إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الإرهاب، وأولى حروب القرن





أوضاع الجانبين
أوضاع القوات المتصارعة
محاور الحرب البرية
الوجود الأمريكي
الهجوم على مزار الشريف
الهجوم على كابول
الهجوم على قندوز
الأعمال البرية
الأقاليم الأفغانية
التوزيع الجغرافي
الدول والقواعد العسكرية
الطبيعة الجغرافية
القوات المتحاربة
كهوف تورا بورا




القدرة الإقتصادية لإسرائيل

سادساً: الإرهاب من منظور الشريعة الإسلامية

لم تشهد فترة حكم رسول الله r والخلفاء الراشدين من بعده، رضوان الله عليهم أجمعين، الظاهرة الإرهابية التي انتشرت حالياً في جميع أنحاء العالم،، ولم تكن تلك الحقيقة مصادفة أو عشوائية، فالإسلام دين سماوي إلهي يتسم بالعدالة والسمو، واجه منذ البداية ما في النفس البشرية من جموح ورغبات غريزية، واستأصل منها غرائز العدوان والهدم والعنف، وغرس فيها المبادئ والقيم والمُثل العليا، وحدد ما لها من حقوق، وما عليها من واجبات، وفي إطار هذا التوازن تمكن الإسلام من القضاء على نزعات العنف في النفس البشرية، ولذلك لم يكن هناك إرهاب، ولم ينشأ عنف، حيث عالجت المبادئ والقيم الإسلامية أسباب ظهور الإرهاب، فكانت هناك المساواة بين الجميع أقلية كانت أم أغلبية، عرباً أم عجماً، بيضاً أم سوداً. كذلك كانت هناك المساواة الاقتصادية، فالعمل متاح للجميع، والدعوة إليه ترتفع إلى مصاف العبادة، والتكافل الاجتماعي قائم من خلال الزكاة والصدقات، ولذلك نشأت بين المسلمين حب الآخرين، في إطار المساواة الاجتماعية التي انصهرت فيها كافة التنوعات الإثنية[4] والعرقية والجنسية واللغوية، ولم يفرق بينهم سوى التقوى والعمل الصالح.

وإذا كان الإسلام قد عمل على تهذيب النفوس وتنشئتها في صورة صالحة، وعمل على مواجهة الميول العدوانية والغرائز الهدامة والعنف، فإنه قد وضع قواعد وعقوبات صارمة تردع كل نفس ضعيفة، يمكن أن تعتدي على الغير، سواء كان ذلك الاعتداء على النفس أو المال أو الأخلاق أو القيم العامة في المجتمع، وتتمثل الجرائم التي يواجهها المجتمع والتي وضع لها الشرع الإسلامي من الحدود ما يردَع النفس لارتكابها، في جرائم الحرابة وجرائم البغي، وهما أحد أنماط العنف، وإن كانت جرائم البغي أقرب إلى الجرائم الإرهابية في المفهوم الحديث.

وقد ورد ذكر جرائم الحرابة في القرآن الكريم في قوله تعالى: ]إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ[ (المائدة: الآية 33)، والحرابة تعني إشهار السلاح وقطع السبيل والخروج المسلح على المارة، لأخذ المال على سبيل المغالبة، وعلى وجه يؤدي إلى قطع الطريق وترويع المارة، سواء كان بواسطة فرد أو جماعة، وبذلك يكون المحارب هو كل قاطع طريق، وهو من يظهر أو يشهر سلاحه ليخيف عابر السبيل، أو أحد المارة وأخافتهم تكون إما بقتل نفس أو أخذ مال أو انتهاك عرض.

تتمثل التبعات التي تُلقى على كاهل المحارب في حقين، أحدهما لله تعالى والآخر للعباد، فأما حق الله تعالى فهو ما جاء في الآية 33 من سورة المائدة من القتل والصلب وقطع الأيدي والأرجل من خلاف، أو النفي حسب درجة الجرم الذي اقترفه المحارب، فقتل المحارب أو صلبه ملزم إن كان قد قتل نفساً، أما إذا اعتدى على المال إثماً وعدواناً دون أن يزهق أرواحاً، فيكون هناك اختيار بين قتله أو صلبه أو يقطع من خلاف، أما إذا كان المحارب محدثاً للفزع والخوف، ويمثل خطراً على عابر السبيل، فإما أن يُطبق عليه إحدى العقوبات السابقة أو يُنفى، لكن حق العباد في مواجهة المحارب يتمثل في وجوب مقاومتهم له بكافة السبل والدفاع عن أموالهم وأنفسهم بما في ذلك جواز قتل المحارب أو أسره وتسليمه للسلطات لإقامة حق الله.

والحرابة تُسمى أيضاً قطع الطريق، وهي خروج طائفة مسلحة في دار الإسلام لإحداث الفوضى، وسفك الدماء، وسلب الأموال، وهتك الأعراض، سواء كان القائم بها فرداً أو جماعة.

ويدخل في مفهوم الحرابة العصابات المختلفة، كعصابة القتل وخطف الأطفال، وعصابة السطو على البيوت، والبنوك، وإتلاف الزرع وقتل المواشي والدواب، وغير ذلك من الأفعال التي تمثلا اعتداء على الآخرين.

أما جريمة البغي فهي تعني خروج جماعة لها منعة وشوكة ـ على طاعة الإمام مغالبة، بتأويل سائغ، كما إن البغاة هم خائنون من المسلمين خالفوا رأي الجماعة وانفردوا بمذهب ابتدعوه، وبذلك يتضح أن جرائم البغي تختلف عن جرائم المحاربة في استنادها إلى تأويل ينادي به البغاة ويسعون إلى تطبيقه وتنفيذه، ولقد ذهب الأئمة الأربعة إلى أنه إذا خرجت طائفة ذات منعة ولها تأويل مشتبه ولها قائد، فإنه يُباح مقاتلتهم حتى يعودوا إلى صوابهم ويرجعوا إلى الطاعة والالتزام، فإن رجعا توقف عن قتالهم.

ولقد حرمت الشريعة الإسلامية الإرهاب، وعدت الإرهابي مرتكباً جريمة كبرى، ولقد وصف القرآن الكريم مرتكبي الجرائم الإرهابية بأنهم المحاربون لله ورسوله والساعون في الأرض فساداً، والمقصود من محاربة الله ورسوله معصيتهما بإيذاء الناس، والإخلال بأمنهم، وإشاعة الرعب والذعر والفوضى بينهم، لأن تلك الأعمال تنطوي على الفساد، ولقد أوضح الإسلام أسلوبين لتخليص المجتمع من أعمال العنف بصورة عامة ومنها الإرهاب، وهما أسلوبا الوقاية والعلاج، الوقاية التي تتمثل في القيم والمبادئ الإسلامية السامية التي تستهدف تهيئة الروح والنفس البشرية تهيئة صالحة قويمة، بينما يتمثل العلاج في مجموعة الحدود الزاجرة الفاصلة التي تواجه تلك العمليات الإجرامية وتحول دون انتشارها في المجتمع.

سابعاً: أشكال الإرهاب وأساليبه

تتعدد أشكال الإرهاب بتعدد المعايير التي تصنف في إطارها، وتتمثل تلك المعايير في: المعيار التاريخي والذي على أساسه يمكن التمييز بين إرهاب الماضي والإرهاب المعاصر أو الحديث. وفي إطار معيار الطبيعة يميز بين الإرهاب الثوري والإرهاب الرجعي والإرهاب الإثني أو الانفصالي، وكذلك الإرهاب الانتحاري. أمّا في إطار معيار الفاعلية، فيكون التمييز بين الإرهاب الفردي وإرهاب الدولة. وعلى أساس معيار النطاق يكون التمييز بين الإرهاب المحلي والإرهاب الدولي.

1. أشكال الإرهاب في إطار المعيار التاريخي

أ. إرهاب الماضي Past Terrorism

ويُقصد به الإرهاب الذي شاعت ممارسته منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين، ولقد تمثل هذا الشكل في إرهاب الحركات الفوضوية Anarchism والعدمية، والتي تقوم أساساً على مناهضة الدولة واعتماد العنف وسيلة لتقويض دعائم سلطة الحكومة، وهدم أركانها ورموزها، بهدف تحرير الفرد والمجتمع من السلطات القهرية والتسلطية، وتقوم الأسس الفكرية للفوضويين على تبني إستراتيجية الدعاية عن طريق الفعل، مستخدمين الإرهاب لتحقيق مبادئهم، ويولي الفوضويون أهمية خاصة، عند تنفيذ مهامهم وعملياتهم الإرهابية، بالمتفجرات التي تمكنهم من اختيار أهدافهم وإشباع تطلعاتهم في مناهضة رموز السلطة. ولقد انتشر هذا الشكل من العمليات الإرهابية في كافة العواصم الأوروبية، واستخدم الفوضويون المتفجرات بأشكالها المختلفة والخطابات المفخخة والمتفجرة على نطاق واسع، ولذلك انتشر ضحاياهم في كافة الدول الأوروبية. أمّا إذا تزايدت الحالة الفوضوية إلى درجة التطرف فإنها بذلك تكون قد وصلت إلى الحالة العدمية، وقد نفذ العدميون هجماتهم الإرهابية العنيفة ضد الحكومة القيصرية في روسيا[5].

ب. الإرهاب المعاصر Modern Terrorism

هو ذلك الشكل من الإرهاب المنتشر في العصر الحالي، وتمثله الحركات الإرهابية الحديثة، والتي ظهرت في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، وهو يجمع بين حركات التحرر القومي الثوري واليساري الجديد والفاشية والعنصرية. ويتميز هذا الشكل من الإرهاب بالطابع الجماعي، وتكون تنظيماته الإرهابية بالغة التعقيد والتنظيم، وتستخدم أسلحة متطورة، كما أنها متغلغلة في قطاعات عريضة من المجتمعات، ولذلك فإن لها القدرة على تهديد الأمن والاستقرار في العديد من الدول، وقد تصل قدرتها إلى إمكان تهديد الاستقرار والأمن الدوليين، وخاصة إذا تمكنت من امتلاك أسلحة التدمير الشامل.

2. أشكال الإرهاب في إطار معيار الفاعلية

أ. الإرهاب الفردي Individual Terrorism

هو ذلك الشكل الذي يرتكب بواسطة أفراد معينين، سواء عملوا ضد الحكومة بمفردهم، أو في إطار جماعات منظمة، ويستهدف هذا الشكل نظم الحكم أو الدولة عموماً، ويُطلق على هذا الشكل مصطلح الإرهاب من أسفل Terrorism from Below، وقد يُطلق عليه أيضاً الإرهاب الأبيض White Terrorism، ويتميز هذا الشكل من الإرهاب بالانتشار والاستمرار والتفرع، سواء في الأهداف أو الأساليب والآليات، كذلك يضم الحركات والأنشطة الإرهابية كافة مثل إرهاب الجماعات الفوضوية والإثنية الانفصالية، التي لها أهداف قومية، والجماعات الإرهابية الثورية الراديكالية، والمجموعات العنصرية والمحافظة.

ب. إرهاب الدولة State Terrorism

يُقصد بإرهاب الدولة مجموعة السياسات والأنشطة الحكومية، التي تنتهجها الدولة لإخضاع المواطنين من نشر الرعب في الداخل والخارج، حتى يمكنها تحقيق أهدافها التي لا تستطيع تحقيقها بالوسائل والأساليب المشروعة، ويُطلق على هذا الشكل الإرهاب من أعلى، أو الإرهاب الأحمر. كما قد يكون إرهاب الدولة، والذي تنفذه الدول أو الحكومات بصورة مباشرة أو غير مباشرة، سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو الخارجي.

ويكون إرهاب الدولة على المستوى الخارجي عندما يكون التنفيذ خارج حدود الدولة، من خلال إرسال مجموعات إرهابية للدول الأجنبية لاغتيال معارضيها السياسيين المقيمين بتلك الدول، أو عند قيام بعض أجهزتها بتخريب بعض مؤسسات ومرافق الدول الأخرى، وبذلك يكون هذا النوع من الإرهاب هو إرهاب دولة مباشر على المستوى الخارجي، إلا أن الدولة غالباً ما تلجأ إلى ممارسة الإرهاب على وجه غير مباشر، من خلال الدعم والتأييد، أو تجنيد منظمات إرهابية، تستغل أنشطتها وسيلة للضغط على الدول الأخرى، ويتخذ التأييد الذي تقدمه الدولة للإرهاب العديد من الأشكال، فقد يكون في صورة دعم مادي أو مالي أو تقديم تسهيلات لتدريب أفراد تلك الجماعات على أراضيها، أو تقديم المعلومات الضرورية عن الأهداف المطلوب العمل ضدها. كذلك قد تكون تلك التسهيلات في إطار تقديم الأسلحة اللازمة للجماعات الإرهابية من خلال مقار بعثاتها الدبلوماسية، كما قد توفر الدولة المأوى الآمن للجماعات الإرهابية، بعد تنفيذها المهام المكلفة بها، وتحقيق الحماية والتغطية السياسية لتلك الجماعات.

3. أشكال الإرهاب في إطار معيار نطاق التنفيذ

أ. الإرهاب المحلي Domestic Terrorism

يُقصد بالإرهاب المحلي ما يقع داخل الدولة ذاتها، حيث إن الإرهابيين وضحاياهم ينتمون إلى الدولة التي نُفذ على أراضيها العمل الإرهابي. كما أن النتائج المترتبة على تلك النشاطات لا تتعدى حدود الدولة، كذلك يكون الإعداد والتخطيط لتنفيذ العملية الإرهابية قد تم في نطاق السيادة القانونية لتلك الدولة، كما إنه لا يكون هناك دعم مادي أو معنوي خارجي للنشاط الإرهابي المنفذ. وفي إطار تلك الظروف يكون الإرهاب محلياً ويخضع للقانون العقابي للدولة.

ب. الإرهاب الدولي International Terrorism- Transnational Terrorism

للإرهاب الدولي بعد دولي يتمثل في اختلاف جنسيات المشاركين في الفعل الإرهابي، وكذلك اختلاف جنسية الضحايا عن جنسية مرتكبي النشاط الإرهابي، كما قد يكون مكان تنفيذ النشاط الإرهابي يخضع لسيادة دولة أخرى، غير التي ينتمي إليها مرتكبو الفعل الإرهابي، وقد يوجه النشاط الإرهابي أساساً ضد وسائل نقل دولية (طائرات أو سفن) تخضع للحماية الدولية، أو يكون موجهاً ضد دولة أخرى أو منظمة دولية. وقد يختلف مكان الإعداد والتجهيز والتخطيط عن مكان التنفيذ الفعلي للعمل الإرهابي. وقد يكون بتحريض دولة ثالثة (غير القائمة بالتنفيذ، والمنفذ فيها العمل الإرهابي)، سواء كان من خلال تقديمها المساعدات أو الدعم المادي والمعنوي لتلك الجماعات الإرهابية، أو في حالة لجوء الإرهابيين إلى دولة أخرى بعد تنفيذ عملياتهم الإرهابية، وتوفر المأوى الآمن لهم.

يصنف الإرهاب دولياً في حالة إثارته اضطراباً في العلاقات الدولية، أو استهدافه تغييراً في بنية النظام الدولي. ولا يخضع الإرهاب الدولي ـ بصفة عامة ـ للاختصاص العقابي لدولة ما، بل يخضع لمبادئ القانون الدولي العام المنبثق عن المعاهدات والاتفاقيات التي توقعها الدول، إلا أنه لا يتمتع بالقوة التي يتمتع بها القانون الجنائي، لأن الدول لا يمكن أن تقبل سلطاناً عليها أو تمس سيادتها، ولذلك فإنه لا توجد آليات يمكن الاعتماد عليها لفرض القانون الدولي والاعتراف به من قِبل الجميع، باستثناء العقوبات الاقتصادية أو الحروب، ولقد أدى الاختلاف والتباين في نظرة الدول للإرهاب، في كثير من الأحيان، إلى فشل الجهود الدولية للوصول إلى اتفاق وتعاون كامل لمكافحة الإرهاب، إلا أن الانتشار الواسع للعمليات الإرهابية قد حفز العديد من الدول على إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تتضمن التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب الدولي.

4. أشكال الإرهاب في إطار معيار طبيعته

أ. الإرهاب الثوري Revolutionary Terrorism

هو ذلك الشكل من الإرهاب الذي يهدف مرتكبوه إلى إحداث تغييرات أساسية وجذرية داخل الدولة، سواء من حيث توزيع السلطات أو الثروات، أو تغيير النظام الاجتماعي والسياسي القائم، وغالباً ما تتخذ الجماعات الإرهابية الثورية من النظم الرأسمالية الغربية ورموزها والديموقراطيات القائمة، أهدافاً تسعى إلى القضاء عليها وتدميرها، وتقويض الأسس التي تقوم عليها، من خلال النشاطات الإرهابية، ويتركز الإرهاب الثوري في إطار الأيديولوجية الماركسية، رغم وجود تباين بين بعض الجماعات الإرهابية التي تعتمد المفهوم الثوري داخل الدولة ذاتها.

ب. الإرهاب الرجعي Reactionary Terrorism

هو ذلك الإرهاب الذي يهدف إلى المحافظة على الأوضاع السياسية والاجتماعية القائمة بالدولة، والحفاظ على السيطرة والهيمنة الإثنية أو العنصرية، أو ضمان استمرار تحرر المجتمع من التأثير الشيوعي، والمحافظة على سيادته وقيمه الدينية. ولذلك فإن الجماعات والمنظمات الإرهابية، التي لها طابع رجعي، تركز أنشطتها أساساً ضد الأجانب، وتطالب بطردهم خارج البلاد، وغالباً ما توجه مثل هذه الجماعات أنشطتها ضد التيارات السياسية اليسارية، وتعارض الأحزاب والمنظمات ذات التوجهات والمبادئ الماركسية في الدولة، ويلاحظ أن هذه الجماعات قد تلقى الدعم والتأييد من بعض الدول التي تستغلها لممارسة إرهاب الدولة.

يمكن التمييز بين نمطين أساسيين للإرهاب الرجعي، حيث يوجد نمط قائم على أسس أيديولوجية، يستند في طبيعته الرجعية المحافظة على الأسس الفكرية التي تنادي بها الاتجاهات اليسارية، وتعمل على محاربة التيارات الشيوعية والقوى الداعية لإحلال الأنظمة اليسارية محل الأنظمة الرأسمالية القائمة. أما النمط الثاني فهو الإرهاب الرجعي القائم على أسس عنصرية، والذي يستند في طبيعته الرجعية على أسس عنصرية، حيث يوجد اعتقاد بسمو عنصر معين وسيادته على منطقة معينة، وهذا النمط من الإرهاب يوجه أنشطته إلى العناصر الوافدة من الخارج، وخاصة من الشعوب والعناصر ذات لون البشرة المختلف.

ج. الإرهاب العرقي الانفصالي Ethic-Separate Terrorism

هو ذلك الإرهاب الذي يستهدف إحلال ممارسة السيادة من جانب دولة على إقليم ما بأخرى، وغالباً ما تتخذ هذا الشكل المنظمات ذات الطبيعة العرقية أو القومية التي تسعى للانفصال عن الدولة المركزية، حتى يمكنها إقامة كيان مستقل، ولذلك توجه أنشطتها الإرهابية ضد الأفراد أو المؤسسات، التي تعتقد أنها مسؤولة عن الأوضاع غير المرغوبة أو ضد المتعاونين من أبناء الجماعات العرقية والقومية مع الدولة. ويتسم هذا النمط من الإرهاب بالعنف الدموي واستمراره وطابعه الشعبي، كما أن هذا الشكل من الإرهاب يجد له امتداداً بين فئات الشعب التي يعبر عنها، ويعمل على تحقيق أهدافها، كما يعتمد على تأثير قطاعات عريضة من كافة الفئات والجماعات العرقية التي تسعى هي الأخرى للانفصال. وبذلك لا يحكم هذا الشكل من الإرهاب اتجاه أيديولوجي محدد، ولكن تحكمه وحدة الهدف المتمثلة في خلق كيان قومي مستقل.

د. الإرهاب الانتحاري Suicide Terrorism

هو ذلك الشكل من الإرهاب الذي يقبل الإرهابي أن يضحي بنفسه لتنفيذ المهمة المكلف بها، مع علمه المسبق بأنه سيلقى حتفه حتماً من خلال التنفيذ، ويميز هذا الشكل من الإرهاب، اعتماده على المواد المتفجرة بكميات كبيرة، وغالباً ما يوجه هذا الشكل من العمليات الإرهابية ضد الأهداف الحيوية والإستراتيجية مثل المطارات والقواعد العسكرية والسفارات والقنصليات.

هـ. الإرهاب الفكري

هو أحد أشكال الإرهاب الذي يستهدف محو فكر قائم، وغرس فكر جديد بدلاً منه، وهذا الشكل من الإرهاب تمارسه بعض الأنظمة الحاكمة ضد مواطنيها، أو ضد غيرهم من خلال استخدام وسائل الإعلام المتقدمة، وطرق الدعاية التي تفرضها، ويستهدف ذلك إخماد المعارضة داخلياً وخارجياً، وكذلك فرض نطاق وحدود لا ينبغي تجاوزها عند التعبير عن القضايا الهامة، وأيضاً لفرض ثقافة معينة على المجتمع، والوصول إلى درجة عالية من الرقابة على الفكر، وتوجيهه نحو الأهداف التي تتوافق وأهداف النظام. ولتحقيق مثل تلك الأهداف يتم إعداد البرامج التربوية المتخصصة والتي تخدم فكراً أيديولوجياً معيناً تتبناه النظم الحاكمة فكراً وممارسة، والتركيز على التنشئة السياسية التي تتوافق مع أهداف النظام الحاكم، واستغلال البرامج الدعائية والمطبوعات والمراكز المتخصصة لبث الدعاية المطلوبة، سواء داخلياً أو خارجياً، ومن خلال تلك الوسائل يمكن محو ذاتية الفرد وتميزه الفكري والثقافي، وفرض السيطرة الفكرية التامة عليه لتنفيذ مخططات النظام.

و. الإرهاب النفسي

ويتمثل في ممارسة الضغوط على أفراد معينين في المجتمع بنشر الأكاذيب والاتهامات والمداومة على ذلك حتى تنهار مقاومتهم ويفقدوا توازنهم النفسي. ولكن يلاحظ أن هذا الشكل من الإرهاب يتطلب حسابات دقيقة ومدروسة، حتى لا يفقد أغراضه أو أهدافه.

5. أساليب الإرهاب Hijacking

تتعدد الوسائل والأساليب المستخدمة في العمليات الإرهابية، وتتطور تلك الأساليب وتختلف باختلاف الإمكانات والمكان والزمان المنفذ فيه، وفقاً لتفاوت وتباين أهداف العمل الإرهابي، وحجم الجماعة الإرهابية ومدى تنظيمها، إلا أن أنماطاً عامة مشتركة تلاحظ في أساليب تنفيذ العمليات الإرهابية، وتتمثل في الآتي:

أ. اختطاف الطائرات

بدأت عمليات اختطاف الطائرات من خلال أفراد أصابهم اليأس بسبب الظلم الذي تعرضوا له، وكان الخاطفون يحرصون على أن تكون عملياتهم بدون ضحايا، كما كانوا يحرصون على أن يعلنوا عن أنفسهم وأهدافهم، إلا أن عمليات الاختطاف تطورت، ليصبح هناك مطالبة بفدية مالية أو مطالبة بإطلاق سراح معتقلين سياسيين، أو أعضاء جماعات وتنظيمات إرهابية سبق اعتقالهم في عمليات سابقة، وبذلك أصبح العنف هو أسلوب تفاوض الجماعات الإرهابية مع السلطات لتحقيق أهدافهم.

وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية الصارمة التي تُنفذ في جميع مطارات العالم، والتي تهدف إلى منع عمليات اختطاف الطائرات، إلا أن هذا الأسلوب لم يتوقف، بل أخذ في التزايد وأصبح من أكثر الأساليب المستخدمة في العمليات الإرهابية، وقد نفذت أكبر عملية إرهابية في العالم باستخدام الطائرات المخطوفة في 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية. ويُنفذ بعض عمليات الاختطاف أفراد لا ينتمون إلى أحد التنظيمات الإرهابية، بدوافع شخصية بحتة، لتحقيق هدف محدد يتمثل في الهروب من بلد ما، أو طلب حق اللجوء السياسي، وكثيراً ما يسهل احتواء هذا الشكل المنفرد من عمليات اختطاف الطائرات، لاسيما إن كانت وسيلة تنفيذه سلاح صغير محدود التأثير.

ونظراً لتزايد ظاهرة اختطاف الطائرات، صار من العسير تحديد متى تنتهي العملية الإرهابية وكيف تنتهي؟ خاصة بعد أن تزايد هذا الأسلوب الإرهابي خلال العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين، وبدايات القرن الحادي والعشرين، وبصفة عامة، تبدأ عملية الاختطاف وتنتهي في إقليم دولة واحدة، كما قد تمتد لتشمل أقاليم عدة دول، كما تتنوع الانتماءات القومية والوطنية واللغوية والإثنية والدينية للمنفذين، ولذلك تتفاوت أهدافهم ومطالبهم.

تنحصر الدوافع الكامنة لعملية اختطاف الطائرات بين دوافع ذاتية ودوافع سياسية. ففي إطار الدوافع الذاتية قد يكون الجانب السيكولوجي لشخص أو مجموعة المختطفين هو المحرك الأساسي لقيامهم بهذا العمل، حيث يسعون إلى الظهور والشهرة، أو قد يكونون مصابين باختلال عقلي أو اضطراب وجداني، وقد تكون هناك مصلحة ذاتية لدى المختطفين تتمثل في رغبتهم مغادرة البلاد واللجوء إلى دولة أخرى، أو قد تكون بهدف ابتزاز الأموال والحصول على فدية. كما تشكل البواعث السياسية الغالبية العظمى من الأسباب الكامنة لاختطاف الطائرات، وتتمثل تلك الدوافع في التعبير عن الاحتجاج على أوضاع سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية معينة تواجهها بعض الجماعات العرقية أو الإثنية أو الدينية للأقلية في المجتمع، وأيضاً الإعلان عن قضية معينة بهدف كسب المزيد من التأييد واستقطاب التعاطف للقضية من بعض القوى الدولية. وقد يكون الدافع هو الضغط على حكومة أو نظام سياسي ما لتعديل سلوكه أو للتراجع عن قرار اتخذ، قد يلحق الضرر بجماعات معينة.

ب. اختطاف الأفراد Kidnapping

اختطاف الأفراد من الأساليب الأكثر شيوعاً في العمليات الإرهابية، ويعني سلب الفرد، أو الضحية حريته باستخدام أساليب العنف، والاحتفاظ به في مكان يخضع لسيطرة الجماعة المنفذة. وغالباً ما تنفذ الجماعات الإرهابية عمليات الاختطاف بغرض طلب فدية مالية لتمويل عملياتها، وإذا كانت أول عملية اختطاف لطلب فدية نُفذت في القرن الثاني عشر، إلا أن عمليات الاختطاف تزايدت في العقدين الأخيرين من القرن العشرين لاسيما في أمريكا اللاتينية.

لعمليات الاختطاف دوافع وأسباب عديدة، فقد يكون لأسباب شخصية أو مادية، إلا أن معظم العلميات التي تنفذ بهذا الأسلوب تكون سياسية، وتتركز الدوافع الشخصية في الرغبة للانتقام وتصفية الحسابات، وتحمل ـ غالباً ـ شكلاً إجرامياً. أمّا الدوافع المادية فتتمثل في الحاجة المتزايدة لتمويل متطلبات الأنشطة التي تمارسها المنظمات الإرهابية، وكذلك لتوفير متطلبات التطوير والاستمرار، سواء في الحصول على الأسلحة، أو لجذب أعضاء جدد للجماعة، وكذلك لتنفيذ برامج وخطط التدريب وتجهيز أماكن الإيواء. لكن عمليات الاختطاف التي يكون دافعها سياسياً تشكل الغالبية العظمى من عمليات الاختطاف، حيث تحقق تلك العمليات صدى شعبياً واسعاً يعرض من خلاله قضايا الجماعات الإرهابية، وقد يكون الدافع ممارسة ضغوط معينة على الدولة والحكومات للاستجابة لمطالب الجماعات الإرهابية، والتي قد تتمثل في إطلاق سراح بعض العناصر الإرهابية، أو إجبار النظم الحاكمة للتراجع عن القرارات السياسية التي تتعارض ومصالح المجموعات الإرهابية.

يتمثل ضحايا عمليات الاختطاف في أربعة فئات، فإما أن يكونوا دبلوماسيين نظراً لما يحمله ذلك من قيمة في حد ذاته، حيث يثير ذلك صدى واسع النطاق، ويشغل به حيزاً كبيراً من اهتمام وسائل الإعلام والمجتمع الدولي، ما يتيح للإرهابيين نشر قضيتهم على نطاق واسع، بالإضافة إلى إمكان الحصول على فدية مالية كبيرة تتناسب مع المختطفين. وقد يعمد الإرهابيون إلى اختطاف رموز المجتمع مثل زعماء الأحزاب السياسية، وكبار الشخصيات الحكومية، والوزراء وكبار رجال الصناعة والتجارة والقضاء في المجتمع، وقد يكون الضحايا أفراداً عاديين إلا أنهم قد يختطفون لمجرد انتمائهم إلى دولة معينة أو لفئة أو طائفة معينة، يعدها الإرهابيون من الأعداء، ولذلك فقد يكون الضحايا أطفال بهدف نشر حالة نفسية سيئة في المجتمع، أو قد يكونون فئة من الأفراد يقع اختطافهم صدفة نظراً لوجودهم في مكان تنفيذ العملية الإرهابية، ويتضح ذلك في عمليات السطو على البنوك والمستودعات، وهذه الحالة ترتبط أساساً بالأنشطة الإجرامية أكثر من الأنشطة الإرهابية.

ج. عمليات الاغتيال

تدخل عمليات الاغتيال التي تنفذها الجماعات الإرهابية ضمن أنواع الاغتيال السياسي، وتتعدد دوافع الاغتيال من عملية لأخرى، إلا أن أهم أنواع عمليات الاغتيال قد تكون الاغتيال إرهابي، وهو ما تنفذه الجماعات الإرهابية ضد السلطات الحاكمة، بهدف إظهار عجزها وضعفها في تحقيق الأمن، والاغتيال السياسي، الذي يهدف إلى التخلص من الخصوم السياسيين، وكذلك قد يكون الاغتيال للطغاة، وهو ما يقوم به أحد أفراد الشعب، والاغتيال من أجل جذب الانتباه لقضية ما، وأيضاً قد يكون الاغتيال بدافع شخصي، بسبب الثأر الشخصي أو القبلي.

وتعد دول أوروبا الغربية من أكثر المناطق في العالم مسرحاً لحوادث الاغتيال، كما تعد حوادث الاغتيال من إحدى السمات الظاهرة في الولايات المتحدة الأمريكية، والاغتيال من المخاطر التي يخشاها دائماً الزعماء السياسيون، ولقد شاع الاغتيال وسيظل على الدوام، فلقد أدت المخاطرات في المجالات الاقتصادية، وخاصة في الدول النامية إلى العديد من الخلافات السياسية بين الرؤساء وأجهزة السلطة، وفي العديد من تلك الحالات كانت تنفذ عمليات الاغتيال، وخاصة في حالة انتشار الفساد.

د. استخدام العبوات الناسفة وزرع المتفجرات

استخدام المتفجرات من أكثر الوسائل الإرهابية انتشاراً، حيث تم استخدامها منذ القرن التاسع عشر، ويرجع ذلك لسهولة استخدامها، حيث لا يتطلب استخدام القنابل، أو زرع المتفجرات إلى مهارات خاصة بل إلى تدريب محدود يمكن من خلاله تنفيذ المهمة المطلوبة، كما أن سهولة الحصول على المتفجرات اللازمة للقيام بالعمليات الإرهابية، سواء من خلال سرقتها أو صناعتها وإنتاجها وتركيبها بواسطة الجماعات الإرهابية، كما أن عمليات التفجير وإلقاء القنابل تحقق الإصابات والخسائر المطلوبة في الأهداف، كذلك تمثل الانفجارات فرصة مناسبة للإرهابيين لإحداث التأثير النفسي لدى القطاعات الواسعة من المجتمع، كما أن أسلوب زرع المتفجرات وإلقاء القنابل يحقق للمنفذين درجة كبيرة من الأمان وإمكان الهروب بعد التنفيذ، ولذلك يغلب استخدام زرع المتفجرات الموقوتة أو التي تُفجر لاسلكياً، وهذا ما يمكن المنفذين من الابتعاد عن مكان التنفيذ بوقت مناسب للهروب والنجاة. وتنفذ عمليات التفجير أو إلقاء القنابل فردياً ـ بصفة عامة ـ أو من خلال جماعات محدودة.

تتنوع أهداف عمليات التفجير والتفخيخ بتنوع الغايات التي تسعى الجماعات الإرهابية إلى تحقيقها، ويتضح ذلك من خلال الآتي:

(1) تمثل المقاهي، ودور اللهو والميادين العامة، وأماكن التجمعات العامة أنسب الأماكن لاستخدام العبوات الناسفة، نظراً لما يترتب على نتائجها من ردود فعل عنيفة، وما تنشره من رعب وخوف بين المستهدفين بهذه الأنشطة.

(2) قد تستهدف المرافق الحيوية في الدولة من جانب الجماعات والتنظيمات الإرهابية، لإحداث تفجيرات بها أو تفخيخها، وتتمثل المرافق الحيوية في المطارات ومحطات توليد الكهرباء، ومحطات تنقية المياه، ومستودعات الوقود، ومحطات المواصلات العامة، ومن خلال استهداف تلك المرافق يمكن التأثير على القدرات الاقتصادية للدولة، وإظهار نظامها السياسي عاجزاً عن حماية مواردها ومواطنيها.

(3) قد تتعرض الطائرات أو السفن أو غيرها من وسائل النقل العام، مثل القطارات والسيارات، إلى عمليات إرهابية، وخاصة عمليات زرع المتفجرات بها، أو إلقاء القنابل عليها أثناء تحركها، وتستهدف تلك العمليات ممارسة الضغوط على أجهزة الدولة، حتى تغير موقفها تجاه قضايا الجماعات الإرهابية.

(4) قد يكون المستهدف من إلقاء القنابل أو زرع المتفجرات رموز الدولة أو الزعماء السياسيين، سواء في مقر عملهم، أو محل إقامتهم، أو أثناء انتقالهم، ويتم ذلك بهدف تحقيق الدعاية المطلوبة لقضايا الإرهاب، أو التخلص من خصم عنيد يمثل عقبة تحول دون التحول تجاه موقف إيجابي لصالح قضايا الجماعات الإرهابية، ورغم أن ضحايا تلك الفئة لا تمثل سوى نسبة محدودة من ضحايا عمليات التفجير، إلا أن فئة أخرى تشكل الغالبية العظمى، وهم الضحايا غير المستهدفين، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا بمحض الصدفة في مكان تنفيذ عملية التفجير وتوقيتها.

هـ. الاستيلاء على المباني والمؤسسات

قد يكون الاستيلاء على إحدى السفارات أو الأبنية الحكومية وبها العديد من المواطنين، والذين قد يتم الاحتماء بهم، أو اتخاذهم دروعاً بشرية لتحقيق أهداف العملية الإرهابية، والفرار بعد تنفيذ العملية، ومع تزايد النشاط الإرهابي في شتى أنحاء العالم، اتجهت العديد من الجماعات الإرهابية في الدول النامية لتهديد الصناعات الحديثة والإنشاءات الحكومية بهدف التأثير على المجالات الاقتصادية للدولة، أو بهدف إجبار الشركات المالكة أو المشاركة في إدارتها ودفع الإتاوات لحمايتها.

و. التهديد باستخدام أسلحة التدمير الشامل

لا يُستبعد التهديد الإرهابي باستخدام أسلحة التدمير الشامل رغم صعوبة تنفيذه، فاحتمال قيام الجماعات الإرهابية بإنتاج أسلحة نووية أو الحصول عليها ليس أمراً من قبيل الدعاية المستحيلة، ومن الناحية النظرية البحتة يمكن للجماعات الإرهابية الحصول على المواد الأساسية اللازمة لتحضير تلك الأسلحة وإنتاجها، لإمكان توفر كافة المعلومات المطلوبة للإعداد والتجهيز، شريطة وجود الخبرات العلمية والكوادر المؤهلة لذلك ضمن الجماعات الإرهابية، كما أن حصول الجماعات الإرهابية على النفايات النووية ليس من الأمور المستحيلة والتي يمكن خلالها إحداث تلوث إشعاعي في العديد من المناطق، أو يمكن للجماعات الإرهابية إحداث تخريب في أحد المفاعلات النووية.

كما يعد امتلاك المنظمات والجماعات الإرهابية للأسلحة الكيميائية أشد خطورة، نظراً لسهولة تحضيرها واستخدامها، خاصة أنها تحضر من المواد الأولية المتداولة محلياً، ولها العديد من الاستخدامات السلمية، كما يمكن لأفراد معدودين إلحاق خسائر كبيرة من طريق تلويث مصادر المياه، باستخدام هذه المواد، ولذلك فإن امتلاك الجماعات الإرهابية للأسلحة الكيميائية من أهم وسائل التهديد. كما يعد استخدام المواد البيولوجية في النشاط الإرهابي أكثر احتمالاً من الأسلحة النووية أو المواد المشعة، حيث يسهل إنتاجها، وتكمن خطورة الأسلحة والمواد البيولوجية في التأثير النفسي، الذي قد يحدثه استخدام الإرهابيين لها، حتى لو كانت نسبة نجاح الاستخدام ضئيلة.


 



[1] كلمة اغتيال assassin في اللغة الإنجليزية، يرجع إلى اسم جماعة الحشاشين Ashashin، وقد عرفت الكلمة بعد أن أصبحت تدل على الثقل السياسي

[2] يعرف هارولد نيبرج العنف السياسي بأنه: "إقفال التدمير والتخريب وإلحاق الأضرار والخسائر التي توجه إلى أهداف أو ضحايا مختارة أو ظروف بيئية أو وسائل أو أدوات، والتي تكون أثارها ذات صفات سياسية من شأنها تعديل أو تغيير أو تحوير سلوك الآخرين في موقف المساومة، والتي لها أثر على النظام الاجتماعي.

[3] الجرف القاري: هو ذلك الجزء البحري الملاصق لشاطئ بلد ما، ويتكون عادة حسب القانون الدولي، من مياهه الإقليمية. وتستخدم هذه العبارة بنوع خاص للدلالة على المياه البحرية التي يكتشف فيها النفط.

[4] الإثنية: مصطلح يُشير إلى الرغبة في إنماء أو استعادة أو الاحتفاظ بشخصية سياسية مبنية على أساس عرقي أو إقليمي، وهو يُطلق على أي تقليد يكون له دور في تسهيل العنصرية في مجتمع عرقي معين.

[5] تعود الأسس الفكرية للفوضوية إلى آراء ميخائيل الكسندروفيتش وبطرس كروبوتكين، وقد تبنى الفوضويون مبدأ أو إستراتيجية الدعاية عن طريق العمل الإرهابي مستخدمين في عملياتهم المتفجرات والديناميت أهمية خاصة، إذ اعتبروا أن مثل هذه الأسلحة سوف تمكن الثوريين من أن يختاروا أهدافهم وأن يحققوا نسبة مرتفعة من الإشباع لتطلعاتهم في مناهضة رموز السلطة وأركان التسلط والقهر. وبذلك تكون الفوضوية عبارة عن تسور سياسي يرمي إلى إلغاء الدولة واستبعاد كل سلطة من داخل المجتمع تملك حقاً قسرياً على الفرد، ولقد بدأت الحركات الفوضوية الحديثة في الانتشار منذ عشرينيات القرن الماضي.