إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / مجلس التعاون لدول الخليج العربية





علم المجلس

دول مجلس التعاون الخليجي



الباب الرابع: أهم القضايا التي نالت اهتماماً خاصاً من مجلس التعاون لدول الخليج العربية

المبحث الثالث

أهم القضايا التي نالت اهتماماً خاصاً من مجلس التعاون لدول الخليج العربية

    نالت عدد من القضايا المحلية والإقليمية والدولية، اهتماماً خاصاً من المجلس وتضافرت جهوده لحلها. ونذكر فيما يلي بعضاً منها:

أولاً: المسائل المحلية

1. تعيين أمين عام مجلس التعاون

    في الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر عام 1995، عُقدت القمة السادسة عشرة لدول مجلس التعاون في العاصمة العُمانية مسقط، وفيها اختير الأستاذ جميل إبراهيم الحجيلان، من المملكة العربية السعودية، أميناً عاماً لمجلس التعاون خلفاً لمعالي الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، الذي انتهت فترة عمله.

    اعترضت دولة قطر على تعيين الأستاذ الحجيلان، إلا أن قرار التعيين سار حسب ما اتُفق عليه، على أن يكون التناوب على منصب الأمين العام وفق التسلسل الأبجدي. وقد أدى ذلك إلى انسحاب الوفد القطريّ من الجلسة الختامية للقمة.

    وكانت دولة قطر تقدمت قبل ستة أشهر من انعقاد قمة مسقط بطلب للحصول على منصب الأمين العام. كما أن المملكة العربية السعودية تقدمت بمرشحها قبل شهر ونصف من القمة وفق التسلسل الأبجدي، الذي اتُفق عليه في قمة أبو ظبي.

    وترى دولة قطر أن تعيين الأمين العام من المسائل الإجرائية التي تتطلب الإجماع. وقد أدى بها هذا الموقف إلى مقاطعة كل اجتماع لدول الخليج، أو إعلان دمشق، يحضره جميل الحجيلان أمين عام مجلس التعاون الجديد.

    وأصدر أمير دولة قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بياناً أوضح فيه الظروف والملابسات التي أدت إلى انسحاب الوفد القطري من الجلسة الختامية للدورة السادسة عشرة للمجلس الأعلى في مسقط. وجاء في البيان:

(1) إن قطر لا تعترض على المرشح الذي تقدمت به المملكة العربية السعودية، بل الاعتراض مُنْصَبُُ على قانونية التعيين بالأسلوب الذي اتبع، وقانونية القرار الذي صدر عن المجلس في هذا الخصوص.

(2) إن دولة قطر لم تتمسك بحل معين، أو بمرشح معين، فمن حق كل دولة الاعتراض على المرشح القطري، وكان من الممكن حلّ الموضوع بسحب المُرَشْحيَن، والتجديد للأمين العام الحالي، أو تفسير أحكام النظام الأساسي المتعلقة بالتصويت من قبل هيئة المنازعات، وفقاً لذلك النظام، أو الاتفاق على أي حلّ أخوي آخر يراه المجلس.

    وبعد اتصالات تولتها سلطنة عُمان لحلّ المسألة، أنتهي الخلاف العارض حول منصب الأمين العام.

    وفي 25 مارس 1996، استقبل الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، الأستاذ جميل الحجيلان، الأمين العام الجديد لمجلس التعاون، وهنأه على ثقة دول مجلس التعاون. كما استقبله الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري، وتمنى له التوفيق في مهام عمله.

2. ظاهرة التطرف والعنف والإرهاب

    حرص مجلس التعاون منذ إنشائه على مواجهة ظاهرة التطرف والغلو، التي تؤدي إلى ممارسات العنف والشغب والإرهاب. وأكد المجلس في اجتماعاته رفضه التام وإدانته لهذه الممارسات بكل أشكالها، ودوافعها ومنظماتها. ودعا إلى مواجهة هذه الظواهر باعتبارها بعيدة عن روح الدين الإسلامي الحنيف، وتتناقص مع شريعته السمحة.

    وكانت طائرة كويتية قد تعرضت للاختطاف في 4 ديسمبر 1984، بعد إقلاعها من مطار الكويت متجهة إلى كراتشي عبر دبي، وعلى متنها مائة وخمسون راكباً وأحد عشر ملاحاً. وأجبرت الطائرة على التوجه إلى مطار طهران بإيران، فبادرت دول المجلس إعلان تضامنها مع الكويت، واستنكرت مثل هذه الأعمال الإرهابية. وجرت اتصالات على أعلى المستويات لتأمين سلامة الركاب، إلى أن تمكنت السلطات الإيرانية من اقتحام الطائرة وتخليص الرهائن، بعد أن قتل الخاطفون أربعة من الركاب. واستمر عملية الاختطاف ستة أيام.

    كما استنكرت دول المجلس الاعتداء، الذي تعرض له سمو أمير دولة الكويت، الشيخ جابر الأحمد الصباح، يوم 25 مايو 1985. وكانت سيارة ملغومة اعترضت موكب سموه، وهو في طريقه إلى مكتبه، ولكن سيارات المراسم تمكنت من اعتراض السيارة المعتدية، وحالت بينها وبين تحقيق هدفها الآثم.

    ففي الدورة الخامسة عشرة للمجلس الوزاري، التي عقدت في مدينة أبها السعودية، دان المجلس هذا العمل الإجرامي؛ وقرر أن تتولى الجهات المختصة تنسيق الجهود، للوقوف أمام هذه المحاولات.

    كما استنكرت دول المجلس ما شهدته الكويت من انفجارات وحرائق، في اليوم الثاني عشر من يوليه 1985.

    كما شجب المجلس الوزاري في دورته الثالثة والعشرين ما تعرضت له دولة الكويت من أعمال إرهاب وتخريب. وأكد المجلس وقوفه مع دولة الكويت وتأييدها في الإجراءات التي تتخذها للحفاظ على أمنها واستقرارها.

    وفي الثاني عشر من سبتمبر 1987، ناقش المجلس الوزاري ما تعرض له الحرم المكي الشريف والبقاع المقدسة خلال موسوم حج 1407هـ، من أعمال شغب وفتنة أثارها الحجاج الإيرانيون. مما أحدث تهديداً لأمن حجاج بيت الله الحرام، وأسفر عن إزهاق أرواح بريئة، وإصابات فادحة تعرض لها ضيوف الرحمن.

    وأكد المجلس في بيانه الختامي إدانته لتلك الأعمال التي لا تتفق وروح الإسلام الحنيف الذي يدعو للمحبة والسلام.

    وفي الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر1987، أكد قادة دول المجلس في الدورة الثامنة للمجلس الأعلى في الرياض، إدانتهم لأحداث مكة المكرمة والفتنة التي أثارها الإيرانيون بجوار بيت الله الحرام، وما تعرضت له دولة الكويت من قصف بالصواريخ، واعتداءات إيرانية تستهدف أمنها واستقرارها؛ وما وقع من اعتداء إيراني على سفارتي دولة الكويت والمملكة العربية السعودية في طهران، وقصف ناقلات النفط والسفن التجارية المتجهة من مواني دول الخليج والقادمة إليها، في مياه الخليج، وما تمثله تلك الاعتداءات من خرق للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وإيماناً من المجلس الأعلى بضرورة إبعاد هذه المنطقة وشعوبها من تهديدات الحرب، وإحلال الوئام بين دولها، ورغبه في جعل منطقة الخليج بعيدة عن الصراعات الدولية، دعا المجلس إيران للالتزام بمبادئ حسن الجوار، والاحترام المتبادل بما يكفل إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة.

    وفي الفترة من 19 إلى 21 ديسمبر 1994، وفي الدورة الخامسة عشر للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون التي انعقدت في دولة البحرين ، لاحظ المجلس بقلق كبير ظاهرة التطرف والغلو، التي تؤدي إلى أعمال العنف والإرهاب. فأكد المجلس الأعلى رفضه التام وإدانته لهذه الممارسات بكل أشكالها ودوافعها ومنطلقاتها، ودعا إلى مواجهة هذه الظاهرة الهدامة لأنها بعيدة عن روح الإسلام، وتتنافى مع شريعته السمحة.

    كما دعا المجلس علماء المسلمين إلى توضيح قيم الإسلام الحنيف، ومبادئه القائمة على التسامح ونبذ العنف، ومواصلة اجتهادهم لتقديم الحلول الصحيحة والمناسبة لمشكلات العصر، وفق ما تقضي به مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.

    وفي هذا الإطار أكد المجلس ضرورة تعزيز الجهود الهادفة لإبراز الصورة الحقيقية والمشرفة للإسلام، وجوهر شريعته الخالدة الصالحة لكل زمان ومكان.

    وفي الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر 1995، وأثناء دورة المجلس الأعلى، السادسة عشرة التي عقدت في مسقط، بحث المجلس ظاهرة التطرف والعنف والإرهاب، ولاحظ بقلق عميق تزايد الميول المتطرفة، وأعمال العنف والإرهاب التي أصبحت تشكل هاجساً عالمياً. وشجب المجلس أعمال الإرهاب بكافة أنواعها وأشكالها، الرامية إلى إشاعة الفوضى والخوف والتوتر وإزهاق أرواح الأبرياء، معبراً عن رفضه الشديد لهذه الظاهرة، التي تتعارض بشكل قاطع مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وأن الإسلام منها براء.

    وأكد المجلس وقوف دوله إلى جانب البحرين وتكاتفه معها وتأييده الكامل للإجراءات التي تتخذها لتثبيت الأمن والاستقرار فيها، انطلاقاً من مبدأ وحدة المصير المشترك لدول المجلس، وشمولية أمنها.

    وكذلك دان المجلس الأعلى بشدة العمل الإجرامي الآثم الذي وقع في مدينة الرياض، وأودي بحياة نفوس بريئة، كما أوقع العديد من الجرحى وروّع الآمنين.

    وقد أكد البيان الختامي استنكاره لهذه الأعمال الإجرامية، التي تريد النيل من الإنجازات الكبيرة للمملكة. وشدد البيان على ضرورة تكثيف الاتصالات بين الدول الأعضاء، مؤكداً حرصه وإصراره على بذل كافة الجهود لمواجهة هذه الممارسات الإرهابية الهدامة، من خلال تعزيز التنسيق والتعاون بين مختلف الأجهزة الأمنية والإعلامية والتعليمية لحماية المجتمع الخليجي من تأثيرات تلك الظواهر الداخلية، ووضع الخطط والاستراتيجيات المشتركة لمواجهتها وإفشال خططها التآمرية.

    وفي الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر 1996، وأثناء انعقاد الدورة السابعة عشرة للمجلس الأعلى في دولة قطر، دان المجلس الأعمال الإرهابية الآثمة التي وقعت في مدينة الخُبر، في المملكة العربية السعودية، وأودت بحياة نفوس بريئة آمنة، وخلفت عدداً من الجرحى وروعّت الآمنين. وأكد المجلس الأعلى وقوفه مع المملكة العربية السعودية في كافة إجراءاتها، التي تحقق أمنها واستقرارها.

    كما أكد المجلس استنكاره لمثل هذه الظواهر، ورفضه القاطع لكافة أشكال العنف والإرهاب، خاصة تلك التي تضر بأمن المنطقة واستقرارها. ودعا المجتمع الدولي إلى تنسيق جهوده لوقف مثل هذه الأعمال، وضمان مثول مرتكبيها أمام العدالة، حتى لا تستغل العناصر المتطرفة الإرهابية أراضي دولة أخرى لأغراض الحصول على التمويل أو التزود بالسلاح، أو إتاحة الفرصة لمثل هذه العناصر في وسائل الإعلام، للتحريض على أعمال العنف والإرهاب.

ثانياً: المسائل الإقليمية وعلاقات الجوار

1. الخلاف بين سلطنة عُمان وجمهورية اليمن الديمقراطية

    تنفيذاً لرغبة دول مجلس التعاون في تحقيق المصالحة، بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وسلطنة عُمان، وإزالة أسباب التوتر في العلاقات بين البلدين، بدأت اجتماعات المصالحة بين البلدين في الكويت في 25 أكتوبر 1982 برعاية من دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة. وقد استهدفت هذه الاجتماعات تنقية جو العلاقات بين البلدين، ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة، وإزالة الخلافات بينهما حول قضايا الحدود والوجود الأجنبي في المنطقة.

    وكُللت الاجتماعات بالتوصل إلى اتفاق إعلان مبادئ، حول تطبيع العلاقات بين البلدين. وقد وقع الاتفاق عن الجانب اليمني وزير الخارجية، الدكتور "عبدالعزيز الدالي"، وعن سلطنة عُمان وزير الدولة للشؤون الخارجية السيد "يوسف العلوي" كما وقع الاتفاقية عن الكويت نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية والإعلام الشيخ صباح الأحمد، وعن دولة الإمارات وكيل وزارة الخارجية السيد عبدالرحمن الجروان.

    وفي يوم الاثنين 15 نوفمبر 1982، ثم إعلان النص الكامل لاتفاق تطبيع العلاقات في كل من عدن ومسقط، عقب التصديق النهائي علية من حكومتي البلدين.

    وتنفيذاً لاتفاق المبادئ، الذي تم توقيعه في دولة الكويت، وصادقت عليه القيادتان السياسية في كل من مسقط وعدن، عقدت اللجنة الفنية لترسيم الحدود بين سلطنة عُمان وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية اجتماعها الأول في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، في الفترة من 25 إلى 27 يناير 1983، بحضور وفدى دولة الكويت والإمارات العربية المتحدة.

    وأكد البيان الختامي لأعمال اللجنة حرص البلدين على تطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه، وتسوية كافة الخلافات، وبصورة خاصة تلك المتعلقة بموضوع الحدود بين الجارين الشقيقين.

    أصبحت الاتفاقية سارية المفعول عملياً عندما صادق عليها مجلس الشعب الأعلى "البرلمان" في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، خلال اجتماع طارئ في 6 نوفمبر 1982، أصدر عقبه تكليفاً لهيئة الرئاسة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بهذا الخصوص. وكذلك عندما اعتمدتها الحكومة العُمانية، ونُشرتها في منتصف نوفمبر 1982.

    وهكذا تكللت جهود المبعوثين، الذين جاءت مهمتهم بتكليف من مجلس التعاون، بتحقيق تقدم ملموس في سبيل إنهاء نزاع، أدى لسنوات عديدة إلى صدامات عسكرية مسلحة.

2. طلب اليمن الانضمام إلى مجلس التعاون

    تقدمت اليمن بطلب للانضمام لمجلس التعاون، وحمل السيد أحمد عبدالله القاسم، وزير الشؤون القانونية وشؤون مجلس النواب اليمني، في 7 ديسمبر 1996، رسالة من الرئيس اليمني، على عبدالله صالح، إلى سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، تتضمن طلباً رسمياً من اليمن للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي.

    وقد جرت محادثات مع بعض قادة دول المجلس قبل تقديم طلب اليمن إلى المجلس. وذكرت المصادر اليمنية أن الأمر وجد ترحيباً من قطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان.

    ويرى اليمنيون أن بلدهم يحتل موقعاً أساسياً مهماً في منطقة شبة الجزيرة والخليج العربي، وأنه يمثل بحكم هذا الموقع جزءاً أساسياً، وعمقاً استراتيجياً لا يمكن تجاهله في هذه المنطقة، والمكان الطبيعي لليمن أن يكون ضمن دول مجلس التعاون، خاصة بعد أن تحققت وحدة شطري اليمن في يوليه 1994.

    عُرض طلب اليمن على القمة السابعة عشرة التي عقدت في الدوحة، في ديسمبر 1996. إلا أن الطلب لم يحظ بالقبول، وتسلّم الرئيس اليمني على عبد الله صالح في الثالث من فبراير 1997 رد قادة دول مجلس التعاون، في رسالة تلقاها من الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، حملها الشيخ محمد بن خالد آل ثاني وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في دولة قطر.

3. العلاقات مع إيران وقضية احتلالها للجزر الإماراتية

    بدأت أعمال الدورة الثالثة عشرة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون في أبو ظبي، في الحادي والعشرين من ديسمبر 1992. وفي تلك الدورة استمع المجلس إلى شرح من صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس تلك الدورة، حول الإجراءات التي اتخذتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في جزيرة أبو موسى، واستمرار احتلال إيران لجزيرتي طنب الكبرى، وطنب الصغرى. واستنكر الشيخ زايد تلك الإجراءات واستمرار الاحتلال، لما يمثله من انتهاك لسيادة ووحدة أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة، وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.

    وفي البيان الختامي للدورة، عبر المجلس عن أسفه الشديد وقلقه البالغ للإجراءات الإيرانية غير المبررة، لما فيها من إخلال بالرغبة المعلنة لتطوير العلاقات بين الجانبين. وطالب إيران بإلغاء كافة الإجراءات التي اتخذتها في جزيرة أبو موسى، وإنهاء احتلالها لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى التابعتين لدولة الإمارات العربية المتحدة.

    كما أكد المجلس الأعلى تضامنه التام وتأييده المطلق لموقف الإمارات العربية المتحدة، ودعمه كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تراها مناسبة لاستعادة سيادتها على جزرها الثلاث، استناداً إلى الشرعية الدولية، وانطلاقاً من مبدأ الأمن الجماعي.

    كما استمع المجلس الأعلى إلى شرح مفصل في اجتماعات الدورة الرابعة عشرة للمجلس الأعلى في الفترة من 20 إلى 22 ديسمبر 1993 في العاصمة السعودية الرياض من رئيس دولة الإمارات العربية حول النزاع القائم بينهم وإيران في شأن الجزر الثلاث.

    وفي ختام الدورة دعا المجلس الأعلى، الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الاستجابة لدعوة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الداعية إلى إجراء حوار مباشر مع إيران، فيما يتعلق باحتلالها للجزر الثلاث.

    كما رحب المجلس بالبيان الصادر عن الحكومة الإيرانية، والمتعلق بالنزاع القائم بين إيران ودولة الإمارات، حول الجزر الثلاث. ويأمل المجلس أن يكون ذلك مؤشراً لإلغاء كافة الإجراءات الإيرانية في جزيرة أبو موسى، وإنهاء احتلالها لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى.

    وفي الدورة الخامسة عشرة للمجلس الأعلى، التي عقدت في دولة البحرين في الفترة من 21 إلى 19 ديسمبر1994، استعرض المجلس مستجدات العلاقات بين دول المجلس وجمهورية إيران الإسلامية، مؤكداً موقف دول المجلس الداعي إلى الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، وإرساء علاقات جوار طبيعية تقوم على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ونبذ استخدام القوة، أو التهديد بها، وحل الخلافات بالطرق السلمية.

    وانطلاقاً من هذه المبادئ، ناشدت دول المجلس إيران الاستجابة لدعوة دولة الإمارات العربية المتحدة لحل قضية احتلال الجزر بالطرق السلمية.

    ودعا المجلس إيران إلى القبول بإحالة الخلاف إلى محكمة العدل الدولية، باعتبارها الجهة المختصة بحل النزاعات بين الدول.

    وفي الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر1995، عُقدت الدورة السادسة عشرة للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون، في العاصمة العُمانية مسقط. وقد تدارس المجلس مستجدات العلاقات بين دول مجلس التعاون وجمهورية إيران الإسلامية، وقضية احتلالها للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة. وعبَّر عن أسفه البالغ لعدم تجاوبها مع الدعوات المتكررة والصادقة من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة للتوصل إلى حل سلمي لهذه القضية.

    كما عبر المجلس عن قلقة من مواصلة الحكومة الإيرانية اتخاذ إجراءات ترمي إلى تكريس احتلالها للجزر الثلاث، بما يمثل انتهاكاً لسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، ويتنافى مع مبادئ القانون الدولي وميثاق المؤتمر الإسلامي، ومبادئ حسن الجوار واحترام سيادة أراضي دول المنطقة ووحدتها.

    وجدد المجلس موقفه الثابت بدعم دولة الإمارات العربية المتحدة ومساندتها، وتأكيد سيادتها على جزرها طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى. ودعا إيران إلى القبول بإحالة الخلاف إلى محكمة العدل الدولية.

    كما بحث المجلس الأعلى في دورته السابعة عشرة، التي عقدت في الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر 1996 في العاصمة القطرية الدوحة، قضية الجزر المحتلة، واستمرار إيران في تنفيذ اجراءاتها الاستفزازية في الجزر الثلاث.

    وعبر المجلس مرة أخرى عن استنكاره لتلك الإجراءات المتتالية في الجزر التابعة لدولة الإمارات. وجدد المجلس الأعلى تأكيده على سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث. وكرر الدعوة للحكومة الإيرانية إلى إنهاء احتلالها للجزر الثلاث، والكف عن ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة، والتوقف عن تنفيذ أي إجراءات واتباع الوسائل السلمية لحل النزاع وفقاً لمبادئ القانون الدولي وقواعده، بما في ذلك القبول بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية.

    كما بحث المجلس الأعلى مستجدات العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، انطلاقاً من موقفه الثابت المرتكز على أهمية إرساء العلاقات على حسن الجوار والالتزام بمبادئ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ونبذ استخدام القوة، أو التهديد بها، وحلّ الخلافات بالطرق السلمية، وفق مبادئ القانون الدولي، وضرورة العمل على الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.

    وفي هذه السياق عبّر المجلس عن قلقة الشديد من نشر إيران بنشر صواريخ أرض ـ أرض في الخليج العربي، بما في ذلك نشرها لصواريخ على الجزر الثلاث المحتلة. كما أبدى المجلس قلقه من سعي إيران المتواصل لاقتناء ترسانات من أسلحة الدمار الشامل، وبناء قدرات تسليحية تقليدية وغير تقليدية تفوق الحاجات الدفاعية المشروعة. وجدد المجلس الأعلى دعوته للمجتمع الدولي، والهيئات الدولية ذات العلاقة، لبذل الجهود الفاعلة لجعل منطقة الخليج، لأهميتها الاستراتيجية العالمية، خالية من أسلحة الدمار الشامل.

4. الحرب العراقية الإيرانية

    نشبت الحرب بين العراق وإيران في سبتمبر 1980؛ بسبب مشكلات الحدود، ومساندة إيران لثورة الأكراد، ومحاولاتها إثارة الثورة بين السكان الشيعة في العراق.

    وكان الرئيس العراقي صدام حسين قد أبرم اتفاقاً مع شاه إيران، محمد رضا بهلوي عام 1975 في الجزائر، اتفقا فيه على مناصفة شط العرب بين الدولتين؛ مقابل كف إيران عن مساعدتها للأكراد. وبالفعل توقفت الثورة نهائياً.

    لكن الرئيس صدام حسين ألغى ذلك الاتفاق بعد سقوط شاه إيران، وقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكان ذلك سبباً في نشوب الحرب بين الدولتين.

    دامت الحرب ثماني سنوات، وذهب ضحيتها مئات الآلاف من الطرفين، كما دمرت منشآت اقتصادية مهمة في كلا البلدين، وعوقت حركة التجارة عن طريق الخليج العربي.

    وحرصاً من مجلس التعاون على تخفيف حدة التوتر، وحل الخلافات وتنقية الأجواء، وتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، أولى المجلس اهتماماً كثيراً وبذل جهوداً مثمرة لإرساء السلام بين العراق وإيران، وإنهاء الحرب بينهما. وقد شاركت دول مجلس التعاون مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية في إيقاف نزيف الحرب.

    وهذا الجهد بدأ مع انطلاق الرصاصة الأولى في هذه الحرب، التي تزامنت مع إعلان إنشاء مجلس التعاون. ومنذ ذلك الحين ظلت الحرب العراقية الإيرانية بنداً أساسياً على جدول أعمال القمة السنوية للمجلس، باعتبارها خطراً يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، ويعرقل جهود دولها في التنمية والتقدم.

    وقد تبنى مجلس التعاون الحرب العراقية الإيرانية منذ المؤتمر الأول لقادة دول المجلس، الذي عقد في  26 مايو 1981، في أبو ظبي.

    ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، تحدث فيه عن نتائج القمة الأولي، فأعرب سموه، عن أمله في نجاح المساعي المبذولة ـ آنذاك ـ لوقف إطلاق النار، وإيجاد تسوية بين البلدين.

    وخلال جولة السيد يعقوب بشارة، الأمين العام لمجلس التعاون، في دول المجلس عقب القمة الأولى، شرح الأسس التي ترتكز عليها الجهود الدبلوماسية للمجلس لوقف الحرب. وذكر في تصريح صحفي في 27 مايو 1981 أن دول المجلس تشكل العمود الفقري في اتصالات منظمة المؤتمر الإسلامي، التي لعبت دوراً أساسياً بين العراق وإيران؛ كما تشكل دافعاً أساساً ومعنوياً لاتصالات دول عدم الانحياز لوقف هذه الحرب، إلى جانب دور المجلس بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

    وفي أول دورة له في سبتمبر 1981، استعرض المجلس الوزاري لمجلس التعاون الوضع السياسي والأمني في منطقة الخليج على ضوء التطورات الخارجية. وجدد التأكيد على أن أمن الخليج واستقراره هما مسؤولية دوله وحدها. كما ناقش النزاع القائم بين العراق وإيران، وما ينتج عنه من تهديد لأمن المنطقة واستقرارها.

    وعبّر عن أمله في أن تتوج مساعي الدول الإسلامية، المنبثقة عن مؤتمر القمة الإسلامي بالنجاح. وأكد دعمه لهذه المساعي، واستعداده للمساهمة في كل ما يسهم في نجاحها.

    وعقد المجلس الوزاري مؤتمراً طارئاً ودورة استثنائية في فبراير ومايو من عام 1982، استعرض فيهما الجهود المبذولة على مستوى الدول الإسلامية، المستوى الدولي، لوقف الحرب. وأعلن تأييده لكافة المساعي المبذولة من المؤتمر الإسلامي، ودول عدم الانحياز، والأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي للنزاع.

    وفي 22 أكتوبر عام 1982، قدم عدد من ممثلي دول مجلس التعاون في الأمم المتحدة مشروع قرار، بالتضامن مع عدد من الدول العربية، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري للقتال، وانسحاب القوات إلى الحدود الدولية، مع البدء في إجراءات تسوية سلمية للنزاع على أساس مبادئ القانون الدولي. كما دعا المجلس السكرتير العام للأمم المتحدة لمواصلة جهوده والتشاور مع الأطراف المعنية، بهدف إقرار تسوية سلمية للنزاع.

    وفي 3 مارس 1983، عقد المجلس الوزاري اجتماعاً بمقر الأمانة العامة في الرياض، تلاه اجتماع أخر في 9 مايو في مدينة المنامة في البحرين، لاستعراض تطورات الحرب العراقية الإيرانية. وأسفر الاجتماع الأخير عن تشكيل وفد مشترك يضم الشيخ صباح الأحمد، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي، والسيد راشد عبدالله، وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات، لزيارة كل من طهران، وبغداد، لبحث إمكانية الوصول إلى تسوية سلمية للنزاع، وإيجاد مخرج للخلافات بين البلدين.

    وزارت اللجنة إيران والعراق، واجتمعت بالمسؤولين، وعرضت على الجانبين وجهة نظر دول مجلس التعاون في كيفية وضع حدّ للنزاع المسلح بينهما.

    وعقد المجلس الوزاري اجتماعاً يومي 18 و19 مايو للاستماع إلى تقرير من اللجنة، عن نتائج مهمتها في كل من طهران وبغداد.

    وأعلن السيد إبراهيم الصبحي، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية لمجلس التعاون، في تصريح نشر في مجلة النهار اللبنانية في شهر مايو 1983، أن هناك ست مبادرات قدمتها الدول الأعضاء في المجلس، وأن قادتها وجهوا رسائل إلى قادة الدول الخمس الكبرى، دائمة العضوية في مجلس الأمن، للعمل على إنهاء الحرب العراقية الإيرانية. وقال إن ذلك تم بقرار من مجلس التعاون. وبعد مشاورات أثمرت جهود مجلس التعاون على الصعيد الدولي، في صدور قرار من مجلس الأمن في 31 أكتوبر.

    أعرب المجلس الأعلى لدول المجلس في دورته الرابعة، التي عقدت بالدوحة في نوفمبر 1984، عن تأييد المجلس لهذا القرار الذي يدعو إلى وقف جميع العمليات العسكرية في الخليج، وعدم التعرض للمدن والمنشآت الاقتصادية، والوقف الفوري لجميع الأعمال العدائية في منطقة الخليج بما في ذلك الممرات البحرية والطرق المائية.

    وبعث الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير قطر، ورئيس الدورة الرابعة للمجلس الأعلى، رسالة إلى سكرتير عام الأمم المتحدة، أكد فيها دعم دول مجلس التعاون لقرار مجلس الأمن الرقم 540 حول الحرب العراقية الإيرانية، واستعدادها للتعاون مع الأمم المتحدة من أجل تنفيذه. وحث السكرتير العام لمجلس الأمن على اتخاذ الخطوات الفعّالة اللازمة لوضع القرار موضع التنفيذ، وبذل قصارى جهده لإنهاء تلك الحرب.

    شهدت بداية عام 1984 تصعيداً خطيراً لرقعة الحرب خارج ساحة القتال، أمتد إلى الناقلات العابرة للخليج، كما تعرضت الكويت والمملكة العربية السعودية لعدة حوادث. واستجابة لهذا الوضع كُثف النشاط السياسي لمجلس التعاون، وعقد المجلس الوزاري عدداً من الاجتماعات الطارئة، إضافة إلى الدورات العادية. وتركزت كل هذه الاجتماعات حول تطويق آثار الحرب، والوصول إلى وقف نهائي لها.

    قرر المجلس الوزاري في اجتماعه الاستثنائي في شهر مايو 1984، في الرياض، طرح موضوع تعريض أمن دول مجلس التعاون للخطر على الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، الذي عقد بتونس في 19 مايو. واتخذ الوزراء قرارات تؤيد موقف دول المجلس من الحرب، وأكدت تضامن الدول العربية معها في هذه الموقف. كما قدمت دول المجلس شكوى إلى مجلس الأمن حول الاعتداءات على ناقلات النفط الكويتية والسعودية. وتقدمت بمشروع قرار تبناه مجلس الأمن وصدر به قراره في أول مايو 1984، الذي أكد حق الملاحة الحرة في المياه الإقليمية والممرات المائية للملاحة من وإلى جميع مواني الدول الساحلية التي ليست طرفاً في أي اشتباكات.

    وعلى الرغم من صدور قرار مجلس الأمن شهدت الحرب العراقية ـ الإيرانية في سنتها الخامسة تصعيداً؛ أسفر عن إفرازات خطيرة. ومرت الحرب مع دخولها عامها السادس بجولات مهمة تعتبر علامات بارزة في مسيرة النزاع، بدأت بمسلسل ضرب الناقلات، واحتجاز السفن في مضيق هرمز، ثم حرب المدن التي بدأت مع أواخر عام 1984، ثم تصاعدت خلال عام 1985.

    وفي هذه الأثناء لم تتوقف مساعي دول مجلس التعاون والدول الإسلامية والمبادرات الدولية لوقف الحرب، خاصة مع إعلان العراق المستمر الاستعداد لوقف العمليات الحربية، فور صدور أي مبادرة سلمية من الجانب الإيراني لوضع حد للنزاع عن طريق المفاوضات. وتواصلت الجهود على مستوى الأمانة العامة للمجلس والدول الأعضاء من جهة، وعلى المستويات العربية والإسلامية والدولية من جهة أخرى.

    فعلى مستوى المجلس أعلن البيان الختامي للدورة الخامسة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، الذي صدر في الكويت في 28 نوفمبر 1984، أن المجلس تدارس الوضع في المنطقة وخطورة استمرار الحرب العراقية ـ الإيرانية على استقرار المنطقة وأمنها. كما تدارس تطورات الاتصالات والمساعي، التي تبذل لوضع حد للحرب التي استنفذت طاقات البلدين الجارين وشعبيهما المسلمين. وعبّر المجلس عن تأكيد دوله لمواصلة بذل الجهود لإيجاد حل سلمي، ودعم المساعي التي تبذلها الأمم المتحدة، ولجنة المساعي الحميدة المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة دول عدم الانحياز. وأكد المجلس أهمية المبادئ التي صدرت في قرار مجلس الأمن الرقم 552، الذي صدر في أول يونيه 1984، وفيه طالب المجتمع الدولي باحترام سلامة الملاحة في الممرات المائية لدول المجلس، والحرص على سلامتها الإقليمية.

    وعلى المستوى نفسه، وبناء على تكليف من قادة دول المجلس خلال مؤتمرهم، الذي عقد في الكويت، كلف المجلس الوزاري، عقب اختتام اجتماعاته في 19 مارس 1985، الشيخ صباح الأحمد، نائب رئيس الوزراء الكويتي، ووزير الخارجية، بالتوجه إلى كل من بغداد وطهران. كما زار الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، والشيخ صباح الأحمد الجزائر في إطار التحرك من أجل إنهاء الحرب، وحمل الوزيران خلال الزيارة رسائل من قادة دول المجلس تتعلق بالموقف في المنطقة.

    وفي الرياض عقد وزراء الإعلام بدول الخليج مؤتمرهم التاسع يوم 10 أبريل 1985. وفيه وجهوا نداءً دعوا فيه إلى وقف الحرب، وأكدوا في ندائهم تضامنهم الكامل مع العراق في المحافظة على سيادته وسلامة أراضيه ووحدة ترابه.

    وعلى المستوى الإسلامي واصلت دول المجلس تحركها مع الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، لحثها على استخدام نفوذها لدى الطرفين والدخول بكل ثقلها في جهود الوساطة بين العراق وإيران. ونتيجة لهذا التحرك أصدر مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الخامس عشر، الذي عقد في صنعاء، قراراً في ختام أعمال المؤتمر يوم 24 ديسمبر 1984 يدعو الطرفين إلى التعاون الكامل والمخلص مع لجنة المساعي الإسلامية الحميدة من أجل التوصل إلى وقف للحرب، وحل النزاع القائم بين البلدين على أساس عادل ومشرّف.

    كما ناشد المؤتمر الطرفين مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية واتفاقية جنيف حول أسرى الحرب وبروتوكول جنيف حول الأسلحة الكيماوية.

    وفي مدينة جدة السعودية عقدت لجنة المساعي الحميدة اجتماعاً في أول مايو 1985، برئاسة الرئيس الجامبي "داودا جاوارا" لبحث تطورات الحرب. وأصدرت بياناً في ختام اجتماعاتها أعلنت فيه قرارها بأن يواصل الرئيس "جاوارا" جهوده من أجل تحقيق تسوية سلمية عاجلة ومشرفة للحرب. كما أعربت اللجنة عن قلقها الشديد حول التصعيد الأخير الذي شهدته الحرب، واسفها الشديد لاستمرار الهجمات عبر الحدود، مما يهدد المنطقة والعالم الإسلامي بصورة عامة.

    وأعلنت اللجنة أنها توصلت إلى عدد من القرارات والاقتراحات الخاصة بإنهاء الحرب، يتم عرضها بالطرق الدبلوماسية على الطرفين في محاولة للتوصل إلى حل نهائي للمشكلة.

    كما أصدر السيد "شريف الدين بير زادة"، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، بياناً صحفياً في 4 يوليه 1985، أعرب فيه عن أسفه لتجدد الهجمات على الأهداف المدنية، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا الأبرياء، ودعا في بيانه البلدين المتحاربين إلى تطبيق قرارات المؤتمر الخامس عشر لوزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي، الذي عقد في صنعاء في شهر ديسمبر 1984، وقرارات اجتماعات لجنة المساعي الإسلامية الحميدة التي عقدت في جدة في مايو 1985.

    كما كان هناك تحرك على المستوى الدولي، تمثل في قيام "خافيير بيريز دي كويلار" الأمين العام للأمم المتحدة بزيارة للمنطقة. بدأها بزيارة سلطنة عُمان يوم 2 أبريل 1985. كما زار الرياض في اليوم نفسه، وزار الدوحة في يوم 6 أبريل، وبحث مع المسؤولين تطورات الحرب، وأشاد بجهود دول المجلس، وتعاونها مع الأمم المتحدة في حل بعض المشكلات في مختلف أنحاء العالم. ثم توجه "دي كويلار" إلى طهران حيث اجتمع مع الرئيس الإيراني "على خامئني" ووزير خارجيته "على أكبر ولايتي". ثم عاد إلى الدوحة يوم 8 أبريل، وغادرها إلى بغداد. وهناك اجتمع مع الرئيس صدام حسين حيث أطلعه على نتائج المساعي التي يقوم بها من أجل إحلال السلام بين العراق وإيران، على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

    وفي 11 أبريل عقد دي كويلار مؤتمراً صحفياً في نيويورك، أعلن فيه استعداده للعودة إلى طهران وبغداد لمواصلة جهوده في هذا الاتجاه، كما أكد ثقة بلدان الخليج في دور الأمم المتحدة، الأمر الذي يشجعه على المضي في جهوده.

    في 6 نوفمبر 1985، صدر البيان الختامي للقمة السادسة لمجلس التعاون، في مسقط، وفيه أكدت دول مجلس التعاون استعدادها للمضي قدماً في بذل الجهود من أجل إيقاف الحرب وإحلال السلام. وأكد البيان تمسك دول المجلس بقراريّ مجلس الأمن الدولي رقم 540 لعام 1983 ورقم 552 لعام 1984.

    وفي نطاق الاتصالات التي أجراها مجلس التعاون مع طرفي الحرب، زار السيد راشد عبدالله، وزير الدولة للشؤون الخارجية في دول الإمارات، طهران في ديسمبر 1985. وعقد خلال الزيارة لقاء بالسفراء العرب المعتمدين في إيران، حيث شرح الجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون لإنهاء هذه الحرب.

    ومواكبة للأحداث الجارية والمستجدة، على ساحة الحرب بين العراق وإيران، واصل المجلس الوزاري لمجلس التعاون في اجتماعاته الطارئة ودوراته العادية بحث الموقف، وتقييم نتائج المساعي المبذولة لوقف الحرب وتطويق آثارها المتزايدة في المنطقة. وقرر المجلس تكثيف اتصالاته مع الدول العربية وجميع دول العالم من أجل تكوين موقف عربي دولي، يسهم في إبعاد المنطقة عن مخاطر الصراع ويزيل عنها التوتر.

    وإثر انتهاء اجتماعات الدورة الثامنة عشرة للمجلس الوزاري، التي عقدت في الرياض في مارس1986، بعث الشيخ "صباح الأحمد" وزير الخارجية الكويتي رسالة إلى "خافيير بيريز دي كويلار" الأمين العام للأمم المتحدة، أعرب فيها عن القلق إزاء التصعيد الذي تمر به الحرب، وأكد أهمية استمرار الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لوقف الحرب. وشرح النتائج التي توصل إليها المجلس الوزاري في دورته الثامنة عشرة.

    وتنفيذاً لما تقرر في اجتماعات المجلس الوزاري، حول قيام دول مجلس التعاون بإجراء اتصالات مع مختلف دول العالم لشرح الموقف في منطقة الخليج وتوضيحه، اجتمع وكيل وزارة الخارجية الكويتي بسفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والمعتمدون لدى الكويت، وأكد الوزير الكويتي للسفراء أمل دول المجلس في أن تتخذ جميع الدول ما تراه مناسباً من إجراءات واتصالات تحول دون تفاقم الموقف، وتساعد في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة في ضوء قرار مجلس الأمن، والداعي إلى توفير السلام العادل والدائم.

    كما عقد المسؤول الكويتي اجتماعاً مماثلاً مع سفراء دول المجموعات الأوروبية والأسيوية والأفريقية، والأمريكية اللاتينية.

    وفي مايو 1986 عقد المجلس الوزاري دورته التاسعة عشرة في مدينة الطائف السعودية، وفيها ناقش تطورات الحرب العراقية والإيرانية، وسجل أسفه من عدم إحراز أي تقدم في المساعي الحميدة التي بذلها مجلس التعاون، جهات أخرى كثيرة.

    وفي البيان الختامي أكد المجلس تصميمه على دعم الجهود من أجل إيجاد حل سلمي بين الدولتين المسلمتين. واستنكر البيان قراري مجلس الأمن الرقم 540 لعام 1982، والرقم 522 لعام 1984 اللذين عبرا عن موقف المجتمع الدولي من حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية، وحرية مرور السفن التجارية بين دول المجلس وإليها؛ ليؤكد مجدداً إدراكه لمسؤولياته في الدفاع عن حقوق الدول الأعضاء المشروعة في تأمين حرية ملاحتها.

    وواصل المجلس الوزاري في دورته العشرين، التي عقدت في الطائف في أغسطس 1986، مناقشة الحرب الإيرانية ـ العراقية وتطوراتها مستذكراً مواقفه السابقة، مؤكداً تصميمه على دعم كافة الجهود المبذولة من أجل حلّ سلمي يقوم على أسس حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام سيادة جميع دول المنطقة وأمنها.

    ورحب بالموقف الإيجابي الذي تمثل في مقترحات العراق الأخيرة، ولاحظ في الوقت نفسه، بأسف بالغ، تصاعد التهديدات الموجهة ضد أمن بعض الدول الأعضاء وسيادتها؛ مؤكداً من جديد، دعمه الجماعي لأي دولة من دوله الأعضاء قد تتعرض للتهديد.

    ومضي مجلس التعاون، في الدورة السابعة للمجلس الأعلى، التي عقدت في أبو ظبي في الفترة من 2 إلى 5 نوفمبر 1986، ليؤكد المواقف الثابتة التي اختطها منذ بداية الحرب. فتدارس في تلك القمة تطورات الحرب، وما أتت به من دمار على الشعبين المسلمين، ومخاطرها على أمن المنطقة واستقرارها، وأكد تمسكه بقراري مجلس الأمن رقم 582 و588 لعام 1986 اللذين يدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار، وسحب القوات إلى الحدود الدولية، والسعي للتوصل إلى حلّ للنزاع بالطرق السلمية.

    وفي أعقاب قمة أبو ظبي بعث السيد راشد عبدالله، وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات، برسالة إلى السيد طارق عزيز، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراق، أطلعه فيها على نتائج القمة وتوصياتها فيما يتعلق بالحرب العراقية ـ الإيرانية.

    كما حمل السيد "راشد عبدالله"، السيد "مصطفى فومني حائري"، السفير الإيراني في أبو ظبي، رسالة شفوية إلى الدكتور "على أكبر ولايتي"، وزير الخارجية الإيراني، حول موقف دول مجلس التعاون، وجهودها الرامية إلى وقف الحرب.

    كما أبلغت دولة الإمارات العربية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بوجهة نظر دول مجلس التعاون حول الحرب العراقية ـ الإيرانية، وحرية الملاحة الدولية بالخليج، وكذلك حرية الملاحة من وإلى دول المجلس.

    وفي يوليه 1987، حققت جهود ومساعي إيقاف الحرب العراقية ـ الإيرانية، خطوة واسعة إلى الأمام بصدور قرار مجلس الأمن الرقم 598. ومع صدور هذا القرار وضعت دول مجلس التعاون كل ثقلها في خدمة الجهود الرامية إلى تطبيقه، وحشدت كل إمكاناتها السياسية للتحرك في مختلف المحافل لوضع القرار موضع التنفيذ.

    في فبراير 1988، وبتكليف من المجلس الأعلى زار وزير الخارجية السعودي، واشنطن، حيث بحث مع الرئيس "ريجان، والمسؤولين الأمريكيين، السبل الكفيلة بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي، الخاص بوقف الحرب العراقية ـ الإيرانية. كما زار الوزير السعودي في أوائل الشهر نفسه موسكو للغرض نفسه.

    في ظهر 18 يوليو 1988، أعلنت إيران قبولها لقرار مجلس الأمن الرقم 598، بعد عام من صدوره. وعمّ المنطقة ارتياح شديد بعد طول معاناة من الحرب وآثارها ومخاطر امتدادها. وأصدرت دول المجلس بيانات ترحب بهذه الخطوة، باعتبارها نقطة تحول مهمة نحو إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.

    وقد جاء رد الفعل العراقي تجاه قبول إيران القرار، فيما أعلنه السيد "طارق عزيز" نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، من أن العراق يتعامل مع الموقف الإيراني الجديد بروح عالية من المسؤولية تجاه قضية السلام. ولكن طالب المجتمع الدولي أن يتأكد من وضوح موقف إيران وعزمها على تطبيق القرار وفق تسلسل فقراته العامة وبحسن نية.

    وفي 6 أغسطس 1988، تمت إزالة كافة العقبات عن طريق عملية السلام، بإعلان العراق استعداده لوقف فوري لإطلاق النار، مقابل إعلان إيران رسمياً وبوضوح قبولها للمفاوضات المباشرة. كما أعلنت إيران في الوقت نفسه موافقتها على الدخول في مفاوضات مباشرة مع العراق، بعد وقف إطلاق النار في إطار القرار الرقم 598.

    وبناء على ذلك أصدر مجلس الأمن في 8 أغسطس، قرار وقف إطلاق النار بين العراق وإيران اعتباراً من الساعة السادسة والنصف من صباح 20 أغسطس 1988. وتوقف إطلاق النار نهائياً منذ ذلك التاريخ وساد الهدوء جبهات القتال لأول مرة منذ ثماني سنوات.

    على أن تبدأ المرحلة الأولى من المفاوضات المباشرة بين العراق وإيران في جنيف يوم 25 أغسطس1988، بأشراف الأمين العام للأمم المتحدة.