمكانية إنشاء حلف عسكري موالٍ للغرب، تشترك فيه دولها.

        أيقنت بريطانيا، أن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، التي أثارت مخاوفها، في السنوات الخمس الماضية ـ باتت غير مقصورة على إرث مواقع الشرق الأوسط وموارده فقط، بل تعدّته إلى تصميم أوسع، يشمل النواحي، السياسية والعسكرية. ومن ثَم، فإن المفهوم البريطاني القديم: "الدفاع المشترك"، الذي كانت تنادي به بريطانيا، بعد الحرب مباشرة، وكنظام يحل محل معاهداتها الثنائية التقليدية، مع بعض دول المنطقة، الواقعة تحت نفوذها ـ أصبح محتوماً عليه، أن يتطور إلى نظام آخر، تشرف عليه وتقوده القوة الأمريكية المتعاظمة. وراحت بريطانيا تخوض معركة يائسة، ضد الخطر، الذي استشعرته مقبلاً على الطريق.

2. الدعم الأمريكي لخلْق إسرائيل، يعرقل الدفاع الإقليمي

خرقت الولايات المتحدة الأمريكية، بدعمها وجود إسرائيل، السياسة التقليدية، التي سنّها آدم ومونرو، والقاضية بعدم التدخل. وانتهكت حق تقرير المصير، الذي استنته هي نفسها، بتمييزها اليهود عن العرب؛ ذلك على الرغم من مصالحها المهمة، في الشرق الأوسط، ومصالح حلفائها الأوروبيين، ولاسيما المصالح النفطية منها.

وعلى أثر ذلك، أضحى تحقيق السلام مستحيلاً؛ إذ استشرى العداء بين العرب واليهود؛ وشهدت المنطقة المزيد من المناوشات على الحدود، ولجأت الجامعة العربية إلى اتخاذ مبدأ مقاطعة إسرائيل؛ ومنعت مصر مرور السفن عبر قناة السويس، إلى الموانئ الإسرائيلية؛ وأرغم العراق شركة النفط العراقية على منع ضخ النفط إلى الميناء الإسرائيلي، في حيفا، وقسر العديد من السكان اليهود على مغادرته.



[1] في 18 سبتمبر  1955 جددت المحالفة لمدة عشرين عام.