إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين





علم المفوضية




بسم الله الرحمن الرحيم

ثانياً: التحديات التي تواجهها المفوضية واستراتيجية مواجهتها

1. التحديات التي تواجهها المفوضية

    يعد تزايد أعداد اللاجئين من أكبر التحديات، التي تواجها المفوضية. فقد ارتفع عددهم من مليوني ونصف في السبعينات، إلى 10 ملايين في بداية الثمانينات، علماً بأن العدد حالياً يفوق 23 مليون لاجئ. أما عدد النازحين داخل بلدانهم فيزيد على 24 مليون شخص. ومع تزايد أعداد اللاجئين أصبح من الصعب إيجاد حلول دائمة لمعاناتهم، وذلك لعدم استعداد كثير من الدول للمساهمة في ذلك، لأنها أصبحت تعاني مصاعب اقتصادية وسياسية واجتماعية. وقد أصبحت معضلة اللجوء تكتسب طابعاً مأساوياً، ينذر بمخاطر كبرى في العديد من مناطق العالم ويُعزى ذلك لأسباب مختلفة، من بينها:

أ. تدفق أعداد هائلة من اللاجئين والنازحين في عدة أنحاء من العالم بعد انتهاء الحرب الباردة؛ حيث ظهرت نزاعات وحروب لدوافع مختلفة، من بينها: الاستيلاء على السلطة، وخلق كيانات سياسية جديدة، وإخلاء أقاليم بأكملها من سكانها الشرعيين، واسترجاع أقاليم معينة إلى حوزة الوطن، وغيرها من الأسباب.

        وقد أدت هذه الصراعات والحروب إلى تجاوزات فادحة لحقوق الإنسان، وجرائم ضد الإنسانية، أبشعها ما أصبح معروفاً لدى الجميع بالتطهير العرقي، في البوسنة والهرسك، ورواندا، وكوسوفا.

ب. لم تبق معضلة اللجوء منحصرة في حدود المساس بحقوق الإنسان، بل أصبحت لها علاقة بمشكلات أخرى، كالسِّلم والأمن الدوليين؛ الأمر الذي يمكن أن تنعكس آثاره السلبية على أساليب  عمل المفوضية، خاصة على حريتها وقدرتها على اتخاذ التدابير اللازمة بصورة مستعجلة في حالة الطوارئ. وهذا ما حدث منذ البداية في البوسنة والهرسك، ومؤخراً في رواندا، حيث إن الإنذار المبكر لم يتمتع بعمليات سريعة، تساعد على تفادي تفاقم الوضع.

ج. لم تبق ظاهرة اللجوء خاصة بدول العالم الثالث، لكنها امتدت إلى مناطق أخرى من العالم، مثل أوروبا إثر تفكك يوغوسلافيا والاتحاد السوفيتي.

د. الأزمة الاقتصادية التي تعانيها كثير من الدول منذ عدة سنوات، مما يغلق الأبواب أمام طالبي اللجوء.

2. إستراتيجية المفوضية السامية لمواجهة التحديات

    على مدى السنوات الماضية، تطورت أنشطة المفوضية وأساليبها وأجهزتها لتتلاءم مع المتغيرات الدولية، والخصائص الجديدة لعمليات النزوح غير الطوعي للسكان. فأصبحت المفوضية تختلف اختلافاً ملموساً، عن الجهاز الذي أنشئ في ظروف الحرب الباردة عام 1951

    وقد بدأت معالم الإستراتيجية الجديدة للمفوضية تظهر، منذ بداية التسعينات من القرن العشرين؛ وهي ترمي إلى تحقيق عدة أهداف، من بينها هدفان أساسيان هما:

أ. تعزيز حماية اللاجئين.

ب. المساهمة في الحد من تدفق اللاجئين.

    ولتحقيق هذه الأهداف، تبنت المفوضية نظام "الشراكة في العمل"، مع المنظمات التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية. فيضطلع برنامج الأغذية العالمي بدور مهم، في توفير الأغذية الأساسية للاجئين، إلى أن يستطيعوا زراعة المحاصيل بأنفسهم، أو يحققوا الاكتفاء الذاتي بواسطة أنشطة أخرى.

    وتتعاون المفوضية مع برامج الأمم المتحدة الإنمائي، تعاوناً متزايداً من أجل إعادة اندماج العائدين بطريقة فعالة، في مجتمعاتهم المحلية الأصلية.

    وفي حالات كثيرة تضم المفوضية جهودها مع البنك الدولي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، من أجل تخطيط مشروعات وتمويلها وتنفيذها للاعتماد على النفس. وتشمل هذه المشروعات أنشطة وخططاً زراعية، لإيجاد فرص العمل للاجئين في بلدان اللجوء.

    كما أن المفوضية تتعاون مع المنظمات غير الحكومية، التي لا تكتفي بتقديم مساعدات ضخمة من مواردها الخاصة، بل إنها كثيراً ما تكون شريكة للمفوضية في تنفيذ مشروعات بعينها، منذ إنشاء المفوضية في عام 1951.

    وقد بلغ عدد المنظمات، التي تشترك مع المفوضية في عمليات اللاجئين ألف منظمة غير حكومية منها مائتان منظمة تتعاون في برامج المفوضية للإغاثة، وتقدم المساعدات القانونية.

    وفي عام 1993 مُنحت ميدالية "نانسن" لمنظمة غير حكومية، هي "أطباء بلا حدود"، اعترافاً بالخدمة البارزة، التي قدمتها لقضية اللاجئين.

    والمفوضية في تعاملها مع التطورات الجديدة لمشكلة اللجوء، توظف كل طاقاتها وإمكاناتها لتفادي ظاهرة اللجوء بقدر الإمكان. ويتم ذلك التعاون مع عدة أطراف، منها الدول المعنية مباشرة بتدفق اللاجئين، والمجتمع الدولي بكل مكوناته، من أجهزة حكومية وغير حكومية. ويرتكز دور المفوضية في الجوانب الآتية:

أ. تشجيع الدول المعنية والمجتمع الدولي، على تعبئة كل القدرات من أجل تنفيذ محكم لسياسة الوقاية.

ب. تكريس مبدأ حق كل إنسان في عدم إرغامه ظلماً وتعسفاً على مغادرة بلده، وذلك بحث الدول المعنية على احترام حقوق رعاياها طبقاً لقوانينها الداخلية، والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وكذلك حث الدّول على منح رعاياها الحماية الكاملة، حتى لا يتعرضوا للاضطهاد من أية جهة كانت.

ج. تنفيذ سياسة اللجوء المؤقت ـ في حالة تعذر الحلول الدائمة ـ حتى تتغير الأوضاع في البلد الأم، ويتمكن اللاجئون من الرجوع طوعاً إلى بلدهم، في ظروف آمنة وشريفة.

د. تشجيع الدول على وضع سياسات إقليمية بخصوص قضايا اللاجئين والنازحين، وذلك باتخاذ تدابير وقائية، أو بعد حدوث نزوح داخل البلد أو خارجة، من بينها التعاون لإيجاد حلول ملائمة تتماشى مع مصلحة الجميع، وطبقاً للمبادئ والقوانين المعترف بها دولياً لفائدة اللاجئين والنازحين.

هـ. دعم الإمكانات المادية والبشرية للمفوضية؛ من أجل مراقبة الأوضاع التي يمكن أن ينجم عنها أي تدفق بشري، وتحسباً لمواجهة حالات الطوارئ.

    إنّ مشكلة اللاجئين من المشكلات المعقدة، إذ تتعدد جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتتشعب صلاتها بأوضاع احترام حقوق الإنسان والصراعات المسلحة، والتنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة وتنظيم الهجرة الدولية. لذلك فإن أي جهد تبذله المفوضية لن يكتب له النجاح، ما لم تتضافر جهود المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى حلول دائمة لهذه المشكلة، ويكون ذلك من خلال نهج متكامل يعالج كافة الجوانب الإنسانية والتنموية والسياسية للمشكلة، انطلاقاً من اعتبارات أخلاقية وإنسانية، وقناعة بالصلة الوثيقة بين إيجاد حلول لمشكلات اللاجئين، والاستقرار والأمن بمعناه الواسع، الذي يشمل أمن الأفراد والشعوب إضافة إلى أمن الدول والحكومات.