إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / منظمة التحرير الفلسطينية، والأحزاب والفصائل الفلسطينية





الهيكل التنظيمي لمنظمة التحرير
روافد وانشقاقات حركة فتح
روافد وانشقاقات الفصائل الفلسطينية




المبحث السابع

المبحث السابع

الأحزاب الفلسطينية

أولاً: الحزب الشيوعي الفلسطيني (حزب الشعب الفلسطيني حالياً):

    كان لانتصار الثورة الاشتراكية العالمية، عام 1917، في روسيا، أثره في انطلاقة الأحزاب الشيوعية في كلِّ بلدان العالم، بما فيها فلسطين، حيث اعترفت الأممية الشيوعية، عام 1924، بـ"الحزب الشيوعي الفلسطيني"، الذي ضم ثوريين من اليهود والعرب؛ لتمثيل طليعة النضال العمالي، العربي واليهودي، في فلسطين، ولتقديم كافة أشكال الدعم للسكان العرب، في مناضلتهم الاحتلال البريطاني ـ الصهيوني (البرجوازية اليهودية).

    يقول أمنون كوهين: "إن أول ظهور علني للشيوعيين الفلسطينيين، كان في نهاية الأربعينيات، بعد النكبة، عام 1948؛ وذلك في صفوف اللاجئين". وسعى الحزب إلى استغلال ظاهرة البطالة بين صفوف العمال اليهود، وإقناعهم بأن مشروع الصهيونية، لم يحقق طموحاتهم؛ وأن ذلك يتطلب البحث عن مخرج آخر، للتحرر من نير الاضطهاد، القومي والاجتماعي. كما حاول الحزب الاستفادة من تشجيع، الحكومة السوفيتية اليهود على استيطان مناطق زراعية، في الاتحاد السوفيتي، أُعِدَّت لسكناهم وعملهم؛ فنشط في إقناع الموجودين منهم في فلسطين بأن ما حققه إخوانهم في المناطق السوفيتية، خلال عامَين، لم تستطع الحركة الصهيونية تحقيقه لهم، خلال خمسين عاماً؛ ما حمل كثيراً منهم على العودة إلى الاتحاد السوفيتي.

    لقد عمدت السلطات البريطانية، عام 1931، إلى اعتقال العديد من أعضاء الحزب وقيادييه، وإبعاد سبعة عشر منهم إلى خارج البلاد.

    شارك الحزب في ثورة 1936، ودافع عن فلسطين، وتعرض أبناؤه للاعتقال والتعذيب. غير أنه انقسم، في أواخر سبتمبر1943، قسمَين يهودي وعربي. فأنشأ العرب "عصبة التحرر الوطني في فلسطين"، لتكون تنظيماً وطنياً، تحررياً، يسارياً؛ اقتصرت عضويته عليهم، وفي طليعتهم الشيوعيون العرب الفلسطينيون. وقد أكدت العصبة "بأنها جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية العربية الفلسطينية. كما أكدت دورها التحرري، المعادي للإمبريالية والصهيونية".

    وافق الحزب على قرار هيئة الأمم المتحدة، عام 1947، الداعي إلى تقسيم فلسطين إلى دولتَين. ولم يستجب للحكومات العربية رغبتها في مغادرة الفلسطينيين بيوتهم وأرضهم، وعارض قرارات مؤتمر أريحا، القاضية بضم القسم العربي من فلسطين، إلى شرقي الأردن، وتوحيدهما في المملكة الأردنية الهاشمية تحت تاج الملك عبدالله.

    تعرض الحزب الشيوعي الفلسطيني لِمدّ وجزْر، حددتهما الأوضاع، السياسية والاجتماعية، الناجمة عن ضم الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية) إلى الأردن، ووضع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية. ففي الأردن، واجه الشيوعيون شتى أساليب الملاحقة والمطاردة والاعتقال والتعذيب، من قبل السلطات الأردنية آنذاك. ولكنهم اضطروا في منتصف الخمسينيات، إلى الموافقة على ضم الضفة الغربية إلى إمارة شرقي الأردن؛ إذ اتهمهم نظامها بالخيانة، لموافقتهم على قرار التقسيم، ودعوتهم إلى سلام مع اليهود.

    أُعلن تأسيس الحزب الشيوعي الفلسطيني، في أغسطس 1953، في قطاع غزة، حيث عقد اجتماع في بيارة خالد شراب، حضره كلٌّ من سمير البرقوني، ومعين بسيسو، وخالد شراب، ومحمد نصر؛ وعُرِف بالمؤتمر الأول للحزب الشيوعي الفلسطيني. وفي هذا الاجتماع، كُوِّنت اللجنة المركزية الأولى، من الأعضاء الحاضرين؛ وانتُخب معين بسيسو سكرتيراً عاماً لها.

    وعقد الحزب مؤتمره الثاني، في 10 نوفمبر1954، في بيارة فايز الوحيدي. وحضره معين بسيسو، وسمير البرقوني، ومحمود علي نصر، وعبدالرحمن عوض الله، وأحمد خليل الحاج، وفايز الوحيدي، وأحمد حسن فليونه، وإبراهيم محمد الدغمة، وزهير الريس، وعبدالمجيد كحيل. وقد انتخب معين بسيسو، للمرة الثانية، سكرتيراً عاماً للجنة المركزية.

    ولم يكن الشيوعيون، في قطاع غزة بأحظ من إخوانهم في الأردن، وخاصة في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات؛ بيد أن معاناتهم، كانت أقلّ حدة. وعلى الرغم ممّا لاقاه الشيوعيون الفلسطينيون، في قطاع غزة، من اعتقال، فإنهم لم يندمجوا في الشيوعيين المصريين، كما اندمج رفاقهم الفلسطينيون في الشيوعيين الأردنيين، والذين غيروا اسم حزبهم إلى "الحزب الشيوعي الأردني"، الذي ناهز عدد أعضائه، في الضفة الغربية، المائتَين وقارب عددهم المائة، في الضفة الشرقية، ومعظمهم من الفلسطينيين.

    طالب الحزب الشيوعي بانسحاب القوات، الإسرائيلية والعربية، من المنطقة التي خص بها الفلسطينيين قرار التقسيم، الصادر عن الأمم المتحدة؛ وإتاحة الفرصة لإنشاء دولة عربية فلسطينية مستقلة، وديموقراطية، تجمع اللاجئين الفلسطينيين من منفاهم.

    جابت أول مظاهرة في الضفة الغربية، مدينة نابلس، في 31 مايو 1950، بتحريض من الشيوعيين؛ احتجاجاً على انتخابات الملك عبدالله. وقد اعتقل جميع المشاركين فيها، وكان عددهم خمسين شخصاً؛ وأجبروا على السير على أقدامهم إلى عمّان، فمات أحدهم، وأُودع الآخرون السجن، مدة شهرَين.

    وقاوم الحزب الشيوعي، في قطاع غزة، مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين بسيناء، وفق مخطط أمريكي لإنهاء قضيتهم، فضحته صديقة الحزب، سميرة سابا، التي كانت تعمل في قسم الشؤون الاجتماعية، في وكالة الغوث؛ إذ أعطت الشيوعيين نسخة من ذلك المخطط.

    مساء 28 فبراير 1955، ارتكبت القوات الإسرائيلية مذبحة، في قطاع غزة، حيث قتلت أكثر من سبعين شخصاً من الحرس الوطني. وعلى أثرها، انطلقت المظاهرات والمسيرات في القطاع، وخاصة في شارع عمر المختار، مناهضة مشروع التوطين بسيناء؛ ومطالبة بتكوين جيش فلسطيني وطني، لحماية الحدود؛ وبإطلاق الحريات العامة للجماهير. واستشهد في هذه المظاهرات الشهيد حسيني بلال، أحد أعضاء الحزب الشيوعي، في الأول من مارس 1955. وعلى أثر استشهاده، فرضت القوات المصرية منع التجول على القطاع. إلا أن المظاهرات استمرت، فأعلنت الحكومة المصرية معارضتها، بل رفضها لمشروع التوطين. وكذلك شارك الحزب في إفشال مؤامرة إلحاق قطاع غزة بالنظام الأردني. وأسهم مع باقي القوي، الوطنية والحزبية، في إفشال مشروع التدويل، عام 1957.

    رحّب الشيوعيون الفلسطينيون، في الأردن وقطاع غزة والشتات، بقرار إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، عام 1964؛ مع وجود تحفّظ، وأحياناً عدم رضى عن ظروف إنشائها وكيفيته. فقد رأى الحزب أن منظمة التحرير، هي نتيجة منطقية، معبرة عن الخصوصية الفلسطينية، عام 1964؛ على الرغم من الهيمنة العربية عليها، في ذلك الوقت؛ وطبيعة الزعامة الفلسطينية، التي كانت تتولى قيادتها، متمثلة في أحمد الشقيري، الذي حاول أن يضفي عليها طابعاً عربياً، بدلاً من تعزيز خصوصيتها الفلسطينية.

    بيد أن الحزب الشيوعي، نصر منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة عندما شنت السلطات الأردنية حملة إرهابية واسعة، على أعضائها، أعقاب الانتفاضة الشعبية، التي اندلعت في الضفة الغربية، بعد الاعتداء الإسرائيلي على قرية السموع، قضاء الخليل، في نوفمبر 1966. ودعا إلى الاعتراف بالمنظمة، ووقف التنكيل بأعضائها.

    كما دعا الحزب قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وكلَّ المخلصين إلى تبنِّي موقف ثوري، واقعي؛ مشيراً إلى افتقاد شعار تحرير كامل فلسطين الواقعية، في ظل الظروف الصعبة, التي يمر بها العالم العربي. ودعا، كذلك؛ إلى ضرورة أن تكون حركة المقاومة الفلسطينية، وثيقة الصلة بالحركة الثورية العالمية، وقوّتها الأساسية الاتحاد السوفيتي.

    لقد استطاع الحزب أن ينشئ جناحاً عسكرياً، في قطاع غزة، بقيادة الشهيد عمر أحمد عوض الله؛ شن العديد من العمليات العسكرية الناجحة على العدوّ الصهيوني، والتي فاقت 554 عملية عسكرية، كانت ذروتها في مارس 1970.

    دأب الحزب الشيوعي الأردني على معارضة العمل الفدائي الفلسطيني؛ إذ رأى أنه يحول دون التوصل إلى التسوية السلمية. وإزاء استمرار هذا العمل، انقسم الحزب إلى قسمَين: أحدهما يؤيده، والآخر يعارضه؛ ما أسفر عن انعزال الحزب وفقدانه معظم قواعده ومؤيديه. ولكنه سرعان ما انتهج، في مارس 1969، سياسة جديدة قوامها الدعوة إلى حماية المقاومة المسلحة الناشئة، وتنميتها، وتنظيمها، وتوحيدها؛ فعُدَّت انتصاراً للجناح المؤيد، المنادي بضرورة الكفاح المسلح.

    وعقد الحزب الشيوعي الأردني مؤتمراً، في ربيع 1970، دان فيه خطه السياسي، وصدّق على خطه الجديد، الداعي إلى الكفاح المسلح. وفي 3 مارس 1975، صدر البيان الأول لقوات الأنصار، التنظيم المسلح الجديد، الذي انبثق من الحزب، وأطلق عليه اسم "قوات الأنصار الفدائية". وكان الهدف من تكوينه، هو تقوية علاقة الحزب النضالية بالفصائل الفلسطينية، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي، في الضفة الغربية وقطاع غزة. وهذا التنظيم، قدم نفسه بصفته جناحاً عسكرياً للحزب، وطلب عضوية القيادة الموحدة للثورة الفلسطينية؛ غير أن طلبه رفض، بحجة أنه موالٍ للسوفيت، الذين يعترفون بالقرار الرقم 242، الذي كانت ترفضه التنظيمات الفلسطينية، في ذلك الوقت.

    أوضحت قوات الأنصار، في بيانها الأول، منطلقاتها وأهدافها، وحصرتها في خمس نقاط، هي:

1. تطوير الكفاح المسلح وتعميقه، بالأساليب المختلفة؛ لأنه واجب وطني.

2. لا بدّ من تلاحم النضال الفلسطيني وترابطه، مع نضال الجماهير الشعبية الكادحة، والحركة الوطنية في الأردن.

3. تلاحم النضال، الفلسطيني والأردني، وترابطه مع مصالح حركة التحرر والتقدم، في البلدان العربية.

4. النضال العربي، يجب عليه أن يترابط، في النطاق العالمي، مع النضال، الذي تخوضه قوى الحرية والتقدم والسلام والاشتراكية، وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي، في مواجهة قوى الإمبريالية الرجعية الدولية، والصهيونية العالمية.

5. إن الوحدة الوطنية وتحقيقها وترسيخها، بين جميع منظمات المقاومة، والحركة الوطنية والشعبية ـ شرط أساسي، وضروري، ومهم، للنجاح والانتصار، وإقامة الدولة الفلسطينية، وتحقيق الأهداف الوطنية المشتركة.

    ظل هذا التنظيم معزولاً عن القيادة الموحدة للمقاومة الفلسطينية؛ ولكنه حاز عضوية المجلس الوطني، في الدورة الثامنة، المنعقدة في القاهرة، في بداية عام 1971، بعضو واحد، هو فايق عواد؛ وإنما بصفة شخصية. وشارك التنظيم في الدفاع عن مخيم جرش، عام 1971. وخرج، مع المقاومة الفلسطينية، من الأردن إلى لبنان، في يوليه من العام نفسه. وفي بداية عام 1972، التحقت قواته بـ"حركة فتح".

    اعترف الحزب الشيوعي الأردني، عام 1973، بأن منظمة التحرير الفلسطينية، هي الممثل الشرعي، والوحيد، للشعب الفلسطيني. كما وافق، عام 1974 على برنامجها المرحلي، وعَدَّه مقبولاً إلى حدٍّ ما؛ إلا أنه في حاجة إلى وضوح أكثر.

    يمكن القول إن الحزب الشيوعي الفلسطيني، هو التنظيم الوحيد، حتى عام 1974، الذي اعترف بقرار التقسيم، الصادر عام 1947؛ ومن ثم، بالقرارين الرقمَين 224 و338، والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة كافة. وكان يطالب بضرورة اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية، والتنظيمات الفلسطينية الأخرى، بتلك القرارات الدولية؛ لاعتقاده أن ذلك سيوفر لها دعماً، وقبولاً، ومساندة، عالمية وعربية.

ثانياً: الحزب الشيوعي الفلسطيني الثوري:

    انشقت جماعة من الحزب الشيوعي، نتيجة خلافات، أثناء تكوينه. وحملت الاسم نفسه. وأعلنت، عام 1983 خطوطها الرئيسية. وعقدت مؤتمرها الأول، في سبتمبر 1987. وأضافت إلى اسمها نعت "الثوري"، ليصبح "الحزب الشيوعي الفلسطيني الثوري". ويؤيد الحزب البرنامج السياسي المرحلي لمنظمة التحرير، والكفاح المسلح الوطني، لكونه أرقى أشكال النضال. ولكنه لم يشارك في أي دورة من دورات المجلس الوطني، أو مؤسسات المنظمة.

ثالثاً: حركة المقاومة الإسلامية (حماس):

    تأسست في غزة والضفة الغربية، بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية. وهي، طبقاً للمادة الثانية من ميثاقها، الصادر في 18 أغسطس 1987، تُعَدّ جناحاً من أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين؛ وتؤكد ذلك مادته الثامنة، بتبنّيها شعار الإخوان نفسه: "الله غايتها. والرسول قدوتها. والقرآن دستورها. والجهاد سبيلها. والموت في سبيل الله، أسمى أمانيها".

    انطلقت حماس من بنْية تنظيمية، مطابقة لبنْية تنظيمات الإخوان المسلمين، من حيث التسلسل القيادي والجماعات أو الوحدات التنظيمية الابتدائية، والمعروفة لدى الإخوان باسم الأُسَر.

    ويرتكز الطرح، السياسي والأيديولوجي، لحركة حماس، على فكرة التحرير "من البحر إلى النهر" أي كلّ فلسطين المحتلة. وكان لنشاطها الفدائي أثره في لفت الانتباه إليها، والالتفاف الشعبي حولها. وكذلك ملاحقتها لعملاء سلطات الاحتلال، واضطلاعها بالمقاومة السلمية، من إضرابات ومسيرات ومهرجانات واعتصامات.

حركة حماس ومنظمة التحرير

    يشير ميثاق حماس بالتقدير، إلى المنظمة، في مادته السابعة: "منظمة التحرير الفلسطينية من أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية". إلا أنه ينتقد فكرة "الدولة العلمانية"، بل يرفضها: ويوم تتبنى منظمة التحرير الفلسطينية الإسلام، منهج حياة، فنحن جنودها ووقود نارها، التي تحرق الأعداء". وطالبت الحركة، في أحد بياناتها، بتعديل الميثاق الوطني، بما يوافق عقيدة الشعب الفلسطيني المسلم وتراثه الأصيل.

    ويشير أحد بيانات حماس إلى أن المنظمة "حافظت على بنْية كيان الشعب الفلسطيني"؛ وأنها استطاعت، بمقاومتها الباسلة للعدوّ الصهيوني، تحويل الشعب الفلسطيني، من شعب لاجئ، مشرَّد، إلى شعب متمرس بالقتال والمواجهة؛ ما أكسبها تعاطفاً عالمياً كبيراً، أوجد مناخاً جهادياً، تفاعلت من خلاله كلّ الفصائل الفلسطينية.

    وأجرت المنظمة حوارات مع حماس، كان أبرزها قبيل انعقاد الدورة العشرين للمجلس الوطني، عام 1991، بهدف مشاركتها في الدورة. وحدد إبراهيم غوشة، الناطق الرسمي باسم الحركة، مواقفها من المجلس الوطني، بثلاثة خيارات، هي:

1. تشكيل المجلس الوطني، بالانتخاب الحر، لجميع الشعب الفلسطيني، وفي كلّ أماكن انتشاره، والالتزام الكامل بإرادته في اختيار ممثليه في المجلس.

2. تمسُّك الحركة، إذا تعذر إجراء الانتخابات، بتقديرها لثقلها وحجمها، في الساحة الفلسطينية؛ ولهذا، فهي تطالب بتمثيلها بنسبة 40 %، على الأقل، من المجموع الكلي لأعضاء المجلس الوطني (480 عضواً، في آخر دورة).

3. استعداد الحركة للاتفاق مع المنظمة، على برنامج، سياسي "وجهادى"، محدد؛ يحكم التحرك الفلسطيني، المرحلي والإستراتيجي؛ ويراعي رفْض القرارات الأرقام 181 و242 و338، الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ورفْض الاعتراف بدولة الاحتلال، مع التمسك بالجهاد، لتحرير كامل التراب الفلسطيني؛ حتى يمكن إعادة النظر في النسبة المذكورة. واتفق الجانبان على إبقاء الباب مفتوحاً، لاستكمال الحوار والتشاور.

    وترتكز رؤية حماس تجاه المنظمة، على رفْض مسألة الحصص في المجلس الوطني، والمطالبة بتعديلها، ورفض مشاريع التسوية السلمية للقضية الفلسطينية. ولم تشارك حماس في الدورة العشرين للمجلس الوطني، ولا في أيّ دورة أخرى.

رابعاً: حركة الجهاد الإسلامي:

    يُعَدّ عام 1980، هو التاريخ الرسمي لتأسيس هذه الحركة، في فلسطين، انطلاقاً من قطاع غزة، على أيدي شباب من صفوف الإخوان المسلمين، بعد اختلافهم معهم. وتؤمن الحركة بالكفاح المسلح، ولا سيما العمليات الجهادية، إستراتيجيةً للعمل السياسي. وتتمتع بالسرِّية، في تشكيلاتها وعملياتها؛ وتلجأ إلى استخدام اسم "سرايا الجهاد"، للإشارة إلى خلاياها العسكرية، في قطاع غزة والضفة الغربية.

حركة الجهاد ومنظمة التحرير:

    لم تكن هناك علاقات تنسيق وتعاون مباشرَين، بين الحركة وفصائل المنظمة، عدا "حركة فتح"، حتى قيام الانتفاضة. وهي تَعُدّ إنشاء دولة ديموقراطية، علمانية، في فلسطين، منافياً للنظرة الإسلامية إلى التاريخ. إلا أنه قد نشأ، بينها وبين فتح، بعض التعاون، وخاصة بعد أن أصبح الاتجاه الإسلامي قوة مؤثرة في الأرض المحتلة. ويرتكز فكرها على "أن جبهة النضال، تتسع للجميع".

    وبرز التعارض بين مواقف حركة الجهاد والمنظمة، أثناء انعقاد الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني، حين أصدرت الحركة بياناً، اعترضت فيه على الخطط السياسية، المطروحة أمام المجلس. وعندما عقد دورته العشرين، لإقرار المشاركة في مؤتمر مدريد، وافقت أقلية من حركة الجهاد على المشاركة في تلك الدورة؛ وكان على رأسها الشيخ أسعد التميمة؛ إلا أن الحركة أعلنت عدم تمثيله لها.

خامساً: حركة الجهاد الإسلامي (بيت المقدس):

    نشأت هذه الحركة خلال المرحلة التفاوضية، في مؤتمر مدريد. وتولّى إمرتها الشيخ أسعد التميمة؛ ما خوّلها تأثيراً معنوياً، في مجال السياسة الفلسطينية، على محدوديتها العددية والفعلية. وقد أقنع ياسر عرفات الشيخ أسعد التميمة، بحضور اجتماع المجلس الوطني، في دورته العشرين، مع خمسة من حركته. كما احتفظ الشيخ بثلاثة مقاعد في المجلس المركزي للمنظمة؛ إلا أنه لم يلبث أن انسحب من المنظمة؛ واستقال ممثلو الحركة في المجلسَين: الوطني والمركزي، في إثر إعلان اتفاق أوسلو، في سبتمبر 1993.

سادساً: حزب التحرير الإسلامي:

    نشأ هذا الحزب عام 1953، من بين صفوف الإخوان المسلمين. ثم جمد نشاطه السياسي في الأرض المحتلة، في أعقاب حرب 1967. وأواخر الثمانينيات، عاد لمزاولة بعض النشاط السياسي المحدود، لعرض وجهة نظره في القضايا العامة.

سابعاً: منظمة فلسطين العربية:

    تأسست "منظمة فلسطين العربية"، في أوائل أغسطس 1969، بعد انشقاق من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"، بزعامة أحمد زعرور؛ مشكلة تنظيماً جديداً، قوامه الإيمان بالخط العربي الوحدوي الاشتراكي، وبالتنسيق مع الأنظمة العربية، التي تؤمن بهذا الخط، ولا سيما جمهورية مصر العربية.

    لم تتكون هذه المنظمة لكي تضيف عدداً، أو كماً جديداً إلى المقاومة الفلسطينية؛ وإنما لتقدم أسلوباً جديداً من العمل، يلائم المرحلة، التي يخوضها الكفاح الفلسطيني المسلح، مستنيرة بالفكر التقدمي الاشتراكي، مع السلاح، لمواجهة العدوّ.

    كان من أهداف هذه المنظمة عدم إغراق الجماهير بالأمل. وكانت ترى أن للمعركة مع العدوّ أبعاداً، تتجاوز حمْل السلاح، كالدعوة للقضية، في خارج البلاد العربية، ومشاركة كلّ فلسطيني، في الداخل والخارج؛ وكذلك كلّ مقاتل في القواعد. ولم تنشغل إلا بقضية تحرير فلسطين، وقضايا الثورة والتحرير، والتقدم العربي. وكانت مرتكزة، في مسيرتها، على الآتي:

1. كونها تنظيماً مستقل الإرادة، مُشْرَعاً لكلّ القوى العربية الشريفة، والمناضلة؛ وليس تنظيماً إقليمياً، متقوقعاً على نفسه؛ بل المواطنون، عرباً وفلسطينيين، في عضويتها، هم سواء، على كافة مستويات المسؤولية.

2. جماعية القيادة، وديموقراطية ا لتنظيم، هما صمام سلامة المسيرة وعلمية نهجها، واستمرارها المتجدد، ورفْضها للنزعات الفردية.

3. التنسيق والتعاون العميقان، مع القوى العربية الشريفة، ومع أي نظام حكم في الوطن العربي، يعتمدان الخط الثوري الوحدوي، التقدمي، منهاجاً لهما، ويترجمانه بسلوكهما العملي، مستهدفَين تحرير الأرض المحتلة. وتضع المنظمة في صفوف الثورة المضادة، كلّ نظام حكم في الوطن العربي، لا تماشي مسيرته أماني الجماهير وتلبية أهدافها، في الحرية والاشتراكية والوحدة.

4. الوعي الثوري، القائم على اقتناع علمي، نابع من فكر مستنير، وناتج من المناقشة الحرة.

5. الوضوح في رؤية الأهداف ومتابعتها، باستمرار؛ والانفتاح الواضح على الجماهير، وتجنّب الانسياق الانفعالي إلى الدروب الفرعية، وإلى الغموض والارتجال، الذي يبعد الثورة عن طريقها.

6. رفضت "منظمة فلسطين العربية" شعار الدولة الفلسطينية الديموقراطية، العلمانية، وعَدَّته مساومةً في الحق العربي في فلسطين، وخذلاناً له؛ وأسلوباً، يرمي إلى استمالة الرأي العام العالمي ومداهنته؛ بل رأته معارضاً لأهداف المقاتلين الثوريين، في جميع أرجاء الأمة العربية، الذين لا شعار لهم غير التحرير الكامل للأرض العربية المحتلة.

    شاركت "منظمة فلسطين العربية" في القيادة الموحدة لحركة المقاومة الفلسطينية، التي تشكلت في عقب أحداث 10 فبراير 1970، في الأردن. وكذلك، دافعت عن الثورة الفلسطينية. وما لبثت أن انضمت إلى "حركة فتح"، مع شقيقتها الهيئة العاملة؛ واندمجت فيها أثناء الدورة التاسعة للمجلس الوطني الفلسطيني، في 8 يوليه 1971.

ثامناً: تنظيمات فلسطينية أخرى:

1. جبهة التحرير الفلسطينية (طريق العودة):

    أسسها، عام 1964، شفيق الحوت، في لبنان. ومهد لها بنشرة، باسم "طريق العودة". وعقدت مؤتمرها العام، في أغسطس 1964. وحملت اسم "جبهة التحرير الفلسطينية - طريق العودة". وأصبح الحوت ممثلاً لها في المنظمة، ومديراً لمكتب المنظمة في بيروت، عام 1965، وعضواً في اللجنة التنفيذية. وانضمت إليها، عام 1966، "جبهة التحرير الوطنية الفلسطينية"، التي كانت تضم أحمد السعدوى، وبهجت أبوغربية. وقد حُلَّت وتوقفت نشرتها، بعد خمسة أعوام من الصدور، وتشكل على أنقاض الجبهتَين "منظمة فلسطين العربية"، التي اندمجت في فتح، بعد ذلك.

2. انشقاقات حركة فتح:

    تتميز "حركة فتح"، دون باقي الفصائل، باستقرارها؛ فلم تتعرض لانشقاقات مثل ما تعرضت له الفصائل الأخرى، من انشقاقات جذرية؛ بل متتالية في بعض الفصائل. إلا أن الحركة تعرضت لثلاثة انشقاقات، وإنْ لم ينشأ عنها تنظيمات ذات كيان تنظيمي معلن واضح. وقد سبقت الإشارة إلى الانشقاق الأول، الذي تزعمه صبري البنا (أبو نضال)، والمعروف باسم "حركة فتح ـ المجلس الثوري". أمّا الانشقاقان الآخران، فهُما:

أ. حركة فتح الانتفاضة:

    أقصت اللجنة المركزية لـ"حركة فتح"، في اجتماعها، في الكويت، في يناير1983، أحد أعضائها، نمر صالح (أبو صالح)، وجمدت أوضاعه فيها، وفي هرم قيادة قوات "العاصفة"، وذلك على أثر إصداره بيانات، من دمشق، منتقداً على قادة فتح سياساتهم، في أعقاب الخروج من بيروت 1982. أمّا أبو موسى، عضو المجلس الثوري لـ"حركة فتح"، ومدير غرفة العمليات، فقد دعا، في اجتماع المجلس، في عدن، في 27 يناير 1983، إلى أهمية التزام القيادة بالبرنامج السياسي، والنظام الداخلي للحركة. ثم صدرت نشرة، في دمشق، في 9 مايو 1983، باسم "التعميم"؛ حمل عددها الأول مطالبة التيار الجديد، المعارض، في فتح، بإلغاء قرارات رئيس المنظمة، في شأن نقل بعض العسكريين الفلسطينيين من مواقعهم؛ ورفْض مشروعات التسوية، والكونفدرالية مع الأردن. وقاد هذا التيار أبو صالح، وأبو موسى، وأبو خالد العملة. واجتمع المجلس المركزي للمنظمة، وشكل لجنة من أعضائه، للإشراف على وقف الاقتتال بين الفصائل، في البقاع اللبناني. وأعد الأعضاء مذكرة، استهدفت استعادة وحدة فتح، والوحدة الوطنية الفلسطينية، وإصلاح العلاقات الفلسطينية ـ السورية؛ إلا أن الجهود لم تنجح. واندلع القتال بين عناصر فتح والمنشقين، في طرابلس والمخيمات، في أكتوبر ونوفمبر 1983. وقصفت القوات، الجوية والبحرية، الإسرائيلية قوات فتح؛ لمنع مغادراتها طرابلس. وتوقف القتال، بناء على خطة سورية ـ سعودية مشتركة، وجهود فرنسية ومصرية. وغادر عرفات وقواته طرابلس، بحراً، في 19 ديسمبر 1983، على متن سفن، تحمل أعلام الأمم المتحدة.

    وتعد هذه المرحلة من أصعب المراحل، التي مرت بها الثورة الفلسطينية؛ إذ تتولّى الحصار، كما يصفه عرفات، "العرب، براً؛ والإسرائيليون، بحراً وجواً".

    وترتكز مطالب الجماعة المنشقة على تنفيذ البرنامج السياسي للحركة، وإعادة الدور لأطُرها الشرعية، وعدم التبعية لأيّ دولة عربية، وإجراء إصلاحات ديموقراطية في فتح والمنظمة، وتطهير الجهاز البيروقراطي. إلا أن لجوءها إلى الأساليب المسلحة، لحل النزاعات ومخالفة ذلك للتقاليد المستقرة لحركة المقاومة الفلسطينية ـ جعل تأييدها، في فتح، محدوداً.

الحركة والمنظمة:

    لم تشارك الحركة في أيٍّ من مؤسسات المنظمة. وقرر المجلس الوطني، في الدورة السابعة عشرة، التي عقدت بعد انشقاقها، عدم شرعية أيّ منظمة شعبية فلسطينية، لا تعترف بها المنظمة، عبر دوائر التنظيم الشعبي، والمجلس المركزي للتنظيمات الشعبية؛ وعدم الاعتراف بازدواجية فرعَين لأيّ منظمة شعبية فلسطينية، في أيّ قطْر من الأقطار العربية وغيرها؛ وذلك للتصدي لمحاولات الحركة المنشقة إنشاء اتحادات شعبية أخرى موازية، كالكتاب والصحفيين.

ب. الحركة التصحيحية (أبو الزعيم):

    تزعم أحد قادة جيش التحرير، في الأردن، تمرداً، في أعقاب تجميد ذلك البلد لاتفاق عمّان مع المنظمة، في 19 فبراير 1986. ووصف، حركته بأنها حركة تصحيحية، للإصلاح داخل فتح. واتهم قيادة المنظمة بالديكتاتورية. ودعا إلى حوار بين أهل الأرض المحتلة والحكومات العربية، لحل القضية الفلسطينية. وحاول المتمردون الاستيلاء على مكاتب المنظمة في الأردن، ومعسكر الكرامة. غير أن التمرد كان مفتقداً التأييد الحقيقي، داخل فتح؛ ومتمتعاً بدعم الأردن، الراغب في شق أنصار عرفات فيه، ولا سيما أفراد لواء جيش التحرير.

    وصدق عرفات، في 24 أبريل 1986، بصفته رئيساً للجنة التنفيذية، والقائد العام لقوات الثورة، على قرار المجلس العسكري الأعلى، والقاضي بفصل الضابط عطاالله محمد عطا الله (أبو الزعيم)؛ لتحريضه على الفتنة، وبث الإشاعات الكاذبة، والعصيان، والتمرد، ونكثه بعهد الشعب والثورة، والتآمر، والإساءة إلى سمعة الثورة الفلسطينية، والمنظمة.

تاسعاً: روافد الفصائل وانشقاقاتها:

1. روافد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وانشقاقاتها: (أُنظر شكل روافد انشقاقات حركة فتح)

    كانت انشقاقات "حركة فتح"، مدعومة من بعض الدول العربية. أمّا الجبهة الشعبية، فلانشقاقاتها أسباب، لأسباب مختلفة، منها: الصراع الفكري، الخلاف في السياسات تجاه بعض الدول العربية.

وتبيِّن دراسة، تناولت قيادات التنظيمَين، أن:

أ. قادة فتح، هم فلسطينيو المولد؛ بينما قادة الجبهتَين: الشعبية والديمقراطية، ليسوا كذلك، أو هم غير فلسطينيين.

ب. قادة فتح، ينحدرون من عائلات إسلامية، سُنية؛ بينما العديد من قادة الجبهتَين ليسوا بمسلمين.

ج. قادة فتح، عدا خالد الحسن، تلقّوا تعليمهم في مصر، وشاركوا في اتحاد طلبة فلسطين فيها؛ بينما تلقّى قادة الجبهتَين تعليمهم في بيروت، أو عمّان.

2. روافد خمس من الفصائل الفلسطينية وانشقاقاتها: (أُنظر شكل روافد انشقاقات الفصائل الفلسطينية)

أ. لم تتعرض "الصاعقة"، ولا "جبهة التحرير العربية" لأيّ انشقاقات؛ لأنهما تنظيمان، يخضعان لحزب حاكم في دولتَين عربيتَين.

ب. لم تتعرض "جبهة النضال الشعبي" أو (حماس) لأيّ انشقاقات.

ج. تعرض الحزب الشيوعي لانشقاق وحيد.

د. انشق من الإخوان المسلمين: "حزب التحرير الإسلامي"، و"حركة الجهاد الإسلامي"، التي انشق منها كذلك، "حركة الجهاد الإسلامي ـ بيت المقدس".

    ويعزو خالد الحسن تعددية بعض التنظيمات، إلى سعي بعض حكومات الدول العربية، من خلال أجهزتها أو أحزابها الحاكمة، إلى إنشاء منظمات، بأسماء فلسطينية، هي امتداد لها.

    ويرى نايف حواتمة، أن المشكلة، لا تكمن في التعددية؛ وإنما في التكوين والبرنامج السياسيَّين لحركة المقاومة؛ وهو ما يعكس تجانسهما، وينطبق على حماس وجبهة النضال والحزب الشيوعي، وكذلك "حركة فتح"، لولا التدخلات العربية المناهضة لها.

    وشكلت مرحلة ما بعد 1968، على أثر انضمام منظمات المقاومة إلى المنظمة، مرحلة العصبية التنظيمية، التي حلت محل العصبية القبلية؛ وأصبح التنظيم هو الهدف، بدلاً من أن يكون الأداة لتحقيق هدف الانتماء إلى فلسطين. وهو ما عانته منظمات المقاومة، وكان أحد أسباب الخلافات والانشقاقات. وتمكنت الفصائل، في عقب الدورة السادسة للمجلس الوطني، في سبتمبر 1969، من صياغة اتفاق على أُسُس تعاونها؛ مؤكدة أن المنظمة، هي الإطار العريض للوحدة الوطنية؛ وأنها تعتزم الالتزام بالقضايا المتفق عليها، أما تلك التي لم يتفق عليها، فيمارسها كلٌّ منها ضمن رؤيته لها، عدا القضايا، التي تمس أمن الثورة، فيكون الالتزام بها إجماعياً.

    وكانت "حركة فتح"، بوصفها كبرى الفصائل، وأكثرها نفوذاً، هي المحددة للاتجاه العام، الوطني والسياسي، للحركة الوطنية، والفصائل الأخرى. ولم يحل بروز حركة حماس دون استمرار قدرة الحركة على تحديد المسار السياسي العام، في الساحة الفلسطينية.

    ولم ينعكس على الفصائل حرصها على عقد المجلس الوطني عشرين دورة، في غضون ثلاثين عاماً، لمناقشة الأوضاع الفلسطينية وتطوراتها؛ إذ لم يعقد بعضها أبداً مؤتمرات عامة؛ بل إن المؤتمر العام لفتح، لم يعقد سوى خمس مرات؛ ولم تعقد في الجبهة الشعبية مؤتمرها، إلا ثلاث مرات؛ واقتصر عقد كلٍّ من الجبهة الديموقراطية، والحزب الشيوعي، لمؤتمرَيهما العامَّين، على مرتَين فقط؛ ما ينعكس سلباً على ديموقراطية تلك التنظيمات.

    يمثل النظام السياسي الفلسطيني، إذاً، نظاماً تعددياً، ذا سمات وممارسات ديموقراطية، لا تشكل نظاماً ديموقراطياً متكاملاً؛ إذ يفتقد مستوى معيناً من التطور، الاقتصادي والاجتماعي، ووجود تراث ديموقراطي، وقيادة ديموقراطية، تجعله نمطاً سياسياً قائماً.

    ويرجع ذلك إلى لخصوصية الأوضاع الفلسطينية، وتشتت الشعب، وتعدد المتغيرات والتدخلات المختلفة المناوئة للقيادة؛ ما صعب عملية التوازن بين المصالح، والتعامل مع متغيرات الواقع نحو تحقيق الهدف، وهو إنشاء الدولة الفلسطينية؛ إضافة إلى أن زخم حركة الكفاح المسلح، بنجاحاتها وإخفاقاتها، قاد إلى إعادة صياغة مستمرة للأهداف وللإستراتيجية والتكتيك كذلك، من جانب القادة الفلسطينيين، والمثقفين.