إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / حلف وارسو (WARSAW)





تنظيم حلف وارسو

التكتلات الدولية في أوروبا
اتجاهات عمل حلف وارسو



حلف وارسو

عاشراً: في المجال البري:

    كانت اتجاهات التطور في المدرعات تتجه إلى الدبابة " ت ـ 80 "، وقد وصل مجموع الدبابات، من نوع " ت ـ 73" و" ت ـ 64 "، حتى مطلع 1980، إلى 9900 دبابة، مع تزايد مستمر في أعدادها. وقد أثبت خبراء الدبابات الأمريكيون أن الأنواع الثلاثة المشار إليها سابقاً، مزودة بأنواع جديدة من الدروع، بما يجعل جيل الصواريخ المضادة للدبابات الغربي غير قادر على اختراق دروعها، إذ لم يعد الأمر متعلقاً بالصاروخ "تاو" الأمريكي، بل يشمل نوعيات وأنواعًا أخرى مثل "الهوت" و "الميلان" الأوروبية، و"دراجون" الأمريكي.

    في مجال القوات البرية أدخل السوفيت، إلى تنظيم القوات البرية السوفيتية، في حلف وارسو، أنواعاً جديدة من مدفع الميدان ذاتي الحركة، عيار 203 ملليمترًا، في مطلع الستينيات، مع أنواع أخرى من المدفعيات، منها المدفع " س ب ـ 73 " عيار 152 ملليمترًا، والمدفع " س.ب ـ 74 " عيار 122 ملليمترًا؛ ونوعاً جديداً من المدافع، أُطلق عليه اسم " س.ب ـ 77 "، وهو ذاتي الحركة، ونوعاً متطوراً من المدفع " س ـ 23 " عيار 180 ملليمترًا، وقد تمكن السوفيت من استخدام المدفع عيار 203 ملليمترًا لدواع عملياتية، أهمها زيادة وزن القذيفة، ليصل إلى 136 كيلو جرامًا (للمدفع س ـ 23)، وتم تركيب المدفع الجديد على مركبة مدرعة تماثل نوعيات المدافع الذاتية الحركة "س ب ـ 73"، وبمقدوره أن يطلق قذائف نووية تكتيكية.

    في مجال الأسلحة المضادة للدبابات، قام السوفيت بعملية إحلال القاذف "رب ج ـ 16" مكان "ر.ب.ج ـ 7"، وله مدى أطول، مع توفر دقة أجهزة التصويب وقدرة أفضل على اختراق الدروع.

    كذلك زودت القوات البرية السوفيتية، في المسرح الأوروبي، بالصواريخ الباليستية التكتيكية، نوع سكود، بجانب استخدام نوع جديد للصاروخ "إس إس ـ 12"، البديل للصاروخ من نوع فروج، و"إس إس ـ 22" البديل للصواريخ المتوسطة، من نوع " إس إس ـ 14 ـ سكالبورد"، مع وجود جيل جديد من الصواريخ " إس إس ـ 23 "؛ ليحل محل الصاروخ سكود.

    مما سبق، يتضح اعتماد الإستراتيجية البرية لحلف وارسو، على نظرية الاختراقات العميقة لدول الناتو بالمدرعات، تساندها القوات الجوية والقوة الصاروخية في المسرح؛ بما يؤدي إلى سرعة انهيار دفاعات الناتو. وقد تضمن تقرير الجنرال زينر جندرسون، رئيس لجنة الحلف العسكري "الناتو" قوله: "إن الاتحاد السوفييتي ما زال يطوِّر قواته المسلحة، دون توقف أو إبطاء. وقد أثبت السوفييت، في العديد من المناسبات، عزمهم على استخدام القوة العسكرية؛ إذ يعتقدون أن ذلك في مصلحتهم. كما أن الاتحاد السوفييتي أصبح، خلال هذه الفترة، القوة السياسية العسكرية الأولى في العالم، وهم يعملون على تطوير قاعدتهم الاقتصادية، بشكل يتناسب مع الواقع. وفي الحقيقة، فإن الاتحاد السوفييتي قد تمكن من الوصول إلى مرحلة على الطريق، نحو تحقيق التفوق الإستراتيجي، قد تمكنه من اتباع سياسات أكثر جرأة، عند حساب عامل المجازفة والربح ".

    وقد قدر الجنرال جندرسون ازدياد القوة العسكرية للاتحاد السوفييتي ودول " وارسو " المتوقع بنسبة تصل إلى 20%. أما أبرز أوجه التطور العسكري السوفييتي خلال السنوات العشر الماضية فقد لخصها في الآتي:

1. نمو قوات الصواريخ السوفييتية الإستراتيجية من 1300 صاروخ، مزود بعدد مماثل من الرؤوس الحربية، إلى أكثر من 5000 رأس حربي متعددة الأهداف، مع الحفاظ على العدد نفسه من الصواريخ.

2. مضاعفة عدد الغواصات النووية المزودة بصورايخ إستراتيجية، ثلاثة أضعاف، إذ وصلت إلى 70 غواصة، منها 60 من أنواع "يانكي" و"ألفا"، المزودتين بصواريخ ذات رؤوس متعددة الأهداف.

3. تزايد عدد السفن القتالية الرئيسية، من نحو200 سفينة (عام 1970)، إلى أكثر من 275 سفينة (عام 1980)، بما فيها نوعيات جديدة، من حاملات الطائرات والطرادات والمدمرات.

4. إدخال غواصات هجومية جديدة إلى الخدمة، مزودة بالصواريخ " كروز " التكتيكية المتطورة، في مهام مقاومة السفن.

5. ازدياد عدد الدبابات الجديدة من نوعي "ت ـ 64"، و"ت ـ 72"، ذات تسليح وتدريب أقوى، مع تطوير الدبابة "ت ـ 80".

6. استخدام صواريخ نووية تكتيكية، أبعد مدى وأكثر دقة في الإصابة، من الجيل السابق.

7. إنتاج جيل من الصواريخ المضادة للدبابات.

8. تطوير وسائل الدفاع الجوي، مثل الصاروخ "سام ـ 4"، للارتفاعات العالية، و"سام ـ 6" للارتفاعات المتوسطة، و "سام ـ 8"، للارتفاعات المنخفضة، والمدافع ذاتية الحركة زد إس. يو ـ 23".

9. ازدياد إجمالي عدد طائرات الاتحاد السوفييتي وحلفائه، بنسبة 40 %، واشتمالها على عدد متزايد من المقاتلات التكتيكية السوفييتية، والذي ارتفع من 5400 (عام 1970) إلى نحو 7500، خلال عام (1980)، أي بنسبة 65%.

10. تطوير قدرات الطائرات السوفييتية، من حيث القدرات، والأجهزة، والحمولة، وكميتها.

11. دخول القاذفة الإستراتيجية "تي ـ يو ـ 22 م" (باكفاير) إلى الخدمة، وزيادة أعدادها تدريجيًا.

12. التركيز على الطائرات العمودية، التي ازداد عددها إلى ما يقرب من 3200 طائرة، وتشتمل على أكثر من 900 طائرة عمودية، من نوع " ميل ـ 24"، عالية التسليح.

13. التطور النوعي في قدرات النقل الجوي؛ بسبب دخول طائرات أكثر تطورًا.

    وتناول وزير الدفاع الأمريكي، هارولد براون، في تقرير له، مدى خطورة الصواريخ السوفييتية، المنطلقة من قواعد برية، والتي تمثل القوة الإستراتيجية النووية السوفييتية، وتشتمل على 1398 صاروخًا عابراً للقارات، من عدة أنواع، وأهمها إس إس 17/18/19، بجانب الصاروخ إس إس ـ 16. ويُعد الصاروخ إس إس 18 السوفييتي، مصدر الخطر الأساسي لقوة الصواريخ الأمريكية، إضافة إلى قوات الصواريخ المنطلقة من الغواصات، والتي تتفوق على مثيلاتها الأمريكية، بعد إدخال الصاروخ إس إس ن ـ 8، الذي يصل مداه إلى تسعة آلاف كم (بالمقارنة مع نظيره الأمريكي، ومداه 4600 كم فقط، وهو الصاروخ بوزيدون ـ 3، بينما يصل مدى الصاروخ ترايدنت إلى 7400 كم). وتُحمل على متن 4 غواصات من نوع "دلتا ـ 2" (16 صاروخًا لكل غواصة، كما يعمل الصاروخ إس إس ن ـ 18 (حوالي 160 صاروخًا) من على متن 10 غواصات من نوع " دلتا ـ 3 "، ويراوح مداه ما بين8 آلاف كم و16600 كم.

    ازدادت كذلك قوة القاذفات الإستراتيجية، بدخول القاذفة الإستراتيجية المتوسطة تو ـ 6 (باكفاير) (أو تو ـ 22م)، التي يمكنها تنفيذ مهام القصف الجوي الاختراقي بعيد المدى، على ارتفاعات منخفضة، وبسرعات تفوق سرعة الصوت، وتلعب هذه القاذفة الإستراتيجية دورها، في عمليات القصف البحري المضاد للسفن. وتقدر قوة القاذفات الإستراتيجية بحوالي 75 قاذفة، تابعة لقيادة سلاح الجو بعيد المدى، بجانب 58 قاذفة تابعة لقوات الأسطول الجوي. وتقدر وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية مدى عمل القاذفة "باكفاير"، بمدى يتراوح ما بين 3700 إلى 5400 كم، وهي قادرة على حمل 10 ـ 12 طن قنابل، أو صاروخين جو ـ أرض، بعيدي المدى، من نوع إس ـ 6 كينج فيش، ومداه 740 كم.

    فإذا حدث أن نشأت مواجهة نووية شاملة، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، فإن كلا الطرفين قادر على تدمير نحو نصف قوة صواريخ الطرف الآخر، عبر ضربة مسبقة أولى، يستخدم فيها 50 إلى 70 % من إجمالي القوة النووية. وقد شمل التقرير أن الضربة النووية السوفيتية، باستخدام الصواريخ إس إس 17 / 18 / 19، سوف تتمكن من تدمير ما بين 75 ـ 90 % من قوة الصواريخ الأمريكية المنطلقة من القواعد البرية.

حادي عشر: القدرات الحركية الإستراتيجية السوفييتية

    عمل الاتحاد السوفييتي على تطوير إمكاناته للنقل الإستراتيجي، وإن لم تستطع هذه القدرات أن تضارع القدرات الأمريكية، التي يمكنها أن تحقق نقلاً إستراتيجياً للقوات الأمريكية، بحرًا وجوًا، خارج القارة الأمريكية، على الرغم من أن الاتحاد السوفييتي قد أرسل، بشكل استثنائي، قواته خارج حدوده، إلى مصر عام 1970، وإلى أفغانستان، عبر حدود مشتركة. وقد توصل معهد بروكنجز الأمريكي، إلى رأي بأن القدرة السوفييتية على خوض الحرب، لا تعتمد على خطوط مواصلات بحرية عابرة القارات؛ فإن عدم وجود قوات مشاة البحرية، إلا بشكل رمزي، والقدرة المحدودة على عمليات الإنزال البرمائية، وعدم توفر الحماية الجوية المركزة على حاملات الطائرات، يثبت أن البحرية السوفييتية غايتها الأساسية ردع الهجمات في العمق البري السوفييتي، والحد من إمكانات عمل الولايات المتحدة الأمريكية والقوات الغربية قرب الشواطئ السوفييتية. كما أن القوات السوفييتية المحمولة جوًا "خفيفة الحركة" بحيث يصعب قيامها بدور عملياتي مؤثر، في مواجهة الدفاعات الأرضية المكثفة، كما في الشرق الأوسط. وقد طوّر الاتحاد السوفييتي قدراته الحركية البحرية، بإضافة حاملات طائرات خفيفة للأسطول السوفييتي، مع إعادة تنظيم وتجهيز القوات المحمولة جوًا، وزيادة قدرات النقل الجوي الإستراتيجي البعيد المدى؛ بهدف العمل في نطاق المسرح الأوروبي، مع ضرورة دمج الهجمات البرية بالعمليات المنقولة جوًا، وعمليات الاقتحام الرأسي، وراء خطوط العدو، دون الانتقال بهذه الهجمات إلى المناطق النائية. إن المفهوم السوفييتي لاستخدام قدراته الحركية، بنقل القوات إلى مسرح العمليات الأوروبي، والقيام بدفع قوات للعمل في العمق؛ يمثل أخطر التهديدات الموجهة إلى قوات الناتو في المسرح الأوروبي، الذي يعتبره السوفييت المسرح الرئيسي للعمليات الإستراتيجية والتعبوية، الذي يجب أن تحسم عليه نتائج الحرب، لصالح حلف وارسو، في إطار عمليات حاسمة مصيرية.

ثاني عشر: القدرة الحركية الإستراتيجية السوفييتية للنقل الجوي بعيد المدى:

    ركز حلف وارسو على عنصرين متكاملين هما: طائرات النقل الجوي بعيد المدى، والقوات الكلية/المحمولة جواً، المخصصة لمهام الاقتحام الرأسي.

ثالث عشر: قيادة النقل الجوي (VTA):

تتكون قيادة النقل الجوي من ثلاث مجموعات:

1. مجموعة الطائرات بعيدة المدى.

2. مجموعة الطائرات العملياتية التكتيكية.

3. مجموعة الناقلات التكتيكية.

    وقد خصصت طائرات النقل بعيدة المدى، لنقل قوات الاحتياط إلى مناطق الصراع، بينما تتولى طائرات النقل التكتيكي ـ العملياتي نقل القوات إلى منطقة العمليات، بجانب نقل القوات خلف خطوط العدو، وتأمين الدعم اللوجيستي لها. وتقوم الناقلات التكتيكية بتأمين الدعم اللوجيستي للقوات، في ميدان المعركة مباشرة.

تستخدم قوات النقل بعيد المدى الأنواع التالية من الطائرات

1. 600 طائرة من نوع " أنتينوف ـ 12"، مداها 3600 كم، وحمولتها 20 طنًّا. وتشبه هذه النوعية من الطائرات الطائرة " سي ـ 130 " الأمريكية، من حيث المهام، وتستطيع نقل أكثر المعدات الرئيسية للقوات السوفييتية المحمولة جوًا.

2. 60 طائرة من نوع "أنتينوف ـ 22" تستطيع حمل مائة طن من المعدات، مسافة خمسة آلاف كم، وهي أكبر طائرات النقل السوفييتية العاملة. وتستطيع أن تنقل دبابات " ت ـ 62 " و " ت ـ 72"، والصواريخ التكتيكية "فروج ـ (أرض / أرض)"، وصورايخ " سام 4/6" (أرض / جو). ويمكنها أن تعمل في أرض منبسطة وممرات بدائية، ويسهل هبوطها وإقلاعها في المناطق الوعرة.

3. 600 طائرة نوع " أنتينوف ـ 26 "، حمولة خمسة أطنان من المعدات، لمسافة ألفي كم.

4. من 75 إلى 100 طائرة " إليوشن ـ 76 " حمولة 40 طنًّا من المعدات، مسافة خمسة آلاف كم، وهي من أحدث الطائرات السوفييتية بعيدة المدى ، مع إمكانية الإقلاع والهبوط عبر ممرات قصيرة.

5. تستطيع قيادة النقل الجوي (VTA) أن تعتمد، وقت اللزوم، على أسطول النقل الجوي المدني، من نوع " أيروفلوت "، إذ تشتمل قدرات النقل الجوي المدني على: 150 طائرة " أ.ن ـ 12، و36 طائرة أ.ن ـ 22 "، ونحو 25 طائرة " أل ـ 76 ".

    ويمكن أن تعتمد قيادة النقل الجوي، على طائرات النقل المدني، حتى تتفرغ طائرات النقل الجوي العسكري، لنقل قوات الاقتحام الرأسي، أو لتأدية المهام العسكرية الأخرى.

1. القوات المحمولة جوًا:

تشتمل القوات المحمولة جوًا على 8 فرق، ووحدات خاصة وكوماندوز غير محددة العدد، يمكنها أن تقوم بالعمليات وراء خطوط العدو، إضافة إلى المظليين القادرين على القفز من ارتفاعات عالية، والقيام بعمليات الاستطلاع والمراقبة والتخريب. وللقوات المحمولة جوًا، قيادة مستقلة تابعة، مباشرة، لرئاسة الأركان العامة السوفييتية. وقد بلغت درجة من التطور، أصبحت معها تشكل "فرقاً للاقتحام الجوي" Airborn assault divisions. وتتألف الفرقة المحمولة جوًا من 7500 عنصر، في ثلاثة أفواج مشاة ميكانيكية محمولة جوًا (1800 عنصر)، إضافة إلى وحدات الدعم من المدفعية، وسرايا المهندسين، والاستطلاع، والحرب الكيماوية. تتسلح الفرقة الواحدة بـ 54 قانصة دبابات خفيفة، من نوع "أ. سي. يو ـ 57" (مدفع عيار 57 مم)، و18 قانصة، من نوع أ. سي. يو ـ 85 (مدفع عيار 85 مم)، و27 عربة حاملة للصواريخ المضادة للدروع، من نوع ساجر، و18 صاروخًا م/ط "ساجر" فردي، و279 قاذفة "ر. ب. ج ـ 7" م/ د، و81 مدفعًا عديم الارتداد عيار 83 مم، و54 مدفع هاون عيار 140 مم. وتتألف عناصر الدفاع الجوي من 96 صاروخًا "سام ـ 7" المحمول على الكتف، و48 صاروخًا من نوع "سام ـ 9" ذ/ ح. وقد دخل التنظيم 346 عربة قتال مدرعة، من نوع "ب. م. د"، وحاملة الصواريخ "ساجر" م/د، ومدفع عيار 73 مم في الفرقة المحمولة جوًا، مما أكسبها قدرات وخفة حركة عالية.

دل هذا على اهتمام القيادة السوفييتية، بتوفير قدرات تصدٍّ للقوات المدرعة المعادية، بما يتناسب مع طبيعة القتال المحتملة في المسرح الأوروبي، حيث ينتظر مواجهة هجمات مدرعة مضادة كثيفة في المراحل الأولى من العمليات، وبما يحقق معدل تقدم نحو 50 كما/يوميًّا. مع توافر الحماية لوسائل الدفاع الجوي "سام ـ 7/9"، للوقاية ضد طائرات الدعم التكتيكي المعادية، وبالأخص الطائرة العمودية المسلحة القادرة على التصدي لشن عمليات الاقتحام العمودي، المكلفة بها هذه الفرقة المحمولة جوًا، ضد المدرعات السوفييتية ومدرعات حلف وارسو.

2. قدرات النقل الجوي السوفييتي:

اشتملت قدرات النقل الجوي السوفييتي، على قدرات نقل القوات المحمولة بمعداتها (الاقتحام الرأسي)، وقدرة الدعم اللوجيستي بعيد المدى (الجسور الجوية).

3. الاقتحام الرأسي:

أشارت التقارير الغربية إلى أن قيادة النقل الجوي، تستطيع نقل فرقة منقولة جوًا، بكامل معداتها وعتادها، دفعة واحدة، لمسافة 1600 كم، مع ذخائرها وأسلحتها، بحيث تكفي الذخائر، لمدة 3 أيام متواصلة، في العمليات الحربية، وفقًا لظروف المسرح الأوروبي. كما أن الطائرات " أ. ن ـ 12 " المدعمة بالطائرات " أل ـ 76 " تستطيع نقل مجموعات مقاتلة، من فرقتين محمولتين، للمسافة نفسها، دون أن تحمل معداتها الثقيلة. وقد نجح التطوير المستمر، في قدرات النقل الجوي، في الوصول إلى قدرات لنقل خمس فرق محمولة جوًا دفعة واحدة. وأثبتت المناورة، التي أجرتها قيادة النقل باسم "رفينا" إمكان إنزال فرقة محمولة جوًا، كاملة، مع 160 عربة قتال، خلال 22 دقيقة. وذكرت مصادر سوفييتية أنه تم إنزال مئة ألف مظلي، خلال إحدى التدريبات.

رابع عشر: نهاية حلف وارسو:

    أدى التحول، من الحرب الباردة إلى مناخ الوفاق والانفراج[1]، إلى تغييرات جذرية، أهمها انهيار الاتحاد السوفيتي، وتفكك جمهورياته، وما تبع ذلك من إفلات دول شرق أوروبا من القبضة السوفيتية؛ مما أدى إلى التخلص من النظم الشمولية، التي ظلت تحكم هذه الدول، على مدى أربعين عاما متصلة. وقد جاء هذا التحول، في دول أوروبا الشرقية، رد فعل شديد، لسنوات الكبت وخنق الحريات؛ مما جعلها تتطلع، بشوق، إلى تحقيق المجتمع الليبرالي، على نسق ما يعرف بالديموقراطية الغربية. وفى محاولاتها لإعادة صياغة أسلوب حياتها الجديد، بعد التحرر من الشيوعية، أصبحت تتوق إلى تغيير واضح لنسيج المجتمع السائد، في تراكمات مجتمعات اللاطبقية واللاملكية الخاصة، ومن تحكم البيروقراطيات في ظل المجتمع، الذي يتسم بالتخطيط المركزي الصارم.

    لقد أصبحت دول أوروبا الشرقية، أكثر إصراراً وأقوى إرادة سياسية، على إلغاء كل التنظيمات المؤسسية، التي كانت تنطوي، تحتها، هذه المجتمعات، والتي كانت تنظم، من خلالها، حياتها السياسية، والدفاعية، والاقتصادية، والتجارية، والعلمية، والثقافية، والإيكولوجية وغيرها. وكان، في مقدمة هذه التنظيمات جميعها، منظمة تبادل المساعدة والتعاون المشترك " الكوميكون "، على الصعيد الاقتصادي والتجارة الخارجية، ومنظمة معاهدة الصداقة والتعاون وتبادل المعونة "وارسو". وقد أخذت عملية التحول بعدين: داخليًا وخارجيًا، في وقت واحد.

    لم يكن مستغرباً، بعد أيام قليلة من توقيع بروتوكول بودابست، في 28/6/1991، الذي وضع النهاية لبقاء واستمرار الكوميكون؛ أن تجتمع اللجنة السياسية الاستشارية لحلف وارسو في براج، في 1/7/1991، ويتم التوقيع على بروتوكول إلغاء حلف وارسو، بعد نحو ستة وثلاثين عاما من قيامه. ومن المفارقات أن ينتهي الحلف ـ عمليا ـ بموجب بروتوكول براج في 1/7/1991، أثناء الجلسة الخامسة والعشرين الأخيرة للجنة السياسية الاستشارية للحلف، والتي رأسها رئيس جمهورية تشيكوسلوفاكيا. ومن المؤكد، أن التشيكوسلوفاك قد أجادوا استخدام أوراقهم، وأعملوا التنسيق، مع غيرهم، حتى يحققوا هدفهم. وكان من أوائل مساعي التشيكوسلوفاك، بعد نجاح تحولهم عن الشيوعية، الحصول على وثيقة من السوفيت، وبقية الدول الأعضاء في حلف وارسو، الذين تدخلوا ضد تشيكوسلوفاكيا عام 1968، يعترفون فيها، صراحة، بخطأ عملهم ضدها وقتذاك، وأنه قد لحق بها ضرر جسيم، لم يكن له مبرر، ويعتذرون عن كل ذلك. يضاف إلى ذلك، أن المجر كانت تشعر بالألم، بسبب التدخل السوفيتي في أرضها، عام 1956؛ لإخماد انتفاضتهم بقوة السلاح. ومن ثم، لم يكن هناك بد من تصفية الحلف وإلغائه، بعد تحول الأوضاع. ولم يكن مستغربا من الرئيس التشيكوسلوفاكي " هافيل "، في خطبته الافتتاحية لاجتماعات التوقيع على بروتوكول براج لإلغاء الحلف، أن يصرح بقوله: "من المؤكد، أن قرارنا اليوم (بحل الحلف) هو قرار تاريخي" ويضيف: "إننا (بذلك) نقول: وداعاً، لتلك الحقبة، التي عانت فيها أوروبا من الانقسام والتجزئة، بفعل التعصب الأيديولوجي، لترتفع الآن (أمامنا) رؤية أوروبا الموحدة، الديموقراطية، الآمنة، التي يرفرف عليها السلام.

    ولم تخف براج بأي حال، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي أو الإعلامي، أن حلف وارسو، الذي سبق أن حرمها نعمة الاستمتاع بربيعها، في عام 1968 (ثورة الربيع عام 1968)، قد مات هو نفسه، على أرضها، في قيظ صيف عام 1991، أي بعد 23 عاما، وقيدت شهادة وفاته في براج أيضا. احتفلت براج رسمياً وشعبياً وإعلامياً، في الأسبوع الأخير من شهر يونيه 1991، وعلى نطاق واسع، بمناسبة جلاء آخر أفراد القوات السوفيتية من أراضيها، باعتبار أن ذلك يعني بدء ممارستها الفعلية لسيادتها الحقيقية الكاملة على أرضها. ولم يكن من المفارقات، أن تكون تشيكوسلوفاكيا هي أول من أتم عملية التصديق على بروتوكول إلغاء الحلف، في 13/7/1991، (بعد اثني عشر يوماً فقط من تاريخ التوقيع على البروتوكول)، وصدقت على الإلغاء الجمعية الفدرالية التشيكوسلوفاكية، أي البرلمان الفيدرالي بمجلسيه، بأغلبية ساحقة (ثلاثمائة عضو عدا ثلاث نواب امتنعوا عن التصويت). أما في بولندا، فقد علَّق رئيسها " لينج فاونسا "قائلا: إنني لا أهوى حضور جنازات الموتى". وقد أفاضت الصحافة ووسائل الإعلام البولندي، في الكلام والتحليلات والتعليقات على إلغاء الحلف.

    ولقد أظهرت كل من المجر وبولندا وتشيكوسلوفاكيا، وهي الدول الثلاث، التي عانت من التدخل السوفيتي المسلح؛ لإخماد ثوراتها ضد الشيوعية وضد التبعية السوفيتية، فرحتها العارمة بإلغاء حلف وارسو، واستعادة حريتها السياسية، واختيار نظم ديمقراطية بعيدة عن النظم الشمولية.

    ظهرت ردود أفعال، في دول أخرى من دول أوروبا الشرقية، إزاء حلف وارسو. وقد عبّر رئيس بلغاريا "جيليورجليف "، أثناء وجوده في براج، للمشاركة في اجتماعات حل الحلف، في 1/7/1991، عن السبب الحقيقي لتصفية كل من الكوميكون وحلف وارسو، بقوله: إن التغيرات العميقة، التي حدثت وتحدث باستمرار (في القارة الأوروبية)، هي السبب الرئيسي وراء أفول الحقبة الشيوعية. واعتبر "جيليف": "أن حلف وارسو، قد لعب دورًا مشهوداً، في المعسكر الاشتراكي والنظام الشيوعي، وبانتهائه يمكن القول إن الشيوعية قد رحلت، ولن تعود".

    بينما اعتبر الرئيس الروماني "بيتر رومان" أن حلف وارسو ظهر، نتيجة للحرب الباردة، وأن حله يجيء، متناسبا مع تطور العلاقات الجديدة".

    أما رئيس الوفد السوفيتي في الاجتماعات، " جيناردى يانيف "، فقد ذكر أن الحلف كانت له إيجابياته، وكان هو صاحب المبادرة، في تخفيض الأسلحة التقليدية، وإتلاف الأسلحة النووية القصيرة والمتوسطة المدى، وإنجاز عملية نزع السلاح. وأعرب عن اعتقاده بأن إلغاء حلف وارسو، لا يعنى انتهاء العلاقات الوثيقة، التي تربط دوله بعضها ببعض، وأن "الوضع السياسي الجديد في أوروبا، إنما يتطلب نمطا جديدا من العلاقات".

    أما الرئيس التشيكوسلوفاكى "فاتسلاف هافيل " فقد رأى أن حل حلف وارسو يأتي خطوة للابتعاد عن مرحلة أوروبا المنقسمة، وبداية لمرحلة تاريخية جديدة، من تعايش دول المعسكر السوفيتي سابقا. وقد وصف هافيل حل الحلف، في مقابلة صحفية مع وكالة الأنباء التشيكية (تشيتكا)، في 1/7/1991، بأنه "بمثابة إعادة النظر في 36 عامًا، مرت، من حياة هذا الحلف"، وقد ألمح إلى ظاهرة وجود "فراغ أمني" ناجم عن حل الحلف، وأن المخرج يكمن في إقامة علاقات جديدة، مبنية على الثقة والتعاون، بين الدول (التي كانت) تابعة للمعسكر السوفيتي السابق من جهة، وحلف الأطلسي من جهة أخرى. وكان "فاتسلاف هافيل"، قد دعا في 31/3/1991 المسؤولين في حلف شمال الأطلسي، إلى السماح لدول أوروبا الشرقية بالانضمام إلى الحلف، وتقديم المساعدة لهذه الدول، التي تتعرض لمشاكل اقتصادية وأمنية خطيرة.

    جاء حل حلف وارسو، نتيجة طبيعية للتغيرات والتطورات، التي أدت إلى عودة أوروبا الموحدة، ووحدة الألمانيتين. واتفق أن حلف وارسو كان في حقبة، سادت فيها رياح الحرب الباردة، وعمت قمة التوتر في العلاقات بين الشرق والغرب. وكان حلف وارسو ورقة الضمان، لبقاء التحالف السوفيتي، قوة عظيمة، مع دول أوروبا الشرقية، وحفظا للنظم الاشتراكية والشيوعية في أوروبا الشرقية، في إطار القطبية الثنائية. وكانت له إيجابياته في مسائل نزع السلاح، وتخفيض القوات في أوروبا، ومنع قيام حرب نووية، إلا أنه أدى دوره مع حلف الناتو، في المحافظة على أوروبا المنقسمة، وألمانيا المنقسمة، في فترة سادت فيها الأفكار، حول احتمال حدوث حرب ثالثة، وما صاحب هذا الفكر من اتجاه إلى سباق تسلح، لم يوقفه إلا التحول نحو الوفاق والانفراج الدولي، وقبول فكرة الحد من التسلح، والتخلص من أسباب التوتر، وأهمها البعد عن المنهج العقائدي في معالجة المسائل الإستراتيجية، والسياسية، والتعاون المشترك، من أجل سلام أوروبا وأمنها.

    ولا شك أن إلغاء حلف وارسو قد توافق، مع رغبة دول أوروبا الشرقية، في استعادة مقومات حريتها السياسية، ورغبتها في نظم ديموقراطية، والبعد تماما عن النظم الشمولية والاشتراكية والعقيدة الشيوعية. ولا شك أن الإبقاء على حلف الناتو، لم يتعارض مع رغبة دول أوروبا الشرقية، في إلغاء حلف وارسو، ولم تطالب هي في المقابل بإلغاء حلف الناتو، إلا أن بقاء حلف الناتو صار يعبر عن مرحلة جديدة، في العلاقات الدولية، التي توافقت مع نظام القطبية الأحادية، وأخذ يتطور مع تطور الحياة في إطار أوروبا الموحدة، ليكون نظاماً دفاعياً أمنياً لأوروبا الموحدة، ولذا بدأ يقبل، في عضويته، بعض دول أوروبا الشرقية، في إطار توسيع دائرته شرقا. ومع زوال التهديد والتوتر، لم يبق الاتحاد الروسي يخشى من اقتراب حلف الناتو، من حدوده السياسية، بل قد يكون الموقف الجديد هو، الاتجاه إلى مواجهة أي تهديدات مستقبلية تأتى من الجمهوريات الإسلامية المستقلة حديثا عن الاتحاد السوفيتي، بعد سقوطه. ولعل استمرار وجود الناتو يعني نقل خط التماس إلي حدود الدول الإسلامية؛ بما يعني مواجهة بين الدول المسيحية والدول الإسلامية، وبالأخص بعد تقارب المسيحية مع اليهودية؛ ليكون العدو هو الإسلام.

1. نص برتوكول إلغاء الحلف:

سبق، إلغاء حلف وارسو، التوقيع على ما عرف ببروتوكول بودابست، في 31/3/1991. وقد أقر الموقعون عليه، بتصفية الهيكل العسكري للحلف، ولم يبق منه سوى الهيكل السياسي. وهذا ما تولاه بروتوكول براج، في 1/7/1991. وقد أشارت ديباجة البروتوكول ـ صراحة ـ " إلى اعتبار التحولات العميقة الجارية، الآن، في أوروبا، أنها تعني نهاية المواجهة والانقسام في القارة".

المادة الأولى:

لم تبق معاهدة وارسو قائمة، من يوم أن يصبح هذا البروتوكول نافذاً. (أي تاريخ إتمام التصديق على البروتوكول).

المادة الثانية:

ليست هناك أي منازعات، بين الدول أطراف المعاهدة، على ممتلكات الحلف.

المادة الثالثة:

من فقرتين: الأولى نصت على شروط التصديق على البروتوكول. والثانية تعلقت بالنص على إيداع وثائق التصديق بأرشيف الحكومة التشيكوسلوفاكية، التي تتولى بدورها إخطار بقية الأطراف، تباعاً، بما يرد إليها من تصديقات.

المادة الرابعة والأخيرة:

تفيد بأن هذا البروتوكول سوف يصبح نافذ المفعول، في اليوم الذي ترد فيه آخر وثيقة تصديق عليه، إلى الأرشيف.

الموقعون على البروتوكول، براج 1/7/1991

-   الرئيس فاتسلاف هافيل، عن الجمهورية التشيكوسلوفاكية الفيدرالية.

-   الرئيس جيليوجيليف، عن جمهورية بلغاريا.

-   الرئيس جوزيف أنتالى رئيس الوزراء، عن جمهورية المجر.

-   الرئيس لينج فاليس،ا عن جمهورية بولندا.

-   الرئيس إيون إيليسكو، عن رومانيا.

-   السيد جينادى يانالييف (نائب رئيس الجمهورية)، عن الاتحاد السوفيتي.

أعلن المراقبون الغربيون والمحايدون، على السواء، أن هدم المعبد القديم (حلف وارسو)، بكل معالمه وهياكله المختلفة، جاء وسط موجة عارمة من الكفر، بكل ما يمت لاسم"الاشتراكية" أو "الشيوعية" بصلة، من قريب أو بعيد، وسط ثورة اندفاع محموم نحو الغرب. وقال الرئيس هافيل، في حديث له، مع مندوب النيوزويك، (في 10/7/1991).

"إن الشيوعية ليست هي الكارثة الوحيدة في عالم اليوم. وإننا إذ حطمنا الشيوعية، فليس معناه أن عالمنا سيصبح جنة. المشكلة كبيرة وعميقة؛ يوجد في الغرب الكثير من الانقسام، كالإحباط وانعدام الهدف".

لقد دُفن حلف وارسو في احتفال جنائزي، شهده الزعماء السياسيون، في دول أوروبا الشرقية، مع قناعة كاملة أن حل الحلف يعنى أن يُهال التراب على حقبة سياسة غير سعيدة، عاشت فيها دول أوروبا الشرقية، تحت قهر ظلم النظام الشيوعي، تحت زعماء الكرملين.


 



[1] يعني الوفاق الدولي وصول الكتلتين الشرقية والغربية إلى الاتفاق المشترك، حول العديد من القضايا الدولية الأساسية، وفي مقدمتها مشكلة الحرب والسلام في العصر النووي، فضلا عن إدراك القوتين العظميين، لما يمكن أن يحصلا عليه من وراء تعاونهما المتبادل، في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والتكنولوجية.