المقدمة

    كان إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية، أمراً حيوياً ومرغوباً، خاصة في هذه القارة، التي تعرضت لظلم الاستعمار، وقسوة الجهل والفقر والمرض. إذ نُهبت ثرواتها، واستُعبدت شعوبها، بلا رحمة ولا هوادة. لهذا، جاءت المنظمة لتعيد الأمل إلى هذه الشعوب، والحكومات المغلوبة على أمرها، بإنشاء نظام تعاوني، يُبنى على التضامن والتعاون والمشاركة، بالقدر الذي تسمح به ظروف وطبيعية العلاقات البيئية بين هذه الدول. وأصبحت المنظمة القوة، التي تُظاهر شعوب القارة الأفريقية وحكوماتها، سواء في كفاحها ضد الاستعمار، أو التفرقة العنصرية، أو في سعيها إلى إعادة بناء نفسها، بالتنمية الاقتصادية، في ظل السلام والأمن.

    ومن الملاحظ لكل مراقب للأحداث في القارة، أن منظمة الوحدة الأفريقية حاولت، منذ نشأتها، حلّ مشاكل القارة، الإقليمية والعالمية، والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. وما يؤكد ذلك، أن هذه المنظمة، منفردة عن مثيلاتها من التجمعات الإقليمية، منتظمة في اجتماعاتها، سواء على مستوى القمة، أو مستوى الوزراء، وكذلك في نشاط أمانتها العامة وفاعليتها.

    قد يصف بعض المحللين المنظمة بمحدودية النتائج، وتحقيق الأهداف، خاصة في المجالات الاقتصادية. ويرجع ذلك إلى أسباب وملابسات عديدة، قد تكون خارجة عن سلطات هذه المنظمة ومسؤولياتها. فالمنظمة لا تملك آلية تحقيق الأهداف، وتنفيذ السياسات، بل يقتصر دورها على وضع الإستراتيجيات المختلفة، والتنسيق بين الآراء، والتقريب بين وجهات النظر، والتعضيد والتأييد، إقليمياً وعالمياً.