إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الانتفاضة الفلسطينية (1988)









المبحث الأول

المبحث الأول

الانتفاضة ووسائلها والقوى المشاركة فيها

أولاً: انتفاضات الشعب الفلسطيني قبل 1987

منذ اليوم الأول الذي وطئت فيه أقدام الإنجليز أرض فلسطين، والشعب الفلسطيني في صراع دائم مع المحتل لم يتوقف. ولكن هذا الصراع لم يستمر على وتيرة واحدة، وإنما كانت له انتفاضات، ومواجهات مصلحة، تثور وتهيج أحياناً، وتخبو وتخمد أخرى، ولكنها لم تنقطع بصورة نهائية، طيلة عقود الاحتلال الماضية.

ونتيجة لهذه الحالة، التي أضفت على فلسطين أجواء الحرب الدائمة، أو شبه الحرب الدائمة، فإن اليهود لم ولن يشعروا بالأمن الذي نشدوه، ولم يهنأوا بالعيش الرغيد، الذي حلموا به، نتيجة الصراع المستمر والمواجهات، مع أهل فلسطين.

كانت انتفاضات الشعب الفلسطيني تشتعل مع كل سانحة، تتوفر خلالها الدوافع، التي تبرر المواجهة، وتشعل فتيلها، وتؤجج نارها، وغالباً ما كانت الشرارة تأتي نتيجة بعض اعتداءات اليهود، غير الإنسانية.

ولرسوخ الاعتقاد بالتفوق والخيرية على البشر، كجنس وعنصر ومادة وروح عند اليهود، ولأنهم يعدون أنفسهم "شعب الله المختار"، الذي خُلق ليحكم العالم، ويبسط سلطانه على بقية الناس، الذين هم في شرع اليهود سخرة وعبيداً خلقوا لخدمتهم، ومن أجل راحتهم، ولأن فلسطين تُعد بالنسبة لهم "أرض الميعاد"، ومملكة الخلاص، ولأنهم ينظرون إلى المسلمين بشكل عام، والفلسطينيين بشكل خاص، نظرة عداء دينية تاريخية؛ لذلك كله أظهر اليهود عداوتهم للشعب الفلسطيني والأمة العربية، ووقفوا موقف الخصم المحارب، ومن ثم كانت الصدامات السّاخنة، والمواجهات الدموية، التي ارتكبت خلالها المجازر المؤلمة، خاصة بعد بسط سيطرتهم على قطاع واسع من فلسطين سنة 1948، وذلك كمجزرة "دير ياسين" و"كفر قاسم"، ثم مجزرة "قبية"، عام 1953، وانتهاء بعمليات مصادرة الأرض، وهدم المنازل، والاعتقالات والتعذيب، والجرائم الوحشية التي لم تتوقف.

فرضت سلطات الاحتلال، بحكوماتها المتعاقبة، حصاراً دائماً على الفلسطينيين المقيمين داخل فلسطين، المتمسكين بأرضهم، الصامدين الصابرين فوق ترابها، واتبعت مسلكاً متسلطاً عنيفاً، وأضفت جواً من الإرهاب والبطش والتنكيل، وخلّفت جُرحاً عميقاً في كل بيت، مما هيأ الأرضية وأعدها لاشتعال ثورات وانتفاضات ومواجهات جهادية، بين الحين والآخر.

وبتتبع جهاد الشعب الفلسطيني، ومواجهاته للاحتلال الإنجليزي، ومن ورائه الاحتلال اليهودي، عبر تاريخه المعاصر، نقف على عدد من الانتفاضات والثورات، نورد أهمها في تسلسل تاريخي على النحو الآتي:

1. ثورة 1920

بعد صدور وعد بلفور من الحكومة البريطانية، بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين سنة 1917، سمحت بريطانيا لليهود بالهجرة إلى أرض فلسطين، التي كانت تخضع للانتداب البريطاني. ونتيجة لهذه السياسة المعادية للفلسطينيين، وما صاحبها من استفزازات يهودية للشعب الفلسطيني، اشتعلت الشّرارة الأولى للثورة، في 4 أبريل 1920، عندما لوث أحد اليهود علماً إسلامياً بالقاذورات. فهاجمه الفلسطينيون وضربوه بشدة، فتدخلت جماعات يهودية مسلحة. فاشتعلت الثورة الجهادية، التي قادها عدد من المشايخ، وعلى رأسهم الشيخ "عبدالقادر المظفر"، الذي اعتقل على أثر ذلك وأودع سجن المسكوبية.

وتبرز أهمية هذه الانتفاضة في أنها أول الانتفاضات الفلسطينية ضد المحتل، على الرغم من قصر مدتها ـ ستة أيام ـ كما أنها انطلقت من المسجد الأقصى، وتسلحت بالخناجر والعصي والحجارة، وكانت حصيلتها خمسة قتلى و211 جريحاً من اليهود، في حين قُتل أربعة وجرح 24 من الفلسطينيين.

2. ثورة مايو 1921

اندلعت هذه الثورة في يافا، رداً على تغلغل التيار الشيوعي، الذي نشره اليهود في البلاد. وأسفرت عن مقتل ثمانية وأربعين فلسطينياً، وسبعة وأربعين يهودياً. وقد كانت الشرارة الأولى لهذه الثورة، أن ثلاثة من اليهود سبوا النبي r، كما صعد آخرون على مئذنة جامع المنشية وتبولوا من أعلاها على المسلمين، أثناء تأديتهم الصلاة.

3. ثورة البراق

اندلعت ثورة البراق عام 1929، بسبب الاستفزاز اليهودي للمشاعر الإسلامية، وذلك عندما وضعوا طاولة بجوار "حائط البراق"، في القدس، لممارسة بعض طقوسهم الدينية، وهو إجراء عدّه الفلسطينيون انتهاكاً لقدسية المسجد الأقصى المبارك. فهبوا للدفاع عن حائط البراق بالهراوات والعصي والسيوف، في مواجهة العصابات الصهيونية المدججة بالسلاح، وفي مواجهة حكومة الانتداب البريطاني، المزودة بالطائرات والمصفحات.

شكل المسلمون لجنة للدفاع عن الأقصى المبارك، ومواجهة المؤامرة، التي كانت تستهدف السيطرة عليه. وكان للحاج أمين الحسيني دور بارز في إثارة الجو الإسلامي في البلاد، إثر محاولات اليهود تدنيس المسجد الأقصى المبارك. وقد دعا المجلس الإسلامي الأعلى، ولجنة الدفاع عن البراق الشريف، إلى مؤتمر إسلامي عام لمسلمي فلسطين في القدس. ودعي إليه جمع كبير من المسلمين في شرق الأردن والعراق وسورية ولبنان والهند، بحيث اكتسبت قضية البراق بعداً إسلامياً أوسع. وقد انعقد هذا المؤتمر في نوفمبر 1928، وحضره أكثر من سبعمائة شخصية إسلامية، وصدرت عنه قرارات مهمة، منها تشكيل جمعية "حراسة المسجد الأقصى والأماكن الإسلامية المقدسة"، ووجه المجتمعون نداء عاماً، يدعو الفلسطينيين للدفاع عن مقدساتهم، وعدم التفّريط بها.

نتيجة لذلك، شنّ اليهود حملة شعواء ضد المفتي، أمين الحسيني، وضد المجلس الإسلامي الأعلى. وتلقى المفتي رسالة من حاخام رومانيا، يطلب منه تسليم الأقصى لليهود ليقيموا صلواتهم فيه.

وفي أغسطس 1929، نظّم اليهود، خلال عيد لهم، مظاهرات شارك فيها الآلاف، واتجهت إلى حائط البراق. وهناك رفعوا العلم الصهيوني، وأنشدوا أناشيدهم الدينية، وأخذوا يهتفون: "الحائط حائطنا، والويل لمن يدنس أماكننا المقدسة، لتسقط الحكومة"، وشتم خطباؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإسلام، والأمة الإسلامية، مما هيج المسلمين فخرجوا في اليوم التالي بعد صلاة الجمعة من المسجد الأقصى، في مظاهرات عارمة.

وفي يوم الجمعة التالي، سرى خبر بأن اليهود قتلوا عربيين. فهاجت النفوس، وخرجت المظاهرات، وهجمت الجموع على اليهود، فاشتعلت الثورة، التي امتدت إلى القرى المجاورة، وما لبثت أن عمت كل مدن فلسطين وقراها.

تصاعدت المواجهات بحدة، واتخذت طابعاً جهادياً عنيفاً، وسقطت أعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف اليهود، ودُمّرت مستعمرات عدة، واعتدى اليهود على عدد من المساجد والأماكن المقدسة لدى المسلمين، واغتالوا عدداً من الفلسطينيين في القدس والخليل، وهاجموا الآمنين في البيوت، ونفّذوا مجازر وحشية. واستمرت المواجهات إلى نهاية شهر أغسطس 1929، وكانت حصيلتها مقتل 133 يهودياً، وجرح 339 آخرين، واستشهد وجُرح من الفلسطينيين والعرب 232 شخصاً.

4. الثورة الفلسطينية الكبرى

خلّف عزالدين القسام ـ رحمه الله ـ تجربة جهادية رائعة، قضاها في مواجهات مسلحة متواصلة ضد اليهود والإنجليز، خلال الفترة من 1932 ـ 1935.

وبعد مقتل عزالدين القسام، فجّر أتباعه شرارة الثورة الكبرى في فلسطين كلها، وذلك عندما قتلوا بقيادة الشيخ فرحان السعدي يهوديين، وجرح ثالث في عملية "عنبتا ـ نور الشمس"، التي هزت البلاد، وولدت عاماً من التوتر.

تصاعد الهياج في منطقة، يافا فحدث اشتباك في 19 أبريل 1936 بين العرب واليهود، أدى إلى قتل 16 يهودياً وجرح 75 آخرين، واستشهاد 6 من الفلسطينيين، وجَرْح 71 آخرين.

على إثر الأحداث السابقة، تشكّلت لجانٌ في المدن الفلسطينية للدفاع والمواجهة، وبلغ عددها 22 لجنة. وأُعلن عن بدء الإضراب الشامل، واتسع مداه ليشمل كل المناطق في يوم 22 أبريل 1936.

بعد ذلك حدثت مواجهات عنيفة مع البريطانيين واليهود، ثم اتخذت شكلاً مسلحاً. وبدأت مرحلة العمليات العسكرية، وشملت نسف الجسور، وقطع الأسلاك الكهربائية، وتخريب الطرق، ونسف أنابيب البترول. وبلغ عدد العمليات العسكرية، 50 عملية يومياً.

واكتسبت الثورة بعداً عربياً وإسلامياً، بمشاركة مجاهدين من مصر وسورية والعراق ولبنان والأردن.

وقد وقعت خلال فترة الثورة "1936 ـ 1939"، معارك كبيرة، من أهمها معركة "عصيرة الشمالية" في 17 أغسطس 1936، ومعركة "وادي عرعرة" في 20 أغسطس 1936، ومعركة "بلعا" في 3 سبتمبر 1936، ومعركة نابلس" في 24 سبتمبر 1936، ومعركة "بيت أمرين" في 29 سبتمبر 1936. وبلغ مجموع العمليات، التي نفذها المجاهدون خلال عام 1936، حوالي 4000 عملية. وكانت الخسائر جسيمة جداً في صفوف البريطانيين واليهود، ولكنهم تكتموا عليها، ولم يعترفوا إلاّ بمقتل 80 من اليهود، وجرح 288 آخرين، ومقتل 35 من البريطانيين، وجرح 164 آخرين، بينما قُتل من المسلمين 184 شخصاً، وجرح 752، ومن المسيحيين قتل تسعة، وجرح 51.

بعد ذلك توقف الإضراب، الذي دام 178 يوماً، ووضع السلاح بعد نداء من الزعماء العرب، يدعو للتهدئة لفتح المجال لحل الأمور، بالطرق السياسية مع الحكومة البريطانية.

لكن الأمر لم يدم طويلاً، حيث اندلعت الثورة مجدداً في 2 أكتوبر 1937، بعد أن نقضت حكومة الانتداب البريطاني وعودها، وشنت حملة اعتقالات، ضد الذين حركوا ثورة 1936.

كانت الثورة هذه، المرة، أشد قوة وإحكاماً من ثورة 1936، وبدأ العمل أكثر تنظيماً. وتميزت الثورة بأن مسرح عملياتها كان أكثر تركزه في شمال فلسطين، وذلك بسبب إمدادات السّلاح، التي كانت تأتي من لبنان. وقُدر عدد المجاهدين في هذه الثورة، بعشرة آلاف مقاتل، منهم حوالي ثلاثة آلاف مجاهد متفرغون كلياً وموزعون في الجبال، وقد استشهد أكثر من نصفهم. كما كان هناك أكثر من ألف من المجاهدين السريين في المدن، وكان هؤلاء ينفذون عملياتهم بسرية تامة، ويعيشون بين الناس حياة طبيعية.

تميزت هذه الثورة بقدرتها على تفعيل المواجهات المنظمة، ودفع الشارع الفلسطيني كله للمشاركة في فعالياتها، وذلك عن طريق تنفيذ التوجيهات الصادرة من قبل المجاهدين، التي كان يهدف البريطانيون من ورائها، كشف المجاهدين والقبض عليهم.

واعترفت بريطانيا بقوة الثورة، وذلك في تصريح لوزير المستعمرات "مالكولم مكدونالد" حيث قال عقب زيارته للبلاد، أثناء الثورة الكبرى: "إن فلسطين هي بلد في العالم".

بعد ذلك حشدت بريطانيا قوة تقدر بـ 42 ألف جندي، إضافة إلى 20 ألف شرطي، و 18 ألفا من حرس المستعمرات، تقودهم أشهر قادة بريطانيا العسكريين، من أمثال: "ديل" و",يفل" و"مونتجمري"، وغيرهم.

ثم لجأت إلى سياسة البطش والتنكيل، وأعدمت المئات، واعتقلت أكثر من 50 ألفاً، ونسفت المنازل والحوانيت، وأنشأت سوراً من الأسلاك الشائكة يفصل فلسطين عن سورية ولبنان.

ونتيجة لذلك، ولعوامل أخرى داخلية، أهمها الخلافات، التي نشبت بين الفلسطينيين، توقفت الثورة الكبرى، مخلّفة تجربة جهادية مميزة.

5. حرب 1948

بعد صدور قرار الأمم المتحدة، بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، عمل الانتداب البريطاني على تسليح اليهود، وإعدادهم عسكرياً لبسط السيطرة، على أكثر من نصف مساحة فلسطين. وبلغت قوة اليهود آنذاك حوالي 70 ألف مقاتل، تساندهم 24 طائرة حربية، و1000 سيارة نقل كبيرة، كلها بيعت لهم من الجيش البريطاني كمخلفات حربية.

وقبل الجلاء البريطاني عام 1948، تمت تهيئة الأجواء لليهود للسيطرة على الأرض والشعب.

ولم تتدخل الجيوش العربية إلاّ بعد الجلاء البريطاني، حيث شكلت جامعة الدول العربية ما يُسمى "جيش الإنقاذ"، الذي كانت تنقصه القيادة القوية، والأسلحة الحديثة، والمعنويات العالية.

عند بدء القتال، لم يكن بيد عرب فلسطين أكثر من خمسة آلاف قطعة من السلاح، من بقايا أسلحة الثورة. وكان الدعم العربي هزيلاً جداً، ومعظمه غير صالح للاستعمال.

ومع ذلك، استطاع مجاهدو فلسطين السيطرة على زمام الموقف طويلاً، وخوض معارك مشرفة، وإلحاق خسائر جسيمة في صفوف اليهود.

إلاّ أن بريطانيا أثناء انسحابها، كانت تتدخل كلما شعرت أن اليهود قد وقعوا في مأزق، لتخلصهم منه.

دخلت الجيوش العربية حرب فلسطين عام 1948، تحت شعارات جهادية مقدسة. ورحب أهل فلسطين بوصولها، ومشاركتها في القتال، وتجاوبوا معها تجاوباً صادقاً، وانخرطوا في صفوفها للقتال ضد المحتلين اليهود. ووقعت معارك خاضوها ببسالة، وشاركوا الجيش العراقي في زحفه نحو نتانيا، بعد طرد اليهود من جنين، ولكن الجيش العراقي تراجع، بعد أن جاءته الأوامر بالانسحاب الفوري.

وشهدت هذه الحرب إقبالاً من المطّوعين، العرب والمسلمين، ومن بينهم هنود وشيشان وبشناق وأكراد، وغير ذلك من الجنسيات العربية والإسلامية، التي هبت تزود عن المقدسات، بدافع حب الجهاد والنصرة.

أما القساميون، فقد شاركوا في هذه الحرب مشاركة فعالة، ونظّموا مواجهات مسلحة، في يافا والرملة واللد وعكا وحيفا، ومدن شمال فلسطين. واستطاعوا في معركة واحدة، وقعت بين يافا واللد، قتل أكثر من 300 جندي يهودي صهيوني. وقد استشهد منهم أعداد كبيرة، من بينهم قادة كبار، أمثال "أبو حسن علي سلامة" وغيره.

ولكن كانت النتيجة في النهاية مؤلمة جداً، حيث انتهت الحرب بسقوط حوالي 78% من الأرض الفلسطينية في أيدي اليهود ليشكلوا عليها نواة دولتهم تحت اسم "إسرائيل".

6. ثورة 1965

نشأت حركة فتح عام 1959، وذلك بعد تجمع عدد من المقاتلين، الذين شاركوا في العمليات الفدائية في غزة عام 1956، وتنادوا لتنظيم العمل الجهادي ضد اليهود، وتبلورت حركتهم تحت تنظيم، أُطلق عليه اسم "فتح".

بدأت حركة فتح عملياتها العسكرية في ليلة 31 ديسمبر 1965، حين ضربت مجموعة من الرجال، تنتمي إلى "العاصفة" ـ جناح فتح العسكري ـ داخل "إسرائيل"، وأعلنت عن العملية ببلاغ عسكري صدر أول يناير 1965، وجاء فيه: "اتكالاً منا على الله، وإيماناً منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب، وإيمانا منا بواجب الجهاد المقدس، وإيماناً منا بموقف العربي الثّائر، من المحيط إلى الخليج، وإيماناً بمؤازرة شرفاء العال، لذلك فقد تحركت أجنحة من قواتنا الضاربة في ليلة الجمعة 31 ديسمبر 1965، وقامت بتنفيذ العمليات المطلوبة منها كاملة في الأرض المحتلة، وعادت جميعها إلى معسكراتها سالمة".

بعد ذلك اندفع عشرات الآلاف للتطوع في صفوف المقاتلين في حركة فتح، إلاّ أن الحركة لم تقبل أكثر من 900 متطوعٍ لظروفها، التي لم تسمح بأكثر من ذلك.

واستمرت عمليات المقاومة حتى حرب 1967، ثم تواصلت بعدها واشتدت ضراوة، وبلغت أوجها بعد إنشاء ما يسمى "القواعد الشيوخ" في الأردن، حيث اتخذت العمليات طابعاً جهادياً، وألحقت باليهود خسائر جسيمة، مادية ومعنوية.

وتطورت العمليات الفدائية من 12 عملية شهرياً عام 1969، إلى 279 عملية شهرياً، في النصف الأول من عام 1970.

ثم كانت معركة الكرامة، التي أبلى فيها الفلسطينيون والأردنيون بلاء حسناً. وتمكنت القوات الأردنية والمقاومة الفلسطينية، من إجبار الجيش الإسرائيلي على التراجع، بعد تكبيده خسائر فادحة.

وشهدت فلسطين انتفاضة أخرى، بعد عملية إحراق المسجد الأقصى عام 1969، حيث هبت مدن وقرى فلسطين كلها لمواجهة الاحتلال نصرة للأقصى، ونفذت عمليات عسكرية عدة انتقاماً لهذه الجريمة النكراء.

وقد ظلت الانتفاضات تتوالى بدرجات متفاوتة، خلال عقد السبعينات، وأوائل الثمانينات، إلى أن هدأت قليلاً بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وإخراج المنظمات الفلسطينية إلى بلاد المهجر والشتات.