إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / ومضات من القرآن الكريم / حروف الجر الزائدة في القرآن الكريم









زيادة (عن)

زيادة (عن)

المشهور عند النحاة عدم زيادة (عن) في الاختيار، قال السيوطي: "زيادتها ضرورة كقوله:

فأصبحن لا يسألنه عن بما به

خلافاً لأبي عبيدة فقد أجازها في الاختيار". وذكر ابن هشام أنها تزاد عوضاً عن (عن) أخرى محذوفة، قال: "تكون زَائِدَة للتعويض من أُخْرَى محذوفة، كَقَوْلِه:

أتجزع أَن نفس أَتَاهَا حمامها  فَهَلا الَّتِي عَن بَين جنبيك تدفع

قَالَ ابْن جني أَرَادَ فَهَلا تدفع عَن الَّتِي بَين جنبيك، فحذفت عَن من أول الْمَوْصُول وزيدت بعده"، وقد منع سيبويه زيادتها، قال المرادي: "ونص سيبويه على أن (عن) لا تزاد".

 إذن (عن) لا تزاد في الاختيار عند جمهور النحاة. وقد خرج على هذا الجمع أبو عبيدة بن المثنى والأخفش، فقد ذهبا إلى القول بزيادتها في الاختيار، واستدلا على ذلك بقوله تعالى: )فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(  (النور:63)، حيث قالا بزيادة (عن)، والمعنى: فليحذر الذين يخالفون أمرَه. قال القرطبي: "قال أبو عبيدة والأخفش: (عن) في هذا الموضع زائدة"، وقال السمين الحلبي: "إنها مزيدة، أي يخالفون أمره، وإليه نحا الأخفش وأبو عبيدة. والزيادة خلاف الأصل". وقالا بزيادتها لأن الفعل (خالف) يتعدى بنفسه إلى مفعوله، كما في قوله تعالى: )وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ( (هود:88).

وأغلب النحاة والمفسرين وجهوا (عن) في هذه الآية على أنها حرف أصلي غير مزيد، وأن الفعل (يخالفون) ضمن معنى فعل يتعدى بـ(عن) مثل: يلوذون أو يصدون أو يعرضون أو يدبرون أو يميلون، قال الطبري: "أدخلت (عن) لأن معنى الكلام: فليحذر الذين يلوذون عن أمره ويدبرون عنه معرضين"، وقال الزمخشري: "معنى الذين يخالفون عن أمره: الذين يصدون عن أمره". قال الرازي: "قال الأخفش (عن) صلة، والمعنى يخالفون أمره، وقال غيره معناه: يعرضون عن أمره، ويميلون عن سنته، فدخلت (عن) لتضمين المخالفة معنى الإعراض"، وقال أبو حيان: ""خالف" يتعدى بنفسه تقول: خالفت أمرَ زيدٍ، وبـ(إلى) تقول: خالفت إلى كذا، فقوله: عن أمره، ضمن معنى صدَّ وأعرض، فعداه بـ"عن"".

وذهب ابن عطية إلى أن (عن) في هذه الآية بمعنى (بعد)، والمعنى: يخالفون بعد أمره، قال: "وقوله: يخالفون عن أمره، معناه: يقع خلافهم بعد أمره، وهذا كما تقول: كان المطر عن ريح"،س أي كان المطر بعد ريح، ومن معاني (عن) البعدية، أي تكون بمعنى (بعد)، كما في قوله تعالى: )لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ(  (الانشقاق: 19) أي طبقاً بعد طبق.

وخلاصة هذه المسألة هي: الأرجح أن توجه هذه الآية على أصالة (عن) وعدم زيادتها، وذلك بتضمين الفعل (يخالف) معنى فعل آخر يتعدى بـ(عن) ويؤدي معنى المخالفة، أو حمل (عن) على البعدية، كما ذهب إلى ذلك ابن عطية؛ وذلك لأن (عن) لا تزاد في كلام العرب إلا ضرورة، والقرآن الكريم ليس فيه ضرورة.