إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / تجمع دول الساحل والصحراء






تجمع دول الساحل والصحراء



تجمع دول الساحل والصحراء

المبحث الرابع

تطورات الأوضاع، منذ عام 2002، في تجمّع دول الساحل والصحراء

أولاً: التطور التنظيمي لتجمّع دول الساحل والصحراء، منذ عام 2002

1. ظاهرة تزايد أعضاء التجمع

يمثل تزايد العضوية في تجمّع دول الساحل والصحراء، ظاهرة لافتة، جديرة بالمتابعة والاهتمام، ليس لتزايد عدد دوله الأعضاء فقط؛ وإنما لجدوى ذلك العدد المطرد، وانعكاسها كذلك على فاعلية التجمع، وهو الذي أوشك أن يمر على تأسيسه عقد من الزمان، وما زالت أهدافه الرئيسية، المتعلقة بالنشاط الاقتصادي، تراوح مكانها، من دون إنجازات اقتصادية حقيقية، تخدم أهداف الدول الأعضاء ومصالحها.

لقد تطورت العضوية في تجمّع دول الساحل والصحراء، منذ أوائل الألفية الثالثة، تطوراً ملحوظاً. ففي قِمة سرت، عام 2002، انضمت كلّ من توجو، وبنين. وإلى جانب ساحل العاج، التي لم تكن عضواً مراقباً، ولا كامل العضوية في فئة "سين صاد" أوضح منظمو القِمة، المنعقدة في عام 2004، والتي شارك فيها رؤساء 15 دولة أفريقية، أن كلاًّ من غانا وليبيريا وغينيا بيساو، التي كانت دولاً مراقبة، من قبل، قُبلَت أعضاء كاملي العضوية في الفئة. ومن ثَم، فقد أصبح التجمع يضم في عضويته 23 دولة، هي: ليبيا ومصر والسودان وتونس والمغرب والصومال وجيبوتي والنيجر واريتريا ونيجيريا والسنغال وغامبيا وأفريقيا الوسطى وتشاد ومالي وبوركينا فاسو وتوجو وبنين وغينيا بيساو وساحل العاج وليبيريا وغانا وسيراليون.

وقد انضمت دولتان جديدتان، هما: غينيا وجزر القمر، إلى تجمّع دول الساحل والصحراء (سين صاد) خلال الجلسة الافتتاحية لِقِمته التاسعة، في مدينة سرت الليبية، خلال الأسبوع الأول من يونيه 2007؛ ليرتفع بذلك عدد أعضائه إلى 25 دولة. وافتتح القِمة الرئيس الحالي للتجمع، الزعيم الليبي، معمر القذافي، بحضور 14 رئيس دولة، وعشرة رؤساء حكومات ووزراء. وقد رحّب بالحضور الرفيع المستوى، الذي يعكس، على حدّ زعمه، الأهمية التي تعلقها الدول الأعضاء على تجمّع دول الساحل والصحراء؛ مشيراً إلى الأهمية المتزايدة لهذه المنظمة في أفريقيا.

وكان قد حضر إلى سرت (450 كم شرق طرابلس) ثلاثة عشر رئيس دولة عضو في التجمع، هي: السودان وتشاد والصومال ومالي وبوركينا فاسو وساحل العاج والسنغال وأفريقيا الوسطى وتوجو وبنين وليبيريا وسيراليون وغينيا بيساو. كما حضر القِمة رئيس جزر القمر، أحمد عبدالله سامبي، إثر انضمام اتحاد جزر القمر إلى التجمع؛ بخلاف الرئيس الغيني، لانسانا كونتي، الذي انتدب رئيس وزرائه، ليمثله في القِمة. ومثّل باقي الدول رؤساء حكوماتها أو وزراء خارجيتها. ولم يحضر القِمة الرئيس المصري، حسني مبارك، الذي مثله وزير الزراعة.

ونتيجة لهذا التوسع في عضوية التجمع، فقد ازدادت مساحته الإقليمية، وارتفع عدد سكانه، إذ بلغت مساحة دوله 512 مليون كيلومتر مربع، وعدد سكانها 400 مليون نسمة، أي 48 بالمائة من سكان القارة الأفريقية. والزراعة هي المورد الاقتصادي الأساسي لتلك الدول (75 بالمائة من الناتج الإجمالي)؛ ويعمل فيها 65 بالمائة من اليد العاملة. وفي هذا الإطار، قال القذافي، في كلمة، خلال الجلسة الافتتاحية، إن "تجمّع دول الساحل والصحراء مختلف عن باقي التجمعات الإقليمية؛ لأنه يعمل كقاعدة للاتحاد الأفريقي"؛ فهو، إذاً، التجمع الأكبر بين كلّ تجمعات القارة. وفي هذه القِمة، كان الملف الاقتصادي هو أهم الملفات، وأكبرها شأناً؛ الأمر الذي جعل رئيس جزر القمر، أحمد عبدالله سيمبي، يعزو انضمام بلاده إلى هذا التجمع إلى أسباب اقتصادية.

والعضوية في تجمّع دول الساحل والصحراء عضوية مفتوحة، لا ترتهن بمنطقة إقليمية محددة، بمعنى أنها عابرة للإقليمية؛ فهو لا يقتصر على الدول الخاصة بإقليم محدد (كتجمع السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي (كوميسا ) الجماعة التنموية للجنوب الأفريقي (سادك) ـ الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) ـ الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا، واتحاد المغرب العربي في شمال أفريقيا، والهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد) في منطقة القرن الأفريقي). ويُعْزَى ذلك إلى طموحات القذافي الأفريقية؛ فهو يرغب في أن يمتد التجمع من المحيط الهندي شرقاً إلى الأطلسي غرباً؛ لذا، لم يُقَيَّد الانضمام إليه بشروط معقدة، كشرط الانتماء إلى الإقليم؛ وإنما اكتُفي بموافقة الدول الأعضاء، بالإجماع، على طلبات عضويته.

ويبدو أن طموحات القذافي، في ما يتعلق بهذا التجمع، لا تتوقف عند حدّ معين من الدول. فهو يذهب تارة إلى وجوب أن يكون هناك تجمّعان اثنان في القارة: أحدهما، الجماعة التنموية للجنوب الأفريقي (السادك) في منطقة الجنوب؛ والآخر، تجمّع دول الساحل والصحراء، ويكون مسؤولاً عن باقي مناطق القارة. كما يرتئي ضرورة أن يكون هذا التجمع، هو الأساس، الذي تبنى عليه الولايات المتحدة الأفريقية؛ فيكون، من ثَم، ناسخاً لجميع المنظمات داخل القارة، بما فيها الاتحاد الأفريقي.

وسرعان ما أصبح التجمع هو ثاني أكبر تجمّع أفريقي، من حيث العضوية، بعد الكوميسا. وفاق الإيكواس ذاتها، التي اقتصرت عضويتها، عند تأسيسها، عام 1975، على خمس عشرة دولة عضواً، وانضمت إليها دولة واحدة فقط، في العام التالي، هي الرأس الأخضر؛ لتعدم على مدار أكثر من ربع قرن، انضمام أيّ دولة أخرى. أمّا تجمّع الساحل، فقد تأسس بست دول، أمست اثنتي عشرة دولة، في القمة الثانية؛ وأصبحت ست عشرة دولة، في القمة الثالثة؛ ثم ثماني عشرة دولة، في القمة الخامسة؛ لتبلغ 25 دولة، في القمة التاسعة. لاشك أن التجمع، لا يزال في سنواته الأولى. وأن هناك تركيزاً في الكمّ والانتشار فقط، على حساب الكيف. فلم تتخذ خطوات ملموسة، في مختلف الأصعدة؛ ما يعني أن حلم التجمع، ما برح بعيد المنال.

2. انتظام قِمم التجمع

انتظم انعقاد قِمم التجمع، منذ قِمته التأسيسية، عام 1998. وتلتها قِمة أنجامينا (تشاد)، من 4 إلى 5 فبراير 2000. وشهدت انضمام السنغال وغامبيا وجيبوتي؛ ليضم التجمع 11 بلداً عضواً. وتبعتها قِمة الخرطوم (السودان)، يومَي 12 و13 فبراير 2001. وشهدت انضمام كلّ من مصر والمغرب وتونس ونيجيريا والصومال؛ ليصبح عدد الدول، أعضاء التجمع، 16 بلداً. ثم قِمة سرت (ليبيا)، يومَي 6 و7 مارس 2002. وانضمت خلالها كل من توجو وبنين؛ ليصبح عدد الدول الأعضاء 18 بلدا، والتأمت قِمة نيامي (النيجر)، يومَي 14 و15 مايو 2003. وعقدت قِمة باماكو (مالي)، في مايو 2004. وانضمت خلالها ليبيريا وغينيا بيساو وساحل العاج (كوت ديفوار)؛ ليصبح عدد الأعضاء 21 بلداً. وأعقبتها قِمة واجادوجو (بوركينا فاسو) في الأول والثاني من يونيه 2005، التي انضمت خلالها سيراليون وغانا؛ ليرتفع عدد الأعضاء إلى 23 بلداً. ثم قِمة سرت (في ليبيا) يونيه 2007. وانضمت خلالها دولتان، هما: غينيا وجزر القمر.

3. تطور المؤسسات، داخل التجمع

مؤتمر القمة هو أعلى سلطة، داخل التجمع؛ يسهم إسهاماً محورياً ورئيسياً في رسم توجهاته، وتسيير سياساته وممارساته. وللتجمع مجلس تنفيذي، يتكون من الوزراء المكلفين الخارجية والاقتصاد والمالية والتخطيط والداخلية والأمن العام. ينعقد كلّ ستة أشهر. ويُعِدّ برامج الاندماج وخططه، ويعرضها على مؤتمر القِمة. ويرعى تنفيذ قرارات القِمم المتعلقة بالمجالات الواردة في المعاهدة التأسيسية؛ إلى جانب دراسة مقترحات ونتائج أعمال اللجان الوزارية القطاعية، وتقديمها إلى مؤتمر القمة. ويتمتع تجمّع (س. ص) بأمانة عامة، مقرها طرابلس (ليبيا). ويديرها أمين عام، يعاونه أمين عام مساعد. وهي مكلفة متابعة وتنفيذ أهداف المعاهدة التأسيسية وقرارات مؤتمرات القمة. كما زُوِّدَ التجمع بذراع اقتصادية، هي مصرف (س.ص) للاستثمار والتجارة، الذي يتخذ من طرابلس مقراً مؤقتاً له. ويبلغ رأسماله، اليوم، 250 مليون يورو. ويموّل المصرف المشاريع التنموية، داخل الدول الأعضاء. ويضطلع بالأنشطة: المصرفية والمالية والتجارية. كما يمثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، الذي يتخذ من باماكو (مالي) مقراً له الذراع الأخرى للتجمع. مهمته استشارية، تتمثل في مساعدة أجهزة تجمّع (س.ص)، وإعداد سياسات وخطط وبرامج التنمية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ويضم خمسة أعضاء مختارين عن كلّ دولة عضو. أمّا لجانه، فأربع، هي: لجنة التخطيط والاقتصاد والمالية، ولجنة التربية والثقافة والعلوم والإعلام والتنمية الريفية، ولجنة الشؤون الاجتماعية والصحة والبيئة، ولجنة النقل والاتصالات والطاقة.

ويسعى التجمع إلى استكمال مؤسساته التنظيمية، مثل: صندوق التضامن للتدخلات الإنسانية، وشركة طيران داخلية بين الدول الأعضاء. بيد أن أمانته العامة طالما عانت الصعوبات والمعوقات، التي تعرقل تشغيل تلك المؤسسات وتفعيلها. وتضطر إلى الإفصاح عن تلك العراقيل، كلّما كانت الفرصة ممكنة، أثناء مؤتمرات القِمة، أو خلال عرضها على الجهاز التنفيذي. تلك المعوقات تواني الدول الأعضاء عن دفع اشتراكاتها السنوية، وإغفالها لاستكمال دفع اكتتاباتها في رؤوس الأموال، الخاصة بالبنك الأفريقي للتنمية والتجارة. وهذا التقاعس، يؤدي إلى القصور في أداء عمل القطاعات واللجان، المقررة لتفعيل نشاط المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ولهذا، طالبت الأمانة العامة بضرورة توفير الظروف الملائمة لتفعيل وتشغيل وحداتها التنظيمية.

وكان الأمين العام لتجمّع دول الساحل والصحراء (س.ص)، محمد المدني الأزهري، قد أكد أن مؤسسات التجمع وهياكله، هي صروح، تعمل لأداء الرسالة، التي اختارها لها قادته. وأعلن، في كلمته، في الجلسة الافتتاحية للاجتماع العادي للجمعية العمومية لمصرف الساحل والصحراء للاستثمار والتجارة، عام 2007، الذي عقد في طرابلس, أن هذه المؤسسة المالية، تحتاج إلى المزيد من الجهد، لتحقيق الأهداف والغايات، التي أنشئت من أجْلها، بصفتها أداة فاعلة لإقامة البرامج المتعددة، والمتنوعة، في مجال التنمية الزراعية، والقضاء على الآفات، التي تهدد الزراعة؛ وخلق بِنًى تحتية، تسهم في حركة انسياب السلع والأشخاص بين دول التجمع. وأضاف أن قادة تجمّع دول الساحل والصحراء، قرروا إنشاء هذا المصرف، وتقديم كلّ الدعم له: المادي والمعنوي؛ ليكون إحدى المؤسسات والهياكل الفاعلة في هذا التجمع. ودعا الأزهري إلى ضرورة أن يضع المصرف خطة شاملة، لمكافحة الفقر؛ وتشجيع المشاريع التنموية، وخاصة في الأرياف؛ وإقامة مشاريع صغرى في الدول الأعضاء.

وأكد أمين اللجنة الشعبية العامة للمالية، محمد الحويج، خلال اجتماع حضره عدد من الوزراء وممثلي الدول الأعضاء، المساهمة في المصرف، أن تجمّع دول الساحل والصحراء، أصبح يستند إلى ركائز ثابتة: سياسية واقتصادية واجتماعية، تجمّع بين دوله، التي تُؤَلِّف بينها الجغرافيا والتاريخ؛ التي تسخِّر إمكانياتها، وخيرات أراضيها، وعقول أبنائها، لتحقيق رفاهية شعوبها. وأضاف أن مصرف الساحل والصحراء، يُعَدّ أحد أهم المؤسسات المالية، ومحركاً اقتصادياً للتنمية والاستثمار في دول التجمع، بل في أفريقيا، بما يسهم في تعزيز بناء هياكل الاتحاد الأفريقي ومؤسساته. أمّا رئيس مجلس الإدارة، المدير العام لمصرف الساحل والصحراء للاستثمار والتجارة، الهادي الورفلي، في كلمته، في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العمومية للمصرف، فقد استعرض البرامج والخطط المصرفية، التي تشمل النشاط المصرفي، والنشاط الاستثماري، وتمويل المشاريع لمكافحة الفقر في دول التجمع، وافتتاح فروع مصرفية في بنين وبوركينا فاسو وتشاد وتوجو وليبيا ومالي والنيجر والسنغال والسودان. وأعلن الهادي الورفلي، أنه ستُفتتح، خلال عام 2007، فروع للمصرف في جامبيا وغانا وأفريقيا الوسطي. وأوضح أن المصرف يسعى، في مجال الاستثمار، إلى تكثيف نشاطه في القطاعات، التي تسهم في إسناد اقتصاديات الدول الأعضاء، وخاصة في الزراعة والصناعات التحويلية، القائمة على الإنتاج الزراعي والحيواني. وأشار إلى أن تمويلات المصرف، بلغت 265 مليون يورو، في نهاية 2006، مقابل 185 مليون يورو، عام 2005. وأعلن أنه تقرر إنشاء شركات للتأمين وإعادة التأمين، في الدول الأعضاء؛ لتسويق هذا النشاط، الذي سيؤدي إلى تنمية الحراك المصرفي ونشاط التأمين معاً.

وعكفت الجمعية العمومية خلال اجتماعها، على مناقشة جدول أعمالها، الذي تضمن العديد من المواضيع، التي تهم المصرف وأنشطته؛ وتقرير مجلس الإدارة في شأن السنة المالية المنتهية؛ ومدى تنفيذ الاتفاقات بين المصرف والدول الأعضاء ومساهماتها في رأسماله. كما تضمن جدول الأعمال تقرير مراجعي الحسابات، والتصديق على الميزانية، وطلب انضمام إريتريا إلى هذه المؤسسة المالية.

أنشئ مصرف الساحل والصحراء للاستثمار والتجارة في مدينة سرت الليبية؛ لرعاية الموارد المالية: العامة والخاصة؛ وتوظيفها في تمويل خطط وبرامج ومشروعات التنمية، في دول (س.ص). ويبلغ رأسمال هذه المؤسسة المصرفية الإقليمية، المصرح به، 250 مليون يورو؛ ورأس المال، المكتتب فيه، 250 مليون يورو. وتسهم في رأسمال المصرف، حتى نهاية عام 2005، كل من ليبيا (بنسبة 45 في المائة)، والسودان (10 في المائة) وتشترك في دفع الباقي أفريقيا الوسطي وبوركينا فاسو وتوجو وجامبيا والنيجر وبنين وتشاد والسنغال ومالي، بنسبة 5 في المائة لكلّ من هذه الدول.

وقد حرص التجمع على تكوين اللجان المتخصصة، من أجل تسهيل تنفيذ قراراته، بما يماشي أهدافه: السياسية والاقتصادية والأمنية غير أن حداثته، وانشغاله بالجانب السياسي، دون الجوانب الأخرى ـ حالاَ دون تحقيق تلك الأهداف، بل أَجَّجَا الخلافات بين دوله؛ ما أدى إلى عدم تحقيق أيّ تقدُّم اقتصادي. وزاد الأمر سوءاً إمعان ليبيا في هيمنتها على التجمع؛ وهو ما يبدو واضحاً في:

·   عضوية ليبيا في اللجان الثلاث، التي تقرر إنشاؤها (الاقتصادية – السياسية - الأمنية).

·   اختيار ليبيا، مرة ثانية، لترأس التجمع، على الرغم من وجود مصر ونيجيريا، مثلاً.

·   تخصيص الأوضاع في دول الجوار الليبي بالاهتمام (النزاع بين تشاد وأفريقيا الوسطى - الأوضاع في السودان - الأوضاع في تشاد).

·   جموح قائد الثورة الليبية إلى الزعامة.

·    استئثار ليبيا بمنصب الأمين العام للتجمع، منذ تأسيسه حتى الوقت الراهن.

·    انعقاد معظم قِمم المجلس التنفيذي ومؤتمراته في ليبيا؛ ما يعزز سيطرتها وهيمنتها على التجمع.

ثانياً: تطور الأداء في تجمّع دول الساحل والصحراء، منذ عام 2002

نصت المادة الأولى من المعاهدة، المنشئة للتجمع، على أنه يستهدف، أساساً، تسهيل حركة رؤوس الأموال والأشخاص، وتشجيع انتقال البضائع والسلع الوطنية المنشأ، وترويج الاستثمار في الدول الأعضاء، وتنسيق النظُم والسياسات: الاقتصادية والاجتماعية. ؛ فتجمّع الساحل والصحراء، إذاً، هو منظمة إقليمية أفريقية للتكامل الاقتصادي. ويُعْزَى عدم النص على أهداف أمنية في المعاهدة، المنشئة للتجمع، إلى طغيان السمة الاقتصادية عليه؛ فضلاً عن الخوف من تحوُّله إلى أداة في يد ليبيا؛ للتدخل في شؤون الدول الأعضاء؛ ما يَنْقُض مبدأ السيادة. ومصداق ذلك بعض التجارب الإقليمية، التي وسعت أهدافها من اقتصادية إلى أمنية، كمنظمة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي صارت أداة في يد نيجيريا للتدخل في شؤون الدول الأعضاء. ولذلك، حرصت دول (س.ص) على تسميته تجمعاً بدلاً من "اتحاد"؛ لأن كلمة الاتحاد هي أكثر شمولية.

بيد أن المساعدات الليبية السخية للدول الأعضاء، والعلاقة بين التنمية الاقتصادية وتحقيق الأمن والسلم؛ فضلاً عن التوجهات الليبية، الرامية إلى كفالة وتعزيز إسهام أمني للتجمع، كلّ ذلك سوّغ النص على بعض الأهداف الأمنية، التي تماشي مبادئ القانون الدولي، والقواعد المنظمة للعلاقات الدولية؛ وذلك خلال القمة الثانية للتجمع، في نجامينا، عاصمة تشاد، عام 1999؛ حيث كانت الموافقة على الميثاق الأمني، الذي ينص على الأهداف التالية:

1. تعاون الدول الأعضاء على حفظ السلم والأمن في كلّ منها.

2. إنشاء مكتب دائم للتنسيق في هذا الشأن.

3. تطوير التعاون، في مجالات الأمن العام، والتصدي لظواهر التهريب، والهجرة غير المشروعة، والجريمة المنظمة، وتجارة المخدرات، وتهريب الأسلحة.

ولقد قررت القمة تعيين الرئيس القذافي منسقاً عاماً للسلام، ليس في منطقة التجمع فقط؛ وإنما خارجه كذلك؛ والتفويض إليه الحديث باسم التجمع، في هذا الشأن.

عزمت ليبيا على استبدال تجمّع دول الساحل والصحراء بالتجمعات العربية، بما فيها الجامعة العربية، والتي أيقنت فشلها. ولم يتردد القذافي، أوائل مارس 2002، في خطبته، في الذكرى الخامسة والعشرين لإعلان سلطة الشعب الليبي، أن يزدري تلك الجامعة ؛ بل طالب اللجان الشعبية باتخاذ قرار الانسحاب الليبي منها. وقد حفزت خطبة القذافي المجلس التنفيذي، في دورته السابعة، بين 3 و5 مارس، أثناء إعداده جدول أعمال القمة الرابعة لتجمّع دول الساحل والصحراء، حفزته إلى مناقشة عدة قضايا، أبرزها:

·  القضايا الاقتصادية: كان من أهمها دراسة سبل إنشاء منطقة تجارة حرة بين دول التجمع. عُهد إلى الأمين العام ببحثها. كما وافق المجلس على تأليف لجنة اقتصادية، تضم في عضويتها كلاًّ من ليبيا، ومصر، وتونس، ونيجيريا؛ إضافة إلى المصرف الأفريقي للتنمية والتجارة، التابع للتجمع والأمانة العامة.

·  وكُلِّفَت متابعة القضايا الاقتصادية، الداخلة في نطاق تفعيل التعاون الاقتصادي المشترك بين دول التجمع.

·  القضايا الأمنية: كان من أبرزها بحث آلية للإنذار المبكر، لتسوية النزاعات والحيلولة دونها، على غرار الآلية الأفريقية، التي أنشئت عام 1993. وقرر المجلس تأليف لجنة، لبحث هذا الموضوع من جوانبه المختلفة. وتضم كلاًّ من ليبيا، والسودان، وبوركينا فاسو، إلى جانب الأمين العام. وترفع اللجنة تقريرها إلى القِمة، فور اكتماله.

·   القضايا السياسية: أُلِّفَت لجنة، لمتابعة علاقات الدول الأعضاء: البينية والخارجية. وتضم اللجنة كلاًّ من ليبيا، والسودان، وتشاد، والنيجر، وتوجو، والجابون.

ويبدو أن هذه اللجان، ستحتاج إلى لجان فرعية، قوامها خبراء، في مختلف المجالات؛ وهو الاقتراح، الذي تقدمت به مصر، وحظي بالموافقة عليه.

أمّا أبرز القضايا، التي عرضت على القمة، فكانت مناقشة تقرير الأمين العام، في شأن النزاعات المسلحة، في كلّ من تشاد، وأفريقيا الوسطى، والسودان، والصومال؛ إضافة إلى بحث انضمام كلٍّ من توجو، وبنين، وليبيريا إلى عضوية التجمع.

لقد انماز البيان الختامي لقِمة مارس 2002 بميزتَين: أولاهما، تركيزه في القضايا السياسيـة، ذات الأبعاد الأمنية ؛ والثانية، مطاولة اهتمامه الدول غير الأعضاء في تجمع (س.ص). وتَجَلَّت أُوْلَى الميزتَين في:

أ. مطالبة مجلس الأمن بإطلاق عبدالباسط المقراحي، المتهم الثاني في قضية لوكيربي، وإلغاء كلّ قرارات المجلس القسرية، ذات الصلة. والموافقة على أن ترأس ليبيا التجمع، خلال دورته المقبلة.

ب. تأييد سياسة الحكومة السودانية الحالية، برئاسة البشير. ومطالبة مصر وليبيا بمواصلة جهود المصالحة، والمناسقة بين مبادرتَيهما ومبادرة الإيجاد.

ج. مباركة اتفاق السلام، الذي وقعه الرئيس التشادي، ديبي، مع الحركة من أجل الديموقراطية والعدالة، في يناير الماضي.

د. اعتماد توصيات قِمة الخرطوم السابقة، في شأن التدابير اللازمة لإعمار أفريقيا الوسطى وإعادة السلام إليها. والاستعداد لتوحيد الجهود مع المنظمات: الإقليمية والدولية ذات الشأن (منظمة الوحدة الأفريقية - الأمم المتحدة). والموافقة على تأليف لجنة من التجمع، تندمج في نظيرتها، التي أَلَّفَتْها الجماعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا، والمعروفة باسم: "سوماك"؛ للوقوف على الأوضاع في تلك المنطقة، والعمل على نشر مراقبين في الحدود بين أفريقيا الوسطى وتشاد؛ إضافة إلى نشر القوة التابعة للتجمع في داخل الأُوْلى، وتخصيصها بإنشاء صندوق دعم.

هـ. التنويه بجهود التسوية للنزاع الإثيوبي – الأريتري. والإشادة باحترام أسمرا، عضو التجمع، لاتفاق السلام، المبرم مع أديس أبابا، في يونيه 2000.

و. تأييد الحكومة الوطنية الانتقالية، في الصومال، بزعامة الرئيس عبدالقادر صلاد حسن؛ ودعوة الفرقاء للانضمام إلى جهود المصالحة في ذلك البلد؛ ومطالبة المنظمات: الإقليمية والدولية، بالاضطلاع بمساهمة مهمة، في هذا الشأن.

ز. موافقة دول التجمع على قبول عضوية بنين وتوجو فيه. وإرجاء عضوية ليبيريا، لعدم تحقق شرط الإجماع؛ مع احتفاظها بوضع المراقب (في ذلك الحين).

أمّا القِمة السادسة للتجمع، في عاصمة مالي، باماكو، في مايو 2004، فركزت في مكافحة الإرهاب، وتحسين التعاون الاقتصادي البيني. وتوصلت إلى بروتوكول أمني، في شأن آلية الوقاية من النزاعات وإدارتها. كما قررت إنشاء سلطة للمياه؛ تعالج شحها، الذي عطل قطاع الزراعة. ووافقت على انضمام أربع دول على التجمع، من بينها ساحل العاج.

وأكد الزعيم الليبي، معمر القذافي، في ختام القمة، معارضته لأيّ تدخّل أجنبي في منازعاتها. ودان تحركات قوى أجنبية للتدخل في النزاع، الدائر في إقليم دارفور، غربي السودان؛ إذ ما هو إلا خلاف بين القبائل. وبحضور رئيس ساحل العاج، لوران جباجبو, الذي شارك في القِمة، ليطلع المشاركين على الوضع في بلاده، شدد الزعيم الليبي على ضرورة التوصل إلى حل في هذا البلد، بالاتفاق بين أهله. وكان قد قال في خطبته، في افتتاح القِمة: إن "شعب ساحل العاج، هو الذي انتخب جباجبو؛ لذلك يعود إليه تحمل المسؤولية". وأضاف: "أقول لأهل ساحل العاج: انتخبتم جباجبو، فدعوه يعمل لإعادة السلام، بدون تدخّل أجنبي".

ولفت الرئيس المالي، أمادي توماني توري، الذي تولى رئاسة التجمع، إلى الإرادة الحسنة لأبناء ساحل العاج، في تسوية الأزمة.

لقد دعت قِمة تجمّع الساحل والصحراء، عام 2005، والتي اختتمت أعمالها واجادوجو (بوركينا فاسو)، كلّ الفصائل المتمردة في السودان إلى التوقيع على اتفاق السلام في دارفور. وأعلنت تأليف لجنة،للمساعدة على تحقيق السلام في الصومال. ونص بيانها الختامي على أن المجلس الرئاسي للتجمع، يعلن "تأييده ودعمه لاتفاق السلام، الموقع بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، بأبوجا". وأضاف البيان: "يناشد تجمّع دول الساحل والصحراء الأخوة، الذين لم يوقعوا على هذا الاتفاق، أن ينضموا إلى مسيرة السلام، في أقرب فرصة ممكنة". كما ناشد "المجتمع الدولي تأييد الاتفاقية، وتقديم الدعم العاجل للاتحاد الأفريقي، حتى يتمكن من تطبيقها، حسب الجدول الزمني، الذي تم تحديده".

وأَوْلَت قِمة دول تجمّع الساحل والصحراء، عام 2006، في العاصمة الليبية، طرابلس، اهتمامها أزمة دارفور وتطوراتها، وخصوصاً اتفاق السلام، الذي أمكن التوصل إليه، في أبوجا، مايو 2006؛ ولذلك حرص المؤتمرون على دعوة المتمردين السودانيين، في دارفور، إلى تأييد ذلك الاتفاق؛ وطالبوا الأطراف، التي لم توقعه، بالمسارعة إلى توقيعه.

كما دعت القِمة إلى دعم الصومال، وتأليف لجنة، لإرساء السلام في هذا البلد، بمشاركة الجامعة العربية، والأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

وقال الزعيم الليبي، العقيد معمر القذافي، للصحفيين، في ختام القِمة: إن هذه السنة (2006)، يجب أن تشهد حلاًّ للمشاكل في السودان وأريتريا وإثيوبيا وساحل العاج ودارفور. واتهم الذين يخلقون المشاكل في أفريقيا بالعمالة للاستعمار. أمّا وزير الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الليبية، عبدالسلام التريكي، فقال إن القمة قررت إرسال لجنة، لإيقاف الحرب في الصومال، مكونة من نيجيريا والسودان وجيبوتي وليبيا ومصر، وبالتنسيق مع مجلس الأمن الدولي. وأعلن أن فريقاً سيرسل إلى إثيوبيا وأريتريا لتشجيع الدولتَين على ترسيم الحدود، وحل مشاكلهما. وأوضح أن السودان وتشاد، سيلتقيان قريباً. وسترسل لجنة لتقصي الحقائق؛ لإنهاء المشكلة القائمة بين البلدَين.

ورأى المدير العام لمنظمة الهجرة الدولية، برونسون مكنلي، أن القِمة لم يسفر عنها شيء يذكر، في موضوع الهجرة غير الشرعية؛ لأنها ركزت في المواضيع الساخنة في دول تجمع الساحل والصحراء.

واصل المجلس التنفيذي لتجمّع دول الساحل والصحراء، في جلسة مغلقة، أعمال دورته العادية، الخامسة عشرة، مايو 2007، بمدينة سرت. وأوضح عبدالسلام التريكي، مدير الإدارة الأفريقية باللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي (وزارة الخارجية)، أن المجلس استمع، في هذه الجلسة، إلى تقريرَي لجنة السفراء المعتمدين لدى ليبيا والأمانة العامة للتجمع؛ إضافة إلى التقرير السنوي لمصرف الساحل والصحراء للاستثمار والتجارة، والذي احتوى على أنشطة المجلس خلال العام الحالي (2007)، من خلال مقره الرئيسي بليبيا، وفروعه في دول التجمع. واستمع كذلك إلى تقرير الأمانة العامة، في شأن أنشطة التجمع المتعلقة بتنفيذ القرارات، الصادرة عن المجلس التنفيذي ومجلس الرئاسة، والذي تضمن متابعة الأمانة العامة للتطورات السياسية في دول التجمع، والأنشطة التي اضطلعت بها هذه الدول، في المجالات: الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أن المجلس اطلع، في هذه الجلسة كذلك، على تقارير اجتماعات الوزراء، في مجال الأمن والفنون والثقافة، والزراعة والموارد: المائية والبيئية، والطاقة؛ وقرر إحالتها إلى مجلس الرئاسة، للتصديق عليها.

وكان عبدالرحمن شلقم، أمين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي، رئيس المجلس التنفيذي للتجمع، قد نقل إلى أعضاء المجلس تحيات العقيد معمر القذافى، الذي قال "إنه يأمل أن تتكامل حلقات التعاون بين دول التجمع لتشكل جسراً، من أجْل تقريب يوم الوحدة الأفريقية، ومن أجْل تقدُّم أفريقيا، والحفاظ على حريتها، وتحقيق هويتها، في عالم لا يرحم الضعفاء، ولا المترددين". وأعرب شلقم، في مستهل كلمته، بالجلسة الافتتاحية للمجلس، عن الأمل "أن تكون هذه الدورة، سواء على مستوى المجلس التنفيذي، أو على مستوى القِمة، دورة الفعل والعمل. وقال: إنكم تعلمون أن الكثير من البرامج أُعدت، والاجتماعات عُقدت. ولكن، يبقى السؤال: ماذا تحقق على الأرض، في الوقت الذي نمتلك فيه القدرات والإمكانيات، وأمامنا جملة من الاستحقاقات الضاغطة،سواء من الناحية السياسية أو من الناحية الاقتصادية أو الثقافية والبيئية؟ ونحن في حاجة إلى اتخاذ خطوات عملية".

وأضاف المسؤول الليبي: "إن لدينا، في المجال الاقتصادي، الكثير من المواد الأولية. ولنا أن نسأل ما هو دورنا في تصنيعها واستهلاكها أو تصديرها؟ ولدينا معادن والنفط والغاز ومنتجات زراعية". وتابع يقول: "ونحن في حاجة إلى وضع خطط عملية، قابلة للتنفيذ، في مجال التجارة البينية بين أقطارنا، والتعاون الاقتصادي، والتطوير الثقافي، والحفاظ على البيئة، وإعادة تأهيل مجتمعاتنا اقتصادياً، لتستطيع أن تسد حاجة شعوبها، وتلبي طموح أبنائها، خاصة وأن التجمع يضم دولاً، لديها إمكانية التكامل والتعاون، ليس فقط لأسباب جغرافية، وأقول أيضاً لأسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية".

وأضاف: "تتفقون معي، أن هناك مستجدات كثيرة في العالم، أثرت على وضعنا الإقليمي. وهناك أيضاً ظروف داخل إقليمنا، تؤثر علينا، وتؤثر فينا. ولا بدّ أن نواجهها بصراحة، وبشجاعة". وأشار إلى أن هناك مشكلات سياسية، وأخرى أمنية، لم تزل قائمة في إقليمنا، في عدد من الدول، وبين عدد من الدول. وكلّها تحتاج إلى أن نقف عندها، وأن نعالجها معالجة صريحة، وشجاعة، وأن لا نعطي الفرصة للآخرين لكي يملوا علينا ما يخدم مصالحهم أولاً، بحجة أنهم يريدون حل مشاكلهم. وقال "إننا نسمع، كلّ يوم، بالتصعيد من هنا وهناك. وبالأمس، استمعتم إلى ما صرح به الرئيس الأمريكي، جورج بوش، من فرض عقوبات على السودان؛ بسبب أزمة دارفور وهو الملف الذي نعالجه، منذ سنوات، فيجب أن نواجه عدداً من المشكلات بصراحة، وبشجاعة، وأن لا نضع كلّ شيء على مِشْجَب المؤامرة الخارجية".

ولفت المسؤول الليبي إلى أن هناك أماكن أخرى، فيها مشاكل، يجب أن نواجهها بصراحة، ونعمل على حلها ومواجهتها؛ لأننا لا نستطيع أن نتجاهل باستمرار الموقف الدولي، والحقائق الدولية، وموازين القوة الدولية. وأكد أن تفادي الضغوطات الدولية، يكون بأن نتولى أمورنا ومشاكلنا بأنفسنا، وأن نواجهها، وأن نجد لها حلولاً. وقال إن دارفور، التي ذكرها على سبيل المثال، لا تنسينا مشكلات أخرى، موجودة في الصومال، وفي ساحل العاج، وفي غيرهما، في وقت يتحرك فيه العالم، من أمريكا اللاتينية إلى آسيا، إلى أوروبا، في اتجاه التكامل والتعاون والتطوير؛ ولكن، نحن نتردد أحياناً، ولا أظن أن الوقت سيسعفنا، أو أن العالم سينتظرنا، أو أن يهدئ من خطاه لكي نلتحق به.

ودعا أعضاء التجمع إلى مزيد من دعم الأمانة العامة للتجمع، التي تشكل هيكلاً مهماً للعمل ما بين دوله؛ والحرص على تمكينها من الاضطلاع بدورها، وخاصة أن برامجها ومبادراتها، تهم الناس على الأرض، في مجال الزراعة والبيطرة والمياه, ليس بإعداد الدراسات فقط، ولكن بتحقيق أشياء على أرض الواقع، من خلال التعاون مع الفاو، وغيره من المنظمات: الإقليمية والدولية.

وأوضح شلقم، أن هذا شيء مهم جداً. وعلينا أن نضع خططاً محددة، وبإطار زمني، في مجالات التعليم والثقافة والبيئة والتعدين والتجارة البينية والتعاون والتسهيلات الجمركية.

وتطرق المسئول الليبي إلى مشكلة الهجرة غير الشرعية، المزمنة، حيث أكد ضرورة أن تُعالََج ليس من الناحية الأمنية فقط، بل من ناحية التنسيق مع الدول: الأوروبية والمتوسطية؛ وأنه قد بحث هذا الموضوع، في إطار التجمع، ووُضِع برنامج، من الناحية العملية، لاستيعاب هذا الموضوع، وإيجاد حل لهذه المشكلة في إقليمنا، ومن داخلنا، وبإرادتنا.

وأكد شلقم أهمية أن تكون هذه الدورة دورة تجديد الانطلاقة للتجمع، وأن تكون دورة البرامج العملية والخطط، التي تلبي طموح الناس واحتياجاتهم، وخاصة أن التجمع لديه القدرات: البشرية والمادية؛ فضلاً عن الإرادة، التي تمكنه من تحقيق أهدافه. وأن تكون قِمة التجمع حلقة في سلسلة العمل الأفريقي الكبير، من أجْل تحقيق أحلام أبناء القارة وطموحاتهم.

ومع انعقاد القِمة التاسعة للتجمع، أوائل يونيه 2007، والذي تُعَدّ غالبية دوله من بين الدول الأكثر فقراً في العالم، بحثت قضايا متنوعة، تتعلق بالأمن الغذائي، والتصرف في الموارد الطبيعية، وإقامة منطقة تبادل حر، بحسب مشروع جدول الأعمال. وأفاد الأمين العام لتجمّع دول الساحل والصحراء، الليبي مدني الأزهري، قبل الانعقاد، أن القِمة ستتطرق إلى الاندماج الأفريقي، والنزاع في دارفور، والأوضاع: الأمنية والسياسية، في كلّ من الصومال وساحل العاج وتشاد.

وكان من المفترض أن تتناول القِمة مشاريع الربط بالسكك الحديدية والطرق في الدول الأعضاء. كما كان من المتوقع أن يركز الزعيم الليبي، الذي استضافت بلاده القِمة؛ لكسب تأييد نظرائه الأفارقة لمشروعه، إقامة "الولايات المتحدة الأفريقية"، الذي سيُبحث في القِمة المقبلة للاتحاد الأفريقي، في العاصمة الغانية، أكرا، مطلع يوليه 2007. وفي هذا الإطار، قال القذافي، في كلمة، خلال الجلسة الافتتاحية: إن "تجمع دول الساحل والصحراء مختلف عن باقي التجمعات الإقليمية؛ لأنه يعمل كقاعدة للاتحاد الأفريقي".

وفي إطار القِمة التاسعة، عام 2007 اتفق رؤساء دول التجمع على الانتقال إلى مرحلة متقدمة في عمله من أجل التكامل الاقتصادي، وإنشاء منطقة للتبادل الحر، وإقامة جدار جمركي موحد تجاه الدول غير الأعضاء، في أقرب الآجال؛ وخلق مناخ موات للاستثمار، وتوقيع اتفاقية لحماية المستثمرين. ويبدو أن الجدار الجمركي، استهدف معاقبة الدول، التي فضلت الانضمام إلى تجمعات أخرى؛ وهو ما ينافي الدعوات الملحة لاستكمال الوحدة الأفريقية.

اختتمت الدورة التاسعة لتجمّع دول الساحل والصحراء، بمدينة سرت، وبحضور حشد كبير من الرؤساء. واندمجت فيه خلالها جمهورية جزر القمر، وغينيا؛ ليصل عدد أعضائه إلى 25 دولة، فيكون أكبر تجمّع في القارة، والذي يسعى للوصول إلى تحقيق اتحاد اقتصادي شامل، يمثل لَبِنات في بناء الاتحاد الأفريقي. فقد أصدرت القِمة بياناً، أعربت عن التقدير البالغ لجهود الزعيم الليبي الرامية إلى إشاعة السلام في فضاء تجمّع الساحل والصحراء( س.ص) وما وراءه؛ فضلاً عن نشاطه لتطويق بؤر التوتر وتسوية النزاعات، وسعيه المتواصل من أجْل إقامة فضاء، ينعم بالأمن والاستقرار. وثمنت دوره وسعيه من أجْل تطوير العمل المشترك للتجمع، وتفعيل دور أجهزته في تحقيق تطلعات شعوبه نحو غد أفضل.

وأكد البيان أن انضمام جزر القمر وغينيا، سيعطي دفعة جديدة لجهود دول التجمع. وأعلن الالتزام بالعمل الدءوب من أجْل إرساء تضامن حقيقي، وخلق الظروف الموضوعية لسلام دائم. وعَبَّر عن الارتياح للتطورات السياسية الايجابية، في فضاء التجمع. وحث على بذل المزيد من الجهود في إحلال السلام والأمن، وإزالة الأسباب التي تحرك الأعداء للتدخل في شؤون بلدان التجمع، وزرع بذور الشقاق بين مواطنيه. وشدد على أهمية تنسيق مواقف دول التجمع، في شأن القضايا الأفريقية، وتنسيق الجهود بينها بخصوص إقامة حكومة الوحدة الأفريقية، في قِمة أكرا، يوليه 2007، وإظهارها إلى حيز الوجود.

كما أعرب البيان عن الارتياح الكامل للنتائج، التي توصلت إليها الاجتماعات الوزارية القطاعية، في مجال الفنون والثقافة، والأمن والزراعة و المياه والبيئة، والطاقة والمعادن؛ وشدد على سرعة تنفيذها؛ تحقيقاً للتنمية: الاقتصادية والاجتماعية، وضمان الاستخدام الأمثل لمواردها: الطبيعية والمعدنية والزراعية الهائلة، في عملية البناء والتعمير.

 وجدد البيان تأكيد دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في إعداد تصور لسياسات وخطط، تعمل على توفير متطلبات التنمية الشاملة، والمستدامة. وأقر بأن أولويات أجهزة التجمع، في المرحلة المقبلة، تتمثل في تنفيذ المشاريع الحيوية، التي تربط اقتصاديات دول التجمع، في مجال التنمية: الاقتصادية والاجتماعية، في مجالات الزراعة والمياه والاتصالات والمواصلات، والالتزام بالمشاركة في القمر الصناعي الأفريقي (قاف)، والصحة والتعليم والتعدين، واستكشاف مصادر الطاقة وإنتاجها، وإنشاء منطقة للتبادل التجاري الحر، وإقامة جدار جمركي موحد تجاه الدول غير الأعضاء، في أقرب وقت ممكن، وخلق مناخ موات للاستثمار، وتوقيع اتفاقية (س.ص) لحماية المستثمرين. وكذلك التركيز في تطوير الصناعات التحويلية، للانتقال إلى تصدير المنتجات النهائية والسلع المُعَدَّة، بدل تصدير المواد الخام. وتكليف اللجان القطاعية المختصة، والأمانة العامة للتجمع، لوضع البرامج التنفيذية. وحرصت القِمة التاسعة على استصدار جملة من الإعلانات، حول فئة متنوعة من القضايا، منها:

·  إعلان سرت، حول التنمية: الاقتصادية والاجتماعية

قرر قادة ورؤساء الدول الأعضاء في تجمّع دول الساحل والصحراء (س.ص في مدينة سرت الليبية، الانتقال إلى مرحلة متقدمة في عمل التجمع، من أجْل التكامل والاندماج، بتنفيذ مشاريع حيوية، في مجالات التنمية: الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة في مجال الأمن الغذائي، والزراعة والمياه، والثروة: الحيوانية والبحرية، ومكافحة التصحر، والمحافظة على الموارد الطبيعية، والاتصالات والمواصلات، بتنمية البنى التحتية؛ وفي مجال الصحة، والتربية والتعليم العالي، وتبادل المنح، ودعم الآداب والفنون، واستكشاف مصادر الطاقة وإنتاجها. وكذلك إجراء الدراسات حول توحيد السياسات النقدية وبرامج الاستثمار بفضاء التجمع، وإنشاء منطقة للتبادل الحر، وإقامة جدار جمركي موحد تجاه الدول غير الأعضاء في التجمع، وخلق مناخ مناسب للاستثمار، وتوقيع اتفاقية (س. ص) لحماية المستثمرين. وتكليف مصرف الساحل والصحراء للاستثمار والتجارة توفير الإمكانيات الضرورية لتحقيق الأهداف. والتركيز في تطوير الصناعات التحويلية، للانتقال إلى تصدير المنتجات النهائية والسلع المُعَدَّة، بدل تصدير المواد الخام. وتكليف اللجان القطاعية المختصة، والأمانة العامة للتجمع، وضع البرامج التنفيذية، وعرض نتائج عملها على الاجتماع المقبل.

·  إعلان سرت، في شأن جمهورية جزر القمر المتحدة

دعا المجلس الرئاسي جزيرة انجوان، المستقلة ذاتياً، إلى تطبيق اتفاق 11 مايو 2007؛ معرباً عن قلقه البالغ إزاء استمرار الموقف المتأزم فيها بخاصة، وفي جمهورية جزر القمر الاتحادية بعامة. وحث الدول الأفريقية، والتجمع خاصة، وأصحاب النيات الحسنة، على تقديم مساعدتهم وعونهم لجزر القمر، وتوفير الإمكانيات الملائمة لحُسن تنظيم الانتخابات المقررة، يومَي 10 و24 يونيه 2007، في جو، يسوده الأمن والشفافية والديموقراطية والهدوء. كما حرض دول التجمع على المشاركة القوية، إلى جانب الاتحاد الأفريقي، في عملية السلام المدني، بنشر قوة؛ لتأمين الانتخابات في موعدها المحدد، وتنفيذ برنامج تجميع الأسلحة.

·  إعلان سرت، في شأن الوضع في الصومال

أعرب المجلس عن قلقه البالغ إزاء استمرار فقدان الأمن في الصومال. وحث، بقوة، الاتحاد الأفريقي، والتجمع خاصة، وأصحاب النيات الحسنة، على تقديم مساعدتهم وعونهم لحكومة الصومال المؤقتة؛ بهدف توفير الإمكانيات الملائمة لتوطيد سلطة الدولة، وإعادة بسطها على كلّ التراب الصومالي، في جو، يسوده الأمن والشفافية والديموقراطية، القائمة على الهدوء والمشاركة. وحفز جميع دول التجمع إلى المشاركة القوية، بجانب الاتحاد الأفريقي، في عملية إحلال السلام المدني، بنشر قوة؛ لتحقيق استقرار المؤسسات، وتنفيذ برامج تجميع الأسلحة.

ثالثاً: تطور علاقات تجمّع دول الساحل والصحراء، منذ عام 2002

اعترفت قِمة منظمة الوحدة الأفريقية، التي انعقدت في لومي، سنة 2000، بتجمّع دول الساحل والصحراء (س.ص) تجمعاً اقتصادياً إقليمياً. ومنح كذلك صفة المراقب لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأصدرت الأمانة العامة للتجمع، في طرابلس، بياناً، استعرضت خلاله مسيرة التجمع ومنجزاته، منذ انطلاقه، بمبادرة من مؤسسه، القائد معمر القذافي؛ مؤكدة أن التجمع، يشكل قاعدة هرم الاتحاد الأفريقي.

وفي ضوء هذا الواقع: السياسي والقانوني، للتجمع، يمكن الإشارة إلى بعض العوامل، التي تحكم علاقاته الخارجية، كالتالي:

1. الأطر السياسية لعلاقات التجمع الخارجية

نصت المعاهدة التي أنشئ بموجبها التجمع، على ما يحكم العلاقات بين دوله بعضها ببعض، وبينها وبين الخارج. ولم تخرج تلك الأطر الحاكمة عن القواعد والنظم، الضابطة للعلاقات الدولية عامة، ولا سيما ومنها:

ـ عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء

ـ عدم جواز استخدام القوة أو التهديد بها بين تلك الدول

ـ عدم استخدام أراضي دولة عضو في تهديد سلامة دول أخرى أو استقلالها السياسي

ـ عدم تقديم أيّ مساعدة لقوى التمرد أو المعارضة السياسية، داخل الدول الآنفة

ـ تنسيق المواقف، في مستوى السياسات الخارجية.

ـ التزام مبدأ التسوية السلمية للمنازعات، وخاصة الحدودية، من خلال اللجوء إلى وسائل التفاوض، والتحكيم، والوساطة، والمساعي الحميدة.

2. تنسيق المواقف والجهود مع المنظمات الأخرى

تجمّع دول الساحل والصحراء منظمة شبه إقليمية، له علاقاته بالأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، ذات الصلة بعمله. وفي كثير من أنشطة هذه المرافق، يكون هناك تنسيق، وتوافق في الإرادات، في الغالب، وخصوصاً في القضايا: التنموية والاقتصادية والاجتماعية. وكذلك الحال في قضايا ذات صلة بتسوية النزاعات. فهناك، مثلاً، تنسيق بين المنظمة الدولية والاتحاد الأفريقي، في القضايا والمشكلات الأفريقية. كما أن هناك تنسيقاً بينهما وبين التجمع، في نزاعات دوله، مثل: أزمة دارفور، والأزمة الصومالية.

ولئن أثارت مواقف مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، السابق والحالي، في بعض الأزمات، حفيظة الدول المتضررة، والمتضامنة معها؛ فإن التجمع حاول، في كثير من الأحيان، التخفيف من وطأة الضغوط، من خلال مواقفه وقراراته، كما هو الحال في قضية إرسال قوات دولية، تحت مظلة الأمم المتحدة، إلى إقليم دارفور، أو رفض بعض حركاته المتمردة توقيع اتفاق سلام. كما أن الزعيم الليبي، معمر القذافي، أجرى في إطار مجلس رئاسة تجمّع الساحل والصحراء، مباحثات مع الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، تناولت "متابعة إجراءات تنفيذ اتفاق السلام بإقليم دارفور"، و"متابعة إجراءات تنفيذ اتفاق وإعلان طرابلس لاحتواء التوتر بين السودان وتشاد". أمّا القِمة، فقد دعت إلى "تقديم دعم كامل للصومال، يتمثل في تشكيل لجنة، تسمى الاتحاد من أجْل السلام في الصومال". ووجهت الدعوة إلى "الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والهلال الأحمر، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وكافة المنظمات المعنية؛ لكي يتم مساعدة الصومال في الوصول إلى بر الأمان، والمحافظة على وحدة ترابه وشعبه".

وإثر انتهاء القِمة، أشار العقيد القذافي إلى أنه "يجب أن نحل، خلال هذه السنة (2007)، مشاكلنا، في السودان وأريتريا وإثيوبيا وساحل العاج ودارفور". ومن ناحيته، قال عبدالسلام التريكي، وزير الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الليبية: "فيما يخص الصومال، سنرسل لجنة لإيقاف الحرب. وستكون مكونة من نيجيريا والسودان وجيبوتي وليبيا ومصر، بالتنسيق مع مجلس الأمن الدولي؛ للتدخل من أجْل وقف هذه الحرب... نحن نشجع وجود قوات من الأمم المتحدة في الصومال؛ ولكن على أن يكون أغلبها من أفريقيا". وحول الوضع بين إثيوبيا وأريتريا، أعلن التريكي، "سنرسل فريقاً لتشجيع الدولتَين لترسيم الحدود، وحل مشاكلهما". وأوضح أن "السودان وتشاد، سيلتقيان قريباً. وسنرسل لجنة لتقصي الحقائق؛ لإنهاء هذه المشكلة القائمة بين البلدَين".

3. الدعوة لإدماج المنظمات شبه الإقليمية الأخرى

في إطار محاولة تعزيز علاقاته الخارجية بالمنظمات الأخرى، دعا أن تجمّع دول الساحل والصحراء اتحاد المغرب العربي، والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، إلى الاجتماع؛ "من أجْل تنفيذ قرار إدماج هذه المنظمات في جماعة اقتصادية واحدة، لتوحيد الجهود والإمكانيات والطاقات؛ ومن أجْل إدماجها في "سين صاد"، لكي تصبح جماعة واحدة".

وكان العقيد القذافي، الرئيس الحالي للتجمع (عام 2007)، قد أعلن، في ختام القِمة التاسعة، يونيه 2007؛ " أن هذا التجمع (س. صالذي كما تعلمون، ينضوي تحت لوائه الاتحاد المغاربي، وكذلك الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (أكواس ويضم أيضاً أعضاء، ينتمون إلى السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي (كوميسا وأعضاء، ينتمون إلى الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد)، وكلّهم أيضاً تحت لواء (س. ص)؛ وأن هذا التجمع، الذي بدأ يكبر، ويطل بأجنحته على شرق القارة وغربها وشمالها ووسطها ـ أصبح، بهذا الوضع، عنده مسؤولية غير إقليمية؛ لأنه أصبح يمثل أغلبية في الاتحاد الأفريقي. ومثلما قلت، فقد انضوت تحت لوائه دول، تنتمي إلى تجمعات إقليمية أخرى، وأصبح من واجباته أن يعمل من أجْل وحدة أفريقيا، وأن لا يكون تجمعاً إقليمياً عادياً تقليدياً، كما هو حال التجمعات الإقليمية الأخرى. ومن هنا، بدأ بالفعل (س. ص)، يمثل القاعدة الحقيقية للهرم الأفريقي".

وهذا يعني، كما يفيد بعض المراقبين، أن ليبيا تحاول الهيمنة على التجمع، الذي يجمع بعضاً من أفقر الدول الأفريقية؛ إضافة إلى الضغط لاستكمال بناء الاتحاد الأفريقي، وفقاً لرؤية طرابلس. وربما لهذا السبب، لم يحضر الرئيس مبارك، وإنما أوفد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أمين أباظة، ممثلاً عنه؛ لأنه يرى أن ليبيا، والمملكة العربية السعودية، تحاولان عزل الدور المصري، عربياً وأفريقياً؛ وهو لا يريد أن يجد نفسه بين السندان السعودي والمطرقة الليبية. كما أن الجزائر، التي احتجت على دعوة القذافي الطوارق لإعادة أمجاد تمبكتو، من خلال دول صحراوية، تجمع كلّ سكان الصحراء، ليست عضوا في التجمع. كذلك الوضع مع موريتانيا، التي كانت تتهم ليبيا، في عهد معاوية ولد الطايع، بتمويل الانقلابات على نظامها الحاكم؛ وبعد تخلي العسكر للمدنيين عن السلطة، جددت الخلافات بين البلدَين انتقادات القذافي وسخريته مما حدث من تطورات في نواكشوط.

4. تعزيز المشاريع المشتركة

في إطار محاولة التجمع تدعيم وتعزيز علاقاته بالمنظمات الأخرى، فقد أكد عبدالرحمن شلقم، أمين اللجنة الشعبية العامة الليبية للاتصال الخارجي والتعاون الدولي، في 31 مايو 2007، أهمية ما حققه تجمّع الساحل والصحراء، الذي أصبح، اليوم، تجمعاً سياسياً، واقتصادياً فاعلاً. وذكر أن التجمع، شارك منظمة الأغذية والزراعة( الفاو) في عدة مشاريع، إلى جانب المشاريع المقامة حالياً في عدد كبير من دوله. وأضاف أن هناك برامج أخرى، في مجال الصحة البيطرية، ومواجهة الأمراض المتوطنة، سواء في المستوى الإنساني، وفي مجال الثروة الحيوانية، إلى جانب برامج تطوير العمل الاقتصادي، من حيث التجارة البينية بين الدول الأعضاء، والاتفاقيات الجاري إعدادها، في شأن التعريفة الجمركية، في هذا الفضاء. وأوضح أن هناك تطوراً كبيراً، في مجال البرامج التعليمية، بين دول التجمع. والأهم من ذلك، أن نشاط هذا التجمع، وبالتنسيق والتشاور مع الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، والجماعات الدولية، أصبح يطاول الهجرة غير الشرعية.

وحول الدورة التاسعة لمجلس رئاسة التجمع، قال شلقم إن هذه القِمة ستنظر في المواضيع المطروحة بشكل تفصيلي؛ إضافة إلى سبل تفعيلها بشكل عام. وأضاف أن التجمع أصبح يضطلع بإسهام كبير في تحقيق السلام بين دوله؛ من أجْل ضمان الاستقرار والوئام في ربوعه؛ كما هو الحال في ساحل العاج؛ وكذلك في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث أسهم إسهاماً فاعلاً في التوصل إلى الاتفاقيات بين المتمردين السابقين وحكومة هذا البلد العضو في التجمع؛ وكذلك بين تشاد والسودان. وأشار إلى أن هناك اجتماعات بين الأمانة العامة للتجمع والتجمعات: الأفريقية والأوروبية والدولية، حول آليات التنسيق والتعاون مع هذه الفضاءات.

5. العلاقة بين تجمّع دول الساحل والصحراء ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)

أفادت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، أن خمسة بلدان من تجمّع دول الساحل والصحراء (س. ص)، تواصل استفادتها من الدعم المالي، الذي قدمته الجماهيرية العربية الليبية، في سياق برنامج المنظمة الخاص للأمن الغذائي؛ والدول المستفيدة هي بوركينافاسو وتشاد ومالي والنيجر والسودان. وذكرت المنظمة أن ليبيا، قد أسهمت بمبلغ 9.3 ملايين دولار في دعم البلدان المذكورة؛ وأن الأنشطة فيها، تحقق تقدماً جيداً. وأشارت إلى أن طرابلس، قد أعربت، مؤخراً، عن اهتمامها بتوسيع دعمها للبرنامج في سبعة بلدان أخرى، أعضاء في تجمّع دول الساحل والصحراء. وعلى الرغم من أهمية القطاع الزراعي، في معظم دول التجمع، فإن ظاهرة سوء التغذية، الذي تعانيه نسبة كبيرة من سكانها، ظلت قائمة؛ لأسباب: منها الاعتماد على الزراعة البعلية (92 في المائة من الأراضي المزروعة)، وانخفاض الإنتاجية الزراعية، والنمو السكاني، والزحف إلى المدن. ومع ذلك، فإن تجمّع دول الساحل والصحراء، يمتلك قدرات كبيرة على توسيع رقعة الإنتاج الزراعي فيه؛ فضلاً عن الآفاق المستقبلية المهمة، لتطوير مصايد الأسماك: البحرية والقارية.

وتجدر الإشارة إلى أن المنظمة، تعمل، حالياً، مع سكرتارية تجمّع دول الساحل والصحراء. وقد أمكن صياغة مشروع للتعاون التقني على تنفيذ برنامج إقليمي للأمن الغذائي، خاص بدول التجمع المذكور. وفي معرض التعليق على أهمية هذا المشروع، قال السيد عبدو كوباكيوال، رئيس الدائرة المعنية بالتنسيق ومراقبة برامج الأمن الغذائي، في مصلحة التعاون التقني، التابعة للمنظمة إن المنظمة تثمن تثميناً عالياً مساهمة ليبيا في البرنامج الإقليمي للأمن الغذائي، في تجمّع دول الساحل والصحراء. بيد أن الإسهام الليبي، على أهميته، لم يَحُل دون استمرار الحاجة إلى موارد مالية إضافية؛ ربما من المانحين، والمؤسسات المالية، وفي بعض الحالات من الموارد الخاصة لبعض الدول. ومن الواضح أن هذه مسؤولية جماعية، بالنسبة إلى البلدان الأعضاء في تجمّع دول الساحل والصحراء.

6. رفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء

تمخض مؤتمر القِمة العادية التاسعة، لتجمّع دول الساحل والصحراء، برفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لتلك الدول. فقد نص بيان القِمة على أنها ترفض أيّ تدخلات خارجية في إقليم دارفور؛ لأن "ذلك سيؤدي إلى مزيد من التعقيدات في الإقليم السوداني". ودعت القِمة الفصائل الدارفورية إلى التزام اتفاق أبوجا. وكان العقيد القذافي قد اجتمع مع الرئيس السوداني، عمر حسن البشير؛ والرئيس التشادي، إدريس ديبي، بحضور الرئيس المالي، أحمد توماني توري؛ وذلك لإزالة الخلاف المتفاقم بين السودان وتشاد.

7. الاهتمام بقضايا الدول غير الأعضاء في التجمع

أ. توجيه نداء إلى جميع الأطراف، في مدغشقر، من أجْل الحوار، تحت إشراف منظمة الوحدة الأفريقية.

ب. التنديد بما تعرضت له المؤسسات الشرعية، التي انتخبها الشعب في زيمبابوي، من أعمال ترمي إلى زعزعة الاستقرار؛ في إشارة إلى التدخلات الأوروبية تحديداً، ودعمها لقوى المعارضة للرئيس موجابي.

إن عدم اقتصار البيان الختامي لقِمة التجمع، عام 2002، وما تلاها من قِمم على الحديث عن قضايا دول التجمع، بل تجاوزها إلى قضايا دول في خارجه (مدغشقر- موزمبيق) ـ هو من الأمور، التي قد تعزز تصميم القذافي على أن هذا التجمع، لا بدّ أن يمتد من المحيط إلى المحيط. كما أن اهتمام التجمع بقضايا أفريقية عامة، كان أبرزها الإعراب عن الارتياح لبدء سريان العمل بالقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي؛ والاتفاق على دعم جهود دول التجمع، من أجْل العمل على المساهمة في استكمال هياكل الاتحاد المؤسسية ـ يشير إلى أن القذافي، يطمح إلى جعل التجمع منظمة قارية.

8. محاولة تحييد جنوب أفريقيا ونيجيريا

أنشئ تجمّع دول الساحل والصحراء بمبادرة ليبية، في 4 فبراير 1998. ويرأس أمانته العامة الليبي محمد المدني الأزهري. وتدفع طرابلس معظم نفقاته، إن لم يكن كلّها. ويلوِّح التجمع بالإغراءات المالية للدول الأفريقية، التي تنضم إليه، بعيداً عن نفوذ الدول الأفريقية الكبرى، مثل: جنوب أفريقيا ونيجيريا، الممتعضتَين من حماس العقيد القذافي وتدّخله في معظم الدول الأفريقية؛ واللتَين تعودتا حَسْر الطموح الليبي؛ ما جعل القذافي يصرح بأن الأفضل لأفريقيا، أن يكون لها تجمّعان: تجمع سادك، في الجنوب؛ وتجمّع الساحل والصحراء، في الشمال والشرق والوسط.

لقد حرص العقيد معمر القذافي، قائد الثورة الليبية، على التأكيد، غير مرة، أن تجمّع الساحل والصحراء هو أكبر تجمّع اقتصادي، وسياسي، وثقافي، وأمني، في القارة الأفريقية. كما أنه قاعدة الهرم للقارة الأفريقية، والحجر الأساس لقيام الاتحاد الأفريقي بعد ذلك. وكلّما كانت قاعدة الهرم متينة، كان البناء قوياً، وثابتاً، وشامخاً. وكلّما تقوّى تجمّع الساحل والصحراء، أعطى إشارات إيجابية على الطريق إلى اتحاد الدول الأفريقية. وهذا الأمر، ومثل هذه التوجهات والسياسات والممارسات، التي يستتبعها، تشير إلى أن هناك محاولات ليبية دءوب، ليس من أجْل اختزال جميع المنظمات شبه الإقليمية في تجمّع الساحل والصحراء فقط، بل لجعْله أساس الولايات المتحدة الأفريقية كذلك. فهل سيكتب لتلك المحاولات نجاح حقيقي ؟ إن هذا الأمر، ووفقاً لمعطيات الوقت الراهن، لا يبدو يسيراً، على الأقل في المستقبل المنظور. وأيّ تقدُّم، في هذا المجال، رهين بمدى النجاح، الذي سيحققه هذا التجمع في الحقل الاقتصادي تحديداً، بصفته منظمة ذات طابع اقتصادي.