إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الإرهاب، وأولى حروب القرن





أوضاع الجانبين
أوضاع القوات المتصارعة
محاور الحرب البرية
الوجود الأمريكي
الهجوم على مزار الشريف
الهجوم على كابول
الهجوم على قندوز
الأعمال البرية
الأقاليم الأفغانية
التوزيع الجغرافي
الدول والقواعد العسكرية
الطبيعة الجغرافية
القوات المتحاربة
كهوف تورا بورا




القدرة الإقتصادية لإسرائيل

المبحث الثاني

أحداث 11 سبتمبر وانعكاساتها إقليمياً ودولياً

في الساعة التاسعة من صباح الثلاثاء، الحادي عشر من سبتمبر2001، اخترقت طائرة ركاب مدنية تابعة لشركة "أمريكان إيرلاينز" أحد برجي مركز التجارة العالمي، وأحدثت به ثغرة هائلة في واجهته، وأشعلت النار في طوابقه العليا، وبعد 18 دقيقة اخترقت طائرة أخرى المبنى الثاني للمركز، وأسفر الهجوم عن سقوط برجي مركز التجارة العالمي، ولم يمضى وقت طويل حتى هاجمت طائرة ثالثة مبنى وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، في العاصمة واشنطن، بينما انفجرت طائرة رابعة في بنسلفانيا، وأدى الحادث إلى إصابة الولايات المتحدة الأمريكية بالشلل المؤقت، وأصيب الشعب الأمريكي بالذهول والرعب والخوف، وسرعان ما أعلنت حالة الطوارئ، وبدأت عملية إدارة الأزمة بتأمين حياة الرئيس الأمريكي، وزعماء الكونجرس، ونقلهم إلى أماكن غير معلومة، وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية في إخلاء المباني الفيدرالية، ووضعت القوات الأمريكية في حالة تأهب قصوى، وأغلق المجال الجوي الأمريكي وإغلاق الحدود مع المكسيك وكندا، كما أغلقت جميع الجسور التي تربط جزيرة منهاتن بباقي نيويورك ونيوجرسي، وتوقف العمل في بورصة نيويورك، وطالبت الولايات المتحدة بعثاتها الدبلوماسية باتخاذ إجراءات قصوى للأمن، كما أخلت مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وأُجِّل اجتماع الجمعية العامة للمرة الأولى في تاريخها، وقد ترتب على الحادث تدمير كامل لبرجي مركز التجارة العالمي وجزء من البنتاجون، ومقتل وفقد نحو (6964) شخصاً، بالإضافة إلى الخسائر التي أصابت الاقتصاد الأمريكي.

أولاً: سمات هجمات الحادي عشر من سبتمبر

بالرغم من كون هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ليس الحادث الإرهاب الأول الذي يشهده العالم، وتتعرض له الولايات المتحدة، إلا أنه انفرد بجملة من الخصائص ميزته عن غيره من الأحداث الإرهابية التي شهدها العالم في تاريخه المعاصر، ومن أبرز هذه السمات:

1. أن الهجوم أصاب مواقع حيوية وإستراتيجية، أثرت على مكانة الولايات المتحدة الأمريكية وهيبتها من الناحية الدولية، وانهارت معه المزاعم الأمنية الأمريكية، وهو ما دفع القيادة الأمريكية إلى القيام بمراجعة شاملة لمفهوم الأمن الداخلي ومؤسساته وبرامجه ضمن إستراتيجيات جديدة، تأخذ في حسبانها التهديدات الداخلية بالقدر نفسه الذي تأخذ به التهديدات الخارجية.

2. أن هذا الهجوم لم ينطلق من دولة معينة، ولم ينفذه عدد محدد، يمكن الرد عليه وإلحاق الهزيمة به، بما يعيد للولايات المتحدة الأمريكية هيبتها ومكانتها، ولم يكن أمام الولايات المتحدة سوى إعلان الحرب على الجماعات الإرهابية، التي خططت لهذا الهجوم، وهذا يعنى أيضاً أن الرد لن يقتصر على هدف محدد يمكن القضاء خلاله على المجموعات المسؤولة عن الهجوم، وإنما يتعدى ذلك على ضرب مراكز تجمع هذه الجماعات داخل دول بعينها.

3. أن هذا الهجوم، لم تتورط فيه دولة من الدول – لا بشكل مباشر أو غير مباشر- لأن حسابات الدول تختلف عن حسابات الأفراد، ولا توجد دولة من دول العالم الراهنة، يمكنها المجازفة بعمل من هذا النوع، مهما كان عداؤها للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يؤكد أن منفذي الهجوم ليسوا سوى أفراد ينتمون إلى فكر وعقيدة، ويتخذون مواقف حادة تجاه مسلك الولايات المتحدة الأمريكية: السياسي والعسكري.

4. حتى يكون الرد الأمريكي متناسباً مع هذه الخسائر، ومحققاً  لنزعة الانتقام، فلابد أن تكون الخسائر التي يتكبدها منفذو الهجوم، أشد وأبلغ من الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة، وهو ما لم يتحقق، فعلى الرغم من إسقاطها حركة طالبان وتشتيت تنظيم القاعدة وتدمير البنية الفوقية والتحتية لأفغانستان، التي هي في غاية الضعف أصلاً، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تشبع رغبتها في الانتقام، ومن ثم لم تجد  أمامها سوى أن تصطنع عدواً يتناسب وحجمها والتحرك الذي ينبغي أن تقوم به لتجعل من أسامة بن لادن ومجموعته قوة لها شأنها وخطراً يهدد الاستقرار والأمن العالميين، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية قيادة العالم المتحضر للتحرك المشترك من أجل القضاء على هذا الخطر.

5. أن الهجوم لم يأت من خارج الولايات المتحدة، وإنما من داخلها وعبر مطاراتها وأجهزتها المدنية المختلفة، ما ينسف قدرات الأجهزة الأمنية الأمريكية، كما أن الطريقة التي نفذ بها الهجوم، أذهلت الجميع وفاقت جميع التوقعات، كما أن الهجوم استهدف الولايات المتحدة الأمريكية، فقط، دون غيرها من الدول، ما يعني أنها مستهدفة لذاتها رد فعل على سياساتها ومواقفها.

6. أن الجهة المستهدفة من الهجوم وهى الولايات المتحدة الأمريكية، يشترك معها العديد من الدول الكبرى، مثل دول حلف الناتو، في الدوافع التي ربما كانت تقف وراءه، مثل سياسات العولمة والهيمنة على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وفرض سياساتهما، ما يجعل تلك الدول تعي بجدية أبعاد ما حدث، وتتوقع حدوث الأمر نفسه لها في أي وقت من الأوقات.

7. أن هذا الهجوم أدى إلى استنفار جميع الدول بلا استثناء، للوقوف صفاً واحداً للرد على المسئولين عنه، ومواجهة آثاره وتداعياته، خاصة أن بعض الدول توقعت أن يكون هذا الهجوم له امتدادات أخرى، بحيث يمكن أن يشملها، بحيث لا تستبعد تعرضها لهجمات مماثلة في المستقبل.

ثانياً: الحقائق التي فرضتها أحداث 11 سبتمبر

فرضت أحداث 11 سبتمبر على العالم مجموعة من الحقائق التي تمثلت في الآتي:

1. أن هذه الأحداث – بالرغم من قيام مجموعة صغيرة بها – إلاَّ أنها فرضت تهديداً على أمن الولايات المتحدة الأمريكية، بل إن الهجمات الانتقامية ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة لم تُعد للولايات المتحدة الأمريكية هيبتها التي فقدت نتيجة لهذه الأحداث.

2. وضح للولايات المتحدة الأمريكية أن التقدم العلمي والتكنولوجي الكبير الذي تتمتع به، يمكن أن يخترق، وأنها لابد أن تفكر في مجالات أخرى لحماية أمن مجتمعاتها، وأن تراجع سياستها تجاه الآخرين.

ثالثاً: انعكاسات هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة

إن هجمات الحادي عشر من سبتمبر تُعَدّ حادثاً تاريخياً بكل المعايير، كما يُعَدّ أضخم وأجرأ هجوم مُعاد للولايات المتحدة الأمريكية، ينفذ داخل أراضيها منذ قيام الاتحاد الأمريكي، ولذلك نتجت عن تلك الهجمات تأثيرات قوية، خاصة على الصعيد الداخلي الأمريكي، نذكر منها:

1. على صعيد "عقيدة الأمن القومي الأمريكي"

حيث اقتصرت هذه العقيدة في العقود الماضية على تصور "تهديدات إستراتيجية" من جانب عدو خارجي، يهدد الأرض أو المصالح الأمريكية، سواء كانت دولة أو عدة دول يمكن تحديدها، ويمكن الرد عليها في حالة نشوب عداء متبادل، وطُوِّرت هذه العقيدة بعض الشيء في السنوات الأخيرة لتتضمن مخاطر إما من قبل دول أو منظمات تمثل تهديداً إستراتيجياً للولايات المتحدة الأمريكية، لكن بإمكانها الأضرار بمصالحها سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها، أما الآن، فإن هذه الهجمات تُغير تلك الرؤى، حيث ظهر أن هناك منظمات أو مجموعات من الأفراد قد تكون قادرة على تشكيل وتنفيذ "تهديدات إستراتيجية" ضد الولايات المتحدة، تشل الحياة السياسية والاقتصادية بالداخل، وهو ما يمثل بالتأكيد انقلابا في الفكر الأمني والإستراتيجي الأمريكي، والذي يضع على المحك كل أنماط التفكير السائد بما فيها مشروع الدرع الصاروخي، الذي تأسس وفق الرؤية التقليدية لتصور التهديدات والمخاطر.

2. الاتجاه نحو تكثيف آليات الأمن الداخلي

وهذا يعنى تشديد الرقابة على حركة المواطنين، خاصة في المرافق الكبرى والمزدحمة، وزيادة نشر كاميرات المراقبة في المناطق العامة، وهذا الأمر كان ينمو ببطء، ولكن وتيرته تسارعت بعد أحداث سبتمبر، إذ أصبحت أجهزة الرقابة قادرة على رصد وتصوير أي حادث في أي مكان بالمدن الرئيسية، وهذا التطور يقلق كثيراً منظمات حقوق الإنسان، ويفقد الأفراد الشعور بالخصوصية في ظل مراقبة دائمة.

3. القيود التي تفرض على الجاليات العربية والإسلامية

حيث أصبحت هذه الجاليات تعانى من قيود إضافية ومراقبة لصيقة لأنشطتها، بل وإغلاق بعض الجمعيات الخاصة بها، وفى السنوات الأخيرة عانت هذه الجمعيات بالفعل من حملات تشويه كبيرة، كما عانت الجاليات الإسلامية من حملات تشويه أوسع، هذا بالإضافة إلى الانحياز ضد الجاليات في التشريعات، كما كان واضحاً في تشريع "قانون الأدلة السرية" الذي صمم ضد المشتبه بهم من المسلمين، حيث يحاكمون دون أن يعرفوا أو يعرف محاموهم تفاصيل الأدلة التي تدينهم، علاوة على التحريض ضد الجمعيات الإسلامية والعربية على مواقع الإنترنت.

4. زيادة تطرف الجماعات اليمينية

زيادة تطرف الجماعات اليمينية وبعض المنظمات الأمريكية، ومهاجمتها للإسلام والمسلمين، بل والمطالبة بطردهم أو الحد من وجودهم.

رابعاً: بعض الإجراءات والقرارات الداخلية والتي تتعلق بالأمن القومي الأمريكي في ضوء أحداث 11 سبتمبر

1. إنشاء مكتب للأمن الداخلي

في 20 سبتمبر 2001، أعلن الرئيس الأمريكي بوش، إنشاء مكتب جديد تابع للبيت الأبيض أطلق عليه مكتب الأمن الداخلي، وعيَّن توم ريدج حاكم ولاية بنسلفانيا مديراً لهذا المكتب، وقبل ثمانية أشهر من حلول الذكرى السنوية الثانية لهجمات سبتمبر، تحول هذا المكتب إلى وزارة كاملة للأمن الداخلي برئاسة ريدج، تقوم بالتعامل مع القضايا الأمنية. وأعلن ريدج، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأمريكية لمكافحة الإرهاب عقب الهجمات، جعلت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر أمناً، وزادت من استعدادها للتعامل مع هذه التهديدات، مقارنة بأي وقت مضى، كما أشار ريدج كذلك إلى إنشاء "المركز المتكامل لمواجهة التهديد الإرهابي"، والذي مهمته التنسيق بين الأجهزة الأمريكية المختلفة العاملة في مجال الاستخبارات، كما أكد أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات للتأمين على الشاحنات والسفن والطائرات المتجهة للولايات المتحدة من نقطة انطلاقها، مع نشر أجهزة قياس حساسة في مختلف المواقع الحيوية في المدن الأمريكية للكشف مبكراً عن وقوع هجمات مختلفة وأسلحة محظورة.

2. إصدار قوانين مكافحة الإرهاب وأمن الطيران

حيث وافق الكونجرس الأمريكي على عدد من القوانين لتأمين الجبهة الداخلية ضد الإرهاب، أهمها ما عرف باسم القانون الوطني الأمريكي لعام2001، وقد تقدمت الإدارة الأمريكية بهذا المشروع بعد أحداث 11 سبتمبر بوقت قليل، ووافق عليه الكونجرس بأغلبية كبيرة، وقد تضمن هذه القانون، العديد من المواد التي دعمت من سلطات أجهزة الأمن الأمريكية في مواجهة الإرهاب ومن هذه المواد:

أ. إعطاء المدعى العام الأمريكي سلطة احتجاز الأجانب المشكوك في قيامهم بأنشطة إرهابية لمدة سبعة أيام دون توجيه اتهام لهم.

ب. إعطاء السلطات الفيدرالية الحق في التنصت على أجهزة التليفون المختلفة، التي يستخدمها الأفراد المشتبه فيهم وتسجيلها.

ج. أنه من حق أجهزة البحث الجنائي وأجهزة المخابرات المشاركة في المعلومات المتعلقة بالإرهابيين، كما أعطى القانون وزارة الخزانة سلطات أكبر لتُجمد الأرصدة المالية التي يشتبه بأنها تستهدف تمويل عمليات إرهابية.

د. كما نص القانون على زيادة أعداد قوات حرس الحدود على الحدود الشمالية للولايات المتحدة ثلاثة أضعاف، كما وافق على النصوص الخاصة بأمن الطيران والمطارات، حيث أصبح أمن المطارات-وفقاً لهذا القانون – ولأول مرة مهمة فيدرالية.

3. إصدار الرئيس بوش، أمراً تنفيذياً بإنشاء محاكم عسكرية لمحاكمة غير المواطنين المتهمين بالإرهاب، وخاصة أعضاء تنظيم القاعدة، أو هؤلاء الذين قاموا بمساعدتهم في القيام بالأعمال الإرهابية أو توفير الحماية لهم. واستنادا للأمر التنفيذي، فإن الرئيس بوش وحده ستكون له سلطة تحديد من يمثل أمام هذه المحاكم من المتهمين، لتصدر المحكمة أحكامها بأغلبية الثلثين، ويمكن أن تصل أحكامها إلى الحكم بالإعدام، كما أن قراراتها نهائية، وغير قابلة للاستئناف.

4. إعادة هيكلة وزارة العدل

لعبت وزارة العدل دوراً هاماً في حملة مكافحة الإرهاب برئاسة وزير العدل الأمريكي جون اشكروفت، فبالإضافة للدور التقليدي لوزارة العدل في التحقيق ومكافحة الإرهاب، فإنها اهتمت أيضاً بمنع عمليات إرهابية في المستقبل، وكما قال اشكروفت- في جلسة استماع أمام الكونجرس- لا يمكن أن ننتظر الإرهابيين ليقوموا بضربتهم من أجل أن نقوم بإجراء التحقيقات وعمليات القبض عليهم، بل يجب أن نمنع أولاً ثم نحاكم ثانياً. كما أنشأت الوزارة وحدة خاصة لتعقب الإرهابيين الأجانب ومنعهم من دخول الولايات المتحدة، والقبض على الموجود منهم داخلها، وقد بدأت وزارة العدل عملها في مكافحة الإرهاب وبالتحقيق في أحداث 11 سبتمبر عن طريق التعرف الدول التي جاء منها مختطفو الطائرات، وتعرف على تاريخهم بالولايات المتحدة الأمريكية عن طريق معاملاتهم المالية والاتصالات التي قاموا بها، ليصبح الهدف بعد ذلك هو محاولة الوصول للأشخاص الذين يحتمل أنهم قدموا لهم المساعدة أو كانوا على علم بتلك العمليات أو عمليات أخرى في المستقبل.

5. إجراءات أخرى لحماية الأمن الداخلي

كذلك اتخذ عدد من الإجراءات الأخرى التي تهدف لحماية الأمن الأمريكي منها:

أ. قيام وزارة الخارجية الأمريكية في منح تأشيرات سفر للولايات المتحدة الأمريكية للذكور من العرب والمسلمين ما بين سن 16 إلى 45 سنة، من 25 دولة مختلفة، حتى تقوم سلطات الهجرة والمباحث الفيدرالية بإجراء تحريات أمنية عنهم.

ب. زيادة دوريات الشرطة حول خطوط البترول والغاز والكباري والأنفاق والطرق الرئيسية التي قد تكون عرضة لهجمات إرهابية.

ج. حظر الطيران فوق المفاعلات النووية، مع تشديد الإجراءات الأمنية حولها.

خامساً: آثار وانعكاسات هجمات 11 سبتمبر على السياسة الخارجية الأمريكية ورؤيتها للنظام الدولي وعلاقاتها مع الدول

تركت هجمات 11 سبتمبر بصمات واضحة على نمط السياسة الخارجية الأمريكية وتوجهاتها ونظرتها إلى العالم وترتيب أولوياتها، وكذلك تصنيفها لقوائم الحلفاء والأعداء، ومن أهم تداعيات أحداث 11 سبتمبر على السياسة الخارجية الأمريكية مايلي:

1. حدوث تصادم بين اتجاهين في السياسة الخارجية الأمريكية

أ. الأول: يدعو إلى التدخل والانخراط التام في شؤون العالم وقضاياه، باعتبار أن موقع الولايات المتحدة الأمريكية ومكانتها ومصالحها القومية تنتشر في طول العالم وعرضه، وهذا الأمر يمكنها معه الانسحاب من مواقع النفوذ ومسارات السياسة الإقليمية في مناطق العالم المختلفة، ويُؤمن الديمقراطيون بهذا الاتجاه ويدافعون عنه.

ب. الثاني: يدعو إلى الانسحاب من القضايا الدولية والتقوقع الداخلي والبعد عن التدخل في مناطق العالم المختلفة، لأنه جر عليها عداء كثير من الشعوب ولا يحقق مصالح للولايات المتحدة بما يتناسب مع الثمن الذي تدفعه جراء ذلك، ويعتمد هذا الاتجاه الجمهوريون المسيطرون على الإدارة الأمريكية بقيادة جورج بوش حينئذ، غير أن الإدارة الأمريكية من الصعب عليها اعتماد هذه السياسة، فالرد على الهجمات التي نالت من مكانة الولايات المتحدة الأمريكية دفعها إلى الانخراط في مناطق لم تكن راغبة في الانخراط فيها، فإصلاح الأضرار الجسيمة التي لحقت بصورة الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها قوة عظمى، يفترض تدخلاً وانخراطا في العالم، وليس مزيداً من الانعزال، لأن الانعزال قد يفهم منه أنه انسحاب من الميدان وهزيمة سياسية ومعنوية أخرى.

2. وفرت هذه العمليات غطاءً دبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ سياسات متطرفة، واتخاذ إجراءات إقليمية ودولية، لم يكن بالإمكان قبولها في مرحلة ما قبل الهجمات، فقد أتبعت الإدارة الأمريكية سياسة خارجية مستقلة وصارمة، غير عابئة ببقية دول العالم.

3. أثرت تلك الهجمات على تعامل الإدارة الأمريكية مع مختلف دول العالم، حيث حدث تصادم بين دول كانت حليفة للولايات المتحدة، بسبب الاختلاف حول السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر (مثل فرنسا وألمانيا)، كما حدث تقارب بين الولايات المتحدة ودول كانت في مصاف المنافسين لها مثل روسيا.

4. السياسة الخارجية الأمريكية وهيكل النظام الدولي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر

اتخذت السياسة الخارجية الأمريكية من أحداث 11 سبتمبر نقطة انطلاق من أجل تغيير النظام الدولي، والتغيير المقصود هنا، هو تغيير في قواعد إدارة العلاقات الدولية، وتغيير في أنظمة بعض الدول على النحو الذي يثبت أحادية القطب الأمريكي وسيطرته على النظام الدولي، ونشر مبدأ الحرية الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية معياراً لسياستها منذ انخراطها في شؤون العلاقات الدولية.

وهذه الرؤية الأمريكية لا تقر، سياسة الاحتواء والتوازنات القوى والإستراتيجيات الردع، كما أنها لا تتعدى القواعد القانونية التي قامت عليها حركة العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والسبب في ذلك هو حدوث تغير في الأساس الفلسفي للرؤية الأمريكية الراهنة لمستقبل النظام الدولي. فبعد أن كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتزعم فريق الدول الداعية إلى الحفاظ على الوضع القائم، والاعتماد على مفاهيم وسياسات توازن القوى، أصبح واجباً أن تتحول إلى قوة داعية إلى تغيير النظام الدولي، حتى ولو استلزم ذلك عدم احترام مبادئ السيادة الوطنية للدول، بل وإمكانية التدخل في الشئون الداخلية وضع هذا التغيير من خلال تشكيل ائتلاف مع الدول الحليفة الجاهزة للتدخل، مثل بريطانيا. كما وضعت في حسبانها إمكان التدخل المنفرد من أجل تنفيذ هذا التغيير.

ووفقاً لهذه الرؤية الجديدة للمحافظين الجدد، فإن العبرة في التدخل من أجل التغيير وليس من المهم أن يكون هذا التغيير موافقاً للمبادئ والقواعد الدولية التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة، أو الاتفاقيات والأعراف الدولية، ولكن من المهم هو ما إذا كان التدخل محدثاً للتغيير في الأوضاع السياسية والاقتصادية الداخلية نحو الأحسن أو نحو الأسوأ.

أ. الوسائل الأمريكية لتنفيذ تلك السياسة

إن تنفيذ سياسة التغيير في الأنظمة الحاكمة بالدول، وفى شكل العلاقات الدولية، يعتمد على القوة الأمريكية، أو بالأحرى على التفوق الأمريكي الكاسح عسكرياً واقتصادياً، مع تعزيز لأدوار أخرى، مثل عناصر الاستخبارات، أو القوات الخاصة أو أدوات الإعلام، فضلاً عن تطوير إدارة المساعدات الاقتصادية بتوجيههاً لتحقيق هدف التغيير، وطبقاً لرؤية المحافظين الجدد، فإنه يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية أن تحافظ على مستوى تفوق كاسح على كل القوى الكبرى الأخرى حلفاء وأصدقاء وخصوم، ولذلك زادت إدارة جورج بوش الاتفاق العسكري من 232 مليار دولار إلى 352 ثم إلى 400 مليار دولار، ثم إلى 470 مليار دولار في أعوام 2002، 2003، 2004، كما بلغت ميزانية وزارة الأمن الداخلي حوالي 60 مليار دولار.

ب. التغيير في الأنظمة يتم طبقاً للأهداف الأمريكية

يرى أصحاب سياسة التغيير في الأنظمة والدول، أن هذا التغيير يرتبط بالأخطار التي تهدد الأمن الأمريكي والدولي، ولقد كان لأحداث 11 سبتمبر، أثرها الكبير في تحديد تلك الأخطار، فالإرهاب الدولي هو أول مصادر التهديد وأخطرها، ويليه الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة في دول محور الشر، ثم الخلل في البنيان الاجتماعي والسياسي في بعض الدول الصديقة للولايات المتحدة الأمريكية، ثم بعض الصراعات الإقليمية التي قد تؤدى إلى تهديد أمن المناطق التي تقع فيها أو الأمن الدولي على اتساعه، ومن ثم كان هناك هدفان على خريطة الأولويات الأمريكية:

الأول: يتمثل في ضرب حركات الإرهاب، خاصة تنظيم القاعدة الذي يعد أكبر هذه الحركات وأخطرها، وذلك باستخدام القوة العسكرية والاستخباراتية والمعلوماتية.

الثاني: ويتمثل في تغيير الأنظمة الديكتاتورية التي تدعم الإرهاب دعماً مباشراً، أو التي يمثل وجودها دعماً للإرهاب، من خلال عدائها للحرية والديمقراطية، ومثال ذلك دول "محور الشر".

ج. العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الكبرى

المقصود بالدول الكبرى هنا: "روسيا والصين واليابان ودول الإتحاد الأوروبي"، كما ينظر إليه في مجموعه قوة اقتصادية كبرى، ويتحدد دور هذه الدول في النظام الدولي والتأثير على السياسة الدولية، في ضوء ما تتمتع به من قوة وما تملكه من تصورات لمستقبل النظام الدولي، وقدرتها على التفاعل مع القوة الأمريكية ومحاولات الولايات المتحدة فرض سيطرتها على النظام الدولي.

(1) مع الإتحاد الأوروبي

حدث خلاف بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي بعد أحداث 11 سبتمبر حول كثير من القضايا الدولية، ولعل من أبرزها استخدام القوة العسكرية في إطار الحرب ضد الإرهاب ونزع الأسلحة، وإستراتيجية الضربات الوقائية وغيرها من الوسائل التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية لتغيير النظام الدولي. غير أن الخلاف في التصور والرؤية بين دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ليس خلافاً بين كل دول الإتحاد وإنما بين بعض دول الإتحاد وبين واشنطن، أما البعض الآخر فإنه يتفق مع معظم عناصر التصور الأمريكي لمستقبل النظام الدولي سواء من حيث الأهداف أو من حيث الوسائل، والأهم من ذلك أن الدول التي اختلفت في التصور مع الولايات المتحدة الأمريكية، لم تختلف معها في الأهداف، وإنما حول أنسب الوسائل لتحقيقها، وربما يكون من المهم التفرقة بين الأهداف المعلنة، وغير المعلنة في التصور الأمريكي.

وربما يكون من الأهداف غير المعلنة، إنشاء إمبراطورية أمريكية تنفرد بالسيطرة على العالم بما فيه أوروبا، واستخدام النفط ورقة ضغط على الأخيرة مستقبلاً، غير أن الدول الأوربية المؤيدة للتصور الأمريكي لا تقتنع بمثل هذه الأهداف الخفية. أما الأهداف المعلنة فتتمثل في مكافحة الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. فالاختلافات بين الولايات المتحدة وبعض دول الإتحاد الأوروبي، تنصرف إلى رؤية الطرفين للأدوات والوسائل السلمية اللازمة للوصول إلى الأهداف التي تحظى بدرجة توافق عالية فيما بين الطرفين، أما الاختلافات حول أساليب العمل، فتنحصر في مسألة استخدام القوة في معالجة المشكلات الدولية، حيث يفضل الأوروبيون العمل من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

(2) مع اليابان

عملاق اقتصادي، وهو حليف وثيق الصلة بالولايات المتحدة الأمريكية، وبينهما توافق كبير في الرؤى والتصورات على مستوى الأهداف والوسائل، وتزداد درجة التوافق إذا كانت الرؤى تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، وكل ما تطرحه الولايات المتحدة الأمريكية وفيما يتعلق مكافحة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل أو تغيير الأنظمة، لا تعترض اليابان عليه، بل تعلن توافقها التام مع الأطروحات الأمريكية.

(3) مع الصين

قوة بشرية واقتصادية هائلة، كما تمتلك قوة عسكرية متنامية هي الأكبر والأهم في إقليمها، وبين الولايات المتحدة الأمريكية والصين علاقات اقتصادية قوية، حيث تُعد الولايات المتحدة هي السوق الرئيسي للمنتجات الصينية، وتحقق الصين فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة يزيد على سبعين مليار دولار سنوياً، ولا يمكن تصور أن تضحى الصين بهذا الفائض التجاري من أجل أي قضية إقليمية أو دولية، ولذلك فإن الصين رغم اعتراضها على الحرب ضد العراق دون قرار من مجلس الأمن، لم ترق بذلك الاعتراض اللفظي إلى أية إجراءات قد تضر بعلاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية.

(4) مع روسيا

تعانى من مشكلات اقتصادية وسياسية، رغم الجهود المستمرة، في تحسين أوضاعها الاقتصادية والسياسية، ورغم مصالحها الهامة مع العراق- قبل الغزو- إلا أنها لم تستطع أن تحول رفضها المبدئي للحرب ضد العراق، إلى إجراءات ملموسة تمنع هذا الغزو أو تحول دون تحقيقه لمكاسب إستراتيجية أمريكية، وقد تنجح روسيا في ذلك خلال عقدين عندما تستعيد مركزها قوة عالمية لها تأثيرها، ولكنها الآن، في حاجة إلى الاستثمارات والمساعدات الأمريكية والأوروبية لإعادة بناء اقتصاد رأسمالي متقدم.

سادساً: آثار هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الإستراتيجية الأمريكية

مما لاشك فيه أن أحداث 11 سبتمبر أدت إلى تغيير واضح في الإستراتيجية الأمريكية وفيما يلي أبرز ملامحها:

1. اتجه الخطاب السياسي الأمريكي إلى تدويل الأزمة أو إلى عولمة الأزمة، والمنطق الأمريكي في هذا الشأن أن ما تعرضت له الولايات المتحدة الأمريكية هو عمل من أعمال الإرهاب الدولي، وأن العالم كله معرض لمثل هذه الهجمات ما لم يتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة هذا العدو الجديد الذي لم تتحدد ملامحه ولم تعرف أساليبه وإستراتيجياته بعد.

2. تصنيف الدول، تبعاً لموقفها من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، حيث ذكر الرئيس الأمريكي أن الدول التي لم تقف مع الولايات المتحدة الأمريكية فهي مع الإرهاب، وبدأت في البحث عن نقطة موضوعية تستطيع من خلالها أن تنسج خيوط التحالف ضد الإرهاب ووجدت أن أنسب نقطة هي "الإسلام السياسي" الذي أتسع نشاطه مع السنوات الأخيرة بصورة أوجدت حساسية وقلق لعديد من القوى في العالم مثل الهند وروسيا والصين ودول الإتحاد الأوروبي.

3. طرحت الولايات المتحدة الأمريكية دعوة إلى تجفيف المنابع المالية والاقتصادية لما تسميه بالإرهاب، كما حاولت توظيف هذه الأزمة من أجل تحقيق مصالح ومنابع وفوائد جديدة تساعدها على الاحتفاظ بموقعها المتميز على قمة النظام العالمي، وذلك من خلال السيطرة على موقع إستراتيجي هام بالقرب من الدول التي يمكن أن تشكل مصدر تهديد للمصالح الحيوية الأمريكية (روسيا– الصين – إيران)، وكذلك السيطرة على مواقع الطاقة المحتملة في المستقبل (بترول بحر قزوين) مع إحكام السيطرة على مناطق النفوذ التقليدية.

4. كما تحددت معالم الإستراتيجية الأمريكية في الاتجاه نحو القيام بعمل عسكري كبير تتوافر له ضمانات تحقيق الانتصار بأقل تكلفة ممكنة، مع تصوير العدو بصورة مبالغ فيها، وكانت أفغانستان هي الميدان المناسب لتلك العمليات العسكرية التي هدفت في المقام الأول إلى تحقيق التماسك الداخلي خلف الإدارة الأمريكية، والتأكيد على أن الأمة الأمريكية في حالة حرب مع عدو خطير يهدد الحضارة والمدنية والقيم الأمريكية، وفى الوقت نفسه انتهجت الولايات المتحدة الأمريكية إستراتيجية "الضربات الوقائية" وهى الإستراتيجية القائمة على ضرورة القيام بعمل عسكري ضد أي دولة، ترى الولايات المتحدة أنها قد تشكل تهديداً لأمنها. وفى إطار هذه الإستراتيجية، كان قيام الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد بغزو العراق، بحجة امتلاكه لأسلحة دمار شامل يهدد الأمن القومي الأمريكي.

5. كما استغلت الولايات المتحدة الأمريكية أحداث 11 سبتمبر والحرب ضد الإرهاب، لتحقيق هدف مزدوج وهو السيطرة على أفغانستان من ناحية، وبسط سيطرتها على منطقة آسيا الوسطى من ناحية أخرى، كما تهدف أيضاً إلى محاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة من ناحية ثالثة، علاوة على الاقتراب من القوى النووية في جنوبي آسيا (الهند وباكستان)، لإحباط أي حرب إقليمية في هذه المنطقة، قد تؤثر مستقبلاً على موازين القوى في المنطقة.

سابعاً: انعكاسات الإرهاب الدولي على الشرعية الدولية

إن أخطر الآليات لمواجهة الإرهاب، هي الفوضى الدولية، التي أعطت القوى الكبرى أو الدول الصغرى في آن واحد، الحق في مقاومة الإرهاب بواسطة الغزو أو العدوان العسكري أو اتخاذ إجراءات قهرية من دولة ضد دولة أخرى، وإضفاء مفاهيم جديدة للأمن والسلم الدوليين، بمعنى أن الشرعية الدولية باتت مهددة تماماً، وعاد العالم إلى شريعة الغاب، كما أن تحدى الشرعية الدولية، لم يقتصر على غزو العراق فقط، ولكن ظهرت آثاره في العديد من مناطق العالم ومثال ذلك:

1. ما فعلته وما تفعله إسرائيل بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم استجابتها لأي قرار صادر من مجلس الأمن، وإطاحتها بالاتفاقات أو التعهدات أو المبادرات مع أي قوى أخرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية (الحليف الرئيسي لإسرائيل).

2. أن هناك صراعاً خفياً يحدث في جورجيا تجاه موسكو، حيث ترى الأخيرة أن ما يحدث في جورجيا هو إرهاب، ومن ثم أكد الرئيس الروسي بوتين على عدم مهادنة الإرهاب الموجه ضد روسيا من الأراضي الجورجية بالقول :"سوف نهاجم الإرهاب في جورجيا، وسوف نحتفظ بحقنا في عمل عسكري إذا لم تقم تبليس[1] بتصفية جماعات الشيشان الإرهابية على أرضها.

3. أن أحد "صور الحرب على الإرهاب" من وجهة النظر الأمريكية، كان يتحدد في معاونه الدول الصديقة في القضاء على الخلايا الإرهابية، ومن ثم فإن هذا التعاون يمكن أن يمس استقلال بعض الدول وكرامتها بالدرجة الأولى، ومثال ذلك: "حادث دخول طائرة أمريكية بدون طيار للمجال الجوى اليمنى والتنسيق مع السلطات اليمنية، في أواخر عام 2002، وإطلاقها صاروخين على سيارة مدنية، وقتل ستة يمنيين باعتبار أنهم إرهابيين"، وبالطبع يدخل ذلك في إطار التدخل المباشر في أمن الدولة وليس مساعدتها.

وبالطبع، فقد أنعكس ذلك مباشرة على الأمن والسلم الدوليين، وغيَّر العديد من المفاهيم في الأمن الوطني، وتغيرت بسبب ذلك أدبيات الحرب والسلام واختلطت الأوراق، وكانت الضحية الأولى هي الشرعية الدولية، والضحية الثانية هي قيم الإسلام وعقائده السمحة، والضحية الثالثة، هو النظام العربي والأمن القومي العربي الذي اخترق، أما الضحية الكبرى فتمثلت في السلام العالمي.


 



[1] تبليس هي عاصمة جورجيا.

[2] صدر مؤخراً في أكتوبر عام2006 قانوناً جديداً بالولايات المتحدة الأمريكية يحتم تقديم هؤلاء المعتقلين للمحاكمة.