إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / ومضات من القرآن الكريم / حروف الجر الزائدة في القرآن الكريم









زيادة (على)

زيادة (على)

المشهور في (على) أنها لا تزاد، وهذا مذهب سيبويه. قال المرادي: "وقد نصَّ سيبويه على أن (على) لا تزاد"، وجوَّز ابن جني أن تزاد عوضاً عن (على) أخرى محذوفة، واستشهد لذلك بقول الراجز:

إن الكريم وأبيكَ يعتملْإن لم يجد يوماً على من يتكلْ

أي من يتكل عليه، قال المرادي: "قال ابن جني: أراد من يتكل عليه، فحذف (عليه)، وزاد (على) قبل (من) عوضاً". وجوز ابن مالك أن تزاد دون تعويض، قال المرادي: "قال ابن مالك: وقد تزاد دون تعويض. واستدل، على ذلك، بقول حميد بن ثور:

أبى الله إلا أن سرحة مالك   على كل أفنان العضاة تروق

زاد (على) لأن (راق) متعدية، مثل (أعجب)، تقول: راقني حسن الجارية. وفي الحديث: من حلف على يمين والأصل: حلف يميناً".

 وقد ذهب قلة من النحاة والمفسرين إلى أن (على) زائدة في قوله تعالى: )وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا( (الفرقان:27)، قالوا المعنى: يوم يعضُّ الظالمُ يديه؛ وذلك لأن الفعل (عضَّ) يتعدى بنفسه، كما في قوله تعالى: )وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ( (آل عمران:119)،  قال أبو الفداء إسماعيل حقّي: "ويجوز أن تكون (على) زائدة، فيكون المراد بالعضِّ حقيقة العضِّ والأكل، كما روي أنه يأكل يديه حتى يبلغ مرفقيه". وقال ابن عاشور: "العضُّ: الشدُّ بالأسنان على الشيء ليؤلمه أو ليمسكه، وحقه التعدية بنفسه، إلا أنه كثرت تعديته بـ(على)؛ لإفادة التمكن من المعضوض، إذا قصدوا عضّاً شديداً كما في هذه الآية". وقال أبو حيان: "قال الضحاك: يأكل يديه إلى المرفق، ثم تنبت، ولا يزال كذلك كلَّما أكلها تنبت". وعلى هذه الأقوال (على) زائدة، والمعنى أنه يعض يديه ويأكلها حقيقة.

وذهب أكثر النحاة والمفسرين إلى أن (على) في هذه الآية أصلية غير مزيدة، تفيد الاستعلاء، وأن المعنى مجازيّ المقصود منه الدلالة على شدّة الندم، وقد لا يكون هناك عضٌّ أصلاً. قال الزمخشري: ((عضُّ اليدين والأنامل، والسقوط في اليد، وأكل البنان، وحرق الأسنان والأرم، وقرعها: كنايات عن الغيظ والحسرة". وقال الرازي: "قَوْلُهُ: يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ، قَالَ الضَّحَّاكُ: يَأْكُلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ تَنْبُتُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ كُلَّمَا أَكَلَهَا نَبَتَتْ، وَقَالَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ مُشْعِرَةٌ بِالتَّحَسُّرِ وَالْغَمِّ، يُقَالُ عَضَّ أَنَامِلَهُ وَعَضَّ عَلَى يَدَيْهِ". وقال السمين الحلبي: "والعَضُّ: الأَزْمُ بالأسنانِ وهو تحامُلُ الأسنانِ بعضِها على بعضٍ. يقال: عَضِضْتُ بكسر العين في الماضي أعَضُّ بالفتحِ عَضَّاً وعَضيضاً... ويُعَبَّرُ به عن الندمِ المفرط، ومنه: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ)، وإنْ لم يكن ثَمَّ عضٌّ حقيقةً".

وخلاصة هذه المسألة أن أهل التحقيق يوجهون العضّ على المجاز –كما قال الرازي-؛ وذلك للدلالة على شدّة الندم، وعليه تكون (على) غير مزيدة ؛ لأن عضَّ الندم إن حدث فسيكون على الطبقة العليا من اليد، وعليه تكون (على) أصلية تفيد الاستعلاء.