إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1982، (سلام الجليل)





مراحل وتطور أعمال القتال
الهجوم على لبنان
المعالم الرئيسية للعاصمة
الحجم والأوضاع الابتدائية للجانبين
تحديد مواقع بطاريات الصواريخ
بطاريات أرض/جو




المبحث الثالث

المبحث الثالث

المرحلة التحضيرية والأولى من 4 ـ 8 يونيه 1982

بدأت إسرائيل تنفيذ مراحل الغزو، مع تعديل مخططها، الذي اشتمل على أربع مراحل، ليصبح خمس مراحل لسير أعمال القتال، التي بدأت في 4 يونيه 1982. واتسمت كل مرحلة بطابع عسكري مميز، وكذلك طابع سياسي، برز من خلال ردود فعل الأطراف المعنية بالأزمة، على المستويين، الدولي والإقليمي. كما ظهر، خلال القتال، التعاون الواضح بين إسرائيل وقوات "الكتائب". وكان المتضرر الوحيد من هذه الحرب، هو الشعب اللبناني، الذي فقد الكثير من أبنائه، ودُمّرت مدنه وقراه.

أولاً: المرحلة التحضيرية، القصف الجوي (4 ـ 5 يونيه 1982)

بدأت القوات الإسرائيلية بتوجيه الهجمات الجوية، في الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الرابع من يونيه، ضد مناطق التجميع الفلسطينية، ومواقع عناصر المقاومة.

وفي الصباح الباكر من اليوم التالي، الخامس من يونيه، بدأت الطائرات الإسرائيلية في قصف مواقع الفدائيين الفلسطينيين، على امتداد وسط وجنوبي لبنان، واستمرت الغارات حتى الساعة الثانية عشر والربع، وهي تُعَدّ من أعنف الغارات التي شنتها القوات الإسرائيلية ضد لبنان، منذ عام 1948.  وتمكنت وسائل الدفاع الجوي الفلسطينية و"الحركة الوطنية اللبنانية" من إسقاط طائرتين إسرائيليتين،  بينما كانت خسائر المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية حوالي 130 قتيلاً و250 جريحاً. أمّا المصادر الإسرائيلية، فتذكر أن عمليات القصف الجوي، خلفت وراءها 150 قتيلاً من المدنيين والفلسطينيين.(اُنظر ملحق البرقية الرقم 367 في 5 يونيه 1982، من وزير الخارجية اللبناني، فؤاد بطرس، إلى رئيس الوفد اللبناني في الأمم المتحدة عن موقف القصف الجوي)

وأعلنت "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" أن الطائرات الإسرائيلية المغيرة، ألقت بقنابل عنقودية على منطقة عرمون، مما أدى إلى زيادة حجم الخسائر الفلسطينية.

ثانياً: المرحلة الأولى، اقتحام جنوبي لبنان (6 ـ 8 يونيه 1982)

1. أعمال القتال، يوم 6 يونيه، وردود الفعل

أ. الجانب الإسرائيلي

بدأ الغزو البري الإسرائيلي للجنوب اللبناني صباح يوم السادس من يونيه، عندما اقتحمت القوات البرية الإسرائيلية جنوبي لبنان، تحت ستار من نيران القاذفات المقاتلة والزوارق البحرية، وبمساندة من نيران دبابات ومدفعية القوات المهاجمة. وقد تقدمت المفارز المدرعة والمشاة الآلية، في السادسة من صباح يوم 6 يونيه، عابرة حدود إسرائيل الشمالية، في المنطقة التي تسيطر عليها الميليشيات المنفصلة عن الحكومة اللبنانية، في الجنوب اللبناني، والتي يقودها المنشق، الرائد، سعد حداد.

واخترقت القوات الإسرائيلية، أثناء تقدمها مواقع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وسجل المراقبون الدوليون أن إسرائيل، هي التي بدأت إطلاق النيران، وهي التي اخترقت الحدود.

وفي الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، وعلى الرغم من صدور قرار مجلس الأمن الرقم (508)، بتاريخ 5 يونيه 1982، بإعلان الوقف الفوري لإطلاق النار في لبنان، اخترقت الأراضي اللبنانية ثلاث ألوية إسرائيلية، معززة بالدبابات وناقلات الجند من ستة محاور في القطـاعات، الشرقي والأوسط والغربي، على جبهة عرضـها 90 كم من شبعا شرقاً حتى صور غرباً، وسط مقاومة عنيفة من القوات المشتركة (الفلسطينية والعناصر الوطنية اللبنانية). وحاولت القوات الإسرائيلية الحـد من مقاومة هذه القوات بغارات جوية عنيفة، وقصف مدفعي وصاروخي مستمر، شمل معظم قرى الجنوب والطرق، لشل الإمدادات. ووصلت حتى شاطئ الدامور والرميلة ومصفاة الزهراني، الذي اندلعت فيها النيران.  وتركز القتال مع "القوات المشتركة" في محيط مدينة صور، لمنع تطويقها، مع تنفيذ عمليات إنزال بحري إسرائيلي في رأس العين والبرج الشمالي والقاسمية. وتقدمت القوات الإسرائيلية على المحاور التالية:

(1) محور الرشيدية ـ صور.

(2) محور عباسية ـ معشوق.

(3) محور جسر القاسمية.

(4) محور القعقعية ـ النبطية، حيث قُسِّم إلى محورين فرعيين: الأول شرق النبطية والآخر غربها.

(5)  محور الخردلي ـ سهل الباروك.

كما ذكر مراسل الإذاعة الإسرائيلية، أنه في تمام الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة، واصلت القوات الإسرائيلية قصفها براً وبحراً لمدينة صور، وأنها نجحت في تنفيذ عمليات إنزال بحري، في بلدتَي عدلون والأنصارية.  وفي الساعة التاسعة والثلث (سعت 2120) مساء يوم 6 يونيه، كثفت القوات الإسرائيلية هجماتها على محاور القتال الستة، تحت دعم من نـيران المدفعية والصواريخ، وإسناد جوي من الطائرات المقاتلة والطائرات العمودية الهجومية، المزودة بالصواريخ. ونجحت القوات الإسرائيلية، في حوالي الساعة العاشرة مساء (سعت 2200)، من تنفيذ إنزال جوي، بين الشواكير والرشيدية.

ب. الموقف في مجلس الأمن

في ضوء تطور الأحداث، وعدم تنفيذ إسرائيل للقرار الرقم 508، الصادر عن مجلس الأمن، في 5 يونيه 1982، قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً، في شأن الوضع في الشرق الأوسط، إلى مجلس الأمن، في 6 يونيه 1982. (اُنظر ملحق البرقيات الأرقام 229، 230، 231، من المندوب اللبناني الدائم بالأمم المتحدة إلى وزير الخارجية اللبناني عن الموقف على مستوى مجلس الأمن)

وكانت المجموعة العربية قد تقدمت، في 6 يونيه 1982، بمشروع قرار أولي إلى رئيس مجلس الأمن، إلاّ أن هذا المشروع سرعان ما اصطدم بتحفظات من أعضاء آخرين.

ج. القوات المشتركة" اللبنانية والفلسطينية

صمدت القوات المشتركة للهجوم الإسرائيلي الشامل، وقاتلت بضراوة على كل المحاور، مما أدى إلى إعاقة تقدم القوات الإسرائيلية، وأوقع في صفوفها العديد من الخسائر. أُسقطت لها طائرتَي سكاي هوك، وطائرتين عموديتين

وأعلنت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) في بيروت، أن المقاومة دمرت ثلاث دبابات إسرائيلية، بين الرشيدية ورأس العين، في الساعة الثانية والربع. كما دمرت سبع دبابات أخرى وناقلة جند على محور البرج الشمالي. وذكرت "وفا" أنه في الساعة الثالثة والثلث (سعت 1520) بعد ظهر يوم 6 يونيه، شددت القوات الإسرائيلية هجماتها المدرعـة، تعززها الطائرات المقاتلة، على جميع المحاور. كما أتمت عمـلية إنزال بحري ناجح في منطقة الزهراني، حاولت القوات الإسرائيلية على محور الخردلي في اتجاه دمشقية، تطويق مدينة النبطية. واستطاعت قوات المقاومـة إسقاط طائرة عمودية فوق النبطية. وفي الساعة الخامسة (سعت 1700) بعد ظهر يوم 6 يونيه، أذاعت وكالة "وفـا" تدمير 12 دبابة و18 آلية مدرعة على كل محاور القتال، إضافة إلى 11 دبابة كان قد دُمرت في الساعات السابقة. وأكدت "وفا" أن المقاومة أحبطت هجمات الإسرائيليين على جسر القاسمية، وصور، والرشيدية، والنبطية، والبرج الشـمالي.

د. العمليات النفسية الإسرائيلية ضد سكّان الجنوب

شنّ الجيش الإسرائيلي عمليات نفسية، منذ اليوم الأول للقتال، فأصدر عدة بيانات إلى سكان الجنوب، بثتها الإذاعة الإسرائيلية، جاء فيها:

(1) البيان الأول:

"إن جيش الدفاع الإسرائيلي، اضطُر إلى دخول جنوب لبنان، كي يزيل الكابوس، الذي يُخيّم على السكان، ويعيد الأمن والطمأنينة، إلى ما كانا عليه في السابق. إن هدف جيش الدفاع الإسرائيلي هو القضاء على أوكار المخربين فقط، مع بذل كل الجهود لعدم تعرض المواطنين العزّل لأي أذى. ومن أجل مصلحتكم والمحافظة على سلامتكم، التزموا الهدوء والسكينة".

(2) البيان الثاني:

"لضمان سلامتكم وسلامة أقربائكم، والحفاظ على أرواحكم وممتلكاتكم، اتبعوا بدقة ما يلي: امنعوا العناصر المسلحة من استعمال أحيائكم وبيوتكم، مراكزاً لإدارة قتال، عديم الجدوى. لازموا دوركم، ولا تغادروها. علقوا على الشرفات قطعة من القماش الأبيض، لكي يمكن رؤيتها وتميزها من بُعْد".

(3) البيان الثالث:

"حاولوا إقناع المخربين، الموجودين في منطقتكم، بالتخلي عن أسلحتهم، في أقرب وقت ممكن، وعدم الاختباء وراء ظهوركم. امنعوهم من أن يكونوا السبب في إزهاق أرواحكم وأرواح أبنائكم وأقربائكم الأبرياء. الرجاء عدم مغادرة بيوتكم أو قراكم، لأن الطرق معرضة للقصف".

وحتى الساعة الثانية عشرة والثلث (سعت 1230) بعد ظهر السادس من يونيه، استمر القتال بين القوات المشتركة والقوات الإسرائيلية في مدينة صور وضواحيها، وفي هضبة النبطية، وداخل شوارعها. ونتج من ذلك تدمير عدد من الدبابات الإسرائيلية.

هـ. ردود الفعل، الدولية والعربية

(1) ردود الفعل الدولية

على الصعيد الدولي، ذكر وزير الخارجية الأمريكي ألكسندر هيج، أن إسرائيل رفضت دعوة أمريكية للانسحاب من لبنان. بينما أعلن الرئيس الدَّوري للمجلس الأوروبي، ليوتندمانس، أن المجلس قد يعقد اجتماعاً طارئاً، لبحث الموقف في لبنان.

ونشرت وكالة "تاس TASS "السوفيتية مقالاً، اتهمت فيه كلاًّ من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بشن الحرب الخامسة على العرب، في إطار اتفاقات ثنائية، سرية، أمريكية ـ إسرائيلية.

وفي باريس، أصدرت وزارة العلاقات الخارجية بياناً، يدين، بشدة، الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، ويعلن أن فرنسا تستنكر، بشدة، قصف الطائرات الإسرائيلية لأراضي لبنان.

وانتقدت صحيفة "يوركشير بوست Yorkshire Post "البريطانية، بشدة، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لعدم إظهاره قدراً كافياً من الاهتمام بالمحافظة على وقف إطلاق النار، الذي رتبه المبعوث فيليب حبيب بيـن الإسرائيليين والفلسطينيين. وقالت الصحيفة إن إسرائيل لم تستطع مقاومة تسديد ضربات انتقامية ضد المخربين، على الرغم من أن فيليب حبيب يوشك أن يبدأ مهمته الجديدة في الشرق الأوسط.

(2) ردود الفعل العربية

أبلغت المملكة العربية السعودية منظمة التحرير الفلسطينية، أن الملك خالداً، بعث برسائل عاجلة إلى الرئيسين، الأمريكي رونالد ريجان والفرنسي فرانسوا ميتران Francois Maurice Marie  Mitterrand، ورئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر Margaret Thatcher ، وإلى زعماء الدول، العربية والإسلامية، دعاهم فيها إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه الهجمة غير الإنسانية، التي يتعرض لها الشعبان، اللبناني والفلسطيني. وفي مصر، أبلغ مجلس الوزراء المصـري إسرائيل احتجاجه، الشديد، على العدوان، من طريق السفير المصري لدى إسرائيل.

وقدم لبنان شكوى إلى مجلس الأمن، (اُنظر ملحق البرقية الرقم (228) الصادرة في 4 يونيه 1982، المرسلة من غسان تويني، المندوب اللبناني بالأمم المتحدة إلى وزير الخارجية اللبناني) ورسالة ملحقة بها، تطلب اجتماعاً عاجلاً، نظراً إلى تفاقم الوضع. (اُنظر ملحق رسالة مندوب لبنان إلى رئيس مجلس الأمن، في 4 يونيه 1982) و(ملحق رسالة ثانية من مندوب لبنان الدائم إلى رئيس مجلس الأمن)

وتساءلت ليبيا، في تعليق لها، عن سبب عدم تدخل سورية أو اشتراكها في المعركة إلى جانب القوات المشتركة، على الرغم مما تملكه، من إمكانيات تكنولوجية وعسكرية كافية لمواجهة القوات الإسرائيلية. وبعث عرفات رسائل عاجلة إلى الرئيس السوفيتي ليونيد بريجينيف Leonid Llich Brezhnev ، وإلى كل من الملك خالد، عاهل المملكة العربية السعودية، والرئيس الدَّوري لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والرئيس دانيال آراب موي Daniel arap Moi ، الرئيس الدَّوري لمنظمة الوحدة الأفريقية، والشاذلي القليبي، الأمين العام لجامعة الدول العربية،  شرح فيها الوضع، وطلب التحرك العاجل لإيقاف العدوان.

2. أعمال القتال، يوم 7 يونيه، واحتلال الجنوب

وفي يوم 7 يونيه، أغارت الطائرات الإسرائيلية على بيروت، مُركِّزة قصفها على جامعة بيروت العربية. واصطدمت الطائرات المغيرة بطائرات سورية مقاتلة، اشتبكت معها. وأسفر القتال الجوي عن سقوط طائرة سورية، تحطمت في أحراج العربانية. كما أغار الطيران الإسرائيلي ليلاً على العاصمة اللبنانية، وأُغلق مطار بيروت الدولي.

وفي إطار العمليات البرية، شارك الجيش اللبناني فـي التصدي لهجوم القوات الإسرائيلية، على محـور (بيصور ـ عين المير) في قضاء جزين. كما أعاقت تقدمها في منطقة كفرفالوس. ونتج من ذلك جرح 3 عسكريين من الجيش اللبناني[1].

كما نفّذت القوات الإسرائيلية أضخم عملية إنزال بحري في تاريخها حين أُنزلت أعداد كبيرة من الدبابات، في نقاط حاكمة، على الطريق الساحلية، خاصة في منطقة صور ـ جسر الأولي، شمال صيدا ـ الرميلة. وساند عملية الإنزال بعدد أربعة أسرابF-15،F-16، إضافة إلى عشرات الطائرات العمودية الهجومية، مع تنفيذ عمليات إبرار جوي. كما قصف الطيران الإسرائيلي المنطقة الممتدة من صيدا والدامور قصفاً كثيفاً.

واتضح من أعمال قتال هذا اليوم، أن القوات الإسرائيلية، كعادتها، تحاول سبق الزمن، إذ تقوم باندفاعات سريعة بالدبابات على بعض الطرق، يصاحبها إنزالات بحرية مختلفة بالدبابات، في محاولة للإيهام باحتلال مساحات واسعة من الأراضي، بينما كانت الحقيقة أن العديد من المواقع لا تزال تقاتل ببسالة، في مخيم البرج الشمالي ومخيمَي الرشيدية والبص، بالقرب من مدينة صور. وكذلك كان الحال في مدينة صور نفسها، والنبطية والتلال المحيطة بها في مرتفعات علي الطاهر والشقيف وإقليم التفاح وحاصبيا والحاصباني وغيرها، على امتداد عمق الجبهة. وكان الجانب الإسرائيلي قد تكبد، ما يقرب من 400 قتيل وجريح، ودُمِّر له نحو خمسين دبابة و40 ناقلة جند، إضافة إلى إسقاط خمس طائرات مقاتلة وعمودية.

3. أعمال القتال على المحاور المختلفة، بعد ظهر يوم 7 يونيه

بعد ظهر يوم 7 يونيه، دارت معركة عنيفة مع القوات الإسرائيلية، المتقدمة في اتجاه الجيَّة، من منطقة جسر الأولي.وعندما حاولت العناصر الآلية الإسرائيلية، التي تم إنزالها في منطقة جسر الأولي، التقدم في اتجاه الجيَّة، واشتبكت القوات المشتركة معها ودمرت لها ثلاثاً من آلياتها المدرعة. كما نجحت عناصر الدفاع الجوي في تدمير طائرة عمودية، تحمل آلية مدرعة، أثناء محاولة إنزالها أمام القلعة البحرية في مدينة صيدا. فضلاً عن فشل المحاولات الإسرائيلية لإنزال آليات برمائية في منطقة الاستراحة في صور، وإجبارها على الانسحاب حتى منطقة رأس العين.

وفي القطاع الأوسط: استمرت محاولات القوات الإسرائيلية للسيطرة على مخيم البرج الشمالي، من خلال أربع هجمات متتالية، بقوة كتيبة مشاة آلية، ولكنها لم تحقق سوى نجاحات طفيفة.

وفي منطقة الزهراني، تمكنت القوات الإسرائيلية، في مساء يوم 7 يونيه، من إنزال قوات محمولة جواً، ومعها بعض الآليات، وبمعاونة الطائرات العمودية المسلحة بالصواريخ. وتقدمت القوة إلي مثلث الزهراني، ثم في اتجاه الغازيَّة. ونجحت القوات المشتركة في إيقاف اندفاع القوات الإسرائيلية على محور زحلة ـ ميماس، وردتها على أعقابها.

وفي المحور الساحلي:  ومنذ الساعة الثامنة مساء (سعت 2000)، حاولت القوات الإسرائيلية التقدم إلي صيدا، حيث نجحت القوات المشتركة في إيقاف تقدمها عند رأس السعديات[2]. وفي صور، اسـتمر القتال، بشدة، على أطراف المدينة. وقامت القوات الإسرائيلية بأربعة محاولات للتقدم تجاهها، حيث تمكنت القوات المشتركة من صدّها، ودمرت تسع دبابات.

سقوط قلعة الشقيف[3]:

يقول المقدم زوف، قائد الحملة الإسرائيلية التي احتلت قلعة الشقيف: "لقد تلقيت أمراً من قائد اللواء، الجنرال يكوتئيل آدام"[4]، في حوالي الخامسة (سعت 1700) من مساء يوم الأحد 7 يونيه، بمهاجمة قلعة الشقيف، وتطهيرها من القوات الفلسطينية المتمركزة فيها. وأُبلغتُ بأن عليّ أن استوليّ على الحصن من أيدي الفلسطينيين المرابطين فيه. وكان تحت قيادتي 9 دبابات و17 ناقلة جند مدرعة. وفي الساعة السابعة والنصف (سعت 1930)، كنت مع قواتي على بعد عشرات الأمتار فقط من الحصن، دون أن نواجه أي مقاومة. ونزل العديد من الجنود من مدرعاتهم، واقتربوا مني. وبينما كنت أرد على استفسارات الجنود، استعداداً لاقتحام الحصن، فُتحت علينا النيران من كل جانب. لقد أمطرونا بالقذائف الصاروخية والبازوكا، وتعالى الصراخ والصياح بين الجنود. لقد قُتل، في الحال، جميع الجنود، الذين كانوا خارج دباباتهم ومدرعاتهم. وأخذت أصرخ بالجنود للتقهقر إلى الخلف، لإعادة التنظيم والانتشار. لم يكن هناك أي مجال للنجاة، لقد وقعنا في المصيدة. استمر تبادل إطلاق النيران بيننا وبينهم حتى العاشرة ليلاً (سعت 2200). وفي تلك الأثناء، وصلتنا تعزيزات كبيرة، وتم إخلاء القتلى والجرحى، ولم يبقَ من قواتي (90 جندياً، 7 ضباط) سوى سبعة جنود فقط. كما دُمِّرت الدبابات والآليات المدرعة. كان عدد الفلسطينيين 33 فرداً "من قوات فتح". ولم نأسر أي فرد منهم، لأنهم قاتلوا حتى الموت، ولم يستسلم أحد. لقد دهشت من ضراوة مقاومة هؤلاء الفلسطينيين. إننا لم نحسن تقدير قوتهم الحقيقية".

4. الموقف العسكري في نهاية يوم 7 يونيه

في القطاع الأوسط: وصلت القوات الإسرائيلية إلى صرفند، على مسافة 15 كم شـمال شرق النبطية. وبذلك أصبحت لا تبعد أكثر من ثلاثة كيلومترات عن عيشية، حيث توجد عناصر متقدمة سورية تعمل كمفارز للقوات السورية.

في القطاع الشرقي: وصلت القوات الإسرائيلية إلى بلدة كاليا، على مسافة 25 كم شمال الجليل (أصبع)، وخمس كيلومترات شمال غرب حسبية، وهي آخر موقع للسوريين في الطرف الجنوبي لسهل البقاع. كما سقطت مدينة حاصبيا في أيدي القوات الإسرائيلية.

وعلى الساحل: تقدمت القوات الإسرائيلية، حتى صارت في اتجاه الجسر القديم على نهر الأولى، شمال مدينة صيدا.

بعد 7 يونيه 1982، وضح أن أهداف الحرب، أصبحت لا تقتصر على إبعاد نيران الفلسطينيين عن مستعمرات الشمال، بل تجاوزته إلى:

·   إخلاء الجنوب اللبناني من الفلسطينيين.

·   تدمير بِنية منظمة التحرير الفلسطينية العسكرية، في كل أنحاء لبنان.

·   إخراج القوات الأجنبية، وتحديداً السورية، من لبنان.

·   إيجاد نظام سياسي جديد، أكثر مرونة، في لبنان.

5. ردود الفعل، الدولية والإقليمية

أ. الموقف الدولي

عاد مجلس الأمن للاجتماع، وأصدر القرار الرقم (509)، في 6 يونيه  1982[5]، الذي يؤكد فيه وحدة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي، داخل حدوده، المعترف بها دوليا، ويطلب من إسرائيل سحب قواتها العسكرية فوراً، ومن دون شروط، إلى الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، تميز الموقف بالهدوء، حيث صرح وزير الخارجية، ألكسندر هيج، أن الرئيس ريجان لا يزال يدرس الغزو الإسرائيلي للبنان، لتحديد ما إذا كان الغزو دفاعاً مشروعاً عن النفس.

وفي إيطاليا، قال الرئيس الإيطالي، برتيني Alessandro Pertini ، خلال مأدبة أعدها للرئيس الأمريكي، "إن إيطاليا تدين الهجوم على السفير الإسرائيلي شلومو أرجوف، في لندن، غير أنه ليس من الممكن تطبيق قانون قَبَلي متوحش، ضد شعب، بأسره".  

وأعربت أسبانيا وقبرص واليونان وألمانيا والنرويج عن إدانتها للعدوان الإسرائيلي على لبنان.

كما أعلن وزير خارجية بلجيكا لسفير لبنان إلى الأمم المتحدة، أن الجماعة الأوروبية، ستجتمع، بناءً على طلب اليونان، لتطالب بدور مباشر، وفعال، في معالجة الأزمة. (اُنظر ملحق البرقية الرقم (273) بتاريخ 7 يونيه 1982، من السفير اللبناني إلى الأمم المتحدة إلى وزير الخارجية اللبناني عن الموقف البلجيكي والأوروبي) أمّا بريطانيا، فقد التزمت بتوجهات الجماعة الأوروبية، المتعاطفة مع احترام استقلال لبنان وسيادته، وانتهاج سياسة التوازن، في التعامل مع قرارات مجلس الأمن الخاصة بالجنوب. (اُنظر ملحق البرقية الرقم (251) للسفير اللبناني إلى الأمم المتحدة إلى الخارجية اللبنانية)

ب. الموقف العربي

في جدة، أصدرت سبع دول إسلامية ومنظمة التحرير الفلسطينية بياناً، أدانت فيه الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، ودعت إلى ممارسة المزيد من الضغوط، لإجبار إسرائيل الانسحاب وقبول وقف إطلاق النار.  

وفي مصر، أعلنت الحكومة المصرية أنها ستبادر إلى اتخاذ خطوات عدة، في سبيل تحجيم العدوان الإسرائيلي. وبادر المندوب المصري في الأمم المتحدة، إلى الاتصال بالسفير اللبناني، وأبلغه رسالة من وزير الخارجية المصري، تتضمن الموقف الرسمي للحكومة المصرية، (اُنظر ملحق البرقية الرقم (334)  الصادرة من مندوب لبنان إلى وزير الخارجية اللبناني، في 7 يونيه 1982) وتلقي الضوء على التحرك المصري، على المستويَين، المحلي والدولي. وطلب نقل الرسالة إلى بيروت.

وفي الأردن، أعلن مُضر بدران، رئيس الوزراء الأردني، آنذاك، أن الحكومة الأردنية ستضع التسهيلات اللازمة، لتأمين الأردنيين الراغبين في التطوع للقتال، إلى جانب إخوتهم، في منظمة التحرير الفلسطينية.

ج. الموقف الإسرائيلي

أعلنت إسرائيل، بعد اجتماع رئيس وزرائها مع المبعوث الأمريكي في الشرق الأوسط، فيليب حبيب، أن الحكومة الإسرائيلية أبلغت حبيباً، أن الوضع لا يمكن حله من طريق وقف إطلاق النار، وأن إسرائيل ترفض العودة إلى الوضع السابق.

6. أعمال القتال، يوم 8 يونيه، واحتلال الشوف، وقطع طريق بيروت ـ دمشق

تمكنت القوات الإسرائيلية، قبل ظهر يوم 8 يونيه، من احتلال منطقة الشوف الأعـلى. وتقدمت على محورين، حيث تمكنت من احتلال مرج بعقلين، والمختارة، وبيت الدين، والمعاصر، وكفرينرخ، وبتلون، ومزرعة الشوف، ووصلت إلى الباروك، ثم استطاعت اجتياح الشوف الأعلى. واستمرت العمليات العسكرية على ساحل الشوف، من خلدة حتى السعديات، التي أنزل فيها الإسرائيليون وحدات من رجال الكوماندوز معززة بالآليات. وتعرض الإسرائيليون، في هذه الأماكن، لهجمات عدة، شنتها "القوات المشتركة"، الأمر الذي دفعهم إلى الاستعانة بالطائرات والزوارق، التي قصفت المنطقة الساحلية. كما حدثت عدة اشتباكات بين الطائرات السورية والطائرات الإسرائيلية، سقط فيها عدد من طائرات الطرفين، داخل الأراضي اللبنانية.

وخلال الليل، قامت إسرائيل بعملية إنزال بحري على مشارف الدامور. أمّا بالنسبة إلى مدينة صور، فقد أعلن تيمور جوكسيل، المتحدث باسم قوة الطوارئ الدولية، في لبنان، أن صور تحترق، وأنها خلت من سكانها، بعد أن أحكم الإسرائيليون سيطرتهم عليها. وأضاف أنه يوجد عدد قليل من الوحدات الإسرائيلية في هذه المدينة، تركها الجيش الإسرائيلي خلفه، قبل أن يتجه نحو صيدا والدامور.

وفي صيدا، تمكن الإسرائيليون من تطويق المدينة، وعزلها عن بقية المناطق. ودارت عدة اشتباكات داخل المدينة، وحول تلالها. وتمكنت القوات الفلسطينية من صد هجوم إسرائيلي على مخيم عين الحلوة، على مشارف صيدا .

وفي جبل الشوف، جنوب شرق بيروت، توغلت المدرعات الإسرائيلية، في حركة دائرية، نحو منطقة إقليم الخروب والدامور، حيث تحتشد القوات الفلسطينية والمتقدمة، على مسافة 17 كم جنوب بيروت على الساحل. كما قصفت المدفعية الإسرائيلية القرى اللبنانية شرق الطريق، ولا سيما المختارة وبيت الدين. وكان هذا الزحف الإسرائيلي في جبل الشوف، يهدف إلى تطويق منطقة الدامور من جهتَي الجبل والبحر، إذ ترابط قوات إسرائيلية أخرى على الساحل من صيدا إلى السعديات (21 كم جنوب بيروت، على مسافة 5 كم من الدامور).

وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية: "أن القـوات السورية في منطقة جزين، في القطاع المتقدم لقوة الردع العربية ـ وسط الجنوب اللبناني ـ تقهقرت صوب بلدة مشغرة، عند مدخل وادي البقاع، التي تبعد عشرة كم شرقي جزين. وكانت جزين ـ 35 كم شرق صيدا ـ قد تعرضت لقصف المدرعات الإسرائيلية، التي تقدمت من منطقة صيدا صوبها، حيث جرت الاشتباكات الجوية والبرية بينها وبين القوات السورية".  وقالت وكالة الأنباء الفرنسية: "إن الجنود السوريين، الذين كانـوا يدافعون عن جزين، انسحبوا بعد قصف جوي مكثف، دام أكثر من ساعة، إلى سهل البقاع وجبل الشوف[6]، وإن الإسرائيليين وصلوا إلى مشارف المدينة، ثم مروا بطريق الجبل المؤدي إلى إقليم الخروب، حيث ترابط حشود ضخمة من القوات الفلسطينية واللبنانية المشتركة".

أمّا المتحدث العسكري السوري، فقد ذكر: "أن القوات السورية المرابطة في بلدة جزين والمناطق المحيطة بها، قد اشتبكت في معارك عنيفة مع القوات الإسرائيلية الموجودة في موقعين، شمالي غربها وجنوبي غربها، في بلدة روم، على مسافة 6 كم من جزين". وأعلن المتحدث عن وقوع معركة جوية فوق جزين، حيث "تصدت وسـائل الدفاع الجوي السوري للمقاتلات الإسرائيلية المهاجمة في جزين، وأسقطت إحداها غربي البلدة. وتدخـل الطيران السوري، لمنع المقاتلات الإسرائيلية من قصف هذه المناطق. وقد أُسقطت طائرة إسرائيلية، وأُصيبت طائرتان سوريتان".

وفي بلدة كترمايا ـ الشوف، سقط مائة ضحية لبنانية، بين قتيل وجريح، من المدنيين، حيث وقعت مجزرة رهيبة، نتيجة إغارة الطائرات الإسرائيلية على جامع كترمايا، والحي السكني المحيط به، حين كان أهالي البلدة مجتمعين في الجامع لتأدية واجب العزاء. ولم يتمكن أحد من إنقاذ من بقي حياً تحت أنقاض المنازل المهدمة، بسبب استمرار الغارة الإسرائيلية لمدة ساعتين متواصلتين.

واعترفت البيانات العسكرية الإسرائيلية بمصرع 25 جندياً إسرائيلياً، وجرح 96 آخرين وأسر جندي واحـد. في الوقت الذي أصبحت فيه صور، وصيدا، والدامور، والطرق التي تربط الدامور بالشوف، وصيدا ببيروت، وصور بصيدا، وأطراف خلدة، والناعمة، متفرقة ومتباعدة، لقطع أوصال مناطق الجنوب اللبناني بعضها عن بعض.

وبنهاية هذه المرحلة، أصبح معظم الجنوب اللبناني في أيدي القوات الإسرائيلية، وسقطت الدامور، أهم معقل للمقاومة الفلسطينية. كما دفعت إسرائيل بنحو 15 ألف جندي إضافي إلى الجبهة، من أجل تطوير الهجوم. (اُنظر شكل مراحل وتطور أعمال القتال).

7. ردود الفعل، العربية والدولية، بعد الأيام الثلاثة الأولى للقتال

أ. ردود الفعل العربية

(1) المملكة العربية السعودية:

دعا الملك خالد بن عبدالعزيز الدول الإسلامية إلى توحيد صفوفها، وحشد طاقاتها لمواجهة إسرائيل. ووصف، في بيان أصدره، بصفته الرئيس الحالي ـ آنذاك ـ لمنظمة المؤتمر الإسلامي، الوضع بأنه "يمثل مرحلة جديدة من مراحل حرب الإبادة، لتحقيق أهداف إسرائيل في اغتصاب أجزاء من أراضي الأمة الإسلامية، وتكريس استعمارها الاستيطاني للأراضي العربية والمقدسات الإسلامية".

(2) مصر: بعث الرئيس المصري محمد حسني مبارك برسالة عاجلة إلى الرئيس الأمريكي، رونالد ريجان، يدعوه فيها "لموقف أمريكي حازم"، وطالب الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على إسرائيل لقبول قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في لبنان، والقيام بمسعى شامل، لتأمين انسحاب القوات الإسرائيلية، من الأراضي اللبنانية.

(3) الكويت : طالب رئيس الوزراء، سعد العبدالله الصباح، بعقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب، لبحث عملية الغزو الإسرائيلي لجنوبي لبنان.

ب. ردود الفعل الدولية

تواصلت حملات التنديد ـ قولاً فقط ـ ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان، والدعوة إلى الانسحاب الفوري، من دون اتخاذ مواقف جادة، من أجل الضغط على كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

(1) الموقف الأمريكي:

فقد ظهر واضحاً من خلال خطاب الرئيس الأمريكي، رونالد ريجان، أمام مجلسَي العموم واللوردات البريطانيين في لندن، حيث أكد أن الانسحاب الإسرائيلي من لبنان أمر غير كاف، وأن العمل المطلوب هو القضاء على الإرهاب وخطره. في حين أعلن وزير الخارجية الأمريكي في مؤتمر صحفي بلندن، أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تقليص الوجود السوري في لبنان.

(2) موقف الأمم المتحدة:

انعقد مجلس الأمن في جلسة طارئة، دعا إليها المندوب اللبناني، السفير غسان تويني، لبحث الموقف في لبنان، بعدما رفضت إسرائيل الانسحاب ووقف النار، مشترطة ترتيبات دائمة، تستبعد احتمال تنفيذ الفلسطينيين أعمالاً عدائية ضد مواطنيها.

كما قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريرين، في 8 يونيه 1982، أحدهما في شأن الموقف في لبنان. والآخر يتناول قرار مجلس الأمن، الرقم (509)

كما عرض السفير اللبناني إلى الأمم المتحدة، الموقف أمام مجلس الأمن. وشرح الأحداث داخل لبنان، وعدم تنفيذ إسرائيل القرارَين (508) و(509). كما شرح الموقف، في مؤتمر صحفي في الأمم المتحدة، عقده ظهر اليوم نفسه.(اُنظر الملحق كلمة السفير تويني أمام مجلس الأمن في 8 يونيه 1982). و (ملحق المؤتمر الصحفي للسفير تويني في 8 يونيه 1982)

وبعد مداولات، استمرت اثنتي عشرة ساعة، في مجلس الأمن، توصل المجلس إلى مشروع قرار معتدل. ولكن سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأمم المتحدة، تلقت تعليمات من الخارجية الأمريكية، فاستخدمت حق النقض (الفيتو). (اُنظر ملحق نص البرقية الرقم (244) في 8 يونيه 1982، من السفير اللبناني إلى لأمم المتحدة، إلى وزير الخارجية اللبناني، عما دار داخل مجلس الأمن)

(3) الموقف السوفيتي:

اتسم الموقف السوفيتي بالصمت، والسلبية المطلقة. وشكل هذا الموقف منعطفاً جديداً في السياسة السوفيتية إزاء الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وللمرة الأولى، يترك الاتحاد السوفيتي الساحة العربية ـ الإسرائيلية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لكي تسوّيا الأوضاع في المنطقة بالشكل المناسب لهما، ويكتفي باتخاذ موقـف الإدانة الخطابية. والجديد في الموقف السوفيتي، هو إسقاطه لجانب من سياسته، وهو الدعم النشيط للموقف العربي. وهذا يمـكن تفسيره في ضوء عدة اعتبارات، منها الموقف السلبي للأمة العربية من الغزو، وكذا النفقات الباهظة للوجود السوفيتي، العسكري والسياسي، في المنطقة العربية، منذ أوائل الخمسينيات. ولا شك أن هذا الموقف السوفيتي السلبي من الغزو الإسرائيلي للبنان، قد أحرج كلاًّ من سورية ومنظمة التحرير الفلسطينية.



[1] بيان للقوات المشتركة في الجنوب اللبناني، في 6 يونيه 1982

[2] الفكر الإسرائيلي في الهجوم، لا يلجأ إلى مهاجمة المدن بالأنساق الأولى. ولكن يحاصرها بجزء من القوات المهاجمة، ويندفع بالقوات الرئيسية، لتحقيق المهام، إذ يترك المدينة مؤقتاً، تحت ثلاثة احتمالات، إمّا تنسحب القوات المدافعة عنها، ومن ثَم يُستولى على المدينة من دون قتال، أو تنهار المدينة وتستسلم، أو تُهاجَم في ظروف تالية، بعد تليين دفاعاتها، بنيران المدفعية والصواريخ والقصف الجوي

[3] قلعة الشقيف: تقع على الضفة الشمالية لنهر الليطاني. وهي أحد المعاقل الفلسطينية المهمة، ومن الأهداف الرئيسية في الجنوب اللبناني. وتطل القلعة من ارتفاع 700 متر على منعطف نهر الليطاني. ولا تبعد سوى ستة كيلومترات عن المطلة، عاصمة الجليل الأعلى. وكانت هذه القلعة الإستراتيجية، التي بناها الصليبيون، قد صمدت، على مدى سنوات، في مواجَهة الهجمات الجوية وقصف المدفعية الإسرائيلية

[4] قتل على أيدي الفدائيين الفلسطينيين، في الدامور، في 10 يونيه 1982

[5] اجتمع مجلس الأمن لمناقشة القرار الأول المقترح، ثم طرح الوفد الأيرلندي مسودة قرار وافقت عليه البعثتان، الأمريكية والسوفيتية، وبعد مداولات مطولة في المجلس، تم إقرار القرار (509)

[6] ترابط القوات السورية في منطقة جزين ـ الشوف عند الطرف الجنوبي اللبناني. وتقع هذه المنطقة على مسافة 16 كيلومتراً شمال العيشية، وهي من المواقع السورية المهمة