إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / منظمة التحرير الفلسطينية، والأحزاب والفصائل الفلسطينية





الهيكل التنظيمي لمنظمة التحرير
روافد وانشقاقات حركة فتح
روافد وانشقاقات الفصائل الفلسطينية




المبحث السادس

 

رابعاً: طلائع حرب التحرير الشعبية (الصاعقة):

    تكونت "طلائع حرب التحرير الشعبية" (الصاعقة)، في مايو 1968، بقرار من حزب البعث العربي الاشتراكي، في سورية؛ وكانت تجسيداً عملياً لإستراتيجيته. إلا أنها كانت قد مارست نشاطاً مسلحاً، بعد منتصف عام 1967، ونفذت أولى عملياتها، في 8 يونيه من العام نفسه، تحت اسم "قوات الصاعقة"؛ بل شاركت في حرب الأيام الستة من العام عينه، وهي قليلة العدد، آنذاك، معتمدة على الفلسطينيين البعثيين، في سورية. وبعد المعركة، أخذ اسم "الصاعقة" يبرز، على صعيد الساحة الفلسطينية؛ في وقت تزايدت فيه المنظمات الفلسطينية. كذلك، شاركت الطلائع، "حركة فتح"، في الدعوة إلى مؤتمر، عقد في القاهرة، في أوائل عام 1968، كان أول خطوة نحو وحدة فصائل المقاومة؛ إذ حصرت تلك المنظمات المتعددة كلّ نشاطاتها العسكرية، تحث اسمَين هما: "العاصفة" و"الصاعقة".

    وسرعان ما انضمت "كتائب النصر" بقيادة العقيد طاهر دبلان، إلى منظمة "طلائع حرب التحرير الشعبية"، عام 1968، حينما شهدت نهاية هذا العام توتراً بين السلطات الأردنية والمنظمات الفدائية الفلسطينية، بدأ باعتقال طاهر دبلان؛ وانتهى ذلك التوتر إلى مذابح أيلول الأسود، وخروج قوات الثورة الفلسطينية من الأردن في يوليه1971.

    عندما انضمت "كتائب النصر" إلى "الصاعقة"، أصبح العقيد طاهر دبلان قائداً عاماً لهما، ومتحدثاً رسمياً باسمَيهما، يتمتع بكلِّ حقوق القيادة العامة، وله مطلق الصلاحية في إدارة شؤونهما، العسكرية والسياسية والمالية. وفي 4 نوفمبر 1968، اتهمته القيادة العامة لقوات "الصاعقة" بالارتباط بجهات مشبوهة، هي الاستخبارات الأردنية.

    أعلنت القيادة العامة لقوات "الصاعقة" في 27 ديسمبر 1968، اندماج "جبهة التحرير الفلسطينية" ومنظمة "قوات الجليل" في صفوفها، ليصبح هذا التنظيم العمود الفقري لمنظمة حزب البعث، وثاني التنظيمات في الساحة الفلسطينية بعد "حركة فتح" مباشرة،. ودخلت "الصاعقة" في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، واشتركت في كافة مؤسساتها القيادية. وكان لها دور مباشر في أحداث الأردن، في السبعينيات. وكانت مواقفها موافقة بعامة، للخط السياسي للمنظمة والقوى الممثلة فيها. وكان وجودها الأساسي في الأردن، غير أن مركزها كان في سورية. وخلال أحداث أيلول الأسود، في الأردن، اشتركت "الصاعقة" في اجتماعات اللجنة المركزية لحركة المقاومة ومواقفها، وقاتلت قواتها القوات الأردنية؛ وكان مصيرها كمصير بقية فصائل حركة المقاومة، وهو الخروج من الأردن.

    حضرت الصاعقة الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني، الذي شاركت فيه، للمرة الأولى منظمتان فدائيتان، هما "فتح" و"الصاعقة"، اللتان شكلتا، مع بعض المستقلين، اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وكان لـ"الصاعقة" نصيب وافر في صفوف اللجنة التنفيذية والمجلس معاً. وشاركت الطلائع، فيما بعد، في قيادة الكفاح المسلح، واللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي وفد المنظمة، برئاسة ياسر عرفات، إلى موسكو، بدعوة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي.

    إن قوات "الصاعقة" هي من المنظمات الفلسطينية الموالية لسورية، والمقيمة بأراضيها. وكانت قد انتشرت في الأردن، بين عامَي 1968 و1970؛ إلا أنها أرغمت على مغادرته، منتصف عام 1971، وتوجهت إلى سورية، ثم إلى مدن لبنان ومخيماته، مع بقاء مراكز الإعداد والتدريب وما شابهها، في سورية. واعتمدت "الصاعقة"، منذ بداية تكوينها، على سورية، لتوفير مختلف الاحتياجات، التسليحية والإمدادية؛ بل تلقى مقاتلوها التدريب العسكري، في البداية، في معسكرات الجيش السوري؛ ثم افتتحت معسكراتها الخاصة، في الأردن، ثم في لبنان، وكذلك في سورية. وقد اشترك مقاتلوها في دورات خاصة، في دول أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي والصين، ضمن بعثات منظمة التحرير الفلسطينية، أو بعثات "الصاعقة" نفسها؛ ولهذا، تولت قوات "الصاعقة"، في فترة من الفترات، مسؤولية الدائرة العسكرية، في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

    اعتنقت الطلائع عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي المنطلقة من "الإيمان بالاشتراكية العلمية، لرؤية الحقيقة الواضحة، في أن الصراع الطبقي، في وطننا، هو حقيقة ثابتة؛ لم يتبلور نتيجة انقسام حادّ في المجتمع، بين قِلة من الرأسماليين وطبقة من العمال؛ وإنما برز نتيجة عجز طبقات، إقطاعية وبورجوازية، عن قيادة وحماية ثروات الوطن العربي من الغزو الاستعماري، وعن تطوير المؤسسات المختلفة القديمة، لإنقاذ الجماهير العربية الواسعة، من الجوع والفقر".

    لقد اعتقدت الطلائع، بأن الإيمان بأيِّ عقيدة، لا يتأتّى من رفع شعارها فقط؛ وإنما تحققه الممارسات الصادقة، والحقيقية، لتلك العقيدة. ومن هذا المنطلق، دأبت على تثقيف كوادرها، ثم عمدت إلى العديد من العمليات العسكرية الناجحة، في الأراضي العربية المحتلة.

    لقد رفضت الطلائع جميع الحلول والمشروعات، الاستسلامية والتصفوية. وأعلنت تمسكها بموقفها المبدئي الواضح، والمتمثل في العزم على مواصلة النضال بكل وجوهه، وفي مقدمتها الكفاح المسلح؛ إذ رفضت قرار مجلس الأمن، الرقم 242، الصادر في 22 نوفمبر 1967؛ ومشروع روجرز، عام 1969، والذي يثبت الوجود الصهيوني، ويعترف بدولة إسرائيل، في إطار من المشروعية الدولية.

    وطالما دعت الطلائع إلى تحقيق الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، من خلال منظمة التحرير الفلسطينية؛ وإلى توحيد أنشطتها، السياسية والإعلامية والعسكرية والمالية.

    لقد شاركت قوات "الصاعقة" في حرب 6 أكتوبر 1973؛ إذ نفذت، مع القوات السورية الخاصة، عملية إنزال، بواسطة طائرات عمودية، فوق المواقع الإسرائيلية.

    كان هدف "الصاعقة" الإستراتيجي، هو تحرير فلسطين، باعتماد الكفاح المسلح، والحرب الشعبية. ومن هذا المنطلق، وجدت أن الوحدة الوطنية أمر يساعد عليه؛ ولذلك، سارعت إلى الانضمام إلى المجلس الوطني والمنظمة؛ وسعت مع "حركة فتح"، إلى ضم العديد من التنظيمات الفلسطينية إلى صفوف منظمة التحرير الفلسطينية. وعندما طرحت تلك المنظمة برنامجها السياسي المرحلي، بعد حرب 6 أكتوبر 1973، أيدتها "الصاعقة"؛ مساندة "حركة فتح" والجبهة الديمقراطية. وأيدت، كذلك، برنامج النقاط العشر، الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته الثانية عشرة، المنعقدة في القاهرة، من الأول إلى السابع من يونيه 1974. وكانت الطلائع، ولا تزال ترفض الاقتتال الفلسطيني، وتعمل دائماً على تجنّب الفصائل الفلسطينية الخلافات.

خامساً: جبهة التحرير العربية:

    تكونت "جبهة التحرير العربية"، في أواخر عام 1968، بعد وصول البعثيين إلى سدة الحكم في العراق، حيث خُرِّجت دورة المقاتلين والكوادر الأولى، في بغداد، والتي ضمت نحو 100 متخرج. إلاّ أن إعلان تشكيل الجبهة، رسمياً، كان في 31 أغسطس 1969. وقد انبثقت "جبهة التحرير العربية" من الفرع الفلسطيني لحزب البعث العربي الاشتراكي، في العراق؛ وحصلت منه على غالبية إمداداتها، التسليحية والتموينية، في المرحلة الأولى.

    خَرَّج العراق ثلاث دورات، بين عامَي 1968 و1969؛ ضمت نحو 300 متخرج، انضموا جميعهم إلى جبهة التحرير، وتوجهوا إلى قواعدها، في وسط الأردن وشماليه، عام 1969. وبعد الخروج من الأردن، عام 1971، انتقل جزء منهم إلى العراق، والجزء الآخر إلى لبنان. واتخذت جبهة التحرير بغداد مقراً رئيسياً لها ولقواعدها. واستخدمت معسكرات الجيش العراقي النظامية، لتدريب مقاتليها؛ إضافة إلى معسكراتها الخاصة، في الأردن، حتى عام 1971،. وبعد الخروج من الأردن شكلت قواعد كبيرة لها في لبنان، وأنشأت معسكرات خاصة، لتدريب مقاتليها، منذ بداية السبعينيات.

    شارك مقاتلو جبهة التحرير في الدورات الخارجية، التي كانت تنظمها منظمة التحرير الفلسطينية، في البلدان، العربية والأجنبية. ولم يكن للجبهة أيُّ قواعد عسكرية في سورية، إلا بعض مكاتب محددة لنشاط، مثل مكاتب التطوع، ومكاتب التموين. وقسمت قواتها في جنوبي لبنان إلى ثلاث كتائب، هي: كتيبة الشهيد كمال ناصر، وكتيبة الشهيد محمد جابر نبهان، وكتيبة الشهيد أبو ذر؛ وشملت كلٌّ منها سَريتَين أو ثلاثاً. وتمركزت أولاها في القطاع الغربي من الجنوب اللبناني، وثانيتها في القطاع الشرقي من لبنان، وثالثتها في القطاع الأوسط (قضاء النبطية).

    لم تنضوِ الجبهة إلى منظمة التحرير الفلسطينية؛ لأنها رأتها منظمة إقليمية؛ ما يناقض تكوينها وفكرها القومي. ولكنها انضمت إلى المجلس الوطني الفلسطيني، إبّان أحداث سبتمبر 1970؛ لإبراز مشاركة القوى القومية في حماية الثورة الفلسطينية. بيد أنها كانت قد انضمت إلى قيادة الكفاح الفلسطيني المسلح، في أغسطس 1969؛ ما يناقض تماماً مواقفها السياسية؛ لأن قيادة الكفاح المسلح (القيادة السياسية)، هي منظمة التحرير الفلسطينية، التي يعترف بها بعض الدول العربية؛ ولكن الجبهة رفضت الانضمام إلى المنظمة. وعلَّلت جبهة التحرير انضمامها إلى قيادة الكفاح الفلسطيني المسلح، في مؤتمرها الصحفي، في 30 أغسطس 1969، بأنه من أجل فتح حوار ديموقراطي صادق، مع كلّ المنظمات الأخرى.

    دأبت "جبهة التحرير العربية" على الدعوة إلى توحيد صفوف المقاومة الفلسطينية. وبعثت بمذكرة إلى المجلس الوطني الثامن، المنعقد في القاهرة، بين 28 فبراير و5 مارس 1971، تضمنت مشروعاً، ينص على تكوين "جبهة تحرير فلسطينية"، تضم منظمات المقاومة كافة، وتحقق بينها وحدة، عسكرية وتنظيمية ومالية. وأرسلت بمذكرة إلى المجلس الوطني التاسع، المنعقد في القاهرة بين 7 و13 يوليه 1971، تناشده فيها إنشاء قيادة عسكرية مركزية، تحقق الوحدة بين المنظمات الفلسطينية، وتوحّد ضرائبها وإعلامها. وطالبت في المذكرة "بتثوير المنظمة، وانتزاعها من التبعية والوصاية العربية عليها؛ وبتحقيق تمثيل أوسع في المجالس الوطنية، على اعتبار أن كلَّ المناضلين العرب، بغض النظر عن مكان ولادتهم، فلسطينيون، لهم الحق في التمثيل والمشاركة في أعمال هذه المجالس؛ وذلك تحقيقاً لقومية المعركة ضد إسرائيل".

    أيدت جبهة التحرير العمل الفدائي، على أن يتكامل مع الجهد العسكري العربي القومي. ونفذَّت العديد من العمليات العسكرية الناجحة، بمفردها، منذ يوليه 1969 حتى أوائل عام 1970، التي ناهزت حوالي 225 عملية. شاركت الجبهة منظمات فلسطينية أخرى، في تنفيذ عمليات عسكرية فدائية، داخل الأرض المحتلة. وكانت العمليات العسكرية الخارجية، جزءاً أساسياً من إستراتيجيتها؛ وإنما رأت أن اختيار الأهداف، وتوقيت العمليات، يجب أن يحظيا بأهمية كبيرة؛ نظراً إلى انعكاساتهما على الرأي العام العالمي، وخاصة المؤيد منه لنضال الأمة العربية العادل، أو المتعاطف مع ذلك النضال.

    عقدت جبهة التحرير العربية العديد من الندوات، منذ تأسيسها، لتدارس أوضاعها. ولكن مؤتمرها التأسيسي الأول، لم يعقد إلا في أغسطس 1972، حينما انتخبَت لجنة مركزية جديدة، عملت على زيادة قوّتها ووزنها، داخل الساحة الفلسطينية. ولقد شاركت جبهة التحرير القوات السورية، في حرب 6 أكتوبر 1973.

    لقد رفضت "جبهة التحرير العربية"، جميع الصيغ والأشكال والمؤامرات، التي ترمي إلى استدراج أيِّ قطاع من قطاعات الشعب الفلسطيني، إلى المشاركة في ما عَدَّته حلولاً استسلامية وتصفوية. ورفضت أيَّ حل سياسي، يسفر عن تثبيت الكيان الصهيوني، ووأد النضال العربي؛ ومن ثم، جاء رفضها القرار الرقم 242، ومشروع روجرز، وباقي القرارات، التي تدعو إلى الاعتراف بدولة إسرائيل. وأصدرت بياناً، يحمل الرقم 186، في شأن قبول بعض الأنظمة العربية مقترحات روجرز؛ قالت فيه: "إن قبول الأنظمة العربية، التي هزمت في يونيه 1967، لشروط الاستسلام الأمريكية، المسماة بمقترحات روجرز ـ ما هو إلا محاولة من الأنظمة العربية لتحجيم العمل الفدائي، وفرض الوصاية عليه، في أعقاب مؤتمر طرابلس، في ليبيا".

    لقد وقفت الجبهة موقفاً رافضاً لكافة المشروعات السياسية، التي طرحت من أجل حل القضية الفلسطينية. وشاركت في رفض البرنامج الفلسطيني السياسي، المرحلي، الذي تبنته منظمة التحرير الفلسطينية، بعد حرب أكتوبر 1973. وأسهمت في تشكيل جبهة الرفض الفلسطينية، عام 1974.

سادساً: جبهة النضال الشعبي الفلسطيني:

    بعد حرب يونيه 1967، أُعلن نشوء العديد من المنظمات الثورية الفلسطينية المسلحة؛ ومنها "جبهة النضال الشعبي الفلسطيني"، بزعامة صبحي غوشة، أحد أبناء الضفة الغربية. وقد أنشئت أولى خلاياها، في منتصف يوليه 1967، في القدس، ومدن الضفة؛ لتمتد، بعد ذلك، إلى باقي فلسطين المحتلة. وكانت أولى عملياتها المسلحة في الضفة الغربية، في 24 ديسمبر 1967. وقد انضمت جبهة النضال، في صيف عام 1971، إلى "حركة فتح"؛ بصورة مؤقتة إلا أنها استعادت كيانها المستقل، بعد بضعة أشهر.

    اتخذت جبهة النضال إستراتيجية ضرب العدو وملاحقته، في كلّ مكان؛ لتشتيت قواه، وإيقاع أكبر عدد من الخسائر في صفوفه. أن "الحرب الشعبية الطويلة الأمد، هي الإستراتيجية العسكرية المختارة".

    ظهرت النواة الأولى لجبهة النضال في الضفة الغربية. ثم انتقل مركزها الرئيسي إلى الأردن، بعد أن فشلت في إنشاء قواعد ارتكازية لها في فلسطين المحتلة. وبقي فدائيوها في الأردن، حتى يوليه1971، حينما انتقلوا إلى سورية، ثم إلى لبنان. واعتمدت جبهة النضال، في تدريب مقاتليها، على معسكرات، أنشأتها في الأردن؛ واستعانت بمعسكرات التنظيمات الفلسطينية الأخرى، وخصوصاً "حركة فتح". وأنشأت معسكراتها الخاصة في لبنان، بعد الخروج من الأردن؛ فضلاً عن الدورات الخارجية، التي شارك فيها مقاتلوها. أمّا إمدادتها العسكرية، فتمثّلت في مخلفات ساحات القتال، في حرب يونيه 1967؛ ودعم منظمة التحرير الفلسطينية، والتنظيمات الفدائية الأخرى؛ ومساعدة دولتَي العراق وليبيا.

    لقد نفذّت الجبهة العديد من العمليات العسكرية الناجحة، في الأراضي المحتلة. وأعلنت، في بيانها، الرقم 197، الصادر في الأول من أبريل 1970 تأييدها ومشاركتها "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في ضرب المصالح الاستعمارية، أينما وجدت.

    شاركت جبهة النضال في المؤتمر الأول لحركة المقاومة الفلسطينية، المنعقد في القاهرة بين 17 و20 يناير 1968، والذي دعت إليه "حركة فتح"، وأعلنت ترحيبها بإنشاء القيادة الموحدة الفلسطينية. وانضمت إلى قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، في 20 سبتمبر 1969.

    ودعت "جبهة النضال الشعبي الفلسطيني"، غير مرة، على لسان بهجت أبو غربية، الناطق الرسمي باسمها، إلى توحيد صفوف المقاومة الفلسطينية، وتراصّها مع الحركة الوطنية في الأردن. كما دعت إلى إشراك الجماهير في محاربة العدوّ؛ إذ ترى "أن قوى الشعب العامل، من فلاحين وعمال ومثقفين وثوريين وفقراء، هي الطبقة الثورية التقدمية، وهي مادة الثورة الأساسية، التي تصارع الطبقة البرجوازية الكبيرة، وتصارع معها قوى الاستعمار والصهيونية؛ من أجل إزالة الاستغلال والاحتلال. وهذه الطبقة، هي الطبقة التي تريد التغيير حقاً، وتناضل، بصلابة، في سبيل إحداث التغيير الثوري الاجتماعي السياسي؛ وهي التي تصمد، في الصراع، إذا ما أتيح لها الوعي والتنظيم اللازمان".

    أكدت جبهة النضال التمسك الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني، وعدم التفريط في أيّ شبر من أرض فلسطين. وقاومت كلّ الحلول والمشروعات التصفوية الاستسلامية. وكان لها أهداف ومهمات، تضمنتها منطلقاتها، النظرية والسياسية والتنظيمية. وهي:

1. لشعب فلسطين الحق المطلق في تقرير مصيره ومصير وطنه. وواجبه أن يكون في طليعة الأمة العربية، في الكفاح المسلح من أجل تحرير فلسطين. ولذلك، فإن على الثورة الفلسطينية، أن تمتلك زمام المبادرة، في التخطيط والقتال.

2. العمل على إبراز الشخصية الفلسطينية، واستقلال الثورة الفلسطينية؛ والسعي إلى توحيدها، في إطار جبهوي؛ لأن ذلك ضرورة أساسية لنجاح الثورة.

3. الإيمان بأن الإمبريالية والصهيونية، والرجعية، هي العدوّ الحقيقي لشعب فلسطين، والشعب العربي، وجميع شعوب العالم المكافحة من أجل التحرر والتقدم والسلام؛ وبأن ما يسمى " دولة إسرائيل "، هو التجسيد العملي للصهيونية العالمية، بكل ما تملكه هذه الحركة الاستعمارية، الاستيطانية، العدوانية، بصفتها شريكاً للإمبريالية وشُرطيّها الأمامي.

4. التغلب على جميع المشكلات المعقدة، التي تواجهها الثورة الفلسطينية، لا يتأتَّى إلا بحلول نظرية علمية، بعيدة عن الارتجال والعفوية، تعتمد التخطيط المدروس لتحقيق النتائج والأهداف المرجوة.

5. الثورة المسلحة، ضرورة لا بدّ منها لتدمير قوة الخصم. ولا يمكن حسم التناقض مع العدوّ، سلماً، بل بثورة مسلحة، وحرب شعبية طويلة الأمد.

    انضمت جبهة النضال إلى صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، منذ الدورة السادسة للمجلس الوطني الفلسطيني، المنعقد في القاهرة، بين الأول والسادس من سبتمبر 1969، والذي قرر، أن بهجت أبو غربية، عضو المجلس، هو ممثل جبهة النضال الشعبي؛ وكلف اللجنة التنفيذية مواصلة الحوار مع التنظيم.

    كما اشتركت الجبهة في اللجنة المركزية، واللجنة التنفيذية للمنظمة؛ إلا أنها نصرت، عام 1974، جبهة الرفض الفلسطينية، على البرنامج السياسي المرحلي (برنامج النقاط العشر) الذي وافق عليه المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته الثانية عشرة، في القاهرة، بين الأول والتاسع من يونيه 1974؛ ووافقت عليه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وإمعاناً في معارضتها لهذا البرنامج، تركت جبهة النضال صفوف منظمة التحرير الفلسطينية؛ لتعود إليها عام 1979.

سابعاً: جبهة التحرير الفلسطينية:

    انشقت من الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، عام 1976، في إثر الحرب في لبنان. وصدر بيان في 23 أبريل 1977، عن القيادة الفلسطينية، برئاسة ياسر عرفات؛ أعلن فيه التوصل إلى حل للخلافات بين الجبهتَين، واحتفاظ كلٍّ منهما باسمها. وعقدت الجبهة مؤتمرها الأول في أغسطس 1977، والثاني في سبتمبر 1979. ومع انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته السابعة عشرة انشق من الجبهة جناحان، عام 1984، كلٌ منهما، يحمل اسمها نفسه؛ وهما: جماعة أبو العباس، وجماعة طلعت يعقوب. والأخيرة معارضة لنهج رئيس منظمة التحرير، ولم تلبث أن انشقت إلى جماعتَين: إحداهما برئاسة طلعت يعقوب، والثانية برئاسة عبدالفتاح غانم. وسرعان ما انحلت الأخيرة، وانضم معظم كوادرها إلى جماعة طلعت يعقوب؛ وانضم آخرون، منهم رئيسها، إلى "فتح الانتفاضة"، بقيادة أبو موسى. وللجبهة مراكز للتدريب المهني والطبي، وأنشطة رياضية.

ثامناً: حزب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا):

    تزعم ياسر عبدربه، أمين عام مساعد "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، انشقاقاً من الجبهة، عام 1989. واتهم أنصار نايف حواتمة المنشقين، بالعمل على استغلال موقف الجبهة في مصلحة استثمار الانتفاضة في مشروعات التسوية الأمريكية، وخاصة أن عبدربه، هو ممثِّل الجبهة الديمقراطية في اللجنة التنفيذية، وتولى رئاسة وفد المنظمة، في الحوار الأمريكي ـ الفلسطيني، ودافع عن الاتجاهات السلمية لدى عرفات. بينما يرى أنصار عبدربه، أن الخلافات بينهما تنظيمية ومالية؛ متهمين حواتمة، بالعمل على توظيف السلطات الممنوحة له، وكلّ الهيئات، لإشغال الجبهة عن مهماتها، الوطنية والجماهيرية، في تطوير الانتفاضة. وأصبح يمثل الجبهة الديمقراطية تيسير خالد، في اللجنة التنفيذية، التي أصبح ياسر عبدربه، يمثل فيها "فدا".

تاسعاً: حركة فتح ـ المجلس الثوري (أبو نضال):

    انشقت هذه الحركة عن "حركة فتح"، عام 1973؛ واتخذت اسم المجلس الثوري، عام 1977. ويرجع الانشقاق إلى الخلاف في الخط، السياسي والتنظيمي؛ إذ رأت الحركة الجديدة، أن قيادة فتح، خرجت عن برنامج الحركة، السياسي والتنظيمي. ولم تعلن الحركة المنشقة برنامجاً سياسياً، ولا نظاماً داخلياً، مثل سائر الفصائل. كما أنها ليست ممثلة في مؤسسات المنظمة. وقد تمتعت الحركة بدعم العراق، بين عامَي 1974 و1983. وارتبط اسمها بعمليات اختطاف الطائرات، واغتيال عدد من القادة الفلسطينيين.

عاشراً: الهيئة العاملة لتحرير فلسطين:

    بعد حرب يونيه 1967، وهزيمة الدول العربية، تكونت الهيئة العاملة؛ ردّاً على تلك الهزيمة واحتلال أراضٍ عربية جديدة. وأطلقت على نفسها اسم "الهيئة العاملة لدعم الثورة". وأكدت أنها ليست بديلة من أيّ تنظيم؛ وإنما تنظيم جديد، يضاف إلى التنظيمات الفلسطينية.

    شاركت الهيئة العاملة في أول مؤتمر للمنظمات الفدائية، عقد في القاهرة، بين 17 و20 يناير 1968. وأوضح ممثلّها فيه، "أن منظمة التحرير الفلسطينية، لا تملك جناحاً عسكرياً، بالمفهوم المتعارف عليه؛ فإمكانياتها العسكرية... لم تتجاوز أعضاءها الراغبين في شرف القتال". وقدر المؤتمرون الموقف المشرف، العظيم، للهيئة العاملة لتحرير فلسطين، مع كافة التنظيمات الأخرى.

    كانت الهيئة العاملة، منذ نشأتها، على صلة وثيقة بـ"حركة فتح". وقد وضعت كافة إمكانياتها، بعد مؤتمر حركة المقاومة الفلسطينية، في القاهرة، في تصرف القيادة العامة لقوات "العاصفة" والمجلس العسكري للمنظمات؛ ولكنها انفصلت عن الحركة، بتاريخ 8 نوفمبر 1968.

    رفضت "الهيئة العاملة لتحرير فلسطين"، الاشتراك في الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني، التي عُقدت في القاهرة، بين الأول والرابع من فبراير 1969؛ لأنها رأت أن ذلك المجلس، ما هو إلا "تجسيد للتبعية، ولممارسة سياسة التصفية والاحتواء".

    ولقد شاركت الهيئة في القيادة الموحدة، التي تشكلت من عشرة تنظيمات فلسطينية، في فبراير 1970؛ وذلك من أجل الإسهام في تحقيق وحدة وطنية سليمة، تقوم على أُسُس علمية واضحة، وتكون قوةً دافعةً إلى تحرير فلسطين، والأراضي العربية المحتلة.

    لقد رأت الهيئة العاملة، أن حق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه وممتلكاته، هو حق، لا نقاش فيه، ولا يخضع لأيّ معايير، مهما كانت. وأن حل المشكلة اليهودية، يكمن في تقديم التسهيلات الكافية لترحيل اليهود، الذين جاءوا إلى فلسطين، من مختلف دول العالم، بعد انتهاء الانتداب، إلى مواطنهم الأصلية، أو أيّ بلاد أخرى يفضلونها. ويمنح اليهود، الذين استوطنوا فلسطين، قبل انتهاء الانتداب، بطرائق مشروعة، حقوق المواطنين كاملة؛ على أن يستثنى مَن ذلك من يثبت عليهم ارتكاب جرائم الحرب.

    كانت أهداف الهيئة العاملة، هي القضاء على الكيان الإسرائيلي، وتأسيس دولة فلسطينية على أنقاضها، يحدد مصيرها ونظامها الاجتماعي الشعب الفلسطيني، بملء إرادته. وترفض رفضاً قاطعاً، وأكيداً، مشروع الديموقراطية العلمانية؛ بل تَعُدّه وتعتبره مناقضاً لشعار التحرير، وتفريطاً واضحاً في الحقوق القومية للشعب العربي الفلسطيني. وأيدت العمليات العسكرية الخارجية، التي كان ينفّذها بعض المنظمات الفلسطينية؛ ولم تفرق بينها وبين أيّ عمل عسكري آخر. ولم تستمر الهيئة العاملة منفردة، بصفتها منظمة مستقلة في الساحة الفلسطينية؛ إذ أعلنت حل نفسها، واندماجها في "حركة فتح"، إبّان انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني التاسع، في القاهرة بين 7 و13 يوليه 1971، قبيل مذابح جرش وعجلون، وخروج المقاومة نهائياً من الأردن.