إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات رياضية / سيدني، وتاريخ الدورات الأولمبية، قديمها وحديثها




من آثار موقع الألعاب
أول سباق في العدو
ملصق للإعلان
هتلر يتلقى التحية
هتلر يفتتح الدورة الأولمبية
مجموعة طوابع أولمبية
محمد علي كلاي
أحد عروض الفنون
إيقاد المشعل الأولمبي
إيقاد الشعلة الأولمبية
مقر اللجنة الأولمبية
الأمير فيصل بن فهد
الملعب الأولمبي في سيدني
الوجه الأمامي لميدالية دورة موسكو
الوجه الأمامي لميدالية دورة سيدني
الوجه الأمامي لعملة دورة مونتريال
الوجه الأمامي لعملة دورة سيؤول
الوجه الخلفي لميدالية دورة موسكو
الوجه الخلفي لميدالية دورة سيدني
الوجه الخلفي لعملة دورة سيؤول
المدن التي استضافت الأولمبياد
البارون الفرنسي بيير دي كوبرتان
اليوناني ديميتريوس فيكيلاس
اليوناني سبيريدون لويس
الشعلة الأولمبية 1936
السعودي هادي صوعان
السعودي خالد العيد
العلم الأولمبي
العداء كارل لويس
جاك روغ الرئيس الحالي
ختام دورة سيدني
سامارانش الرئيس السابع
شعار دورة ملبورن
شعار دورة مونتريال
شعار دورة لوس أنجلوس
شعار دورة لوس أنجلوس
شعار دورة موسكو
شعار دورة لندن
شعار دورة لندن
شعار دورة هلسنكي
شعار دورة أمستردام
شعار دورة أنفرس
شعار دورة أتلانتا
شعار دورة أثينا
شعار دورة أثينا
شعار دورة ميونيخ
شعار دورة مكسيكو سيتي
شعار دورة استوكهولم
شعار دورة باريس
شعار دورة باريس
شعار دورة برلين
شعار دورة برشلونة
شعار دورة بكين
شعار دورة روما
شعار دورة طوكيو
شعار دورة سانت لويس
شعار دورة سيؤول
شعار دورة سيدني
شعارات اللجان الأولمبية
عملة أولمبية 1988
عملة أولمبية2000





الفصل الأول

الفصل الأول

دورات الألعاب الأولمبية القديمة

كان الإغريق مولعين بالرياضة إلى الحد الذي جعلهم يقدسونها ويتقربون بها إلى آلهتهم. وكان الرياضي يتقدم بألعابه طالباً العون من الإله، مما جعل اللاعب "أثليت" يعتقد بأن فوزه من الإله. ولم يكُ الهدف منها اللهو أو العبادة فقط، بل كان لها هدف أسمي من ذلك هو تربية النشء تربية بدنية سليمة، وغرس روح المنافسة والكفاح والصبر والجلد فيهم. وتلك كانت عندهم أهم صفات المواطن المثالي، الذي يدافع عن وطنه بقوة إيمانه وبقوة جسده. وقد احتلت الألعاب الأولمبية في حياة الإغريق وقلوبهم مكانة كبيرة، وخاصة بعدما ألبسها السياسيون ثوب الدين، لأن صوت الدين عند الإغريق صوتٌ لا يُعلى عليه. وأحاطوها بهالة من القداسة، وعقدوا لها هدنة مقدسة.

وكانت المسابقات الرياضية التي تقام، إما تكريماً لبطل مات دفاعاً عن وطنه أو إله، لاعتقادهم أنّ تلك المهرجانات الرياضية والثقافية، تسر أرواح الموتى. وكانت تقام كذلك احتفالاً لذكرى انتصار على الأعداء، وبعضها كان مرتبطاً بطقوس دينية، تقام تكريماً لإله، أو تقرباً له أو خوفاً من بطشه. ويقول أحد شعراء القرن التاسع عشر قبل الميلاد، بمناسبة تلك الاحتفالات: "أيها الرب أبوللون ـ كان ملاكماً ـ رامي السهام، عديدة هي معابدك، والخمائل المُشْجرة، وكل الأماكن ذات الأفق العريض هي عزيزة عليك، وكذلك الفراشات البهيجة، والجبال العالية، والأنهار، التي تنساب إلى البحر. ولكن في ديلوس[1]، يافويبوس[2]، فإنك الأسعد، حيث يأتي الأيونيون[3]، ذوو الملابس الطويلة، من أجلك بصحبة أطفالهم، وزوجاتهم المُكَرَّمات، إنهم يتذكرونك بإقامة مباريات الملاكمة، والرقص والغناء، وذلك لإسعادك، عندما يحتفلون بالألعاب".

ويتناول هذا الفصل بعض الدورات الأولمبية الرياضية التي كانت تقام إلى جانب الدورات الأولمبية على "أرض هيلاس"، وإن كانت أقل شهرة من الدورات الأولمبية. وطغت عليها الدورة الأولمبية فاندثرت وتلاشت مع مرور الزمن. ويعقب ذلك الحديث عن الدورات الأولمبية بالتفصيل عن تاريخ نشأتها، وتطورها ومدتها، وشروط الاشتراك فيها، والقوانين والنظم التي تحكمها، وتواريخ دخول اللعبات الرياضية إلى المهرجان الأولمبي، ومكان إقامة المهرجان والهدنة المقدسة التي عقدت من أجل الدورة الأولمبية وتطورها. ونبذة مختصرة عن "زيوس" راعي المهرجان وحامي العهود، والجوائز التي تمنح للأبطال، وتكريم المدن للأبطال الذين ينتمون إليها.

أولاً: المهرجانات الإغريقية

اشتهرت إغريقيا بكثرة المهرجانات الشاملة، التي تقام في عدة مناسبات. ومع مرور الزمن تبلورت هذه المهرجانات إلى أربعة مهرجانات كبرى، بجانب المهرجان الأولمبي، الذي كان أروع المهرجانات الإغريقية وأشملها وأكبرها على الإطلاق. يقول "بنداروس" الشاعر الرسمي للدورات الأولمبية القديمة: فكما لا يوجد بالنهار في السماء، أي نجم أوضح أو أكثر إضاءة من الشمس، فإنه لا يوجد، كذلك، مسابقة أرقى من المسابقات الأولمبية". وهي تقام في عدة أماكن من بلاد الإغريق. وجذبت هذه المهرجانات، أعداداً كثيرة من الإغريق، وكان يفد إليها الإغريق الذين يعيشون داخل الدويلات الإغريقية، أو في سواحل آسيا الصغرى، أو في جنوبي إيطاليا وجزيرة صقلية، أو شمالي أفريقيا. وأطلق عليها مهرجانات كل الإغريق "Pan- Hellinic "، كما لقبها ايسو قراط خطيب الوحدة الضائعة بأعياد الثناء Panegyric. وهي:

1. المهرجانات البوثية

نسبة إلى بيثون، وهو الثعبان المارد الذي قتله الإله أبولون على جبل برناس، وكانت ذكرى لانتصار الإله أبوللون على الثعبان، ويقام المهرجان كل خمس سنوات، بالقرب من مدينة دلفي، ويمنح الأبطال أكاليل الغار.

2. المهرجانات الإثيمية

وكانت تقام تكريماً لإله البحر "نبتون"، وكانت مهرجانات إقليمية، ثم أصبحت قومية، وكانت جائزة البطل فيها عبارة عن أكليل من الصنوبر، أو الآس اليابس، وكان سكان أثينا يجلسون في المقاعد الأمامية، وكانت تقام في مضيق كورنثا في وسط اليونان.

3. المهرجانات النيمية

وتقام في وادي نيم ، شمال شرق البلوبونيز، من جنوب اليونان، تكريماً "لأرشومور" ابن ملك "نيم" الذي قتله ثعبان، وقد أسس هذه المهرجان "دوريان" عام 575 ق. م، وكان الأبطال يكرمون بأكاليل من الآس الأخضر.

4.المهرجانات الإليوسية

نسبة إلى مدينة "إليوسيس" في "أنيكا" شمال غربي أثينا، وكانت هذه المدينة مقراً للطقوس الإليوسية ذات الأسرار.

ثانياً: تاريخ الدورات الأولمبية.

أرض هيلاس هي منشأ الدورات الأولمبية، بدأت فيها الدورات الأولمبية عام 1500ق.م، وكانت تقام على هامش الاحتفالات الجنائزية التي كانت هي أصل الاحتفالات، ومع انتشار الإيمان بآلهة الأولمب وكبيرهم الإله "زيوس" Zeus، وبسيطرة أهل "إليس" Elis ، فرضوا عبادة الإله "زيوس" في إقليم أولمبيا، وهكذا كانت، ولادة الألعاب الأولمبية في إقليم أولمبيا Olympia وعلى أيدي أهل مدينة "إليس" Elis. وهكذا كانت بداية الدورات الأولمبية، التي كانت أشهر الأعياد والاحتفالات اليونانية القديمة على الإطلاق مرتبطة بالطقوس الدينية، وكانت ذات طابع ديني في المقام الأول، مما أدي إلى انتشارها واحترامها، لأن الحافز الديني لدي اليوناني، صوتٌ لا يُعلى عليه، وعقدوا لها "هدنة مقدسة"، لمدة ثلاثة شهور، تتوقف فيها الحروب، ويعم فيها الأمن والأمان في ربوع "أرض هيلاس"، وهكذا كانت الدورات الأولمبية، أيام بهجة وأفراح للإغريق، كما كانت بمثابة الوحدة القومية لهم. وكانت تجمعهم في مكان واحد.

وفي عام 776ق.م، بدأت الدورات الأولمبية الرسمية المنظمة، وأصبحت المسابقات الرياضية هي أساس المهرجانات الأولمبية ويقام بجانبها المسابقات الثقافية والفنية. وهي السّنة التي نقش فيها على الحجر، اسم أول بطل أولمبي تاريخي، من "إليس" Elis ، واستخدمها الإغريق في تأريخ أحداثهم. واتفق المؤرخون الإغريق على التاريخ الذي وضعه "تيمايوس" Timaeus ، وهو عام 776 ق.م تأريخاً لأول دورة أولمبية. كما أرخ " تيمايوس" نظام تأريخ الحوادث برقم العيد الأولمبي. واستخدموا مصطلح "الأولمبياد" مقياساً إشارة للقرون السابقة، ويعني مصطلح "الأولمبياد" عند الإغريق: " نظام قياس الزمن"، وكان مهماً جداً، في الحياة اليونانية، وسنة "الأولمبياد" تقرر عند ظهور أول قمر كامل بعد انقلاب الشمس الصيفي، ويحدث هذا الانقلاب، في أطول يوم من العام (21يونية). والفترة التي يمثلها "الأولمبياد"، هي السّنوات الأربع، التي انقضت بين احتفالين متعاقبين لدورتين أولمبيتين، وبمعني آخر تطلق كلمة "الأولمبياد" على الفترة الزمنية لدورتين متعاقبتين. وفي هذه السنة عقدت معاهدة بين "ايفيتوس" ملك "ايليس"، وليكورجس" ملك "أسبرطة".

ومرت الدورات الأولمبية خلال تطورها بعدة مراحل، هي:

* المرحلة الأولى

وامتدت من عام 1500ق.م حتى عام 800 ق.م، وكانت الاحتفالات الجنائزية والدينية هي الأصل، وكانت المسابقات الرياضية تحتل دوراً ثانوياً بجانبها.

* المرحلة الثانية

وامتدت من عام 776 ق.م حتى عام 472 ق.م، وانطلقت فيها أولى الدورات الأولمبية الرسمية المنظمة، وعقدت فيها معاهدة بين الملكين "ايفيتوس" و"ليكورجس"، وأقيم فيها حفل ثقافي تفوقت فيه "أسبرطة" على "إيليس"، وكان يقام فيها سباق واحد هو سباق "الاستاديوم". يقام لمدة يوم واحد في البداية، وكانت المتبارون يتنافسون بأرديتهم، وبعد دخول المصارعة عام 708 ق.م، أصبح المتبارون يتنافسون وهم عراة؛ وأدى ذلك إلى منع النساء من مشاهدة المباريات.

* المرحلة الثالثة

وامتدت من عام 472 ق.م حتى عام 400 ق.م، وتطورت فيها الدورات الأولمبية، وصار الأمراء وكبار رجال الدولة، يفدون إلى أولمبيا للمشاركة في الألعاب أو المشاهدة، وكانت المسابقات تقام لمدة خمسة أيام.

* المرحلة الرابعة

وامتدت من عام 400 ق.م حتى عام 338 ق. م، كانت الحرب دائرة بين أهم المدن اليونانية إسبرطة، وأثينا، وكورنثة، وطيبة، وأدت الحرب إلى ضعف النشاط الرياضي في الأراضي اليونانية، وازدياده لدى اليونانيين القادمين من المستعمرات الخارجية.

* المرحلة الخامسة

وامتدت من عام 336 ق. م حتى عام 529 م، وبدأت بحكم الإسكندر الأكبر (336 ق.م ـ 323 ق.م)، وكان مولعاً بالرياضة، ولكن عندما ثارت طيبة على حكمه دمَّرها، ولم يترك فيها غير بيت شاعر الدورات الأِولمبية الرسمي "بندار" والمعبد. ثم جاء "سولا" (82ق.م ـ 79ق.م)، وأراد نقلها إلى روما، ثم جاء "نيرون" (54مـ 68م)، فأمر بإزالة تماثيل أبطال الدورات الأولمبية السابقة، ثم جاء الإمبراطور "ثيودوسيوس الأول"، فألغى الدورات الأولمبية عام 393م؛ لأنها أعمال وثنية، ثم جاء الإمبراطور "جستيبان الأول" (527م ـ 565م)، فجدد أمر الحظر على الدورات الأولمبية، وأمر كذلك بإغلاق مدارس الفلسفة في أثينا لأنه أحسَّ أنّها كانت تدرِّس الوثنية.

وهناك رواية للمؤرخ "باوسانياس" تقول إن الدورات الأولى، وعددها حوالى (14دورة). كانت المسابقات فيها مقصورة، على سباق الجري فقط حول "الاستاديوم"، وطوله (192.27م)، واستمرت الدورات الأولمبية حتى عام 394م، عندما أصدر الإمبراطور الروماني، مرسوماً يقضي بإلغائها. ونظمت الدورات الأولمبية ( 293 دورة، خلال 1170عاماً، هي عمر الألعاب الأولمبية القديمة). وكانت تقام الدورات الأولمبية مرة كل أربع سنوات.

ثالثاً: راعي الاحتفالات ووالد الآلهة وحامي العهود

تقول الميثولوجيا الإغريقية: هو "زيوس بن كرونوس"، والد الآلهة، وله الحكم على جميع الكائنات الحية ، لأنه واهب الحياة والحرية، وسيد جبل الأولمب. عاش طفولته في كهف بجبل "ايدا" المقدس في كريت، وأرضعته المعزة المقدسة "أمالثيا"، وأخفته عن أبيه "كرونوس"، الذي أراد أن يفتك به في لحظة غضب. وكان أبوه "كرونوس" ملقباً بآكل الأطفال". وعندما اشتد عوده وقع في غرام "أوروبا الصيداوية"، عندما شاهدها على شاطئ صيدا، فتنكر على هيئة ثور أبيض وخطفها إلى شواطئ كريت، حيث ولدت له هناك "مينو" Minos، واثنين من أشقائه، ثم تركها فتزوجت من حاكم كريت، وأتى أخوها "قدموس" للبحث عنها، وتقول الأسطورة: إن حب "زيوس" الشديد، لأوروبا الصيداوية، جعله يطلق اسمها على قارة بأكملها. وتقول أسطورة أخرى:"أن نزاعاً وقع بين "زيوس" وأبيه "كرونوس" على عرش الأولمب، فقررا حسم النزاع بينهما، بمباراة مصارعة، فتغلب الابن على أبيه، فأصبح رب الأرباب، وحامي العهود، وبدأت الدورات الأولمبية تكريماً له، لأنه خلص الوادي، من أبيه آكل الأطفال. وتحكي إحدى الأساطير الإغريقية، قصة عقاب "زيوس" لابنه "بروميثيوس": "أن "بروميثيوس" أقام مأدبة لقاطني الأولمب والناس العاديين، وذبح لهم ثوراً ووضع عظامه وشحمه تحت جلده المسلوخ، فبدأ كومة عظيمة، ووضع اللحم الأحمر في كومة صغيرة، وقدمها لأبيه "زيوس" كبير الأولمب، الذي استصغرها، واختار لجشعه الكومة الكبرى، وأخذها لنفسه، فلما كشف عنها الجلد، لم يجد سوى العظم والشحم، فصب غضبه على ابنه "بروميثيوس". فالأساطير مهما بالغت في الاتكاء على الخيال والمبالغة فيها لابد لها من جذر تاريخي تبدأ منه وتنطلق شرارتها، وله معبد في أولمبيا، مصمم على الطراز الدوري. ، تّم بناؤه عام 456ق.م، ويضم المعبد تمثالاً "لزيوس"، وهو جالس على عرشه، ويبلغ ارتفاعه 12متراً، صنع من الذهب الخالص والعاج. قام النّحات والفنان والرسام الإغريقي الشهير "فيدياس" Pheidias ، بنحته حوالي عام 435ق.م، ويُعد من عجائب الدنيا السبع. وعلى قاعدة التمثال كتبوا "صنعني فيدياس بن شارميديس". وذاع صيت التمثال والفنان.

رابعاً: نشأة الدورات الأولمبية.

مبّتكرها غير معروف؛ لكثرة الأساطير حول العديد من الأبطال والآلهة، وكل دويلة من دويلات الإغريق، تنسب ابتكارها، لأحد أبطالها أو آلهتها. وقد اشتهر الإغريق بكثرة الأساطير والأبطال، مثلما اشتهر العرب بكثرة الشعر والشعراء، وكما حدث انتحال في الشعر العربي القديم، حدث انتحال في نسبة ابتكار الدورات الأولمبية للأبطال والآلهة المشهورين. وترجع كثرة الأساطير عن نشأة الدورات الأولمبية، إلى غيرة الإغريق الشديدة، تجاه دويَلاتهم، وافتخارهم بأبطالهم. فلما انتشرت الدورات الأولمبية واشتهرت، أرادت كل دويلة أن تنسبها لأحد أبطالها؛ من أجل التباهي والتفاخر بينهم، وتعددت الروايات عن منشأ هذه الدورات، وهي:

* الرواية الأولى

تقول: إن "إخليوس" هو الذي بدأ الألعاب الأولمبية في عام 1250ق.م، تكريماً لصديقه "باتروكلوس"، الذي قتله "هيكتور" تحت أسوار مدينة طروادة، قبل انتهاء حرب طروادة بأشهر خدعة في التاريخ: خدعة "حصان طروادة". إن اكتشاف حصان طروادة في أواخر القرن قبل الماضي أعطى الكثير من المصداقية للأساطير.

* الرواية الثانية

تقول: إنّ هرقل بن زيوس بن كرونوس، هو مبّتكر الدورات الأولمبية، وهو الذي حدد طول "الاستاديوم" Stadium، الذي اشتقت منه كلمة "ستاد"، وهي مشتقة من الإغريقية[4] Stadia، وكانت الألعاب الأولى لا تضم سوى "الاستاديوم"، لسباق العدو، وكان طوله 192.27م. وتقول الأساطير: "أنّ هرقل بن زيوس" أخذ نفساً عميقاً، ثم كتمه وسار مسافة حتى أخذ نفساً آخر؛ فقاسوا المّسافة التي مشاها وهو كاتم أنفاسه، فوجدوا طولها 192027م، وهي طول "الاستاديوم". وتقول أسطورة أخرى أيضا:" أن "هرقل" أسس الألعاب الأولمبية، تكريماً لجوبتير" حوالي العام 2635ق.م.

* الرواية الثالثة

تقول: إن "هوميروس" في "الإلياذة" ذكر: أن "آخيل" بعد أن انتقم لصديقه "فطرقل" من قاتله "هكتور"، بدا له فطرقل في المنام، طالباً منه أن يدفنه، عندئذ استيقظ آخيل وأمر بأن يجمع الحطب، ويلقى فيه فطرقل، ثم ذبح كلبين من كلابه وأربعة من الجياد، واثني عشر أسيراً من أبناء طروادة، ورمى الجثث كلها فوق الحطب، وأشعل النار. ثم قال: اسمع يا فطرقل: إن اثني عشر من أبناء طروادة، تأكلهم النار معك.. أما "هكتور" فسألقي به إلى الكلاب.

وعندما بدأت النار تخبو قال آخيل: "اطفئوا النار بالخمر،واجمعوا عظام فطرقل، وضعوا رمادها في قارورة ذهب، وأقيموا فوقها لحداً عظيماً كالميت".

ولما انتهت الطقوس، أقام آخيل حفلاً تكريمياً للميت، اشترك في مبارياته القادة والأمراء، وأحضر من سفنه كثيراً من الكنوز، ليوزعها على الفائزين، وبدأت المباريات بسباق المركبات، الذي وضعت له عدة جوائز، هي:

أ . الجائزة الأولى: جارية حاذقة بكل أنواع النسيج ومعها وعاء من البرونز.

ب. الجائزة الثانية: فرس عمره ست سنين.

ج. الجائزة الثالثة: مبخرة من البرونز.

د. الجائزة الرابعة: كوب له قاعدة عريضة، ومقبضة على شكل ثعلب.

(وقتل آخيل بسهم في كعبه علي يد "باريس بن فريام" ملك طروادة).

* الرواية الرابعة

تقول: إن "أثليت"Athelet، ملك "إليس" هو الذي أنشأ تلك الدورات، واسم "أثيليت" في اللغات الأوربية يعني "رياضي" .

* الرواية الخامسة

تقول: إن الآخيون، ورثة الحضارة الموكينية، ادعوا أن الملك "بيلوبس"، هو مبّتكر الدورات الأولمبية، وأن هذه المهرجانات كانت تقام في ذكراه. وإنّ نشأة الألعاب الأولمبية القديمة، ترتبط باسم "بيلوبس" بن الملك "تنتال"ـ ملك "ليديا"ـ "ابن زيوس" سيد الأولمب، حينما هرب من مملكة أبيه، لقسوته عليه، ووصل إلى دويلة "بيزا"، وتقع جنوب غرب اليونان، وكان يحكمها الملك "اينوماوس" في القرن التاسع قبل الميلاد، وكانت لدى الملك ابنة وحيدة "هيبوداما"، رائعة الجمال، وتنبأ الكنهة بموته على يد زوج ابنته، فاشترط على من يتقدم لخطبة " ابنته، أن يركب معها في عربة، ثم يطارده الملك بعربته، فإن لحق الملك بالخاطف قتله برمحه في ظهره، دون أن يقاومه الخاطف، أما إذا تمكن من الفرار بها فإنها تصبح زوجة له، وكانت عربة الملك أفضل من عربة المغامر، لذا لحق الملك بثلاثة عشر خاطفاً وقتلهم. حتى جاء "بيلوبس"، الذي فتنته الأميرة الفاتنة، وكان شاباً، مليحاً، قوياً، وحاد الذكاء، لجأ إلى الحيلة، فقدم رشوة، هي كيس من الذهب، إلى "ميرتيلوس" سائس عربة الملك، ليخلع المسمار الرئيسي، مقابل العبث في عجلات العربة الملكية. وقيل أن "هيبوداميا"، ابنة الملك، هي التي قامت برشاء السائق لأنها عشقت "بيلوبس"، وبدأت المطاردة الدامية بين بيلوبس" والفاتنة "هيبوداما" في العربة الأولى، والملك "انيوماوس" يطاردهم في عربته الملكية، وفجأة طارت أحدى عجلات عربة الملك، بفضل عبث "ميرتيلوس" بها، وتحطمت عربة الملك وقتل الملك "اينوماوس"، ونجحت الحيلة، وفاز "بيلوبس" بالجميلة "هيبوداما" ابنة الملك، وتربع على عرش مملكة "بيزا"، وضم "أولمبيا" إلى مملكته، وحملت المنطقة اسمه "البيلوبونيز" وأمر بإلقاء السائس الخائن "ميرتيلوس" من قمة جبل شاهقة، وأقام الاحتفالات، بمناسبة فوزه بالفاتنة والعرش. وكانت الاحتفالات مزيجاً بين طقوس العبادة، والرياضة. ومن أجل إرضاء الآلهة وتكريمها، أقام الملك "بيلوبس" في أولمبيا، أول ألعاب رياضية، في مهرجان ضخم، أقاموه مرة كل ثمان سنوات، ثم أصبح أربع مرات. ولما مات "بيلوبس"، دفن على ضفاف نهر الفيوس" alfios، وصار قبره محجاً للإغريق يمارسون حوله طقوساً دينية.

وتحولت أولمبيا، إلى عاصمة دينية، وفنية، وأدبية، وثقافية، بعد أن ذاع صيتها، بدأ الناس يتوافدون إليها، وأصبحت مكاناً لعشاق الرياضة والشعر والفلسفة والخطابة، يجتمعون فيها، مرة كل أربع سنوات، من أجل، إرضاء الآلهة. ويشهد الدليل الأثري الذي يؤرخ بالقرن الخامس قبل الميلاد، من واجهة سقف معبد الإله "زيوس"، على ترجيح هذه الأسطورة.

ويقول الأسبرطيون، وهم من سلالة الدوريين، إن فضل التطوير الذي حدث في الدورات الأولمبية يرجع لمشرّعهم الأسطوري "لكرجوس" Lykurgks. وكذلك زعم أهل دويلة مدينة "إليس"، أن مشرّعهم الأسطوري "إيفيتوس"، هو مبّتكر هذا المهرجان.

ثم جاء المؤرخ والجغرافي والرحالة المثقف المستنير الإغريقي "سترابون" "63ق.م ـ 24ب.م"، الذي درس في الإسكندرية، وسافر في النيل حتى منابعه. وقام "سترابون"، بدراسة تلك الأساطير، وانتهى إلى رأي يقول إن: "نشأتها ترجع إلى "اوكزايلوس" زعيم قبائل "الأيتولية ـ الدورية".

خامساً: مكان إقامة المهرجان الأولمبي.

بدأ الملك "بيلوبس"، بعد توليه الملك وفوزه بأجمل أميرات "هيلاس"، التفكير في المكان الذي سيقيم فيه الاحتفال، فلم يجد أجمل من المكان الذي كان يتغنى بسحره وروعته شعراء الإغريق، ووصفوه بأنه أروع مكان في أرض هيلاس، إنه سهل صغير، تحيطه جبال الأولمب الشهيرة. وسمي السهل، باسم وادي أولمبيا Olympia، نسبة إلى "جبل الأولمبوس" Olympus ، الواقع قرب ساحل بحر إيجه. ويصل ارتفاعه 2917متراً تقريباً، وتغطي قمته الّشاهقة السحب، فيبدو للناظرين كأنه معمم بالجليد. وتقول الأساطير إن هذه القمة المعممة بالجليد، مهبط الآلهة، ومقر كبيرهم "زيوس"، وتعيش الآلهة وتلهو فوق قمة الجبل، وهذه الآلهة تحب وتكره فهي تحمل الكثير من سمات البشر. ولم تك مدينة أولمبيا، كغيرها من المدن الإغريقية، ولكن كانت عبارة عن مدينة هياكل وصروح ومعابد، ويطل على هذا كله هيكل "زيوس" Zeus، والد الآلهة، بلونه الأحمر القاني، المرتفع إلى ثمانية عشر متراً، وفي داخله تمثال ذهبي لزيوس. وكان الإغريق يصنعون لهذه الآلهة التماثيل ويقيمون لها الاحتفالات تكريماً أو خوفاً من بطشها، أو طلباً لمعونتها.

القرية الأولمبية

كانت تقام فيها المسابقات الرياضية، وتقع في الجانب الغربي من البيلوبونيز Peloponese، أو شبة جزيرة المورة. عند ملتقى نهري كلاديوس والفايوس Alphaeus، ذلك المكان، ذو الرهبة والجمال، والخضرة اليانعة. وكانت القرية الأولمبية مقامة على مساحة يبلغ طولها (750قدم)، وعرضها (50قدماً)، ومحاطة بأسوار ضخمة نسبت الأساطير إقامتها إلى بطل الإغريق هرقل. وكان لهذه القرية: بوابتان واحدة من الشمال الغربي، والأخرى من الجنوب الغربي، ويتوسط القرية مذبح زيوس العتيق وهو عبارة عن قاعدة أسطوانية يبلغ قطرها(128قدماً)، ذكرت الأساطير أنها بنيت من رفات الشّهداء، التي مزجت بماء نهر الفايوس، وأحيط به أربعة معابد أكبرها معبد "زيوس" الشهداء. أما المعبد الثاني فهو معبد "هيرا" زوجة زيوس، وعرف باسم الهيرايوم Heraeum، بينما الثالث هو معبد الربة الأم Matroon، أما الرابع فهو محراب الملكالأسطوري بيلوبس Pelops. وحول هذه المعابد كانت تقام الأبينة الخاصة بإدارة المهرجان، واستقبال الوفود الرسمية، والإداريين، والمشرفين على الفرق وغيرها. وحول هذه المنطقة أُقيمت الملاعب الرياضية، حيث تجرى المباريات، فمن ناحية الغرب يقع الجمنازيوم Gymnasium، أما مضمار سباق الخيل Hippodrome، فيقع من ناحية الشرق، وكذلك مضمار سباق العدو Stadium، الذي يبلغ طوله 600قدم أولمبي أو ما يعادل 192.27متر (لأن القدم الأولمبي يبلغ 0.3204متر). وكان الاستاديوم مصمم على شكل u ذي طرفين متقاربين ويبلغ طوله 211متراً، وعرضه 31.5متراً. وكانت المدرجات تحفر في سفوح الجبال، من الجهات الثلاث، ويتسع لأربعين ألفاً من المشاهدين. وعلى الرغم من أن فيضان نهر الفايوس، قد طمس الكثير من معالم هذا الملعب، إلا أن الزائر يستطيع التعرف على علامات محفورة، في الحجارة، كان الرياضيون يثبتون أقدامهم عليها، قبل إعطاء إشارة البدء في جانبي الملعب، وعددها عشرون علامة. وتدل العلامات على أن المضمار كان يتسع لعشرين منافساً، وكان يفصل بين كل لاعب وآخر علامات مقامة كل أربعة أميال أوليمبية، أي كل (1.28متر).

وكانت أولمبيا، بولاية إليس Elis الإغريقية، وقرية أولمبيا، من أعمال مدينة "بيسا" Pisa، وكانت هذه المدينة، تسيطر على إقليم شاسع، نسب إليها اسمه Pisatis، وكانت تنفرد بشرف إدارة المهرجان، حتى نزعته منها مدينة "إليس" Elis، وتمكنت منذ عام 572ق.م من إدارة هذا المهرجان، وكانت لا تقل بأساً وقوة عن مدينة "بيسا" وكانت تتحكم في إقليم شاسع نسب إليها Elatis.

سادساً: الدعوة للمشاركة في المهرجان الأولمبي وإعلان الهدنة.

وعلى الرغم من اختلاف الإغريق حول مبّتدع المهرجان الأولمبي، إلاّ أنهم اتفقوا على قدسيتها، ومراعاة الأمن، والسّلام، والامتناع عن القتل والاقتتال، حيث ترفع الأيدي عن السلاح (ايكشاريا) Echeira، طوال مدة الهدنة المقدسة؛ وسبب ذلك أن كل شئ في أولمبيا ، أو له ارتباط بها مقدس.

وكان الرسل والمنادون ينطلقون من القرية الأولمبية، إلى جميع أنحاء اليونان، والمستعمرات الخارجية، وقد عصبوا جباههم بأغصان الزيتون،؛ ليعلنوا بداية الأيام الحرم (الهدنة المقدسة)، ولذا لقبوا برسل الهدنة Spondophoroi، داعين الراغبين بالاشتراك في الدورة الأولمبية، إلى الاطمئنان؛ لأن الإله "زيوس" Zeus، حامي العهود، وكبير آلهة الأولمب، هو حاميهم، خلال سفرهم، وخلال مشاركتهم في الدورة الأولمبية، وخلال عودتهم إلى ديارهم. ويعلنون أيضاً عن موعد الدورة، حسب التقويم الديني، بحيث يتوافق اليوم الثاني أو الثالث من أيام الدورة، مع ثاني أو ثالث قمر كامل، قرب نهاية الصيف. وبعد النداء كان الرياضيون والمتفرجون والسّياسيون، ورجال الفكر والفن والشعراء، يتجهون نحو القرية الأوليمبية.

وكانت مدة الهدنة في البداية شهراً واحداً؛ لأن الدعوة كانت قاصرة على الإغريق داخل المدن الإغريقية، ثم أصبحت مدتها ثلاثة أشهر، عندما شملت الدعوة كل الإغريق سواء كانوا داخل المدن الإغريقية، أو في المستعمرات الخارجية مثل سواحل آسيا الصغرى، وجنوبي إيطاليا وجزيرة صقلية، وشمال أفريقيا، لإتاحة الفرصة أمام جميع الإغريق للمشاركة في المهرجان الأولمبي. وكانت الهدنة تعلن قبل شهرٍ من موعد المهرجان الأولمبي، لإتاحة الفرصة أمام الجميع للوصول إلى أولمبيا، وشهر التدريب. والشهر الثالث تقام في أسبوعه الأول المهرجانات، وباقي الشهر يكفي لوصول الجميع إلى مدنهم دون أن يعترض أحد طريقهم.

ووقعت معاهدة "الهدنة الإجبارية" عام (884ق.م)، بين ملك إليس "ايفيتوس"، وملك إسبرطة "ليكورجوس"، وملك بيسا "كليوسنتيس، بعد تحذير من كهنة معبد دلفي لملك إليس "ايفيتوس"، بأن غضب الآلهة سوف يصب عليهم، إذا لم يستأنفوا الألعاب الأولمبية من جديد.

وكان أهم بند في المعاهدة، هو: "أولمبيا مكان مقدس وكل من يجرؤ على دخول هذه المدينة، وهو يحمل سلاحاً يكوى بالنار تدنيساً له، كما أنه يعتبر ملحداً، كل من تهيأت له الوسائل، ولم يحل دون ارتكاب هذه الجريمة، أي الدخول بسلاح"، ونصت كذلك على تولى مدينة "إليس" تنظيم المهرجان الأولمبي". وحفروا بنودها على القرص الذي كان يتدرب عليه "ايفيتوس"، داخل خمس دوائر متشابكة، وهي الدوائر التي تمثل الآن الحلقات الخمس، التي أصبحت رمزاً لقارات العالم الخمس. والتزم الإغريق بما نصت عليه المعاهدة، وكان الملوك والأمراء يوقفون القتال خلال مدة الهدنة، وتوقف فيه الجباية التي كانوا يأخذونها من العابرين لأراضيهم. وكان يعاقب كل من يعترض الآخرين في طريقهم إلى أولمبيا. وقد فرضت غرامة على أحد الملوك لأن أحد جنوده اعترض رجلاً في طريقه إلى أولمبيا.

وكانت الهدنة فاتحة خير على الدورات الأولمبية، إذ أوجدت الفرصة أمام الإغريق لتطويرها وتجديدها. وقد عُثر على اتفاقية الهدنة المقدسة، مكتوبة على لوح برونزي كان موجوداً حتى أيام الرحالة والمؤرخ "باوسانياس" Pausanias ، في القرن الثاني الميلادي، داخل معبد الربة "هيرا".




[1] ديلوس ` Delos ، إحدي جزر الكيكلاذيس Cyclades ، وسط البحر الإيجي، وكانت مركزاً للعبادة اليونانية، للإله أبوللون.

[2] (فيبوس)، أحد أسماء الإله أبوللون، أوصفاته منذ ولادته، عندما قتل التنين في دلفي.

[3] أهل إيونيا Ionians ، هم اليونانيون الشرقيون، على الساحل الغربي لآسيا الصغرى.

[4] وهي وحدة لقياس المسافات، تعادل قدم يوناني، والقدم اليوناني يعادل 30.84سم.