إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / حقوق الإنسان، والهيئات المعنية بها









حقوق الطفل

ثانياً: حقوق الطفل والمرأة

1. حقوق الطفل:

    اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإجماع، في 20 نوفمبر 1989، اتفاقية حقوق الطفل. وتعد هذه الاتفاقية أكمل بيان، يصدر عن الأمم المتحدة، حتى الآن، بشأن حقوق الطفل، وهي الأولى، من نوعها، التي تعطي لحقوق الطفل، قوة القانون الدولي.

    جعلت الأمم المتحدة، من الأطفال، ورفاهيتهم، وحقوقهم، مرتكزا لاهتمامها مذ إنشائها في عام 1945. وأول الأعمال التي قامت بها الجمعية العامة، تأسيس مؤسسة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف)، التي تعد اليوم الدعامة الرئيسية، للمساعدة الدولية للأطفال.

    وقد أقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة، في عام 1948، بوجوب أن يكون الأطفال محل رعاية خاصة، وعناية كبيرة. ومنذ ذلك الحين، تعمل الأمم المتحدة على حماية حقوق الطفل، في المعاهدات الدولية العامة، كالعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، وإعلان حقوق الطفل لعام 1959، وهو صك مكرس خصيصاً لحقوق الأطفال.

    وقد برزت الحاجة إلى إعطاء حقوق الطفل، قوة المعاهدة القانونية، إبان التحضير للسنة الدولية للطفل. ففي عام 1979،  شرعت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في صياغة اتفاقية في هذا الصدد. وقد صدرت المبادرة عن بولندا، ورأس الفريق العامل، الذي وضع صيغة الاتفاقية، السيد آدم لوباتكا من بولندا. وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ، في 2 سبتمبر 1990.

أ. النقاط البارزة في الاتفاقية:

(1) لكل طفل حق أصيل في الحياة، وتكفل الدول الأطراف -إلى أقصى حد ممكن- بقاء الطفل ونموه.

(2) لكل طفل الحق في اسم، وفي اكتساب جنسية منذ ولادته.

(3) تولي المحاكم، والمؤسسات الخيرية، والسلطات الإدارية، في تعاملها مع الأطفال، مصالح الطفل الفُضْلَى، الاعتبار الأول. ويُولَى الاعتبار الدقيق لآراء الطفل.

(4) تكفل الدول أن يتمتع كل طفل بكامل حقوقه، دون التعرض للتمييز أو التفرقة، أيا كان نوعها.

(5) لا يجوز فصل الأطفال عن والديهم، إلا إذا قررت ذلك السلطات المختصة، حفاظاً على مصالحهم.

(6) تكفل الدول جمع شمل الأسر، بتيسيرها لأفراد هذه الأسر السفر، داخل حدودها، أو خارجها.

(7) تقع على عاتق الوالدين المسؤولية الأولى عن تربية الطفل، وتقدم الدول لهم المساعدة اللازمة، وتكفل تطوير مؤسسات رعاية الطفولة.

(8) تكفل الدول حماية الطفل من الضرر، والإهمال البدني أو العقلي، بما في ذلك الإساءة الجنسية، والاستغلال الجنسي.

(9) توفر الدول للطفل، الذي حرم من والديه، الرعاية البدنية المناسبة. وينبغي التنظيم الدقيق لعملية التبني، والسعي إلى إبرام اتفاقات دولية توفر، الضمانات، وتؤمن الشروط القانونية الصحية للتبني إذا اعتزم الوالدان بالتبني نقل الطفل، من البلد الذي ولد فيه، إلى بلد آخر.

(10) المعوقين الحق في الحصول على علاج وتربية ورعاية خاصة.

(11) للطفل الحق في أعلى مستوى ممكن بلوغه من الصحة. وتكفل الدول أن يحصل جميع الأطفال على الرعاية الصحية، مع التركيز على التدابير الوقائية، وعلى التربية الصحية، وتخفيض وفيات الرضع.

(12) يجب أن يكون التعليم الابتدائي إلزامياً ومجاناً، ويجب أن يكون تأمين الانضباط داخل المدرسة، على نحو تُحّترم معه كرامة الطفل، والمفروض أن يهيئ التعليم الطفل للحياة، بروح من التفاهم، والسلم، والتسامح.

(13) يمنح الأطفال وقتاً للراحة، ومزاولة الألعاب، وتتاح لهم فرص متكافئة للقيام بأنشطة ثقافية، وفنية.

(14) تكفل الدول حماية الطفل، من الاستغلال الاقتصادي، والعمل الذي قد يعرقل تعليمه، أو يضر بصحته، أو رفاهيته.

(15) تكفل الدول حماية الطفل من الاستخدام غير المشروع للمخدرات، أو الاشتراك في إنتاجها أو الاتجار بها.

(16) تبذل الدول قصارى جهدها، للقضاء على عمليات اختطاف الأطفال، والاتجار بهم.

(17) لا تفرض عقوبة الإعدام، أو السجن، مدى الحياة، بسبب الجرائم، التي تقترف قبل سن الثامنة عشرة.

(18) يتعين فصل الأطفال عن الكبار في السجون، ويجب ألا يتعرض الأطفال للتعذيب أو للمعاملة القاسية، أو المهينة.

(19) لا ينبغي إشراك أي طفل، دون الخامسة عشرة في أعمال حربية، وتُوفَّر للأطفال، الذين هم عرضة لنزاع مسلح، حماية خاصة.

(20) يتمتع أطفال الأقليات والشعوب الأصلية بثقافتهم، ودينهم، ولغتهم بكامل الحرية.

(21) ينبغي أن يعالج الطفل الذي عانى من سوء المعاملة، أو الإهمال، أو الاحتجاز، العلاج الملائم، وأن يحصل على التدريب اللازم لشفائه، وتأهيله.

(22) يعامل الطفل، الذي يخرق قانون العقوبات، بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساس الطفل بكرامته وقدره، وتهدف إلى إعادة الطفل في المجتمع.

(23) تتعهد الدول بأن تنشر الحقوق الواردة في الاتفاقية على نطاق واسع بين الكبار والأطفال على السواء.

ب. استخدام الأطفال في الحروب:

    من الظواهر المؤسفة التي كثرت في الآونة الأخيرة استخدام الأطفال جنوداً في الحروب.

    فقد أحصي، مؤخراً، آلاف الأطفال، الذين لم يتجاوزوا سن السادسة عشر، ممن شاركوا بالفعل في الحروب الدائرة فيما يزيد عن 25 دولة. ففي عام 1988 وحده، رُصِدَ ما يزيد عن مائتي ألف طفل، شاركوا في الحروب الدائرة، في العام نفسه. وربما كان التوسع في إنتاج الأسلحة الخفيفة، من الأمور التي سهلت، وشجعت على استفحال هذه الظاهرة، وانتشارها على نحو مريع.

    وتعد السلفادور وأثيوبيا وجواتيمالا ومينامار، فضلاً عن عديد من بلدان العالم الثالث، التي تعاني اضطرابات وحروباً داخلية وخارجية، من أكثر مناطق العالم استخداماً للأطفال في الحروب الدائرة هناك. فقد كان الجيش الإثيوبي، يلجأ إلى خطف الصبية الصغار، الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة عشرة، من القرى والضواحي الفقيرة، لإجبارهم على العمل بين صفوف قواته.

    بل قد صار أمراً دارجاً، أن تقوم العناصر المتمردة والمعارضة، في مثل هذه البلدان، باختطاف الأطفال في مثل هذه الأعمار، وإجبارهم على الالتحاق بصفوفها، في مواجهة القوات النظامية الحكومية.

    وفي موزمبيق، تضم قوات (RENAMO)، ما يقرب من عشرة آلاف صبي بين صفوفها بعضهم لا يتعدى سن السادسة عشر. كذا الأمر في أنجولا؛ حيث شارك ما يقرب من 36% من الأطفال في الأعمال الحربية الدائرة هناك. ويتكرر الأمر نفسه، وإن كان بشكل مختلف يتفاوت شدة وقلة، في رواندا، وسيراليون، وكمبوديا، والصومال، والعراق، وإيران.

    ولمقاومة هذه الظاهرة، بدأت الأمم المتحدة تحركاً حثيثاً، على جميع المستويات؛ إذ كلف الأمين العام للأمم المتحدة، أثناء انعقاد الدورة الثامنة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بتعيين خبير لبحث التعاون بين "منظمة اليونيسيف"، ومركز حقوق الإنسان، لدراسة مشاكل الأطفال، خلال الحروب والصراعات الدائرة.

    وفي هذا الصدد، قدم الأمين العام للأمم المتحدة، آنذاك بطرس بطرس غالي، تقريراً عن "تعزيز وحماية حقوق الأطفال"، وقد احتوى هذا التقرير، على إحصائيات لما يعانيه الأطفال في الصراعات الدائرة، والحلول المقترحة، في هذا الصدد.

    فعلى سبيل المثال، قدر الضحايا من الأطفال، نتيجة حروب البوسنة والهرسك، بحوالي 17 ألف طفل. وقد أشار التقرير، كذلك، إلى أن الصراعات الدائمة في رواندا، قد أسفرت عن تشريد ما يقرب من مليون طفل فقدوا آباءهم، فضلاً عن تعرضهم للاغتصاب الجنسي، أثناء أعمال العنف.

    وقد تابعت حركة الإغاثة، التابعة لليونيسيف، جهودها المبذولة على مسرح الأحداث في رواندا، حيث قامت بتسريح ما يقرب من 4 آلاف جندي، تتراوح أعمارهم ما بين 10-16 عاماً، إلى مناطق أخرى آمنة، بغية تعليمهم، وإعادتهم إلى الحياة الاجتماعية العادية.

    وقد لاقت هذه المجهودات نجاحاً منقطع النظير، في إعادة هؤلاء الأطفال إلى حياتهم الطبيعية. و قام "صندوق الطفل"، بالتعاون مع " بعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، بالتوصل إلى اتفاقية مع وزير العدل في رواندا، وذلك لحماية الأطفال الذين يشاركون في الحروب والذين تم القبض عليهم فيها، بحسبانهم أسرى حرب.

    كما أنشأت منظمة اليونيسيف، تعزيزاً للجهود السابقة، برنامجاً لتأهيل الأطفال الذين عانوا من الحروب والصراعات الدامية، وتعرضوا خلالها لعديد من الانتهاكات، وذلك لمساعدتهم في العودة إلى الحياة الطبيعية، ومعالجة الآثار النفسية الناجمة عن سوء المعاملة، إبان هذه الصراعات. وقد تم تطبيق هذا البرنامج في رواندا، والبوسنة والهرسك، وفي عديد من الدول الأعضاء التي مزقتها الحروب، وعانى الأطفال، من جرائها، الكثير.

2. حقوق المرأة "إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة":

    في شهر نوفمبر 1967، اعتمدت الجمعية العامة إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وفي 1972، طلب الأمين العام للأمم المتحدة، من اللجنة المعنية بمركز المرأة أن تستطلع آراء الدول الأعضاء، شكلاً ومضموناً، فيما يتعلق بصك دولي، يعتزم وضعه بشأن حقوق الإنسان للمرأة. وفي العام التالي، عين المجلس الاقتصادي والاجتماعي فريقاً عاملاً، للنظر في إعداد هذه الوثيقة.

    وفي 1979، اعتمدت الجمعية العامة "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة". وفي عام 1981 ، بعد تلقي التصديقات العشرين اللازمة، بدأ نفاذ الاتفاقية. وأنشئت رسمياً لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة. وتنحصر وظيفة هذه اللجنة في مراقبة تنفيذ الدول الأطراف للاتفاقية.

    وتعطي المادة (1) من الاتفاقية تعريفاً عاماً شاملاً  للتمييز، يستوعب جميع نصوص الاتفاقية، خلافاً للتعريف الذي أوردته الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، إذ حصر التمييز في مجرد التمييز القائم على الجنس فحسب ويدخل فيه أي اختلاف في المعاملة على أساس الجنس من شأنه أن:

أ. أن يسبب أضراراً للنساء، سواء بقصد أم بغير قصد.

ب. أن يمنع المجتمع بأسره، من الاعتراف بحقوق المرأة، في كل من المجالين: العائلي، والعام.

ج. أن يمنع النساء من ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تحق لهن.

    وفي عدد من بلدان العالم، تتنازل النساء عن حقوقهن القانونية الأساسية. بما فيها حق الانتخاب والحق في التملك. وسوف يسهل تبين مثل هذه الحالات من غيرها القائمة على مبدأ التمييز الجنسي.

    وفي 1992، وسّعت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، نطاق الحظر العام، بشأن التمييز بين الجنسين، ليشمل العنف القائم على الجنس.

    وتنص المادة (2)، بشكل عام، على واجبات الدول، بموجب الاتفاقية، والسياسة التي يجب اتباعها، للقضاء على التمييز ضد المرأة . وتقبل الدول، عندما تصبح أطرافاً في الاتفاقية، مسئولية اتخاذ تدابير فعالة لإعمال مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، في دساتيرها الوطنية، وغيرها من التشريعات ذات الصلة. كما يجب على الدول، أن تزيل الأسس القانونية، بأن تعدل ما يوجد لديها من قوانين، شاملة القانون المدني، وقانون العقوبات، وقانون العمل.

    ولا يكفي مجرد إيراد بنود مضادة للتمييز في التشريعات. فالاتفاقية تطالب كذلك الدول الأطراف بأن تحمي حقوق المرأة، على نحو فعال، وبأن تعطي المرأة فرصاً للتحرر من التمييز، والحماية منه. وينبغي أن تضمن التشريعات عقوبات للردع عن التمييز ضد المرأة، وإنشاء نظام لتقديم الشكاوى أمام الهيئات القضائية والمحاكم.

    ويتعين على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير، للقضاء على التمييز، في كل من، المجالين: العام، والخاص. ولا يكفي الاجتهاد، لتحقيق مساواة "رأسية" بين الجنسين، للمرأة بوصفها فرداً تجاه السلطات العامة، بل ينبغي كذلك، للدول أن تعمل على ضمان عدم التمييز، على "المستوى الأفقي" حتى داخل الأسرة.

    ويُعْتَرفُ في المادة (4)، بأنه حتى إذا منحت المرأة مساواة قانونية (شرعاً)، فإن ذلك لا يضمن، تلقائياً، أنها ستعامل، في الواقع، معاملة متساوية (مساواة واقعية). وتعجيلاً لتحقيق مساواة حقيقية للمرأة في المجتمع، وفي مكان العمل. يسمح للدول بأن تستخدم تدابير علاجية خاصة طوال استمرار وجود أوجه عدم المساواة. وهكذا تصل الاتفاقية، إلى أبعد من المفهوم الضيق للمساواة الرسمية، وتحدد أهدافها في توسيع مفهوم المساواة الرسمية، ليكون مساواة في الفرص، ومساواة في النتائج. والتدابير الإيجابية مشروعية وضرورية معاً، من أجل بلوغ هذين الهدفين.

    وأحاطت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، في دورتها المنعقدة في عام 1988، بأن تقدماً كبيراً قد تحقق في ضمان مساواة قانونية للمرأة، ولكن بأنه يلزم اتخاذ مزيد من التدابير المساعدة على تحقيق المساواة الواقعية لها. وأوصت اللجنة، في توصيتها العامة رقم (5)، المعتمدة في تلك الدورة، بأن:

    "تزيد الدول الأطراف في اتخاذ تدابير خاصة مؤقتة، مثل: إجراءات إيجابية، أو معاملة تفضيلية، أو نظم للحصص من أجل تعزيز إدماج المرأة في التعليم والاقتصاد والسياسة والعمالة".

    وللإسراع بتحقيق مساواة واقعية للمرأة، لا يجب أن توجد معايير منفصلة للمرأة، والرجل، وبعبارة أخرى. يجب تقييم ملاءمة أي تدابير خاصة، بالنسبة لوجود ممارسات تمييزية فعلاً، وبالتالي، بلوغ هدفي تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة، وإلا تصبح هذه التدابير الخاصة، غير لازمة، ويجب إيقافها.

    ولكن ستوجد دائماً حالات استثنائية تكون فيها المعاملة الخاصة هي الطريقة الوحيدة، لضمان مساواة حقيقية. فمصالح الأطفال الفردية والجماعية، على سبيل المثال، تتطلب دراسة مستمرة، لصحة الأمهات، ودخلهن ومسكنهن. فالتدابير الخاصة لحماية الأمومة تكون، بالتالي، لازمة على الدوام، ولا يجب التخلي عنها أبداً.

    ويشاهد انتشار الأنماط الجامدة لدور الجنسين، على الأخص، في المفهوم التقليدي لدور المرأة، في المجال الأسرى. فكثير من النساء يرفض التعليم، لأن دورهن يعد، في المقام الأول، دور عناية بالأسرة. وفضلاً عن ذلك، كثيراً ما يعد هذا الدور عديم الأهمية، وليس جديراً، في حد ذاته، بالتعليم. وبناءً على ذلك، دعت الاتفاقية الدول الأطراف أن تضمن، أن يشمل التعليم تفهماً صحيحاً، لدور الأمومة الهام بحسبانه وظيفة اجتماعية. كما طالبت الاتفاقية كذلك، بأن تعترف الدول، بأن تربية الأطفال مسئولية، يجب أن يشارك فيها المرأة والرجل معاً، وليست مهمة تنهض بها المرأة وحدها. وقد يتطلب ذلك، إلى حد كبير، إقامة هياكل أساسية اجتماعية (على سبيل المثال، نظم لإجازة الآباء)، من شأنها، أن تجعل من الممكن المشاركة في واجبات الأبوين.

    كذا تحث الاتفاقية، في موادها، على اتخاذ جميع التدابير المناسبة، لمكافحة الاتجار بالنساء، والدعارة الاستغلالية. ومن الضروري أن تنظر الدول، لدى معالجتها هذه المشاكل في الأحوال التي تشكل الأسباب الجذرية لبغاء النساء: التخلف، والفقر، وسوء التغذية والإدمان، والأمية، وانعدام فرص التدريب والتعليم العمل. ويجب أيضاً على الدول الأطراف أن توفر للنساء بدائل للبغاء بأن تخلق لهن فرصاً بواسطة رد الاعتبار والتدريب على العمل وبرامج الإحالة إلى الوظائف.

    والدول التي تسمح بوجود البغاء الاستغلالي، وبغاء الأطفال من البنات، والمطبوعات الإباحية (التي هي استغلالية دائماً)، وغيرها من الممارسات الشبيهة بالرق، تنتهك بشكل واضح التزاماتها بموجب هذه المادة. ولا يكفي أن تسن الدول الأطراف، قوانين ضد أوجه النظام هذه من أجل الوفاء بمسئولياتها، بل يجب عليها أن تضمن اتخاذ تدابير لتنفيذ العقوبات كاملة وبفعالية.

    وتطالب الاتفاقية الدول الأطراف، باتخاذ إجراء، على مستويين، لتحقيق المساواة للمرأة في الحياة السياسية والعامة.

فأولاً: يجب على الدول، أن توسع نطاق الحقوق المكفولة، في المادة (25)، من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وأن تضمن، للمرأة، الحق في التصويت، في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة. ومما له أهمية خاصة للمرأة، هو أن تدلي بصوتها دون ذكر اسمها. فالنساء اللواتي يسمح لهن بالإدلاء بأصواتهن، مع ذكر أسمائهن، كثيراً ما يجبرن على الإدلاء بأصواتهن، بنفس طريقة أزواجهن، وبالتالي يمنعن من التعبير الحر عن آرائهن.

ثانياً: يعترف في الاتفاقية بأنه، على الرغم من توافر الحق في التصويت، فإنه ليس، في حد ذاته، كافياً لضمان مشاركة حقيقية فعالة للمرأة، في العملية السياسية. ولذلك فإن الاتفاقية تقتضي من الدول أن تكفل للمرأة الحق في انتخابها، لشغل الوظائف العامة، وشغل وظائف حكومية أخرى، ومراكز في المنظمات غير الحكومية. ويمكن تنفيذ هذه الالتزامات بإدراج النساء، على قوائم المرشحين الحكوميين، وبواسطة إجراءات انتخابية، وحصص، وبإزالة القيود المتعلقة بالجنس، بالنسبة لبعض الوظائف، وبزيادة معدلات الترقية للنساء، وبوضع برامج حكومية لاجتذاب أعداد من النساء أكبر، للقيام بأدوار قيادية سياسية هادفة، بالمقارنة بالأدوار الاسمية فقط.

    في حين أن كثيراً من القرارات، التي تؤثر في حياة المرأة، تتخذ في بلدانها، فإن الاتجاهات الهامة والقانونية والاجتماعية، تُصْنَعُ وتعزز على المستوى الدولي. ولهذا السبب، من الضروري أن تمثل النساء تمثيلاً كافياً في المحافل الدولية كأعضاء في الوفود الحكومية، وموظفات في المنظمات الدولية.

    لا يزال الهدف المتمثل في المساواة في تمثيل المرأة على المستوى الدولي، بعيداً عن التحقيق. ففي التوصية العامة رقم (8)، المعتمدة في دورتها المنعقدة في 1988، أوصت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة بأن تلجأ الدول الأطراف، في تنفيذها للمادة (8) للاتفاقية، إلى تدابير خاصة مؤقتة، مثل الإجراءات الإيجابية والتفريق الإيجابي الذي تنص عليه المادة (4). كما يجب على الدول أن تستخدم نفوذها في المنظمات الدولية، لضمان تمثيل كاف، ومتساو للمرأة.

    ويرد في الاتفاقية التزامان أساسيان.

أولاً:   تطالب الدول الأطراف، بأن يُضمن للمرأة، نفس ما للرجل، في تغيير الجنسية، أو الاحتفاظ بها. فمثلاً ، يمارس كثير من الدول، تمييزاً ضد رعايا من النساء اللواتي يتزوجن بأجانب. فالزوجات الأجنبيات للرعايا الذكور من الأزواج، يسمح لهن باكتساب جنسية الزوج، ولكن الأزواج الأجانب للرعايا من النساء، لا يمنحن نفس الحق. والنتيجة، في مثل هذه الحالات، هي أنه يصرح للرجال، الذين يتزوجون أجنبيات، بالبقاء في بلدهم الأصلي، في حين أن النساء، اللواتي يتزوجن أجانب، قد يجبرن على الانتقال إلى البلد الأصلي للزوج. ويعد مثل هذا القانون تمييزياً، ويجب، بالتالي، تعديله.

ثانياً:   تطالب الدول الأطراف، بإعطاء المرأة، نفس حقوق الرجل، فيما يتعلق بجنسية أولادها، ففي كثير من البلدان، يحصل الأطفال، تلقائياً، على جنسية الأب. وينبغي للدول، في تنفيذها هذه المادة، أن تنشئ مساواة رسمية بين الرجل والمرأة، فيما يتعلق باكتساب الجنسية، وتغييرها، والاحتفاظ بها، وإعطائها للزوج ولأطفالها.

    تعترف الاتفاقية، بأن المساواة في التعليم، تشكل أساس تخويل المرأة حقوقاً، في جميع المجالات، في مكان العمل، وفي الأسرة، وفي المجتمع الأوسع. وأنه، من خلال التعليم، يمكن تحدي التقاليد والمعتقدات، التي تقوي التفاوت بين الجنسين، فيساعد، بذلك، على تحطيم تراث التمييز، الذي تتوارثه الأجيال.

    لقد اعترف، منذ زمن طويل، بأن العمل، والحقوق المتعلقة بالعمل، عنصر هام في النضال من أجل ما للمرأة من حقوق للإنسان. وهكذا خاضت منظمة العمل الدولية، جزءاً كبيراً من معركتها، حتى الآن، على المستوى الدولي، وقد تستند الاتفاقية إلى كثير من الحقوق، التي طالبت بها منظمة العمل الدولية للمرأة، وتعززها.

    وتنص الاتفاقية في موادها بوضوح على أنه يجب أن تتمتع النساء بالحق الأساسي من حقوق الإنسان وهو الحق في العمل. ثم تعرض قائمة شاملة لواجبات الدول الأطراف بغية ضمان إمكان إعمال هذا الحق تماماً وبفعالية.

أولاً:   يجب على الدول الأطراف، أن تضمن، للمرأة، نفس ما للرجل من حقوق، متعلقة بالعمل وفرص العمل، ولا يكفي أن تحظر الدولة ممارسات الاستخدام التمييزية. فتكافؤ فرص العمل مثلاً تفترض المساواة في فرص الاستعداد للعمل، بالتعليم والتدريب المهني. ويجب، في عملية التوظيف، أن تخضع النساء، لنفس معايير الاستخدام، التي يخضع لها الرجال.

ثانياً:   يجب أن يكون للمرأة الحق في حرية الاختيار، في انتقاء مهنة، ولا ينبغي أن توجه المرأة، تلقائياً، إلى "عمل المرأة" التقليدي. ويجب على الدول الأطراف، في أدائها هذا الالتزام، أن تمنح المرأة مساواة تامة، في فرص التعليم، والعمل، ويتعين عليها أن تعمل، من أجل إيجاد أنماط اجتماعية وثقافية، تمكن جميع أفراد المجتمع، من قبول وجود النساء، في أنواع كثيرة مختلفة، من المهن والعمل، من أجل تحقيق ذلك.

ثالثاً:   يجب أن يكون للنساء، في مكان العمل، الحق في المساواة في الأجر، وفي جميع المزايا المتصلة بالعمل. ويتعين على الدول الأطراف، أن تضمن للمرأة أجراً متساوياً، للعمل المتساوي، وأيضا معاملة متساوية، للعمل المتساوي القيمة، والمساواة في المعاملة، في تقييم نوعية العمل. ويجب أيضاً أن تتمتع المرأة بحماية الضمان الاجتماعي، ويجب اتخاذ الترتيبات للإجازة المدفوعة وكذا التقاعد، والبطالة، والمرض، وإعانات الشيخوخة.

رابعاً: يجب أن تُحْمى المرأة، في مكان العمل، من التمييز القائم، على الحالة الاجتماعية، أو الأمومة. وصيغة هذا النص واضحة جداً، ويجب على الدول الأطراف أن تحظر، على أصحاب الأعمال استخدام الحمل، أو الحالة الاجتماعية، معياراً في استخدام الموظفات، أو الاستغناء عن خدماتهن. وكذا يجب على الدول أن تتخذ الترتيبات، التي تسمح للآباء والأمهات، بالجمع بين الالتزامات العائلية، ومسئوليات العمل. بأن تُعْطَى لهم مزايا، مثل إجازة وضع مدفوعة، وإعانات لرعاية الأطفال، حماية صحية خاصة أثناء العمل.

    وأخيراً، تستلزم المساواة الحقيقية في العمل، تنفيذ تدابير، لحماية المرأة من جميع أشكال العنف في مكان العمل، وأن أحد أكثر أنواع العنف ضد النساء انتشاراً، في مكان العمل، هو المضايقات الجنسية من جانب زملاء المرأة في العمل. فبدلاً من معاملة النساء بوصفهن زميلات متساويات في العمل. كثيراً ما يعاملن بوصفهن أشياء جنسية. ورداً على هذه المشكلة الواسعة الانتشار، طلب إلى الدول الأطراف، في التوصية رقم (12)، المعتمدة في الدور الثامنة للجنة، في 1989، أن تدرج في تقاريرها إلى اللجنة، معلومات عن التشريعات الصادرة ضد المضايقات الجنسية، في مكان العمل. وفي عام 1992، أوصت اللجنة بأن تعتمد الدول الأطراف تدابير قانونية فعالة، بما فيها عقوبات، وسبل انتصاف مدنية ونصوص تعويضية، لحماية المرأة من جميع أنواع العنف، بما فيها الاعتداء الجنسي، والمضايقات الجنسية، في مكان العمل (التوصية رقم 19 (الدور الحادية عشرة)، الفقرة (24) (ر) (ط))

    ومن المهم ملاحظة أن ضمانات المساواة وعدم التمييز، الواردة في المادة (11)، تنطبق فقط على النساء اللواتي يعملن رسمياً. ويترك ذلك عدداً كبيراً من النساء، معرضات، ممن لا يعترف بعملهن في البيوت، أو في الأراضي أو في أمكنة أخرى. وبالتالي تبقى حقوقهن، بلا حماية.

    إن الحصول على الرعاية الصحية مشكلة لا تؤثر في النساء والرجال والأطفال في مناطق كثيرة من العالم. ولكن، كما هو معترف به في مواد الاتفاقية، تلاقى النساء، بصفة خاصة، بحكم وضع عدم المساواة الذي يوجدن فيه، وبسبب نواحي ضعفهن الخاصة، عدداً كبيراً من العقبات، في الحصول على رعاية صحية كافية.

    وتقتضي الفقرة (1) من المادة (12)، من الدول الأطراف، أن تضمن المساواة بين الرجل والمرأة، في الحصول على خدمات الرعاية الصحية. ويتطلب ذلك إزالة أي عقبات قانونية واجتماعية، يمكن أن تؤثر، لمنع النساء، أو ثنيهن، عن الاستفادة الكاملة من خدمات الرعاية الصحية المتاحة. وينبغي اتخاذ التدابير اللازمة، لضمان حصول جميع النساء، على خدمات الرعاية الصحية، بمن  فيهن من يُعَّوقُ حصولهن، على هذه الخدمات، بسبب الفقر، أو الأمية، أو العزل البدني.

    وقدرة المرأة على التحكم في خصوبتها أمر أساسي، لتمتعها التام بكامل مجموعة حقوق الإنسان التي تحق لها، بما في ذلك الحق في الصحة، على الرغم من أنه ليس، بَعْدُ، حقاً معترفاً به عالمياً، في حد ذاته، ويشار في المادة (12) تحديداً، في مجال تنظيم الأسرة. فيجب أن يكون لكل من المرأة والرجل، اختيار بمحض إرادتهما، في تنظيم أسرتهما. ويتعين ذلك على الأسرة المناسبة والمعتمدة طبيا. فأي قوانين، يكون أثرها تقييد استخدام المرأة، لتنظيم الأسرة، أو حصولها على أي خدمات طبية أخرى (مثلاً باقتضاء إذن سابق من الزوج أو من قريب على أنه شرط أساسي للعلاج أو لتقديم المعلومات) (تكون منافية لهذه المادة) ويجب، بالتالي، تعديلها.

    وفي الحالات، التي تكون قد وجدت فيها من قبل وعدلت فيما بعد، قوانين، تقتضي إذن الزوج، للعلاج الطبي، أو لتقديم خدمات تنظيم الأسرة، يجب على الدول الأطراف أن تتأكد من أن العاملين في مجال الطب، وكذلك المجتمع، على علم بأن مثل هذا الإذن غير مطلوب، وبأن هذه الممارسة منافية لحقوق المرأة.

    ويعترف في الفقرة (2) من المادة (12) بأن المرأة تحتاج إلى عناية واهتمام إضافيين، أثناء فترة الحمل وما بعد الولادة. ويجب على الدول الأطراف أن تعترف باحتياجات المرأة بوصفها مقدمة ومتلقية للرعاية الصحية، في هذا الوقت، ويجب أن تتأكد من أنه يمكنها استخدام ما هو مناسب، من مرافق، وموارد الرعاية الصحية، بما في ذلك تغذية كافية، أثناء الحمل، وبعده.

    ويقدر بأن ما لا يقل عن نصف مليون امرأة يتُوَفَّوْنَ، كل عام، لأسباب تتعلق بالحمل والولادة، وتحدث معظم هذه الوفيات، في البلدان النامية، في آسيا وأفريقيا. وتنفيذ نص المادة (12) خطوة أولى أساسية، في تخفيض المعدل العالي، لوفيات الأمهات.

    وركزت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، بصفة خاصة، على إنهاء التمييز ضد المرأة، في الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة "بالإيدز" ويطلب إلى الدول الأطراف، في التوصية رقم (15)، التي اعتمدتها اللجنة، في دورتها التاسعة، تعزيز دور المرأة، كمقدمة للرعاية، ودعم دور العاملين في مجال الصحة، والمعلمين في منع الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري، وإيلاء اهتمام خاص لوضع المرأة، التابع في بعض المجتمعات، الذي يجعلها معرضة، على نحو خاص، لفيروس نقص المناعة البشري.

    وأولت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، مع اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات، اهتماماً خاصاً لمجال الممارسات التقليدية الضارة بصحة النساء. وتشمل هذه الممارسات تشويه الأعضاء التناسلية، ولكنها لا تقتصر عليها. كذا تشمل ممارسات خطيرة تتعلق بالولادة، وتفضيل الذكور من الأولاد. وتطلب اللجنة إلى الدول الأطراف في توصيتها رقم (14) (الدورة التاسعة، 1990) أن تتخذ التدابير المناسبة، للقضاء على الممارسات الخاصة بتشويه الأعضاء التناسلية للمرأة. ويمكن أن تشمل هذه التدابير بدء وضع برامج، وتنظيم حلقات دراسية تعليمية وتدريبية مناسبة، ووضع سياسات وطنية للحصة، تهدف إلى القضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة، في المرافق الصحية العامة، وتقديم الدعم إلى المنظمات الوطنية، التي تعمل من أجل تحقيق هذه الأهداف.

    تعترف الاتفاقية بأنه ما لم تضمن الدول للمرأة الاستقلال المالي، لن تكون لها مساواة حقيقية؛ لأنها لن تكون قادرة على أن ترأس أسرتها، أو أن تمتلك بيتاً، أو أن تبدأ تجارة خاصة بها. وكثير من المؤسسات التجارية الخاصة، تمارس التمييز ضد الموظفات، بعدم إعطائهن نفس الإعانات العائلية والتأمين، اللذين تعطيهما للموظفين. وبالمثل، كثيراً ما تفرض شركات القروض والرهون العقارية مستويات من الشروط، أعلى على  النساء وتطالبهن بأقساط أو إيداعات أعلى، للحصول على ائتمان. وقد تتضمن نصوص الضمان الاجتماعي تمييزاً ضد الأمهات العُزّاب، بافتراضها التبعية لرجل. وينبغي للدول أن تتخذ تدابير لضمان إمكانية حصول النساء على الائتمان والقروض، على قدم المساواة مع الرجال، وكذا أن تكون لهن المساواة، في الحصول على الإعانات الأسرية.

    يفترض المساواة في الحق في الاشتراك في الأنشطة الرياضية، والترفيهية، وغيرها من الأنشطة الثقافية، وجود مساواة حقيقية، في إمكانية المشاركة في هذه الأنشطة. وتحقيقاً لذلك، ينبغي للدول أن تتأكد من إزالة جميع العقبات القانونية والاجتماعية، التي تعترض مشاركة النساء، في هذه المجالات، ومن تنفيذ منح التمويل، وأنواع الدعم الأخرى، وفقاً لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.

    في كثير من أنحاء العالم، تتحمل النساء، اللواتي يعشن في المناطق الريفية، قدراً غير متناسب، من عبء العمل. وفضلاً عن ذلك، فإنهن نادراً ما يتلقون عرفاناً بمشاركتهن، ولا يسمح لهن كذلك بالتمتع بثمار عملهن، أو المشاركة في فوائد التنمية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كثيراً من هؤلاء العاملات، ببقائهن في الخفاء وبعدم الاعتراف بهن، لا تحق لهن وجوه الحماية التي تُعْطَى لمن هم في العمل رسمياً.

    ويعترف، في مواد الاتفاقية، بأن الريفيات فئة ذات مشاكل خاصة، تحتاج إلى عناية، واهتمام شديد، من جانب الدول الأطراف. وبالإضافة إلى ذلك، تعترف الدول بوضوح، عن طريق توسيع نطاق الاتفاقية ليشمل النساء في المناطق الريفية، بأهمية عمل الريفيات، ومساهمتهن، في رفاهية أسرهن، وفي اقتصاد بلدانهن. وهذا التشديد على التنمية هو أمر فريد في معاهدة لحقوق الإنسان، ويمثل اعترافاً واضحاً بالصلة الأساسية القائمة بين تحقيق المساواة، وإشراك المرأة في عملية التنمية.

    وتقتضي المادة (14) من الدول الأطراف، أن تزيل التمييز ضد النساء، في المناطق الريفية، وأن تعمل حقهن في أحوال معيشية مناسبة، وأن تتخذ تدابير خاصة، لكي تضمن لهن، على أساس المساواة بالرجال، نفس ما للرجال من مشاركة في التنمية الريفية، ومزايا هذه التنمية. ويمكن أن تشمل التدابير الخاصة لتحقيق هذه الأهداف ما يلي: ضمان مشاركة المرأة، وبخاصة المرأة الريفية، في إعداد وتنفيذ التخطيط الإنمائي، لكي يمكن للنساء أن يوجدن بيئة أفضل لأنفسهن، والتشجيع على إنشاء مجموعات للمساعدة الذاتية، وتعاونيات تقديم المساعدات إليها، وتوفير إمكانية للحصول على رعاية صحية مناسبة للريفيات، ومرافق لتنظيم الأسرة، وبرامج للضمان الاجتماعي، من أجل إعطائهن مزيداً من التحكم المالي والاجتماعي في حياتهن. كما ينبغي للدول، أن تعطي النساء، في المناطق الريفية، فرصة الخروج عن أدوارهن التقليدية، واختيار أساليب مختلفة للحياة، بأن تضمن لهن المساواة، في الاستفادة من برامج التدريب والتعليم، وكذا من الائتمان، والقروض، والتسويق، في المجال الزراعي.

    تؤكد الاتفاقية مساواة المرأة بالرجل أمام القانون، وتقتضي، إضافة إلى ذلك، من الدول الأطراف أن تكفل المساواة بالرجل، في مجالات القانون المدني، التي تعرضت فيها المرأة عادة للتمييز. فمثلاً،  في بلدان كثيرة، ليس للمرأة نفس حقوق الرجل، فيما يتعلق بالملكية؛ إذ كثيراً ما ينطوي قانون الملكية التقليدية على تمييز ضد المرأة، من حيث إن الأولاد الذكور، هم فقط الذين يمكن أن يرثوا أرض الأسرة وأن للأزواج ملكية تلقائية لأملاك زوجاتهن عند الزواج، وبالمثل، تنص القوانين في عدة بلدان، على أنه يجب أن يقوم، بإدارة أملاك الأسرة، رئيس الدولة من الذكور، وتستبعد بذلك المرأة. ولا تسمح نظم قانونية كثيرة للمرأة، بأن تبرم عقوداً، بصفتها الشخصية، لكنها تحتاج إلى توقيع زوجها، قبل أن يعد العقد ملزماً قانونياً، حتى في الحالات المتعلقة بأملاكها أو كسبها. وتطالب الدول، في المادة (15)، باتخاذ تدابير إيجابية، لكي تكفل للنساء مساواة كاملة، في القانون المدني. ولذلك يجب على الدول أن تلغي أو أن تعدل أي قوانين أو صكوك لها أثر في تقييد أهلية المرأة القانونية.

    وتقتضي الفقرة (4) من المادة (15) المساواة في القانون، فيما يتعلق بحركة الأشخاص وحريتهم، في اختيار محل إقامتهم، ومسكنهم الدائم. والقانون الذي يجعل مسكن المرأة الدائم متوقفاً على مسكن زوجها، يعد تمييزياً، بموجب هذا النص، كما هو حال القانون الذي من شأنه أن يقيد حق المرأة (بما في ذلك المرأة المتزوجة)، في اختيار المكان، الذي تعيش فيه.

    وبذلك تشمل الاتفاقية جميع المناحي الحياتية، التي تشارك فيها المرأة، لمحاولة الوصول بها إلى إعمال كامل لحقوقها، على جميع الأصعدة.