إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / مجلس التعاون العربي





الهيكل التنظيمي




الفصل الثاني

رابعاً: مجلس التعاون العربي بعد غزو الكويت

1. محاولات مصر لاحتواء الأزمة

أ. دور مصر في احتواء الأزمة، قبل الغزو 

    دعت مصر فور نشوب الأزمة، إلى تسوية الخلافات العربية بالحوار الأخوي الهادف، البعيد عن جو الإثارة والتوتر. وكانت مصر من أكثر الدول العربية نشاطاً، في العمل على تطويق الأزمة، ومنع تصعيدها من خلال الأساليب الدبلوماسية، وفي الإطار العربي. وكانت التحركات الدبلوماسية المصرية تجاه الأزمة، كالآتي:

(1) وجهت النداءات إلى الأطراف المعنية في الأزمة، بضرورة البحث عن السبل السلمية لتسويتها.

(2) أعطت تفسيرات مهدئة للمواقف، التي قد تنذر بتصعيد الموقف، وأبرز مثال على ذلك تفسير الحشود العراقية على الحدود الكويتية، بأنها كانت موجودة قبل الأزمة.

(3) سعت إلى الحصول على ضمانات بعدم تصعيد الأزمة إلى المستوى العسكري، ويتمثل ذلك في الوعد الذي تلقاه الرئيس مبارك من الرئيس صدام، بعدم اللجوء إلى الحل العسكري.

(4) تقدمت بعدة مبادرات لحل الأزمة.

(5) قامت بجولات مكوكية بين الأطراف المعنية.

(6) شجعت الأطراف المعينة على الدخول في مباحثات مباشرة، وغير مباشرة، لتسوية النزاع بين الطرفين.

(7) حثت الأطراف الخارجية على عدم التدخل.

(8) حثت الأطراف على وقف الحملات الدعائية المتبادلة.

ب. الدور المصري بعد الغزو

تطور الدور المصري بعد الغزو كالآتي:

(1) رفض مصر للغزو العراقي للكويت، انطلاقاً من سياستها الرافضة لاستخدام القوة، وضياع شرعية دولة عربية.

(2) صدر بيان الخارجية المصرية في 3 أغسطس 1990، بعدم جدوى الاتصالات مع العراق.

(3) دعا الرئيس مبارك لعقد مؤتمر قمة عربية طارئة بالقاهرة، في 10 أغسطس 1990.

(4) حرص الرئيس مبارك على حضور الشيخ جابر الصباح، أمير الكويت، لمؤتمر القمة بالقاهرة، على الرغم من محاولات العراق منع حضوره.

(5) وافقت مصر على قرار القمة العربية، بإدانة الغزو العراقي للكويت.

(6) وافقت مصر على قرار مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية يوم 11 أغسطس 1990 في القاهرة، بإدانة العراق لغزوها للكويت.

(7) استجابت القيادة المصرية لطلب المملكة العربية السعودية، بإرسال قوات عسكرية مصرية.

(8) البث الإذاعي من القاهرة للإعلام الكويتي، لكي يعبر من خلاله، عن حجم الأزمة.

(9) الإبقاء على السفارة المصرية بالكويت.

(10) استمر الرئيس مبارك في توجيه نداءاته إلى الرئيس العراقي، بالرجوع عن قراره، والانسحاب من الكويت، والالتزام بالقرارات الدولية. وكان آخر نداء في 15 يناير 1990، وقبل بدء عملية عاصفة الصحراء بيوم واحد.

2. موقف الأردن واليمن من الأزمة

أ. موقف الأردن بعد الغزو 

    تأرجح موقف الأردن من الأزمة بين عدة اتجاهات، تارة في اتجاه التأييد الكامل للسياسة العراقية، وتارة أخرى في اتجاه البعد النسبي عن خط التأييد السافر للغزو العراقي. ويمكن إيجاز موقف الأردن من الأزمة في اتجاهين، هما:

(1) الاتجاه الأول: التأييد الكامل للعراق، ومهاجمة التدخل الأجنبي

(أ) فسرت الأردن الغزو العراقي للكويت، بأنه يهدف، إلى الحفاظ على ثروة بترول العرب، ومن أجل أن ترفع الأمة رأسها. كما أن هناك حاجة فعلية لتصحيح مسار الوطن العربي.

(ب) وصفت الأردن الغزو العراقي بأنه حدث يماثل حدث تأميم قناة السويس في مصر. وأصبح الوجود العراقي بالكويت حقيقة واقعة.

(ج) أعلن الملك حسين في 4 أغسطس 1990، أن الرئيس العراقي أراد حل المشاكل، سواء ما يتعلق بنزاع الحدود مع الكويت أو أسعار البترول.

(د) زار رئيس وزراء الأردن دمشق، لحث سورية على دعم الموقف العراقي.

(هـ) زار وفد برلماني أردني دمشق، لمناشدة الرئيس حافظ الأسد نصرة العراق، والوقوف في وجه الغزو الأجنبي المحتمل.

(و) أجرى الملك حسين اتصالات مع رؤساء بعض الدول العربية (مصر ـ سورية ـ ليبيا ـ قطر ـ البحرين ـ اليمن)، أسفرت عن الاتفاق لعقد قمة مصغرة في جده (وهي القمة التي لم تنعقد).

(2) الاتجاه الثاني: مهادنة العراق وإرضاء المجتمع الدولي

اعتباراً من 7 أغسطس 1990، كان الاتجاه الأردني كالآتي:

(أ) في 7 أغسطس 1990، أعلن رئيس وزراء الأردن (أن الأردن لن يعترف بالحكومة الكويتية المؤقتة، التي أعلن العراق تشكيلها في الكويت، لأن الاعتراف بها يتعارض مع الجهود، التي تبذلها الدول العربية لحل الأزمة).

(ب) في 8 أغسطس 1990، أعلن الملك حسين (أن الأردن لا يعترف بضم الكويت إلى العراق، وأنه ما زال يعترف بالنظام الأميري والحكومة، التي كانت قائمة قبل الغزو).

(ج) اتخذ الأردن موقف (التحفظ)، إزاء قرار مؤتمر القمة العربي الطارئ بالقاهرة في 10 أغسطس، بإدانة الغزو، والتأكيد على سيادة الكويت.

(د) في 11 أغسطس 1990، أكد الملك حسين أنه لن يرسل قوات لحماية السعودية، إلاّ إذا انسحبت الولايات المتحدة والدول الأجنبية الأخرى، من منطقة الخليج.

(هـ) أكد الملك حسين أن الأردن يدرس تنفيذ قرار المقاطعة، الذي أصدره مجلس الأمن ضد العراق، في 5 أغسطس 1990م.

(و) في 15 أغسطس 1990 أكد العاهل الأردني أن بلاده عضو في الأمم المتحدة، ويحترم واجباته إزاء هذه المنظمة، والتزامه بالعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة.

(ز) استمر العراق في استخدام ميناء العقبة، وخرق الحصار الدولي، وعلل العاهل الأردني ذلك بأن ميثاق الأمم المتحدة، يسمح للدول الأعضاء بتحديد موقفها بشأن تنفيذ الإجراءات، خلال 30 يوم.

(ح) أغلقت الأردن سفارتها في الكويت، في 24 أغسطس 1990.

(ط) زار العاهل الأردني بعض الدول العربية والأوربية، في الفترة من 25 أغسطس إلى 5 سبتمبر 1990، شملت عدد (11) دولة، لإجراء مباحثات مكثفة حول الآتي:

·  شرح وتبرير الموقف الأردني المؤيد للعراق، ومحاولة تخفيف حدة الضغط الدولي، الذي تتعرض له بلاده.

·  طرح مشروعات لتسوية الأزمة، وإبعاد شبح المواجهة العسكرية.

·  محاولة تشكيل جبهة دولية ضد التدخل الأجنبي، في المنطقة.

(ي) على الرغم من المساعي الأردنية لحل الأزمة، إلاّ أن مسار الأحداث قد تحول في اتجاه معاكس، حيث صدر قرار مجلس الأمن الرقم 665 في 25 أغسطس 1990، الذي تضمن الموافقة على استخدام (الإجراءات المناسبة لكل ظرف). وهو ما فُسّر على أنه تخويل باستخدام القوة، إذا لزم الأمر، لتنفيذ العقوبات الدولية المفروضة على العراق، لحمله على الانسحاب من الكويت.

ب. موقف اليمن بعد الغزو

(1) في 15 أغسطس 1990م أكدت القيادة اليمنية، على ضرورة سحب القوات العراقية من الأراضي الكويتية، ومعالجة كل القضايا بروح الأخوة والتفاهم، في إطار الأسرة العربية، بما يعزز التضامن العربي، والبعد بالمنطقة عن أي تدخلات أجنبية، وبما يكفل تعزيز الأمن القومي وحمايته من أي أخطار، أو تحديات، يفرضها أعداء الأمة العربية. وكان موقفها كالآتي:

(أ) أدانت اليمن الغزو العراقي، واستخدام العنف والقوة المسلحة، لحل المشاكل والمنازعات.

(ب) المطالبة بالانسحاب الفوري، دون شروط، للقوات العراقية من الكويت، وعودة الشرعية للبلاد.

(ج) رفض التدخل في الشؤون الداخلية لبلد آخر، واحترام قدسية الحدود السياسية.

(2) موقف اليمن المعاكس للقرارات الدولية

(أ) موقفها من التصويت، على قرار مجلس الأمن الدولي الرقم (660) تغيب وفد اليمن ولم يشارك في التصويت، على قرار الإدانة الصادر من مجلس الأمن في 2 أغسطس 1990.

(ب) الموقف اليمني في اجتماعات المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية في 2 أغسطس صوتت اليمن ضد قرار هذا المجلس، الذي يتضمن إدانة صريحة للعدوان العسكري العراقي على دولة الكويت، ورفض أي آثار مترتبة عليه، ومطالبة العراق بالانسحاب الفوري، وغير المشروط.

(ج) الموقف اليمني من قرار مجلس الأمن رقم (661) الصادر يوم 5 أغسطس أبدى الرئيس اليمني عدم رضاه على قرار مجلس الأمن، من خلال اتصاله التليفوني مع الرئيس الأمريكي جورج بوش، والرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران.

(د) الموقف اليمني من القمة العربية الطارئة (10 أغسطس 1990) امتنعت اليمن عن التصويت على قرارات القمة، في 10 أغسطس 1990.

(هـ)الموقف اليمني في مؤتمر وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي في 11 أغسطس حاولت اليمن إجراء تعديلات على بيان المؤتمر، بهدف إتاحة الفرصة لدور إسلامي بين طرفي النزاع، إلاّ أن المؤتمر رفض تلك التعديلات. وبذلك امتنعت اليمن عن التصويت، على هذا القرار.

3. موقف مصر من المجلس

أ. مجلس التعاون العربي بين البقاء والإلغاء

(1) رأت معظم أحزاب المعارضة المصرية، ضرورة استمرار هذا المجلس، على الرغم من إقدام العراق على انتهاك كل القوانين والمواثيق الدولية. كذلك، أيدت الأردن واليمن الاستمرار. بينما رأي الحزب الوطني الديموقراطي المصري، أن ليس هناك مبرراً لاستمرار المجلس، لأنه لم يؤد الغرض منه، ولم تلتزم بعض الدول المشاركة فيه بميثاقه، الذي يُحرّم الاعتداء على أي دولة عربية أخرى.

(2) وفي 24 مايو 1991 أعتبر الرئيس حسني مبارك، أن مجلس التعاون العربي، الذي يضم مصر، العراق، الأردن، اليمن، مجمداً نتيجة لأزمة الخليج.

(3) في 16 مايو 1991 عاد إلى القاهرة من عمان مقر إقامة المجلس الدكتور حلمي نمّر، الأمين العام لمجلس التعاون العربي، الذي تجمدت أعماله بسبب الاجتياح العراقي للكويت، وقد تولى هشام حسين توفيق (عراقي)، الأمين العام المساعد للمجلس، المسؤولية بدلاً من حلمي نمّر، حتى يتقرر مصير المجلس.

ب. انسحاب مصر من مجلس التعاون

(1) قدّم الرئيس المصري مشروع قانون إلى مجلس الشعب، في أول شهر فبراير 1994، يقضي بإلغاء موافقة مصر على اتفاقية تأسيس مجلس التعاون العربي، التي جرى التوقيع عليها في بغداد، في 16 فبراير 1989.

(2) وافق مجلس الشعب المصري، في جلسته بتاريخ 7 فبراير 1994، على القرار الجمهوري بإلغاء موافقة مصر، على اتفاق تأسيس مجلس التعاون العربي.

    إنّ لكل مرحلة سماتها ومستلزماتها ومتغيراتها، ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، الاحتكام إلى قواعد استاتيكية جامدة، في فهم طبيعة حركة الحياة والاقتصاد والمجتمع.

    وقد تأسس مجلس التعاون العربي، على أهداف معلنة، في وثيقة التأسيس. ولكن الحقيقة تخالف ذلك، وظهر ذلك واضحاً بعد غزو العراق الكويت، حيث كان الهدف الرئيسي وراء قيام المجلس هو تحييد الدور المصري عند غزو الكويت، لذلك أطلق الرئيس المصري على المجلس اسم (مجلس التآمر)، بدلاً من مجلس التعاون.

    إنّ الدروس المستفادة من هذه التجربة، عند القيام أي تجمع أو تعاون اقتصادي، بين مجموعة من الدول، داخل الإطار العربي، هي إخلاص النوايا، والعمل لمصلحة الشعوب من دون النظر إلى مكاسب، أو أطماع شخصية.