إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / ومضات من القرآن الكريم / حروف الجر الزائدة في القرآن الكريم









مقدمة

مقدمة

إنّ من الموضوعات التي تناولها النحاة والمفسرون بشيء من الرغبة والرهبة، موضوع الزيادة في القرآن الكريم. فقد ذهبت طائفة منهم إلى منع الزيادة في القرآن، بناء على أن ذلك يتناقض مع إعجاز القرآن الكريم، وفعل الحكيم الخبير. وذهب آخرون إلى القول بها، محتجين لقولهم بأن القرآن جاء على نهج العرب، وأن الزيادة ترد في كلامهم كثيراً، وأنها ليست عبثاً، وإنما تؤدي بعض المعاني؛ بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فبنوا أغلب قواعد الزيادة، على ورود شواهد لها في القرآن الكريم .

وقد ذهب الفريق الثاني إلى أن الزيادة تكون في الأسماء والأفعال والحروف؛ فالأسماء مثل زيادة (اسم) في قوله تعالى:  ) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ( (الرحمن: 78)،  فقالوا المعنى: تبارك ربُّك. والأفعال مثل زيادة (يكد) في قوله تعالى: )إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا( (النور: 40)، قالوا المعنى: لم يرَها. والحروف مثل زيادة الباء في قوله تعالى: )وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ( (مريم: 25)، قالوا المعني: هزِّي إليك جذعَ النخلة.

وأما الفريق الأول، فقد منع الزيادة في القرآن سواءً أكانت في الأسماء أم الأفعال أم الحروف، ووجّه كل ماعدَّه الفريق الثاني زائداً على أنه أصل لا يكتمل المعنى إلا به؛ بل إن بعضهم يرى أن ما عدّوه زائداً هو من أعظم روافد الإعجاز في القرآن وأهمها، ووجهوا آياته على التضمين ، أو على تقدير محذوف مناسب.

وبسبب طول موضوع الزيادة وتشعبه، بين الأسماء والأفعال والحروف؛ فسيكون هذا البحث في الحروف، وسيختار من الحروف حروف الجرّ، التي قيل إنها زائدة في القرآن، وسيورد آراء من قال بزيادتها وآراء مَنْ منع زيادتها، موضحاً معانيها على المذهبين، ذاكراً الفرق بينهما ومرجحاً ما أمكن ترجيحه منهما.

وسيعرف البحث في إيجاز بالحرف الزائد -مع ذكر بعض المعاني التي يؤديها-، والتضمين ومتعلق الجار؛ لأن هذه الأمور هي الفيصل بين الحرف الزائد والحرف الأصلي، حيث إن الحرف الزائد لا يؤدي معنى أصلياً في الجملة ولا متعلق له، في حين إن الحرف الأصلي لا بدّ له من متعلق، ويتوقف فهم الجملة على وجوده، وإن كان لا يتعلق بالعامل المذكور ضُمِّنَ هذا العامل معنى فعل يتعلق به؛ فمثلاً الباء في قوله تعالى: )قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ( (الرعد:43)، عدّها بعضهم زائدة، والمعنى: كفى الله شهيداً بيني وبينكم، وعليه فهي لا تحتاج إلى متعلق، ولا يؤدي حذفها إلى تغيير المعنى العام، بينما عدّها آخرون أصلية، وعليه فلا بدّ لها من متعلق، لذا قالوا الفعل: (كفى) ضُمِّن معنى الفعل (اكتَفِ) الذي يتعلق بالباء، والمعنى: اكتفِ بالله شهيداً، وحينئذ يكون هذا  الحرف متعلق بالفعل (اكتفِ)، ولا يستقيم المعنى بحذفه. ومن هنا يتضح أهمية توضيح التعلق والتضمين. كما سيشير البحث إلى أوائل من قالوا بالزيادة في القرآن، وإلى بعض من منعوها. كما سيذكر حروف الجرّ، التي وردت زائدة في القرآن مرتبة وفق شهرتها في الزيادة، مع مراعاة ترتيبها الهجائي على حسب أوائلها بعد ذلك، وسيوضح المواضع التي ذُكر أنها تزاد فيها، مع تطبيق ذلك على القرآن الكريم.