إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / الأمم المتحدة




مهام المراقبة في سيناء
أول اجتماع لمجلس الأمن
مؤتمر النقد والمالية
مؤتمر يالتا
مؤتمر ديمبرتون أوكس
مؤتمر سان فرانسيسكو
إنشاء مقر المنظمة
وودر ويلسون
آثار الألغام
آثار الألغام في أفغانستان
آثار الحرب العالمية الثانية
مجلس الأمن
ميثاق الأمم المتحدة
أحد أقاليم الوصاية
مدرسة المكفوفين بفلسطين
محكمة العدل الدولية
نيكيتا خروشوف
نزوح المدنيين من كوريا
نزوح المدنيين من كوسوفا
مساعدات المفوضية العليا
مساعدات برنامج الأغذية
مساعدة أطفال أفريقيا
مكافحة التصحر
مكتب المنظمة بجنيف
لغم أرضي
إعلان حقوق الإنسان
معاهدة فرساي
مقاومة الآفات الزراعية
مقر هيئة الأمم المتحدة
مقر محكمة العدل الدولية
مقر المنظمة في الأربعينيات
الأمم المتحدة في الصومال
الأمم المتحدة في العريش
الأمم المتحدة في جنوب سيناء
الأمم المتحدة في سيناء
الأمين العام في لبنان
اللاجئون في أفريقيا
المجلس الاستشاري المعماري
المجلس الاقتصادي والاجتماعي
المساعدات الطبية
المساعدات الغذائية
البرنامج التنموي
البرنامج في أفريقيا
التطهير العرقي في كوسوفا
الدورة الأولى
الجمعية العامة بنيويورك
الحد من انتشار الأوبئة
الرعاية الصحية للأطفال
القنبلة الذرية على هيروشيما
اجتماع مجلس الوصاية
اجتماع عصبة الأمم
توقيع ميثاق الأطلسي
بان كي – مون Ban Ki-moon
بحث عن الألغام في لبنان
بيريز دي كويلار
تريجف لي
تشجيع الفاو للمبيدات
تصريح الأمم المتحدة
بطرس غالي
حماية التربة من التآكل
يو ثانت
جون كينيدي
جائزة نوبل للسلام
داج همرشولد
حجر الأساس
حفظ السلام في قبرص
حقل ألغام أرضية
رفع مستوى الرعاية الصحية
زيارة همرشولد للكونغو
كورت فالدهايم
كوفي أنان
علم الأمم المتحدة
عيادة تنظيم الأسرة
فرانكلين روزفلت
فريق المنظمة في ناميبيا
قوات الحماية في يوغسلافيا





تقرير الأمين العام عن التقدم المحرز في تنفيذ الإعلان المتعلق بالفصل العنصري

تقرير الأمين العام عن التقدم المحرز في تنفيذ الإعلان المتعلق بالفصل العنصري
ونتائجه المدمرة في جنوب أفريقيا؛ ويتضمن بيانا أدلى به نيلسون مانديلا، نائب رئيس
المؤتمر الوطني الأفريقي، في اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري
في 22 حزيران/ يونيه 1990

1 تموز / يوليه 1990

A/44/960،

أولا- مقدمة

  1. اعتمدت الجمعية العامة في دورتها الاستثنائية السادسة عشرة في 14 كانون الأول/ ديسمبر 1989 الإعلان المتعلق بالفصل العنصري ونتائجه المدمرة في الجنوب الأفريقي (القرار د إ- 16/1) (المرفق السابع). وكان مما جاء في الإعلان تشجيعه لشعب جنوب أفريقيا على ضم صفوفه للتفاوض على إنهاء نظام الفصل العنصري والاتفاق على جميع التدابير اللازمة لتحويل بلده إلى مجتمع ديمقراطي غير عنصري. وعالج الإعلان المبادئ الأساسية لنظام دستوري جديد (الفقرة 3) ونص على كيفية تهيئة المناخ اللازم للمفاوضات (الفقرات 5-7)، ووضع المبادئ التوجيهية لعملية المفاوضات (الفقرة 8) وبرنامج عمل سعيا لتحقيق أهداف الإعلان (الفقرة 9).
  2. وطلبت الجمعية العامة من الأمين العام، في الفقرة 10 من الإعلان، أن يبعث بنسخ من هذا الإعلان إلى حكومة جنوب أفريقيا وإلى ممثلي شعب جنوب أفريقيا وأن يعد تقريرا عن التقدم المحرز في تنفيذ الإعلان وأن يقدمه إلى الجمعية في موعد لا يتجاوز 1 تموز/ يوليه 1990.
  3. وقبل اعتماد الجمعية للإعلان، وجه وزير خارجية جمهورية جنوب أفريقيا، في 7 كانون الأول/ ديسمبر 1989، رسالة إلى الأمين العام عرض فيها موقف حكومة جنوب أفريقيا إزاء مشروع الإعلان الذي كان قيد النظر في ذلك الوقت (المرفق الثالث).
  4. وعملا بالفقرة 10 من الإعلان، بعث الأمين العام شخصيا في 12 كانون الثاني/ يناير 1990 إلى الممثل الدائم لجنوب أفريقيا لدى الأمم المتحدة نسخة من الإعلان. وبعث أيضا نسختين من الإعلان إلى المراقبين الدائمين عن المؤتمر الوطني الأفريقي ومؤتمر الوحدويين الأفريقيين لآزانيا في 7 شباط/ فبراير 1990. وبالإضافة إلى ذلك، أحيل نص الإعلان إلى الممثلين الدائمين للدول الأعضاء بمذكرة شفوية مؤرخة 7 آذار/ مارس 1990 تطلب منهم توجيه نظر حكوماتهم إلى الإعلان وتزويد الأمين العام بمعلومات بشأن الإجراءات التي اتخذتها حكوماتهم فيما يتعلق بأحكام الإعلان التي تخصها.  وترد الردود التي وصلت حتى اليوم من الدول الأعضاء في المرفق الثاني لهذا التقرير. وبالإضافة إلى ذلك، قدم الأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية نسخة من تقرير فريق الرصد المنبثق عن اللجنة المخصصة للجنوب الأفريقي، التابعة لتلك المنظمة، وهو تقرير يجري إصداره منفصلا بوصفه وثيقة من وثائق الجمعية العامة.
  5. وحيث إن من المهم أن يكون التقرير واقعيا بقدر الإمكان، التمس الأمين العام أثناء وجوده في ويندهوك في 20 آذار/ مارس 1990، موافقة رئيس دولة جنوب أفريقيا على قيام فريق من كبار موظفي الأمم المتحدة بزيارة الجمهورية في تاريخ ملائم. وفي الوقت الذي وافق فيه رئيس الدولة على هذا الاقتراح، فقد أوضح أن ذلك لن يخل بموقف حكومته إزاء مسألة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لجنوب أفريقيا.

...

ثانيا- ملاحظات

  1. لقد تشجع الأمين العام كثيرا بفضل التطورات الإيجابية التي طرأت في جنوب أفريقيا منذ بداية هذه السنة. فالسياسة الشجاعة الجسورة التي ألزم بها الرئيس دى كليرك حكومته تتيح إمكانيات واضحة لتفكيك نظام الفصل العنصري. وبالمثل، كان من الأمور المشجعة ومن مظاهر حسن السياسة ما بدا من بصيرة وتحكم لدى الزعامة السوداء التي جددت، رغم سنوات الظلم والقمع الطويلة، التزامها بعملية سلمية لإنهاء الفصل العنصري وبناء مجتمع ديمقراطي غير عنصري.
  2. إن مجرد تمكن الفريق من الالتقاء بمن شاء الالتقاء بهم،  والسفر حيثما أراد، وتمتعه بالحرية في تلقى آراء الجميع فيما يتعلق بالقضايا السياسة الناشئة عن سياسة الفصل العنصري، يدل في حد ذاته على حدوث تغيير ذي شأن في المناخ السياسي.
  3. ومن بين التدابير التي اقتضاها الإعلان المتعلق بالفصل العنصري ونتائجه المدمرة في الجنوب الأفريقي، لأجل تهيئة مناخ يسمح بالنشاط السياسي الحر، جرى بالكامل تنفيذ التدبير المتعلق برفع الحظر المفروض على الأحزاب والحركات السياسية. وهناك تدابير أخرى تنفذ جزئيا. وبينما يتضح أنه بدأ السير في عملية هامة، يعتقد الكثيرون أنه ينبغي للحكومة أن تنفذ جميع التدابير بحذافيرها لكي تهيئ الجو المناسب.
  4. وبموازاة الحاجة إلى تهيئة المناخ المناسب للمفاوضات تأتى الحاجة الملحة إلى إنهاء العنف. وقضية العنف، لا سيما في ناتال، تستلزم معالجتها على وجه السرعة وعلى أعلى مستوى، لأنه إذا سمح لها بالاستمرار دون عائق قد تمثل العواقب المترتبة عليها صعوبات جسيمة في طريق العملية السياسية. لذلك يناشد الأمين العام جميع الأطراف أن تبذل كل ما يلزم لإنهاء العنف وللعمل جنبا إلى جنب لبناء مجتمع سلمي في جنوب أفريقيا.
  5. ومن واقع التقرير يتضح كل الوضوح أن شطرا كبيرا من الرأي العام يتلهف إلى التعجيل بعملية تفكيك نظام الفصل العنصري.
  6. وبعض البيانات الواردة في التقرير يورد صورة حية للمظالم الاجتماعية الجسيمة التي ينزلها الفصل العنصري بالسكان السود. وسوف يؤيد الأمين العام بكل قوة أية تدابير تستهدف معالجة أوجه الاختلال الاجتماعي والاقتصادي، لا سيما في مجالات الإسكان والتعليم والعمالة والصحة.  وليت التدابير التي من هذا القبيل تذهب إلى حد معالجة المظالم الصارخة معالجة فعالة وبث الثقة العامة في العملية الديمقراطية وفي المؤسسات الوطنية.
  7. وقد طلبت الجمعية العامة من الأمين العام أن يقدم تقريرا عن التقدم المحرز في تنفيذ الإعلان المتعلق بالفصل العنصري،  وذلك في غضون ستة أشهر من اعتماد ذلك الإعلان. وحسبما يتبين من تقرير فريق الأمم المتحدة، فإن العملية السياسية الموجهة إلى تفكيك نظام الفصل العنصري لا تزال في مرحلة مبكرة. والأحزاب والحركات السياسية تمر بالمراحل الأولى لإعداد استجاباتها لعملية التفاوض. ولهذا السبب، لا يعلق المؤتمر تفصيليا على بعض القضايا الرئيسية المشمولة بالإعلان، التي من قبيل القضايا المتصورة في الفقرة 8 من تلك الوثيقة بشأن آليات إعداد دستور،  فضلا عن مبادئ الدستور نفسه.

...

المرفق السادس

بيان أدلى به نيلسون مانديلا، نائب رئيس المؤتمر الوطني الأفريقي، في الجلسة 641 التي عقدتها اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري في 22 حزيران/ يونيه 1990

          سعادة السفير إبراهيم غامباري، الممثل الدائم لجمهورية نيجيريا الاتحادية ورئيس اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري؛ سعادة السيد جوزيف غاربا رئيس الجمعية العامة؛ سعادة السيد خافيير بيريز دى كوييار الأمين العام للأمم المتحدة؛ أصحاب السعادة الممثلين الدائمين؛ رؤساء البعثات المراقبة؛ سيداتي وسادتي، أصدقائي ورفاقي.

          إننا نشعر بأننا قد حظينا بشرف وامتياز من نوع خاص، إذ أتيح لنا اليوم الوقوف في هذا المكان المميز، للتحدث إليكم، أنتم يا من تمثلون شعوب العالم. إننا في غاية الامتنان لكم يا سيادة رئيس اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري، والأمين العام، وجميع الدول الأعضاء في المنظمة، لأنكم أتحتم لنا المجيء إلى هنا.

          والمأساة تتمثل في أن الشيء الذي أوجد الحاجة إلى هذا اللقاء وجعل من الطبيعي أن نلتقي في هذا الملتقى التاريخي، هو استمرار ارتكاب جريمة في حق البشرية. وكم كان من الأفضل لو كنا قد التقينا للاحتفال بنصر أحرزناه، أو حلم تحقق، أو انتصار للعدالة على ماضي استبدادي، أو تحقيق الرؤى التي ينطوي عليها ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

          إن مجرد حدوث جريمة الفصل العنصري سيبقى إلى الأبد وصمة لا تمحى من تاريخ البشرية. والأجيال المقبلة ستتساءل بالتأكيد: ما هو الخطأ الذي أرتكب ومكن نظام الفصل العنصري من أن يوطد أركانه بعد اعتماد إعلان عالمي لحقوق الإنسان؟

          وسيظل هناك اتهام قائم إلى الأبد وتحد لجميع الرجال والنساء ذوي الضمير الحي لأن الأمر قد تطلب كل هذا الوقت الطويل قبل أن ننهض جميعا معلنين عن نفاذ صبرنا إزاء ذلك. ومن المؤكد أن الأجيال القادمة ستتساءل: ما هو الخطأ الذي جعل هذا النظام يوطد أركانه في أعقاب محاكمات نورمبرغ؟

          وسيطرح هذان السؤالان، لأنه عندما بدأت هذه الهيئة الجليلة، أي هيئة الأمم المتحدة، مناقشتها لمسألة جنوب أفريقيا في سنة 1946 كانت تناقش مسألة العنصرية. وهما سؤالان سيطرحان لأن الدافع إلى إنشاء هذه المنظمة كان تصميم البشرية جمعاء على إلا تسمح أبدا مرة أخرى للنظرية والممارسة العنصريتين بأن تدفعا العالم دفعا إلى براثن الحرب وإبادة الأجناس، تلك البراثن المميتة.

          وعلى الرغم من كل ذلك، أقام طغيان عنصري نظاما لنفسه في بلدنا. وحسبما أدرك أولئك الذين رفضوا معالجة هذه المسألة على أنها شذوذ تاريخي غريب الأطوار فقد كان لهذا الطغيان ضحاياه الذين اختلى بهم. ولقد بين ذلك الطغيان قيمته الوحشية بعدد الأطفال الذين قلتهم، وبعدد الأيتام والأرامل من النساء والرجال الذين بوسعه أن يدعي أنهم مخلوقاته الفريدة.

          ورغم ذلك فهو لا يزال على قيد الحياة، يثير مناقشات غريبة فاحشة بشأن الوسائل التي أرغم ضحاياه على استعمالها لتخليص أنفسهم من البلاء المقيت، ويستجلب ممن اختاروا السكون حججا مفادها أن عدم الفعل يجب قبوله باعتباره الجوهر الحقيقي لمعارضة الطغيان معارضة متحضرة.

          إننا نعتبر أن وجود معارضة العنصرية بجميع الوسائل المتاحة لدى الإنسانية مبدأ غير قابل للانتهاك. وحيثما مورست العنصرية أمكن دائما أن تؤدي إلى إنكار حقوق الإنسان على ضحايا التمييز إنكارا منتظما شاملا. وهذا لأن جميع صور العنصرية يمكن فيها تحد لحقوق الإنسان، لأنها تنكر الرأي القائل بأن كل كائن بشرى هو شخص له قيمة مماثلة لقيمة أي شخص آخر، ولأنها تعامل شعوبا بأكملها بوصفها كائنات دون مستوى الإنسان.

          ولهذا كان من الصواب وصف نظام الفصل العنصري بأنه جريمة في حق الإنسانية وكان من المناسب أن يقرر المجتمع الدولي قمعها وتقرير عقوبة تفرض على مرتكبيها، وإننا نشيد بهذه المنظمة ودولها الأعضاء تقديرا لهذا، وتقديرا لما اتخذته من قرارات وإجراءات أخرى لمحو هذه الجريمة.

          كما نغتنم هذه الفرصة لكي نحيى اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري، التي كانت ولا تزال أداة جد هامة في مكافحتنا لسياسات حكومة جنوب أفريقيا القمعية غير المنصفة. كما نحيى الدول الأعضاء في هذه اللجنة،  التي لم يكل عزمها على المساهمة بكل ما تملك لضمان تعبئة جهود العالم للعمل ضد نظام الفصل العنصري.

          وفي هذا الصدد، اسمحوا لي يا سيدي أن أعرب عن تهنئة جديرة ببلدكم، نيجيريا، الذي تمثلونه باقتدار، مثلما فعل سلفكم في هذا المنصب الهام سعادة اللواء جوزيف غاربا، الرئيس الحالي للجمعية العامة، الذي بقيادته اعتمد إعلان الأمم المتحدة المتعلق بجنوب أفريقيا بتوافق الآراء في دورة الجمعية العامة الاستثنائية السادسة عشرة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

          إن هذا الإعلان سيسجل في صفحات التاريخ بوصفه واحدا من أهم الوثائق في كفاح المجتمع الدولي ضد الفصل العنصري. واعتماده بتوافق الآراء يمثل في حد ذاته ضربة موجعة لنظام الفصل العنصري وبيانا شديد الأهمية يؤكد وحدة المجتمع العالمي فيما يتعلق بمسألة جنوب أفريقيا وحلها.

          إننا نتطلع إلى التقرير الذي سيقدمه الأمين العام للأمم المتحدة بشأن مسألة تنفيذ الإعلان في جنوب أفريقيا. وهذا التقرير سيكون مهما أيضا من حيث إنه سيمثل أساسا لقرارات أخرى تتخذها الأمم المتحدة بشأن موالاة العمل فيما يختص بمسألة الفصل العنصري.

          إلا أن ما يجب أن يكون واضحا هو أن نظام الفصل العنصري، لا يزال قائما. إذ لم يجر تنفيذ أي من المبادئ المبينة في الإعلان لتوفير ما وصفه الإعلان بحل لمسألة جنوب أفريقيا يكون مقبولا على الصعيد الدولي. وبالمثل، لم يتحقق بعد ما ارتآه الإعلان من تغيرات عميقة لا رجعة فيها.

          وسوف تبدو واضحة لنا الخلاصة المستفادة من هذه الملاحظات. ومفادها أنه لم يحدث في جنوب أفريقيا شئ يستدعى إعادة النظر في المواقف التي اتخذتها هذه المنظمة في كفاحها ضد الفصل العنصري. ولذلك نحث  بقوة على عدم إرخاء التدابير القائمة. ولابد من الإبقاء على الجزاءات التي فرضتها الأمم المتحدة والحكومات فرادى.

          كما نحث الأمم المتحدة على بذل قصارى جهدها للحفاظ على ما حققته من وحدة حينما اعتمدت الإعلان المتعلق بجنوب أفريقيا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي. ولذلك نأمل أن تواصل جميع الدول الأعضاء العمل معا في تناسق، لكي لا تهيئ ظهور أية حالة يجد فيها من يعارضون التغيير في بلدنا ما يشجعهم على مقاومة التغيير، لأن توافق الآراء المتحقق تقوضه بعض البلدان. وفي هذا الصدد، نغتنم هذه الفرصة مرة أخرى لكي ندعو بلدان الجماعة الأوروبية، التي تعقد اجتماع قمة خلال أيام قليلة إلى الحفاظ على إخلاصها لمقاصد الإعلان الذي أسهمت في وضعه وصوتت لصالحه.

          وبمبادرة من المؤتمر الوطني الأفريقي، بدأت عملية يمكن أن تؤدي إلى تسوية سياسية عادلة في بلدنا. وفي اجتماعنا المعروف الذي عقد في كيب تاون في بداية الشهر الماضي، اتفقنا مع حكومة جنوب أفريقيا على إزالة العقبات الحائلة دون المفاوضات التي حددها الإعلان. وقد بدأت عملية تنفيذ ذلك الاتفاق، إلا أنه، حسبما يعرف هذا الجمع الموقر، لا يزال في المتعين عمل الشيء الكثير لكي يمكننا القول بأن الجو المؤدي إلى المفاوضات قد تهيأ.

          ولذلك لا يزال من المتعين علينا أن نقطع شوطا قبل أن نخطو المجمل في الإعلان من خطوات أخرى مفضية إلى التفاوض لاعتماد دستور جديد ديمقراطي. ولا ينبغي لتحقيق البداية الطيبة في كيب تاون أن يجعلنا نستنتج أن المزيد من التقدم مضمون أو أننا لن نواجه في المستقبل عقبات رئيسية.

          وفي هذا الصدد، نود أن نكرر ما قلناه من قبل، ألا وهو أننا نؤمن بأن الرئيس دي كليرك، وزملاؤه في قيادة الحزب الحاكم أناس على خلق. ونحن نرى أنهم سيلتزمون بالقرارات التي نتوصل إليها خلال مناقشاتنا ومفاوضاتنا. وهذا في حد ذاته انتصار هام لكفاحنا المشترك، لأن هذا الكفاح هو الذي جعل تكلفة الحفاظ على نظام الفصل العنصري باهظة وساعد على إقناع المجموعة الحاكمة في بلدنا بأن التغيير لم يعد من الممكن مقاومته.

          إلا أنه من الصحيح أيضا أن هناك بين مواطنينا البيض من لا يزالون ملتزمين بالحفاظ على نظام سيطرة الأقلية البيضاء، ذلك النظام الشرير. والبعض يعارض بسبب التزامه العقائدي بالعنصرية، والبعض الآخر يقاوم لأنه يخشى حكم الأغلبية الديمقراطي، والبعض من هؤلاء مسلح وموجود في صفوف الجيش والشرطة.

          وخارج هذين الجهازين التابعين للدولة يعمل أشخاص آخرون من البيض بإيقاع محموم لأجل إنشاء جماعات شبه عسكرية هدفها المعلن هو التصفية الجسدية للمؤتمر الوطني الأفريقي، بزعامته وأعضائه، فضلا عن الأشخاص الآخرين والتشكيلات الأخرى المعتبرين لدى هؤلاء الإرهابيين اليمينيين خطرا يهدد نظام سيطرة الأقلية البيضاء بعدم الاستمرار. ونحن لا يمكننا أن نتحمل ترف التقليل من خطورة ما يمثله هؤلاء المدافعون عن واقع وحشي مستمر من خطر على مجمل العملية المتمثلة في السعي إلى تسوية سلمية عادلة.

          والمؤتمر الوطني الأفريقي مصمم على بذل قصارى جهده لضمان التحرك السريع نحو إلغاء نظام الفصل العنصري إلغاء سلميا. وتحقيقا لهذه الغاية، نشارك في مبادرات عدة داخل جنوب أفريقيا بهدف إشراك جميع الناس والتشكيلات السياسية التمثيلية القائمة في بلدنا في عملية التفاوض هذه. وعلينا أن نتغلب على انعدام الثقة الموجود لدى الطرفين معا، وأن نعزز إدراك الحقيقة القائلة بأن الانتصار الوحيد الذي ينبغي أن نسعى إليه جميعا هو انتصار الشعب ككل وليس انتصار طرف على الطرف الآخر.

          ومن الجلي أنه لا يمكن لأي من هذه العمليات أن يكون سهلا يسيرا، إلا إننا نستلهم تجربة شعب ناميبيا ورفاقنا في السلاح التابعين للمنظمة الشعبية لأفريقيا الجنوبية الغربية (سوابو)، الذين تغلبوا أيضا على أوجه الفرقة وانعدام الثقة التي ولدها نظام الفصل العنصري، واضطلعوا بعملية سياسة سليمة في فترة قصيرة نسبيا ويعيشون اليوم كأمة فخورة قوامها شعب مستقل. وإننا ننتهز هذه الفرصة لكي نحيى ممثلي الشعب الناميبي الحاضرين في هذه القاعة ونعترف بالدين الذي نحمله لهم في أعناقنا مقابل إسهامهم في تحريرنا.

          كما نحيي دول خط المواجهة في الجنوب الأفريقي وبقية قارتنا على ما قدمته من إسهام هائل للكفاح ضد الفصل العنصري، وهو الإسهام الذي أوصلنا اليوم إلى مرحلة نستطيع معها القول بأن انتصار الكفاح من أجل جنوب أفريقيا موحدة ديمقراطية غير عنصرية قد أصبح في متناول أيدينا.

          كما أرى لزاما على إزجاء التحية إلى بلدان عدم الانحياز وحركة بلدان عدم الانحياز وشعوب بقية العالم، تقديرا لجهودها الأصلية المبذولة من أجل القضية المشتركة. وما ينبغي علينا أن نحث الهمم مرة أخرى لتحقيقه هو محافظة هذه القوى على اتحادها حول الأفكار الواردة في إعلاني الأمم المتحدة وهراري المتعلقين بجنوب أفريقيا. إن مدى سرعة تقدمنا نحو التحرر سيتوقف على مدى نجاح جهودنا للحفاظ على وحدة العزم تلك.

          إن هذه بالنسبة لنا لحظة مثيرة للمشاعر، لأننا نعرف أننا نقف هنا بين الأصدقاء وبين أناس من أصحاب الضمير الحي. ونحن نعرف هذا لأننا نعرف ما فعلتموه على مدى عقود من الزمان لإطلاق سراحي وسراح غيري من سجناء جنوب أفريقيا السياسيين الذين ألقت بهم بريتوريا في غياهب سجونها. وإننا نشكركم على ذلك خالص الشكر، لا سيما وأنكم قد أتحتم لنا بذلك فرصة لتوحيد الجهود معكم سعيا إلى حل سريع ينهي المشاكل الهائلة التي تواجه بلدنا ومنطقتنا وقارتنا والإنسانية جمعاء.

          ونحن نعرف أيضا أن الأمل يراودكم في ألا نتوانى أو نتردد في سعينا من أجل الرؤية المشتركة التي ينبغي أن تسفر عن تحول جنوب أفريقيا إلى بلد للديمقراطية والعدل والسلم. وإننا إذ نقف أمام أمم العالم نقطع على أنفسنا عهدا بذلك، تعززه معرفتنا أنكم ستقاتلون معنا جنبا إلى جنب إلى أن يتحقق النصر. كما نغتنم هذه الفرصة لكي نزجي أحر التحيات إلى سائر المقاتلين من أجل تحررهم ومن أجل ما لهم من حقوق الإنسان، بمن فيهم أبناء شعبي فلسطين والصحراء الغربية. وإننا نزكي لكم كفاحهم، قناعة منا بأن عواطفنا نحن جميعا تهتز للحقيقة القائلة بأن الحرية لا تتجزأ، وقناعة منا بأن إنكار الحقوق على واحد يقلل حرية الآخرين.

          وإننا نشكركم على دعوتكم الكريمة لنا كي نخاطب هذا الجمع وعلى ما أتحتموه لنا من فرصة للإشادة بكم جميعا: بالأمين العام، وبرئيس الجمعية العامة، وباللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري، وبالأمم المتحدة نفسها، تقديرا للعمل الذي يتحقق من أجل إنهاء جريمة الفصل العنصري المرتكبة في حق البشرية.

          إن الشوط الذي لا يزال متعينا أن نقطعه غير طويل. ودعونا نقطعه سويا ودعونا، بعملنا المشترك، نثبت صدق المقاصد التي من أجلها أنشئت هذه المنظمة ونهيئ حالة يصبح فيها الميثاق والإعلان العالمي لحقوق الإنسان جزءا من مجموعة القوانين التي سيستند إليها النظام السياسي والاجتماعي في جنوب أفريقيا الجديدة وإن انتصارنا المشترك قادم لا محالة.