إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / أمن البحر الأحمر





ميناء عصب الإريتري
مضيق تيران
الجزر الجنوبية
تمركز الشيعة في اليمن
دول البحر الأحمر

جزر حنيش



أمن البحـــر الأحمــر

المبحث السادس

العرب والبحر الأحمر

أولاً: العمل العربي المشترك والبحر الأحمر

إلى جانب التدابير التي اتخذتها مصر لتقييد الملاحة الإسرائيلية، خلال الأعوام 1951، 1954، 1955، والقاضية بحظر مرور السفن الإسرائيلية، والسفن التي تحمل شحنات إستراتيجية إلى إسرائيل، عبر مضيق ثيران وخليج العقبة، وإلى جانب وضع المملكة العربية السعودية جزيرتَي ثيران وصنافير تحت السيطرة العسكرية المصرية، يعدّ "ميثاق جدة"، في 21/4/1956، بين المملكة العربية السعودية ومصر والمملكة اليمنية المتوكلية، أول دعوة لإقامة "نظام أمن مشترك" في البحر الأحمر.

أدى احتلال إسرائيل، في حرب 1967، سيناء ومضيق ثيران إلى جذب اهتمام الدول العربية إلى البحر الأحمر، مياهه ومداخله ومضايقه وجُزره وخلجانه. وهكذا، ازداد نشاط الدول العربية، بعد العام 1970، للإعراب عن قلقها في شأن الوضع الخطير في البحر الأحمر، والناجم عن التهديدات الإسرائيلية للمنطقة، وبخاصة لجُزرها ومضايقها. وقد تمثلت الأنشطة والمواقف العربية في الوقائع التالية:

1. خلال الفترة 1970-1971، بدأت قضية أمن البحر الأحمر تحوز أسبقية أولى، في اجتماعات جامعة الدول العربية. وجاء ذلك، أولاً وأساساً، على يدي الجمهورية العربية اليمنية، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بحكم قلقهما من النشاطات الإسرائيلية، خاصة في حالب ودهلك. وفي هذه الفترة أيضاً، أعربت أقطار عربية أخرى، مثل سورية وليبيا والسودان، عن قلقها في هذا الشأن. وتم إعداد تقارير استخبارات حول النشاطات الإسرائيلية، بناء على طلب جامعة الدول العربية.

2. في سبتمبر 1970، شكلت الجامعة العربية لجنة لتقصّي الحقائق حول استئجار إسرائيل من إثيوبيا جُزر أبو الطير وحالب ودهلك.

3. في 19/7/1971، أكدت الجامعة العربية، في مذكرة بعثت بها إلى وزارة الخارجية المصرية، وجوداً إسرائيلياً في الجُزر الإريترية. وأوضحت الجامعة العربية، في مذكرتها، الآثار العامة للنشاطات الإسرائيلية في المنطقة، ولاحظت أن خطط إسرائيل ومطامحها، تشمل تأسيس وجود لها في هذه الجُزر، بوصفها إحدى قوى البحر الأحمر، وفي منطقة متاخمة للمنطقة العربية، مع الإفادة من ذلك لتعزيز علاقاتها بالعالم الثالث، لا سيما أفريقيا. وحذرت المذكرة أيضاً من أن إسرائيل، تتوق إلى حرمان العرب من سيطرتهم الإستراتيجية، والسياسية على البحر الأحمر.

4. بدأ الاهتمام العربي بـ "عروبة" إريتريا، وتحصين جزيرة بريم، اليمنية، ودعم الصومال في مطالبتها بأراض لها في القرن الأفريقي. وأنجزت الجامعة العربية، في 6/2/1972، دراسة في شأن التغلغل الإسرائيلي في البحر الأحمر، من طريق استئجار الجُزر من إثيوبيا. وفي سبتمبر 1973، جرت مناقشة نتائج هذه الدراسة في مجلس الجامعة العربية، وصدر قرار يدعو الأمانة العامة للجامعة إلى ترتيب انعقاد مؤتمر لأقطار البحر الأحمر العربية، يتيح لها التوصل إلى مواقف مشتركة في شأن التعاون والتنسيق في ما بينها، في هذا الصدد. وكانت جريدة "الأهرام" المصرية، اقترحت إنشاء قيادة إستراتيجية بحرية عربية، لمواجهة تغلغل إسرائيل في البحر الأحمر، بوصفه جبهة مهمة وخطيرة في الصراع العربي ـ الإسرائيلي.

5. بعد حرب 1973، وإغلاق مضيق باب المندب من قبل القوات البحرية المصرية، وإرسال اليمن الشمالي قواته، في 14/10/1973، إلى بعض جُزر البحر الأحمر، لمنع أي محاولة إسرائيلية لاحتلالها، تمهيداً لفك الحصار العربي عن باب المندب ـ أصبح أمن البحر الأحمر موضوعاً يشغل الاجتماعات العربية.

6. في يناير 1976، أثار اليمن الشمالي مسألة التوصل إلى اتفاق عربي جماعي في شأن أمن البحر الأحمر، ضمن إطار معاهدة الدفاع العربي المشترك. وفي ذلك الحين، توجّه خبراء عسكريون من المملكة العربية السعودية ومصر إلى باب المندب، لإجراء دراسات ميدانية حول كيفية توفير الحماية والأمن للمنطقة.

7. في 17-19 يوليه 1976، اجتمع في جدة الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية، والرئيس المصري، أنور السادات، والرئيس السوداني، جعفر نميري، وناقشوا قضية البحر الأحمر وأمنه، ودعوا إلى قيام تعاون عسكري عربي فيه.

8. اجتمع الرئيس نميري والملك خالد، في 31/10 و 1/11/1976، في السودان، حيث أكدا رغبتهما في جعل البحر الأحمر "منطقة سلام"، بالنسبة إلى دوله جميعاً، مع إبقائه في منأى عن إستراتيجيات القوتَيْن العظميَيْن وصراعاتهما.

9. في العام 1977، تكثفت الجهود الإستراتيجية العربية، نتيجة الوجود الكوبي، وتدخل القوتين العظميَيْن في المنطقة. وفي تلك السنة، عقدت اجتماعات عربية مشتركة، وبذلت محاولات دبلوماسية رامية إلى تأكيد الأمن العربي في البحر الأحمر، خلال عدد من الإجراءات، من بينها فرض السيطرة الإقليمية عليه. واتخذت خطوات فاعلة أيضاً بغية التوصل إلى إستراتيجية عربية في البحر الأحمر، وتحقيق الأمن له، استجابة للأوضاع الجديدة.

10. في 27-28/2/1977، اجتمع رؤساء سورية والسودان ومصر، بمساندة من المملكة العربية السعودية، في قمة مصغرة في الخرطوم، لمناقشة أمن البحر الأحمر، ووضع إستراتيجية عربية مشتركة للمنطقة. وكانت النشاطات العسكرية الإسرائيلية حول الساحل الإريتري والإثيوبي، في ذلك الوقت، قد أثارت قلقاً عربياً في شأن أمن البحر الأحمر. وفي ختام المؤتمر، صدر بيان مشترك أكد فيه الرؤساء الثلاثة الاهتمام بأمن البحر الأحمر، ودعوا إلى أن يكون البحر الأحمر "بحراً عربياً". وأكدوا أيضاً رغبتهم في جعل البحر الأحمر منطقة سلام، لإبقائه بعيداً عن الصراعات الدولية، التي تهدد استقرار المنطقة وأمنها، مع وضع إستراتيجية عربية موحدة خاصة به. ودعا الرؤساء الثلاثة أيضاً، في بيانهم المشترك، إلى إبقاء البحر الأحمر ممراً مائياً مفتوحاً في وجه الملاحة الدولية.

11. عقب زيارة الرئيس الكوبي كاسترو للمنطقة (ليبيا، إثيوبيا، اليمن الديموقراطية الشعبية، الصومال) التي ضغط خلالها لإقامة حلف موالٍ للاتحاد السوفيتي، شنت بعض الأقطار العربية حملة مناهضة للمشروع الكوبي. وفي مهمة تستهدف شؤون البحر الأحمر، وبدعم من المملكة العربية السعودية ومصر، زار الرئيس السوداني اليمن الجنوبي، واليمن الشمالي، وعُمان، والصومال، بين 15 و 22/3/1977. وخلال رحلته هذه، عرض على اليمن الجنوبي والصومال الانضمام إلى القيادة السياسية، المكونة من مصر والسودان وسورية.

12. أدّت جولة الرئيس السوداني إلى عقد مؤتمر قمة، في 22-23/3/1977، في تعز في اليمن الشمالي، ضم رؤساء السودان والصومال واليمن الجنوبي واليمن الشمالي، ودعيت إليه إثيوبيا، ولكنها امتنعت عن الحضور. وكان الموضوع الرئيسي للمؤتمر هو أمن البحر الأحمر، وإن كان المؤتمر قد ناقش أيضاً جوانب من التعاون الاقتصادي بين الأطراف المشاركة. وفي البيان المشترك الذي صدر عن المؤتمر، أكد رؤساء الدول المجتمعون ضرورة الحفاظ على البحر الأحمر كمنطقة سلام، وعلى استغلال ثروات البحر الأحمر لخير شعوب المنطقة، مع الدعوة إلى عقد اجتماع موسع، يضم دول البحر الأحمر كلها. كما دعا البيان إلى التضامن العربي ضد سياسات إسرائيل العدوانية، وضد القوى المؤيدة للصهيونية.

13. في أعقاب اجتماع تعز، زار وزير خارجية المملكة العربية السعودية الصومال واليمن الجنوبي (أبريل 1977) لمناقشة القضايا التي لها علاقة بالوضع في البحر الأحمر.

14. اقترحت الأمانة العامة للجامعة العربية على الدول الأعضاء، أن تشكل قوة أمن عربية دائمة، لمواجهة الأخطار التي تتهدد أمن منطقة البحر الأحمر. ووُضع مشروع تشكيل هذه القوة على جدول أعمال اجتماع مجلس الجامعة في 3/9/1977. ودعا المشروع إلى تشكيل قوة مؤلفة من ستة آلاف ضابط وجندي، يُختارون من القوات المسلحة لجميع الدول أعضاء الجامعة، وتكون تابعة مباشرة للأمانة العسكرية في الجامعة. ولكن المشروع لم يجد سبيله إلى التنفيذ.

15. على هامش اجتماع مجلس الجامعة، في دورة سبتمبر 1977، في القاهرة، اجتمع وزراء خارجية الدول التي شاركت في قمة تعز، مارس 1977، (السودان، اليمن الجنوبي، اليمن الشمالي، الصومال)، ودعوا إلى مؤتمر موسع لدراسة شؤون البحر الأحمر، يشمل أيضاً مصر والمملكة العربية السعودية والأردن. وأعقب هذا اجتماع آخر، ضم ممثلي المملكة العربية السعودية ومصر والسودان واليمن الشمالي واليمن الجنوبي والصومال وجيبوتي، الذين وضعوا مشروع قرار يدعو إلى موقف عربي موحد، لمواجهة التحدي الإسرائيلي - الإثيوبي، ولدعم الثورة الإريترية في حصولها على الاستقلال. وأيّد القرار أيضاً الآمال المشروعة لشعب أوجادين، مؤكداً أن العدوان ضد الصومال، يعدّ عدواناً على الأمة العربية كلها.

16. وفي قرار أصدره مجلس الجامعة، في دورته المذكورة (سبتمبر 1977) دعا وزراء الخارجية العرب جميع الدول الأجنبية إلى الامتناع عن التدخل في الصراعات القائمة في القرن الأفريقي، وأكدوا أهمية تسوية تلك النزاعات بالوسائل السلمية. ودعوا أيضاً الأمين العام للجامعة إلى الاتصال بالأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية، طلباً للمساعدة على تسوية صراعات القرن الأفريقي في إطار التعاون العربي - الأفريقي. أمّا الدول الأجنبية، التي أشار إليها القرار، فتضمنت، أساساً، كوبا والاتحاد السوفيتي.

17. بعد اجتماع مجلس الجامعة (في سبتمبر 1977) أرسل اليمن الشمالي، في أوائل أكتوبر 1977، مذكرة إلى الجامعة العربية، تؤكد تزايد الوجود العسكري، الإسرائيلي والإثيوبي، في منطقة ساحل إريتريا ـ باب المندب، وأن إثيوبيا قدمت تسهيلات إلى استخبارات إسرائيل للسيطرة على الساحل الإريتري، الذي يمكن إسرائيل أن تهدد منه مباشرة الجُزر التابعة للجمهورية اليمنية في البحر الأحمر. وطلب اليمن في مذكرته أن تتخذ الجامعة العربية استعداداتها الضرورية لحماية أمن باب المندب والجُزر العربية.

18. توقفت جهود الجامعة العربية في شأن أمن البحر الأحمر، في إثر التطور الذي طرأ على بدء تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، في نوفمبر 1977، وتأثر العمل العربي المشترك تأثراً عميقاً بذلك التطور.

19. كانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أعدت تقريراً عن الأمن القومي العربي، وقدمته إلى مؤتمر القمة العربي، الذي عقد في بغداد (28 - 30/5/1990). وقد جاء في التقرير، أثناء الحديث عن التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، أن إسرائيل تسعى إلى "الوجود المكثف في البحر الأحمر ومضايقه، والتحرك البحري الحر لقواتها البحرية فيه، والقيام بنشاطات جمع المعلومات والتجسس". وقد لفت التقرير النظر إلى أنه "يمكن إسرائيل استغلال علاقاتها الجديدة، للتمركز في جُزر البحر الأحمر القريبة من مضيق باب المندب، والقيام من طريق أجهزتها الأمنية والعسكرية بالتنصّت والتجسس وتهديد مصالح الدول العربية المطلة على البحر الأحمر. كما يمكنها، في حالة مواجهة عسكرية، تطويق الدول العربية في المنطقة، شمالاً وجنوباً".

20. وفي تقرير آخر عن الأمن القومي العربي، أعدّته الأمانة العامة، بناء على طلب مجلس الجامعة (قرار المجلس رقم 5215 بتاريخ 14/9/1992) لم يرد ذكر للبحر الأحمر، وإنما ورد في التقرير فقرة عن القرن الأفريقي، جاء فيها: "تشكل منطقة القرن الأفريقي امتداداً طبيعياً للأمن القومي العربي. وأي توتر أو عدم استقرار في هذه المنطقة، يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي".

إلى جانب الشؤون السياسية والأمنية للبحر الأحمر، امتد العمل العربي المشترك إلى مجالات أخرى، كان من أهمها مجال البحث العلمي. وقد نشطت، في هذا المجال، "المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم". ومن أبرز منجزات البحث العلمي "برنامج التعاون الإقليمي للدراسات البيئية في البحر الأحمر"، الذي وضع في إطار المشورة الفنية مع "منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتربية"  UNESCO, United Nations Educational, Scientific, And Cultural Organization وكان من نتائج هذا التعاون العلمي، أن نُظمت حلقة دراسية في العام 1974، في بريمرهافن بألمانيا، بعنوان "برنامج العلم البحري للبحر الأحمر".

واتساقاً مع ذلك، عُقد، في ديسمبر 1974، في جدة، مؤتمر، ضم خبراء علوم البحار وممثلي الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وذلك تحت إشراف المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم وبرنامج البيئة في الأمم المتحدة. ثم عقد المؤتمر الثاني في يناير 1976، في جدة أيضاً، ودعيت إليه كل الدول المطلة على البحر، ما عدا إسرائيل، وجيبوتي التي كانت، آنذاك، تحت الحكم الفرنسي. وكان من قرارات هذا المؤتمر، إنشاء برنامج لدراسات البيئة في البحر الأحمر وخليج عدن للدراسات الطبيعية والكيميائية، والجغرافيا المحيطية والجيولوجية، والكائنات البحرية وصيد الأسماك. وانبثق من هذا المؤتمر اجتماع لخبراء البيئة والقانون، عقد في 14/1/1981، وهدف إلى صياغة خطة عمل، من أجل الحفاظ على البيئة البحرية والمناطق الساحلية للبحر الأحمر وخليج عدن. وهو ما أدى إلى إعلان منطقة البحر الأحمر "منطقة خاصة" (Special Area).

ثانياً: نحو إستراتيجية عربية للبحر الأحمر

يدور مفهوم الإستراتيجية العربية في البحر الأحمر، المستقى من تاريخ العمل العربي المشترك، حول حماية الأمن القومي العربي بصورة عامة، وأمن الدول العربية المطلة عليه بصورة خاصة، وجعل البحر الأحمر منطقة سلام مستقرة، بمنأى عن الصراعات الدولية، ومتحررة من أي سيطرة أجنبية.

ولعل في تصريح وزير خارجية المملكة العربية السعودية، يوم 30/8/1977، ما يشير إلى بعض ملامح هذا المفهوم، الذي ينعقد عليه اتفاق واسع من جانب أقطار البحر الأحمر العربية. فقد حدد الوزير السعودي الهدفَيْن التاليَيْن:

·   ضرورة إضفاء الأمن والاستقرار على البحر الأحمر، بإبقائه خارج أي صراعات ومطامح دولية.

·   ضمان حقوق الدول المطلة عليه في حرية تنمية موارده الطبيعية واستغلاله لمصلحة شعوبه وخيرها وتقدمها، دون النَّيل من طبيعته، بوصفه ممراً مائياً دولياً، مفتوحاً لجميع الدول، وذلك طبقاً لمبادئ القانون الدولي.

ولأن البحر الأحمر هو في منزلة النواة، لما يمكن تسميته "الكتلة الإستراتيجية"، التي تضم البحر المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر، وما حولها من بر، لتشكل في مجموعها العمق الإستراتيجي العربي، حيث تتلاقى وتتصادم إستراتيجيات ومصالح عربية وإقليمية ودولية ـ فمن المرجح أن البحر الأحمر، لن يكون بعيداً عن أي نزاع سياسي أو صراع مسلح مستقبلي، سواء جرى ذلك النزاع أو الصراع في شرقي أفريقيا، أو الخليج العربي أو المشرق العربي، وسواء كان ذا علاقة بإسرائيل أو غير ذي علاقة. وتأخذ هذه الفكرة مكانتها في إطار خصوصية حوض البحر الأحمر، خاصة سماته التالية:

1. يعدّ البحر الأحمر والدول المطلة عليه منطقة تخلخل عسكري في ميزان القوى، الخاص بالبحر وبالمناطق المحيطة به.

2. يحمل حوض البحر الأحمر في ثناياه جميع قضايا الصراع العربي ـ الإسرائيلي وامتداداته وذيوله. كما يحمل مشكلات الخليج العربي ومجموعة الخلافات العربية والمشكلات الأفريقية، إضافة إلى الشؤون الخاصة بالبحر الأحمر وحوضه وجواره الجغرافي.

3. من غير المنطقي الفصل بين البحر الأحمر والخليج العربي والمشرق العربي والبحر المتوسط، إستراتيجياً وأمنياً واقتصادياً. فقد أثبتت حرب الخليج الأولى، بين العراق وإيران (1980-1988)، وحرب الخليج الثانية (1990-1991) أن البحر الأحمر والدول المطلة عليه، كانا ذوَي علاقة، على نحو ما، بالحربين، وتأثّرا بهما أو أثّرا فيهما. ففي أثناء الحرب العراقية  الإيرانية، تعرض البحر الأحمر لعملية تلغيم واسعة (1984). وفي أثناء حرب تحرير دولة الكويت، كانت العمليات البحرية في الخليج والبحر الأحمر والبحر المتوسط، تندرج جميعها في إطار خطة عمليات لمسرح حرب واحد. وحينما ضربت القوات البحرية والجوية الأمريكية العراق، رداً على تحليق الطائرات العراقية فوق المناطق المحظورة في الجنوب العراقي، يناير 1993، انطلقت صواريخ توماهوك وكروز إلى أهداف عراقية، وكان البحر الأحمر أحد مواقع إطلاق تلك الصواريخ، إذ كانت السفن، التي أُطلقت منها الصواريخ راسية فيه.

4. تنفرد إسرائيل بتوجهاتها التوسعية، وتشكل عاملاً فعالاً في إشاعة عدم الاستقرار في حوض البحر الأحمر، في حين تخضع العلاقات العربية ـ العربية للدول العربية المطلة على البحر (المملكة العربية السعودية، اليمن، الأردن، مصر، السودان، جيبوتي) للمتغيرات والعوامل المتبدلة، فتعطل صياغة إستراتيجية عربية في حوض البحر الأحمر. ويتمثل معظم تلك المتغيرات والعوامل في العلاقات بين الدول العربية.

5. إن الصراعات المحلية بين دول البحر الأحمر والخليج العربي والقرن الإفريقي، إذا بلغت حداً معيناً يمس مصالح القوى العالمية الكبرى، فإن استقطاب القوات الأجنبية وسياسات القوى العالمية الكبرى وإستراتيجياتها يصّاعد مدّه ويشتد تأثيره وفعله، سواء كانت تلك القوات والسياسات والإستراتيجيات متنافسة أو متوافقة فيما بينها، وسواء تم الاستقطاب والتمركز والفعل والتأثير بغطاء من الأمم المتحدة، أو من دولة عظمى مسيطرة، أو بموجب تكتل دولي قوي، عسكرياً وسياسياً، ينشأ لغاية معينة ولمدة محددة. والأمثلة على ذلك كثيرة: حرب الخليج الثانية (1990-1991) والحرب العراقية - الإيرانية (1980-1988)، والنزاع بين الصومال وإثيوبيا في شأن أوجادين، والوجود العسكري السوفيتي في إثيوبيا واليمن الجنوبي، والوجود الإسرائيلي العسكري والاقتصادي والأمني والفني في إريتريا، وتأثيره في احتلال إريتريا جزيرة حنيش الكبرى، اليمنية.

وعلى الرغم من أن أي جهة أو قوة، من الجهات أو القوى الموجودة في حوض البحر الأحمر، أو المؤثرة فيه، لم تجسّد بعد أي مشروع لجعل حوض البحر الأحمر منطقة أمن وتعاون مشترك في نص مقترح، إلاّ أنه يمكن الاستنتاج من الأدبيات السياسية المنشورة حول هذه الموضوع، أن التعاون بين دول الحوض، على أساس نشر الأمن والاستقرار ودعم السلام في منطقة الحوض، كفيل بضمان سلامة الملاحة في البحر، وسلامة موانئه وحرية المرور في مضايقه، وفق المعاهدات والأعراف الدولية الخاصة بالبحار، والمعاهدات والاتفاقيات التي يمكن أن تعقدها دول الحوض فيما بينها. وثمة مجالات كثيرة للتعاون في شؤون البيئة، واستغلال ثروات البحر الطبيعية. ولكن هذا التصور النظري لما يمكن أن تؤول إليه حال أمن البحر الأحمر، يرتطـم في عقبتين رئيسيتين كبريين، تكادان تطويان ذلك التصور: أولاهما أن تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، لا يمكن، حتى في حال بلوغها أهدافها المرسومة لها، أن تشمل في إطارها جميع المشكلات الناجمة عن ذلك الصراع، ومنها حالة الأمن في البحر الأحمر، حيث تبرز الإستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة والغلبة. والعقبة الثانية هي مطامع القوى العالمية الكبرى، وهي مطامع تفرض نفسها بمصالحها وقواتها البحرية المنتشرة في ما حول البحر الأحمر.

وسيكون في مصلحة الدول العربية المطلة عليه، أمنياً واقتصادياً وسياسياً، وفي مصلحة الأمن القومي العربي بمجمله، أن يؤسس مشروع عربي لتحقيق الأمن في حوض البحر الأحمر، ينعقد حوله الإجماع العربي، ويأخذ في حسبانه العناصر التالية:

أ. متطلبات الأمن القومي العربي والمصالح القومية والوطنية.

ب. وجود دول غير عربية مطلة على البحر الأحمر أو مجاورة له.

ج. وجود مصالح لقوى أجنبية كبرى.

د. وجود ثروات اقتصادية مهمة في حوض البحر.

هـ. وجود تلوث بيئي.

و. مسؤولية عالمية لخدمة التقدم والحضارة الإنسانية.

وليس تأسيس هذا المشروع بالأمر الميسور، فثمة معوقات محلية وإقليمية ودولية، تعطله أو تؤخره. ويمكن التمييز، بإيجاز، بين هذه الأنواع الثلاثة من المعوقات، على النحو التالي:

1. المعوقات المحلية: ومن أهمها سيطرة الأمن القطْري على ما عداه من مستويات الأمن القومي، وعدم الاستقرار السياسي لدى بعض الدول المطلة على البحر الأحمر.

2. المعوقات الإقليمية: وتتضمن الخلافات العربية - العربية، والترويج للنظام الشرق أوسطي على حساب النظام الإقليمي العربي، واختلال التوازن في إطار التحالف أو التعاون بين الدول المطلة على البحر الأحمر أو القوى المتنافسة والمهتمة به.

3. المعوقات الدولية: وتشتمل على سياسات الدول الكبرى في الحفاظ على مصالحها في البحر الأحمر، وعدم السماح لمجموع القوى العربية المطلة عليه أن تسيطر على البحر ومداخله، والدعم السياسي أو العسكري، الذي تقدمه بعض تلك الدول الكبرى إلى القوى المناوئة لهذه القوى العربية في شأن البحر الأحمر.

ويتطلب تحقيق مشروع عربي لأمن البحر الأحمر، تأمين عدد من التدابـير والآليات، التي يمكن الإشـارة إلى بعضها، مثل: إنهاء الحروب والأزمات الأهلية وعدم الاستقرار السياسي في الدول العربية المطلة عليه، وتصفية الخلافات العربية - العربية، ومحاولة تحييد بعض الأطراف الإقليمية، وتأسيس منظمة إقليمية للدول العربية المطلة على البحر الأحمر، تضمن اتخاذ خطوات عملية للتعاون بين الدول الأعضاء لضمان أمنه.

يتضح من هذا البحث، أن أمن البحر الأحمر يشكل جزءاً من الأمن القومي العربي. ويعني هذا أن تحقيق الأمن لهذا البحر هو مسؤولية عربية مشتركة، وليس مسؤولية مقتصرة على الدول العربية المطلة عليه فحسب، خاصة أن ذلك الأمر يرتبط بالعناصر الآتية: 1. الثروات البحرية، 2. الأمن البيئي، 3. الأمن البحري، 4. الأمن القطْري للدول المطلة عليه، 5. أمن الخليج العربي، 6. الأمن القومي العربي كله.

وترتبط هذه العناصر بمتغيرات تحدث في مناطق: الخليج العربي، والقرن الأفريقي، والشرق الأوسط، فضلاً عن الصعيد الدولي.

كما يتضح من هذا البحث أيضاً، أن البحر الأحمر يتّسم بخصائص جغرافية وجغراسياسية وجغرإستراتيجية فريدة. وسبب ذلك أن وقوعه في قلب دائرة جغرافية، جمعت حوض نهر النيل والقرن الأفريقي غرباً، وشبه الجزيرة العربية والأماكن الإسلامية المقدسة والخليج العربي ومنابع النفط شرقاً، والمحيط الهندي وشرقي أفريقيا جنوباً، والبحر المتوسط شمالاً، جعله في منزلة إستراتيجية رفيعة، لم تفقد أهميتها، على الرغم من التطورات العميقة، التي شهدتها تكنولوجيا الأسلحة البحرية والجوية.

وفي سياق منزلة البحر الأحمر في الفكر الإستراتيجي العالمي، كان من الطبيعي أن تشمله الحرب الباردة بأنوائها، وأن يشتد التنافس فيه وفي الدائرة التي يدخل في محيطها بين القوتين العظميين، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق.

وبانتهاء الحرب الباردة وزوال أحد قطبيها، الاتحاد السوفيتي، كدولة عظمى، سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية على النظام العالمي. وأسهمت في تشكيل متغيرات جذرية في المنطقة العربية، مما أدى إلى أن تنشط إسرائيل في ترسيخ وجودها في البحر الأحمر، وأن تحاول مد سيطرتها عليه.

وثمة نص مرجعي، يمكن أن نعدّه الأساس، الذي بنَت إسرائيل عليه مخططها للسيطرة على البحر الأحمر، وهو نص، على الرغم من أنه يرجع إلى ثلاثة عقود خلت (1967)، فإن مفاهيمه تمتد إلى زمن غير محدود، وفيه من المرونة ما يؤهله للتطبيق في مرحلة ما بعد تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي. فقد حدد ييجال آلون، نائب رئيس وزراء إسرائيل، بعد حرب 1967، الحالات التي تخوض فيها إسرائيل الحرب. فذكر ست حالات، يهمنا منها الحالات الثلاث الأخيرة وهي: "....، 4. عندما يتدخل العدو في ملاحة إسرائيل عبر البحار المفتوحة أو المضايق المائية، مثل باب المندب. 5. أو عندما يراد تقديم المعونة إلى حلفاء ظاهرين أو مستترين، فعليين أو محتملين، في دولة من الدول العربية. 6. أو عندما يراد تغيير الوضع الراهن في دولة مجاورة، إذا ما أصبح استمراره يشكل تهديداً لإسرائيل بخطر محدق".

تعبّر هذه المقولة، التي لا تزال تحمل مغزاها ومعناها حتى اليوم، وإلى أمد غير منظور، عن الذرائع التي تستند إليها إسرائيل في توسيع نفوذها وسيطرتها في حوض البحر الأحمر. ذلك أن إسرائيل مدت حجم مسرحها الحربي البحري من مضيق ثيران، ذي العلاقة السببية المباشرة بحربَي 1956 و 1967، إلى باب المندب. وتقترن هذه الذريعة بالذرائع الأخرى، لتعطي إسرائيل نفسها الحق في شنّ "الحرب الإجهاضية"، و "الحرب الوقائية". إن هذه الحقوق التي منحتها إسرائيل لنفسها، تمتد إلى الدول العربية المطلة على البحر الأحمر. وهي وليدة الرغبة في السيطرة على ذلك الحوض، والسعي إليه، مرحلة فمرحلة.

ومن المتوقع، بعد أن تتم عملية التسوية السلمية للصراع العربي - الإسرائيلي، أن ينحو هذا الصراع إلى أشكال تنافسية وخلافية وتضادّية متنوعة، في مجال البحر الأحمر وسواه من مجالات دولية وشرق أوسطية ومحلية. وقد يتخذ التنافس والخلاف والتضادّ إطاراً عربياً - إسرائيلياً حيناً، وإطاراً ثنائياً حيناً آخر. وسوف تمثل اتفاقيات التسوية المستندات المرجعية للموضوعات الخلافية. وسيكون للقدرات السياسية والعسكرية للأطراف المتعاقدة، التأثير المباشر والفعال في تفسير نصوص تلك الاتفاقيات وتطبيقها. كما يحتمل أيضاً أن تفرض تلك القدرات التفسير الذي تراه ملائماً لمصلحتها، ومحققاً لأمنها.

وفي جميع الأحوال، سوف تنشأ، دائماً، شؤون خلافية ومشكلات تنافسية وقضايا تضادّية، متعددة أنواعها ومختلفة أشكالها ومجالاتها، ومنها ما لا يخضع للنصوص التعاقدية، وإنما سيجد سبيله إلى الحل من طريق النفوذ والهيمنة والسيطرة.

ومن هنا، تتأتى نوازع السيطرة لدى إسرائيل على البحر الأحمر، إذ تستثمر ظروف مرحلة السلام، وتوظف العوامل التي ستستجد في دائرة العلاقات العربية - الإسرائيلية توظيفاً، يخدم مصالحها وأهدافها. وستستخدم، لهذا الغرض، مختلف عناصر التفوق التي تحوزها.

ومن المؤكد أن الجيش الإسرائيلي، سيشهد تطوراً تقنياً جذرياً، في تسليحه وتدريبه وتكوينه. وسيكون للقوة البحرية، المزودة بالأسلحة سريعة الحركة، فائقة المناورة، متطورة التقنية، غزيرة التسلح، وخاصة الأسلحة الصاروخية والليزرية، الدور المركزي في تحديث القوات البحرية الإسرائيلية، في البحر الأحمر على وجه الخصوص.

لقد نجحت إسرائيل في شق الوطن العربي إلى جزأين: آسيوي وأفريقي، بواسطة "برّ إسرائيل". وستكون محاولة إسرائيل السيطرة على البحر الأحمر سبيلاً إلى شمول سيطرتها على المنطقة، براً وبحراً. وستوظف إسرائيل هذا الوضع المشطور من أجل نفْي السمة العربية الغالبة عن البحر الأحمر.

أسباب ستساعد إسرائيل على تحقيق هدفها للسيطرة على البحر الأحمر، منها:

1. وحدة التخطيط الإستراتيجي ووحدة التنفيذ.

2. انضواء الإستراتيجية الإسرائيلية تحت مظلة الإستراتيجية الأمريكية.

3. غياب أو ضعف أي إستراتيجية عربية مشتركة في البحر الأحمر.

4. انفتاح الساحة أمام إسرائيل بسبب الغياب العربي أو ضعفه.

وعلى الرغم من ذلك كله، فإن الدول العربية في البحر الأحمر، قادرة، في إطار الأمن القومي العربي، وفي ظل التضامن العربي، أن تتصدى للهيمنة الإسرائيلية، وأن تكون لها السيطرة على البحر الأحمر، تحقيقاً للمصالح القومية، وترسيخاً للأمن والسلام فيه لمصلحة جميع الدول المطلة عليه، وجعله مقراً للتعاون ومنطقةً للسلام.

ثالثاً: إستراتيجية مواجهة المستجدات في منطقة البحر الأحمر

1. أزمة النظام الإقليمي العربي

إن أكبر عقبة تقف أمام وضع إستراتيجية عربية موحدة أو صياغة فعالة لأمن البحر الأحمر، هي كون النظام الإقليمي العربي يعيش أزمة مزمنة، بدأت منذ بدء ظهور الكيان العربي. ولعل أهم أسباب أزمة النظام الإقليمي العربي تكمن فيما يلي:

أ. ضعف الإطار القانوني للنظام الإقليمي العربي.

ب. إخفاق التضامن العربي عند تعرضه للتحديات.

ج. اختلاف مفهوم العروبة.

د. التنافس حول الزعامة.

هـ. الاختلاف حول تحديد أسبقيات التهديد.

2. شرعية إقامة مشروع عربي لحفظ الأمن في البحر الأحمر

إن التطور المعاصر لم يعد يربط بين مفهوم الأمن القومي وظاهرة الدولة. ولقد ظل الفقه يرفض تطبيق هذا المفهوم إلا على الكيان السياسي، الذي يستطيع أن يصف نفسه بأنه دولة، أي كيان يملك الشخصية القانونية في الأسرة الدولية.

وبدأت التقاليد المعاصرة تنظر بدورها إلى هذا القيد بشيء من المرونة، فهو يطبق أيضاً على أي تجمع سياسي له صفة الشخصية الدولية، ولو لم يكن فقط دولة بالمعنى التقليدي؛ فالجميع يتحدثون اليوم عن الأمن الأوروبي، حيث إن الاتحاد الأوروبي يملك كياناً على الرغم من أنه ليس دولة بالمعنى التقليدي، إلا أنه يملك الشخصية الدولية القانونية. ولعل هذا النموذج هو أقرب التطبيقات إلى الواقع العربي من حيث البناء الهيكلي، وكذا إمكانية تطبيقه على الدول العربية المطلة علي البحر الأحمر.

ظهور مشروعات التعاون الإقليمي في البحار والمحيطات المرتبطة بالبحر الأحمر، بشكل مباشر أو غير مباشر، ولعل أهم تلك المشروعات هي:

أ. مشروع المشاركة (الأوروبية ـ المتوسطية) الذي طرحه الإتحاد الأوروبي.

ب. تجمع دول المحيط الهندي للتعاون الإقليمي، وهو المشروع الذي بدأ في مارس 1995، من خلال الاجتماع الوزاري لسبع دول من دول المحيط الهندي، أهمها الهند وأستراليا وجنوب إفريقيا، والذي أدى إلى بلورة شبكة من المشروعات والبحوث المشتركة بين الدول المؤسسة للتجمع، وقد أُعلن هذا التجمع رسمياً، في مارس 1997، بعد أن توسعت عضويته ليشمل على أربعة عشر دولة.

ج. منظمة التعاون الاقتصادي لدول البحر الأسود، وقد تأسست عام 1992، وتضم أحد عشر عضواً.

د. منظمة تعاون بحر قزوين، التي أنشئت عام 1992، وتضم الدول الخمس المطلة على بحر قزوين.

هـ. إن هذه المشروعات التي تحيط بالبيئة الإقليمية للبحر الأحمر لا بد أن تدفع إلى اتجاه مماثل لتحقيق أمن البحر الأحمر.

3. المصالح والأهداف القومية العربية  

أ. المصالح والأهداف القومية الاقتصادية

(1) تأمين وضمان وصول حصة مصر والسودان المائية، سواء من المنابع الموسمية بالهضبة الإثيوبية، أو المنابع الدائمة بالهضبة الاستوائية، وخلق الظروف الملائمة لتنفيذ مشاريع التنمية المقترحة لمـوارد النهر بمنابعه العليا لزيادة حصة مصر المائية.

(2) تأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر وعبر قناة السويس، وكذا مصادر الثروة البترولية والمعدنية والسياحية، مع السعي لتحقيق تعاون اقتصادي مع الدول المطلة على سواحل البحر الأحمر، للحصول على أقصى استفادة من موارده.

(3) الاستفادة من دول الاتجاه كأسواق لتصريف المنتجات العربية.

ب. المصالح والأهداف القومية السياسية

تقوم على نجاح السياسة والدبلوماسية العربية في إقامة شبكة علاقات قوية مع دول البحر الأحمر والقرن الإفريقي، تحافظ وتؤمن المصالح القومية العربية به، من ناحية، وتسمح للعرب بممارسة دور رائد في معالجة مشاكلها ودون تخوف أو حرج، بما يسهم في حلها، من جهة، والمساندة الدولية اقتصادياً وسياسياً، من جهة أخرى.

ج. المصالح والأهداف القومية الاجتماعية

تستند في جوهرها على تحقيق التقارب الفكري والثقافي العربي مع دول المنطقة، والذي يشكل أحد ركائز بناء العلاقات الاقتصادية؛ فضلاً عما يتيحه ذلك من إمكانيات على صعيد الفتح، أو الحد من وصول التيارات المتطرفة للساحة الداخلية بالدول العربية.

د. المصالح والأهداف القومية العسكرية

(1) تتحقق بتأمين البحر الأحمر خاصة بمنطقة إريتريا وامتدادها جنوباً، حيث مدخله الجنوبي بباب المندب، الذي تسيطر عليه جيبوتي واليمن والصومال من اتجاه خليج عدن والمحيط الهندي، فضلاً عن السواحل السودانية، وعدم السماح بالوجود الإسرائيلي لتأثيراته السلبية على العمل العسكري العربي المشترك.

(2) تأمين الحدود المشتركة للدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر، والأهداف الحيوية، ضد التهديدات المباشرة وغير المباشرة.

4. عناصر الإستراتيجية المقترحة

نظراً لتعقد المواقف والخلافات الحادة التي تحكم الأطراف المختلفة المشتركة في وضع وتنفيذ هذه الإستراتيجية، فيمكن أن تكتمل على مراحل ثلاث كالآتي:

أ. المرحلة الأولى 

(1) الاستغلال الاقتصادي المشترك للبحر الأحمر وتخومه.

(2) إجراء التنسيق القانوني والإداري بين الدول العربية المُطلة عليه.

(3) وضع إستراتيجية اجتماعية وسكانية لتخوم البحر الأحمر.

ب. المرحلة الثانية

عندما تتم المرحلة الأولى بنجاح، فستكون دول هذه المنطقة قد ارتبطت بمصالح اقتصاديـة واجتماعية، ما يستلزم:

(1) تنسيق توجهات السياسة الخارجية للدول العربية كحد أدنى، ولدول البحر الأحمر كحد أقصى، تجاه دول الجوار الإفريقي.

(2) إنشاء قوة أمن عربية كحد أدنى، أو عربية إفريقية كحد أقصى، تابعة لقيادة إقليمية فرعية مشتركة.

ج. المرحلة الثالثة

وهي مرحلة يكتنفها الكثير من التعقيدات في الوقت الراهن، إلا أنه من المحتمل عندما تصل دول البحر الأحمر إلى حد القناعة بمصالحها الاقتصادية والاجتماعية والأمنيـة، التي ستكون قد ترسخت خلال المرحلتين السابقتين، خاصة وأن الدول العربية المطلة على البحر الأحمر تجمعها لغة وثقافـة مشتركـة وعقيدة واحدة هي الدين الإسلامي، فإنه سيكون من المناسب التحرك نحو إتباع إيديولوجيـة موحدة للنظام الإقليمي العربي.

5. الاستغلال الاقتصادي المشترك للبحر الأحمر وتخومه

أ. إن الحديث عن الأمن القومي العربي وعن أمن البحر الأحمر دون السير قُدمًا نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يُعد قصوراً. ويُعد الاستغلال الاقتصادي المشترك بمثابة ربط للمصالح يكون دافعًا على زيادة التقارب والتنسيق، في شتى المجالات الأخرى.

ب. ويُعد البحر الأحمر والمناطق المتاخمة له، بما فيها من ثروات معدنية وطبيعية منطقة تصلح لإقامـة نوع من التكامل الاقتصادي بين الدول المُطلة عليه جميعاً، بيد أن الأمر ليس بهذه السهولة، فالاستغلال الاقتصادي المشترك للبحر الأحمر وتخومه مازال يحتاج أموراً أساسية، أهمها التكنولوجيا المتقدمة اللازمة للبحث والاستخراج والاستغلال، ووسائل النقل اللازمة للمشروعات، والتي تربط شاطئ البحر، والبنية الأساسيـة، فضلاً عن إنشاء المطارات المدنية وتحسين الموانئ، وإنشاء موانئ جديدة.

ج. هذه الأمور وأشباهها يمكن التغلب عليها إذا ما تم الاستعانة بالخبرة الأجنبية تحت شروط تُمكـن من السيطـرة على نشاطاتها، ومنها تدريب العمالة ونقل التكنولوجيا والإمداد بالمعدات ولو بعد مدة زمنيـة معينـة، فضلاً عن إيفاد الخبراء والعرب إلى مواقع عمل شبيهة بدول سبقتها في هذه المجالات للعمل واكتساب المعرفة الفنية.

د. ويجب ألا يُقتصر على الاستغلال الاقتصادي المشترك لقاع البحر فقط، بل أن يمتد التعاون أو التكامل الاقتصادي بين البلدان العربية المُطلة على البحر إلى مجالات صيد الأسماك وتصنيعها، وإلى مجالات الزراعة والصناعة التي تقام على جانبي البحر.

هـ. وإنشاء شركة عملاقة تختص باستغلال البحر الأحمر وتخومه، يكون لها الشخصية الاعتبارية، والاستقلالية التي تُبعِدُها عن الخلافات والتقلبات السياسية.

6. تنسيق توجهات السياسة الخارجية للدول العربية، خاصة تجاه دول الجوار الإقليمي

يَصعُب أن يتصور نجاح ترتيبات وإجراءات الأمن القومي العربي، بصفة عامة، وفي منطقة البحر الأحمر، بصفة خاصة، ما لم يكن هناك قدرًا مناسبًا من التنسيق في توجيهات السياسة الخارجية للدول العربية إزاء القوى العالمية، وإزاء دول الجوار كإيران وتركيا، وبقية دول أفريقيا غير العربية.

ولنا أن نتصور خطوطًا عامة للتوجهات السياسية المقترحة فيما يلي

أ. العمل على تحييد دور القوى الكبرى وانتهاج  سياسة متوازنة في العلاقات معها، مع حسن استخدام مصالح كلٍ من القوى في المنطقة العربية (بترول ـ رؤوس أموال عربية ـ تجارة دولية) لصالح إحداث هذا التوازن.

ب. إتباع أسلوب جديد للتعامل مع إسرائيل على الصعيد الخارجي للحد من وجودها في الدول الإفريقية، بعدما لاقت الطريقة التقليدية للتعامل معها الفشل طوال ستين عامًا أو يزيد، على أن يكون هدف الأسلوب الجديد هو الحد من نفوذ إسرائيل ومن وجودها في البحر الأحمر وشرق إفريقيا. وهذا يقتضي تقديم البديل المناسب لكلٍ من إثيوبيا ودول شرق ووسط إفريقيا، خاصة البديل الاقتصادي. 

ج. العمل على تحسين العلاقات مع إثيوبيا، خاصة العلاقات المصرية ـ الإثيوبية والسودانيـة ـ الإثيوبية، والصومالية ـ الإثيوبية، مع الاشتراك  معها في مشروعات استغلال اقتصادي ومشروعات مشتركـة، وإجراء تبادل ثقافي وإعلامي مع إثيوبيا.

د. استخدام العلاقات العربية الأوروبية كوسيلة لإحداث التوازن في العلاقات العربية مع القوى الكبرى، وإيجاد صيغة مناسبة من أجل تقليص التدخل العسكري الأوروبي، كذا في الدول الإفريقية وشرق ووسط القارة الإفريقية.

هـ. العمل على إنهاء مشكلة الخليج العربي لإيجاد أكبر قدر ممكن من التنسيق، بل والتكامل إن أمكـن، مع الدول الإسلامية المجاورة للوطن العربي (إيران ـ باكستان ـ تركيـا)، كذا التعاون من أجل تأمين الخليج العربي وتخليصه من الوجود الأجنبي؛ فأمن الخليج مرتبط ارتباطًا كبيرًا بأمن البحر الأحمر، وكلا الأمنين يُعد ركنًا أساسيًا في الأمن العربي والإسلامي.

و. تنشيط  التعاون العربي الإفريقي، وتطوير إستراتيجية هذا التعاون، مع الاهتمام بإنشاء مشروعات عربيـة ـ إفريقية مشتركة كبديل عن المعونات المالية أو المعونات الفنية (اللتان لا تأتيان بنتائج المشروعات المشتركة)، على أن يتواكب مع هذا التنشيط التعاون الثقافي والإعلامي، وفي مجال المواصلات والاتصالات.

7. إنشاء قوة أمن عربية تابعة لقيادة إقليمية فرعية مشتركة

إن الحديث عن حماية عسكرية لمنطقة البحر الأحمر يستلزم فرض وجود نظام إقليمي عربي سليم، تتبعه قيادة عسكرية مشتركة فعالة، ويستلزم تشكيل قوة أمن عربية مشتركة، تسهم فيها الدول العربية المطلة على البحر الأحمر كُلٌ بقدر طاقتها المادية والعسكرية والبشرية والفنية، وأن تُوضع هذه القوة تحت قيادة عسكرية إقليمية مشتركة، وأن يكون قوامها:

أ. قوة بحرية مناسبة، لها قدرة كبيرة على المناورة وسرعة الحركة، وأن تُجهز لها القواعد البحرية المناسبة.

ب. قوة محمولة جوًا، تُعد بمثابة  قوة تدخّل سريعة.     

ج. نظام جيد للإنذار والاتصالات والدفاع الجوي.

إن هذا التصور المُجمَل ليس فكرًا جديدًا، فقد اقترحت الجامعة العربية وشجعت تعاوناً مصريًا ـ يمنيًا، من أجل إنشاء قوة أمن عربية لحماية باب المندب، وأن يكون قوامها ستة آلاف جندي يُختارون من القوات المسلحة لجميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية، وتكون تابعة مباشرة للأمانة العسكرية في الجامعة. وقد تم وضع مشروع الخطة المتعلقة بإنشاء هذه القوة في جدول أعمال مجلس وزراء خارجية الجامعة العربية، الذي عُقد في الثالث من سبتمبر 1977، بيد أن هذه الخطة لم تجد سبيلها إلى التنفيذ. وقد اجتمع في الفترة نفسها، وفي إطار الجامعة العربية، وزراء خارجية كلٍ من السودان واليمن والصومال ودعوا إلى مؤتمر بحري موسع يُضم أيضًاً كلاً من المملكـة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وجيبوتي.

يستلزم هذا الاقتراح اتخاذ إجراءات تنفيذية، تتمثل في رفع كفاءة وتحسين أداء القواعد البحرية المطلة على البحر الأحمر، وإعداد أماكن تمركز بحرية أخرى في الجزر ذات الأهمية الإستراتيجية، كذا إجراء التحسينات الضرورية في المطارات وأراضي هبوط الطائرات القريبة من سواحل البحر الأحمر، خاصة في كلٍ من السودان والصومال، وإقامة نظام مناسب متكامل الإنذار وللدفاع الجوي عن المطارات والقواعد البحرية وأماكـن تمركـز القوات.

يُعد وجود المدن على سواحل الدول المطلة على البحر الأحمر عاملاً يسهم، في الوقت نفسه، في إحياء تنمية المناطق الساحلية، وستتحول هذه المدن إلى مناطق جذب سكاني وحضاري بمرور الزمن.

8. إتباع إستراتيجية مُوحّدة للنظام الإقليمي العربي

إن منطلق البداية لصياغة فكر إستراتيجي عربي شامل موحد، هو وجود فكر عربي موحد، يتسم بالأصالة وينبع من تاريخ المنطقة ومن حضارتها وقيمها الأصيلة، فإذا سرنا في الشوط إلى مداه فإن الفكر والفلسفة الليبرالية الغربية ليست أصلية لدينا، وإن كنا بهرنا ومازلنا مبهورين بها.

9. وضع إستراتيجية اجتماعية وسكانية لتخوم البحر الأحمر

أ. إن الحديث عن التنمية الاقتصادية دون وجود البشر، العنصر الرئيسي في هذه التنميـة، يُعد بمثابـة الحديث عن إنشاء مجتمعات من المُعالين غير المنتجين، وهو أمر لا أظن أننا في حاجة إليه. ولما كانت المدن المطلة على البحر الأحمر تُعاني من ضآلة الكثافـة السكانية وقلة المجتمعات المستقرة أو المنتجـة، فإن الضرورة المُلحة توجب وضع إستراتيجية بعيدة ومتوسطة المدى لإنشاء مجتمعات سكانية حضارية على سواحل البحر الأحمر، تعمل بالصيد والصناعة والزراعة والتعدين. وبحيث تكون بمثابة مناطق جذب سكاني مستقبلاً.

ب. تعد الإستراتيجية عنصرًا مهمًا في الإستراتيجية التكاملية المقترحة، بحيث تسهم الدول المُطلة على البحر الأحمر حسب قدراتها البشرية والمالية، بيد أن إستراتيجية طموحة كهذه تستلزم تجهيز المنطقة ببنية أساسية، فضلاً عن استصلاح لمساحات مناسبة من الأراضي وتجهيزها للزراعة. ويتساوى في الأهمية مع هذا ضرورة إنشاء المدارس ومراكز التدريب والمستشفيات اللازمة وغير ذلك. ويُعد إنشاء أكاديمية علمية عملية متخصصة، توزع معاهدها الفنية على البلدان العربية المُطلة على البحر الأحمر أمرًا ضروريًا، حتى يمكن تأهيل الكوادر العلمية الفنية المتخصصة التي تعمل في مجال الاستغلال المشترك للبحر الأحمر، وتساهم في إنجاح المشروع التكاملي لربط بلدان الوطن العربي ببعضها بعضاً.

ج. إن التمهيد لهذا العمل الطموح، وإعطاءه الدَّفْعة المناسبة للاستمرار والنجاح، يحتاج تخطيطًا إعلاميًا وثقافيًا على مستوى عالٍ، كما أنه يحتاج إلى العديد من الدراسات الاجتماعية الميدانية المتعاقبة والمتكاملة، كي لا يأتي التنفيذ عشوائيًا.

10. إستراتيجية مواجهة عمليات القرصنة

باتت هناك ضرورة مُلحة لإعادة النظر في الحسابات الخاصة بالأزمة الصومالية، بما يحقق الأمن والسلام للشعب الصومالي، وبما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، وعلى كافة الأطراف الصومالية، دون استثناء، العمل على رأب الصدع وإنهاء الخلاف، والحرص على دعم مصلحة الشعب، وكذلك على كافة الأطراف الخارجية التوقف عن التدخل في الشأن الصومالي بمساندة هذا الطرف أو ذلك، فمُحاربة ظاهرة القرصنة الصومالية  تقع مسؤوليتها على المجتمع الدولي  في المقام الأول، فالسلبية التي تعامل بها العالَـم مع أزمة الصومال خلقت هذه الظاهرة، التي جعلت من القراصنـة أمراء وأثرياء حرب، وقبل ذلك يجب أن يكون واضحًا أهمية الدور العربي بصفة عامة، والخليجي بصفة خاصة، كون أن المصالح العربية والخليجية في البحر الأحمر بما في ذلك سلامته وأمنه وتأمين ممراته،  لاسيما باب المندب، هي مصالح إستراتيجية غير قابلة للتنازل عنها .

فإذا كان الأوروبيون قد بادروا بإنشاء قوة أوروبية تُخصص للعمل في خليج عدن، فمن الأولى أن تبادر الدول العربية المشاطئة على البحر الأحمر إلى وضع إطار عمل جماعي بحري لحماية المصالح العربية، والتنسيق فيما بينها، وفقًا للمعاهدات الدولية، مع تلك القوى البحرية الدولية التي تعمل وفقًا لأولوياتها ومصالحها الخاصة، وذلك لأنه من دون كل ذلك فلن يستطيع الصومال أن يستعيد وجوده وكيانه كما كان، ولن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار، ولن ينجح المجتمع الدولي في جهوده لمكافحة الإرهاب.

11. الدور المنتظر من الدول العربية المطلة علي البحر الأحمر

أ. يصعب الحديث عن أمن البحر الأحمر منفصلاً عن أمن الخليج العربي، وعن التنافس الدولي في المحيط الهندي، فهذه المناطق الثلاث مرتبطـة كل الارتباط من الناحية الجيوبوليتيكية، ومن الناحية الاقتصادية، فضلاً عن الارتباط السياسي بين الدول المطلة عليها في إطار الوطن العرب والأمـة الإسلامية، هذا الإطار الذي تنتمي إليه الدول العربية، وبالأخص دول المنطقة العربية، يتأثر أمنها القومي بدرجة أو بأخرى بالتهديدات والتنافسات التي تشهدها الساحة على الخليج العربي أو في المحيط الهندي، بل إن التوجهات الجيوبوليتكيـة للدول الكبرى لا ترى في المنطقة الواقعة بين الخليج العربي والبحر الأحمر، والتي يحدها البحر المتوسط من الشمال، والمحيط الهندي من الجنوب، لا ترى فيها سوى جزءاً من منطقة واحدة يجري التنافس الدولي للدول الكبرى حولها، الأمر الذي أثار استقطاب الدول الكبرى وإسرائيل لدول هذه المنطقـة، مما أدى إلى وجود القوات الأجنبية، من ناحية، وإلى حدوث بعض النزاعات الخطيرة، وإلى وجود علامات تشير إلى احتمال قيام نزاعات أخرى  في المنطقة.

ب. إن تبني المملكة العربية السعودية، ومصر، واليمن، على وجه الخصوص، لفكرة جعل البحر الأحمر منطقة أمن وسلام، يجعل إسهامهم في أي عمل عسكري في البحر الأحمر أمراً وارداً، خاصة وأنها ترى أن خطر التدخل الأجنبي هو الخطر الذي يحتل الأولوية الأولى، في ظل عدم استقرار منطقة القرن الإفريقي، وخاصة في الصومال .