إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / الأمم المتحدة




مهام المراقبة في سيناء
أول اجتماع لمجلس الأمن
مؤتمر النقد والمالية
مؤتمر يالتا
مؤتمر ديمبرتون أوكس
مؤتمر سان فرانسيسكو
إنشاء مقر المنظمة
وودر ويلسون
آثار الألغام
آثار الألغام في أفغانستان
آثار الحرب العالمية الثانية
مجلس الأمن
ميثاق الأمم المتحدة
أحد أقاليم الوصاية
مدرسة المكفوفين بفلسطين
محكمة العدل الدولية
نيكيتا خروشوف
نزوح المدنيين من كوريا
نزوح المدنيين من كوسوفا
مساعدات المفوضية العليا
مساعدات برنامج الأغذية
مساعدة أطفال أفريقيا
مكافحة التصحر
مكتب المنظمة بجنيف
لغم أرضي
إعلان حقوق الإنسان
معاهدة فرساي
مقاومة الآفات الزراعية
مقر هيئة الأمم المتحدة
مقر محكمة العدل الدولية
مقر المنظمة في الأربعينيات
الأمم المتحدة في الصومال
الأمم المتحدة في العريش
الأمم المتحدة في جنوب سيناء
الأمم المتحدة في سيناء
الأمين العام في لبنان
اللاجئون في أفريقيا
المجلس الاستشاري المعماري
المجلس الاقتصادي والاجتماعي
المساعدات الطبية
المساعدات الغذائية
البرنامج التنموي
البرنامج في أفريقيا
التطهير العرقي في كوسوفا
الدورة الأولى
الجمعية العامة بنيويورك
الحد من انتشار الأوبئة
الرعاية الصحية للأطفال
القنبلة الذرية على هيروشيما
اجتماع مجلس الوصاية
اجتماع عصبة الأمم
توقيع ميثاق الأطلسي
بان كي – مون Ban Ki-moon
بحث عن الألغام في لبنان
بيريز دي كويلار
تريجف لي
تشجيع الفاو للمبيدات
تصريح الأمم المتحدة
بطرس غالي
حماية التربة من التآكل
يو ثانت
جون كينيدي
جائزة نوبل للسلام
داج همرشولد
حجر الأساس
حفظ السلام في قبرص
حقل ألغام أرضية
رفع مستوى الرعاية الصحية
زيارة همرشولد للكونغو
كورت فالدهايم
كوفي أنان
علم الأمم المتحدة
عيادة تنظيم الأسرة
فرانكلين روزفلت
فريق المنظمة في ناميبيا
قوات الحماية في يوغسلافيا





المبحث الحادي عشر

نشاط الأمم المتحدة في مجالي نزع السلاح وتصفية الاستعمار

أولاً: نشاط الأمم المتحدة في مجال نزع السلاح:

    لعبت هيئة الأمم المتحدة دوراً مهمّاً وحيوياً في عمليات نزع الأسلحة ومراقبة التسلح العالمي، حيث أكد ميثاق الأمم المتحدة أهمية نزع الأسلحة والتحكم فيها، وحدد دور مؤسسات الأمم المتحدة في هذا الصدد. وقد أنشأت الهيئة عديداً من المؤسسات والمنظمات المتخصصة في مسائل نزع السلاح، ومراقبة التسلح. ففي عام 1946، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الأول الخاص بإنشاء لجنة مختصة بالتعامل مع المشاكل التي نشأت نتيجة اكتشاف الطاقة النووية. وكُلِّفت هذه اللجنة بإزالة كل أسلحة الدمار الشامل من القوات المسلحة الدولية. وفي عام 1947، أنشأ مجلس الأمن "لجنة الأسلحة التقليدية"، وذلك لفحص مشاكل نزع الأسلحة التقليدية. إلا أن عمل كلا اللجنتين لم يحالفه التوفيق، نتيجةً لزيادة التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي آنذاك.

    لذا، أقدمت الجمعية العامة للأمم المتحدة، على إنشاء لجنة لنزع السلاح في عام 1952. وقد انحصرت مهمة اللجنة الجديدة في فحص الأسلحة التقليدية، وأسلحة الدمار الشامل على حدٍّ سواء. فضلاً عن إنشاء لجنة منفصلة أخرى لنزع السلاح خارج الهيكل التنظيمي الرسمي لهيئة الأمم المتحدة. وفي عــام 1984، تقرر تسمية هـذه اللجنة بـ "مؤتمر نزع السلاح". وكان الغرض الرئيسي من هذه اللجان والمؤسسات هو دراسة مراقبة التسلح العالمي وتبادل المعلومات.

    كما شاركت الأمم المتحدة في إبرام عديد من معاهدات مراقبة التسلح. وتعد "معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية"، من أهم المعاهدات، التي أبرمت تحت رعاية الأمم المتحدة بالنسبة لأسلحة الدمار الشامل. وقد تبنت الجمعيةُ العامة للأمم المتحدة هذه المعاهدة في 12 يونيه عام 1968. ودخلت إلى حيز التنفيذ في مارس عام 1970.

    وتهدف هذه المعاهدة إلى منع انتشار الأسلحة النووية في العالم، عن طريق منع الدول التي لا تمتلك الأسلحة النووية، من الحصول عليها، وذلك باتخاذ إجراءات حاسمة، لمنع انتشار التكنولوجيا النووية. كما تعطي هذه المعاهدة "الوكالة الدولية للطاقة النووية" الحق في التنسيق بين كل الدول الأعضاء، والتأكد من خضوعها جميعاً لبنود هذه المعاهدة.

    وفي عام 1995، اجتمعت الدول الموقعة على "معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية"، لمراجعة العمليات المرتبطة بهذه المعاهدة. وقد أبدت غالبية الدول الموقعة رغبتها في مد العمل بهذه المعاهدة إلى مالا نهاية. إلا أن هناك بعض الدول أبدت اعتراضها على هذا الاقتراح، منتقدة - في الوقت نفسه ـ بطء عملية نزع الأسلحة النووية.

    كما انتقدت هذه الدول كذلك عدم عدالة هذه المعاهدة، التي تتيح لبعض الدول امتلاك الأسلحة النووية، في حين تحظر على الدول الأخرى امتلاكها. الأمر الذي يضع الدول غير النووية في وضع أقل استراتيجية من مثيلاتها النووية. وعلى الرغم من كل هذه الاعتراضات، وافقت الدول الموقعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية -في نهاية الأمر- على مد العمل بهذه المعاهدة إلى مالا نهاية في 11 مايو عام 1995.

    ويُعد ما حدث من "كوريا الشمالية" هو أخطر خرق لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. ففي بداية عام 1993، ارتابت الوكالة الدولية للطاقة النووية في قيام كوريا الشمالية بإخفاء مواد نووية في عدة أماكن، منها "يونجبيون" (Yongbyon). وقد شكتْ الهيئة -على الرغم من نداءاتها المتكررة بذلك- من قيام كوريا الشمالية، برفض السماح لها بالتفتيش على منشآتها النووية الموجودة في "يونجبيون".

    وفي 12 مارس عام 1993، أبلغت كوريا الشمالية مجلس الأمن عن عزمها الانسحاب من "معاهدة انتشار الأسلحة النووية"، في غضون ثلاثة شهور. وفي أبريل عام 1993، أبلغت وكالة الطاقة النووية مجلس الأمن خرق كوريا الشمالية لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. إلا أنه، بعد محادثات دبلوماسية مكثفة، أوقفت كوريا الشمالية خطوات انسحابها من معاهدة انتشار الأسلحة النووية، في 11 يونيه عام 1993، وأتبع هذه الخطوات مباحثات مكثفة، وافقت فيها كوريا الشمالية على إيقاف برنامجها التسليحي النووي، مقابل الحصول على مفاعلين نوويين، مع التكنولوجيا النووية المتصلة بهما، للاستخدام في الأغراض السلمية.

    ولا تتوقف الجهود المبذولة لمراقبة التسلح ونزع السلاح عند الأسلحة النووية فقط، بل تتعدى ذلك، لتشمل كل أسلحة الدمار الشامل. وقد عرفت لجنة الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية، أسلحة الدمار الشامل، بأنها: "الأسلحة النووية، والأسلحة المشعة، والأسلحة البيولوجية، والأسلحة الكيماوية، وأي أسلحة يمكن إنتاجها في المستقبل، لها خاصية التدمير الشامل". لذا، قامت الأمم المتحدة بتبني "معاهدة الأسلحة البيولوجية" في عام 1972، و"معاهدة الأسلحة الكيماوية" في عام 1993. وتحظُر هاتان المعاهدتان تَمَلُّكْ الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، أو إنتاجها، أو محاولة الحصول عليها.

    إضافة إلى هذه المجهودات، شاركت هيئة الأمم المتحدة، ودعمت، عديداً من المعاهدات الإقليمية لمراقبة التسلح، وحظر انتشار الأسلحة على النطاق الإقليمي، وبناءً عليه تبنت الجمعية العامة عديداً من القرارات في هذا الصدد. ففي عام 1967 تبنت الجمعية العامة "معاهدة حظر الأسلحة النووية في أمريكا اللاتينية". وفي عام 1985 وَقَّعَت "معاهدة جنوب الهادي الخالي من الأسلحة النووية". كذلك دعمت الهيئة الدولية عديداً من الجهود الجانبية الرامية إلى منع انتشار الأسلحة، على نحو ما حدث في المحادثات التي جرت بين الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي، بشأن منع انتشار الأسلحة الاستراتيجية.

    وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة، لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، يعد إنتاج هذه الأسلحة، وتجارتها، والسعي إلى تملكها، من العلامات المميزة لهذا العصر. ولعل صفارات الإنذار المنطلقة في حرب الخليج محذرة من الصواريخ الباليستية، والقتلى من الأطفال، والمدنيين، والشيوخ، والنساء، ضحايا الأسلحة والتقنية الحديثة في هذه الحرب؛ لعل كل هذا يكون ذكرى لنا بأن ميراث هيروشيما وناجازاكي لا يزال ينبض أمام أعيننا.

1. المعاهدة الشاملة لحظر التجارب النووية The Comprehensive Test Ban Treaty  

    وقد تم التوصل إلى أول معاهدة، لحظر إجراء التجارب النووية، في الخامس من أغسطس عام 1963. ووقَّع على هذه المعاهدة التي سُميت "معاهدة حظر اختبار الأسلحة النووية في الجو والماء والفضاء الخارجي"، 100 دولة.

    وفي الثالث من يوليه عام 1974، وقعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي، معاهدة حظر التفجيرات النووية التي تتعدى 150 كيلو طن[1] تحت الأرض.

    وفي 25 يناير عام 1994، بدأت مشاورات "مؤتمر نزع السلاح"، لإبرام معاهدة حظر إجراء تجارب الأسلحة الشاملة. وفي 10 سبتمبر عام 1996، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة "المعاهدة الشاملة لحظر إجراء تجارب الأسلحة النووية"، إلا أن كلاً من ليبيا، والهند، وبوتان Bhutan عارضن هذه المعاهدة. كما علقت باكستان توقيعها على هذه المعاهدة بتوقيع الهند. وقد وقِّع على هذه المعاهدة، في 24 سبتمبر عام 1996، خمسون دولة، منها: الصين، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والولايات المتحدة الأمريكية. على ألا يتم بدء سريان مفعول هذه الاتفاقية، إلا بعد مرور عامين على الأقل من التوقيع عليها. وطبقاً لديباجة المعاهدة، تكون الدول الموقعة على المعاهدة - بتوقفها عن إجراء مزيد من التفجيرات النووية المجراة على سبيل الاختبار- قد أسهمت في عدم نمو هذه الأسلحة النووية، وتَقَدُّم إنتاجها، كما أنها سوف تسهم بعملها هذا في حماية البيئة. وفوق كل هذا وذاك، يكون الهدف الأسمى من التوقيع على هذه المعاهدة، هو إزالة الأسلحة النووية من العالم. ويُعد الإلزام الحقيقي في المعاهدة في المادة الأولى، التي تفيد أنه على كل دولة مشاركة في المعاهدة، ألا تجري أي تفجيرات لاختبارات نووية، أو أي تفجيرات نووية أخرى، وأن تحظر وتمنع إجراء أي تفجيرات في أي منطقة تحت سلطاتها. كما يجب على أي دولة موقعة على المعاهدة، أن تمتنع عن تأييد وتشجيع المشاركة، في أي اختبارات تفجيرات نووية، أو أي نوع آخر من التفجيرات النووية.

    وقد أنشأت المعاهدة منظمة تابعة لها، وظيفتها القيام بالتحقق من الالتزام بالخطوط العريضة والمبادئ الأساسية للمعاهدة. وعليه أنشئت أنظمة لمراقبة تطبيق هذه المعاهدة، وكانت على النحو التالي:

أ. جهاز مراقبة دولي.

ب. إجراءات استشارية، وتوضيحية.

ج. فحص فوري.                     

د. إجراءات بناء الثقة.

    وللدول المشاركة في هذه المعاهدة، الحق في الانسحاب من المعاهدة وقتما تشاء، وحينما يتراءى لها ذلك. بيد أنه يجب عليها إبلاغ قرارها بالانسحاب إلى باقي أعضاء المعاهدة، والمنظمة الدولية، والأمين العام للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، قبل الانسحاب الفعلي بمدة 6 شهور.

    وتُعد هذه المعاهدة من المعاهدات، التي سوف يكون لها أبلغ الأثر، على الحد من انتشار الأسلحة النووية، والحد من السعي لامتلاكها، أو إجراء الاختبارات والتفجيرات النووية. الأمر الذي سوف ينعكس حتما بآثار إيجابية على البيئة، وعلى العالم، الذي عانى كثيراً من جراء استخدام هذه الأسلحة في الحروب، مثلما حدث في هيروشيما وناجازاكي. ولا يزال هناك كثيرون يعانون من الآثار المدمرة للتفجيرات النووية التي تُجرى على سبيل الاختبارات، حيث أُجريَ منذ عام 1945، وحتى الآن ما يزيد عن 2050 تفجيراً نوويّاً.

2. الألغام الأرضية:

    عادت مشكلة الألغام الأرضية لتطفو على السطح من جديد، مخلفة وراءها عديداً من المآسِي والفواجع، التي تنفطر من هولها الأنفس. ففي عام 1996، قُدَّر ما يقرب من 110 مليون لغم أرضي، زُرِعَت في ما يقرب من 64 بلداً من بلدان العالم، أثناء الحروب والصراعات الدائرة بين الدول وبعضها، أو داخل الدول نفسها في الحروب الأهلية. وقد عانى كثيرون من جراء هذه الألغام الأرضية، إلا أن غالبية ضحايا هذه الشراك الخفية، كانوا من المدنيين الأبرياء. ففي إحصائية حديثة عن ضحايا الألغام الأرضية في العالم، وجد أن هذه الألغام تقتل سنوياً قرابة عشرة آلاف إنسان أغلبهم من المدنين، وتصيب حوالي عشرين ألفاً بإعاقات مختلفة نتيجة لتطاير أجزاء من أجسام من لغم هنا أو هناك. وتنتشر هذه المآسي بكثرة في المناطق الريفية المتاخمة لأماكن الصراعات، وخصوصاً بين النساء والأطفال (اُنظر صورة حقل ألغام أرضية) و(صورة لغم أرضي) و(صورة بحث عن الألغام في لبنان) و(صورة آثار الألغام).

    ومنذ عام 1993، وبالتحديد حينما وضعت الجمعية العامة للأمم المتحدة بند "إزالة الألغام" في جدول أعمالها، كثفت هيئة الأمم المتحدة جهودها الحثيثة للتعامل مع مشكلة الألغام الأرضية.

    وقد اضطلع بالجانب الأكبر من هذه الجهود مجموعة من المنظمات في المنظمة الدولية مثل: اليونيسيف، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، ومكتب مفوضية الأمم المتحدة، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الصحة العالمية. وفي عام 1994، اختير قسم العلاقات الإنسانية في الأمم المتحدة Department of Humanitarian Affairs - DHA- ليكون مركزاً رئيسياً متخصصاً في التعامل مع مشكلة إزالة الألغام الأرضية، والأنشطة المتعلقة بها. وقد استحدث قسم العلاقات الإنسانية التابع للأمم المتحدة سياسة جديدة تتيح له العمل، متعاوناً مع وحدة إزالة الألغام، التابعة لقسم وحدات حفظ السلام، التابعة لهيئة الأمم المتحدة.

   وفي نوفمبر عام 1994، أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة "صندوق الائتمان التطوعي" Voluntary Trust Fund، وذلك للإسهام في أنشطة إزالة الألغام الأرضية، وتوفير مصادر مادية سريعة وممتدة، لهيئة الأمم المتحدة، حتى يتسنى لها الاستجابة لمتطلبات تطهير حقول الألغام. وفي عام 1994، كُثِّفَ العمل في إزالة الألغام، وذلك للاستفادة بأقصى قدر ممكن من التعاون بين الهيئات الحكومية، وغير الحكومية في مجال إزالة الألغام الأرضية. وفي هذا الصدد، أنشئ "مركز المعلومات الرئيسي لحقول الألغام الأرضية"، ليكون مصدراً رئيسياً للمعلومات، عن البلدان المتأثرة بحقول الألغام، وأنواع الألغام الأرضية، وكيفية التعامل معها.

    وفي عام 1995، عُقِدَ مؤتمران دوليان تحت رعاية هيئة الأمم المتحدة، وذلك لدراسة مشكلة الألغام الأرضية. ففي يوليه 1995، عُقِد المؤتمر الأول لحشد التأييد العالمي نحو إزالة الألغام الأرضية والبرامج المتعلقة بها في البلدان المنكوبة. وفي سبتمبر، من العام نفسه، عقد المؤتمر الآخر، في فيينا، عن الأسلحة التقليدية غير الإنسانية، وضمت الألغام الأرضية.

    وفي مايو عام 1996، وُقِّعت اتفاقية من قِبَل 53 دولة، وذلك لفرض بعض الحظر حول استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد. وقد حرمت هذه الاتفاقية استخدام الألغام الأرضية، التي يصعب الكشف عنها بكاشفات الألغام. وفي ديسمبر عام 1996، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً، يدعو إلى اتفاقية دولية، لحظر استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد، ومنع تخزينها، وإنتاجها، أو نقلها.

    وعلى الرغم من كل هذه المجهودات المبذولة، والمعاهدات الموقعة، والنداءات الدولية، لا تزال هذه الألغام تمثل الخطر الأعظم على حياة المدنيين، صغاراً، وكباراً، الذين يعيشون متاخمين لمناطق الصراع المسلح. ففي الوقت الذي يُزال منه لغم أرضي واحد، يُزرَع بدلاً منه من 20 إلى 50 لغماً آخر، في أماكن أخرى من العالم، وبإجمالي 2 إلى 5 مليون لغم أرضى سنوياً.

    ولذا، يمثل اطراد أعداد الألغام المزروعة سنوياً، مع قصور في التقنيات الحديثة عن معالجتها بشكل آمن تماماً، سبباً قوياً، لإصابة المعنيين بهذا الأمر، بالإحباط واليأس الشديدين؛ إذ تُعد هذه العمليات من العمليات المكلفة والبطيئة معاً؛ حيث يمكن أن تستغرق سنوات طويلة، وبتكلفة إجمالية تزيد عن 33 مليون دولاراً أمريكي؛ إذ إزالة اللغم الواحد الذي يباع بـ 3 دولارات أمريكية فقط، تتكلف مبلغاً يتراوح من 300 إلى 1000 دولار أمريكي!

    وكما قال تور سكيدزمو (Tore Skedsmo) إننا نخسر المعركة أمام الألغام الأرضية في الوقت الراهن، ولكي تتم السيطرة على هذه المشكلة المتعقدة، فإننا في أمس الحاجة إلى ثلاثة أمور؛ تقنية حديثة لكشف الألغام، وزيادة الأموال المخصصة لها، وإيقاف استخدامها.

ثانياً: نشاط هيئة الأمم المتحدة في تصفية الاستعمار:

    بذلت الأمم المتحدة جهوداً كبيرة في مجال تصفية الوجود الاستعماري، واتخذت عديداً من الإجراءات، التي كان الهدف منها مساعدة الشعوب المستعمرة، في الحصول على حقها في تقرير المصير.  وانصهرت جهود الأمم المتحدة مع كفاح الشعوب في بوتقة واحدة، أدت في النهاية إلى تصفية شبة كاملة للوجود الاستعماري. وكانت النتيجة أنه - منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945- حصلت أكثر من 80 دولة، كانت شعوبها تَئِنُّ تحت وطأة الاستعمار، على استقلالها، وتمتعت هذه الدول بحقوقها بوصفها دولاً مستقلة ذات سيادة.

    إلا أنه- وعلى الرغم من كل هذه المجهودات- لا يزال هناك الملايين يخضعون، بشكل أو بآخر،  للاستعمار، ويعانون من وطأته. لذا، سوف تظل أعمال الأمم المتحدة مستمرة ومتواصلة لتحقيق الاستقلال أو الحكم الذاتي، لهذه الشعوب.

    وقد احتلت قضية تصفية الاستعمار حيزاً لا بأس به من الميثاق، حيث شغلت ثلاثة فصول، هي: الفصل الحادي عشر، والفصل الثاني عشر، والفصل الثالث عشر. وقد جاء موقف الأمم المتحدة من هذه القضية أكثر موضوعية وعدالة من موقف عصبة الأمم، حيث نصت المادة (1) الفقرة (2) من الميثاق على "إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ، الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام". وعلى الرغم من ذلك، رأى بعض المحللين أن الميثاق لم يكن كافيا -بشكل صريح- لكي يصبح مناهضاً أو رافضاً للاستعمار، من حيث المبدأ. وقد تضمن الميثاق نظام الوصاية، وأوكل إلى مجلس الوصاية إدارة هذا النظام، والإشراف عليه. ومَثَّل هذا النظام -بصورة ما- امتداداً، أو تطويراً لنظام الانتداب، الذي وجهته عصبة الأمم، لإدارة المستعمرات، التي كانت خاضعة للدول المهزومة في الحرب العالمية الأولى.

1. نظام الوصاية الدولية International Trusteeship System:

    أنشئ هذا النظام بمقتضى الفصل 12 من الميثاق، وذلك للإشراف على الأقاليم التي كانت تحت نظام الوصاية وفقاً لاتفاقات فردية مع الدول التي تديرها.

وينطبق هذا النظام على:

أ. الأقاليم التي كانت تحت الانتداب الذي أنشأته عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى.

ب. الأقاليم التي اُقتطعت من دول المحور نتيجة للحرب العالمية الثانية.

ج. الأقاليم التي تضعها الدول المسؤولة عن إدارتها تحت نظام الوصاية بمحض اختيارها.

    وقد كان الهدف الرئيسي من هذا النظام هو تشجيع التنمية السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية لهذه الأقاليم، تمهيداً لاستقلالها أو إعطائها الحكم الذاتي؛ لذلك، أنشأت هيئة الأمم المتحدة هذا المجلس للإشراف على إدارة أقاليم الوصاية، وهى 11 إقليماً. وقد حصلت هذه الأقاليم كلها إما على الاستقلال، وإما على الحق في الاتحاد أو الانضمام إلى دول أخرى، لتصبح أجزاءً من دول مستقلة. وفي عام 1994، أنهى مجلس الأمن معاهدة وصاية الأمم المتحدة لآخر إقليم من أقاليم الوصاية، وهو إقليم جزر المحيط الهادي "بالو" (Palau) والذي كان يدار بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عقب اختيار الإقليم الحكم الذاتي نتيجة لاستفتاء شعبي، جرى في عام 1993. هذا، وقد حصل هذا الإقليم على الاستقلال في عام 1994، ثم انضم إلى الأمم المتحدة ليصبح العضو رقم 185. وبحصول آخر الأقاليم على استقلاله، يكون مجلس الوصاية التابع لهيئة الأمم المتحدة، قد أنهى مهمته التاريخية.

2. الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي Non-Self Governing Territories:

    على الرغم من الجهد الضخم الذي بذلته الأمم المتحدة لإيجاد حلول لبعض المشكلات الناجمة عن بقايا نظام الانتداب، ظلَّت الأقاليم، التي خضعت لنظام الوصاية، محدودة، مقارنة بالأقاليم الأخرى التي ورد بشأنها إعلان الأمم المتحدة في الفصل الحادي عشر من الميثاق. وقد نص على أنهم سوف "ينمون الحكم الذاتي، ويقدرون الأماني السياسية لهذه الشعوب قدرها، ويعاونونها على إنماء نظمها السياسية الحرة نموا مطردا، وفقا للظروف الخاصة لكل إقليم، وشعوبه، ومراحل تقدمها المختلفة". وقد تركز جهد الأمم المتحدة في هذه الأقاليم، بتشجيع ثماني دول، من الدول المسؤولة عن إدارة أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي، على التعاون معها في هذا الصدد. وهذه الدول هي: استراليا، وبلجيكا، والدانمارك، ونيوزلندا، وفرنسا، وهولندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية. أما أسبانيا، والبرتغال، وجنوب أفريقيا، فلم يبادر أي منها بالتعاون مع الجمعية العامة، في هذا الصدد، إلا في مراحل متأخرة. وقد بلغ عدد هذه الأقاليم 72 إقليما، حصل ثمانية منها على استقلالها، قبل عام 1959. وفي عام 1960، أثمرت جهود الدول النامية عن صدور القرار رقم 1514، أثناء الدورة رقم 15، الذي طالب صراحة بتصفية الاستعمار تصفية كاملة، يستوي في ذلك الأقاليم الخاضعة لنظم الوصاية والأقاليم الأخرى.

3. لجنة تصفية الاستعمار:

    شرعت الجمعية، فور صدور الإعلان عام 1960، في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ. ففي العام التالي، أنشأت الجمعية لجنة خاصة مؤلفة من 17عضواً (زادوا إلى 24 عضواً عام 1963) سميت "لجنة تصفية الاستعمار"، لكي تبحث، بصفة منتظمة، تطبيق الإعلان، ولتقوم بوضع التوصيات التي تساعد على التعجيل بالتنفيذ، وإزالة العقبات التي تعترض طريقه.

    وقد كان لهذه اللجنة، مطلقُ الصلاحية لوضع الإعلان موضع التنفيذ، بما في ذلك إمكانية تنظيم زيارات للأقاليم المستعمرة، والاستماع للشكاوى المقدمة من الأهالي. وقد اتخذت اللجنة عدداً من الخطوات الجادة، والأنشطة المتشعبة، في هذا الصدد الأمر الذي أدى إلى قيام الجمعية العامة، باتخاذ عدد من القرارات الخاصة بتنفيذ الإعلان.

    وقد قامت الجمعية العامة بإحكام الحصار والعزلة السياسية، حول الدول الاستعمارية، التي رفضت التعاون معها، مثل: البرتغال، وجنوب أفريقيا. ثم قامت -في الوقت نفسه- باتخاذ قرارات حاسمة لمساعدة حركات التحرر الإفريقي في المستعمرات البرتغالية.  وبالفعل تمكن عديد من هذه الحركات، من المضي قدماً، بخطوات ثابتة، نحو الاستقلال الفعلي، بمساعدة الأمم المتحدة، التي احتوتهم - بعد ذلك- بوصفهم أعضاء فيها.

4. الإعلان الخاص بمنح الاستقلال للشعوب والأقطار المستعمرة:

    شكل مطلب الحصول على الاستقلال، من قبل الشعوب المستعمرة، مع التباطؤ في تنفيذ مبادئ الميثاق، وأهدافه، الحافزَ الأكبرَ للجمعية العامة، لكي تصدر عام 1960 "الإعلان الخاص بمنح الاستقلال للشعوب والبلدان المستعمرة". ويشير الإعلان إلى أن استعمار الشعوب هو إنكار لحقوق الإنسان الأساسية، وينطوي على خرق وعدم التزام بمبادئ الأمم المتحدة الواردة في الميثاق، ويعوق تنمية العلاقات الودية بين الشعوب. الأمر الذي يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. وعلى هذا طالب القرار بالتصفية الكاملة للاستعمار، وجعل القضاء عليه حَقاً من حقوق الشعوب، ونوه إلى أن إجراءاتٍ فورية سوف تتخذ في الأقاليم التي لم تحصل على الاستقلال، وذلك لتسليم شعوب هذه الأقاليم كافة السلطات، دونما أي شروط أو تحفظات، ووفقاً لإدارتها المعبر عنها تعبيراً حراً، وبدون تمييز في العقيدة، أو اللون، أو العنصر لتمكنها من الاستمتاع بالاستقلال التام والحرية. (اُنظر جدول قائمة بالأقاليم التي لم تحصل على استقلالها حتى 1998، وينطبق عليها إعلان الاستقلال لعام 1960)

أ. ناميبيا:

    في واحدة من المجهودات، المكللة بالنجاح، لتصفية الاستعمار، ساعدت الأمم المتحدة جنوب غرب أفريقيا (ناميبيا حاليّاً) في الحصول على استقلالها، في عام 1990.

    وتتلخص مشكلة ناميبيا (جنوب غرب أفريقيا) في أن حكومة جنوب أفريقيا كانت تدير هذا الإقليم، وفقاً لنظام الانتداب في عهد عصبة الأمم. وبعد إنشاء هيئة الأمم المتحدة، رفضت حكومة جنوب أفريقيا تطبيق نظام الوصاية البديل لنظام الانتداب، وقامت بتنظيم استفتاء شعبي في هذا الإقليم بغرض ضمه إليها. الأمر الذي رفضته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن ثم طلبت استشارة محكمة العدل الدولية حول إلزام جنوب أفريقيا بوضع إقليم ناميبيا تحت نظام الوصاية. وقد أصدرت المحكمة رأيها الاستشاري في 11 يوليه عام 1950 مقررة أن حكومة جنوب أفريقيا لا تملك، بصفة انفرادية، تغيير أو إنهاء نظام الانتداب، الذي لا يزال سارياً، وأن الجمعية العامة للأمم المتحدة حلَّت محل عصبة الأمم في ممارسة الرقابة المتعلقة بأحكام الانتداب التي  يجب أن تخضع لها حكومة جنوب أفريقيا.

    إلا أن حكومة جنوب أفريقيا، رفضت هذا الرأي الاستشاري، ولم تعره اهتماماً، ومن ثم عارضت وجود سلطة الأمم المتحدة في إقليم ناميبيا وفي عامي 1955 و 1959، حددت محكمة العدل الدولية، في رأيين استشاريين آخرين، مضمون التزام حكومة جنوب أفريقيا بالخضوع لرقابة الأمم المتحدة. ثم أتبع ذلك قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 أكتوبر 1966، بإنهاء انتداب جنوب أفريقيا على إقليم ناميبيا. وتلا ذلك تشكيل لجنة خاصة، مكونة من 14 عضواً، لدراسة كيفية إدارة الإقليم، لحين حصوله على الاستقلال. ثم اتخذت الجمعية العامة قراراً في جلسة طارئة، عقدت في مايو 1967، بتشكيل مجلس، تكون مهمته بحث كل الوسائل الممكنة، لتمكين هذا الإقليم من الحصول على استقلاله. وفي قرارات لاحقة تم تغيير اسم الإقليم إلى (ناميبيا) بدلاً من (جنوب غرب أفريقيا). وبدأ مجلس ناميبيا يمارس مهامه ابتداء من 1968. وفي العام نفسه، اعترفت الجمعية العامة بشرعية الكفاح المسلح لشعب ناميبيا ضد الاحتلال. وفي عام 1971، أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً جديداً، يقضي بعدم قانونية استمرار وجود جنوب أفريقيا في إقليم ناميبيا، وأنها مطالبة بالانسحاب.

    ولكن جنوب أفريقيا رفضت هذا الرأي، ممعنة في احتلال ناميبيا، ومستغلة ثرواتها، وفارضة نظام العزل العنصري هناك. وفي عام 1976، طالب مجلس الأمن جنوب أفريقيا بقبول إجراء الانتخابات في ناميبيا، تحت إشراف الأمم المتحدة ورقابتها. وقد طلبت الجمعية العامة أن تتضمن مباحثات الاستقلال "منظمة شعب جنوب غرب أفريقيا"، الممثل الوحيد لشعب ناميبيا.

    وفي يوليه 1978، بحث مجلس الأمن اقتراحاً قدمته خمس دول غربية، هي: كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإنجلترا، وأمريكا، بشأن إيجاد تسوية لمسألة ناميبيا، ويقضي الاقتراح بإجراء انتخابات حرة، تحت إشراف الأمم المتحدة، وإدارتها لكل إقليم ناميبيا، بحسبانه كياناً سياسيا واحداً. ويقضي الاقتراح كذلك، بتعيين ممثل للسكرتير العام في الإقليم، أثناء الفترة الانتقالية، وإنشاء قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، إلى أن يحصل الإقليم على استقلاله. وقد صدق المجلس بالقرار الرقم (435) على توصيات الأمين العام بتطبيق المشروع، مطالباً إياه بتعيين مبعوث خاص لناميبيا، وتكوين قوة للأمم المتحدة للمساعدة في الانتقال United Nations Assistance Group (UNTAG).

    وقد قامت جنوب أفريقيا بقبول المشروع في عام 1980، إلا أنها لم توافق على وقف إطلاق النار مع منظمة شعب جنوب غرب أفريقيا. وفي عام 1988، وعبر مباحثات تمت في مقر الأمم المتحدة، تُوصِّلَ إلى اتفاق لإحلال السلام في جنوب أفريقيا. وشرعت جنوب أفريقيا تتعاون مع الأمين العام، لاتخاذ خطوات نحو استقلال ناميبيا.

    وقد أدت هذه العملية إلى استقلال ناميبيا، بداية من أول أبريل عام 1989، بعد أن سحبت جنوب أفريقيا جميع قواتها. وقامت الجمعية التشريعية بصياغة دستور جديد، ووفق عليه في التاسع من فبراير 1990. واُنتخب رئيس "منظمة شعب جنوب غرب أفريقيا " أول رئيس لناميبيا، في 16 فبراير 1990 لمدة خمس سنوات. وفي 21 مارس، أدى الرئيس الناميبي الجديد يمين الولاء، أمام الأمين العام للأمم المتحدة، تقديراً لجهود المنظمة الدولية في حصول ناميبيا على استقلالها.

ب. قضية الصحراء الغربية:

    وتتلخص في أن إقليم الصحراء الغربية كان يدار منذ 1963، بواسطة أسبانيا. إلا أن موريتانيا والمغرب ادعتا وجود حقوق لهما في الإقليم، وقامتا بناء على ذلك بتقسيمه بينهما عام 1976، عقب إعلان أسبانيا إنهاء إدارتها له في عام 1975. وقد نفت محكمة العدل الدولية، في 1975، هذا الإدعاء. ومنذ انسحاب أسبانيا الفعلي من الإقليم عام 1976، نشب نزاع بين المغرب، التي قامت بضم الإقليم، من جانب، وبين جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، من جانب آخر.

    وقد دعت منظمة الوحدة الإفريقية، في عام 1979، الأطراف المتنازعة لإتاحة الفرصة لمواطني الصحراء الغربية، لإجراء استفتاء، لتقرير مصيرهم.

    وفي عام 1981، وافقت المغرب على وقف إطلاق النار، وإجراء استفتاء تحت مراقبة دولية، إلا أنها رفضت رفضاً باتّاً إجراء مشاورات مع جبهة البوليساريو. وفي عام 1982، اعترفت 26 دولة من أعضاء منظمة الوحدة الإفريقية، بجمهورية الصحراء الغربية الديمقراطية. وفي عامي 1983 و1984، أكدت المنظمة حق شعب الصحراء الغربية في ممارسة حقه الشرعي، في الحكم الذاتي والاستقلال، وأن على الأطراف المتنازعة، وقف إطلاق النار، وإجراء مباحثات شاملة. وبعد فترة وجيزة من الزمن قبل الطرفان؛ المغرب، وجبهة البوليساريو، خطة للتسوية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. ووافق -على أساسها- مجلس الأمن على إرسال "بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية" United Nations Mission for the Referendum in Western Sahara MINURSO. وضمت اللجنة مراقبين، للإشراف على الانتخابات، واستفتاء الشعب الصحراوي، على تقرير مصيره.

    وأرسل مجلس الأمن بعثته، في الوقت الذي دعا فيه الأمين العام لوقف رسمي لإطلاق النار، بحلول السادس من سبتمبر عام 1991. غير أن خلافات نشبت بين المغرب، والجبهة، حول تسجيل مواطني الصحراء الغربية. الأمر الذي أدى إلى إيقاف عملية التسجيل عام 1995. وفي عام 1997، نجح المبعوث الشخصي للأمين العام، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق جيمس بيكر (James Baker)، في إعادة عملية تسجيل المواطنين المشاركين في عملية الاستفتاء، إلا أنه لم يطرأ أي تغيير بعد ذلك.

ج. تيمور الشرقية East Timor:

    تعد مشكلة تيمور الشرقية مجالاً آخر للخلاف، الذي بذلت فيه الأمم المتحدة جهوداً حثيثة لحله، وكُلَّلَت جهودها أخيراً بالنجاح.

    تقع جزر تيمور شمالي استراليا في الجزء الجنوبي من منتصف سلسلة الجزر المكونة لجمهورية إندونيسيا. وكانت مستعمرة برتغالية.

    وفي عام 1960، وضعت الجمعيةُ العامة تيمورَ الشرقية، على قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي. وفي عام 1974، ومن منطلق حق مستعمراتها في تقرير مصيرهم، قامت البرتغال بإنشاء حكومة إشرافية، وجمعية أهلية، لتقرير مصير تيمور الشرقية، إلا أن الحرب الأهلية اندلعت في 1975 بين: مؤيدي الاستقلال، ومؤيدي الانضمام إلى إندونيسيا.

    وتحت هذه الظروف، انسحبت البرتغال، زاعمة عجزها عن التحكم في الأمور هناك. وقد أعلن نتيجة لذلك جزء من تيمور الشرقية استقلاله التام، أما الجزء الآخر، فقد أعلن استقلاله، وانضمامه إلى إندونيسيا. وفي ديسمبر، دخلت قوات إندونيسية تيمور الشرقية، وكونت حكومة مؤقتة. بما أدى إلى إثارة حفيظة البرتغال، التي قطعت علاقاتها مع إندونيسيا. وقد طرحت البرتغال القضية برمتها على مجلس الأمن، فطالب، هو والجمعية العامة، إندونيسيا بسحب قواتها، ودعا الأطراف المتنازعة إلى احترام حدود تيمور الشرقية، واحترام حق شعبها في تقرير مصيره.

    وفي عام 1976، أجرت الحكومة المؤقتة هناك انتخابات للانضمام إلى إندونيسيا. ثم أصدرت إندونيسيا قانوناً لضم تيمور الشرقية. كان ذلك إيذاناً باندلاع المقاومة المسلحة في تيمور الشرقية.

    وفي عام 1982، وبناءً على طلب من الجمعية العامة، شرع مجلس الأمن في عقد اجتماعات، مع إندونيسيا والبرتغال، لحسم الوضع في تيمور الشرقية. وفي 1997، عَيَّن الأمين العام مبعوثاً شخصي لتيمور الشرقية، وكُلِّف بعقد اجتماعات مطولة، على جميع المستويات، مع جميع أطراف النزاع. وواكب ذلك إعلان كل من حكومتي البرتغال وإندونيسيا عن رغبتهما في حل المشكلة حلاً سلميّاً.

    وقد اتُفِق على إجراء استفتاء شعبي في تيمور الشرقية، لتقرير مصيرها. وقد جرى الإعداد له وإنفاذه، تحت مظلة الأمم المتحدة مع نهاية أغسطس 1999. وأسفرت نتائجه عن تأييد الأغلبية من مواطني تيمور الشرقية للاستقلال. غير أن هذه النتائج لم ترضِ المليشيات المسلحة المؤيدة لبقاء تيمور الشرقية تابعة لإندونيسيا، فقامت بشن عمليات مسلحة على مواطني تيمور الشرقية. الأمر الذي دعا الأمم المتحدة إلى إرسال قوات دولية لحماية المواطنين هناك، وتمكينهم من ممارسة استقلالهم على النحو الذي ارتضوه.

د. البرتغال:

    استعمرت البرتغال مجموعة من الشعوب الأفريقية، إبان الحقبة الاستعمارية، من هذا القرن. ومن هذه الشعوب: أنجولا، وموزمبيق، وغينيا بيساو. وعند صدور إعلان عام 1960، بشأن تصفية الاستعمار، ومنح الشعوب المستعمرة الحق في تقرير مصيرها، امتنعت الحكومة البرتغالية عن تطبيقه، والالتزام به فما كان من الجمعية العامة للأمم المتحدة، عام 1962، إلا أن ناشدت الدول الأعضاء بالتوقف الفوري عن إرسال أي مساعدة، تسمح للحكومة البرتغالية، باستمرار اتباع سياسة القمع، ضد حركات التحرر الوطني في هذه البلاد. وقد استمر توقيع هذه الجزاءات على البرتغال، حتى تغيرت السلطة، في أبريل 1974 في أعقاب الثورة البرتغالية. وقد استجابت السلطة البرتغالية الجديدة لمطالب الأمم المتحدة، وقامت بمنح الشعوب الأفريقية التي تستعمرها حريتها، واستقلالها.

هـ. روديسيا[2]:

    كانت روديسيا الجنوبية (زيمبابوي) نموذجاً حيّاً للدولة العنصرية، في ذلك الوقت. إذ كانت تحكمها أقلية بيضاء تسيطر على جميع مقدرات البلاد، في حين كانت الأغلبية السوداء لا تملك من الأمر شيئاً. فضلاً عن الممارسات العنصرية، التي كان يوقعها النظام العنصري، تجاه الأغلبية السوداء. وقد وقعت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدداً من الجزاءات على زيمبابوي (روديسيا الجنوبية)، نظراً لقيام الأقلية العنصرية بإعلان الاستقلال، من جانب واحد عام 1965.

    ولذا، دعت الجمعية العامة بريطانيا، إلى وضع نهاية لعصيان السلطات العنصرية في روديسيا الجنوبية، وأوصت مجلس الأمن، ببحث هذه التطورات. وبناءً على ذلك، ندد مجلس الأمن في نوفمبر 1965، بإعلان الاستقلال من جانب واحد. كما طلب المجلس، من الدول الأعضاء، عدم الاعتراف بالنظام العنصري القائم آنذاك، والامتناع عن إرسال الأسلحة، والمعدات العسكرية إليه، وقطع الصلات الاقتصادية معه، وبخاصة توريد البترول ومنتجاته. وفي السياق نفسه، طالب المجلس بريطانيا بالتدخل لإنهاء تسلط الأقلية البيضاء على الأغلبية الأفريقية.

    وتلا ذلك إصدار القرار الرقم (232) من مجلس الأمن، في 16 ديسمبر 1966. وقد تضمن عدة إجراءات خاصة بالمقاطعة الاقتصادية لروديسيا الجنوبية. كما صدر، في السياق نفسه، قراران من مجلس الأمن، هما: القرار الرقم 253 ، والرقم 277، عام 1968، بتعزيز إجراءات المقاطعة الاقتصادية. وذلك، بمنع كل صور وأشكال العلاقات التجارية، والمالية، والاستثمارات، والمواصلات الجوية، ووقف الاعتراف بوثائق السفر الصادرة عنها، والهجرة إليها، وسحب التمثيل الدبلوماسي، والتجاري منها، وقطع كل المواصلات، وعدم الاعتراف بأي عمل رسمي صادر منها. ونتيجة لتلك الضغوط الدولية المتزايدة، وتصاعد حركات التحرر الوطني، استطاع شعب زيمبابوي أن ينال استقلاله، وتمكنت الأغلبية الأفريقية من السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد.



[1]  الكيلوطن: هي كمية الطاقة التي تطلقها 907 أطنان مكعبة من مادة ثلاثي نيترو التولوين (تي. إن. تي)

[2] كانت روديسيا مستعمرة بريطانية.